في الايام الاولي للحرب السادسة الاسرائيلية العربية شاهدت وسمعت تصريحا للسيدة كونلديزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية تشير فيه " ببشر وتفاءل " لما اسمته مولد " شرق اوسط جديد " وكان ذلك التصريح مصاحبا للاعلان عن الموقف الامريكي الرافض – وقتها - لوقف اطلاق النار بين حزب الله والعدو الاسرائيلي ، اذ لم تكترث الوزيرة في حديثها للدمار الذي يلحق بلبنان ولم تذرف حتي دموع التماسيح علي قتلانا وجرحانا و لم تعبأ بالتدمير المتعمد للبنية التحتية للدوله اللبنانية وكأن كل الدمار الذي يحصل هو المخاض العسير الذي حلمت به امريكا وانتظرته ليحقق حلمها الاستراتيجي ويأتي بالوليد المنتظر " الشرق الاوسط الجديد "!!!!
وكان حديث السيدة الوزيرة في هذا الشأن معبرا عن اليقين الامريكي بالتفوق الدائم الساحق الكاسح لألة الحرب الاسرائيلية علي العرب جميعا وهو اليقين الذي منح الادارة الامريكية املا – تصورته واقعيا - في اعادة رسم خرائط المنطقة وتغيير حدودها واستبدال بشرها ومن قبل هذا وذاك ومعه في ذات الوقت تغيير النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتغيير الافكار والقناعات والهويات كنتيجة واثر مباشر للحرب الاسرائيلية علي لبنان باعتبارها العقلة الاخيرة في "السبحة العربية " التي مزقتها امريكا وفرطت حباتها بجهد دؤوب خلال سنوات طويلة مستخدمة في ذلك اما "سيف المعز" وسطوة قرارات الامم المتحدة وقوات الطواريء الدولية وقطع المعونة والتلويح بالحصار الاقتصادي وتجميد الارصدة واستخدام المعارضين السياسين ودعمهم واعتبارهم بدائل جاهزة للخضوع والركوع وتحقيق الديمقراطية الامريكية علي فوهات المدافع !! او "ذهب المعز" من معونات دولارية مليارية وصداقة استراتيجية لاتقدر بثمن واتفاقيات سلام واتفاقيات شراكة ومنح تمويل لمؤسسات المجتمع المدني ومشروعات اقتصادية ممولة بالكامل من " اليو أس ايد"!!
وهكذا كان تصريح السيدة الوزيرة عن " الشرق الاوسط الجديد " تعببيرا عن الحلم الامريكي الذي احسته الادارة الامريكية بات قريبا وواقعيا وممكنا حيث ستتغيرالدنيا وتصبح كما يريدوها ويسعون اليها ، وقد تصورت السيدة الوزيرة ان جيش الدفاع الاسرائيلي هو الاداة الفاعلة لتحقيق حلمهم المنتظر وانه – بقوة القنابل الانشطارية ونيران المدافع وضرب الجسور ومحطات الكهرباء وقتل المدنيين والاطفال - سيغير الواقع الحالي الذي لايعجبهم لتلك المنطقة الجغرافية التي نسميها نحن "العالم العربي "ويسموها هم "الشرق الاوسط "تبريرا لدس دولة اسرائيل بين اوطاننا العربية !!! تصوروا ان جيش الدفاع الاسرائيلي سيهدم لبنان فوق روؤس ابناءها ورؤوس مقاتلي حزب الله ورؤوسنا ويعلمنا درسا موجعا حصته الاولي والاخيرة ضرورة وحتمية الخضوع الدائم والمستمر للادارة والارادة الامريكية واستنكار المقاومة وانكار الكرامة الوطنية والقبول بالهزيمة نتيجة واحدة اخيرة لانستحق غيرها !!! تصورا ان جيش الدفاع الاسرائيلي سيهدم لبنان فوق رؤوسنا ويقتل فيها وفينا روح وارادة المقاومة فنسعي اذلاء نولي وجهنا شطر الغرب الامريكي نستسمحه ونعترف له بأن مائه في المائة من اوراق اللعبة في ايديه واننا لم ولن نقوي علي مواجتهه واننا نادمين علي كل مافعلناه في انفسنا باختصار نعلن له اننا اصبحنا جاهزين ليفعلوا بنا ما يريدوا نسير خلفهم كسيري النفس عديمي الكرامة لطريقهم القويم الذي يبدأ من تل ابيب وينتهي علي ضفتي النيل والفرات !!! نسعي اذلاء نولي وجهنا للادارة الامريكية التي ان ارادت قبلنا وان عبرت سمعنا وان سعت وافقنا وان ضربتنا شكرناها لانها ارهقت نفسها معنا وفكرت فينا وتحبنا ولكننا لانطاوعها ولانفهم عميق حبها فنجبرها علي ارهاق نفسها وضربنا اما بذراعها شخصيا او بذراع حليفها الاستراتيجي ، تصورت الادارة الامريكية ان العرب غرقوا في الاوهام التي بيعت لهم خلال ثلاثين عاما وصدقوها وانهم اصبحوا جاهزين للخضوع النهائي لمخططاتها الاستراتيجية ولم يعد متبقيا الا دق المسمار الاخير في نعشهم وتنظيم الجنازة الشعبية الاخيرة لتشيع جثه العرب و" سعيكم مشكور " !!!!
ولان الحلم الامريكي بات قريبا والنصر الاسرائيلي حتميا ومؤكدا ولان حزب الله ليس الا منظمة ارهابية لاتقوي علي الوقوف في وجه اله الحرب الاسرائيلية المدججة بالاسلحة الامريكية المتطورة ولان هزيمة العرب امر طبيعي واستسلامهم للسلام الامريكي وشيك وشيك ولان انقاض الحرب الاسرائيلية تراكمت حتي السماء ولان الجثث العربية احتجزت تحت الركام والهدم وزكمت رائحة الموت كل الانوف وبات كل شيء جاهز لاستقبال الشرق الاوسط الجديد افرجت امريكا عن خرائطها السرية تلك التي كشفت عن حدود الدم التي تسعي امريكا واسرائيل لترسيمها !! تلك الخريطة التي نشرتها جريدة روز اليوسف منذ قرابة اسبوعين نقلا عن مجلة القوات المسلحة الامريكية تلك الخريطة التي تعيد تقسيم دول المنطقة علي اساس عرقي طائفي ديني وبديلا من الدول الحالية التي نعرفها لتختفي العراق وسوريا وتركيا وباكستان وتظهر كردستان وشيعستان وسنستان !!!
وهكذا اكملت الخريطة حديث السيدة الوزيرة ، فالشرق الاوسط الجديد الذي تنتظره الادارة الامريكية وتسعي له خريطته وحدود دوله المرتقبه ، هي حدود الدم ، الحدود التي تفصل بين البشر باكثر انواع الطائفية والتمييز وانكار الاخر ونفيه ، هي حدود الدم الذي سيسيل بين الفرقاء المتنافرين حتي تستقر المنطقة في " كنتونات " طائفية بعد حروب عنصرية تستهلك الجميع وتستنذف قواهم وتبقيهم جميعهم ضعفاء مهددين بوطأة العصا الامريكية الاسرائيلية !!! انه الشرق الاوسط الجديد الذي يقسم سكان تلك المنطقة لمجموعات عرقية طائفية تنفر من الاخر وتتربص به ، انه الشرق الاوسط الجديد الذي تسعي امريكا اليه مجموعة من الدول الطائفية العنصرية للشيعة والسنة والاكراد والارمن والمسيحيين والاقباط والنوبيين ، مجموعه من الدول الطائفية العنصرية الدينية تذوب في احضانها دولة "اسرائيلستان" !!! انه الشرق الاوسط الجديد الذي سيبني علي انقاض العرب وقوميتهم وكرامتهم وشرفهم لصالح دولة "اسرائيلستان " العنصرية ودول الجوار الجديدة العنصرية الطائفية الدينية التي تسعي اليها امريكا ووزيرة خارجيتها وراسمي سياساتها الاستراتيجية !!! انه الشرق الاوسط الجديد الذي تسعي امريكا اليه كحضن أمن يمنح الدولة الدينية اليهودية العنصرية الوجود المستقر بين جيرانها الجدد !! انه الشرق الاوسط الجديد التي تتمناه وتسعي له وتحلم به الادارة الامريكية وتحاول اجبارنا علي قبوله؟؟!!!
وقبل فتح الخريطة الجديدة للشرق الاوسط الجديد ، اقامت امريكا ومعها اسرائيل " بروفة جنرال " بلغة المسرح وفنانيه للقواعد الجديدة التي ستحكم الشرق الاوسط الجديد فتواكب مع سقوط القنابل الاسرائيلية فوق رؤوسنا دعاية مكثفة تحاول اختبار " حدود الدم " وطائفيتها فصرخت الابواق الامريكية وتابعيها من الصحفيين والاعلاميين المستقلين الاحرار ، يحذرونا نحن البلهاء المخدوعين من ان حزب الله شيعي لن يؤيده المسلمين السنة ، وهو حزب اسلامي لن يؤيده المسيحين والاقباط ، وهو حزب ديني لن تدعمه او تسانده الاحزاب الديمقراطية العلمانية لبنانية او عربية !! وهو حزب لايهمه مصلحه العرب ويسعي اساسا لمصلحه ايران ويدافع ليس عن لبنان وشرفها بل عن تخصيب اليورانيوم الايراني !!! صرخت الابواق الامريكية تستنهضنا نحن البلهاء المخدوعين الذين لانفهم في السياسة شيئا ولا نعرف عن حقيقة الامور شيئا والذي لانقوم من امام شاشات تلفزيون المنار توضح لنا اننا لاندرك اننا مختلفين مع حزب الله طائفيا ودينيا ووطنيا وانه لايستحق احترامنا ولاحبنا ولاتضامننا !!!!! وهكذا قسمتنا امريكا لمجموعات وجماعات طائفية ودينية وحاولت اثارة الوقيعة بيننا واستعداءنا علي بعضنا البعض وجلست تفرك كفيها سعادة تنتظر هزيمتنا جميعا !!!!
لكن الريح لاتأتي بما تشتهيه السفن والايام لا تحقق للامريكان احلامهم والطائرات الاسرائيلية لا توفر لمواطنيها امنهم وامانهم ، والاختلاف العرقي والديني والمذهبي والسياسي والجغرافي لم يفرقنا علي العكس فقد وحدتنا القنابل الاسرائيلية ووحدتنا جثث ضحايا مذبحة قانا ووحدنا بكاء الاطفال المحروقين بنيران الصواريخ الاسرائيلية وألمهم الموجع فرفعنا جميعا رؤوسنا للسماء ، لبنانين وعرب ، مسلمين ومسيحين ، شيعه وسنه ،احزاب دينيه وديمقراطية وعلمانية ، ندعو الله الواحد الاحد " اللهم اعز شباب المقاومة ، اللهم انصر شباب المقاومة ، اللهم اعز وانصر سماحة السيد !!!! " ... وهكذا هزمت افكار الشرق الاوسط الجديد قبل ان يجف مداد خرائطها فنقلت الفضائيات من كل مكان في العالم المظاهرات التي تدعم المقاومة وتدعو لها بالنصر واختلط جمهور الشيعة في مدينه الصدر بالعراق وجمهور السنه في اندونسيا وماليزيا والمسيحين والاقباط في شمال لبنان ومدن اوربا وفانزويلا جميعهم ضد امريكا ، جميعهم ضد اسرائيل ، جميعهم مع حق العرب المشروع في المقاومة ، جميعهم مع شباب المقاومة وسماحة السيد !!!
الفقرة الاخيرة – علمتنا كتب التاريخ ان سياسة المحتل المستعمر في كل مكان شعارها " فرق تسد " وقد حفظنا الدرس ولم ننساه ابدا ..
الجملة الاخيرة – قال احد الساسة " ان التكافوء العسكري ليس العنصر الحاسم المهم ارادة المقاومة والصمود والانتصار " وقال احد الساسة " ان عدم انتصار الجيش النظامي هزيمة وعدم هزيمة المقاومة انتصارا " ..
السطر الاخير – تأملوا ما يحدث في لبنان واحسوا نتائجه واستشعروا فرحة الشعوب العربية به علكم تستفيدوا او تستفيقوا !! رسالة اوجهها لمن يهمه الامر !!!
الكلمة الاخيرة – الله انصر شباب المقاومة وسماحة السيد ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق