الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

" الناس مش ناقصة .... !!!! "




" اصله معرفش !!! " هكذا همست العروس الشابة خجلة مرتبكة لضابط مباحث العاصمة الفنان الكبير عادل امام وهي تقص عليه ليلتها الاولي مع زوجها العريس الذي انهي حياته مبكرا بالانتحار في فيلم المبدع وحيد حامد "النوم في العسل " وهي جملة فسرت لضابط المباحث - الذي اضناه البحث والتفكير- السبب في انتحار العريس الذي فقد رجولته الاجتماعية امام زوجته الشابة فما كان منه الا النوم تحت عجلات القطار خوفا من العار والفضيحة الاجتماعية وكانت قصه العريسين البداية الساخنه للفيلم الجريء الذي استعرض احد اهم مشاكلنا المسكوت عنها والتي يواجهها الشعب المصري – في الواقع ال
حقيقي - صامتا لايفصح عن حاله وشكواه خجلا وخوفا من المعايرة والفضيحة وقد نجح الفيلم في اطار احداثه في استعراض النماذج المختلفة للمصريين البسطاء الذين حرموا من المتعه الزوجية الجنسية بشكل مفاجيء وغير مفهوم فاصابهم ما اصابهم من عنف وحدة وقبول الخرافات كحلا محتملا واللجوء الي المشعوذين كملاذا اخيرا ربما يأتي اثره ويحل مشكلتهم التي لم تحل وانتهي الفيلم بمظاهرة الالم والاحتجاج التي قادها الضابط الذي اعتبر ان عجز المصريين عن التعبير عن مشاكلهم واحلامهم والامهم وشكاواهم امتد ليصيبهم بالعجز الشامل واصابهم بما اصابهم !! وقد استقبل جمهور السينما الفيلم وقت عرضه استقبالا حافلا احتفائيا باعتباره فيلما واقعيا – جدا – عبر وبصدق عن مشكلتهم المستعصية المتوارية خلف ركام صعوبات الحياة ومتاعبها تلك المشكلة التي تؤرقهم وتستولي علي نصف عقولهم ولم يجدوا لهــا حلا بل ولم يجرؤا علي الشكوي منها خوفا وخجلا وقد تفاعل المصريين مع الفيلم واداروا فيما بينهم حوارات - جريئة مليئة بقصصهم الخاصه الخجلة التي تحرجهم وتضغط عليهم والتي لم يجرؤا قبل عرض الفيلم بالبوح بها- صادقوا بها علي الفيلم وقصصه الدرامية !! واذا كان الفيلم قد اتي اثره المنشود في اثارة وادارة حوار حول تلك القضيه بجميع ابعادها سواء العجز الجنسي او العجز الشامل !!! فأن الرواية البديعة للكاتب الكبير جمال الغيطاني والتي سبقت ذلك لفيلم بسنوات طويله "وقائع حارة الزعفراني " اتت اثرها بين اوساط المثقفين والقراء – وهم قلة للاسف- والتي استعرض فيها الغيطاني نماذج اهل الحارة " الزعفراني " والتي اختارها مكانا لاحداث روايته واوضح اثر حرمانهم من المتعة الجنسية بل وخجلهم من البوح بهذا السر الذي يؤرقهم ويعذبهم جميعا بل وفسر الغيطاني مشاجرات الحارة والعنف الذي سيطرعلي اهلها طاغيا والجنون الذي انتاب بعضهم جميعه نتيجة حتمية لانهيار حياتهم الجنسية اثر العجز الذي اصابهم واعزي الغيطاني عجز اهل حارته لاسبابه التي ملئت صفحات روايته الجميلة ولم يفت الغيطاني ان يترك املا لقراءه في الحياة متمثلا في الحب والود الذي جمع قلبي " روض " و "عاطف " الذين نهلا من الحنان والود فلم يصيبهم مااصاب بقيه ابناء الحارة من هوس وعنف وجنون وهكذا سبقت وقائع حارة الغيطاني فيلم النوم في العسل وشاركته في الاشارة الي اهمية الحياة الجنسية للبشر واوضحت بجراءة اثر انهيار تلك الحياة او فشلها او غيابها علي الناس الذين يستعوضون متعا كثيرة صعبه غاليه معقده لاينالونها في الحياة بتلك المتعه البسيطة الرخيصة كما قال عادل امام في فيلمه او كما قال الكاتب المبدع العظيم يوسف ادريس في قصته القصيرة " ارخص الليالي " تلك القصة التي خط سطورها بنصل مبضعه مستعرضا وقائع ليلة رجل فلاح فقير لايملك في " سيالة " جلبابه قرشا واحدا يمنحه سعاده احتساء كوب شاي علي المقهي او "حجر دخان " مع بقية الساهرين في " الغرزة " فما كان منه الا العودة الي منزله مقهورا مهزوما لتأتي مفاجأة يوسف ادريس المدهشة وخاتمه قصه القصيرة " وبعد تسعه شهور ينجب طفلا جديدا !! " باعتبار ان ارخص الليالي التي يملك الرجل بطل القصه وغيره الاستمتاع بها هي الليلة الجنسية التي تعوضه فقرا وقهرا وتعوضه حرمانه من بقية متع الحياة الاخري !!! وهكذا افصحت الاعمال الدرامية علي تنوعها واختلاف زمن صدورها وعرضها عن اهمية الجنس في حياة الناس واثر غياب متعته علي حياتهم وحالهم ومزاجهم وتوتر اعصابهم وافصحت الاعمال الدرامية عن ان جميع الناس وبالاخص الفقراء والشباب والعاطلين عن العمل هم اكثر الناس احتياجا للجنس واكثر المتألمين تأثرا بغيابه واكثر الناس شعورا بحرمانهم من الغريزة الفطرية التي تمدهم بالمتعه المجانية التي ترضيهم والليلة الساخنه الرخيصة التي لاتحملهم عبئا ماليا فوق اعبائهم الثقيلة !! بل وكشفت تلك الاعمال الدرامية عن المشكلة المسكوت عنها والتي يئن الناس بشكواهم منها ويبحثوا بكل قواهم وجهدهم عن حل لها قبل انهيار حياتهم فوق رؤسهم بسببها واذا كان المصريون يتهامسون فيما بينهم بان هرمونات الفراخ البيضاء والفاكهة المسرطنه والمياة الملوثة و" اسرائيل " هم السبب في اصابتهم بتلك العلة والسبب في انتشارها كالوباء فيما بينهم فأنهم يلومون الحكومه سرا لانها لم ترصد الظاهرة التي " سودت " لياليهم وايامهم وسرقت منهم الفرحة والرضا ودفعتهم دفعا للمشاجرة وتبادل الاتهامات وزادت عدد القضايا في المحاكم والمحاضر في الاقسام ولانها لم تحميهم من مسببات تلك الكارثة ولم تقيهم شرها ولم تحافظ علي صحة ثروتها البشرية وسعادة افرادها بل ويلومونها ايضا لانها لاتبذل جهدها في محاصرة اسباب المشكلة المزمنة التي توجعهم وتضج مضاجعهم وتدفعهم دفعا لتعاطي المكيفات وتناول المنشطات وزيارة الاطباء وشراء الادوية والمقويات وحملتهم فوق اعبائهم المالية عبئا اضافيا لايملكوا الاستغناء عنه ، ويري الناس ان الحكومه مثل حكومه فيلم النوم في العسل تنكر المشكلة ولا تعترف بها ولاترصد لها علاجا فقد اكثرت الناس من سب " اسرائيل " قدر مااستطاعت املا في حل مشكلتهم التي لم تحل فيأسوا من الشكوي وعجزوا اكثر عن التعبير عن ألمهم فازدادت شكواهم وازداد عجزهم اكثر واكثر وازداد لومهم للحكومه ووصل الحنظل للحلقوم !!! فجأ تصدت بعض الجرائد المستقلة او المعارضة او الصفراء لهذه المشكلة العويصة!!! ََوخرجت علي الناس بصفحات اعلانية متلاحقة كثيرة كثيفة اسبوع تلو الاسبوع تروج جميعها للكريمات المدهشة والمراهم الناجعه والاقراص المؤثرة والاقماع السحرية والخلطات السرية التي تنهي تلك المشكلة وتجتثها من جذورها وتعيد الكهل لصباه والعاجز لقدرته والنساء لخصوبتهن وتعالج الفجوة بين الرجال والنساء وتزيل الجفوة بينهم وتتغلب بقدره فائقة علي سم الهرمونات وتلوث المياة وعلي " اسرائيل " وزينت تلك الجرائد اعلاناتها بعبارات الامل والتشجيع والتحدي و"لدينا الحل الناجع للمشكلة المستعصية " واعلنت عن ارقام تليفونات محلية ومحمولة في القاهرة وجميع المحافظات تساعدك صديقي الذي تعاني من تلك المشكلة علي توصيل العلاجات الفعاله الي حيت انت بغير مجهود و" وفر مجهودك لحاجة تانية !!! " ولما كان الناس اصحاب المشكلة المستعصية كالغرقي يتعلقون بقشة فقد تكالبوا علي شراء العلاجات العظيمة !!! وتجربتها املا في تجاوز المحنة وانقشاع الغمة وهو ما شجع الشركات والمكاتب التي لانعرف موقف وزاره الصحة من منتجاتها علي زيادة حملاتها الاعلانية و" اختار اللي يريحك " ورغم ان الناس اختارت ولم ترتاح والمشكلة المزمنه لم تحل ، خافت الناس اكثر من الجهر ب"عدم الراحة" وخشيت فضح نفسها ولان الناس "طمعانه " في رحمة ربنا و عايشة بالامل فقد تكالبت علي شراء مزيد من الادوية و" لعل وعسي " ومن اخد الاقراص يجرب الاقماع ومن بلع البرشام يجرب الخلطات السحرية ومن جرب كل هذا ولم يفلح كذب علي نفسه وعلينا وابتسم مروجا لذات الادوية و" بقيت بمب " !!! فاذا بالجرائد " اياها " تنتبه لكنز الاعلانات واثره علي زياده التوزيع فتهتم اكثر واكثر بمشاكل الشعب !!! وتفرد صفحات اعلانية اكثر تروج فيها للشركات التي تبيع السعادة والمكاتب التي تقايض فلوس المصريين بوعودها الوهمية !!!! ورغم التكالب علي شراء الادوية وشراء الجرائد " اياها " بقيت المشكلة علي حالها ومازالت الناس تلعن ابو "اسرائيل" التي تسببت في المشكلة وتلعن الجرائد التي تاجرت بخصوصياتهم وعشمتهم "بالحلق " وفي النهاية تركتهم علي حالهم بل واكثر عجزا واكثر بؤسا واكثر فقرا !!!!!
الفقرة الاخيرة – قال احد الخبثاء ان الجرائد " اياها " توزع اعدادها المملة الفارغة من أي مضمون حقيقي علي " حس " ترويج الوهم للناس وبيع الامل الكاذب لهم لكن تلك الجرائد المهتمه "قوي" بمشاكل الناس اعتبرت ان الهجوم علي مضمون اخبارها مكيدة من مكائد الحكومه التي لاتهتم بمشاكل الناس ولابحالهم !!!
الجملة الاخيرة – قال احد الخبثاء " انت مابيعجبكيش العجب ، ماهي دي مشاكل الشعب زعلانه ليه بقي من الجرايد اياها" رددت عليه " ماهي لانها مشاكل الشعب لازم نتعامل معاها باحترام وجديه لان الناس مش ناقصة كذب ووهم وهم وسرقة وكسرة نفس !!! "
السطر الاخير – " طب وهي اسرائيل مالها ومال الموضوع ده " ، " مالها ازاي ، ماهي سبب كل البلاوي !! "
الاربعاء 17 مايو 2006

ليست هناك تعليقات: