الجمعة، 5 سبتمبر 2008

نفسي احب الحكومة !!!


اين تعيش الحكومة ؟؟؟ هل تعيش معنا في نفس الوطن ؟؟ هل تعيش معنا في نفس العاصمة فلا تري لون سمائها في عز النهار من سحب التلوث البيئي ولاتري نجومها في عز الليل من ادخنة حرائق قش الرز ؟؟ هل تعيش معنا الحكومه في نفس احيائنا المزدحمة متلاصقة البيوت ضيقة الحارات قليلة الهواء تحاصرها القمامة علي كل النواصي وامام البيوت وفي "الخرابات " ام تعيش الحكومه في قصور التجمع الخامس وفيلات القاهرة الجديدة وشقق الاحلام وبمنتجعات ملاعب الجولف و"الكومبوندز " تحيط بها الحدائق الغناء وتظلل طرقها الاشجار المورفة وتثيرعواطفها رائحة الورود الفواحة وينعش وجوهها رزاز مياة النافورات الملونة؟؟؟؟
هل تسير الحكومه مثلنا في نفس الشوارع المكتظة ببشرها وسياراتها وبائعيها الجائلين وتصم اذنيها مثلنا اصوات الصخب العشوائية خليط منفر من اصوات الات التنبية ونداءات الباعه الجائلين ؟؟؟ هل تتعثر خطوات الحكومه مثلنا وهي تعبر الطريق بين السيارات التي لاتحترم اشارات المرور ولاتعرف الفارق بين الوانها ؟؟ هل تتأرجح الحكومة وهي تسير علي الارصفة المكسرة التي يحتل بقاياها المحلات التجارية و" نصبة الشيشة" وكراسي القهاوي ؟؟ هل لاتجد الحكومه مثلنا اماكن تركن فيها سياراتها لان السيارات التي سمحت الحكومه نفسها بتصنيعها واستيراداها تحتل كل الشوارع وتعلو كل الارصفة صفا اول وثاني وثالث ؟؟ هل تركب الحكومه مثلنا اتوبيسات النقل العام المكدسه بركابها الغارقين في عرقهم ام تركب الميكروباص والتوتك فتنحشر بين ركابهم "الغلابة " المختنقين بالنوافذ المغلقه وروائح الهم النفاذة؟؟ هل تقف الحكومه مثلنا في عز " النقارية " توقف تاكسي فلا يقف وان وقف يقاولها علي الاجرة الغالية وان قبلت دخلت سيارة بلا نوافذ تصفر فيها الريح وتلوثها الاتربة وجلست علي مقاعد ممزقة تخرج من احشائها "السوست" الحديدية تنغزها ؟؟!!
هل ترسل الحكومه اطفالها للمدارس الحكومية وتضعهم مع اطفالنا في فصول يزيد عدد تلاميذها عن سبعين طفلا مكدسين بين جدران اربع لاتدخلها الشمس ولاالهواء يجلسون اربعه فوق " التخته" وتدفع لهم التبرعات الاجبارية و تشتري للمدرسة لوازمها " جردل ومقشه وعلبه طباشير" وتدفع حماية لاطفالها من السقوط ثمن مجموعات التقوية والدروس الجماعية وتقدم لمدرس الفصل الشاي والسندوتشات وتشتري له لوازمه من السوق ؟؟؟ ام ترسل الحكومه اطفالها مثل بعضنا للمدارس الخاصه واللغات والانترناشيونال فتدفع لهم المصروفات المدرسية الباهظة الوف "مؤلفة" بالمصري او بالاسترليني وتغير لهم الزي المدرسي كل عام حسب رغبه ومزاج اصحاب المدرسة وتدفع لهم ثمن الدروس الخصوصية ومجموعات "السنتر " وتصرف عليهم " دم قلبها " استثمارا غير مضمون النتائج والاثار وتنمي بداخلهم الاغتراب عن الوطن ولفظه والرغبه في الفرار منه والهجرة للبلاد المتقدمة التي يتعلمون تعليمها ويذاكرون تاريخها ويعرفون اسماء زعمائها وقادتها ويحفظون عن ظهر قلب نصوص دستورها ؟؟؟ هل تدخل الحكومه اولادها مع اولادنا في الجامعات الحكومية فلا تجد لهم مثل الالاف والاف من العاطلين الحاليين وظيفة مستقبلية مضمونه وراتب انساني محترم ام تدخلهم الجامعات الخاصه والاجنبية وتشتري مستقبلهم وشهاداتهم ب" تحويشة العمر " وتربيهم بمالها للدول الاخري التي تدفعهم دفعها لوظائفها فتشتري بمدخراتها وحدة في الشيخوخة نار في القلب ؟؟
هل تذهب الحكومه مثلنا – ان مرضت - للمستشفيات الحكومية وتشتري مستلزمات علاجها شاش وقطن و"بلاستر" واكياس الدم والادوية وتنتظر عطف الاطباء وتتمني شفقة الممرضات وتفتدي احباءها بالاكرامية والمحبة و" تسلم الايادي " ام تقف في طوابير الانتظار الطويلة في مستشفيات التأمين الصحي تنتظر سريرا نظيفا وغرفه عمليات خالية لا تخلو ابدا ام تذهب مثل اثرياءنا للمستشفيات الخاصه فلاتدخل غرفتها الا بعد سداد المقدم الباهظ وتدفع في فاتوره علاجها النهائية ثمن الخدمه الفندقية الباهظة وثمن الكشف العاجل والتمريض الفاخر و"الاعمار بيدي الله " ؟؟!!
هل تشتري الحكومه مثلنا كرتونه البيض بعشرين جنيه وكيلو البن باربعين جنيه وكيلو اللحمة بخمسين جنيه وحزمة البقدونس بربع جنيه ؟؟؟ هل سألت الحكومه نفسها مثلنا " وهو المرتب فيه كام جنيه وحيكفي ايه والا ايه؟؟!!!!!!" هل تعاني الحكومه مثلنا من الغلاء ذلك الغول الذي رباه تجار الجملة المليونيرات في مخازنهم واطعموه من لحمنا واشربوه من دمائنا وعرقنا ودموعنا فكبر وتعافي وتوحش علينا فاطلقه تجار التجزئه علينا باسنانه الحادة المشحوذة يلتهمنا قطعه قطعه وبعدها انقض علينا نحاربه بايدينا العزله وقروشنا القليلة وعزة نفسنا فكرهنا بسببه اللحمة ونسينا بسببه الفاكهة وقاطعنا بسببه الفراخ والطيور واحببنا " هياكل الفراخ " وطبخنا علي عظامها "قرديحي" وصارت السلطة الخضراء ترفا شديدا لايقوي عليه معظمنا فهجرناها لكن غول الغلاء لم يقنع ولم يهدأ ولم يشبع وحاصرنا وضغط علينا اكثر فخضعنا اكثر واكثر ونسينا البيض واللبن وتناسينا الجبن والزبدة واكتفينا بالبطاطس المحمرة والبذنجان المقلي والعيش الاسود والفول صديقا عزيزا لانفارقه فلا يفارقنا وصرنا نباتيين بالاجبار والاكراه و"قصر اليد " ؟؟
هل تدخل الحكومه مثلنا لمكاتب موظفيها المكتئبين المفلسين الغاضبين المطلوب منهم خدمتنا بابتسامة لايقوون علي اصطناعها الكارهين لحياتهم وفي ايديهم وبحكم وظائفهم كل اوراق حياتنا ومستنداتنا وتحقيق مصالحنا فتنافقهم املا مثلنا وتتودد اليهم ضعفا مثلنا فلايستجيبوا لها فتغضب منهم مثلنا وتتشاجر معهم مثلنا وفي نهايه المطاف تغادرهم بغير تحقيق مصالحها فتكره حياتها مثلهم ومثلنا !!!
هل تدفع الحكومه مثلنا فواتير الكهرباء التي ازدادت قيمتها وارتفع سعرها خلسه مرة وثانية وعاشرة فاذا بالكهرباء تكوينا ولاتضيء حياتنا بل " تضلمها " !! هل تشرب الحكومه مثلنا من " الحنفيات " مياة صفراء ملوثة بالصدأ والجراثيم وامراض الصيف والشتاء تزيدنا عطشا ام تشرب الحكومه مثل بعضنا مياها معدنية غاليه الثمن تحرق الجوف بثمنها ولاتروي ؟؟!! هل تقف الحكومه مثلنا امام الافران تشتري خبزا تعافه الانفس مخلوطا بالزلط والرمل يكسوه السواد ولانحصل عليه الا بالمشقة و" تكسير " الارجل وب"ربع جنيه" ام تشتري الحكومه مثل اثرياءنا خبزا ابيض الدقيق نظيف مغلف بورق مزركش رغيفه يقترب من الذهب الغالي في سعره !! هل تشتري الحكومه مثلنا الادوية المحلية فلا تشفي ولاتبرء من مرضها ام تشتري مثل اثرياءنا الادوية المستوردة بالاسعار الباهظة فتزداد اوجاعها وألام نفسها ؟؟ هل يطير الهاموش في وجه الحكومه مثلنا ويقرص وجوهها مثلنا ويضج مضاجعها مثلنا ؟؟ هل تحتقن عين الحكومه مثل اعيينا من التراب ؟؟ هل تختنق انفاس الحكومة مثل انفاسنا من الابخرة والادخنة والروائح الكريهة النفاذة ؟؟ هل تدخل الفئران منازل الحكومه مثل منازلنا ؟؟ هل تهيم الكلاب الشاردة المسعورة في احياء الحكومه مثل احياءنا ؟؟ هل تتنزه الحكومه مثلنا فوق الكباري وعلي ارصفة الطريق الدائري فتجلس تحتسي حمص الشام وتقزقز لب بجوارالسيارات المسرعة وتستنشق عوادمها مثلنا وتترك اطفالها يلهون مثل اطفالنا تحت عجل سيارات المقطورة تحترق اعينهم بضوء السيارات العالي ؟؟هل تجلس الحكومه مثلنا في نهايه يوم عملها الشاق فوق الدكك الخشبية علي شط النيل فلا تراه امامها وقد احاطوه بالمباني الاسمنتيه وفنادق الاغنياء و" كازينوهات " اناس الليل التي تصرخ طوال ساعاته بالاصوات القبيحه والكلمات المنحطة وتأوهات الرواد فلا تمتع الحكومة بصرها ببهجة النظر اليه مثلنا ولاتري سطحه اللوجيني البراق مثلنا ولاتستمتع بنسمة هواءه الرطب مثلنا ام تتنزه الحكومه مثل بعض اثرياءنا في الاندية الخاصه وفنادق الخمسة نجوم فتكتوي مثلهم بنار اسعارها وتعاني مثلهم من عذاب طرق الوصول اليها وتلعن مثلهم اليوم الذي اخرجهم اساسا من بيوتهم!!! هل تركب الحكومه معنا القطارات التي تحترق ؟؟ هل تركب معنا العبارات التي تغرق ؟؟ هل تقع فوق رأسها العمارات التي تنهار ؟؟ هل يقع ابناءها في البالوعات المفتوحه مثل ابناءنا ؟؟ هل يموت ابناءها علي الطرق السريعة في حوادث السيارات مثل ابناءنا ؟؟ هل تعاني الحكومه في حياتها اليومية مثلنا ؟؟!!!
هل تعيش الحكومه مثلنا في نفس الوطن وتشعر مثلنا بنفس الاحاسيس الموحشة في عاصمته العريقة تلك المدينه القاهرة المقهورة الظالمة المظلومة الجميلة التي كانت والقبيحة التي صارت وتعاني مثلنا جميعا فقراء ومتوسطي الحال وال"مستورين " والاغنياء والاثرياء في كل اوجه حياتنا ونواحيها وتتمني مثلنا جميعا - ولايكثر علي ربنا - راحة البال وهدوء النفس ورفع الكرب !!! هل تحلم الحكومه مثلنا بيوم من ايام الماضي الجميل حين كانت الشوارع شوارع والبيوت بيوت والناس بشر بحق وحقيقي رقيقي القلب والمشاعر وحين كانت العاصمة جميله بشوارعها واماكنها واناسها !!!! هل تتمني الحكومه مثلنا ان تعود العاصمة عاصمة للوطن تريح ابناءه وتهون متاعبهم وتزيح عنهم الهم والغم فنحبها وننام في حضنها اطمئنانا ونشتاق اليها ان بعدنا ونقبل ترابها ان عدنا؟؟!!! هل تعيش الحكومه مثلنا في نفس العاصمة وتجلس مثلنا في اخر اليل مرهقة متوترة غاضبه تشكو همها للرحيم ان يرفع غضبه ومقته عنها وتتمني مثلنا من الوهاب الستر والصحه وان يهون عليها ايامها وتتضرع مثلنا للقدير ان " يعدل الاحوال " ويعيد الايام الجميلة لحياتنا ويمنحها لاطفالنا وينعم علينا بالحاضر الجميل والمستقبل المزدهر!! هل .... وهل ..... وهل ..... ؟؟؟؟؟؟
وقبل ان اغرق اكثر واكثر في ملايين علامات الاستفهام انتبهت وافقت فالحكومه هي الحكومه صاحبه الامر والنهي والقول الفيصل والارادة الحاسمة والموظفين التابعين والميزانية والخبراء والحكماء واصحاب العلم وذوي البصيرة وراسمي القرارات الاستراتيجية فلو كانت تعاني مثلنا لماذا لاتريح نفسها وتريحنا وتغير ما يؤرقها ويؤرقنا وتسعي لتحسين حياتنا وتغيير اوضاعها وتبديل ظروفها وتنفيذ القانون علي الكبير قبل الصغير وعقاب المخالف وردع المستهتر ومنح مواطنيها املا في الحياة !!! الحكومه هي الحكومه فلماذا لاتريح نفسها وتريحنا من عذاب الحياة اليومية الذي يستنزف طاقاتنا ويبدد مجهودنا ويسود ايامنا وتنادينا لنصلح معها احوالنا فنرد عليها مخلصين بكل الجهد والدأب والعطاء الصادق والوقت الثمين و" نهد الجبال " !! اما اذا كانت الحكومه لاتعاني ما نعانيه ولاتعرف ما يعذبنا ولاتكترث بما يتعبنا ولا تفكر فيما يشغلنا ولاتتألم لاوجاعنا ولاتسمع صوت دعائنا علي انفسنا وعليها فها انا اسأل نفسي ثانية واسألكم " اين تعيش الحكومة ؟؟ "
الفقرة الاخيرة – قالوا ان الحكومه لاتسمع صوتنا ولن تسمعه فأذنها من طين والثانية من عجين رددت عليهم بمنتهي التفائل والامل " الزن علي الودان امر من السحر " واللي مابيسمعش النهارده بكره يسمع !!!
الجملة الاخيرة – قالوا " ماحدش يقول للغوله عينك حمرا ليه " خوفا علي من كلماتي فابتسمت لهم ساخرة وقلت لنفسي " وهي لو الحكومه غوله والناس بتعمل حسابها كان بقي ده حالنا وكانت بقت دي حياتنا " !!!
السطر الاخير – قالوا " يانحله لاتقرصيني ولاعايز عسلك " وقالوا " ابعد عن الشر وغني له " وقالوا " اربط الحمار مكان مايقول صاحبه " وقالوا " نمشي جنب الحيطة تدارينا " وقالوا "لسانك حصانك ان صنته صانك وان هنته هانك " وقالوا " عصاية الحكومة بتوجع " رددت عليهم " يافرعون ايش فرعنك قال مالقيتش حد يردني ".
الكلمة الاخيرة – نفسي احب الحكومة !!!

ليست هناك تعليقات: