وجههت بعض منظمات المجتمع المدني والتي سمح لها قضائيا بمراقبة الانتخابات التشريعية داخل وخارج اللجان انتقاداتها العنيفة ليوم الانتخاب الاول بالمرحلة الاولي واعتبرت تلك المنظمات ان نتائج انتخابات ذلك اليوم شابها التزوير او زورت بالكامل ورصدت تلك المنظمات في تقاريرها الشوائب او العيوب او الجرائم التي تمت في ذلك اليوم وكان من ضمن تلك الجرائم بل اهمها هو شراء اصوات الناخبين وفق تسعيرة علنيه ازدادت قيمتها كلما مر الوقت واقترب ميعاد اغلاق الصناديق فوصلت في بعض الدوائر حسبما قال الرواة الي مبلغ خمسمائه جنيه للصوت الواحد ، بل ووصل الامر باحدي منظمات المجتمع المدني ان اعلنت ان مراقبيها رصدوا في بعض الدوائر الانتخابية حدوث عمليات مقايضة الاصوات الانتخابية بالمخدرات التي وزعها المرشحين اصحاب الملايين والسطوة والسلطة المحمين من المتابعه البوليسة والادانة القضائية علي الناخبين الفقراء حيث مُنحوهم "قروش" المخدرات بديلا للجنيهات الورقية ثمنا لاصواتهم الانتخابية !!!! وادانت تلك المنظمات الحزب الحاكم ومرشحيه باعتبارهم – وهم الاثرياء الذين ينفقون الملايين وبغير حساب - قد اشتروا اصوات الناخبين ونجحوا عن طريقها في الانتخابات ودخلوا بتلك الاصوات المباعه اعضاءا في برلمان المستقبل علي حساب مرشحين احزاب المعارضه والمستقلين الذين رفضوا – اوعجزوا – دخول المزاد العلني لشراء الاصوات فسقطوا وخرجوا من المعركة الانتخابية خاليين الوفاض مدينين بجنيهاتهم القليلة التي انفقوها في الاعلان عن مبادئهم وتصوراتهم للمستقبل والتي لم ينتبه اليها او يسمعها او يقرأها الناخبين العارضين لاصواتهم الغاليه في المزاد العلني!!!
وبصرف النظر عن الانتخابات التشريعية وماجري فيها وماشابها من تزوير مفضوح او اختلاس لارادة الناخبين وتزييفها وبصرف النظر عن نجاح من نجحوا وهم لايستحقون النجاح ، وفشل من فشلوا وهم ايضا لايستحقون الفشل وبصرف النظر عن النتائج الاجتماعية لتلك الانتخابات وما قد تتركه في نفوس المواطين من يأس ومرارة واحباط وانعدام الامل في أي حدوث أي تغييرحقيقي بالطريق الديمقراطي .. الا ان اكثر مااثار انتباهي في كل ما سبق سرده هو قيام الناخبين ببيع اصواتهم بقروش قليلة ،فالمرشحين مهما كثرت اموالهم ومهما قوي نفوذهم واغراءاتهم لايملكون شراء مالايرغب مالكه طوعا بيعه !!! وبمعني اكثر دقة ، فالمرشحين بكل قوتهم وسطوتهم وتدفق اموالهم لايستطيعون جبر الناخبين علي بيع اصواتهم ، فالقوة والسطوة تملك تزوير البطاقات الانتخابية وتسويد الصناديق وتبديلها وتقوي علي ضرب الناخبين ومنعهم من التصويت وتستطيع الحيلولة بينهم وبين الانتخاب عن طريق محو اسمائهم من الجداول الانتخابية او حتي منعهم من الوصول الي اللجان الانتخابية ، لكن القوة والسطوة والسلطة مهما عظمت لاتملك اجبار افقر ناخب علي بيع صوته ولو بكنوز قارون !!! اذن ماذا حدث في يوم الانتخاب ؟؟؟ لقد توافقت اراده المرشحين والناخبين علي البيع والشراء ، فعرض المرشحين اموالهم وعرض الناخبين اصواتهم وتمت المقايضة وعقدت الصفقة و حررت عقود البيع والشراء بمداد الوطن علي البطاقات الانتخابية في " فاترينات الصناديق الزجاجية " التي عرضت امام الكاميرات التلفزيونية وبثت بثا مباشرا الي المتفرجين في كل الدنيا دليلا علي الشفافية والنقاء والنزاهه التي لم يسبق لها مثيل منذ خمسين عاما مثلما نشرت الجرائد الرسمية الحكومية!!!
لماذا يبيع الناخبين المصريين اصواتهم الانتخابية ؟؟ سؤال مرير قادني الي اٍسئلة اخري كثيرة متلاحقة موجعة معذبة للنفس والقلب ، اسئلة لم اقوي علي دفنها في صدري لتقتلني اجاباتها المسمومة وحدي وها انا اطرحها عليكم ، لنفكر فيها جميعا علنا نتعذب عذابا محببا قد يقودنا عبر رحله آلامه لمستقبل افضل لنا جميعا وللوطن !!!
لماذا يبيع بعض الناخبين المصريين اصواتهم الانتخابية ؟؟ لااعرف ، هل تعرفون انتم لماذا يبيع بعض المصريين صحتهم بثمن بخس وقروش قليلة مهما كثرت فيشتروا المرض والعجز ويمنحوا "كلاويهم " للاثرياء مصريين وعرب واجانب متحججين بالفقروالاحتياج ؟؟؟ هل تعرفون انتم لماذا يبيع بعض المصريين اطفالهم الرضع للاثرياء مصريين وعرب فيحصلوا مقابل فلذات اكبادهم علي بعض الاوراق النقدية عديمة القيمة يشترون بها بحار الملح لاتروي عطشهم متحججين بالعوز والعجز عن تأمين المستقبل ؟؟؟ هل تعرفون انتم لماذا يبيع بعض المصريين بناتهم الصغارالعذاري للكهول من المصريين والعرب في شكل زيجات وهمية فاشلة مقابل ثمن بخس من المذلة والمهانة يشتروا به اطفال ضائعين بلا اباء يعانوا والي الابد من مشكلات الجنسية وافتقاد الهوية والاحترام؟؟؟ هل تعرفون لماذا يبيع بعض المصريين صغارهم فيخرجوهم من المدارس ويحرموهم من التعليم ويفرضوا عليهم الخدمة في البيوت الثرية القاسية الباردة او يفرضوا عليهم تعلم الصنعه في ورش تفتقد الي قواعد الامن الصناعي تحت أمرة معلم قاسي تسبق عصاه لسانه مقابل قروش قليلة تقل عن الحد الادني للاجور وتتجاهل اتفاقيات حماية حقوق الاطفال ؟؟ هل تعرفون انتم لماذا يبيع بعض المصريين ضمائرهم فتنهار العمارات ويقتل المرضي ويحبس الابرياء ويسقط الناجحون فيفقد الجميع الامل في الانصاف ولايبقي امامهم الا الغش الذليل طريقا لعينا واحدا للاستمرار في الحياة ؟؟ هل تعرفون انتم لماذا يبيع بعض المصريين كرامتهم ويقبلون العمل في مدن الملح البعيدة تشهر في وجوههم المتعبة قانونها الجائر قواعده احتجاز جواز السفر والتبعيه المهينه للكفيل وصاحب العمل والصوت المنخفض وانعدام الكرامة وعدم امكانية المطالبة باية حقوق مقابل جهاز كاسيت " تايواني " رديء الصناعه رديء الصوت ومروحة وبطانية "نمر" ؟؟؟
اسئلة مؤجعه كثيرة مازالت تحتل نفسي ، منذ متي تعلم المصريين وهم الزراع الصناع بناة الحضارة فنون البيع والمقايضة الكريهه فباعوا برضا مهين وبابخس الاثمان النفيس والغالي والارض والعرض والضنا واستبدلوهم بحزم من الاوراق البالية عفنة الرائحة!! مازلت اسأل نفسي واسألكم منذ متي توقف المصريين عن الغناء " عواد باع ارضه ياولاد ، شوفوا طوله وعرضه ياولاد " يعايروا عواد ببيع الغالي وشراء المتعه الرخيصة !! متي نسي المصريين المثل العربي " تجوع الحرة ولاتأكل بثديها " فباعوا واكلوا لايشعرون حرجا او الما او ندما او غضاضه؟؟!!!
اذا كنتم تعرفون اجابات كل هذه الاسئلة ، فلماذا تتعجبون من بيع بعض المصريين لاصواتهم الانتخابية تلك التي لايشعرون باي قيمة لها ولايعرفون مبرر للحفاظ عليها او الاعتزاز بها !!! فالمصريين يشعرون بأن اصواتهم الانتخابية لم تؤثر في حياتهم الماضية او الحالية او المستقبلية - فاصواتهم الانتخابية لم تأتي ابدا بمن يمثلهم ولن تأتي بمن يعبر عنهم فلم يبقي امامهم الا بيعها – و لن تؤثر فيها الا بقدر قيمة القروش القليلة التي يحصلون عليها ثمنا لها بل ويشعرون انه الاجدر بهم والافيد لهم ان يبيعوها ويستفيدوا من ثمنها البخس بدلا من ان تسلب منهم جبرا وغصبا.. هل مازلتم تتعجبون ؟؟!!!
يبقي اسئلتي الاخيرة في نهاية هذه المرثية للوطن ، لماذا لا يشعر المصريين باي قيمة لاصواتهم الانتخابية عدا قيمتها في مزاد البيع العلني؟؟ ولماذا لاينجح المرشحين في جذب اصوات الناخبين لاختيارهم بغير طريق سيف المعز وذهبه ؟؟؟ وحتي نجد الاجابه ، سيبيع الناخبين للاسف الشديد – وبعد ان باعوا اجسادهم وكرامتهم واطفالهم وبناتهم العذاري - اصواتهم في هذه الانتخابات وكل انتخابات قادمة فهي الباقية لهم مصدر متجدد للدخل في بلد يعيش فيه الناس تحت خط الفقر بدرجات كثيرة ..
واذ كنا لم نفعل شيئا وقت باع بعض المصريين اعضاء جسدهم ، ووقت باع بعض المصريين فلذات اكبادهم ، ووقت باع بعض المصريين بناتهم العذاري ، ووقت باع بعض المصريين كرامتهم وادميتهم واحترامهم لذاتهم ، اذا كنا لم نغضب ولم نثور ، لم نتألم ولم نتكلم ،اذا كنا تقبلنا وتقبلنا وتقبلنا ، وصمتنا وصمتنا وصمتنا ، فلماذا اليوم واليوم بالذات انتفضنا ؟؟؟ وهل الصوت الانتخابي اغلي من كل ما بعناه ومن كل ما سنبيعه ؟؟؟!!!!
الاربعاء 16 نوفمبر 2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق