الجمعة، 12 سبتمبر 2008

" الاصوات الصدأة !!! "

كنت اسير في طريق عودتي الطويل للمنزل استمع لاحدي المحطات الأذاعية التي تمنح مستمعيها الموسيقي علي " كيف كيفك " فانتبهت فجأ انني لااعرف هؤلاء الذين يغنون ، لااعرف اسمائهم ، لا اميز اصواتهم ولا نبراتهم ولا بحه صوتهم ولا طريقه اداءاهم ، فجميعهم بالنسبه لي مجرد اصوات تخرج من حناجر عاجزة تسلي وحدتي في الطريق الطويل ولاتنجح ابدا – بتفاهه كلماتها ورتابه نغماتها وصدأ اصواتها - في سرقه اهتمامي الحقيقي بما يقولون او يأدون فكأنهم جميعا يصنعون ضجيج لازم لكسر صمت الطريق لكنه ضجيج غير مميز وغير مؤثر لايؤثر في النفس ولا يلمس القلب ولا تتذكره ابدا ان اغلقت الراديو !!! انتبهت فجأ الي حرماننا المتعمد من الاصوات الصادقة المؤثرة الجميلة كأن دوائر القبح التي تحاصرنا في كل اوجه حياتنا اليومية احكمت حلقاتها حولنا تحرمنا المنظر الجميل والصوت الجميل وتعتقلنا في بحار الوحشة والغربة والآلم !!! حاولت اركز مع هذا الذي يحاصرني داخل سيارتي بضجيجه يتلوي بصوته حاولت افهم كلماته احس نغماته اتبين مشاعره ، عجزت عن التوحد معه يوخزني شوك حنجرته .. سألت نفسي من الذي اعطاه الفرصه وسلم له ميكروفون الاذاعه دون موهبة او كفاءه او احساس ، سألتي نفسي لماذ احتل هذا "المتلوي" المساحات الكبيرة التي حرمت منها الاصوات الجميلة رغم صدقها وجمالها وعذوبتها ، سألت نفسي وقتها اين علي الحجار ؟ اين اغانياته الجميله وصوته الذي يرجف القلب وصدقه الحاني الذي يحتوي المستمع ومشاعره ويأسر نفسه ، اين علي الحجار و" انكسر جوانا شيء .. وانطفت بعده المشاعر .. تهنا ونسينا الطريق .. وابتدي الاحساس يسافر واخد الاحلام معاه ... انكسر جوانا شيء" اين علي الحجار الفارس الذي حملنا علي حصانه الابيض بصوته القوي وادخلنا عالم الالوان الجميل فاستردت روحنا عافيتها ولفظت انفسنا اكتئاباتها القاتمة " من غير ما تتكلمي ، مدي العيون سلمي .. فوق الحيطان ارسمي .. الحلم متفسر وبكره جاي اخضر وانتي بتتبسمي " اين علي الحجار الذي تألق عشرات الشعراء المبدعين علي عتبات حنجرته واسعد شدوه المعذبين والمتألمين وبدد وحدتهم وهمهم ذلك الذي شدا بصوته واحساسه وكل مشاعره " ندهني الحنين وذكري السنين لعشرة حارتنا وشارع قديم في حضنه اتقابلنا حلمنا ورسمنا قلوب تقاسمنا الفرح والانين .. ندهني الحنين " لماذا صمت في الوقت الذي نحتاج صوته وصدقه ونغماته الجميله وتركنا لهؤلاء ظمئي نشرب بحار الملح ولاتروينا !!! سألت نفسي اين محمد الحلو وصوته الاجش القوي الذي يخرج من قلبه لقلوبنا عذبا كالمياة البارده في الصحراء الموحشه يهدهد نفوسنا المتعبه ، اين محمد الحلو و" اهيم شوقا ... اعود شوقا ... الي لماك وسلسبيلك ، والتانيه بلدي .. باقول الكلمه بالعالي وعلي المكشوف وفي المليان ، والتالته بلدي .. ياكنزي وعزوتي ومالي " اين محمد الحلو الذي اشجانا وعذبنا عذابا جميلا بعواطفه الجياشه الفياضة " لياليك وعينيك وحشوني ، ياحبيبي انا ، الشوق سهران في عيوني وتعبت انا ... فينك .... في البعد انا دبت حنين ... فينك ..." اين محمد الحلو !!! ذلك المصري المعجون بشجن تعبنا الذي تحسه اخيك وابيك وابنك وصديق عمرك الذي تلقي برأسك المتعب علي كتفه القوي فيأخذك بصوته وصدقه للعوالم الجميلة ويصالحك مع نفسك ويعود بك لعالمنا اكثر قوة واكثر بأسا واكثر انسانية!!!! سألت نفسي اين هاني شاكر وصوته المجدول بنبرات الحنان والرقة الانسانية البديعه والعواطف النبيلة التي يروي بها النفوس الجدباء فتخضر اوراقها وتثمر اشجارها وتتفتح زهورها ، اين هاني شاكر المطرب الذي مسح برقه صوته وصدق كلماته وعذوبه نغماته دموعنا في ليالي الوحدة وليالي الالم " الا دموعك انت ، الا دموعك انت ، صعب عليا صعب عليا ، اشوف ياحبيبي دموع في عينيك " اين هاني شاكر الذي صاحبنا في الليالي الطويله يجافينا النوم ويحتل نفوسنا الارق فيبدد الوحشه بصوته الحاني ويأسرنا بصدقه في عوالمه الجميلة فننام سعداء ممتنين علي نغمات صوته " هو انت لسه بتسألي انت بالنسبه لي ايه ؟؟ لا ياحبيبتي اطمني الجواب عندي تلاقيه ، لما تجري جوه دمي ، لما تبقي كل همي ، لما اعيش وياكي حلمي تبقي بالنسبه لي " ... انتبهت الي الضجيج المنبعث من الراديو و " علي كيف كيفك " استيقظت مراكز الغضب في عقلي تتمرد علي تلك الاشياء التي اسمعها قسرا وتحتل اذني جبرا وتعذب نفسي عمدا ، حركت مؤشر الراديو ابحث عن صدق وحميمية ، ابحث عن انسانيه راقية تعالج النفوس المنهكة ، ابحث عن عذوبه فياضه تبدد الوحشة والوحدة ، لم اجد الا اغنيات الزمن الجميل التي رحل اصحابها عن عالمنا وتركونا اسري القبح المنظم والوحشه الظاغيه ، عدت افكر في علي الحجار وهاني شاكر ومحمد الحلو تلك الاصوات المصرية الجميلة التي طالما اسعدتنا بغير ابتذال واطربتنا بغير افتعال وتسللت بنغماتها لنفوسنا المتعبه تصالحها علي الدنيا القبيحه ، لم اجدهم ، احسستهم استبعدوا عمدا ، احسستهم غيبوا قسرا كأن وجودهم الطاغي يكشف الفجاجه ويبين القبح الذين نسمعهما رغما عن انوفنا !! رأيت عديمي الكفاءه ومنعدمي الموهبة يبذلون كل جهدهم يحاربوهم بالاشاعات المغرضه وينالوا من نجاحهم بالدعايه المنحطة فيعزلوهم ويحاصروهم متصورين وهما ان النسيان مصيرهم الاسود !!! سألت نفسي غاضبه من الذي احال تلك الاصوات الجميله للتقاعد البغيض ، من الذي حرمهم من الانطلاق في السموات الرحبة يطربونا ، من الذي حرمنا من اصواتهم المميزة ونبراتهم الصادقه ومشاعرهم الرقيقة واعتقلنا في زنازين الاصوات الجدباء تعذبنا بضجيجها ونشازها وقبح كلماتها ؟؟؟ سألت نفسي من الذي عاقبنا ومازال يعاقبنا بسوط اصواتهم الصدأة تزن في اذاننا تكهربنا وتطرد السكينه والبراءة والجمال من نفوسنا ؟؟ سألتي نفسي غاضبه من هؤلاء الذين يملكون القوة فيحرمنا نحن الجمهور المتعطش للفن الجميل من كنوزنا الاصيلة ويطلق علينا رغم عن انوفنا العجزة عديمي الكفاءة غليظي الاحساس يتجشأون في اذاننا وكأنهم يعاقبونا علي ذنب لم نرتكبه بعد !!! مددت يدي اغلق الراديو عامدة غاضبه كأني اعاقب المنتجين الذين امتلات خزانهم ذهبا من استثمار الاصوات القبيحه بالتجاهل ، مددت يدي اغلق الراديو وانا "ادندن" بالنغمات الجميلة ردا علي هؤلاء الذي تصورا انهم باموالهم وشركاتهم ومديري دعايتهم يستطيعون ان يفرضوا علينا القبح بديلا للجمال والزيف بديلا للصدق والاصوات التي تقفز جنونا والاجساد التي تهتز ابتذالا بديلا للاصوات العذبه الصادقة .. اغلقت الراديو وبقيت نغمات الطرب الجميل تتردد في اذني تؤنسني ابتسمت واثقه ان هذا الشعب سيخرج يوما من جرابه وان طال الزمن عصا موسي تلتهم كل ثعابين السحرة وتطهرنا من اثام المجرمين !!! الفقرة الاخيرة – ليس معقولا ان نحاصر في اصوات الراحلين فلا نجدهم غيرهم ملاذا في عالم القبح الحالي ، ونحاصر الاصوات الجميلة للاحياء الموهوبين نعذبهم بالتجاهل القسري .. فكأننا شعبا فقد احساسه بقيمه الحياة فنميت الاحياء ونحي الاموات ونتعذب بالعجزة عديمي الموهبة ليس معقولا ان نصمت علي ما يحدث فينا الا اقل من الغضب نشعر به !!! الجملة الاخيرة - ان شعبا بلا فن جميل كجسد مسجي بلا روح حيه شمعي المظهر بارد الملمس جاف الاحساس!!! السطر الاخير – انا لااعرف علي الحجار ولا محمد الحلو ولا هاني شاكر معرفه شخصيه ، لكني اناشدهم انفضوا الهم واخرجوا من دوائر الصمت وتألقوا باغنياتكم الجميلة و غنوا ... وغنوا ... فأنتم تسعدونا باصواتكم وكلماتكم وصدقكم وعذوبة الحانكم ... فياله من عمل عظيم تقوموا به .. فلاتحرمونا منه!!!

هناك تعليق واحد:

اميرة بهي الدين يقول...

نشرت هذه المقاله علي الفيس بوك وقد جائتني هذه التعليقات
2 comments

Rasha Ali wrote
at 1:06pm on April 23rd, 2008
الحمد لله يا مرمر مش انا لوحدي اللي واقفه عند علي الحجار ومنير
يعني انا الجيل اللي بعد مصطفي قمر وعمرودياب وهشام عباس معرفهومش وبحس ان اصواتهم شبه بعض ومتعرفيش تميزي مين عن مين......... ولا بقي لو صادفك زمانك كده وقلبتي القنوات الفضائية بتاعة الاغاني اللي بتقدم المزيكا علي المكشوف تفتكري يا اميرة هما يقصدوا ايه بعلي المكشوف ديه هههه
ماعلينا هتحسي ان ودنك هتتمرد عليكي وتقولك حرام كفاية

احنا لازم نقول الناس دي بجد حرام كفاية


Reham Rassmy wrote
at 12:07pm on April 24th, 2008
ماتنسيش يا مرمر محمد ثروت و مدحت صالح و أحمد ابراهيم و ايمان البحر درويش
طبعا الذاكرة مش مساعده الواحد انه يفتكر بس كان فيه فعلا ناس اكيد تركت علامه كبيرة لا يمكن ننساها