السبت، 6 سبتمبر 2008

" التعديلات الدستورية ......واحلام الفقراء"


لاني احب هذا الوطن واحب جميع مواطنيه ولانني اتمني لهذا الوطن مستقبلا جميلا واتمني لجميع مواطنيه غدا مشرقا فلتسمحوا لي بمناسبه التعديلات الدستورية والحوار المجتمعي الدائر حولها ان اخاطب اليوم بمقالي هذا جزء من المواطنين باعتبارهم – وفقا لوجه نظري - اصحاب المصلحة الحقيقية في تلك التغييرات الدستورية ، اخاطب هؤلاء الذين لم يسألهم احد عن رأيهم في تلك التعديلات ولم يحاولوا هم ان يعبروا عن رأيهم فيها لانهم بعيدين عن عاصمتنا ولو كانوا يعيشون فيها ومغتربين عن حياتنا ولو كانوا كانوا جزءا منها !! لتسمحوا لي ان اخاطب هؤلاء الذين لم يقرءوا الدستور الحالي ولايفهموا احكامه وبالتالي لايعرفون ماهية التعديلات المفترض حدوثها في بعض نصوصه لكنهم يرتعدون من التغيير أي تغيير وكل تغيير خوفا ان يسرق منهم – في خلسه من الزمن والايام - ماتبقي لهم من ادمية وكرامة وامان !!! اسمحوا لي ان اخاطب هؤلاء الصامتين الذي يخافون من الحكومه ورجالها ولايشعرون بالثقه تجاهها ولايصدقوها ويعانون دائما رهاب الحكومه ورهاب الشرطة والعسكري "ابو بندقية "ورهاب العمدة ورهاب رجال الوحدة المحلية ورهاب المخبرين وامناء الشرطة يرونهم اعدائهم فينافقوهم ويكذبون عليهم ويوافقوهم رياءا ويطاوعوهم ذلا وهم يضمرون لهم الكراهية لايظهروها والخوف لايعبرون عنه عملا بالحكمة الشعبية القديمة " عصايه الحكومه بتوجع " و" ابعد عن الشر وغني له !!" ... اسمحوا لي ان اخاطب هؤلاء الصامتين الذي استعاضوا عن الدنيا ومتاعبها ومشاكلها المزمنه بالاستسلام للقضاء والقدر فاعتبروا ايامهم اليومية ومعيشتهم الصعبه ومعاناتهم المستمرة ضربا من القدر الذي فكاك منه ولامهرب من احكامه فغضبوا من حكامهم الذي لايشعرون بآلامهم وكبتوا غضبهم ، وحزنوا علي انفسهم وواروا حزنهم ، وحلموا رغم كل الصعوبات الحيايته بايام اجمل وانتظروها بوجل وتوجس وريبة فلم تأتي رغم كل الوعود المعسولة فازدادوا انعزالا وتقوقعا وانكفئوا علي انفسهم ولم يسلموا عقولهم لاي حديث ولم يسلموا قلبوهم لاي امل ولم يصدقونا نحن النخب السياسية وجماعات المثقفين والمهتمين بالعمل العام مهما قلنا لهم ومهما وعدناهم ومهما " حلفنا لهم علي المصحف " !!! ... اسمحوا لي ان اخاطب هؤلاء الذين فهموا "المواطنه الدستورية" باعتبارها تعليمات امريكية عليا قصد في حقيقتها الانحياز للاقباط علي حساب اغلبية المسلمين وان تلك "المواطنة" ليست الا حلقة من المؤامرة العالمية الامريكية ضد الاسلام والمسلمين وان حكومتهم – التي لاتحبهم ولاتدافع عنهم ولاتفكر في واقعهم ولاتعمل من اجل مستقبلهم - قد انصاعت لتلك المؤامرة لاتقصد مصلحتهم لان "الحداية مابتحدفش كتاكيت !!" ولان امريكا "ما يجيش من وراها حاجه عدلة " !!! فاذ بهم – ليس انحيازا ضد الاقباط ولكن كرها في امريكا والحكومه - يرفضون "المواطنة" وهم لايفهمون حقيقه معناها وينحازون ضد المروجين لها كراهية وغضبا ولسان حالهم الصامت يكرر عليهم وعلينا " ماتسبونا في حالنا دي المشرحة مش ناقصه قتلا !!!"... اسمحوا لي ان اخاطب هؤلاء الذي سألني احدهم غاضبا "واشمعني يعني المواطنة ، ليه كل الدوشة دي حوالين المواطنة ، طب والمواطن ايه مالوش نصيب في الهيصه دي ؟؟" ولم افهم حديثه الا بعد ان شرح لي ان "المواطن المصري مثل المواطنة المصرية والا ايه ؟؟!!! " فادركت بعد معاناة ان هذا الرجل يتصور ان حديث النخب السياسية المحتدم هذه الايام يصب اهتمامه علي "المواطنة" دون "المواطن" وهو امر اغضب الرجل واشعره بحصار لم يفهم سببه " طب بتنحازوا للنسوان في قوانين الاحوال الشخصيه ومش عاجبنا لكن فهمناها ، كمان الدستور حينحاز للنسوان ويسيب الرجالة كده مالهومش اصحاب ولا حد باصص ليهم !!!! " ...
لتسمحوا لي ان اوجه حديثي لهؤلاء الناس واشرح لهم ان المواطنة التي " صدع " رؤوسهم الحديث الصاخب عنها تعني كمفهوم دستوري "المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات !!! وتعني منح المواطن ايا ماكانت ديانته "مسلم او قبطي" او جنسه " رجل او امرأة " او وضعه الطبقي وقدر ثراءه او فقره الفرص المتكافئة والامكانيات المتساوية !! وقد يبدو ذلك الحديث نظري لامعني له بالنسبه للمواطن البسيط الذي لاتشغله الا " لقمة العيش " والستر والصحة .. لكن انعاكسات التطبيق الصحيح لذلك المفهوم واثاره علي حياة المواطنين كبيرة وضخمة ولها عظيم الفائدة علينا اليوم وعلي اولادنا في المستقبل ... فاذا كان معظم المواطنين اليوم يعانون من التفرقة والتمييز الاجتماعي الذي يبقي الاغنياء اغنياء ويزيدهم ثراءا ويبقي الفقراء فقراء ويزيدهم فقرا فأن المواطنة هي " عصا موسي " التي ستلتهم " ثعابين التمييز الاجتماعي والتفرقة الطبقية " .. ففي ظل التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنة لن يستبعد ابناء الفقراء من بعض الوظائف لان ابائهم لايحملون شهادات عليا ولن تغلق في وجوههم الكثير من الابواب لانهم دخلوها بغير "واسطة" كبيرة تسهل لهم الامور الصعبة !!! في ظل التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنة لن تتوارث المهن العليا والمناصب الحساسة وتبقي حكرا علي اصحابها وابناءهم واحفادهم ولو كانوا منعدمي الكفاءة بل ستفتح الابواب المغلقة في وجه الجميع فيشغل الوظيفة العليا الاكثر كفاءة ولو كان الاكثر فقرا !!! في ظل التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنة لن نسمع ثانية عن انتحار شاب متميز علميا رفضت احد الجهات العليا تعيينه لديها – رغم اجتيازه لكل الاختبارات بنجاح وتفوق – لاسباب اجتماعية فدفعته دفعا لقتل نفسه بعد ان قتلت بداخله الامل والرغبة في الحياة !!! في ظل التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنة لن نري "البوز" يرتسم علي وجوه الشباب الذي لايجد عملا – رغم كفاءته الشخصية وكفاح اسرته المضني في تعليمه واعداده لسوق عمل مغلق في وجهه – ذلك الشباب الذي يعيش ايامه بلا امل فيها وبلا حلم يلونها وبلا ايمان يقويه وبلا انتماء " يسند ظهره " ذلك الشباب الذي لايعبأ بمستقبل الوطن ولايشارك في اختياراته السياسيه ولايستخرج بطاقه انتخابية ولماذا يفعل اذا كان الجميع لايكترث بمستقبله ولايهون عليه ايامه !!! في ظل التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنه لن نقرأ ثانية في الادب المصري عن نموذج " محجوب عبد الدايم " احد ابطال نجيب محفوظ في " القاهرة الجديدة " ذلك الفقير الذي ادرك مصيره المظلم في مجتمع طبقي ظالم فاستبد به اليأس ورفع شعاره العبثي " طظ" وباع نفسه واهانها وسقط السقوط المدوي الكبير ، ولن نقرأ ثانية عن نموذج " طه " احد ابطال علاء الاسواني في " عماره يعقوبيان " الذي الشاب الطموح الذي حلم بالنجوم علي كتفه لكن ابيه البواب كان العقبة الاجتماعية التي حرمته من حلمه فانقلب علي نفسه وعلي ابيه وعلي المجتمع وكره الجميع وفر من ظلمهم لما تصوره اكثر عداله فاذ بمصيره وقدره الحتمي يحاصره ونراه ارهابيا مطاردا وينتهي به الحال مقتولا علي الرصيف يتحمل المجتمع الطبقي الظالم وزر حياته وانهاءها بتلك الطريقة الموجعه !!! في ظل التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنة واعمال معايير الكفاءة والتفوق ومنح الجميع فرصا متساوية في الحياة لم نسمع ثانية العبارة المتعجرفة التي يرددها بعض منعدمي الكفاءة اصحاب النفوذ " انت ماتعرفش انا مين " ولن نري ثانية "الريشة" علي رؤوس البعض تفتح في وجهوهم الابواب الموصدة وتمنحهم هم وابناءهم واحفادهم تميزا مزيفا وامتيازات لايستحقوها لكنهم ورثوها مع العقارات والاطيان والمصاغ الغالي !!! في ظل التطبيق الصحيح للمواطنه لن يتسرب الاف الاطفال الفقراء من المدارس الابتدائية يأسا من المستقبل المظلم الذي لن يمنحهم مهما كانت كفاءتهم او ذكائهم وظيفة محترمة فاذ بهم ينتشرون في سوق العماله الرخيصه غير المدربة وينتهي مصير بعضهم علي يد " التوربيني " !! في ظل التطبيق الصحيح للمواطنة لن يجلس ابناء الفقراء ومتوسطي الحال هؤلاء الذين "طفح" اهلهم " الكوته " من اجل تعليمهم وتغيير واقعهم المرير علي المقاهي يعانون البطالة وقله الوظائف والحسرة علي انفسهم والكراهية للمجتمع كله بل ستفتح في وجوه الاكفاء منهم كافه الابواب التي وقفت اجيال كثيرة متتابعه علي عتباتها لاتجد من يفتح لها !!!!
هذه هي المواطنة التي يتحدثون عنها .... هذه هي المواطنة كما نراها ... هذه هي المواطنة التي نحلم بها وننتظر اثارها الايجابية علي حياتنا ... هذه هي المواطنة التي علينا الايمان بها والدفاع عنها واجبار الجميع علي احترامها ومراقبة تطبيقها تطبيقا صحيحا ... هذه هي المواطنة .... فهل مازلتم تكرهوها وترفضوها ؟؟؟..!!!!
الفقرة الاخيرة – المواطنة مفهوم عظيم ، لكنها تحتاج لرقابة شعبية صارمة عن طريق هيئة لها صلاحيات قوية ترصد ايه اختراقات للمفهوم وتعمل علي اصلاحها ... و" ده دورنا احنا بقي !!!" ....
الجملة الاخيرة – قال احد اليائسين " كل كلامكم ده نظري ومامنوش فايدة " وافقته علي نصف حديثه " فعلا ده كلام نظري " وشرحت له " دورنا احنا بقي نحول النظري لعملي والحلم لحقيقة وواقع " !!!
السطر الاخير – قال احد المتشائمين " مافيش فايدة ، اولاد الاغنياء حيفضلوا مكوشين علي البلد واولادنا حيفضلوا متلقحين علي القهاوي " رددت عليه بكلمه فاتن حمامه في فيلم ليلة القبض علي فاطمة " مايضيعش حق وراه مطالب !!" ..
الجملة الاخيرة – قال احد المتعجرفين " بقت سبتي كل حاجه في المواطنه ومسكتي في الفقرا " شرحت له "الفقرا هم الاغلبية وملح الارض والعواميد اللي شايلة المجتمع علي راسها ، هم اصحاب المصلحه الحقيقية في الوطن لا عمرهم حيسافروا منه ولا فلوسهم في بنوك سوسيرا ولا ليهم مستقبل الا هنا ، علشان كده لو امنوا بحاجه يحرتوا علشانها البحر ويخضروا الصحرا ويولعوا صوابعهم العشرة شمع ... وبعد كده الباقي سهل !!! "

ليست هناك تعليقات: