الجمعة، 23 أبريل 2010

ماذا يحدث في المجتمع المصري الان ( 3 اجزاء )

( الجزء الاول - ماذا يحدث في المجتمع المصري الان )

هذه مقالتي الأخيرة في الشأن السياسي المصري، بعدها سأكتب في الفن والحب والثقافة والتاريخ والجغرافيا والذكريات وعن المواطنين وأحوالهم والمجتمع وحياته وعن أي شيء إلا السياسة! وربما لا أكتب أساسا!

ما الذي سيحدث في الدنيا، لو قررت ألا أكتب في السياسة وعنها، أو لو قررت ألا أكتب أساسا! لن يحدث شيء! فليس كل الكائنات الإنسانية كائنات سياسية تهتم بالشأن العام وتتفاعل معه وتفكر فيه، بالعكس، قليل جدا من البشر كائنات سياسية ابتلاهم ربهم بنقمة التفكير في الشأن العام، وبقيته وأغلبهم لا يكترثون بكل الصخب والضجيج الذي يدور أساسا حولهم بزعم الاهتمام بهم وبشئونهم! نعم جميعنا نتأثر وسنتأثر بما يحدث حولنا، لكن الطبيعة الإنسانية لا تفترض بالضرورة أن تكون كائنًا سياسيا مهتمًا بالعالم خارجك! وأقصد بالسياسة هنا، الصراع السياسي بين السلطة من ناحية والمعارضة من ناحية أخري بالمعني الواسع للسلطة والحكومة والنظام وبالمعني الواسع للمعارضة أحزابًا وتيارات وشخصيات عامة وأفرادًا!

أقصد بالسياسة هنا، الصراع حول الديمقراطية، التوريث، تداول السلطة، الانتخابات، التغيير، الدستور، كل هذه القضايا وأكثر، جمال مبارك، البرادعي، أيمن نور، حزب التجمع، حزب الوفد، حزب الغد، الإخوان المسلمون، الكنيسة والعلمانيون وأقباط المهجر، وكل القضايا المرتبطة بذلك الهم وما أكثرها!

لن أكتب في السياسة بعد النقطة التي تغلق السطر الأخير من تلك المقالة، وسأظل صامتة إلي ما بعد انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في عام 2011!

بعد تلك الانتخابات ربما سأعود للكتابة في الشأن السياسي المصري العام، بعدما تكون الصورة الضبابية -كما أراها الآن- قد اتضحت وجرت في النهر مياه كثيرة وانكشف المستور ذلك الذي يجهز له المسرح السياسي لكني لا أراه ولا أفهمه وأنا في الحقيقة أحترم نفسي وعقلي ولست بدجالة كي أكتب عن الأشباح والعفاريت واستنطقهم وأدعي العلم والمعرفة بما لا أراه من ظواهر سياسية وميتافيزيقية غامضة!

هذه مقالتي الأخيرة، لأن ما أقوله لا يهم أحدًا ولا يجدي ولا يغير من كل ما يحدث شيئًا، فما جدوي الهمس وسط الصخب والصراخ والضجيج والعويل والأصوات العالية! ما جدوي المناقشة الموضوعية خفيضة الصوت وسط مشاجرة كبري يشتبك جميع أطرافها بالصراخ والقول والشعارات مع بعضهم البعض في حمي هيستيرية، المناقشة الموضوعية هنا عبث ساذج لا معني له وبلاهة لا قيمة لها مهما بلغت قوة منطقها وبلاغة حجتها! ما جدوي المناقشة الموضوعية وسط طبول الحرب التي تدوي ضرباتها تصم الآذان فلا يسمع أحد أي شيء مما يقال ويرد ويقبل ويرفض دون انتباه حقيقي لكل ما يقال ودلالاته ومعناه وآثاره المستقبلية، ما جدوي الكلام العاقل وسط مباريات كرة القدم التي يشجع فريقيها جمهور من المتعصبين الحمقي هؤلاء الراغبين في قتل وذبح وموت الفريق الآخر انتصارا وسحقا له خروجا عن كل قواعد اللعبة المعروفة! ليس هناك جدوي! هكذا الأمر باختصار!

لا أفهم جيدا ما يحدث، لا أري الصور بكل تفاصيلها، لا أري جدوي من الحديث، لا أحد يهتم بالتفكير فيما يحدث ومحاولة استنباط أسبابه وفهمها، إذن هو الصمت علاجا ناجحا للحيرة الحالية وحتي إشعار آخر!

هذه مقالتي الأخيرة في الشأن السياسي المصري، بعدها سأصمت وأتابع مثل الملايين، سأصمت وأتفرج مثل الملايين، هؤلاء الملايين العازفين عن المشاركة العازفين عن التعبير عن أنفسهم، ربما لأن أحدا لا يعبر عنهم، ربما لأن كل ما يحدث لا يخصهم، ربما لأن كل ما يحدث ليس له أي قيمة عندهم، ربما لأنهم لا يصدقون كل ما يحدث وكل ما يقال، ليس مهمًا السبب في العزوف والصمت، لكنهم صامتون عازفون عن المشاركة حتي بالاهتمام مجرد الاهتمام! وبما أننا نتكلم عن الشعب كثيرا ونزعم أننا نعبر عنه ونفهم رغباته ونتحدث بلسانه، بما أننا نتكلم عن الشعب كثيرا فلا أقل من الانضمام لصفوف أبنائه الصامتين الرافضين للمشاركة في أي شيء مما يحدث حولهم، سأنضم للشعب الصامت يتابع ولا يشارك، يتفرج ولا يلعب، يسخر من كل ما يحدث ولا ينطق، ربما سأصفق أو أغضب أو أرفض أو أقبل كل أو بعض ما يحدث، سأنضم لصفوف الشعب الذي ينتظر بمنتهي الصبر من ستأتي به الأيام يوما ليعبر عنه ويحقق أحلامه المشروعة البسيطة في حياة أفضل وأجمل وأكثر احتراما وإنسانية!

بعد نهاية السطر الأخير في هذه المقالة، سأصمت تماما مثل ملايين المصريين وأكتفي بالمتابعة والمشاهدة و«الفرجة».

في هذه المقالة سأحاول قراءة الواقع، أقول سأحاول، وبعدها سأصمت أنتظر ما الذي سيحدث! وبعدما تجري المياه الكثيرة في النهر وتتضح الصورة وتنكشف عن أوراقها، بعدها سأعود وأكتب، تحليلا لما يحدث! أو لا أكتب أساسا هذا أيضًا ربما لن يفرق!

فما يحدث الآن غير مفهوم غير معقول وربما غير مقبول! سأحاول قراءته في سطوري المقبلة، ربما أفهم وربما يزداد الأمر غموضا فيكون الصمت ضرورة ولحين إشعار آخر!

(1) أحاول قراءة الواقع وفهمه!

نحن علي أعتاب فصل جديد في كتاب الحياة السياسية المصرية!

في 2011 ستتم الانتخابات الرئاسية الجديدة! استعدادا لتلك الانتخابات ما الذي يحدث هذه الأيام علي المسرح السياسي المصري؟!

انتخابات الرئاسة في عام 2011، قبلها انتخابات مجلس الشعب، انتخابات مجلس الشعب ستؤثر علي انتخابات الرئاسة التي ستتم بعدها طبقا لقواعد الدستور، لكن قطاعًا كبيرًا من المعارضة السياسية المصرية لا يفكر في انتخابات مجلس الشعب ولا منشغل بها لكنهم في نفس الوقت يطالبون بتغيير الدستور ليسمح بالترشح للمقعد الرئاسي بلا قيد ولا شرط! لماذا؟ لأنه لا يعجب تلك المعارضة السياسية بالطبع القيود الدستورية الحالية علي الترشح للمقعد الرئاسي سواء ضرورة تأييد عدد من أعضاء مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية لأي مواطن حتي يمكنه الترشح حسبما حدد الدستور وأيضًا لا يعجبهم ضرورة حصول الحزب السياسي علي نسبة معينة من الأصوات في الانتخابات النيابية كشرط لترشيح أحد قيادات الحزب نفسه للمقعد الرئاسي!

القيود الدستورية لا تعجب المعارضة السياسية، وتطالب بالتغيير! لكني أفكر في اعتراضاتهم ومعناها ونتائجها. هل أوافق عليها؟ وإذا كنت لا أوافق عليها هل هذا يعني أني أدعم الحكومة في مواجهة الشعب وضده!

هم - أي المعارضة السياسية المصرية بجميع فصائلها - يرون أنه من حق أي مواطن مصري أن يترشح لانتخابات المقعد الرئاسي، دون شرط ضرورة تأييد ترشيحه من عدد من الأعضاء النيابيين المنتخبين (باعتبار أن أي مرشح غير مرشح الحكومة لن يحصل علي ذلك التأييد لأن الأعضاء النيابيين المنتخبين سيؤيدون مرشح الحكومة لأنهم كلهم تابعون للحكومة باعتبار أن كل غير الحكوميين سيسقطون في الانتخابات سواء بالتزوير والعنف الحكومي سواء لأي أسباب أخري) إذن تطالب المعارضة بتغيير الدستور لأنها تفترض أنها - أي المعارضة - بكل فصائلها ستفشل في كل الانتخابات النيابية ولن تحصل من كل المجالس النيابية (شعب- شوري- محليات) علي نسبة التأييد اللازمة لإمكانية الترشح للمقعد الرئاسي! وهذا الافتراض هو المبرر المنطقي للمعارضة لطلب إلغاء القيود الدستورية سالفة الذكر هذا من ناحية!

من ناحية أخري فالمعارضة الحزبية تحديدًا تعترض أيضًا علي القيود الدستورية، لماذا، لأن كل الأحزاب تفترض - كمبرر لاعتراضها - أن مرشحي حزبها - في الانتخابات البرلمانية - لن يحصلوا علي نسبة الـ5% من إجمالي الأصوات وبالتالي لأنها لن تحصل علي تلك النسبة، لن تستطيع ترشيح أحد قيادي حزبها لانتخابات المقعد الرئاسي، وبالتالي لن يستطيع إلا الحزب الحاكم الحصول علي ما يزيد علي تلك النسبة وبالتالي لن يقوي أي حزب علي ترشيح أي قيادي من قيادييه للمقعد الرئاسي إلا الحزب الحاكم!

إذن في حقيقة الحال، المعارضة السياسية المصرية تري أن القيود الدستورية ستحول بينها وبين إمكانية تقديم مرشح للمقعد الرئاسي، لأن المعارضة السياسية المصرية تري أنها لن تحصل علي تأييد أعضاء المجالس النيابية ولن تحصل علي نسبة الأصوات المطلوبة من إجمالي الأصوات النيابية للدفع بقياديي الأحزاب للتنافس علي المقعد الرئاسي!

إذن نحن لن نحصل علي النسب المطلوبة للترشح! لكننا نرغب في الترشح!

هل هذا هو الموضوع؟

أليس من حقي ببراءة أسأل وماذا عن فرصها في النجاح! فإذا كانت المعارضة السياسية المصرية مجتمعة تري أنها لن تفلح في إدخال أعضاء في جميع المجالس النيابية (شعب وشوري ومحليات) تكفي لتأييد ولو مرشح واحد تتفق عليه المعارضة كلها لخوض المعركة الانتخابية الرئاسية، وإذا كانت المعارضة السياسية الحزبية تري أن أي حزب لن يفلح في الحصول علي نسبة الـ5% من إجمالي أصوات الناخبين في مجلسي الشعب والشوري تكفي لدفع أحد قياديي ذلك الحزب لخوض المعركة الانتخابية الرئاسية، فلو تصورنا جدلا أن تلك القيود قد رفعت وأصبح حق الترشح مباحًا لأي شخص - بصرف النظر عن صلاحيته وجماهيريته وقوته وتاريخه النضالي وشعبيته - وأصبح من حق المعارضة السياسية المصرية أن تزج في تلك المعركة ليس بمرشح واحد بل بألف مرشح، كيف سينجح هؤلاء المرشحون في الانتخابات؟ ألن ينجحوا بأصوات الناخبين؟ أليس هم ذاتهم الناخبون الذين لم يمنحوا تلك الأحزاب نسبة قليلة من أصواتهم في الانتخابات النيابية تكفي لترشيح أحد قيادييها؟

أم إن هدف المعارضة السياسية المصرية وقت الزج بمرشحيهم للمقعد الرئاسي ليس تصور إمكانية نجاحهم في الانتخابات وإنما فقط إمكانية الترشيح وفقط؟ أم أن المعارضة السياسية المصرية تتصور أنه وقت رفع القيود الدستورية، والزج بعشرات المرشحين، ستتمكن المعارضة - بعصا سحرية - من حشد أصوات الناخبين بالملايين ودفعهم للتصويت لمرشحيها! وإذا كانت المعارضة السياسية المصرية تتصور أنها ستفلح وقتها بحشد أصوات الناخبين بالملايين وإقناعهم بالتصويت لها علي المرشح الرئاسي، فلماذا لم تفلح المعارضة السياسية طوال عمرها في التجربة الديمقراطية الحديثة منذ عام 1976 في إقناع ملايين الناخبين بالتصويت لها في معارك أصغر وأقل أهمية كثيرًا من معركة المقعد الرئاسي! ربما السبب أن الحكومة مستبدة وقمعية وغير ديمقراطية وتزور الانتخابات وتحول بين المعارضة وبين جماهيرها، إذا كان الحال كذلك، ما الذي تتصوره المعارضة بشأن الحكومة إذا ما رفعت القيود الدستورية، هل تتصور أنها ستتبدل لحكومة من الملائكة الديمقراطيين التي ستتيح الفرصة كاملة وبمنتهي الروح الرياضية للمعارضة كي تمارس حقها الديمقراطي في تداول مقاعد السلطة والحكومة والرئاسة!

هل المشكلة التي يعيشها الوطن في أزمة الديمقراطية وتداول مقاعد الحكم، أن الحكومة غير ديمقراطية، أم المشكلة أن المعارضة ضعيفة؟ وهل ضعف المعارضة فقط بسبب عدم ديمقراطية الحكومة أم لأسباب تتعلق بالمعارضة ذاتها! لماذا لا يؤيد الشعب المعارضة؟

هل لأنه يؤيد الحكومة وراض عنها؟ هل لأن المعارضة لا تعجبه؟ هل لأنه خائف من تأييدها خوفا من بطش الحكومة؟ أم أن الشعب لا يفكر في الأمر أساسًا؟ هل المشكلة في الشعب ذلك السلبي الذي لا يشارك في العملية الانتخابية أساسًا ولم يستخرج بطاقات انتخابية رافضا المشاركة في تلك اللعبة، ومن استخرج منه بطاقات انتخابية استخرجها لأسبابه الخاصة البعيدة عن الصراع بين الحكومة والمعارضة، وحين تبدأ الانتخابات يبيع صوته الانتخابي لمن يدفع أكثر أو ينتخب من يمليه عليه ضميره القبلي أو العائلي بصرف النظر عن السياسة ودهاليزها؟ هل المشكلة في القيود الدستورية، أم المشكلة في طريقة الانتخابات وعدم نزاهتها وعدم شفافيتها، أم المشكلة في عزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات، أم المشكلة في عقلية الناخب الذي مستعد لبيع صوته لمن يدفع أكثر أو تقديمه علي طبق من فضة لابن العشيرة أو القبيلة أو العائلة أو لصاحب السطوة أو النفوذ أو الجاه!

أين المشكلة؟ أليس مهما أن نفهم ما الذي يحدث حولنا؟

إذا فهمنا وشخصنا الداء أمكننا معرفة الدواء! أين المشكلة؟

(2) أحاول قراءة الواقع وفهمه!

أفكر كثيرًا حتي يكاد رأسي يحترق، أتابع كل ما يحدث حولي، أتأمل أخبار الصحف والمانشتات، تعليقات القراء علي مواقع الصحف علي الإنترنت، تعليقات الناس علي الفيس بوك، أقرأ بعناية السطور وما بين السطور، أنصت للحوارات الخاصة بين البشر، أقرأ ملامح وجوههم، أحاول استشف المسكوت عنه، أحتار كثيرًا في فهم ما يحدث، لا أصدق أنه بالطريقة التي يحدث بها! أشك كثيرًا في فهمي وإدراكي لما يحدث، أراجع قناعاتي، مواقفي السياسية، أحلامي للوطن، أراجع كل شيء، أتعجب من نفسي أولاً، لماذا لا أفهم ما يحدث، بل لماذا لا يعجبني، لماذا لا أتحمس له، أقرأ كل خبر بعناية، ما هو المقصود من نشره، ما هو الخطاب الذي يتضمنه، ما هي النتيجة التي يهدف إليها المتحدث أو الكاتب أو المعلق، ما هي النتيجة التي سنصل إليها، ما هي النتيجة التي يدفعنا إليها!

بعض المصريين غاضبون من حال الوطن وحالهم، بعضهم غاضبون، ربما الجميع، لا أعرف! لكن إذا كان الجميع غاضبين حسب زعم بعض الأحزاب والتيارات والقوي السياسية، إذا كان الجميع غاضبين، لماذا لم يقو الغاضبون وهم الجميع لماذا لم يقووا علي إجراء التغيير المنشود لهؤلاء «الجميع»!

سؤال مهم يشغلني وأفكر فيه كثيرًا! هل الثمانون مليون مصري وأكثر جميعهم ضد حكومة الحزب الوطني وسياساتها الاقتصادية الاجتماعية؟ وإذا كان الثمانون مليون مصري وأكثر فعلاً ضد الحكومة ورافضين لسياساتها ولا أقول معارضين لأن المعارضة حالة إيجابية تتجاوز الرفض للتعبير عنه، إذا كانوا جميعهم فعلا ضد الحكومة، لماذا لم يتجاوز هؤلاء الملايين حالة السلبية لحالة المعارضة الإيجابية.

لماذا لم يسع هؤلاء الملايين، ويبذلوا مجهودًا لتغيير تلك الحكومة التي يرفضونها! هل لأنهم مازالوا في مرحلة الرفض السلبي ولم يتجاوزوها لمرحلة المعارضة والفعل الإيجابي؟ هكذا يقول البعض، الشعب المصري سلبي! ويركن إلي تلك السلبية لتبرير عزوفه وانصرافه عن الشأن السياسي كله! لكن هذا قول متناقض غير منطقي، الجميع غاضب الجميع سلبي الجميع عازف عن المشاركة الجميع ينتظر النخب السياسية - حسب تصورات النخب السياسية وليس حسب ما أفصح عنه الشعب - لتأتي له بالعصا السحرية تغير حاله وأوضاعه التي يكرهها ويتمني تغييرها! أظن هذا كلامًا غير حقيقي وغير واقعي!

أظن أن الادعاء بأن الثمانين مليونًا غاضبون رافضون معادون لحكومة الحزب الوطني ادعاء غير صحيح وغير حقيقي، نعم يتردد كثيراً هذا الكلام ليبدو حقيقيا لكني أظنه غير حقيقي! وإذا كان كلامي الأول يصف أمراً غير حقيقي رغم الترويج له ليبدو حقيقيا وواقعيا، فما هو الحقيقي؟ الجميع راضون عن الحكومة وسعداء بها ويصفقون لها طيلة الوقت، هل هذا حقيقي؟ هل الجميع راضون سعداء والنخب السياسية تعيش وهماً زائفاً؟ لا.. هذا أيضاً ظن غير حقيقي وغير واقعي! إذن ما هو الحقيقي الواقعي.. أليس مهمًا أن نفهم لنتصرف؟ أليس تشخيص الداء أول طريق العلاج، وما هو الداء يا أيها الأطباء الماهرون؟

لماذا أشعر بأن المجتمع المصري اليوم يعيش حالة مثل تلك التي عاشها العميان في الأسطورة الهندية وقت التفوا حول الفيل وتباروا في وصفه حسبما أحسه كل منهم، من وضع يده علي «الزلومة» وصف الفيل باعتباره رفيعًا اسطوانيا يعلو ويهبط، ومن وضع يده علي «البطن» وصف الفيل باعتباره عريضًا كبيرًا رخوًا، ومن وضع يده علي «الساق» وصف الفيل باعتباره كجذع شجرة أسطواني يعلوه سقف صلب!

كان جميعهم يصف ما يحسه ويشعر به لكن كلاً منهم يصف وصفاً منقوصاً غير دقيق لا يتجاوز مساحات إحساسه الشخصي!

هل فعلاً المصريون حكومة ومعارضة وشعبًا مثل العميان في الأسطورة الهندية، كل منا يصف ما يراه وفقط لكنه لا يصف الحقيقة!

(3) مازلت أحاول قراءة الواقع!

إذا كان بعض الثمانين مليونًا رافضين للحكومة وبعضهم راضيا عنها وربما داعمًا لها، فكم نسبة الراضين المؤيدين لنسبة الرافضين المعارضين؟ هل تعرف الحكومة من الذي يؤيدها ولماذا يؤيدها؟ هل تعرف من الذي يرفضها ولماذا يرفضها؟ هل تعرف المعارضة بكل فصائلها المختلفة من الذي يؤيدها ولماذا يؤيدها؟ ومن الذي يرفضها ولماذا يرفضها؟ أسئلة كثيرة تحيرني أفكر فيها كثيراً ولا أجد لها إجابات.

أسئلة تفرض نفسها علي وسط صخب وضجيج سياسي رهيب، صخب تسمع قرقعته في وسائل الإعلام والفضائيات والبرامج الحوارية وتقرأ عنه في الصحف والمجلات والمانشيتات الصحفية الساخنة، صخب سياسي وضجيج قد يخدع المراقبين أحياناً ويشير لما ليس حقيقيا، أو يشكل جزءًا من الحقيقة لكن ليس كلها!

ما الذي يحدث؟

التيارات السياسية المعارضة باختلافاتها الكثيرة لا تتفق إلا علي زعم مفاده أن الشعب كله ضد الحكومة غاضب من سياساتها رافض لتوجهاتها يتمني تغييرها، وهذا التصور يقودنا بالضرورة لنتيجة واحدة حسب تصورات المعارضة، هي ضرورة سعي الشعب للتغيير وإصراره عليه، لكن الشعب ساكن وساكت لا يسعي للتغيير حسب تصورات المعارضة، فالواقع الحقيقي يتناقض مع افتراض المعارضة الذي تروج له في جرائدها وتصريحات زعمائها طيلة الوقت.. التيارات السياسية تصف معضلة تستعصي علي الملائمة، الجميع غاضب لكن الجميع سلبي ساكن!

في نفس الوقت التيارات السياسية المعارضة لم تفسر لنا المعضلة التي نعيشها - حسب ادعاءاتها - من أن الشعب كله ضد الحكومة ومفترض نظريا أنه يؤيدها- أي المعارضة - ورغم هذا فإن ذلك الشعب نفسه لا ينتخب المعارضة ولا ينشط في صفوفها ولا يدعمها، فالشعب مازال بعيدا عن عضوية الأحزاب ومقاراتها الحزبية ودعم مرشحيها انتخابيا!! أم إن ما تصفه التيارات السياسية المعارضة ليس وصفا حقيقيا دقيقا للواقع، والأمر لا يعدو مرآة ينظرون فيها فيرون الغضب المرتسم علي وجوههم كأنه الحقيقة الوحيدة في الحياة!

بل إذا كان الجميع غاضبين كما يقول البعض، فهل الجميع غاضبون لنفس الأسباب، وهل الجميع يهدفون للتغيير بنفس الشكل ونفس النتيجة؟

أنا شخصيا لا أظن أن الجميع غاضبون لذا أقول حسبما أري أن بعض المصريين غاضبون من حال الوطن، غاضبون من الدستور، غاضبون من الحكومة، غاضبون من الحزب الوطني وهؤلاء الغاضبون يصرخون يطالبون بالتغيير، لكن حتي هؤلاء الغاضبين ليسوا متماثلين ليسوا متطابقين لا ينبعث غضبهم من بوتقه واحدة، ولا يهدف لنتيجة واحدة، الغاضبون يصرخون يطالبون بالتغيير لكنهم لا يقولون ما هو شكل التغيير المنشود، ولا يقولون ما هو شكل المجتمع الذي سيأتي به التغيير، ربما يرد علي البعض بأنه ليس مهما شكل التغيير ولا مهمًا شكل المجتمع الذي سيكون، إنما المهم التغيير والتغيير فقط.

ووصولا للتغيير الذي لم يقل أحد شكله، يتكاتف - كل أو بعض - السياسيين المعارضين المختلفين مع الحكومة والنظام الرافضين لهم، يتكاتفون جميعا علي اختلاف أفكارهم وآرائهم السياسية والاجتماعية والعقائدية والاقتصادية يتكاتفون لحشد وتجميع الغاضبين- علي اختلاف أسباب الغضب ومستهدفاته - وشحذ غضبهم وصولا للتغيير الذي أصبح من وجهة نظر هؤلاء هدفا عظيما ساميا، أما بعد التغيير - بفرض النجاح في الوصول إليه - فوقتها «يحلها الحلال»!

التغيير وفقط هو الهدف، ليس مهما «لايه» ولا «ازاي»، المهم التغيير هو الهدف!! بل ربما تكون الفوضي من وجهة نظر هؤلاء هي الهدف في حد ذاته! الفوضي! وربما تكون الفوضي من أجل التغيير!

(4) مازلت أحاول قراءة الواقع!

ربما يكون هذا هو الهدف! الفوضي من أجل التغيير! ربما يكون هذا هو الهدف الحقيقي لكل ما يحدث، أي شيء غير ما هو موجود، أحسن أسوأ، هذا ليس أمرًا مهمًا، المهم التغيير التغيير!! فالغضب غير المنظم غير السياسي، الغضب من كل شيء وأي شيء، الغضب الذي يشحذه الكثيرون كل يوم.. ينفخون في ناره لتشتعل حريقا مروعا، لن ينتج حياة ديمقراطية سليمة وتداول سلطة ومقاعد الحكم، هذا الغضب لن يثمر إلا فوضي عارمة متجاوزًا كل الأطر وكل القواعد وكل الأفكار وكل البرامج، لن يثمر إلا فوضي عامة مخيفة ربما تؤدي لتغيير لكنه تغيير كارثي مأساوي!

ربما يقول لي قائل: وما لها الفوضي؟ أليست أجمل من الجمود والركود والرتابة ومما نحن فيه؟! وربما يقول لي قائل: لماذا ترفضين التغيير، هل يعجبك ما يعيشه الوطن.. هل تعجبك حياتنا اليومية ومشقتها؟ لا لا يعجبني ما يعيشه الوطن ولا ما يعيشه المواطنون، ولي في شأن حياتنا انتقادات عظيمة، لكني في نفس الوقت أري أن حياتنا التي نعيشها بكل عيوبها ومساوئها واعتراضاتي ورفضي وانتقاداتي لها تعد رحمة ورفاهية تهون بجوار أشكال وأنواع أخري لحياة أخري أبشع وأسوأ وأفسد، قد نجد أنفسنا والوطن قد انزلقنا إليها ونحن نلهث بحماس شديد خلف شعار التغيير الغامض أو الفوضي التي تقود للتغيير!

في نفس الوقت إن وصلنا لهذا المستوي العبثي غير المسئول في المنافسة والاستهتار «ومالها الفوضي» ونحن نتكلم عن الوطن وحالة ومستقبل أبنائه، لا أملك إلا الغضب والصمت!، لماذا، لأن الوطن ليس ورقة كوتشينة نلعب بها باستهتار علي منضدة القمار، ولأن حياة المواطنين ليست بخسا للحد الذي نغامر بها دون اكتراث!! والفوضي تظل فوضي.. حالة سلبية عشوائية مخيفة حتي لو وصفت بأنها الفوضي الخلاقة أو الفوضي المنظمة أو أي أوصاف أخري! الفوضي مرفوضة بجميع أشكالها وأي ما كانت مبرراتها، ولا يعقل، وأنا هنا اتكلم عن حياة سياسية وأحزاب ومعارضة ونخب ومثقفين وأناس مخلصين للوطن محبين له، ولا يعقل أن نستغل غضب الناس من حياتهم، وهو غضب مشروع ومبرر، لا يمكن أن نستغل ذلك الغضب للتلاعب بالناس وخداعهم وإيهامهم بأن التغيير في ذاته، بصرف النظر عن التفاصيل، هدف عظيم يا ليتنا نصل إليه! فالتغيير العبثي العشوائي مع رفضي لكثير مما نعيشه، قد يسفر عن كوارث ومصائب للوطن وللناس وللمجتمع، التغيير ليس هدفا في ذاته، التغيير للأفضل هو الهدف، وعلي كل منا أن يحدد الأفضل من وجهة نظره، ويعتبر ذلك معيارا مهما لرفض أو قبول كل ما يحدث وكل ما يقال، وواجب الأحزاب السياسية والمعارضة والنخب والمثقفين وقت تطرح شعار التغيير أن تخبر جمهورها وأبناء الوطن بمنتهي الأمانة والصراحة والشجاعة بشكل التغيير الذي تنشده وطبيعته وشكل المجتمع الذي تسعي إليه نتيجة لهذا التغيير، فنحن لسنا بنعاج تقاد في طريق مجهول يلوح لنا بالجزرة، وأعواد البرسيم والجرس المدوي فنجري وراءها بمنتهي الحماس فنصل للكارثة التي زين إلينا الطريق إليها باعتباره منتهي الأمل والمني والوطنية والثورية!! والتغيير للأفضل يستحيل أن ينبت في أرض الفوضي والعشوائية والعبث ....

( الجزء الثاني - ماذا يحدث في المجتمع المصري الان )

أين برامج فرقاء المعارضة.. اكشفوها للناس؟!

استكمالاً لحديثنا في الجزء الأول من مقالي ما الذي يحدث في المجتمع المصري هذه الأيام؟.

اؤكد ان التغيير! كلمة براقة جميلة عظيمة! لكن التغيير لإيه؟ أليس هذا حقي وحق كل مواطن يعرف التغيير لإيه؟ سيما أن الدعاة للتغيير الآن في مجتمعنا ليس إلا مجموعة فرقاء متناقضين في الأهداف السياسية والقناعات والأفكار، فرقاء متناقضين في الأحلام وشكل المجتمع الذي يسعون إليه، فرقاء متناقضين في البرامج السياسية والشعارات، يجمعهم جميعا -الآن وبشكل مؤقت- علي تناقضهم العنيف المبدئي الرغبة العارمة في التغيير، ويحدثوننا الآن بصوت واحد كأنهم توحدوا فعلا، يحدثوننا ويحمسوننا لتأييد جمعهم من أجل التغيير، لكن لم يقولوا لنا وماذا بعد أن نصبح «كلنا إيد وحدة يا بهجت» ويصل الأتوبيس الذي يقلنا جميعا لمحطة التغيير التي يزعم الكثيرون أنها باتت قريبة وأوشكنا علي الوصول إليها.

5- ما زلت أحاول قراءة الواقع!


ماذا بعد، كيف سيكون شكل الطريق «لنهاية الخط»، لن يدوم اجتماع الفرقاء ولن يظلوا علي حالة التسامي العظيم والترفع فوق اختلافاتهم المبدئية العقائدية، بعد محطة التغيير التي سندفع جميعا -المطالبين بالتغيير- حافلتهم للوصول إليها، بعد تلك المحطة سيختلفون لأن ما بينهم أساساً الاختلاف وليس الاتفاق، وسيتشرذم أصدقاء وحلفاء اليوم وتظهر المواقف الحقيقية والشعارات الحقيقية والبرامج الحقيقية والوجوه الحقيقية، إذا كان الحال كذلك، لماذا لا نلعب -الآن- علي المكشوف؟ لماذا لا يطرح كل فصيل أو تيار سياسي برنامجه وهدفه ورؤيته للمستقبل ويتركوننا بمنتهي الحرية -النظرية علي الأقل- نختار ونؤيد وندعم ما نراه متفقا وأفكارنا وأحلامنا ونرفض ما نختلف معه، لماذا يضعون كل البيض في سلة واحدة فتتوه الفوارق وتتداخل الألوان ونصاب جميعا بـ«عمي الألوان» فلا نري شيئًا ولا نفهم شيئًا ونساق كالقطيع في طريق لا نعرفه، لا نعرف أوله ولا آخره ولا هدفه ولا محطته الأخيرة!

التغيير للأفضل وفقا للبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا للانحيازات الطبقية، وفقا لمبادئ العدالة والديمقراطية والحرية، التغيير للأفضل عبر صناديق الانتخاب والعملية الديمقراطية علي عيوبها ومساوئها «التزوير، الانفاق الملاييني، شراء وبيع أصوات الناخبين، العصبية والقبلية والطائفية الدينية، انعدام الرقابة القضائية أو صوريتها، تحالف المال مع القوة بحثا عن سطوة سياسية ونفوذ، عدم تكافؤ الفرص وقت العملية الانتخابية، تقييد الحق في الدعاية الجماهيرية والسرادقات والظهور في أجهزة الإعلام «هذا حديث يختلف تماما عن شحذ الغضب وإشاعة روح اليأس بين الناس واستثارة الفوضي.

6ـ ما زلت أحاول قراءة الواقع!


عفوا، فأنا أقف مندهشة، أمام ما يحدث في المجتمع المصري وبالأخص في أجوائه السياسية مندهشة لا أفهم!

في الوطن أحزاب وتيارات سياسية كثيرة، تعبر عن كل ألوان الطيف السياسي المعروف، بخلاف الحزب الحاكم وحكومته، هناك أحزاب يمينية، بعضها ليبرالي وبعضها رجعي متحفظ تؤمن بالاقتصاد الحر وآليات السوق.

أحزاب يسارية منحازة للأغلبية الكادحة والطبقات الفقيرة، علنية وسرية، بعضها اشتراكي وبعضها ناصري، أحزاب ديمقراطية ودستورية تنادي بالتغييرات الدستورية وتؤمن بها وتنادي بتداول السلطة وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، تيارات دينية إسلامية ومسيحية تعبر عن كافة المدارس الدينية المتشددة والرجعية والمتحفظة والمتقدمة.

حركات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان وتقاوم التمييز ضد النساء وتتبني حقوق الأقليات الدينية وضد التمييز الديني ومع المواطنة بعضها يدافع عن المستهلكين وبعضها يتبني مطالب المستأجرين والحق في السكن وبعضها يدافع عن استقلال القضاة والمحاماة، وبعضها يقدم خدمات قانونية للفقراء والنساء والمهمشين وبعضها يهتم بالقضايا النقابية والعمالية. حركات احتجاجية سياسية «كفاية»، «من أجل التغيير»، و«شايفنكم»، «ما يحكمش»، حركات غضب مطلبي، عمال شركة المحلة، خبراء وزارة العدل، أهل جزيرة، ضحايا السيول، أهالي الغارقين في العبارة، موظفو الضرائب العقارية، الممرضات، الدعاة، المحامون وقت قانون الرسوم القضائية، الصيادلة، وقت المحاسبة الضرائبية، مهندسون تحت الحراسة، الصحفيون بالجرائد التي أغلقت يطالبون برواتبهم من فوق سلم نقابتهم وكثيرون غيرهم.

هذا بخلاف عشرات الصحف والجرائد غير الحكومية بعضها يصدر عن الأحزاب ويدافع عن برامجها السياسية وبعضها يصدر عن مؤسسات وأشخاص وشركات، بعضها يساري وبعضها ليبرالي وبعضها يدافع عن التيارات الدينية وبعضها يهاجم بالأساس الدولة والحكومة وكل من يتبع لهم، بعضها يغير موقفه وتحالفاته لأسباب مختلفة بعضها سياسي وبعضها اقتصادي مالي وبعضها مرتبط بتغيير الإدارة ورئيس مجلس إدارتها!

أيضًا بخلاف الظاهرة المصرية المسماة بالشخصيات العامة، هؤلاء المعارضون للحكومة الرافضون لسياساتها.

في نفس الوقت يرفض هؤلاء الشخصيات العامة الانضواء تحت رايات العمل الحزبي ويتعالون علي جهد وانضباط وقيود الحياة الحزبية بكافة أشكالها، بل يعتبر كل منهم نفسه حزباً قائماً بذاته.

هؤلاء الذين يشكل كل منهم مع نفسه بنفسه حالة سياسية، لا يشارك في العمل الحزبي لكنه موجود علي الساحة السياسية بأفكاره أو توقيعاته علي بعض العرائض والمطالب أو بمقالاته في هذه الصحيفة أو تلك، شخصيات عامة كل منهم حالة سياسية خاصة - بصرف النظر عن قناعاته الفكرية - تفسح لهم أسماؤهم البراقة - بصرف النظر عن مصدر بريقها ومبرره وظيفة، موهبة، إبداع، عمل، موقف ما، مقعد نيابي مقعد نقابي سابق - لهم مكانا مستقلا إلي جوار الأحزاب والتيارات السياسية علي مسرح الحياة السياسية المصرية.

هم في أغلبهم جنرالات بلا جنود، ليسوا قادة حزبيين لهم جمهورهم وأعضاؤهم، ليسوا أعضاء نيابيين أو قادة نقابيين لهم أصواتهم الانتخابية التي حملتهم لمقاعدهم في النقابات ومنظمات المجتمع المدني، لكنهم أسماء معروفة، تحدث في ذاتها صخبا وضجيجا، ولها بعض المعجبين والمؤيدين لأفكارها أو مواقفها، لكن الأمر لا يتخطي إطار الإعجاب والانبهار أحيانًا لأي شيء حقيقي منتج وفاعل!

المشهد السياسي المصري فيه صحف وجرائد مملوكة لأشخاص ربما رجال أعمال سياسيين يدعون عدم الاهتمام بالسياسة ربما صحفيين يبحثون عن الثروات المليونية من حصيلة الإعلانات عبر العناوين النارية المعارضة للحكومة التي تجذب الغاضبين أو بعضهم للقراءة وشراء الجريدة وزيادة أرقام التوزيع.

تلك الصحف تصدر من عددها اليومي أو الأسبوعي في أفضل الأحوال بضع عشرات أو مئات من الألوف.

تلك الصحف تتصور هي وملاكها وأطقم تحريرها وصحفيوها أنهم يقودون الشعب المصري بمانشيتاتهم، تتصور أنها تصنع وجدانهم وعقولهم وتسيرهم في الاتجاه الذي ترغب فيه، مع أن مائة أو مائتي أو ثلاث مئات من الألوف من أي جريدة وسط شعب ثمانين مليوناً وأكثر تصل نسبة الأمية فيه لقرابة الـ40% هي كمثل قطرة عذبة في محيط مالح لا تملك تأثيرًا ولا تحدث تغييراً! حتي هؤلاء مصدري الصحف وملاكها وهم يتصورون أنهم يقودون الشعب المصري لم يفصحوا لنا عن الهدف الذي يقودون الشعب المصري في اتجاهه ولمصلحة من؟ الحكومة؟ المعارضة؟ الديمقراطية؟ الدولة المدنية؟ الدولة الدينية؟ الفوضي؟ في نفس الوقت تنشر تلك الجرائد والصحف كل ما يراكم الغضب لدي المواطنين.

كل ما يستثير قرفهم واكتئابهم ويحبطهم! ويصرخون ليل نهار.. التغيير التغيير! المشهد السياسي المصري، صاخب، متشابك، مليء بالضجة، انتقادات وأخبار وفضائح ونبرة عالية محتدة وصراخ أحيانًا، مظاهرات، وقفات احتجاجية هنا وهناك، بعضها مطلبي وبعضها سياسي وبعضها ديني، اتهامات متبادلة مستمرة ودائمة، غضب مستتر وأحيانًا متفجر، إشكاليات طبقية، طائفية، مقالات نارية بعضها تحريضي، بعضها مليء بالسخط والسخرية، بعضها مليء بالانتقاد والغضب، برامج تليفزيونية يومية تعرض كل شيء وتنتقد كل شيء وتهاجم كل شيء! المشهد السياسي المصري، يراه البعض ديمقراطيا يسمح بالكتابة والقول والاحتجاج والتظاهر «أحيانًا» ويراه البعض مليئا بالقيود وبعيداً عن المعني الحقيقي للديمقراطية ويحول بين تداول السلطة وحرية التعبير وتكوين الأحزاب بلا قيود!

لكن كل هذا الصخب السياسي في الأوقات المهمة لا ولم يثمر شيئًا، لم نر زعامات سياسية جماهيرية حقيقية تصلح لقيادة الأمة والوطن، ربما قدمت الأحزاب والتيارات السياسية عبر تاريخها الحديث بعض الوجوه البراقة التي تصلح لمقعد برلماني أو منصب نقابي، لكنها لم تقدم زعيما للأمة زعيما للوطن، لم تقدم شخصيات مجمعة تصلح لقيادة الوطن - رغم الاختلاف حولها أو عليها - نحن لم نسمع عن أسماء رنانة لها تاريخ وثقل حقيقي وتراث نضالي يعرف عنها القاصي والداني في كافة أرجاء الوطن من أقصي شماله الغربي لأقصي جنوبه الشرقي يتوافق الجميع عليها ويقبلون جميعًا الانصياع تحت رايتها والدفاع عنها وعن شعاراتها ويقدمون حياتهم زودا عن حقها في الوجود، بل أكاد أقول.

الشعب يتابع كل ما يحدث حوله من صخب وضجيج من باب التسلية وكسر الملل، فكل الجهد الذي يبذل في الحياة السياسية المصرية لم يسفر عن تحميس وتحريض ودفع الناس للانتظام في الحياة الحزبية والمشاركة في أعمالها ودفع عجلة الديمقراطية للأمام، لا.. كل ما يحدث ينتقد ويهاجم ويغضب وفقط وقد يثمر أعمالاً احتجاجية عنيفة أو غضباً عشوائياً أو فوضي جارفة، كل هذا الصخب والضجيج لا يثمر حياة أفضل بل يؤدي لكارثة لا يعلم إلا الله حجمها في بلد ضخم له تاريخ وحضارة ودور إقليمي عربي وأفريقي وإسلامي وشعبه يزيد علي الثمانين مليوناً من المسلمين والأقباط!

كل هذا الصخب السياسي والانتقادات وشحذ الغضب لم يدفع المواطنين لاستخراج بطاقات انتخابية، لم يدفع المواطنين للانخراط في الحياة الحزبية، لم يدفع المواطنين للخروج من حالة السلبية والعزوف التي يعيشون فيها منذ عقود بعيدة!

(7) مازلت أحاول قراءة الواقع!


هل يتصور أن تكون المعارضة السياسية تري المجتمع المصري بطريقتها! والحقيقة والواقع غير ماتراه! هل يتصور أن تكون هناك أقلية غاضبة - مع اختلاف أسباب الغضب - بينما الأكثرية راضية قانعة وربما بعضها سعيد بما يحدث! والأقلية عاجزة عن تغيير الأحوال لأن الأكثرية لا تسايرها وراضية عما يحدث، لكن الأقلية صوتها عال وغاضبة ولا تكف عن استثارة الغضب وذلك الغضب يلاقي قبولا لدي بعض الأكثرية الراضية لأسباب مختلفة، لكنه قبول لا يكفي لاتباع الأقلية ولا التسليم بقيادتها ولا اتباع أفكارها ولا تقبل برامجها، الأقلية تسلط الأضواء علي السلبيات والعيوب والنواقص في المجتمع، والأكثرية لا تعجبها تلك السلبيات وتلك العيوب في هذا المجال أو ذاك، لكن الأكثرية لا يعجبها تلك العيوب في إطار رضائها عن الحكومة الموجودة ومطالبتها بتحسين حياة الأكثرية وليس في إطار رفض الحكومة الموجودة والمطالبة بتغييرها!

هل يتصور هذا! لا أعلم! لكننا نحتاج قراءة عميقة دقيقة لأحوال المجتمع المصري وتشخيصاً دقيقاً لأوجاعه وأحواله، حتي نفهم وفي ضوء الفهم نتصرف!

هل هذا ما نعيشه؟ هل تعتبر المعارضة أن كل غاضب من أزمة رغيف العيش أو من أزمة أنابيب البوتاجاز أو معتصم علي سلم وزارة العدل أو رافض لنظام التعليم وجموده أو مطالب باشتغال النساء بالقضاء، هل تعتبر المعارضة كل واحد من هؤلاء من ضمن جمهورها وأصواتها وتابعيها ومؤيديها لأنه يرفض هذه الجزئية أو تلك؟

هل يتصور أن أتظاهر غضبا من أزمة رغيف العيش لكني أطالب الحكومة بتحسينه ولا أطالب برحيل الحكومة ذاتها، هل يتصور أغضب من غرق العبارة وأتظاهر للمطالبة بمحاكمة المسئولين عن غرقها وأهاجم الحكومة لأنها لم تتخذ إجراءات رادعة لمنع غرق مثل تلك العبارة، لكني لا أطالب برحيل الحكومة ذاتها هل يتصور هذا؟ في نفس الوقت هل يتصور أن تفسر المعارضة تلك الحركات الاحتجاجية بحجم أكثر من حجمها وتعتبر تلك الحركات الاحتجاجية رصيدا لها في مواجهة الحكومة تعايرها به! كل غاضب من ازدحام المرور معارض للحكومة يتمني رحيلها، كل غاضب من سوء حال رغيف الخبز معارض للحكومة يتمني رحيلها كل من سقط ابنه في الثانوية العامة لصعوبة المناهج وعدم استعمال الرأفة معارض للحكومة يتمني رحيلها كل من بني علي أرض زراعية بغير ترخيص وصدر له قرار إزالة معارض للحكومة يتمني رحيلها، كل من سجن ابنه في الكويت أو السعودية لأنه ارتكب جريمة ولم تعفه الحكومة من العقاب معارض للحكومة ويتمني رحيلها، كل من غرق ابنه في البحر بعد أن باع أرض الأب ومصاغ الأم بحثا عن يوروهات أوروبا معارض للحكومة ويتمني رحيلها؟ هل هذا ما نعيشه! مثلاً.. يتصادم قطاران فيغضب الناس من ذلك الإهمال ويطالبون بتحسين أحوال السكك الحديدية وربما يطالبون بإقالة الوزير ومحاكمة المسئولين عن ذلك الإهمال، لكن هذا لا يتساوي عند هؤلاء الغاضبين بمطلب المعارضة للتغيير الشامل الجذري ورحيل الحكومة وحزبها الحاكم! تنقطع المياه عن حي أو قرية فيغضب الناس من ذلك الإهمال ويطالبون بعودة المياه المقطوعة، وقد يتظاهرون ضد قطع المياه وقد يرشقون جنود الأمن المركزي بالحجارة وقت تحاصرهم وتمنعهم من التعبير عن رأيهم، وقد ترتفع عقيرتهم بالصراخ مطالبين الحكومة بتوفير الحد الأدني الآدمي لحياتهم اليومية، لهذا هذا لا يعني قبول شعارات المعارضة في التغيير الجذري الشامل ورحيل الحكومة وحزبها الحاكم! لكن المعارضة السياسية تعتبر كل هذا الغضب رصيداً لها في مواجهة الحكومة!

أظن - والله أعلم من موقع المراقب البعيد أن المعارضة السياسية تعتبر أي غضب شعبي أيا كان مصدره ومبعثه ومبرره رصيداً لها ودلاله تأييدها! بتجاهل إن هؤلاء الغاضبين لا يمنحون المعارضة أصواتهم الانتخابية بتجاهل أن هؤلاء الغاضبين لم ينضموا للمعارضة ولم ينخرطوا في صفوفها، بتجاهل أن هؤلاء الغاضبين إما عازفون عن المشاركة وتحويل غضبهم لأعمال إيجابية أو ينتخبون مرشحي الحزب الوطني ويسعون خلفهم للحصول علي توقيعاتهم ودعمهم وموافقاتهم في الخدمات البسيطة والحج والعمرة وقطن التنجيد وشقة من شقق المحافظة!

نعم أظن أن المعارضة تعتبر هؤلاء الغاضبين أياً ما كانت قضيتهم جمهورها وتهلل لهم وبرامج تليفزيونية ولقاءات وصور بالصفحات الأولي للجرائد ومنحهم أوسمة البطولة والوطنية، وتستنطق تصرفاتهم بما لا يعنونه ولا يقصدونه! أظن أيضا أن الحكومة تعتبر هؤلاء الغاضبين أعداءها وتنكل بهم دون أن تبذل جهدها في فهم مشاكلهم وأمنياتهم ومبرر غضبهم! لكن أظن أيضا أن لهؤلاء الغاضبين حساباتهم الخاصة لا هم جمهور المعارضة ولن ينتخبوها ولن يسلموها قيادهم وهم ليسوا أعداء الحكومة ولا يطالبون برحيلها، لكنهم يعترضون علي أدائها في كثير من المجالات التي تصعب حياتهم وتجعلها أكثر مشقة فيطالبونها بتحسين أدائها وتحسين حياتهم! قد يكون هذا ما نعيشه دون أن ندري، حكومة ومعارضة وشعباً! قد يفسر هذا ما يحدث! غضب الشعب من الحكومة في نفس الوقت عزوف الشعب عن المعارضة! هل هذا ما نعيشه فعلاً؟

«8» مازلت أحاول قراءة الواقع!


أحترم بشدة أحزاب المعارضة المصرية! حزب التجمع حزب الوفد الحزب العربي الناصري حزب الكرامة.. أحترمهم قيادات وأعضاء وتاريخ نضالياً ومواقف ثابتة وتضحيات ودأباً وجذوراً في الشارع المصري والتاريخ!

بعضهم يناضلون علي الساحة السياسية المصرية منذ ثلاثين عاماً ويزيد! ثابتون علي مواقفهم وبرامجهم السياسية! ربما مازال صوتهم منخفضاً، ربما مازالت فاعليتهم قليلة، ربما مازال تأثيرهم علي الشارع المصري محدوداً.

أحترمهم وإن اختلفت معهم ربما في البرامج السياسية أو التوجهات، ربما في أساليب العمل، احترمهم ولو لم أنضم لأي منهم، فالانخراط في العمل الحزبي يحتاج وقتاً وتضحيات وعطاء ربما لست بقادرة عليه لكنني أحترمهم! ولو ترشح من حزب التجمع وحزب الوفد أو حزب الكرامة أو العربي الناصري أي مرشح للمقعد الرئاسي سأنتخبه ولو ترشح في دائرتي الانتخابية في أي انتخابات برلمانية أو محلية أي مرشح لأي من تلك الأحزاب سأنتخبه!

وربما في لحظة ما تغمرني الحماسة فأتجاوز مرحلة الاحترام السلبي لمرحلة المشاركة الفاعلة فأحضر مؤتمراتهم وأروج لمرشحيهم وأدعو الناس لانتخابهم وفقا لقواعد الديمقراطية! أحترمهم لأنهم أحزاب حقيقية موجودة بالساحة السياسية المصرية! لم يهبطوا عليها بالبراشوت من السماوات البعيدة! لأنهم لم يدعوا اهتماماً زائفاً بالواقع المصري، بينما هم بعيدون عنه كل البعد!

أحترمهم لأنهم يعرفون قيمة الوطن الذي نعيش فيه وسيحافظون عليه بعيونهم ولن يعرضوه ومواطنيه لفوضي ولن يطرحوا العبث والعشوائية منهجا للعمل لن يطرحوا التغيير شعارا فضفاضا وهميا، بل هي أحزاب لديها برامج وخطط عمل، وعندما تدعو للتغيير هي واضحة المرجعية ولا تخدع الجماهير بشعارات فضفاضة براقه مزيفة، ولا تستغل غضبهم ولا تستثيره ولا تدفع الوطن للفوضي إنما تمارس العمل السياسي بمنتهي المسئولية عن الوطن والأمة والشعب والمستقبل!


أحترمهم وأحببت أن أسجل هذا وأذكره للتاريخ و«الجغرافيا» أيضًا!

( الجزء الثالث - ماذا يحدث في المجتمع المصري الان )
«9» مازلت أحاول قراءة الواقع!

هل تتأمل المعارضة السياسية المصرية أحوال الانتخابات غير السياسية في مصر كانتخابات النوادي والروابط والنقابات والاتحاد واللجان النقابية! ما الذي يحدث في تلك الانتخابات!

أليس مهماً فهم المزاج المصري وحال المصريين من ما يحدث في تلك الانتخابات! بعض تلك الانتخابات يبقي علي الوجوه القديمة التي كانت ومازالت وستظل، مهما طال بها الزمن فوق المقاعد! وبعض تلك الانتخابات يأتي بوجوه جديدة بزعم أن التغيير ضرورة بصرف النظر عن نتائج التغيير ويرجعون بعد فوات الأوان يعضون أصابع الندم لأن التغيير العشوائي العبثي لم يأت إلا بنتائج كارثية علي أصحابه!

متي يمارس المصريون شعار «اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش» ومتي يمارس المصريون شعار «هي موتة ولا أكتر»؟ أليس مهما للأحزاب السياسية والمهتمين بالشأن العام فهم حال ومزاج المصريين وسلوكهم الجماعي، فهؤلاء المصريون أعضاء النقابات المهنية والعمالية والنوادي والروابط والاتحادات هم ذاتهم جمهور الناخبين الذي سيصوت داخل الصناديق الانتخابية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية فيرسم بصوته شكل المستقبل! أليس مهما أن نفهم كيف يفكر المصريون الآن لنعرف شكل المستقبل المقبل بأصواتهم وإرادتهم؟

أليس مهما أن نفهم المزاج العام للمصريين ونحن ندعي أننا نتحدث بأسمائهم ولصالحهم ونيابة عنهم!

«10» مازلت أحاول قراءة الواقع!

حاولت أقرأ ما يحدث لأفهم، لكني مازلت لم أفهم جيدا، ومازالا لدي أسئلة كثيرة بلا إجابات، ولأني حديثي قد طال، وبمناسبة الاسئلة التي لم أجد لها إجابات، لابد وقبل إنهاء هذا المقال لابد أن أبدي تعجبي واندهاشي لظاهرة البرادعي! وأقول ظاهرة لأن ما يحدث ظاهرة! رجل بلا تاريخ سياسي عاش مغتربا عاد للوطن للتقاعد وفجأة يطرح اسمه كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة، لا أعرف كيف فكر الدكتور البرادعي وكيف حسبها! هو ليس زعيماً سياسياً وليس له شعبية جماهيرية علي المسرح السياسي وليس له جنود تابعون ولا عاطفيون يروجون له ولا نعرف أفكاره ولم يطرح برنامجاً سياسياً ولا نعرف مرجعيته الفكرية يميني يساري ليبرالي متحفظ، يؤمن بالناصرية معاد لها، يؤمن بالاشتراكية معاد لها منحاز للاقتصاد الحر منحاز للاقتصاد المخطط معاد لإسرائيل مؤمن بالصلح معها، يؤيد كامب دايفيد يرفضها، يؤمن بالدولة المدنية يؤمن بالدولة الدينية الثيوقراطية يؤمن بالعروبة والقومية العربية من بالمصرية يؤمن بالعدالة الاجتماعية والانحياز للطبقات الفقيرة يؤمن بالرأسمالية سواء كانت رشيدة أو غير رشيدة، ورغم كل هذا، رغم الغموض الذي يحيط أفكاره ومواقفه وتصوراته للمستقبل، رغم هذا نجد من يذكره في المقالات والتعليقات والحوارات العامة والخاصة كأنه مبعوث العناية الالهية والمنقذ والمخلص وزعيم الأمة وأمل مصر في المستقبل! ونجده -أي الدكتور البرادعي- يتحدث عن شروط يلزم توافرها منها تعديل الدستور وتغيير بعض مواده حتي يقبل أن يرشح نفسه لانتخابات المقعد الرئاسي، ونجده يشكل جمعية للتغيير ليست بحزب تضم فرقاء سياسيين من مدارس سياسية ومنابع فكرية مختلفة، ثم نجد من يبدأ في جمع توقيعات لتأييده أو تأييد ترشيحه، ثم نقرأ عنه أخباراً كثيرة، أنه يتواصل مع جماهيره عن طريق الإنترنت و«التويتر» وله صفحات تأييد علي الفيس بوك رغم أن المجتمع المصري تتجاوز نسبة الأمية فيه بالنسبة للقراءة والكتابة و«فك الخط» أربعين في المائة من السكان، ولا يتصور أن يتواصل مع هؤلاء بأي طريقة الكترونية مهما كانت بساطتها وسمعت وقرأت أن بعض الشباب مرتدي فانلات تحمل صورته ذهبوا لتعريف الناس به في «سيتي ستارز» بمدينة نصر، رغم أن ذلك «المول» هو مقر المحلات الأجنبية والتوكيلات العالمية ولا يرتاده إلا علية القوم وأبناء الطبقات العليا، وقرأت أيضاً أنه قد أنشأ لجمعيته فروعاً في «الكويت» و«قطر» ثم التقي بوفد الفنانين والأدباء والشعراء لمناقشة خطط المستقبل! قد تكون كل تلك الأخبار مفبركة وغير حقيقية والمقصود بها تذكير القراء بالدكتور البرادعي وطرح اسمه عليهم يوميا باعتباره مرشحا محتملا للمقعد الرئاسي باعتبار أن «الزن علي الودان من السحر» وقد تكون كل تلك الأخبار حقيقية ولو كانت حقيقية فتلك الأخبار في ذاتها تطرح ألف مليون تساؤل، متي اهتم الدكتور البرادعي بالسياسة والشأن الداخلي المصري اهتماماً يتجاوز اهتمام أي مواطن مصري صالح منكفئ علي أحواله وحياته الخاصة؟ وإذا كان يهتم بها منذ زمن بعيد ماذا فعل طيلة هذا الزمن اثباتاً لاهتمامه بالسياسة وأحوالها وإشكالياتها المصرية، وإذا كان لم يكن مهتماً بالسياسة وليس معنياً بعالمها طيلة حياته فلماذا الآن؟ ما الذي حمسه للاهتمام بل الاشتغال بالسياسة الآن؟ وهل يصلح من لم يكن له أي علاقة بالسياسة طيلة حياته وليس معنياً بها ولم يأخذ موقفاً مع أي قضية أو ضدها، هل يصلح أن يتولي حكم مصر فجأة بعد عدة تصريحات ومؤتمرات وأنشطة هنا وهناك؟ هذا سؤال لا أسأله للدكتور البرادعي فقط، لكني أسأله لمؤيديه وداعميه؟ علي أي أساس موضوعي تعتبرون الدكتور البرادعي يصلح رئيساً لمصر؟ لماذا تجمع توقيعات لتأييد الدكتور البرادعي، وهل لهذه التوقيعات أي معني أو دلالة سياسية بخلاف اثبات أن الناس تؤيده! وما هي قيمة هذا الاثبات وما هي الجهة التي يريد أنصار الدكتور البرادعي أن تثبت لها أن الناس تؤيده؟ وإذا كانت الناس تؤيده فلماذا تؤيده وعلي أي شيء تؤيده! وكيف يسانده الدكتور أيمن نور وحمدين صباحي وكلاهما مرشح محتمل للمقعد الرئاسي، وكلاهما سيطرح نفسه علي الشعب لانتخابه في المعركة الرئاسية؟ وهل صحيح أن الدكتور البرادعي هاجم الحقيقة الناصرية واعترض عليها وإن كان كيف يسانده حمدين صباحي وهو ناصري حتي النخاع من أيام نادي الفكر الناصري في الجامعة وحتي حزب الكرامة وهل صحيح أن الدكتور البرادعي من أنصار الدولة المدنية وإن كان كيف يصرح بموافقته علي تأسيس حزب الإخوان المسلمين وهو حزب قائم علي أساس ديني وهل لا يري تعارضاً بين فكرة الأحزاب الدينية والدولة المدنية وإن كان يقبل تأسيس حزب علي أساس ديني فهل هذا يخص الإخوان المسلمين فقط أم أن موقفه هذا يسمح بتأسيس حزب مسيحي وهل الأحزاب الدينية تشمل فقط الإخوان المسلمين أم أنه يقبل بتأسيس أحزاب إسلامية أخري لأي جماعة ترغب في ممارسة العمل السياسي من عباءة الدين أياً ما كانت أفكارها تكفيرية أو جهادية أو غيره، وهل الأحزاب الدينية تتسع لتشمل حزباً شيعياً أو أكثر وهل لو شكلت كل تلك الأحزاب الرئيسية الطائفية مع أسس دينية شيعية وسنية وجهادية وإسلامية ومسيحية وتصارعت علي أصوات الناخبين ببرامج دينية وشعارات دينية ستظل الدولة المدنية التي يؤيدها الدكتور البرادعي علي حالها؟ أم أن هذا يشكل مساساً بأساس فكرة الدولة المدنية العصرية ويهددها؟ وكيف سيري وقتها الدكتور البرادعي شكل الصراع السياسي المرتدي ثوب الدين والطائفية؟ ولماذا أنشأت جمعية التغيير التي شكلها أو يرأسها الدكتور البرادعي فرعين لها في دولة قطر ودولة الكويت؟ هل الجاليات المصرية هناك هي أكبر الجاليات المصرية بالمهجر؟ هل هناك اتفاق سياسي بين تلك الجمعية وتلك الدول علي تقبل ممارسة الجمعية لنشاطها السياسي المصري المتعلق بالشأن الداخلي المصري؟ أو لماذا الكويت وقطر؟ قرأت أيضاً جمعية التغيير تفكر في إنشاء قناة تليفزيونية، فهل مسموح لي وأنا أحد الناخبين وأحمل بطاقة انتخابية ستنحاز وقت الانتخابات لهذا المرشح أو ذاك، هل مسموح لي أسأل من الذي سيمول إنشاء تلك القناة ويدعم نشاطات جمعية التغيير التي سيمتد نشاطها داخل وخارج الحدود المصرية؟ هل هي التبرعات من أهل الخير؟ ألم أقل ظاهرة البرادعي! ففي الوطن أحزاب سياسية معارضة تمارس العمل السياسي منذ سنوات طويلة لم تنجح في جمع التبرعات لتمويل حملاتها الانتخابية لدعم مرشحيها المعارضين للحكومة وتصدر جريدتها الحزبية بصعوبة ومشقة لانعدام التمويل الكافي لإصدار تلك الجريدة واستمرار صدورها، بل هناك جريدة البديل التي أسسها بعض اليساريين أغلقت أبوابها بعد عام من صدورها لتعذر الاستمرار في إصدارها بسبب مشكلات مالية وخسائر مالية ضخمة، مما أدي لوأد تجربة البديل قبل جفاف حبر عددها الأول، ولم تفلح تبرعات أهل الخير والبر والتقوي والعاطفيين والأصدقاء والمؤيدين بالنسبة لجريدة البديل وللأحزاب المعارضة وعموماً في دعم النشاط السياسي الحزبي المعارض للحكومة، فإذا بجمعية التغيير تفكر في إنشاء قناة تليفزيونية بما لهذا من معني كبير! من يؤيد الدكتور البرادعي ومن هم رجاله ومن هم معاونوه ولو افترضنا نظرياً أنه سينجح في الانتخابات الرئاسية وسيصبح رئيساً لمصر من هم الذين سيعتمد عليهم لتنفيذ تصوراته وبرنامجه، ومن سيحملون الحقائب الوزارية في عهده وعلي أي أساس سيتم اختيارهم وما هي مساحات الاتفاق والاختلاف بينهم وبين الدكتور البرادعي؟ هل سيرشح الدكتور البرادعي نفسه حقاً لانتخابات المقعد الرئاسي؟ أم أن هذه الظاهرة ستكون واحدة من الظواهر الغريبة التي نراها في ساحتنا السياسية المصرية ستأخذ وقتها وتنتهي! واللي يعيش ياما يشوف واللي يهتم بالسياسة يشوف أكتر!

الفقرة الأخيرة -أحاول قراءة الواقع المصري المعقد وفهمه!

الجملة الأخيرة -لن أكتب في السياسة وعنها بعد الآن وحتي نهاية الانتخابات الرئاسية 2011، فمنذ الآن وحتي نهاية تلك الانتخابات سيزداد الصخب والضجيج لحد لا يمكن تصوره، ووسط الصخب لا يجدي إلا الصمت للمراقبة والمشاهدة والتعلم! وبعد تلك الانتخابات ستتضح الصورة ويظهر الكثير من الحقائق، وقتها يمكن العودة للكتابة في السياسة وعنها! أما الآن فالمراقبة والصمت هما المتاح الوحيد الممكن!

وكل انتخابات رئاسية والشعب المصري بخير!
----------------------------------------
هذه المقاله الاطول في تاريخ حياتي
7800 كلمه
كتبتها لمده ثلاث اسابيع
نشرت في الجريده علي ثلاث حلقات 21 ، 22 ، 23 ابريل
نشرتها علي المدونه في اجزاء ثلاث
ثم قررت انشرها علي بعضها حتي تتكامل اجزاءها وتتضح الصوره والرؤيه !!!
انتظر ارائكم
انتظر اختلافكم
انتظر الجدل والاختلاف الذي لايفسد للود قضيه !!!!


ماذا يحدث في المجتمع المصري الان ؟؟؟؟ الجزء الثالث

«9» مازلت أحاول قراءة الواقع!

هل تتأمل المعارضة السياسية المصرية أحوال الانتخابات غير السياسية في مصر كانتخابات النوادي والروابط والنقابات والاتحاد واللجان النقابية! ما الذي يحدث في تلك الانتخابات!

أليس مهماً فهم المزاج المصري وحال المصريين من ما يحدث في تلك الانتخابات! بعض تلك الانتخابات يبقي علي الوجوه القديمة التي كانت ومازالت وستظل، مهما طال بها الزمن فوق المقاعد! وبعض تلك الانتخابات يأتي بوجوه جديدة بزعم أن التغيير ضرورة بصرف النظر عن نتائج التغيير ويرجعون بعد فوات الأوان يعضون أصابع الندم لأن التغيير العشوائي العبثي لم يأت إلا بنتائج كارثية علي أصحابه!

متي يمارس المصريون شعار «اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش» ومتي يمارس المصريون شعار «هي موتة ولا أكتر»؟ أليس مهما للأحزاب السياسية والمهتمين بالشأن العام فهم حال ومزاج المصريين وسلوكهم الجماعي، فهؤلاء المصريون أعضاء النقابات المهنية والعمالية والنوادي والروابط والاتحادات هم ذاتهم جمهور الناخبين الذي سيصوت داخل الصناديق الانتخابية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية فيرسم بصوته شكل المستقبل! أليس مهما أن نفهم كيف يفكر المصريون الآن لنعرف شكل المستقبل المقبل بأصواتهم وإرادتهم؟

أليس مهما أن نفهم المزاج العام للمصريين ونحن ندعي أننا نتحدث بأسمائهم ولصالحهم ونيابة عنهم!

«10» مازلت أحاول قراءة الواقع!

حاولت أقرأ ما يحدث لأفهم، لكني مازلت لم أفهم جيدا، ومازالا لدي أسئلة كثيرة بلا إجابات، ولأني حديثي قد طال، وبمناسبة الاسئلة التي لم أجد لها إجابات، لابد وقبل إنهاء هذا المقال لابد أن أبدي تعجبي واندهاشي لظاهرة البرادعي! وأقول ظاهرة لأن ما يحدث ظاهرة! رجل بلا تاريخ سياسي عاش مغتربا عاد للوطن للتقاعد وفجأة يطرح اسمه كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة، لا أعرف كيف فكر الدكتور البرادعي وكيف حسبها! هو ليس زعيماً سياسياً وليس له شعبية جماهيرية علي المسرح السياسي وليس له جنود تابعون ولا عاطفيون يروجون له ولا نعرف أفكاره ولم يطرح برنامجاً سياسياً ولا نعرف مرجعيته الفكرية يميني يساري ليبرالي متحفظ، يؤمن بالناصرية معاد لها، يؤمن بالاشتراكية معاد لها منحاز للاقتصاد الحر منحاز للاقتصاد المخطط معاد لإسرائيل مؤمن بالصلح معها، يؤيد كامب دايفيد يرفضها، يؤمن بالدولة المدنية يؤمن بالدولة الدينية الثيوقراطية يؤمن بالعروبة والقومية العربية من بالمصرية يؤمن بالعدالة الاجتماعية والانحياز للطبقات الفقيرة يؤمن بالرأسمالية سواء كانت رشيدة أو غير رشيدة، ورغم كل هذا، رغم الغموض الذي يحيط أفكاره ومواقفه وتصوراته للمستقبل، رغم هذا نجد من يذكره في المقالات والتعليقات والحوارات العامة والخاصة كأنه مبعوث العناية الالهية والمنقذ والمخلص وزعيم الأمة وأمل مصر في المستقبل! ونجده -أي الدكتور البرادعي- يتحدث عن شروط يلزم توافرها منها تعديل الدستور وتغيير بعض مواده حتي يقبل أن يرشح نفسه لانتخابات المقعد الرئاسي، ونجده يشكل جمعية للتغيير ليست بحزب تضم فرقاء سياسيين من مدارس سياسية ومنابع فكرية مختلفة، ثم نجد من يبدأ في جمع توقيعات لتأييده أو تأييد ترشيحه، ثم نقرأ عنه أخباراً كثيرة، أنه يتواصل مع جماهيره عن طريق الإنترنت و«التويتر» وله صفحات تأييد علي الفيس بوك رغم أن المجتمع المصري تتجاوز نسبة الأمية فيه بالنسبة للقراءة والكتابة و«فك الخط» أربعين في المائة من السكان، ولا يتصور أن يتواصل مع هؤلاء بأي طريقة الكترونية مهما كانت بساطتها وسمعت وقرأت أن بعض الشباب مرتدي فانلات تحمل صورته ذهبوا لتعريف الناس به في «سيتي ستارز» بمدينة نصر، رغم أن ذلك «المول» هو مقر المحلات الأجنبية والتوكيلات العالمية ولا يرتاده إلا علية القوم وأبناء الطبقات العليا، وقرأت أيضاً أنه قد أنشأ لجمعيته فروعاً في «الكويت» و«قطر» ثم التقي بوفد الفنانين والأدباء والشعراء لمناقشة خطط المستقبل! قد تكون كل تلك الأخبار مفبركة وغير حقيقية والمقصود بها تذكير القراء بالدكتور البرادعي وطرح اسمه عليهم يوميا باعتباره مرشحا محتملا للمقعد الرئاسي باعتبار أن «الزن علي الودان من السحر» وقد تكون كل تلك الأخبار حقيقية ولو كانت حقيقية فتلك الأخبار في ذاتها تطرح ألف مليون تساؤل، متي اهتم الدكتور البرادعي بالسياسة والشأن الداخلي المصري اهتماماً يتجاوز اهتمام أي مواطن مصري صالح منكفئ علي أحواله وحياته الخاصة؟ وإذا كان يهتم بها منذ زمن بعيد ماذا فعل طيلة هذا الزمن اثباتاً لاهتمامه بالسياسة وأحوالها وإشكالياتها المصرية، وإذا كان لم يكن مهتماً بالسياسة وليس معنياً بعالمها طيلة حياته فلماذا الآن؟ ما الذي حمسه للاهتمام بل الاشتغال بالسياسة الآن؟ وهل يصلح من لم يكن له أي علاقة بالسياسة طيلة حياته وليس معنياً بها ولم يأخذ موقفاً مع أي قضية أو ضدها، هل يصلح أن يتولي حكم مصر فجأة بعد عدة تصريحات ومؤتمرات وأنشطة هنا وهناك؟ هذا سؤال لا أسأله للدكتور البرادعي فقط، لكني أسأله لمؤيديه وداعميه؟ علي أي أساس موضوعي تعتبرون الدكتور البرادعي يصلح رئيساً لمصر؟ لماذا تجمع توقيعات لتأييد الدكتور البرادعي، وهل لهذه التوقيعات أي معني أو دلالة سياسية بخلاف اثبات أن الناس تؤيده! وما هي قيمة هذا الاثبات وما هي الجهة التي يريد أنصار الدكتور البرادعي أن تثبت لها أن الناس تؤيده؟ وإذا كانت الناس تؤيده فلماذا تؤيده وعلي أي شيء تؤيده! وكيف يسانده الدكتور أيمن نور وحمدين صباحي وكلاهما مرشح محتمل للمقعد الرئاسي، وكلاهما سيطرح نفسه علي الشعب لانتخابه في المعركة الرئاسية؟ وهل صحيح أن الدكتور البرادعي هاجم الحقيقة الناصرية واعترض عليها وإن كان كيف يسانده حمدين صباحي وهو ناصري حتي النخاع من أيام نادي الفكر الناصري في الجامعة وحتي حزب الكرامة وهل صحيح أن الدكتور البرادعي من أنصار الدولة المدنية وإن كان كيف يصرح بموافقته علي تأسيس حزب الإخوان المسلمين وهو حزب قائم علي أساس ديني وهل لا يري تعارضاً بين فكرة الأحزاب الدينية والدولة المدنية وإن كان يقبل تأسيس حزب علي أساس ديني فهل هذا يخص الإخوان المسلمين فقط أم أن موقفه هذا يسمح بتأسيس حزب مسيحي وهل الأحزاب الدينية تشمل فقط الإخوان المسلمين أم أنه يقبل بتأسيس أحزاب إسلامية أخري لأي جماعة ترغب في ممارسة العمل السياسي من عباءة الدين أياً ما كانت أفكارها تكفيرية أو جهادية أو غيره، وهل الأحزاب الدينية تتسع لتشمل حزباً شيعياً أو أكثر وهل لو شكلت كل تلك الأحزاب الرئيسية الطائفية مع أسس دينية شيعية وسنية وجهادية وإسلامية ومسيحية وتصارعت علي أصوات الناخبين ببرامج دينية وشعارات دينية ستظل الدولة المدنية التي يؤيدها الدكتور البرادعي علي حالها؟ أم أن هذا يشكل مساساً بأساس فكرة الدولة المدنية العصرية ويهددها؟ وكيف سيري وقتها الدكتور البرادعي شكل الصراع السياسي المرتدي ثوب الدين والطائفية؟ ولماذا أنشأت جمعية التغيير التي شكلها أو يرأسها الدكتور البرادعي فرعين لها في دولة قطر ودولة الكويت؟ هل الجاليات المصرية هناك هي أكبر الجاليات المصرية بالمهجر؟ هل هناك اتفاق سياسي بين تلك الجمعية وتلك الدول علي تقبل ممارسة الجمعية لنشاطها السياسي المصري المتعلق بالشأن الداخلي المصري؟ أو لماذا الكويت وقطر؟ قرأت أيضاً جمعية التغيير تفكر في إنشاء قناة تليفزيونية، فهل مسموح لي وأنا أحد الناخبين وأحمل بطاقة انتخابية ستنحاز وقت الانتخابات لهذا المرشح أو ذاك، هل مسموح لي أسأل من الذي سيمول إنشاء تلك القناة ويدعم نشاطات جمعية التغيير التي سيمتد نشاطها داخل وخارج الحدود المصرية؟ هل هي التبرعات من أهل الخير؟ ألم أقل ظاهرة البرادعي! ففي الوطن أحزاب سياسية معارضة تمارس العمل السياسي منذ سنوات طويلة لم تنجح في جمع التبرعات لتمويل حملاتها الانتخابية لدعم مرشحيها المعارضين للحكومة وتصدر جريدتها الحزبية بصعوبة ومشقة لانعدام التمويل الكافي لإصدار تلك الجريدة واستمرار صدورها، بل هناك جريدة البديل التي أسسها بعض اليساريين أغلقت أبوابها بعد عام من صدورها لتعذر الاستمرار في إصدارها بسبب مشكلات مالية وخسائر مالية ضخمة، مما أدي لوأد تجربة البديل قبل جفاف حبر عددها الأول، ولم تفلح تبرعات أهل الخير والبر والتقوي والعاطفيين والأصدقاء والمؤيدين بالنسبة لجريدة البديل وللأحزاب المعارضة وعموماً في دعم النشاط السياسي الحزبي المعارض للحكومة، فإذا بجمعية التغيير تفكر في إنشاء قناة تليفزيونية بما لهذا من معني كبير! من يؤيد الدكتور البرادعي ومن هم رجاله ومن هم معاونوه ولو افترضنا نظرياً أنه سينجح في الانتخابات الرئاسية وسيصبح رئيساً لمصر من هم الذين سيعتمد عليهم لتنفيذ تصوراته وبرنامجه، ومن سيحملون الحقائب الوزارية في عهده وعلي أي أساس سيتم اختيارهم وما هي مساحات الاتفاق والاختلاف بينهم وبين الدكتور البرادعي؟ هل سيرشح الدكتور البرادعي نفسه حقاً لانتخابات المقعد الرئاسي؟ أم أن هذه الظاهرة ستكون واحدة من الظواهر الغريبة التي نراها في ساحتنا السياسية المصرية ستأخذ وقتها وتنتهي! واللي يعيش ياما يشوف واللي يهتم بالسياسة يشوف أكتر!

الفقرة الأخيرة -أحاول قراءة الواقع المصري المعقد وفهمه!

الجملة الأخيرة -لن أكتب في السياسة وعنها بعد الآن وحتي نهاية الانتخابات الرئاسية 2011، فمنذ الآن وحتي نهاية تلك الانتخابات سيزداد الصخب والضجيج لحد لا يمكن تصوره، ووسط الصخب لا يجدي إلا الصمت للمراقبة والمشاهدة والتعلم! وبعد تلك الانتخابات ستتضح الصورة ويظهر الكثير من الحقائق، وقتها يمكن العودة للكتابة في السياسة وعنها! أما الآن فالمراقبة والصمت هما المتاح الوحيد الممكن!

وكل انتخابات رئاسية والشعب المصري بخير!

نشرت الجمعه 23 ابريل 2010

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=58651

الخميس، 22 أبريل 2010

ما الذى يحدث فى المجتمع المصرى هذه الأيام 2

أين برامج فرقاء المعارضة.. اكشفوها للناس؟!

استكمالاً لحديثنا في الجزء الأول من مقالي ما الذي يحدث في المجتمع المصري هذه الأيام؟.

اؤكد ان التغيير! كلمة براقة جميلة عظيمة! لكن التغيير لإيه؟ أليس هذا حقي وحق كل مواطن يعرف التغيير لإيه؟ سيما أن الدعاة للتغيير الآن في مجتمعنا ليس إلا مجموعة فرقاء متناقضين في الأهداف السياسية والقناعات والأفكار، فرقاء متناقضين في الأحلام وشكل المجتمع الذي يسعون إليه، فرقاء متناقضين في البرامج السياسية والشعارات، يجمعهم جميعا -الآن وبشكل مؤقت- علي تناقضهم العنيف المبدئي الرغبة العارمة في التغيير، ويحدثوننا الآن بصوت واحد كأنهم توحدوا فعلا، يحدثوننا ويحمسوننا لتأييد جمعهم من أجل التغيير، لكن لم يقولوا لنا وماذا بعد أن نصبح «كلنا إيد وحدة يا بهجت» ويصل الأتوبيس الذي يقلنا جميعا لمحطة التغيير التي يزعم الكثيرون أنها باتت قريبة وأوشكنا علي الوصول إليها.

5- ما زلت أحاول قراءة الواقع!


ماذا بعد، كيف سيكون شكل الطريق «لنهاية الخط»، لن يدوم اجتماع الفرقاء ولن يظلوا علي حالة التسامي العظيم والترفع فوق اختلافاتهم المبدئية العقائدية، بعد محطة التغيير التي سندفع جميعا -المطالبين بالتغيير- حافلتهم للوصول إليها، بعد تلك المحطة سيختلفون لأن ما بينهم أساساً الاختلاف وليس الاتفاق، وسيتشرذم أصدقاء وحلفاء اليوم وتظهر المواقف الحقيقية والشعارات الحقيقية والبرامج الحقيقية والوجوه الحقيقية، إذا كان الحال كذلك، لماذا لا نلعب -الآن- علي المكشوف؟ لماذا لا يطرح كل فصيل أو تيار سياسي برنامجه وهدفه ورؤيته للمستقبل ويتركوننا بمنتهي الحرية -النظرية علي الأقل- نختار ونؤيد وندعم ما نراه متفقا وأفكارنا وأحلامنا ونرفض ما نختلف معه، لماذا يضعون كل البيض في سلة واحدة فتتوه الفوارق وتتداخل الألوان ونصاب جميعا بـ«عمي الألوان» فلا نري شيئًا ولا نفهم شيئًا ونساق كالقطيع في طريق لا نعرفه، لا نعرف أوله ولا آخره ولا هدفه ولا محطته الأخيرة!

التغيير للأفضل وفقا للبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا للانحيازات الطبقية، وفقا لمبادئ العدالة والديمقراطية والحرية، التغيير للأفضل عبر صناديق الانتخاب والعملية الديمقراطية علي عيوبها ومساوئها «التزوير، الانفاق الملاييني، شراء وبيع أصوات الناخبين، العصبية والقبلية والطائفية الدينية، انعدام الرقابة القضائية أو صوريتها، تحالف المال مع القوة بحثا عن سطوة سياسية ونفوذ، عدم تكافؤ الفرص وقت العملية الانتخابية، تقييد الحق في الدعاية الجماهيرية والسرادقات والظهور في أجهزة الإعلام «هذا حديث يختلف تماما عن شحذ الغضب وإشاعة روح اليأس بين الناس واستثارة الفوضي.

6ـ ما زلت أحاول قراءة الواقع!


عفوا، فأنا أقف مندهشة، أمام ما يحدث في المجتمع المصري وبالأخص في أجوائه السياسية مندهشة لا أفهم!

في الوطن أحزاب وتيارات سياسية كثيرة، تعبر عن كل ألوان الطيف السياسي المعروف، بخلاف الحزب الحاكم وحكومته، هناك أحزاب يمينية، بعضها ليبرالي وبعضها رجعي متحفظ تؤمن بالاقتصاد الحر وآليات السوق.

أحزاب يسارية منحازة للأغلبية الكادحة والطبقات الفقيرة، علنية وسرية، بعضها اشتراكي وبعضها ناصري، أحزاب ديمقراطية ودستورية تنادي بالتغييرات الدستورية وتؤمن بها وتنادي بتداول السلطة وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، تيارات دينية إسلامية ومسيحية تعبر عن كافة المدارس الدينية المتشددة والرجعية والمتحفظة والمتقدمة.

حركات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان وتقاوم التمييز ضد النساء وتتبني حقوق الأقليات الدينية وضد التمييز الديني ومع المواطنة بعضها يدافع عن المستهلكين وبعضها يتبني مطالب المستأجرين والحق في السكن وبعضها يدافع عن استقلال القضاة والمحاماة، وبعضها يقدم خدمات قانونية للفقراء والنساء والمهمشين وبعضها يهتم بالقضايا النقابية والعمالية. حركات احتجاجية سياسية «كفاية»، «من أجل التغيير»، و«شايفنكم»، «ما يحكمش»، حركات غضب مطلبي، عمال شركة المحلة، خبراء وزارة العدل، أهل جزيرة، ضحايا السيول، أهالي الغارقين في العبارة، موظفو الضرائب العقارية، الممرضات، الدعاة، المحامون وقت قانون الرسوم القضائية، الصيادلة، وقت المحاسبة الضرائبية، مهندسون تحت الحراسة، الصحفيون بالجرائد التي أغلقت يطالبون برواتبهم من فوق سلم نقابتهم وكثيرون غيرهم.

هذا بخلاف عشرات الصحف والجرائد غير الحكومية بعضها يصدر عن الأحزاب ويدافع عن برامجها السياسية وبعضها يصدر عن مؤسسات وأشخاص وشركات، بعضها يساري وبعضها ليبرالي وبعضها يدافع عن التيارات الدينية وبعضها يهاجم بالأساس الدولة والحكومة وكل من يتبع لهم، بعضها يغير موقفه وتحالفاته لأسباب مختلفة بعضها سياسي وبعضها اقتصادي مالي وبعضها مرتبط بتغيير الإدارة ورئيس مجلس إدارتها!

أيضًا بخلاف الظاهرة المصرية المسماة بالشخصيات العامة، هؤلاء المعارضون للحكومة الرافضون لسياساتها.

في نفس الوقت يرفض هؤلاء الشخصيات العامة الانضواء تحت رايات العمل الحزبي ويتعالون علي جهد وانضباط وقيود الحياة الحزبية بكافة أشكالها، بل يعتبر كل منهم نفسه حزباً قائماً بذاته.

هؤلاء الذين يشكل كل منهم مع نفسه بنفسه حالة سياسية، لا يشارك في العمل الحزبي لكنه موجود علي الساحة السياسية بأفكاره أو توقيعاته علي بعض العرائض والمطالب أو بمقالاته في هذه الصحيفة أو تلك، شخصيات عامة كل منهم حالة سياسية خاصة - بصرف النظر عن قناعاته الفكرية - تفسح لهم أسماؤهم البراقة - بصرف النظر عن مصدر بريقها ومبرره وظيفة، موهبة، إبداع، عمل، موقف ما، مقعد نيابي مقعد نقابي سابق - لهم مكانا مستقلا إلي جوار الأحزاب والتيارات السياسية علي مسرح الحياة السياسية المصرية.

هم في أغلبهم جنرالات بلا جنود، ليسوا قادة حزبيين لهم جمهورهم وأعضاؤهم، ليسوا أعضاء نيابيين أو قادة نقابيين لهم أصواتهم الانتخابية التي حملتهم لمقاعدهم في النقابات ومنظمات المجتمع المدني، لكنهم أسماء معروفة، تحدث في ذاتها صخبا وضجيجا، ولها بعض المعجبين والمؤيدين لأفكارها أو مواقفها، لكن الأمر لا يتخطي إطار الإعجاب والانبهار أحيانًا لأي شيء حقيقي منتج وفاعل!

المشهد السياسي المصري فيه صحف وجرائد مملوكة لأشخاص ربما رجال أعمال سياسيين يدعون عدم الاهتمام بالسياسة ربما صحفيين يبحثون عن الثروات المليونية من حصيلة الإعلانات عبر العناوين النارية المعارضة للحكومة التي تجذب الغاضبين أو بعضهم للقراءة وشراء الجريدة وزيادة أرقام التوزيع.

تلك الصحف تصدر من عددها اليومي أو الأسبوعي في أفضل الأحوال بضع عشرات أو مئات من الألوف.

تلك الصحف تتصور هي وملاكها وأطقم تحريرها وصحفيوها أنهم يقودون الشعب المصري بمانشيتاتهم، تتصور أنها تصنع وجدانهم وعقولهم وتسيرهم في الاتجاه الذي ترغب فيه، مع أن مائة أو مائتي أو ثلاث مئات من الألوف من أي جريدة وسط شعب ثمانين مليوناً وأكثر تصل نسبة الأمية فيه لقرابة الـ40% هي كمثل قطرة عذبة في محيط مالح لا تملك تأثيرًا ولا تحدث تغييراً! حتي هؤلاء مصدري الصحف وملاكها وهم يتصورون أنهم يقودون الشعب المصري لم يفصحوا لنا عن الهدف الذي يقودون الشعب المصري في اتجاهه ولمصلحة من؟ الحكومة؟ المعارضة؟ الديمقراطية؟ الدولة المدنية؟ الدولة الدينية؟ الفوضي؟ في نفس الوقت تنشر تلك الجرائد والصحف كل ما يراكم الغضب لدي المواطنين.

كل ما يستثير قرفهم واكتئابهم ويحبطهم! ويصرخون ليل نهار.. التغيير التغيير! المشهد السياسي المصري، صاخب، متشابك، مليء بالضجة، انتقادات وأخبار وفضائح ونبرة عالية محتدة وصراخ أحيانًا، مظاهرات، وقفات احتجاجية هنا وهناك، بعضها مطلبي وبعضها سياسي وبعضها ديني، اتهامات متبادلة مستمرة ودائمة، غضب مستتر وأحيانًا متفجر، إشكاليات طبقية، طائفية، مقالات نارية بعضها تحريضي، بعضها مليء بالسخط والسخرية، بعضها مليء بالانتقاد والغضب، برامج تليفزيونية يومية تعرض كل شيء وتنتقد كل شيء وتهاجم كل شيء! المشهد السياسي المصري، يراه البعض ديمقراطيا يسمح بالكتابة والقول والاحتجاج والتظاهر «أحيانًا» ويراه البعض مليئا بالقيود وبعيداً عن المعني الحقيقي للديمقراطية ويحول بين تداول السلطة وحرية التعبير وتكوين الأحزاب بلا قيود!

لكن كل هذا الصخب السياسي في الأوقات المهمة لا ولم يثمر شيئًا، لم نر زعامات سياسية جماهيرية حقيقية تصلح لقيادة الأمة والوطن، ربما قدمت الأحزاب والتيارات السياسية عبر تاريخها الحديث بعض الوجوه البراقة التي تصلح لمقعد برلماني أو منصب نقابي، لكنها لم تقدم زعيما للأمة زعيما للوطن، لم تقدم شخصيات مجمعة تصلح لقيادة الوطن - رغم الاختلاف حولها أو عليها - نحن لم نسمع عن أسماء رنانة لها تاريخ وثقل حقيقي وتراث نضالي يعرف عنها القاصي والداني في كافة أرجاء الوطن من أقصي شماله الغربي لأقصي جنوبه الشرقي يتوافق الجميع عليها ويقبلون جميعًا الانصياع تحت رايتها والدفاع عنها وعن شعاراتها ويقدمون حياتهم زودا عن حقها في الوجود، بل أكاد أقول.

الشعب يتابع كل ما يحدث حوله من صخب وضجيج من باب التسلية وكسر الملل، فكل الجهد الذي يبذل في الحياة السياسية المصرية لم يسفر عن تحميس وتحريض ودفع الناس للانتظام في الحياة الحزبية والمشاركة في أعمالها ودفع عجلة الديمقراطية للأمام، لا.. كل ما يحدث ينتقد ويهاجم ويغضب وفقط وقد يثمر أعمالاً احتجاجية عنيفة أو غضباً عشوائياً أو فوضي جارفة، كل هذا الصخب والضجيج لا يثمر حياة أفضل بل يؤدي لكارثة لا يعلم إلا الله حجمها في بلد ضخم له تاريخ وحضارة ودور إقليمي عربي وأفريقي وإسلامي وشعبه يزيد علي الثمانين مليوناً من المسلمين والأقباط!

كل هذا الصخب السياسي والانتقادات وشحذ الغضب لم يدفع المواطنين لاستخراج بطاقات انتخابية، لم يدفع المواطنين للانخراط في الحياة الحزبية، لم يدفع المواطنين للخروج من حالة السلبية والعزوف التي يعيشون فيها منذ عقود بعيدة!

(7) مازلت أحاول قراءة الواقع!


هل يتصور أن تكون المعارضة السياسية تري المجتمع المصري بطريقتها! والحقيقة والواقع غير ماتراه! هل يتصور أن تكون هناك أقلية غاضبة - مع اختلاف أسباب الغضب - بينما الأكثرية راضية قانعة وربما بعضها سعيد بما يحدث! والأقلية عاجزة عن تغيير الأحوال لأن الأكثرية لا تسايرها وراضية عما يحدث، لكن الأقلية صوتها عال وغاضبة ولا تكف عن استثارة الغضب وذلك الغضب يلاقي قبولا لدي بعض الأكثرية الراضية لأسباب مختلفة، لكنه قبول لا يكفي لاتباع الأقلية ولا التسليم بقيادتها ولا اتباع أفكارها ولا تقبل برامجها، الأقلية تسلط الأضواء علي السلبيات والعيوب والنواقص في المجتمع، والأكثرية لا تعجبها تلك السلبيات وتلك العيوب في هذا المجال أو ذاك، لكن الأكثرية لا يعجبها تلك العيوب في إطار رضائها عن الحكومة الموجودة ومطالبتها بتحسين حياة الأكثرية وليس في إطار رفض الحكومة الموجودة والمطالبة بتغييرها!

هل يتصور هذا! لا أعلم! لكننا نحتاج قراءة عميقة دقيقة لأحوال المجتمع المصري وتشخيصاً دقيقاً لأوجاعه وأحواله، حتي نفهم وفي ضوء الفهم نتصرف!

هل هذا ما نعيشه؟ هل تعتبر المعارضة أن كل غاضب من أزمة رغيف العيش أو من أزمة أنابيب البوتاجاز أو معتصم علي سلم وزارة العدل أو رافض لنظام التعليم وجموده أو مطالب باشتغال النساء بالقضاء، هل تعتبر المعارضة كل واحد من هؤلاء من ضمن جمهورها وأصواتها وتابعيها ومؤيديها لأنه يرفض هذه الجزئية أو تلك؟

هل يتصور أن أتظاهر غضبا من أزمة رغيف العيش لكني أطالب الحكومة بتحسينه ولا أطالب برحيل الحكومة ذاتها، هل يتصور أغضب من غرق العبارة وأتظاهر للمطالبة بمحاكمة المسئولين عن غرقها وأهاجم الحكومة لأنها لم تتخذ إجراءات رادعة لمنع غرق مثل تلك العبارة، لكني لا أطالب برحيل الحكومة ذاتها هل يتصور هذا؟ في نفس الوقت هل يتصور أن تفسر المعارضة تلك الحركات الاحتجاجية بحجم أكثر من حجمها وتعتبر تلك الحركات الاحتجاجية رصيدا لها في مواجهة الحكومة تعايرها به! كل غاضب من ازدحام المرور معارض للحكومة يتمني رحيلها، كل غاضب من سوء حال رغيف الخبز معارض للحكومة يتمني رحيلها كل من سقط ابنه في الثانوية العامة لصعوبة المناهج وعدم استعمال الرأفة معارض للحكومة يتمني رحيلها كل من بني علي أرض زراعية بغير ترخيص وصدر له قرار إزالة معارض للحكومة يتمني رحيلها، كل من سجن ابنه في الكويت أو السعودية لأنه ارتكب جريمة ولم تعفه الحكومة من العقاب معارض للحكومة ويتمني رحيلها، كل من غرق ابنه في البحر بعد أن باع أرض الأب ومصاغ الأم بحثا عن يوروهات أوروبا معارض للحكومة ويتمني رحيلها؟ هل هذا ما نعيشه! مثلاً.. يتصادم قطاران فيغضب الناس من ذلك الإهمال ويطالبون بتحسين أحوال السكك الحديدية وربما يطالبون بإقالة الوزير ومحاكمة المسئولين عن ذلك الإهمال، لكن هذا لا يتساوي عند هؤلاء الغاضبين بمطلب المعارضة للتغيير الشامل الجذري ورحيل الحكومة وحزبها الحاكم! تنقطع المياه عن حي أو قرية فيغضب الناس من ذلك الإهمال ويطالبون بعودة المياه المقطوعة، وقد يتظاهرون ضد قطع المياه وقد يرشقون جنود الأمن المركزي بالحجارة وقت تحاصرهم وتمنعهم من التعبير عن رأيهم، وقد ترتفع عقيرتهم بالصراخ مطالبين الحكومة بتوفير الحد الأدني الآدمي لحياتهم اليومية، لهذا هذا لا يعني قبول شعارات المعارضة في التغيير الجذري الشامل ورحيل الحكومة وحزبها الحاكم! لكن المعارضة السياسية تعتبر كل هذا الغضب رصيداً لها في مواجهة الحكومة!

أظن - والله أعلم من موقع المراقب البعيد أن المعارضة السياسية تعتبر أي غضب شعبي أيا كان مصدره ومبعثه ومبرره رصيداً لها ودلاله تأييدها! بتجاهل إن هؤلاء الغاضبين لا يمنحون المعارضة أصواتهم الانتخابية بتجاهل أن هؤلاء الغاضبين لم ينضموا للمعارضة ولم ينخرطوا في صفوفها، بتجاهل أن هؤلاء الغاضبين إما عازفون عن المشاركة وتحويل غضبهم لأعمال إيجابية أو ينتخبون مرشحي الحزب الوطني ويسعون خلفهم للحصول علي توقيعاتهم ودعمهم وموافقاتهم في الخدمات البسيطة والحج والعمرة وقطن التنجيد وشقة من شقق المحافظة!

نعم أظن أن المعارضة تعتبر هؤلاء الغاضبين أياً ما كانت قضيتهم جمهورها وتهلل لهم وبرامج تليفزيونية ولقاءات وصور بالصفحات الأولي للجرائد ومنحهم أوسمة البطولة والوطنية، وتستنطق تصرفاتهم بما لا يعنونه ولا يقصدونه! أظن أيضا أن الحكومة تعتبر هؤلاء الغاضبين أعداءها وتنكل بهم دون أن تبذل جهدها في فهم مشاكلهم وأمنياتهم ومبرر غضبهم! لكن أظن أيضا أن لهؤلاء الغاضبين حساباتهم الخاصة لا هم جمهور المعارضة ولن ينتخبوها ولن يسلموها قيادهم وهم ليسوا أعداء الحكومة ولا يطالبون برحيلها، لكنهم يعترضون علي أدائها في كثير من المجالات التي تصعب حياتهم وتجعلها أكثر مشقة فيطالبونها بتحسين أدائها وتحسين حياتهم! قد يكون هذا ما نعيشه دون أن ندري، حكومة ومعارضة وشعباً! قد يفسر هذا ما يحدث! غضب الشعب من الحكومة في نفس الوقت عزوف الشعب عن المعارضة! هل هذا ما نعيشه فعلاً؟

«8» مازلت أحاول قراءة الواقع!


أحترم بشدة أحزاب المعارضة المصرية! حزب التجمع حزب الوفد الحزب العربي الناصري حزب الكرامة.. أحترمهم قيادات وأعضاء وتاريخ نضالياً ومواقف ثابتة وتضحيات ودأباً وجذوراً في الشارع المصري والتاريخ!

بعضهم يناضلون علي الساحة السياسية المصرية منذ ثلاثين عاماً ويزيد! ثابتون علي مواقفهم وبرامجهم السياسية! ربما مازال صوتهم منخفضاً، ربما مازالت فاعليتهم قليلة، ربما مازال تأثيرهم علي الشارع المصري محدوداً.

أحترمهم وإن اختلفت معهم ربما في البرامج السياسية أو التوجهات، ربما في أساليب العمل، احترمهم ولو لم أنضم لأي منهم، فالانخراط في العمل الحزبي يحتاج وقتاً وتضحيات وعطاء ربما لست بقادرة عليه لكنني أحترمهم! ولو ترشح من حزب التجمع وحزب الوفد أو حزب الكرامة أو العربي الناصري أي مرشح للمقعد الرئاسي سأنتخبه ولو ترشح في دائرتي الانتخابية في أي انتخابات برلمانية أو محلية أي مرشح لأي من تلك الأحزاب سأنتخبه!

وربما في لحظة ما تغمرني الحماسة فأتجاوز مرحلة الاحترام السلبي لمرحلة المشاركة الفاعلة فأحضر مؤتمراتهم وأروج لمرشحيهم وأدعو الناس لانتخابهم وفقا لقواعد الديمقراطية! أحترمهم لأنهم أحزاب حقيقية موجودة بالساحة السياسية المصرية! لم يهبطوا عليها بالبراشوت من السماوات البعيدة! لأنهم لم يدعوا اهتماماً زائفاً بالواقع المصري، بينما هم بعيدون عنه كل البعد!

أحترمهم لأنهم يعرفون قيمة الوطن الذي نعيش فيه وسيحافظون عليه بعيونهم ولن يعرضوه ومواطنيه لفوضي ولن يطرحوا العبث والعشوائية منهجا للعمل لن يطرحوا التغيير شعارا فضفاضا وهميا، بل هي أحزاب لديها برامج وخطط عمل، وعندما تدعو للتغيير هي واضحة المرجعية ولا تخدع الجماهير بشعارات فضفاضة براقه مزيفة، ولا تستغل غضبهم ولا تستثيره ولا تدفع الوطن للفوضي إنما تمارس العمل السياسي بمنتهي المسئولية عن الوطن والأمة والشعب والمستقبل!


أحترمهم وأحببت أن أسجل هذا وأذكره للتاريخ و«الجغرافيا» أيضًا!


الجزء الثالث والأخير غدا

نشرت الخميس 22 ابريل 2010

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=58404

الأربعاء، 21 أبريل 2010

ما الذي يحدث في المجتمع المصري هذه الأيام؟ ( 2-1)


هذه مقالتي الأخيرة في الشأن السياسي المصري، بعدها سأكتب في الفن والحب والثقافة والتاريخ والجغرافيا والذكريات وعن المواطنين وأحوالهم والمجتمع وحياته وعن أي شيء إلا السياسة! وربما لا أكتب أساسا!
ما الذي سيحدث في الدنيا، لو قررت ألا أكتب في السياسة وعنها، أو لو قررت ألا أكتب أساسا! لن يحدث شيء! فليس كل الكائنات الإنسانية كائنات سياسية تهتم بالشأن العام وتتفاعل معه وتفكر فيه، بالعكس، قليل جدا من البشر كائنات سياسية ابتلاهم ربهم بنقمة التفكير في الشأن العام، وبقيته وأغلبهم لا يكترثون بكل الصخب والضجيج الذي يدور أساسا حولهم بزعم الاهتمام بهم وبشئونهم! نعم جميعنا نتأثر وسنتأثر بما يحدث حولنا، لكن الطبيعة الإنسانية لا تفترض بالضرورة أن تكون كائنًا سياسيا مهتمًا بالعالم خارجك! وأقصد بالسياسة هنا، الصراع السياسي بين السلطة من ناحية والمعارضة من ناحية أخري بالمعني الواسع للسلطة والحكومة والنظام وبالمعني الواسع للمعارضة أحزابًا وتيارات وشخصيات عامة وأفرادًا!

أقصد بالسياسة هنا، الصراع حول الديمقراطية، التوريث، تداول السلطة، الانتخابات، التغيير، الدستور، كل هذه القضايا وأكثر، جمال مبارك، البرادعي، أيمن نور، حزب التجمع، حزب الوفد، حزب الغد، الإخوان المسلمون، الكنيسة والعلمانيون وأقباط المهجر، وكل القضايا المرتبطة بذلك الهم وما أكثرها!

لن أكتب في السياسة بعد النقطة التي تغلق السطر الأخير من تلك المقالة، وسأظل صامتة إلي ما بعد انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في عام 2011!

بعد تلك الانتخابات ربما سأعود للكتابة في الشأن السياسي المصري العام، بعدما تكون الصورة الضبابية -كما أراها الآن- قد اتضحت وجرت في النهر مياه كثيرة وانكشف المستور ذلك الذي يجهز له المسرح السياسي لكني لا أراه ولا أفهمه وأنا في الحقيقة أحترم نفسي وعقلي ولست بدجالة كي أكتب عن الأشباح والعفاريت واستنطقهم وأدعي العلم والمعرفة بما لا أراه من ظواهر سياسية وميتافيزيقية غامضة!

هذه مقالتي الأخيرة، لأن ما أقوله لا يهم أحدًا ولا يجدي ولا يغير من كل ما يحدث شيئًا، فما جدوي الهمس وسط الصخب والصراخ والضجيج والعويل والأصوات العالية! ما جدوي المناقشة الموضوعية خفيضة الصوت وسط مشاجرة كبري يشتبك جميع أطرافها بالصراخ والقول والشعارات مع بعضهم البعض في حمي هيستيرية، المناقشة الموضوعية هنا عبث ساذج لا معني له وبلاهة لا قيمة لها مهما بلغت قوة منطقها وبلاغة حجتها! ما جدوي المناقشة الموضوعية وسط طبول الحرب التي تدوي ضرباتها تصم الآذان فلا يسمع أحد أي شيء مما يقال ويرد ويقبل ويرفض دون انتباه حقيقي لكل ما يقال ودلالاته ومعناه وآثاره المستقبلية، ما جدوي الكلام العاقل وسط مباريات كرة القدم التي يشجع فريقيها جمهور من المتعصبين الحمقي هؤلاء الراغبين في قتل وذبح وموت الفريق الآخر انتصارا وسحقا له خروجا عن كل قواعد اللعبة المعروفة! ليس هناك جدوي! هكذا الأمر باختصار!

لا أفهم جيدا ما يحدث، لا أري الصور بكل تفاصيلها، لا أري جدوي من الحديث، لا أحد يهتم بالتفكير فيما يحدث ومحاولة استنباط أسبابه وفهمها، إذن هو الصمت علاجا ناجحا للحيرة الحالية وحتي إشعار آخر!

هذه مقالتي الأخيرة في الشأن السياسي المصري، بعدها سأصمت وأتابع مثل الملايين، سأصمت وأتفرج مثل الملايين، هؤلاء الملايين العازفين عن المشاركة العازفين عن التعبير عن أنفسهم، ربما لأن أحدا لا يعبر عنهم، ربما لأن كل ما يحدث لا يخصهم، ربما لأن كل ما يحدث ليس له أي قيمة عندهم، ربما لأنهم لا يصدقون كل ما يحدث وكل ما يقال، ليس مهمًا السبب في العزوف والصمت، لكنهم صامتون عازفون عن المشاركة حتي بالاهتمام مجرد الاهتمام! وبما أننا نتكلم عن الشعب كثيرا ونزعم أننا نعبر عنه ونفهم رغباته ونتحدث بلسانه، بما أننا نتكلم عن الشعب كثيرا فلا أقل من الانضمام لصفوف أبنائه الصامتين الرافضين للمشاركة في أي شيء مما يحدث حولهم، سأنضم للشعب الصامت يتابع ولا يشارك، يتفرج ولا يلعب، يسخر من كل ما يحدث ولا ينطق، ربما سأصفق أو أغضب أو أرفض أو أقبل كل أو بعض ما يحدث، سأنضم لصفوف الشعب الذي ينتظر بمنتهي الصبر من ستأتي به الأيام يوما ليعبر عنه ويحقق أحلامه المشروعة البسيطة في حياة أفضل وأجمل وأكثر احتراما وإنسانية!

بعد نهاية السطر الأخير في هذه المقالة، سأصمت تماما مثل ملايين المصريين وأكتفي بالمتابعة والمشاهدة و«الفرجة».

في هذه المقالة سأحاول قراءة الواقع، أقول سأحاول، وبعدها سأصمت أنتظر ما الذي سيحدث! وبعدما تجري المياه الكثيرة في النهر وتتضح الصورة وتنكشف عن أوراقها، بعدها سأعود وأكتب، تحليلا لما يحدث! أو لا أكتب أساسا هذا أيضًا ربما لن يفرق!

فما يحدث الآن غير مفهوم غير معقول وربما غير مقبول! سأحاول قراءته في سطوري المقبلة، ربما أفهم وربما يزداد الأمر غموضا فيكون الصمت ضرورة ولحين إشعار آخر!

(1) أحاول قراءة الواقع وفهمه!


نحن علي أعتاب فصل جديد في كتاب الحياة السياسية المصرية!

في 2011 ستتم الانتخابات الرئاسية الجديدة! استعدادا لتلك الانتخابات ما الذي يحدث هذه الأيام علي المسرح السياسي المصري؟!

انتخابات الرئاسة في عام 2011، قبلها انتخابات مجلس الشعب، انتخابات مجلس الشعب ستؤثر علي انتخابات الرئاسة التي ستتم بعدها طبقا لقواعد الدستور، لكن قطاعًا كبيرًا من المعارضة السياسية المصرية لا يفكر في انتخابات مجلس الشعب ولا منشغل بها لكنهم في نفس الوقت يطالبون بتغيير الدستور ليسمح بالترشح للمقعد الرئاسي بلا قيد ولا شرط! لماذا؟ لأنه لا يعجب تلك المعارضة السياسية بالطبع القيود الدستورية الحالية علي الترشح للمقعد الرئاسي سواء ضرورة تأييد عدد من أعضاء مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية لأي مواطن حتي يمكنه الترشح حسبما حدد الدستور وأيضًا لا يعجبهم ضرورة حصول الحزب السياسي علي نسبة معينة من الأصوات في الانتخابات النيابية كشرط لترشيح أحد قيادات الحزب نفسه للمقعد الرئاسي!

القيود الدستورية لا تعجب المعارضة السياسية، وتطالب بالتغيير! لكني أفكر في اعتراضاتهم ومعناها ونتائجها. هل أوافق عليها؟ وإذا كنت لا أوافق عليها هل هذا يعني أني أدعم الحكومة في مواجهة الشعب وضده!

هم - أي المعارضة السياسية المصرية بجميع فصائلها - يرون أنه من حق أي مواطن مصري أن يترشح لانتخابات المقعد الرئاسي، دون شرط ضرورة تأييد ترشيحه من عدد من الأعضاء النيابيين المنتخبين (باعتبار أن أي مرشح غير مرشح الحكومة لن يحصل علي ذلك التأييد لأن الأعضاء النيابيين المنتخبين سيؤيدون مرشح الحكومة لأنهم كلهم تابعون للحكومة باعتبار أن كل غير الحكوميين سيسقطون في الانتخابات سواء بالتزوير والعنف الحكومي سواء لأي أسباب أخري) إذن تطالب المعارضة بتغيير الدستور لأنها تفترض أنها - أي المعارضة - بكل فصائلها ستفشل في كل الانتخابات النيابية ولن تحصل من كل المجالس النيابية (شعب- شوري- محليات) علي نسبة التأييد اللازمة لإمكانية الترشح للمقعد الرئاسي! وهذا الافتراض هو المبرر المنطقي للمعارضة لطلب إلغاء القيود الدستورية سالفة الذكر هذا من ناحية!

من ناحية أخري فالمعارضة الحزبية تحديدًا تعترض أيضًا علي القيود الدستورية، لماذا، لأن كل الأحزاب تفترض - كمبرر لاعتراضها - أن مرشحي حزبها - في الانتخابات البرلمانية - لن يحصلوا علي نسبة الـ5% من إجمالي الأصوات وبالتالي لأنها لن تحصل علي تلك النسبة، لن تستطيع ترشيح أحد قيادي حزبها لانتخابات المقعد الرئاسي، وبالتالي لن يستطيع إلا الحزب الحاكم الحصول علي ما يزيد علي تلك النسبة وبالتالي لن يقوي أي حزب علي ترشيح أي قيادي من قيادييه للمقعد الرئاسي إلا الحزب الحاكم!

إذن في حقيقة الحال، المعارضة السياسية المصرية تري أن القيود الدستورية ستحول بينها وبين إمكانية تقديم مرشح للمقعد الرئاسي، لأن المعارضة السياسية المصرية تري أنها لن تحصل علي تأييد أعضاء المجالس النيابية ولن تحصل علي نسبة الأصوات المطلوبة من إجمالي الأصوات النيابية للدفع بقياديي الأحزاب للتنافس علي المقعد الرئاسي!

إذن نحن لن نحصل علي النسب المطلوبة للترشح! لكننا نرغب في الترشح!

هل هذا هو الموضوع؟

أليس من حقي ببراءة أسأل وماذا عن فرصها في النجاح! فإذا كانت المعارضة السياسية المصرية مجتمعة تري أنها لن تفلح في إدخال أعضاء في جميع المجالس النيابية (شعب وشوري ومحليات) تكفي لتأييد ولو مرشح واحد تتفق عليه المعارضة كلها لخوض المعركة الانتخابية الرئاسية، وإذا كانت المعارضة السياسية الحزبية تري أن أي حزب لن يفلح في الحصول علي نسبة الـ5% من إجمالي أصوات الناخبين في مجلسي الشعب والشوري تكفي لدفع أحد قياديي ذلك الحزب لخوض المعركة الانتخابية الرئاسية، فلو تصورنا جدلا أن تلك القيود قد رفعت وأصبح حق الترشح مباحًا لأي شخص - بصرف النظر عن صلاحيته وجماهيريته وقوته وتاريخه النضالي وشعبيته - وأصبح من حق المعارضة السياسية المصرية أن تزج في تلك المعركة ليس بمرشح واحد بل بألف مرشح، كيف سينجح هؤلاء المرشحون في الانتخابات؟ ألن ينجحوا بأصوات الناخبين؟ أليس هم ذاتهم الناخبون الذين لم يمنحوا تلك الأحزاب نسبة قليلة من أصواتهم في الانتخابات النيابية تكفي لترشيح أحد قيادييها؟

أم إن هدف المعارضة السياسية المصرية وقت الزج بمرشحيهم للمقعد الرئاسي ليس تصور إمكانية نجاحهم في الانتخابات وإنما فقط إمكانية الترشيح وفقط؟ أم أن المعارضة السياسية المصرية تتصور أنه وقت رفع القيود الدستورية، والزج بعشرات المرشحين، ستتمكن المعارضة - بعصا سحرية - من حشد أصوات الناخبين بالملايين ودفعهم للتصويت لمرشحيها! وإذا كانت المعارضة السياسية المصرية تتصور أنها ستفلح وقتها بحشد أصوات الناخبين بالملايين وإقناعهم بالتصويت لها علي المرشح الرئاسي، فلماذا لم تفلح المعارضة السياسية طوال عمرها في التجربة الديمقراطية الحديثة منذ عام 1976 في إقناع ملايين الناخبين بالتصويت لها في معارك أصغر وأقل أهمية كثيرًا من معركة المقعد الرئاسي! ربما السبب أن الحكومة مستبدة وقمعية وغير ديمقراطية وتزور الانتخابات وتحول بين المعارضة وبين جماهيرها، إذا كان الحال كذلك، ما الذي تتصوره المعارضة بشأن الحكومة إذا ما رفعت القيود الدستورية، هل تتصور أنها ستتبدل لحكومة من الملائكة الديمقراطيين التي ستتيح الفرصة كاملة وبمنتهي الروح الرياضية للمعارضة كي تمارس حقها الديمقراطي في تداول مقاعد السلطة والحكومة والرئاسة!

هل المشكلة التي يعيشها الوطن في أزمة الديمقراطية وتداول مقاعد الحكم، أن الحكومة غير ديمقراطية، أم المشكلة أن المعارضة ضعيفة؟ وهل ضعف المعارضة فقط بسبب عدم ديمقراطية الحكومة أم لأسباب تتعلق بالمعارضة ذاتها! لماذا لا يؤيد الشعب المعارضة؟


هل لأنه يؤيد الحكومة وراض عنها؟ هل لأن المعارضة لا تعجبه؟ هل لأنه خائف من تأييدها خوفا من بطش الحكومة؟ أم أن الشعب لا يفكر في الأمر أساسًا؟ هل المشكلة في الشعب ذلك السلبي الذي لا يشارك في العملية الانتخابية أساسًا ولم يستخرج بطاقات انتخابية رافضا المشاركة في تلك اللعبة، ومن استخرج منه بطاقات انتخابية استخرجها لأسبابه الخاصة البعيدة عن الصراع بين الحكومة والمعارضة، وحين تبدأ الانتخابات يبيع صوته الانتخابي لمن يدفع أكثر أو ينتخب من يمليه عليه ضميره القبلي أو العائلي بصرف النظر عن السياسة ودهاليزها؟ هل المشكلة في القيود الدستورية، أم المشكلة في طريقة الانتخابات وعدم نزاهتها وعدم شفافيتها، أم المشكلة في عزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات، أم المشكلة في عقلية الناخب الذي مستعد لبيع صوته لمن يدفع أكثر أو تقديمه علي طبق من فضة لابن العشيرة أو القبيلة أو العائلة أو لصاحب السطوة أو النفوذ أو الجاه!

أين المشكلة؟ أليس مهما أن نفهم ما الذي يحدث حولنا؟


إذا فهمنا وشخصنا الداء أمكننا معرفة الدواء! أين المشكلة؟

(2) أحاول قراءة الواقع وفهمه!


أفكر كثيرًا حتي يكاد رأسي يحترق، أتابع كل ما يحدث حولي، أتأمل أخبار الصحف والمانشتات، تعليقات القراء علي مواقع الصحف علي الإنترنت، تعليقات الناس علي الفيس بوك، أقرأ بعناية السطور وما بين السطور، أنصت للحوارات الخاصة بين البشر، أقرأ ملامح وجوههم، أحاول استشف المسكوت عنه، أحتار كثيرًا في فهم ما يحدث، لا أصدق أنه بالطريقة التي يحدث بها! أشك كثيرًا في فهمي وإدراكي لما يحدث، أراجع قناعاتي، مواقفي السياسية، أحلامي للوطن، أراجع كل شيء، أتعجب من نفسي أولاً، لماذا لا أفهم ما يحدث، بل لماذا لا يعجبني، لماذا لا أتحمس له، أقرأ كل خبر بعناية، ما هو المقصود من نشره، ما هو الخطاب الذي يتضمنه، ما هي النتيجة التي يهدف إليها المتحدث أو الكاتب أو المعلق، ما هي النتيجة التي سنصل إليها، ما هي النتيجة التي يدفعنا إليها!

بعض المصريين غاضبون من حال الوطن وحالهم، بعضهم غاضبون، ربما الجميع، لا أعرف! لكن إذا كان الجميع غاضبين حسب زعم بعض الأحزاب والتيارات والقوي السياسية، إذا كان الجميع غاضبين، لماذا لم يقو الغاضبون وهم الجميع لماذا لم يقووا علي إجراء التغيير المنشود لهؤلاء «الجميع»!

سؤال مهم يشغلني وأفكر فيه كثيرًا! هل الثمانون مليون مصري وأكثر جميعهم ضد حكومة الحزب الوطني وسياساتها الاقتصادية الاجتماعية؟ وإذا كان الثمانون مليون مصري وأكثر فعلاً ضد الحكومة ورافضين لسياساتها ولا أقول معارضين لأن المعارضة حالة إيجابية تتجاوز الرفض للتعبير عنه، إذا كانوا جميعهم فعلا ضد الحكومة، لماذا لم يتجاوز هؤلاء الملايين حالة السلبية لحالة المعارضة الإيجابية.

لماذا لم يسع هؤلاء الملايين، ويبذلوا مجهودًا لتغيير تلك الحكومة التي يرفضونها! هل لأنهم مازالوا في مرحلة الرفض السلبي ولم يتجاوزوها لمرحلة المعارضة والفعل الإيجابي؟ هكذا يقول البعض، الشعب المصري سلبي! ويركن إلي تلك السلبية لتبرير عزوفه وانصرافه عن الشأن السياسي كله! لكن هذا قول متناقض غير منطقي، الجميع غاضب الجميع سلبي الجميع عازف عن المشاركة الجميع ينتظر النخب السياسية - حسب تصورات النخب السياسية وليس حسب ما أفصح عنه الشعب - لتأتي له بالعصا السحرية تغير حاله وأوضاعه التي يكرهها ويتمني تغييرها! أظن هذا كلامًا غير حقيقي وغير واقعي!

أظن أن الادعاء بأن الثمانين مليونًا غاضبون رافضون معادون لحكومة الحزب الوطني ادعاء غير صحيح وغير حقيقي، نعم يتردد كثيراً هذا الكلام ليبدو حقيقيا لكني أظنه غير حقيقي! وإذا كان كلامي الأول يصف أمراً غير حقيقي رغم الترويج له ليبدو حقيقيا وواقعيا، فما هو الحقيقي؟ الجميع راضون عن الحكومة وسعداء بها ويصفقون لها طيلة الوقت، هل هذا حقيقي؟ هل الجميع راضون سعداء والنخب السياسية تعيش وهماً زائفاً؟ لا.. هذا أيضاً ظن غير حقيقي وغير واقعي! إذن ما هو الحقيقي الواقعي.. أليس مهمًا أن نفهم لنتصرف؟ أليس تشخيص الداء أول طريق العلاج، وما هو الداء يا أيها الأطباء الماهرون؟

لماذا أشعر بأن المجتمع المصري اليوم يعيش حالة مثل تلك التي عاشها العميان في الأسطورة الهندية وقت التفوا حول الفيل وتباروا في وصفه حسبما أحسه كل منهم، من وضع يده علي «الزلومة» وصف الفيل باعتباره رفيعًا اسطوانيا يعلو ويهبط، ومن وضع يده علي «البطن» وصف الفيل باعتباره عريضًا كبيرًا رخوًا، ومن وضع يده علي «الساق» وصف الفيل باعتباره كجذع شجرة أسطواني يعلوه سقف صلب!

كان جميعهم يصف ما يحسه ويشعر به لكن كلاً منهم يصف وصفاً منقوصاً غير دقيق لا يتجاوز مساحات إحساسه الشخصي!

هل فعلاً المصريون حكومة ومعارضة وشعبًا مثل العميان في الأسطورة الهندية، كل منا يصف ما يراه وفقط لكنه لا يصف الحقيقة!

(3) مازلت أحاول قراءة الواقع!


إذا كان بعض الثمانين مليونًا رافضين للحكومة وبعضهم راضيا عنها وربما داعمًا لها، فكم نسبة الراضين المؤيدين لنسبة الرافضين المعارضين؟ هل تعرف الحكومة من الذي يؤيدها ولماذا يؤيدها؟ هل تعرف من الذي يرفضها ولماذا يرفضها؟ هل تعرف المعارضة بكل فصائلها المختلفة من الذي يؤيدها ولماذا يؤيدها؟ ومن الذي يرفضها ولماذا يرفضها؟ أسئلة كثيرة تحيرني أفكر فيها كثيراً ولا أجد لها إجابات.

أسئلة تفرض نفسها علي وسط صخب وضجيج سياسي رهيب، صخب تسمع قرقعته في وسائل الإعلام والفضائيات والبرامج الحوارية وتقرأ عنه في الصحف والمجلات والمانشيتات الصحفية الساخنة، صخب سياسي وضجيج قد يخدع المراقبين أحياناً ويشير لما ليس حقيقيا، أو يشكل جزءًا من الحقيقة لكن ليس كلها!

ما الذي يحدث؟


التيارات السياسية المعارضة باختلافاتها الكثيرة لا تتفق إلا علي زعم مفاده أن الشعب كله ضد الحكومة غاضب من سياساتها رافض لتوجهاتها يتمني تغييرها، وهذا التصور يقودنا بالضرورة لنتيجة واحدة حسب تصورات المعارضة، هي ضرورة سعي الشعب للتغيير وإصراره عليه، لكن الشعب ساكن وساكت لا يسعي للتغيير حسب تصورات المعارضة، فالواقع الحقيقي يتناقض مع افتراض المعارضة الذي تروج له في جرائدها وتصريحات زعمائها طيلة الوقت.. التيارات السياسية تصف معضلة تستعصي علي الملائمة، الجميع غاضب لكن الجميع سلبي ساكن!

في نفس الوقت التيارات السياسية المعارضة لم تفسر لنا المعضلة التي نعيشها - حسب ادعاءاتها - من أن الشعب كله ضد الحكومة ومفترض نظريا أنه يؤيدها- أي المعارضة - ورغم هذا فإن ذلك الشعب نفسه لا ينتخب المعارضة ولا ينشط في صفوفها ولا يدعمها، فالشعب مازال بعيدا عن عضوية الأحزاب ومقاراتها الحزبية ودعم مرشحيها انتخابيا!! أم إن ما تصفه التيارات السياسية المعارضة ليس وصفا حقيقيا دقيقا للواقع، والأمر لا يعدو مرآة ينظرون فيها فيرون الغضب المرتسم علي وجوههم كأنه الحقيقة الوحيدة في الحياة!

بل إذا كان الجميع غاضبين كما يقول البعض، فهل الجميع غاضبون لنفس الأسباب، وهل الجميع يهدفون للتغيير بنفس الشكل ونفس النتيجة؟

أنا شخصيا لا أظن أن الجميع غاضبون لذا أقول حسبما أري أن بعض المصريين غاضبون من حال الوطن، غاضبون من الدستور، غاضبون من الحكومة، غاضبون من الحزب الوطني وهؤلاء الغاضبون يصرخون يطالبون بالتغيير، لكن حتي هؤلاء الغاضبين ليسوا متماثلين ليسوا متطابقين لا ينبعث غضبهم من بوتقه واحدة، ولا يهدف لنتيجة واحدة، الغاضبون يصرخون يطالبون بالتغيير لكنهم لا يقولون ما هو شكل التغيير المنشود، ولا يقولون ما هو شكل المجتمع الذي سيأتي به التغيير، ربما يرد علي البعض بأنه ليس مهما شكل التغيير ولا مهمًا شكل المجتمع الذي سيكون، إنما المهم التغيير والتغيير فقط.

ووصولا للتغيير الذي لم يقل أحد شكله، يتكاتف - كل أو بعض - السياسيين المعارضين المختلفين مع الحكومة والنظام الرافضين لهم، يتكاتفون جميعا علي اختلاف أفكارهم وآرائهم السياسية والاجتماعية والعقائدية والاقتصادية يتكاتفون لحشد وتجميع الغاضبين- علي اختلاف أسباب الغضب ومستهدفاته - وشحذ غضبهم وصولا للتغيير الذي أصبح من وجهة نظر هؤلاء هدفا عظيما ساميا، أما بعد التغيير - بفرض النجاح في الوصول إليه - فوقتها «يحلها الحلال»!

التغيير وفقط هو الهدف، ليس مهما «لايه» ولا «ازاي»، المهم التغيير هو الهدف!! بل ربما تكون الفوضي من وجهة نظر هؤلاء هي الهدف في حد ذاته! الفوضي! وربما تكون الفوضي من أجل التغيير!

(4) مازلت أحاول قراءة الواقع!


ربما يكون هذا هو الهدف! الفوضي من أجل التغيير! ربما يكون هذا هو الهدف الحقيقي لكل ما يحدث، أي شيء غير ما هو موجود، أحسن أسوأ، هذا ليس أمرًا مهمًا، المهم التغيير التغيير!! فالغضب غير المنظم غير السياسي، الغضب من كل شيء وأي شيء، الغضب الذي يشحذه الكثيرون كل يوم.. ينفخون في ناره لتشتعل حريقا مروعا، لن ينتج حياة ديمقراطية سليمة وتداول سلطة ومقاعد الحكم، هذا الغضب لن يثمر إلا فوضي عارمة متجاوزًا كل الأطر وكل القواعد وكل الأفكار وكل البرامج، لن يثمر إلا فوضي عامة مخيفة ربما تؤدي لتغيير لكنه تغيير كارثي مأساوي!

ربما يقول لي قائل: وما لها الفوضي؟ أليست أجمل من الجمود والركود والرتابة ومما نحن فيه؟! وربما يقول لي قائل: لماذا ترفضين التغيير، هل يعجبك ما يعيشه الوطن.. هل تعجبك حياتنا اليومية ومشقتها؟ لا لا يعجبني ما يعيشه الوطن ولا ما يعيشه المواطنون، ولي في شأن حياتنا انتقادات عظيمة، لكني في نفس الوقت أري أن حياتنا التي نعيشها بكل عيوبها ومساوئها واعتراضاتي ورفضي وانتقاداتي لها تعد رحمة ورفاهية تهون بجوار أشكال وأنواع أخري لحياة أخري أبشع وأسوأ وأفسد، قد نجد أنفسنا والوطن قد انزلقنا إليها ونحن نلهث بحماس شديد خلف شعار التغيير الغامض أو الفوضي التي تقود للتغيير!

في نفس الوقت إن وصلنا لهذا المستوي العبثي غير المسئول في المنافسة والاستهتار «ومالها الفوضي» ونحن نتكلم عن الوطن وحالة ومستقبل أبنائه، لا أملك إلا الغضب والصمت!، لماذا، لأن الوطن ليس ورقة كوتشينة نلعب بها باستهتار علي منضدة القمار، ولأن حياة المواطنين ليست بخسا للحد الذي نغامر بها دون اكتراث!! والفوضي تظل فوضي.. حالة سلبية عشوائية مخيفة حتي لو وصفت بأنها الفوضي الخلاقة أو الفوضي المنظمة أو أي أوصاف أخري! الفوضي مرفوضة بجميع أشكالها وأي ما كانت مبرراتها، ولا يعقل، وأنا هنا اتكلم عن حياة سياسية وأحزاب ومعارضة ونخب ومثقفين وأناس مخلصين للوطن محبين له، ولا يعقل أن نستغل غضب الناس من حياتهم، وهو غضب مشروع ومبرر، لا يمكن أن نستغل ذلك الغضب للتلاعب بالناس وخداعهم وإيهامهم بأن التغيير في ذاته، بصرف النظر عن التفاصيل، هدف عظيم يا ليتنا نصل إليه! فالتغيير العبثي العشوائي مع رفضي لكثير مما نعيشه، قد يسفر عن كوارث ومصائب للوطن وللناس وللمجتمع، التغيير ليس هدفا في ذاته، التغيير للأفضل هو الهدف، وعلي كل منا أن يحدد الأفضل من وجهة نظره، ويعتبر ذلك معيارا مهما لرفض أو قبول كل ما يحدث وكل ما يقال، وواجب الأحزاب السياسية والمعارضة والنخب والمثقفين وقت تطرح شعار التغيير أن تخبر جمهورها وأبناء الوطن بمنتهي الأمانة والصراحة والشجاعة بشكل التغيير الذي تنشده وطبيعته وشكل المجتمع الذي تسعي إليه نتيجة لهذا التغيير، فنحن لسنا بنعاج تقاد في طريق مجهول يلوح لنا بالجزرة، وأعواد البرسيم والجرس المدوي فنجري وراءها بمنتهي الحماس فنصل للكارثة التي زين إلينا الطريق إليها باعتباره منتهي الأمل والمني والوطنية والثورية!! والتغيير للأفضل يستحيل أن ينبت في أرض الفوضي والعشوائية والعبث!

الجزء الثاني غداً
نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه 21 ابريل 2010

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=58167