الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

" مالقوش اكل ياكلوه ...............!!!! "



اتابع منذ سنوات الجهد الدئوب للحكومة الحالية والسابقة والتي قبلهما للانضمام لركب الحكومات الالكترونية هو جهد شاق شارك فيه وباخلاص وتفاني مشهود له عن طريق الدراسات والورقات البحثية والعصف الذهني كوكبة متميزة من اساتذة الجامعات وحملة الشهادات العليا " خالص" من اصحاب التخصصات النادرة في علوم الاتصالات والحاسب الالي الذين اضناهم الارهاق وهم يشاركون وبمنتهي الحماس في العشرات بل المئات من المؤتمرات الكبري والصغري وحلقات المناقشة والموائد المستديرة التي سددت معظم تكاليف انعقادها في الفنادق الفاخرة والمنتجعات الفخمة جهات اجنبية صديقة مانحة للدولارت واليوروهات احبت حكومتنا وشعبنا " قوي قوي" ودعمتهم " جدا جدا " علي دراسة موضوع الحكومه الالكترونية وقتله بحثا ومناقشة !!! وكان الدافع الحميد لحكومتنا غير الالكترونية لتحويل نفسها لحكومة الكترونية هو انتباهها لاتساع الهوة التي تبعدنا عن غيرنا من الشعوب المتقدمة التي تحكمها الحكومات الالكترونية ، تلك الهوة التي دفعت الدول والشعوب التكنولوجية – في ظل الثورة الصناعية الجديدة وانتشار الفضائيات والموبيالات ورسائل ال اس ام اس - لوصم الشعوب و الافراد غير الاكفاء في التعامل مع الحاسب الالي غير المدركين لخباياه وخبايا الفضاء الالكتروني باعتبارهم جهلة وفقا لمعايير النظام العالمي الجديد ، ولان الحكومة غير الالكترونية لاتقبل علي شعبها وصمه بالجهل التكنولوجي فقد آخذت الحكومه علي نفسها - ورغم الجهد الشاق الذي بذلته ومازالت تبذله – وعدا بتحويل نفسها لالكترونية والعبور بشعبها وبسرعة المليون ميجا بايت الفجوة الرقمية التي سقط الشعب فيها مستهدفة وبحق ان تباهي به الامم في النظام العالمي الجديد !!!
وقد اثمر جهد الحكومة غير الالكترونية والجهات المانحة والرسائل البحثية والمؤتمرات المضنية والمناقشات المكثفة نتائجهم المرجوة وسرعان ما بشرت الحكومة الالكترونية مواطنيها في القري والنجوع ومساكن ايواء الزلزال واحواش المقابر والواقفين في مواقف الميكروباصات والمحشروين في "التوك توك" والمنتظرين بكل لهفة وشوق اتوبيس النقل العام الذي يمر امامهم مكدسا بركابه الفقراء ال" مفعوصين " ينتظرون بأسي دفقة هواء نظيف !! يشرتهم و زفت اليهم نبأها السار " ففي عهدها - عهد الحكومه الالكترونية الرشيدة - ستستطيع عزيزي المواطن استخرج شهادة ميلادك وميلاد اولادك واستخراج رخصة قيادتك وسداد فاتورة تليفونك ومتابعه حسابك البنكي بمجرد لمسه زر من جهاز الكومبيوتر النقال الذي وفرته لك الحكومه الالكترونية بقسط شهري زهيد!! " بل ووعدتهم الحكومه باكثر واكثر " تدفع ضرايبك ، تسجل بيتك ، تستخرج بطاقتك ، تجدد باسبورك و..... كله ...... بمجرد لمسة زر !!"
هكذا بذلت الحكومة جهدها هي وعلمائها المتخصصين في " الهاي تك " فانجزت وادخلت الشعب المصري وبنجاح فائق للفضاء الانترنتي من الباب الحكومي الواسع ليتمتع مثل شعوب الدول المتقدمة بالخدمات الانترنتية ويعيش عصرالحكومة الالكترونية ، هنيئا له وبشر الصابرين !! ..
لكن رغم كل هذا المجهود الحكومي الملحوظ ، فقد راعني ان الشعب النكدي لم يفرح بالبشري التي زفتها الحكومة اليه ولم تنفرج اساريره المكتئبة ابتهجاجا بها ولم يشارك الحكومة فرحتها بانجازها الالكتروني ولم يقدر كعادته مجهوداتها!! ولم يكتفي الشعب تجاه حكومته الالكترونية بهذا الجحود والنكران للمجهود والعطاء بل اعطاها ظهره واظهر لها عدم اكتراثه بعبور الفجوة الرقمية ولم يستجب لدعوتها بالتجول في الفضاء الآنترنتي والاكثر الما ان الشعب النكدي تجاهل الحكومه وامنياتها وغرق اكثر واكثر في احلامه العادية التي يحلم بها منذ عشرات السنوات متجاهلا التغييرات الدولية ومتناسيا المتغيرات الكونية وكارها للنظام العالمي الجديد بل وعجز الشعب الذي تصل نسبة الامية بين ابناءه ل 27 % في اكثر الدراسات تفاؤلا عن التفاعل الايجابي مع الكترونية الحكومة ليس تكبرا منه علي مجهوداتها او تمردا علي انجازاتها او رفضا لامنياتها واحلامها بل بحثا عن احلامه الضائعة التي لم تحققها هذه الحكومة واي حكومه سابقة الكترونية كانت او لم تكن ، فمازال الشعب يحلم بحياة كريمة واسرة سعيدة وشارع نظيف ودكتور شاطر ومحامي امين ومدرس مخلص وحكومة تحبه وتشعر بمشاكله الحقيقية !!! مازال الشعب يحلم بمصلحه حكومية تحترم ادميته وتنجز مصلحته وتنفذ مطالبه المشروعة ولاتدفعه دفعا للشارع و "فوت علينا بكرة " مازال الشعب يحلم بمدرسة تعلم صغاره القراءة والكتابة تعليما حقيقيا ويحلم بجامعة تؤهل اولاده لوظيفة المستقبل وتمنحهم وظيفة تمكنهم من فتح بيت ورعايه اسرة وتربية الاطفال براتب ادمي محترم يعلو درجات كثيرة عن خط الفقر ، مازال الشعب يحلم بمستشفي حكومي لايطالبه بشراء الادوية والشاش والقطن ولايستهجن تألمه ولايسخر من تأوهه ويحلم طبيب يعامله بانسانية ويسمع شكواه وانينه ويتمني حصوله علي علاج فعال ولايخلو من المادة الدوائية يخفف المه ويقضي علي مرضه ، مازال يحلم بمحكمة تحقق له العدل السريع والطمأنينة والامان وراحة البال وتكف الظلم عنه وترد له حقه السليب ، مازال يحلم بقسم شرطة شعاره خدمة الشعب قسم شرطه يحترمه ويحافظ علي ادميته ولايحتجزه قهرا ولايضربه افتراءا يزينه ضابط شرطة يحترم كرامة المواطن ويحافظ عليها ويدفع عنها الاعتداء والقهر ، مازال الشعب يحلم باحياء سكنيه نظيفة منظمة تظلل الاشجار المورقة شوارعها الخاليه من القمامة ومياة المجاري لايخيم علي سمائها سحب الذباب والحشرات الطائرة ولا ينتشر فيها الموت بالبالوعات المفتوحة واسلاك الكهرباء العارية ، مازال الشعب يحلم بوزير يفتح له مكتبه وقلبه ويسمع شكواه يسعي لحلها ، ويحلم بنائب يمثله بغير تزوير وبغير رشوة وبغير عنف مقصود يحطم الصناديق وعظام المعارضين نائب يعبر عن احلامه المشروعة في حياة بسيطة هادئة جميلة لاينتشر فيها القبح ولا تلوثها الضوضاء ولا يهدر كرامتها الافتراء والبلطجة ولا يبدد امانها خشية المجهول والغد المخيف والغول والعنقاء وعساكر الامن المركزي!! ولان احلام الشعب بسيطة جدا لم تحققها الحكومة ولان امنيات الحكومة معقده لم يقبلها الشعب وهكذا بددت الحكومه طاقتها وطاقة الخبراء وتمويل الجهات المانحة لتحقيق امنية لاتشغل الشعب ولايتنظرها ولايكترث بها فغضب الشعب من الحكومة التي لاتشعر به ولاتعرف احلامه الحقيقية فتسعي لتحقيقها وغضبت الحكومة من الشعب الامي الجاحد الذي لايعرف مصلحته ولايقدر مجهوداتها !! وهكذا اتسعت الفجوة غير الرقمية بين الحكومه الالكترونية والشعب البسيط الطيب اكثر واكثر وزادت الهوة بينهما لان الحكومه الالكترونية لم تحقق أي من احلام الشعب البسيطة فقد تجاهلها الشعب ولان احلام الشعب البسيطة لم تتحقق في الفضاء الانترنتي فقد تجاهلتها الحكومة وتأكد للجميع ان احلام الشعب لاتعرفها الحكومه وان امنيات الحكومه لاتعني الشعب ولا تهمه فسار كل منهما في طريق كما قال ابراهيم ناجي في قصيدته الجميلة الاطلال !!!
الفقرة الاخيرة – همست الحكومه غاضبه علي الشعب " ما يعجبوش العجب ولا الصيام في رجب !!! "
الجمله الاخيرة – همس الشعب غاضبا من الحكومة " مالقوش اكل ياكلوه ، جاب كلب يربوه !!! "
الاربعاء 24 مايو 2006

ليست هناك تعليقات: