الخميس، 25 سبتمبر 2008

الرسائل الخطيره !!!!


لم اقرآ المقالات التي تسببت في الازمه " السياسيه " المحتدمه التي نسمع صخبها وضجيجها وزئير غضبها هذه الايام !!! لم اقرآ المقالات التي اعتبرها بعض المحامين الاعضاء في الحزب الوطني الحاكم تشكل مساسا بحزبهم السياسي واهانه لرموزهم وقياداتهم فحملوها للمحكمه مطالبين بادانته كتابها وعقابهم بمواد السب والقذف في قانون العقوبات !!! لم اعرف ماهي الادله التي ساقها هؤلاء المحامين "المدعون بالحق المدني" امام المحكمه اثباتا للاتهامات المنسوبه منهم لخصومهم ولم ادرك طبيعه الاضرار " بالمعني القانوني" التي اباحت لهم طلب عقاب الخصوم والزامهم بالتعويضات الجابره لتلك الاضرار ، كذا لم اطلع علي طبيعه الدفاع الذي قدمه محامين المتهمين امام المحكمه وقت نظر دعواهم وبالتالي لم ادرك اثره علي الادله المقدمه ضدهم ولا علي الاتهامات التي نسبت اليهم ، وفي النهايه لم اقرآ متن الحكم الابتدائى القاضي بادانه المتهمين ولا الاسباب التي بني عليها تلك الادانه ومدي اتساق ذلك الحكم والقواعد القانونيه الصحيحه !!! لكني قرآت مقالات واراء كثيره حول تلك الازمه و كان من ضمن ما قرآته مانشر في احد المقالات توضيحا للاخطاء القانونيه - حسب زعم الكاتب - التي لحقت بالحكم القضائي باعتباره منح المحامين رافعي الدعوي صفه بالمعني القانوني وهي لاتتوافر لهم مما كان يتعين معه علي المحكمه الحكم بعدم قبول دعواهم فاذا ماخالف الحكم ذلك فقد صدر معيبا مخالفا للقانون !!! وقرآت في مقال اخر وصما للحكم بآنه "منعدما " بالمعني القانوني - حسب رآي الكاتب - بما يبيح للجميع حق التعقيب العلني عليه !!! وقد راعني ما قرآت وسآلت نفسي اندهاشا متي كانت صفحات الجرائد مجالا للتعقيب علي الاحكام القضائيه المنعدمه او ساحه لمناقشه اسبابها المخالفه للقانون !!! لذا قررت ان اكتب هذه المقاله تعبيرا عن غضبي من كل ما كتب حول القضاء والقضاة وتآكيدا لاحتجاجي علي كل ما اثير بسبب ذلك الحكم ونتيجه صدوره ورفضا لكل النتائج التي ستترتب علي ذلك الامر ولكل الاثار التي ستلحق بمجتمعنا من جراء ذلك !!!! فما حدث في الايام الماضيه يتناقض تماما والتقاليد القضائيه التي تربينا عليها وعرفناها والتي حجبت وبعمد مقصود وواعي جميع الاحكام القضائيه بعيدا عن الرآي العام واشتباكاته السياسيه وعلمتنا الف باء قانون وعداله ان التعليق علي الاحكام القضائيه والاعتراض عليها وبيان عوارها واوجه بطلانها مكانه الوحيد ساحات المحاكم الاعلي التي منحها القانون دون غيرها من الجهات والهيئات الحق في تعديل تلك الاحكام بل والغاءها والحكم بما يناقضها !!!! تلك التقاليد القضائيه التي علمتنا ايضا ضروره احترام القضاة ومنصاتهم واحترام الاحكام القضائيه وحجيتها وعلمتنا قبل كل هذا وذاك ان الخصومه القضائيه مكانها الوحيد هو ساحات المحاكم و ان السجال امام المحاكم له آدابه المنضبطه وتقاليده الامره وقواعده الصارمه وان هذا جميعه يختلف تماما عن اليات الصراع السياسي والخصومات الحزبيه لكن الصحافه وكتابها ومحرريها وضيوفها من المستشارين واساتذه الجامعه ورجال القانون صبوا جام غضبهم السياسي علي ذلك الحكم القضائى وانهالوا عليه بمعاولهم تعقيبا وتعليقا وتنفيدا ونقدا وهجوما كآن ذلك الحكم القضائي قد تحول لمقال لا يعجبنا مضمونه او رآي سياسي لا نوافق عليه !!!! لماذا اغضبني ما اغضبني ؟؟؟؟ لان ذلك الهجوم الصحفي واستعداء الرآي العام علي الحكم ومضمونه لاينال فقط الحكم القضائي المعني ولا يمس هيبته فقط بل سيمتد اثره لكافه الاحكام القضائيه فالرساله التي ارسلتها غضبه الصحفيين ومقالاتهم للجمهور هو احقيه الجميع من المحكوم ضدهم ولصالحهم اي ماكان نوع القضيه او طبيعتها في رفض الاحكام القضائيه او قبولها واحقيتهم في التعقيب علي الاحكام القضائيه مدحا وذما واحقيتهم في انتقاد الاحكام القضائيه ورفض مضمونها او الثناء علي الاحكام القضائيه والتهليل لها !!! وهي رساله اجتماعيه خطيره سلبيه الاثر لا يترتب عليها بشكل عملي الا ضياع هيبه القضاء وفقدان احكامه لاي احترام او حجيه بما لذلك من اثار مدمره علي العداله وعلي المجتمع كله !!! فاذا كانت الصحافه الحره المستقله قد هاجمت الحكم القضائي ووصمته - صحيحا كان او خاطئا ، معيبا كان او سليما ، باطلا كان او منعدما - بانه حكم ذي صبغه سياسيه ويشكل تهديدا للعداله في مصر وقال احدهم بآن ذلك الحكم يشكل اهانه للتراث القضائى المصري كله فقد منحت الصحافه نفسها الحق في انتقاد الحكم والتعبير عن رفضه علانيه وامام الرآي العام فلماذا غضبنا اذن حين انتفضت عائله احد المتهمين رفضا للحكم القضائي الصادر ضد ابنها بالادانه واعتدت علي القضاه الجالسين علي المنصه بالضرب .. لماذا انزعجنا وغضبنا واعتبرنا ماحدث من تلك العائله جريمه لا تغتفر في حق العداله خصوصا وحق الوطن عموما !!! فاذا كان من حق المحكوم ضدهم - واقاربهم او اصدقائهم - رفض الاحكام القضائيه وعدم احترامها والتعليق عليها والغضب من مضمونها امام الرآي العام وفي ساحاته فمن حق كل شخص ان يعبر عن غضبه من تلك الاحكام بالطريقه التي يقوي عليها وبالاسلوب الذي يعرفه !!!! هذه هي الرساله الاجتماعيه الخطيره التي ارسلتها الصحافه للجمهور بشآن القضاء والقضاه والاحكام القضائيه وهو مما دفع المجلس الاعلي للقضاء - حسبما اتصور - لاصدار بيانه مطالبا بمنع التعقيب العلني - خارج ساحات المحاكم والمراجع العلميه - علي الاحكام القضائيه باعتباره امرا مخالف للقانون والدستور ... كذا فقد اغضبني ما قرآته من مقالات تضمنت نقدا شخصيا عنيفا للقاضي الذي اصدر ذلك الحكم القضائي بما يشكله ذلك من مساس بالنظام القضائي المصري ومبدآ التقاضي علي درجتين وما يفترضه ذلك المبدآ ويتصوره من مخالفه بعض الاحكام الابتدائيه لصحيح القانون مع منح المتقاضين في ذات الوقت وتحقيقا للعداله وحرصا علي مصالحهم القانونيه الحق في الطعن علي تلك الاحكام بالاستئناف او النقض دون ان يعني ذلك اي مساس بشخص القاضي او توجيه اي نقد او لوم شخصي له او اعتبار الغاء حكمه من قبل المحكمة الاعلي عيبا يستوجب انتقاده او المساس بشخصه ،ان مبدآالتقاضي علي درجتين منح الخصوم القضائين الحق في عرض دعواهم امام محاكم مختلفه الدرجات لتنظر المحكمه الاعلي في حكم المحكمة الادني بصلاحيات قانونيه واسعه تصل لحد تعديل الحكم او الغاءه دون ان يكون لذلك اي اثر علي شخص القاضي او القضاة مصدرين تلك الاحكام ، الا ان الصحافه في ازمتها الاخيره وحدت بين شخص القاضي وحكمه الذي لايعجبها وصبت غضبها علي الحكم وعلي القاضي شخصيا وانتقدت مضمون الحكم ولامت القاضي في نفس الوقت لاصدار ذلك الحكم فكآنها ارسلت للمجتمع رساله خطيره سلبيه الاثر ليست علي القضاه او المتقاضين فقط بل علي العداله نفسها فاذا كنا اليوم غاضبين من هذا القاضي وننتقده بقسوه لانه اصدر حكما ضدنا فغدا سنسعد بذلك القاضي ونمتدحه بحنان لانه سيصدر حكما لصالحنا وهذا خطير وذلك اكثر خطوره فانتقاد القضاة ومدحهم والزج بشخوصهم في الخصومات القضائيه مدحا وذما قد يؤثر علي تجردهم ويلغي عدم انحيازهم بين الخصوم المتقاضين وقد يرفع عن وجوههم عصابه العداله التي تغلق اعينهم ويفتحها انتباها لشخوص المتقاضين وقد يدفعهم بالانحياز المقصود لبعض الخصوم علي حساب البعض الاخر خوفا من النقد اللاذع او املا في الشكر الجميل !!! ان المعركه السياسيه التي يخوضها الصحفيين هذه الايام دفاعا عن حقهم في الغاء العقوبات البدنيه والحبس من جرائم النشر وصدمتهم من الاحكام القضائيه المتلاحقه بادانتهم وحرصهم علي ممارسه مهنتهم بحريه دون تهديد او خوف او ملاحقه لا يعطي الصحافه الحق في اعتبار القضاء والقضاة خصومها السياسين !!! فتغيير القوانين المقيده للحريات والغاءها هو الهدف الحقيقي لتلك المعركه التي يتعين ان تخوضها الصحافه وجميع حلفاءها المعنيين بحريات الوطن وحقوق مواطنيه مع الحكومه و مع سلطتها التشريعيه!! الفقره الاخيره - ان طرح الخلافات السياسيه في شكل دعاوي قانونيه امام المحاكم يفترض بالضروره انحياز الحكم القضائي لاحد الخصمين السياسين لان الحكم لصالح اي من الطرفين يعني - بشكل عملي - انحيازا لوجهه نظره ورآيه وادلته في مواجهه الطرف الاخر فليست وظيفه المحاكم حسم الصراعات السياسيه بين المتصارعين وليست وظيفه القاضي الانحياز لهذا الرآي السياسي علي حساب الرآي الاخر لذا اتمني ان يكف الفرقاء السياسين عن حمل اشكالياتهم السياسيه وطرحها امام المحاكم للاستقواء باحكامها في مواجهه بعضهم البعض ... ابعدوا عن المحاكم وساحاتها وامامكم بقيه الدنيا واسعه تتحمل اختلافاتكم ومشاجراتكم وغضبكم السياسي !!! الجمله الاخيره - قرآت عن التقرير الذي اصدره البيت الابيض دفاعا عن حريه الصحفيين المصريين ورفضه للقرار الحكومي بحبس الصحفيين فمسحت دموعي لرهافه الاداره الامريكيه الديمقراطيه وتذكرت قول السيد المسيح " تري القشه في عيني ولا تري الشجره في عينك " وتمنيت لو تسحب قواتها الغازيه من العراق وتفرج عن اسري جوانتينامو والمعتقلين فيه وتوقف تآييدها لاسرائيل وتكف عن تسليحها في مواجهه الشعب الفلسطيني وتتوقف عن تهديداتها لايران وسوريا وحزب الله حتي تكتسب في نفسي مصداقيه تجبرني علي تصديق اهتمامها الزائف بحرياتنا !!! السطر الاخير - توضيحا لموقفي السياسي اؤكد انني معارضه للحكومه وحزبها الحاكم في جميع سياساتهم الاقتصاديه والاجتماعيه انحيازا مني للشعب ومواطنيه الكادحين .. واؤكد انني ضد حبس الصحفيين ومع تفعيل ميثاق الشرف الصحفي ... اؤكد انني مع استقلال القضاء واحترام سلطاته ... اؤكد انني مع الغاء كافه القوانين المقيده للحريات ومع تدعيم حريه الرآي والتعبير ...

ليست هناك تعليقات: