الأربعاء، 24 سبتمبر 2008

ودن من طين وودن من عجين "

كتبت منذ بضعه شهور الفت نظر الحكومه للغضب الجارف الذي يسيطر علي حياه المواطنين !!! قلت في مقال سابق ان الناس غاضبه مكتئبه وان حياتهم صعبه وان ظروفهم المعيشيه ضاغطه عليهم وعلي اعصابهم وان وجوههم تنطق بما يعتمل بداخلهم من يآس وتوتر وفي نفس المقال اضمرت معاني كثيره خطيره مما كنت افكر فيه وانوي كتابته !! اضمرته بين سطور المقال واعتبرت انه لاحاجه للافصاح الصريح عن مضمونه اكتفاءا بالقاعده المعروفه " المسكوت عنه معلوم !!!! وقلت في نهايه المقال ان غضب الناس " وحش " وربنا " يكفي " الحكومه شره !!!! وبالطبع لست من السذاجه حتي اتصور انني في تلك المقاله كنت اكشف للحكومه ورجالها مالا يعرفوه !! فانا اعرف وانت تعرف ان الحكومه تعرف كل شيئ عن رعيتها التي تحكمها وانها - اي الحكومه - تملك من الرجال والاجهزه ومراصد قياس الرآي العام ما يكشف لها بالطبع عن تدهور الحاله المزاجيه للمواطنين وانهيار قدراتهم في ضبط النفس والسيطره علي المشاعر الموحشه والغضب العنيف الذي يغلي في مراجلهم !! بالطبع كنت اعرف ان الحكومه تعرف ان الناس غاضبه وان حياتهم صعبه وان ايامهم طويله ولياليهم موحشه وانهم يعانون في كل لحظه وفي كل موقف !! كنت اعرف ان الحكومه تعرف ان مواطنيها " روحهم علي طرف مناخيرهم " يتنفسون الغضب ويقتاتون به ويعبئونه في صدورهم مع الهواء وانهم " علي شعرة !!! " لكني كنت اتصور في تلك المقاله - حبا في الوطن - انني انبه الحكومه حتي لاتستهين بذلك الغضب الشعبي ولا تستخف بمظاهره الفجه ولا تتجاهل اثاره المدمره !! كنت اتصور انني اهمس في اذن الحكومه الفت نظرها ان الناس علي وشك الانفجار - كنت اتصور انني انبهها .. احذرها .. اجذب اهتمامها لقضيه في منتهي االخطوره متصوره وهما انها ستهتهم بحديثي وتفهم معناه وتسعي جاهده لاتقاء شر الغضب الشعبي المتصاعد وانها ستبذل كل جهدها للحيلوله بين الشعب والوطن وبين الانفجار الغاضب !! كنت اتصور ان الحكومه ستسمعني وانها ستهتم بهمسي وتنصت لدمدماته الصريحه وانها - اي الحكومه - ستنتبه للوحش النائم الذي يكاد يتنفض غضبا من قسوه الحياه التي يعيشها ويآسا من اي بارقه امل في اصلاحها فيحرق الاخضر واليابس وقبلهم يحرق الحكومه ذاتها ومعها الوطن للاسف !!! كنت اتصور ان الحكومه تعرف مثلي واكثر ان الناس غاضبه حين غرقت العباره بفلذات اكبادهم !! ان الناس غاضبه حين ارتفعت اسعار جميع السلع والخدمات وازدادت البطاله !!! ان الناس غاضبه من اكياس الدم الملوثه التي دمرت صحتهم وامرضتهم !! ان الناس غاضبه من المبيدات المسرطنه !! ان الناس غاضبه من القمامه التي تحتل احيائهم !! ان الناس غاضبه من المجاري التي تفترش شوارعهم !! ان الناس غاضبه من سحب الذباب والناموس التي تحتل سمائهم !!!كنت اتصور ان الحكومه تعرف مثلي واكثر ان الناس تعاني في موسم دخول المدارس وتعاني وقت الذهاب للمصايف وتعاني وقت رمضان والاعياد ومولد النبي ووقت زواج الابناء ووقت الخروج علي المعاش !! كنت اتصور ان الحكومه تعرف مثلي واكثر ان التعليم الذي تقدمه للناس ارهق جيوبهم وان العلاج الذي تقدمه للناس امات احبائهم وان الوظائف التي تعجز عن تدبيرها للخريجين الجدد تقتل الامل في نفوسهم !!! كنت اتصور ان الحكومه تعلم مثلي واكثر ان الناس غاضبه من الفساد غاضبه من المحسوبيه غاضبه من ضياع الحقوق والعداله البطيئه غاضبه من تعسف الدوله واجهزتها مع المواطنين !!كنت اتصور ان الحكومه تعرف مثلي واكثر ان نسبه لابآس بها من مواطنيها يعيشون تحت خط الفقر يائسين بائسين كارهين لحياتهم وللحكومه التي لا تهون عليهم مايعانون منه ولا تهتم بامرهم !!! كنت اتصور ان الحكومه تعرف و" تطنش !!! " لذا قررت ان ارفع عن عينيها العصابه العمديه السوداء التي تعميها !! قررت ان اسلط الاضواء علي المشاكل التي تتجاهلها الحكومه وتدعي عدم وجودها لا اهدف الا صالح الوطن الذي يهدد مستقبله واستقراره الانفجار العنيف المقبل للشعب الغاضب المحبط !!! لكن الحكومه اعطتني ظهرها واصمت اذنيها عن حديثي واطلقت رجالها الافذاذ يثيرون عمدا وقصدا غضب الناس اكثر واكثر كآنها تختبر طاقاتهم علي التحمل وطاقتي علي الصبر!!! اعطتني الحكومه واعطت المواطنين ظهرها واصدرت قرارتها المتلاحقه تستفز الناس اكثر واكثر وتزيد غضبهم اكثر واكثر كآنها تقول لنا " زنك حلاوه حلاوه زنك !!! " فبدلا من سعي الحكومه لحل ازمات الناس وتحسين حياتهم اذ بها تطلق عليهم رجالها الاكفاء الافذاذ يصدرون القرارات المتعسفه الواحد تلو الاخر فيزيد حياه الناس الصعبه صعوبه ويزيد غضب الناس الغاضبه اكثر واكثر !!! !! فاذ بنا نستيقظ يوما علي مظاهرات الممرضات الغاضبات لان جهبذ من رجال الحكومه قرر عمدا حرمانهم من "بدل التغذيه" وهم اللذين يعانون من ضيق ذات اليد ومرتبات هزيله ودخول ضعيفه لاتتحمل نقص " اي مليم احمر !!! " واذ بنا نستيقظ يوما علي الائمه والدعاه غاضبين يهددون الحكومه بالاعتصام احتجاجا علي قرار عبقري اصدره رجل من رجال الحكومه يحرمهم من الحافز المادي الضئيل الذي يحصلون عليه فوق رواتبهم الضعيفه فيساعدهم علي تحمل اعباء المعيشه الصعبه وبدلا من مراعاه الحكومه لظروف ائمتها والسعي لتهوين ظروفهم الصعبه اذ بها تضيق عليهم الخناق اكثر واكثر حتي اوشك اكثر الناس حلما وصبرا علي الانفجار الغاضب !! واذ بنا نستيقظ يوما علي قرار ببيع احد اهم البنوك الاربع عماد الاقتصاد الوطني فيزداد غضب الناس وخوفهم علي استقلالهم الوطني المهدد !! واذ بنا نستيقظ يوما علي قانون مزمع صدوره بشآن التآمين الصحي يكاد يحرم الناس الفقيره المريضه من اي فرصه للعلاج والحياة !! واذ بنا نستيقظ يوما علي مظاهرات العطشي يجآرون بالشكوي لانهم لايجدون ماء يروي عطشهم !! واي بنا نستيقظ يوما نسمع عن ارتفاع اسعار تذاكر السكك الحديديه بزعم تحسين خدماتها !! ونستيقظ يوما نعاني من ارتفاع اسعار الوقود واثره علي ارتفاع كل اسعار السلع والخدمات !! و نستيقظ يوما يملآ انفسنا الغضب اكثر واكثر لان الحكومه لاتكترث بالناس ومعاناتهم !!! وكآن الحكومه لا تقنع بالغضب المشتعل في الصدور ولا تكتفي به فتسكب الزيت الساخن علي النار المشتعله قررات عشوائيه معاديه للناس ومصالحهم وحقوقهم المهدده بالضياع !!! وقد قرآت يوما انتقادا للحكومه من اكثر اصدقائها السياسيين ينعي عليها فشل برنامجها الاجتماعي ويلومها علي اثاره المدمره التي ستجنيها الحكومه ويدفع ثمنها الوطن باكمله !!! وقد احسست وقتها - ومن منطلقات مختلفه ولدوافع مختلفه - بالاتفاق التام في الانتقاد البرنامج الاجتماعي للحكومه ذلك البرنامج المنحاز للاغنياء والمعادي لبقيه المواطنين الذي لايكترث بمشاكلهم ولا يهتم بهمومهم ولا يسعي لتحسين حياتهم ويتركهم فريسه جاهزه للاصطياد والتلاعب بهم من قوي سياسيه تدينيها الحكومه وتعتبرها هي سبب كل المشاكل وكل "البلاوي"!!! والحقيقه ان الحكومه هي سبب كل المشاكل التي يعيشها هذا الوطن وسيعيشها اليوم وغد وبعد الغذ !! الحكومه ووزرائها وسياساتها الاقتصاديه الاجتماعيه المنحازه ضد سواد الشعب وعموم مواطنيه هي سبب كل المشاكل التي نعيش فيها ، هي سبب كل الغضب الذي يغلي في صدور الناس ، هي السبب في الانفجار الشعبي القادم !!! ها انا قلت واقول .. ان الحكومه تتجاهل الغضب الشعبي .... تتجاهل المشاكل المستعصيه التي يعيش فيها الناس ..... تتجاهل الازمات التي تمسك بتلابيب المواطنين ... الحكومه هي التي تشعل النيران في ثوب الوطن والمواطنين !!! ومااسهل علينا لوم الاخرين .... ومااسهل علينا الترويح لنظريه المؤامره ..... ومااسهل علينا النوم وانتظار الكارثه !!!! لكن جميعنا سندفع الثمن !!!! ياايتها الحكومه انتبهي فمستقبل الوطن في خطر وانت السبب وتذكري حين تقع الكارثه ماقلته لك وما اردده علي مسامعك ولا تنصتي اليه .... تذكري حين تقع الكارثه ما قلته لك ولا تلومي الا نفسك !!!!
الفقره الاخيره - زهقت من انتقاد الحكومه وزهقت اكثر من الصمت عن سياساتها المعاديه للشعب !!!
الجمله الاخيره - تلوم الحكومه ورجالها القوي السياسيه المعارضه باعتبارهم سبب الانفجارات الشعبيه التي نسمع عنها كل يوم ... والحقيقه ان الحكومه هي السبب في تلك الانفجارات الصغيره والسبب في الانفجار الشعبي الاكبر القادم !!!
السطر الاخير - تذكرني الحكومه بالمثل الشعبي " ودن من طين وودن من عجين " !!!
نشرت الاربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠٠٧

ليست هناك تعليقات: