الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

" ازيك ، لا ازيك انت....."

ماهذا الذي نسمعه علي بعض المحطات الاذاعية هذه الايام ؟؟!! مااسمه ؟؟!! مااسم ذلك الضجيج السمعي الذي يدخل منازلنا ويحاصر آذاننا ويحاول اختراق عقولنا ؟؟ مااسم هذا التلوث الصوتي الذي يبث ساعات طويلة يحاصر المستمع عن عمد وبقوة والذي لا يقصد خبراء صناعته المتخصصين في التسويق الا الترويج للسلع والخدمات الاستهلاكية والكلام التافهه الغث !! ماحقيقة ما تذيعه بعض المحطات الاذاعية هذه الايام ويطلقون عليه برامج وهي في حقيقتها اعلانات تجارية تسويقية متخفية في شكل برامج يقدمها مذيعين ومذيعات يتكلموا عربي "مكسر" وكأن براعتهم في قهر اللغة العربية ومفرداتها و " عوجة بقهم " هي سبب تعينيهم في تلك المحطات "الفرانكواراب " !! مذيعين ومذيعات يروجوا باصرار وفرحة عبر ساعات طويله من البث الاذاعي لكل التعبيرات الجديدة التي اضافها الشباب التافه علي مفردات حديثنا فهذا البرنامج " طحن " وهذا الضيف "حلق لنا" ولم يأتي وهذه الاغنية "جامده موت – كوول " !!! ماهذا الذي نسمعه في بعض المحطات الاذاعية هذه الايام من برامج نهارية يطلق فيها العنان للمذيعين ان يقولوا ما يعن لهم من كلمات وجمل تقال بطريقة موحية لايفهم منها الا معني واحد كنا نخجل قديما من مجرد التلميح اليه بل وكانت الرقاب تقطع والدماء تسيل اذا ما جهر احدهم بذلك المعني الخفي في اوساط الاسر والبيوتات المحترمة !! ماهذه الحوارات الفارغة التي يجريها المستمعين مع مذيعين ومذيعات تلك المحطات بلا قضيه ولاهدف الا التسلية وتضيع الوقت عن طريق اثارة القضايا الساخنة والموضوعات الفجة !!! ماهذه الحوارات الطويلة التي تملأ ساعات البث الاذاعي بلا مضمون وكأن المطلوب من الجميع ان يضيع وقته ووقتنا في عبارات تافهة لاقيمة من سماعها ولافائده من قولها "ازيك ، لا ازيك انت ، انا معجبة بيك قوي ، وانا كمان ، اخبارك ايه ، الحمد لله وانت اخبارك ايه ، الحمد لله " عبارات تتبادلها الفتيات مع المذيعين ويتبادلها الشباب مع المذيعات فيشعر المستمعين مثلي اننا في مكان "خاص جدا" له قواعده المعروفة التي لاتعجبنا ونرفضها ولانقبل المشاركة فيها ولو بمجرد السمع والانصات الضار بالعقول والاخلاق !!! ماهي الفائدة التي ستعود علي مستمع مثلي او مثل ابنتي في بدايه سن المراهقة من الحوارات اياها " احكي لي حكايه ، احكي لنا تجربة ، قولنا اجمد نكته ، ايه ابوخ موقف اتعرضت له ، ايه الذ كلام اتقالك " ومامغزي الحكايه التي يرويها شاب صغير ترك مذاكرته المملة وتفرغ لاصطياد الفرصة التي حلم بها وسماع صوته في " الراديو" !! وماهو الكلام "اللذيذ" التي ستقصه علينا فتاه تتكلم في البرنامج بصوت هامس من خلف ظهر اهلها وهي الفائدة من سماع الكلام " اللذيذ " الذي ستقوله لنا مني او هدي او شيماء او اسلام او أي فتاة اخري توترها هرمونات المراهقة وتثير اعصابها صعوبة المناهج الدراسيه التي لاتعرف جدوي مذاكرتها ، ماذا ستمنحنا فتاه تعيش بلا حلم يراودها وبغير هدف تنشد الوصول من خبرات تقصها علينا " علي الهواء مباشرة " فتاة مراهقة مثل ملايين الفتيات في بلادنا جلست - هربا من المذاكرة و مساعدة والدتها في اعمال المنزل - تقتل الوقت بجوار الراديو متفرغة بليت اصابعها من كثرة المحاولات التليفونية لاتحلم الا بسماع صوتها عبر موجات الاثير فاذا ما حالفها الحظ السعيد و" طلعت علي الهواء " لاتصدق نفسها من السعادة وتبدأ حديثها بصراخ فرح ممزوج بكل كلمات الثناء والمديح والحب للمذيع الذي اسعدها حظها بالحوار معه !!! مااسم هذا الذي يحدث ؟؟؟!!! واذا تركنا المكالمات التليفونية الاذاعية جانبا وعرجنا علي الرسائل " أس ام اس " التي يناشد المذيعين الجمهور بارسالها طلبا لاغنيه او تعبيرا عن امنيه او مشاركة في حوار او ابداء رأي في موضوع او الاحتفال بمناسبه عامه فحدث ولاحرج !!! فالرسائل مليئة بعبارات الحب والغرام والتي يرددها المذيع علي اسماعنا " احمد بيحب صفاء " ثم يوضح لصفاء " احمد بيحبك !! " ويذيع بعدها أغنية " احبك اه " مشاركة لاحمد وصفاء في احتفالهما بحبهما !! " توتا بتقول لمحيي انها زعلانه منه " فيأمره المذيع الهمام " يامحي ، صالح توتا !!" ويذيع بعدها اغنية "اطبطب ادلع " تحريضا لمحيي علي " دلع توتا " مااسم هذا الذي تبثه الينا الاذاعة عامدة متعمدة !!!! واذا بعدنا عن هذا وذاك واصغينا لبرامج الدلال والدلع و"الذي منه" فيكفينا نحن المستمعين المعذبين ما سنلاقيه من طريقة حوار مذيعيها وكلمات الوله التي تلقيها المستمعات تحت اقدام هؤلاء الرجال – عفوا المذيعين - فرحا بالجائزة المحتملة وانتشاءا بالحظ الجميل الذي اتاح لها هي الفتاة الملتاعة ان تكلم المذيع وتشرح له ولمستمعيه ماذا تفعل في لحظات الراحة والاستراحة !! اما اذا كنت مثلي مسافرا علي طريق طويل وفتحت الراديو علي هذه المحطة او تلك يوم عيد الحب فسوف تسمع ما لايمكن لخيالك تصوره ، ستسمع رسائل حب ووله وقبلات اذاعية ، ستسمع كلمات الغرام - التي عهدناها كلمات خاصه حميمة لاتقال الا في اكثر اللحظات خصوصية – ستسمعها تبث علي الهواء مباشرة " فرباب بتحب جمال " فتؤكد المذيعه علي المستمعين " اجمل حاجه في الدنيا الحب !! " و "سميرة بتصالح رؤوف وبتعتذر له " فيناشده المذيع " خلاص بقي الصلح خير " و" شريف بيقول – انا باحب صفية قوي قوي وهي مش سأله فيا " فتسألها المذيعه بلهجة خاصه جدا " ليه بس كده " ويوافقها المذيع "خلاص ياشريف ما تقلقش ، صفيه حتسأل فيك ، مش كده ياصفية ؟؟!!! " وهكذا تبدد ساعات البث الاذاعي في ارسال واستقبال وتلقي رسائل الحب والغرام والاعتذار والصلح ليتجمع الشباب حول الراديو ينتظرون اسمائهم واسماء محبيهم يرسلون الوف الوف الرسائل التي تسحب رصيدهم التليفوني وتستهلك مصروفهم وفلوس "بابا وماما" وتضيع وقتهم وتشغل عقولهم الصغيرة بقضايا تافهه لاتحتاج كل هذه الضجة والصخب يختلط بهذا كله اعلانات تجارية موسيقية تختلط نغماتها ونغمات اغنيات هذه الايام فلا تعرف الاغنية من الاعلان ولاتميز بين نغماتهما فيزداد الضجيج والتلوث الصوتي ويزداد حصار المستمعين ال" محشورين " بين مطرقة الاغاني الهابطة وسندان البرامج الاعلانية ورسائل الحب و "صالحيه وخليك جدعه !! " فاذا بالاذاعة التي نعرفها تفقد وقارها وجديتها وتغترب عنا وعن قضايانا ومشاكل مجتمعنا التي تنخر كالسوس في عظامه وتحلق بنا في سماء التفاهة و" ده برنامج طحن واوعي وشك !!! " واذا بشبابنا مستقبل الوطن ورصيده في الايام الصعبة المقبلة ينشغل بالحب الاذاعي التافه ويناقش احاسيسه الخاصه علي الهواء ويتعلم كيف يتعري بلا حياء كاشفا عن ادق مشاعره بلا غرض الا "الشو الاعلامي" اذا بشبابنا مستقبل الوطن يقاد لدرب التية والضياع بعيدا عن همومه المؤرقة فلا يفكر في البطالة ولا في المعوقات الاجتماعية للزواج المبكر ولا في اثار الزواج العرفي ولا في ازمة سكن الشباب وكيفية التغلب عليها ، اذا بشبابنا يقاد بعيدا عن قضاياه فلا يفكر فيها ولاينشغل بها ولا يهتم بمناقشتها ولا يتصور حلولا لها ، اذ بشبابنا مستقبل الوطن يشد لقاع البحر ويزج به عمدا في دواماته منقادا ضائعا يفكر فيما ليس له معني وينشغل بما ليس له جدوي فيغرق ومعه الوطن وكل احلامنا !!! واسمحوا لي ان اتسائل بأسي وهم حقيقي هل هؤلاء الشباب مستمتعي تلك المحطات الاذاعية هم قادة الغد ورجال ونساء العصور الصعبه الذين سيسيرون بالوطن وشعبه لافاق المستقبل ورحابته ، اسمحوا لي ان اتسائل باسي وهم حقيقي عن صانعي تلك المحطات وخبرائها التسويقين ممن حددوا اتجاهها واسسوا توجهاتها اختاروا برامجها ومذيعيها وانتقوا جمهورهم وحددوا اهتماماتهم هل فكروا يوما او يقكرون في هموم الوطن ومشاكله ؟؟هل يكترثون بما يحاصرنا وما يهددنا ؟؟ هل يعنيهم واقعنا الصعب واحلامنا المجهضة ومشاكلنا المتراكمة ؟؟ ام لايشغلهم ولايهدفون – من ساعات البث المباشر المستمرة - الا تحقيق ارباحهم المليونية حصيلة الاعلانات والتليفونات !!! عفوا ايها القائمين علي تلك المحطات الاذاعية انا لا اهاجم ما تبثوه فكم من ابتلاءات نواجهها في حياتنا ولانملك ازاءها الا الدعاء لله العزيز القدير ان ينجينا من شرها ، لكني اتعجب من حال الاذاعة المصرية وما صارت عليه ، الاذاعه التي كانت في ايام ماضية احد ادوات التنوير وترويج الثقافة وترقية الذوق والقضاء علي الاسفاف والتفاهة ، الاذاعة التي كانت من ضمن اليات صياغة عقل المجتمع وترقية حسه ونفسه ومشاعره ، الاذاعة التي تربينا عليها وعرفناها واحببناها وتعلمنا منها ومن برامجها الجادة ومحاوريها المتميزين ونشرات اخبارها الكثير والكثير ، الاذاعة التي منحتنا السعادة والفكر صغارا ببرنامج "ابلة فضيلة " وشبابا " كلمتين وبس " ونساءا " مع ربات البيوت " الاذاعة التي اسهرتنا سعداء " غواص في بحر النغم " و" قال الفيلسوف " وعرفتنا علي مشاكل المجتمع وشخوصه في برنامج " علي الناصية " الاذاعة التي اطربتنا مع السهرات الكلثومية يوم الخميس الاول من كل شهر واسعدتنا باغانينا المفضلة "مايطلبه المستمعين " الاذاعة التي اصطحبتنا في " زيارة لمكتبة فلان " فتصفحنا كتبا مفيدة وسمعنا عن مخطوطات نادره وتعرفنا علي اعلام الوطن وخيرة مفكريه ، الاذاعة التي اسمعتنا التراث الشعبي والفن الشعبي وقصص الف ليلة وليلة و " عواد باع ارضه " و" الدندرما " الاذاعة التي اضحكتنا وابكتنا وغيرت مشاعرنا وألفت قلوبنا وانشدت لنا في محننا الوطنية اناشيد حب الوطن واحتفلت قبلنا بنصر الوطن واعياده الكبري!!! اما ما نسمعه اليوم فهو شيء لانعرف اسمه ولاماهيته ولاالهدف منه وها انا اسألكم ثانية وثالثا واخيرا ماهذا الذي نسمعه علي بعض المحطات الاذاعية هذه الايام ؟؟!! مااسمه ؟؟!!
الفقرة الاخيرة – اتهمني زوجي بالرجعية والرغبة في فرض قيود علي البشر " ماتسيبيهم !!" والحقيقة انني اميز جيدا بين الحرية والديمقراطية وحق تداول الافكار ورفع الرقابة عن البشر واطلاق حقهم في التعبير عن انفسهم وفنهم وثقافتهم بكافه اشكال التعبير وبين التدني والاسفاف وخلط الحابل بالنابل ، اميز بين هذا وذاك ولاانخدع ببريق الاسفاف فليس كل ما يلمع ذهبا !!!
الجملة الاخيرة – اطلق احد الحكماء علي اجهزة التليفون المحمول رسالة صوتيه خارجة العبارات والالفاظ ساخرة مريرة تصور حوارا بين احد الفتيات واحد المذيعين في واحد من البرامج " اياها " وقد حملت الرسالة ضحكا مريرا وقبحا موجعا وحوارا متدنيا يضحكك ثم يصدمك ثم يوجعك ثم يقلب بطنك ويثير غثيانك !!! هذا هو الرأي الشعبي القاسي فيما يذاع وفيما نسمع !!!
السطر الاخير – رحمه الله علي " بابا شارو " وتحية لجميع الرواد ممن تركوا تراثا اذاعيا ثمينا ستذكره الامة دائما ولو كره الكارهين !!!
الاربعاء 31 مايو 2006

هناك تعليق واحد:

اميرة بهي الدين يقول...

نشرت هذه المقاله في الفيس بوك فجائتني هذه التعليقات ..

Edward Elmassry wrote
at 11:25am on April 9th, 2008
ههههههههههههههههههههههههههههههههههه

مقال رائع

انا والدي من تلاميذ بابا شاروا ايام ماكان في صوت العرب


Noha Essmat wrote
at 12:08pm on April 9th, 2008
ياااااه يا أميرة... فكرتينى بصحابى القدام..الفيلسوف وبنيته... بس لعلمك بقى البنية دى كانت" حاطة عينها "على الفيلسوف و"بتلون عليه" وهو "حالقلها" وكل شوية" تزنقه" فى سؤال يقوم" منفضلها" ويقولها أنا الليلة مشغول" فتتكبس وتتقمص" وتقوله الى الغد إذن يافيلسوف..
شفتى ياأميرة لغة العصر.. العصر اللى مش باينله فجر..


Mazen Muhammed Ahmed wrote
at 12:09pm on April 9th, 2008
اصل مش عارف اقول ايه ممكن اكون تافه و اقول الحل بسيط يا طنط اقفلى الراديو و كبرى دماغك يعنى
العيب مش الناس اللى بتعمل كدة العيب فى اللى بيسمع التفاهه دى جيل مبيعرفش يقرا لغته بيغلط فى القراءة هنتوقع منه ايه جيل هتف لمطربه المحبوب و تعاطف معه عشان مزور و كذاب لا حرام دة امور اوى (( حته مفيش روق)) ميستهلش الحبس


Mazen Muhammed Ahmed wrote
at 12:09pm on April 9th, 2008
جيل مش عارف حاجه عن بلدة مرة عمرو اديب سال مذيعه فى الراديو عن الثورة كانت سنه كام معرفتش و المذعين بيقولو السؤال صعب يا استاذ عمرو اقسم بالله انا شفت واحد بيصلى الضهر و بيهجر فى بالقراءة اليوم دة كنت هتشل فعلا انا زيك كدة بالظبط بسال مين هيطلع رئيس الحمهوريه من العالم دى

Nancy Mohammady (Greensboro, NC) wrote
at 7:33pm on April 9th, 2008
loooooooooooooool
to7fay ya marmar to7fa...
bas ana a7eb atamen el-bashmohandes shrief:
خلاص ياشريف ما تقلقش ، صفيه حتسأل فيك ، مش كده ياصفية ؟؟!!!


Ebtsam Sabry wrote
at 3:24am on April 10th, 2008
تحفة يا مرمر بجد ,, مرة وانا بذاكر لاختي وصحابتها تاريخ هم في ثانوية عامة بعملهم امتحان وبسألهم عن النكسة والله والله بيسألو بعض هي النكسة دي اللي كانت 67 ولا باين هي بتاعت 73 !!!!!! وبيسألو بعض ومترددين فعلا كنت هتشل وربنا وكمان جبتليهم سيرة معاهدة كامب ديفيد كأني قولت جملة مش مفهومة بالنسبة لهم ولا يعرفو عنها ربع كلمة اتحرق دمي وكنت فعلا هاقلع اللي في رجلي اديهم بيه ... هو جيل منيل بستين نيلة انا معرفش جيل دودو الصراحة هيبقي عامل ازاي ؟؟؟؟


Mona Abolnaga wrote
at 2:33am on April 11th, 2008
مش البرامج دى محتاجة برضه غضب مننا بس ازاى ما أعرفش شكلنا بننفخ فى قربة مقطوعه أنا ما عنديش التفاؤل بتاعك