الحت احدي صديقاتي علي ومجموعة اصدقاء للفرار من القاهرة " يوم واحد بس نتفسح !!" وافقناها علي مضض وسافرنا نصرخ مرحا ونغني بصوت عالي نرتدي ملابس ملونه مزركشة كالاطفال وعندما وصلنا ازداد صخبنا ومرحنا وتناسينا سنوات اعمارنا وهمومها وعدنا صغارا نتصرف مثلهم باندفاع وفطرية وعفوية و"هبل"!! لاحظت وسطنا رجلا كأنه هبط علينا من كوكب اخر وقورا متحفظا !! حاولت تجاهله لكن المقل الزجاجية الميتة اطلت من وجهه تناشدني الانتباه ، سرقت نظرة خاطفه رأيته رجل جالس علي مقعد غير مريح لايتململ جامد كتمثال فر من قبو المتحف وسيعود!!! حدقت فيه وجلة واطلت النظر لكنه لم يراني ولم يعترض ولم يكترث !! لوحت له بيدي اجذب انتباهه ف"رمشت" عينه بشكل لا ارادي وعاد لسكونه ، حدقت ثانية رأيته رجلا هرما في " عز شبابه " كأنه يحمل الاهرامات الثلاث يئن من ثقلها فوق جسده وقلبه وعقله وروحه يجلس وسط صخبنا كأنه تائه او مخطوف او فاقد الذاكرة ، صامتا لايتكلم مهما كان الحديث شيق غائب لايشعر بوجود الاخرين ولا لمسات ايديهم ولا لهيب انفاسهم كأنه محتجز في قنينه عائمة علي وجه المياة يري الحياة من خلف زجاجها لكنه لايتفاعل مع حيويتها كأنه مخدر لم يتعلم الكلام لم يدرب علي الفهم لم تستيقظ مراكز الاحساس في مخه كمثل وليد مرتبك لم يخطو خطوته الاولي علي الارض ولم يألف ملمسها الصلب كأنه طير صغير مذعور لم ينبت ريش اجنحته قابعا في العش مفزوعا من الطيور المحلقه في السماء !!! تأملت وجهه فاذا بقسماته صخرية نحتت بيد فطرية بدائية لم تشذب سنون ملامحه فصارت موجعة جارحة بمجرد النظر اليها ، حاولت مشاكسته وجذبه لصخبنا فقاومني رافضا كأنني افيقه من غيبوبة ارادية طويلة لا يقبل الخروج منها ، حاولت استفزازه فشلت فهو متيبس المشاعر كأنه جثه نسيها ذويها في ثلاجة حفظ الموتي ازرق اللون متشنج الاطراف متجمد والي الابد !!
سألت صديقتي عنه ما به وماذا اصابه !! همست مرتعدة تخشي سماع صوتها " في لحظة مكاشفة توقف عن الكذب عن نفسه وصارحها بحقيقته فغضبت منه وخاصمته وعجز عن مصالحتها وانتبهت لكذبه ورفضته فساد بينهما صمتا طويلا كما ترين !!" تأملت الرجل بمشاعر مختلطة وقررت في ثانية واحدة ان انفض موضوعه عن رأسي و نسيته مؤقتا وعدت للرحله والاصدقاء والمرح!! وفي القاهرة احتل هم الرجل رأسي فوق همومي الاخري وقبع في ذاكرتي ظاهرة غريبة تشحذ الاهتمام والتأمل !! عرفت ان الرجل عاش حياته كاذبا علي الناس وعلي نفسه فاصطنع ببراعه امام الاخرين عالم وهمي واحتل فيه دور البطولة المنفردة فهو الشجاع الذي لايخاف ، الصادق الذي لايكذب ، المعطاء الذي لايبخل بنفسه او بأي شيء علي الاخرين ، القوي الشريف الذي لايضعف ولاينحرف بل ويدين انحرافات الاخرين بقوة وحسم ووضوح لانه "مافيش علي راسه بطحة " وهو.... وهو .... وهو .... تعجبت من سذاجته !! أين هذا البطل كامل الاوصاف في ازمنه التردي والانحطاط والحصار التي نعيش ايامها السوداء !! اوضحت صديقتي "عاش سنوات وسنوات لم يكف عن الكذب علي نفسه حتي صدقته ولم يكف عن الكذب علي الاخرين حتي ضجوا " قاطعتها "وهل كنت تصدقوه !!!" اجابت بأسي " كنا نحبه ولم نرغب ابدا في جرحه لكن المصيبة...." هاجمتها "المصيبة انكم كنتم شايفين حقيقته وعارفينها وشاركتكم في صنع مأساته"اضافت "المصيبة انه كان انسان لطيف وطيب وفيه حاجات حلوه وماكانش مضطر للكذب " وتنهدت "كان انسان عادي عايز يبقي بطل وهو قاعد مكانه فكذب وادعي البطوله وعجبه اعجاب الاخرين ببطولته المزيفة وادمنه وصدق كذبه وعاشه حلاوته !!!" ابتسمت " وطبعا في يوم اسود انكشف المستور و... " وافقتني "قعد مع نفسه وحاسبته وهزمته وعاقبته وعايرته بكذبه وذبحت كبرياءه وهدمت عالمه الوهمي وبددت امانه واطمئنانه وحاول الهروب من نفسه وفشل ..... بعدها اتقلب حاله زي ماشفتي !!!" سألتها "وانتم عملتم ايه " هزت كتفيها يأسا "بنحاول نساعده لكن مافيش فايدة " تركتها غاضبه منهم ان تركوا الرجل يغرق في بحار الكذب فادمن الماء المالح وعجز عن الشفاء منه ، غاضبه منهم لانهم لم يواجهوه بحقيقته فيفيق قبل موت جذع المخ وفوات الاوان ، غاضبه منهم لانهم تركوه يغتال نفسه بنفسه ويقتل روحه ليبقي وسطهم مثل الاسماك المملحة ميت مقدد تنبعث منه رائحه "الزفارة" !!!
وبقيت ذكري الرجل في عقلي تروعني من مصيره المظلم ومستقبله الموحش فحاكمت نفسي قبل فوات الاوان وتذكرت اننا – انا وانتم والجميع - نكذب كثيرا محتمين من اخلاقنا بزعم واه ان " الكذب الابيض " لايؤذي احد ، غافلين عن ان الكذب والابيض منه بالذات ذلك الذي نصور به انفسنا علي غير حالها يعتقل ذواتنا الحقيقية داخل انفسها ويسبغ علينا صفات البطوله والشرف ويتيح لنا ادعاء العطاء والتضحيه وتصنع الحب والبراءة رفضا لكوننا مثل كل البشر نحمل في داخلنا جميع المتناقضات خليط من من تلك الصفات النبيلة ومن الضعف والبخل والانانية والتسلط والعجرفة وبقية الصفات التي نخجل من الاعتراف بها حتي امام انفسنا !!! تذكرت اننا – انا وانتم والجميع – نسامح انفسنا علي كذبنا الابيض متصورين ان الاخر الذي نكذب عليه لن يضار من كذبنا ولن يضار من ارتدءنا لثوب القديسين والاطهار ونحن ملوثين بالخطيئه ولن يضار بلصق اجنحه الملائكه فوق اكتافنا الطينيه ولن يضار من سماع خطب استشهادنا ونحن مازلنا احياء نأكل ونشرب ولن يضار من ارتدائنا ثوب الجدة العجوز الطيبة ونحن في حقيقتنا الذئب المفترس الغادر!!! وفي النهاية انتبهت اننا – انا وانتم والجميع – سنقف يوما في لحظة مواجهة حتمية مع الاخر ستعرينا امامه وتكشف له ضعفنا وجبننا ، مواجهة حتمية ستدفعنا بقسوة ولامبالاة للهروب الحتمي من الاخر المخدوع المجروح الذي منح مشاعره وحبه وايام عمره وثقته لشخص مزيف لم يعرف حقيقته ولن يعرفها فحزنت علي الاخر الذي صدق من لايجوز تصديقه واحبه بشكله المصطنع الذي رسمه وامن بكلماته التي حفظها الكاذب ببراعة خادعه ورددها جزءا من دوره علي خشبه مسرح الحياة ا!!!
انتبهت لكل هذا وارتعبت وكرهت الكذب علي الاخر وكرهت انفسنا .... ثم ..... تذكرت ذلك الرجل وما اصابه حين كذب علي نفسه التي قاطعته وخاصمته واهملته واخرسته و" قطعت لسانه من لغلوغه " فادركت ان الكذب الاخطر علينا وعلي حياتنا هو الكذب علي النفس الذي يدفع الكاذب لدفن ماهيته التي لا يقبلها في الرمال واخفاء حقيقته الواضحة باوراق الجرائد القديمة وتلوين وجهه الاسود بالوان قوس قزح المبهجة والزج به في المعارك فارسا دونكيشوتيا يحارب طواحين الهواء وقلبه يرتعد في جوفه فزعا وجبنا !! ادركت ان الكذب علي النفس الذي يحاصر قدرات الكاذب ويقزم امكانياته ويعزله عن التفاعل مع الحياة ويبقيه كالمجانين لايكلم الا نفسه ولايسمع الا صوته والاصوات الاخري التي تأتي لاذنه من تجاويف رأسه فلا يتعلم ولايتقدم ولايتحسن ولايصبح البطل الذي يتمناه ولا العظيم الذي يري نفسه فيه ويبقيه الشخص الذي يرفض ان يكونه ويكرهه جدا ويصوره امام ذاته وكأنه شخص اخر يحبه ومعجب به فلايكف عن الاشادة بصورته المزيفة وصب اللعنات علي رأس ماهيته الحقيقية وادانتها ولومها والتنديد بها والتشهير بعيوبها هو الكذب الاخطر والاصعب والاكثر تدميرا سيما حين يقف الكاذب علي نفسه امامها في لحظة عصيبة قاسيه فيدرك حقيقة مافعله بنفسه !! حين تتحول دنياه لمرآة كبيرة لايري فيها الا نفسه الحقيقية التي يكرهها والتي حاول نسيانها ووأدها وصرعها فاذا به يكره حقيقته كما يراها ويكره الدنيا التي اظهرتها له ويكره كذبه الذي قيده واعجزه فلم يتغير للاحسن ولم يتركه يحب ذاته كما هي ، يكره الكذب الذي عذبه طيلة الوقت وعذبه وقت انتباه لحقيقته الضعيفة الرثه وعذبه وسيعذبه والي الابد !!!! ادركت ان الكذب الاخطر هو الكذب علي النفس وكرهته وكرهت انفسنا اكثر !! وهاانا اشاركم الدرس القاسي الذي تعلمته من الجثه الحية التي تشتهي الموت ولاتناله !! اذا كان الكذب علي الاخر خطأ مروع يستوجب النفور واحيانا الاحتقار فأن الكذب علي النفس خطيئة لاتغتفر يجلب لصاحبه المشقة الدائمة والعذاب المرير ، الكذب علي النفس معقد وصعب ومؤذي دائما وموجع فلحظة مواجهة الكاذب مع نفسه هي الاقسي والاصعب فالنفس التي كذب ويكذب عليها تحتله ويحتلها وتعرف اغواره مهما كانت براعته في الاخفاء والتضليل والمواراة والتقمص والتشخيص فلا يملك الكاذب الهرب منها ولايستطيع فراقها او صم اذنيه احتماءا من تقريعها او الفرار من غضبها فيتحول كذبه علي نفسه لعقاب صارم يوقع به الكاذب نفسه بنفسه في جب التعذيب يحمله بداخله اينما يذهب ولايقوي علي الخروج منه ولايكف عن التألم من عذاباته الدائمة !!! ايها الرجل الكاذب لقد تعلمت من المأساة التي عشتها ومازلت درسا هاما وقانا الله مصيرك المظلم !!!
الفقرة الاخيرة – شدت كوكب الغناء العربي في احدي روائعها " اهرب من نفسي اروح علي فين " وعاشت وماتت لم يجب احد علي سؤالها الصعب !!
الجملة الاخيرة – اطربنا محمد منير متألما برائعته " ياعذاب النفس واخدني لفين ، قضيت وياك الليلة بسنين " كأنه يحذرنا من المصير الموجع ، لكننا رقصنا علي نغمات الاغنيه ولم نفهم كلماتها ومعانيها !!
السطر الاخير – قال الحكماء قديما " الكذب خيبة " ولم اعي قدر حكمتهم الا الان !!
الكلمة الاخيرة – نصحتني امي رحمها الله قديما " كل واحد يصالح نفسه " وهاانا اهديكم نصيحة امي وادعو لكم بكل نتائجها العذبة !!!
سألت صديقتي عنه ما به وماذا اصابه !! همست مرتعدة تخشي سماع صوتها " في لحظة مكاشفة توقف عن الكذب عن نفسه وصارحها بحقيقته فغضبت منه وخاصمته وعجز عن مصالحتها وانتبهت لكذبه ورفضته فساد بينهما صمتا طويلا كما ترين !!" تأملت الرجل بمشاعر مختلطة وقررت في ثانية واحدة ان انفض موضوعه عن رأسي و نسيته مؤقتا وعدت للرحله والاصدقاء والمرح!! وفي القاهرة احتل هم الرجل رأسي فوق همومي الاخري وقبع في ذاكرتي ظاهرة غريبة تشحذ الاهتمام والتأمل !! عرفت ان الرجل عاش حياته كاذبا علي الناس وعلي نفسه فاصطنع ببراعه امام الاخرين عالم وهمي واحتل فيه دور البطولة المنفردة فهو الشجاع الذي لايخاف ، الصادق الذي لايكذب ، المعطاء الذي لايبخل بنفسه او بأي شيء علي الاخرين ، القوي الشريف الذي لايضعف ولاينحرف بل ويدين انحرافات الاخرين بقوة وحسم ووضوح لانه "مافيش علي راسه بطحة " وهو.... وهو .... وهو .... تعجبت من سذاجته !! أين هذا البطل كامل الاوصاف في ازمنه التردي والانحطاط والحصار التي نعيش ايامها السوداء !! اوضحت صديقتي "عاش سنوات وسنوات لم يكف عن الكذب علي نفسه حتي صدقته ولم يكف عن الكذب علي الاخرين حتي ضجوا " قاطعتها "وهل كنت تصدقوه !!!" اجابت بأسي " كنا نحبه ولم نرغب ابدا في جرحه لكن المصيبة...." هاجمتها "المصيبة انكم كنتم شايفين حقيقته وعارفينها وشاركتكم في صنع مأساته"اضافت "المصيبة انه كان انسان لطيف وطيب وفيه حاجات حلوه وماكانش مضطر للكذب " وتنهدت "كان انسان عادي عايز يبقي بطل وهو قاعد مكانه فكذب وادعي البطوله وعجبه اعجاب الاخرين ببطولته المزيفة وادمنه وصدق كذبه وعاشه حلاوته !!!" ابتسمت " وطبعا في يوم اسود انكشف المستور و... " وافقتني "قعد مع نفسه وحاسبته وهزمته وعاقبته وعايرته بكذبه وذبحت كبرياءه وهدمت عالمه الوهمي وبددت امانه واطمئنانه وحاول الهروب من نفسه وفشل ..... بعدها اتقلب حاله زي ماشفتي !!!" سألتها "وانتم عملتم ايه " هزت كتفيها يأسا "بنحاول نساعده لكن مافيش فايدة " تركتها غاضبه منهم ان تركوا الرجل يغرق في بحار الكذب فادمن الماء المالح وعجز عن الشفاء منه ، غاضبه منهم لانهم لم يواجهوه بحقيقته فيفيق قبل موت جذع المخ وفوات الاوان ، غاضبه منهم لانهم تركوه يغتال نفسه بنفسه ويقتل روحه ليبقي وسطهم مثل الاسماك المملحة ميت مقدد تنبعث منه رائحه "الزفارة" !!!
وبقيت ذكري الرجل في عقلي تروعني من مصيره المظلم ومستقبله الموحش فحاكمت نفسي قبل فوات الاوان وتذكرت اننا – انا وانتم والجميع - نكذب كثيرا محتمين من اخلاقنا بزعم واه ان " الكذب الابيض " لايؤذي احد ، غافلين عن ان الكذب والابيض منه بالذات ذلك الذي نصور به انفسنا علي غير حالها يعتقل ذواتنا الحقيقية داخل انفسها ويسبغ علينا صفات البطوله والشرف ويتيح لنا ادعاء العطاء والتضحيه وتصنع الحب والبراءة رفضا لكوننا مثل كل البشر نحمل في داخلنا جميع المتناقضات خليط من من تلك الصفات النبيلة ومن الضعف والبخل والانانية والتسلط والعجرفة وبقية الصفات التي نخجل من الاعتراف بها حتي امام انفسنا !!! تذكرت اننا – انا وانتم والجميع – نسامح انفسنا علي كذبنا الابيض متصورين ان الاخر الذي نكذب عليه لن يضار من كذبنا ولن يضار من ارتدءنا لثوب القديسين والاطهار ونحن ملوثين بالخطيئه ولن يضار بلصق اجنحه الملائكه فوق اكتافنا الطينيه ولن يضار من سماع خطب استشهادنا ونحن مازلنا احياء نأكل ونشرب ولن يضار من ارتدائنا ثوب الجدة العجوز الطيبة ونحن في حقيقتنا الذئب المفترس الغادر!!! وفي النهاية انتبهت اننا – انا وانتم والجميع – سنقف يوما في لحظة مواجهة حتمية مع الاخر ستعرينا امامه وتكشف له ضعفنا وجبننا ، مواجهة حتمية ستدفعنا بقسوة ولامبالاة للهروب الحتمي من الاخر المخدوع المجروح الذي منح مشاعره وحبه وايام عمره وثقته لشخص مزيف لم يعرف حقيقته ولن يعرفها فحزنت علي الاخر الذي صدق من لايجوز تصديقه واحبه بشكله المصطنع الذي رسمه وامن بكلماته التي حفظها الكاذب ببراعة خادعه ورددها جزءا من دوره علي خشبه مسرح الحياة ا!!!
انتبهت لكل هذا وارتعبت وكرهت الكذب علي الاخر وكرهت انفسنا .... ثم ..... تذكرت ذلك الرجل وما اصابه حين كذب علي نفسه التي قاطعته وخاصمته واهملته واخرسته و" قطعت لسانه من لغلوغه " فادركت ان الكذب الاخطر علينا وعلي حياتنا هو الكذب علي النفس الذي يدفع الكاذب لدفن ماهيته التي لا يقبلها في الرمال واخفاء حقيقته الواضحة باوراق الجرائد القديمة وتلوين وجهه الاسود بالوان قوس قزح المبهجة والزج به في المعارك فارسا دونكيشوتيا يحارب طواحين الهواء وقلبه يرتعد في جوفه فزعا وجبنا !! ادركت ان الكذب علي النفس الذي يحاصر قدرات الكاذب ويقزم امكانياته ويعزله عن التفاعل مع الحياة ويبقيه كالمجانين لايكلم الا نفسه ولايسمع الا صوته والاصوات الاخري التي تأتي لاذنه من تجاويف رأسه فلا يتعلم ولايتقدم ولايتحسن ولايصبح البطل الذي يتمناه ولا العظيم الذي يري نفسه فيه ويبقيه الشخص الذي يرفض ان يكونه ويكرهه جدا ويصوره امام ذاته وكأنه شخص اخر يحبه ومعجب به فلايكف عن الاشادة بصورته المزيفة وصب اللعنات علي رأس ماهيته الحقيقية وادانتها ولومها والتنديد بها والتشهير بعيوبها هو الكذب الاخطر والاصعب والاكثر تدميرا سيما حين يقف الكاذب علي نفسه امامها في لحظة عصيبة قاسيه فيدرك حقيقة مافعله بنفسه !! حين تتحول دنياه لمرآة كبيرة لايري فيها الا نفسه الحقيقية التي يكرهها والتي حاول نسيانها ووأدها وصرعها فاذا به يكره حقيقته كما يراها ويكره الدنيا التي اظهرتها له ويكره كذبه الذي قيده واعجزه فلم يتغير للاحسن ولم يتركه يحب ذاته كما هي ، يكره الكذب الذي عذبه طيلة الوقت وعذبه وقت انتباه لحقيقته الضعيفة الرثه وعذبه وسيعذبه والي الابد !!!! ادركت ان الكذب الاخطر هو الكذب علي النفس وكرهته وكرهت انفسنا اكثر !! وهاانا اشاركم الدرس القاسي الذي تعلمته من الجثه الحية التي تشتهي الموت ولاتناله !! اذا كان الكذب علي الاخر خطأ مروع يستوجب النفور واحيانا الاحتقار فأن الكذب علي النفس خطيئة لاتغتفر يجلب لصاحبه المشقة الدائمة والعذاب المرير ، الكذب علي النفس معقد وصعب ومؤذي دائما وموجع فلحظة مواجهة الكاذب مع نفسه هي الاقسي والاصعب فالنفس التي كذب ويكذب عليها تحتله ويحتلها وتعرف اغواره مهما كانت براعته في الاخفاء والتضليل والمواراة والتقمص والتشخيص فلا يملك الكاذب الهرب منها ولايستطيع فراقها او صم اذنيه احتماءا من تقريعها او الفرار من غضبها فيتحول كذبه علي نفسه لعقاب صارم يوقع به الكاذب نفسه بنفسه في جب التعذيب يحمله بداخله اينما يذهب ولايقوي علي الخروج منه ولايكف عن التألم من عذاباته الدائمة !!! ايها الرجل الكاذب لقد تعلمت من المأساة التي عشتها ومازلت درسا هاما وقانا الله مصيرك المظلم !!!
الفقرة الاخيرة – شدت كوكب الغناء العربي في احدي روائعها " اهرب من نفسي اروح علي فين " وعاشت وماتت لم يجب احد علي سؤالها الصعب !!
الجملة الاخيرة – اطربنا محمد منير متألما برائعته " ياعذاب النفس واخدني لفين ، قضيت وياك الليلة بسنين " كأنه يحذرنا من المصير الموجع ، لكننا رقصنا علي نغمات الاغنيه ولم نفهم كلماتها ومعانيها !!
السطر الاخير – قال الحكماء قديما " الكذب خيبة " ولم اعي قدر حكمتهم الا الان !!
الكلمة الاخيرة – نصحتني امي رحمها الله قديما " كل واحد يصالح نفسه " وهاانا اهديكم نصيحة امي وادعو لكم بكل نتائجها العذبة !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق