الجمعة، 5 سبتمبر 2008

لن نرفع الراية البيضاء !!!



اخترع عقل ذكي نابه "ماولدتوش ولادة" في الازمنة البعيدة السحيقة قولا مأُثورا بليغا " وراء كل رجل عظيم امرأة " وابتسم وصمت ولم يفسر مايعنيه ولم يشرح ما يقصده لكن المسكوت عنه في هذا القول المأثور والذي لم يفصح عنه ذلك العقل الذكي كان معلوما وواضحا للسامعين والسامعات الذين استنبطوه بسهولة ويسر من ثنايا القول دون حاجه من قائله لافصاح فج !! لقد فهم الرجل العظيم ان العقل الذكي النابه لا يخاطبه دعما ولا يدعمه خطابا لانه في البداية رجل !! ولانه في النهاية سيصير او صار عظيما فلم يضيف العقل الذكي له بقوله المأثور شيئا ولن يضيف !!! وفهم المجتمع واناسه غير العظماء مغزي القول المأثور وهدفه وحقيقة مقصده !! فهموا ان القول المأثور في حقيقته تبصيرا للمرأة التي ترغب ان يراها المجتمع عظيمة مثل الرجل ، المرأة التي تنتظر شكر المجتمع وتتمني امتنانه وترنو لتقديره ، المرأة التي تبحث لنفسها عن موطيء قدم تحت شمسه بضرورة تراجعها خطوات خلف الرجل أي رجل وكل رجل لتكون وظيفتها الوحيدة محل التقدير والثناء والرضاء الاجتماعي الجماعي هي دعمه ودفعه في طريق النجاح تسير خلفه كلما تقدم لاتتواني عن مساندته ولاتكل عن مساعدته ولا تئن من تحمل عبئه بنفس راضية مانحة فاذا ما ظفر الرجل بكأس عظمته في نهايه السباق جائزة له ناشد العقل الذكي المتفرجين علي الرجل الفائز العظيم التصفيق للمرأة التي وقفت و سارت وعاشت خلفه !! ناشدهم بقوله المأثور التصفيق لها وتحيتها وهي تقف علي خط نهاية السباق مرهقة من شدة جهدها الذي بذلته في السير خلف الرجل العظيم مرهقة من كثرة الانتباه له ومراعاته منبوحه الصوت مذبوحه الحنجرة اثر الصراخ له تشجيعا وتدعيما وتأييدا في طريقه خطواته المباركة ، ناشدهم التصفيق لها وهي لاتساوي في وجه نظره ونظرهم أي قيمة عدا موزارتها للرجل العظيم !!! وخدع العقل الذكي تلك المرأة التي وقفت وراء ذلك الرجل الذي صار عظيما بمجهودها ودعمها ومساندتها واوهمها انها هي الاخري عظيمة مثل ذلك الرجل وربما تفوقه عظمة !! وآية عظمتها نجاحها في دفع الرجل الذي تقف وراءه في طريق قاده للمجد والعظمة ، آية عظمتها انها تفانت في ذلك الرجل العظيم الذي منحته نفسها ليصل عبر حياتها وعلي سلم ايامها ولياليها وحبها وعطائها الي اعلي مراتب عظمته الشخصية بل وعد العقل الذكي النابه تلك المرأة التي يخاطبها ويبصرها بقوله المأثور ، وعدها كذبا بعظيم الشكر والثناء والتقدير من اعماق قلبه مكافأة شخصيه لها علي تصديقها لقوله واعتناقها له ومنحها العقل الذكي متطوعا من لديه وبسخاء ودون ضجيج او صخب او طقوس احتفالية وسام التفاني والتواري و وئد النفس ومنح الذات للاخر العظيم !!!
ولم يكتف العقل الذكي النابه باختراع ذلك القول بل روج له ولمعانيه "النبيلة" وبذل جهده لبيع فكرته البسيطة لاناس المجتمع ونفث مضمونها بينهم بعد ان زين لهم مضامينها "الساحره" فاذا بالمجتمع كله - رجالا وهم اصحاب المصلحه ونساءا وهن المخدوعات - يشتري القول والفكرة والمضمون ويعتنقها ويؤمن بها ويروج بدوره لها وسط ابناءه وبناته بل ويفرض سطوتها عليهم ودا وقهرا بل ويتمادي المجتمع في اقتناعه بالفكرة والقول المأثور لدرجة الاعتزاز بها والفخر بمضمونها فيضعهما وسط الموميات المحنطه وبجانب الاثار القديمة في متحف الامة جزءا من تراثها المعنوي ملكا لكل ابناءها وبناتها ومفروضا عليهم!! وقد نجح العقل الذكي النابه في نقش قوله المأثور علي جدران المعابد وكتابته وسط البرديات ودسه بين ابيات القصائد المعلقات وبثه عبر الفضائيات واذاعته في برامج منتصف الليل ووضعه علي لسان الحكماء وفي هذي المجانين واستنطق به شعراء البلاط وانصاف الموهبين واغواهم واغراهم بترديده والتغني بجماله وصدقه وتلقائيته وفطريته ولان " الزن علي الودان امر من السحر " صدق اناس المجتمع القول المأثور وامنوا به وتوارثوه جيلا بعد جيلا كأنه الحقيقة المطلقة التي لامجال للتكفير فيها ولا قوة للتخلص منها ولاسبيل لمجرد انتقادها او لاامكانية لمجرد النظر في مدي صحته او صدقه او جدواه !!! وهكذا صاغ ذلك العقل الذكي وبشكل يسير وسهل وفي جملة قليلة الكلمات عميقة المضمون شديدة التأثير جزء من ثقافة المجتمع التي انعكست وبشكل تلقائي وفطري علي ماهية عاداته وشكل تقاليده ولاابالغ ان قلت ان ذلك العقل الذكي شارك ومازال يشارك بقوله هذا في رسم الواقع الذي نعيشه وشكل المستقبل الذي نحلم به !! حيث حصرذلك العقل الذكي – ومازال - دور المرأة التي تسعي لاعجاب المجتمع وتتمني رضاءه وتهدف تقبلها وسطه والترحيب بها بين اناسه فقط في عطائها للرجل ومساندتها له ومؤزارته في طريق عظمته هو ومجده هو ونجاحه هو ، حصر ذلك العقل الذكي مكان المرأة الذي يقبله المجتمع واناسه فقط في ظل الرجل وقبل وجودها خلفه وضبط ايقاع خطواتها علي خطواته وحافظ علي المسافة بينه وبينها ليبقي الرجل في الامام عظيما وتبقي هي خلفه بلاقيمة ذاتيه تستمد منه العظمة ورسم شكل حياتها بريشه حياته هو وبالوانه هو واحتجزها في اطاره المزركش لوحة ثمينه قيمتها الوحيدة انها تزين بيت الرجل وجدرانه المطلية الزاهية واعتبر العقل الذكي النابه ان المرأة التي يحبها ويرضي عنها – وسيظل يحبها ويرضي عنها - ليست الا مرآة براقة لامعة كبيرة " مدقوقة " بمسمار صلب كبير علي حائط حياة الرجل ليري فيها فقط وجه الجميل تذكره دائما بأنه "العظيم" !!!! ودعما من العقل الذكي لقوله المأثور لم يقف عند حد الترويج لسلعته البائرة بكل وسائل الترغيب والتحبيذ وجذب الابصار واستلاب العقول ولم يكتف بالوقوف امام ال"فاترينة" يعرض جوائزه اللامعة واوسمته ونياشين اجداده يغوي ويدعم بها النساء القانعات بالدور الذي حدده لها المقتنعات به المحتجزات في اطاره ، بل ساند قوله المأثور بمنظومة فكرية عقابية كامله من الاقوال والامثال تشرح وتوضح بادب ورقة العقاب الرادع والعواقب الوخيمة لكل من تسول لها نفسها – من ضمن اقلية النساء المندسات في وسط اغلبيتهن الطائعه الخانعه- رفض قوله او الاحتجاج عليه او عدم تصديقه او عدم الاكتفاء به !!! ودعم العقل الذكي النابه سطوة قوله المأثور وسيطرته علي العقول والافئدة بمعوقات غير مرئية مثل الخيوط العنكوبتيه اللزجة السامة مادية ومعنوية ،عاطفية وعملية ،ظاهرة وخفية ترسانه من الاسلحة الفتاكة الموجعة لكل امرأة قد تفكر مجرد تفكير او تنوي مجرد نية او تشرع مجرد شروع في التمرد علي ذلك القول المأثور الاسن او حتي تغلق انفها رفضا لاستنشاق روائحه العطنه!!! ولوح العقل الذكي باستعمال كل تلك الاسلحة ردعا لاي امرأة وكل امرأة تتصور نفسها قادرة علي ضحد ذلك القول المأثور او مجرد مناقشته او حتي التلويح بعدم الانصياع الكامل له !!! ونفذ العقل الذكي النابه للمرأة من نقطه ضعفها المشهورة وحاربها باكثر الاسلحة ايلاما ووجعها ووصمها – تلك المرأة التي لم تكتفي بالوقوف خلف الرجل العظيم تدفعه وتدعمه ورغبت الي جانب ذلك في دعم نفسها وروحها كائنا حيا موجودا في الحياة كقيمة في ذاته وليس مجرد اداة مسخرة لمصلحه الاخرين وتدعيم عظمتهم – بالانتقاص من انوثتها فهي تتمسح في الرجال العظماء وتحاول التشبه بهم وهيهات لها !! والانتقاص من عطائها فهي بخيلة لاتقبل منح ذاتها هبة للرجل العظيم وهو لايحتاجها !! الانتقاص من وجودها فهي لا تلعب دورها الفطري التلقائي الغريزي فهي ليست موجوده وليست لازمة !!! ولم يكتفي العقل الذكي بذلك ، بل حاصر المرأة المتمردة الرافضة لطريقها الحتمي الذي رسمه هو افتراءا عليها واعتقالا لقدراتها واطلق ابخرته حولها تخنقها وتعذبها وتعوق الاخرين عن رؤية جمالها الحقيقي فوصمها بالاسترجال سبة ونقيصة ووصمها بالانانية عارا وذنبا ووصمها بالسطوه والهيمنه كذبا وبهتانا !! لم يكتفي العقل الذكي بذلك بل حاصر المرأة التي ترغب " ان تكون " يحاربها ويعوقها لكي " لا تكون " عقابا لها علي فرارها او حتي مجرد محاولاتها الفرار - من سياج قوله المأثور و اسره اللعين واحاطها ومعه المشعوذين والمجذوبين وذوي الصوت العالي واصحاب الاقلام المؤثرة وكتبه الاعمدة الاسبوعية وحملة مفاتيح الجنه وقضاة محاكم التفتيش اللعينة وحكماء العصور السحيقة و"رفاعية" الثعابين ومكتشفي اسرار السحر الاسود ومسخري قوته الباطشه يحاصروها ويصرخون في وجهها غضبا ووجه اسرتها كرها ووجه زوجها رفضا ووجوه ابناءها ترويعا باعتبارهم جميعا مذنبين وآثمين ومخطئين ومسئولين وعليهم لعنات المجتمع والسماء والارض اليوم وغدا وطوال العمر وحتي بعد الموت والي الابد ومع اللعنات يصاحبهم الغضب والرفض والكراهية وكل المشاعر القبيحة الموحشة!!!! وهكذا اقتنعت وخضعت غالبية النساء بالقول المأثور ورضخن له وقبلن باحكامه وعشن حياتهن بشروطه فاحبهن المجتمع ورجاله واصحاب المصلحة وكرمهن ومنحهن في ذات الوقت العقل الذكي اوسمه العظمة ووشم علي شواهد قبورهن عباراته المؤثرة " عاشت وماتت امرأة لا قيمة لها الا الوقوف خلف رجل عظيم " وتمردت قلة قليلة من النساء كوكبة من المتمردات علي ذلك القول المأثور فلم يسمعنه بقلوبهن ورفضنه بعقولهن وحاربنه بكل طاقاتهن الجبارة وبكل عقولهن الفذة وبكل عطائهن المميز لايرغبن محاربة المجتمع ولا اخصاء العقل الذكي ولا النيل من عظمة الرجال ولا حرمانهم من عظمتهم يرغبن فقط في التواجد الفاعل في الحياة ، التواجد الفاعل بجانب الرجل العظيم وغير العظيم ، التواجد الفاعل الذي يعطي لحياتهن معني ويسمح لهن بدور ذاتي وقيمة تترك اسمائهن وانجازاتهن وسيرتهن في قلوب الناس وعقول المجتمع وصفحات التاريخ قبل شواهد القبور وبرديات مرثيات الحزن الزائفة !! لكن العقل الذكي ومعه المجتمع واناسه واصحاب المصالح والمرتعشين من النساء والخائفين من تأثيرهن والكارهين لقيمتهن والحانقين علي نجاحها ووجودها ذاته وكل جوقة المغنيين الذي بح صوتهم تهليلا وترديدا وتنغيما لكلمات القول المأثور علي دقات طبول الحرب وضربات دفوف الزار لايسمحوا بالهزيمة ولو كانت جزئية ولايقبلوا بها ولو كانت محدوده الاثر ولايتوانوا عن الدفاع عن قناعاتهم المعيبة واراءهم المنحازة وقولهم المأثور بشراسة وعنف وقوة وكراهية فيتربصوا بالنساء المتمردات الناجحات ذوي القيمة في انفسهن وينتظروا هفواتهن ويتصيدوا عثراتهن ويسلطوا اضوائهم الحارقة علي خطواتهن يراقبهن مراقبة الصياد للفريسة التي ينتظر سقوطها في شركه غباء وسهوا وعدم انتباه فاذا ما سقطت سيدة من ركب التمرد والرفض تعثرا او ضعفا او يأسا او استسلاما او سهوا انهالت عليها السكاكين المشحوذة ذبحا والادعية الناقمة كرها وحرقت اعلامها تنكيلا وحوصرت خطواتها قتلا بقصد وعمد بغيض وسحلت علي الارض تنزف دمائها وكبريائها ورحيق وجودها وصلبت علي جذع شجرة الصحراء الحارقة لتنهشها الغربان الجوعي قطعه تلو الاخري الما وتحرق اشعة الشمس اللاهبة رأسها وافكارها وصورتها ولتلتهم القوارض والزواحف وحشرات الارض جسدها ووعيها وكرامتها وطاقة تمردها فتصبح عبرة لكل بنات جيلها ولكل بنات جنسها ان يرجعن عن التمرد ويبقين في سياج الاسر ويرضخن للامر الواقع ويعدن للحظيرة ويقبلن طائعات خاضعات دورهن الوحيد المرسوم المقبول المعترف به طبقا لوجة نظر وقناعات ومصلحه العقل الذكي النابة فقط " وراء الرجل العظيم!!!" ... ياايها العقل الذكي لن نرفع الراية البيضاء مهما سقطت من وسطنا ضحايا ولن نعود لاسرك مهزومات مكتئبات منسحقات ولو زينت لنا جدران السجن وقضبانه بالاوسمة والنياشين والجوائز الثمينه فالجائزة الكبري التي نرنو اليها والحلم الجميل الذي نسعي لتحقيقه هو وجودنا الفاعل في الحياة مهما كان الثمن الذي ندفعه ومهما كانت الخسائر التي نجنيها ومهما كانت المصاعب التي نعاني منها ومهما حوصرنا او نبذنا او هددنا او كرهنا او بكينا او تألمنا او توجعنا ، فالحياة بالنسبه لنا بغير الوجود الفاعل لا قيمة لها !!!!
الفقرة الاخيرة – وراء كل امرأة عظيمة رجل حمول متفتح العقل قوي الاحتمال يدفعها للامام ويبقي خلفها او بجانبها يتحمل سياط النقد ولسع السخرية والم الحصار ووجع النبذ !!! وراء كل امرأة عظيمة رجل صاحب رسالة ومالك رؤية يتعذب ويعاني – ولو لم يشكو - من المجتمع القاسي !! كان الله في عونهم جميعا !!!
الجملة الاخيرة – اهدي مقالتي لكوكبة المتمردات اشد من اذرهن واذري علنا نقوي علي استكمال خطوات الرائدات وتمهيد الطريق للقادمات من الحاضر للمستقبل يؤمن وبحق بوجودهن الفاعل في الحياة !!
السطر الاخيرة - وراء كل رجل عظيم امرأة لم تفهم بعد ان دورها بجانبه وليس خلفه !!!
الكلمة الاخيرة – اهدي مقالتي لبناتي فهن حصاد العمر وسنينه الموجعه وايامه القاسية وهن املي في المستقبل الجميل وهن حلمي الذي اراه يتحقق امام عيني اليقظة بديعا متألقا تهون من اجله كل الصعاب !!!

ليست هناك تعليقات: