الاثنين، 1 سبتمبر 2008

" اشوف امورك استعجب ..... واتغم !!"


الي السيدات والانسات المواطنات المصريات الغاضبات من التجاهل الاجتماعي الشامل للنساء والمتمثل في ترشيح الاحزاب السياسية - حكومه ومعارضة – لعدد سبعه عشر مرشحة سيدة فقط للانتخابات التشريعية القادمة في مقابل قرابة الالف مرشح رجل ، اناشدكن عدم الغضب !!! فالغضب لايجدي ولن يغير من الواقع المرير شيئا ، فالمجتمع الذي نعيش فيه مازال مجتمع بدائي تقليدي ذكوري تحكمه اعراف القبيلة واخلاق القرية وتراث القرون الوسطي ومازال يري ان المرأة خلقت وفقط للدور الفطري التقليدي العظيم كزوجة عظيمة خلف رجل عظيم وام عظيمة لابناء عظماء اما المشاركة السياسية والاحزاب والعمل العام والانتخابات وتولي الوظائف الهامة والمشاركة في صناعه المستقبل و"وجع الدماغ" فهذه اعمال الرجال التي يقومون بها جبرا لتحسين ظروف المجتمع الذي تعيش فيه النساء مكرمات معززات!!
الم اقل لكن الغضب لايجدي ولن يغير من الامر شيئا ، فالمجتمع الذي مازال يتمني وفقط انجاب الذكور حفاظا علي اسماء العائلات من الاندثار وحرصا علي العزوة والقوة وحجب الميراث ، المجتمع الذي لايرحب بانجاب الفتيات ويخشي همهن ومشاكلهن " يامخلف البنات ياشايل الهم لحد الممات " المجتمع الذي مازال يخجل من اسم "امه" وينادي زوجته وابنته بأسم " الابن الذكر" ويتشاتم باوصاف النساء وعوراتهن ، المجتمع الذي مازال يخجل من الانوثة ويدينها ويعتبرها اغراء يلزم وأده ، المجتمع الذي يصف نماذجه النسائية الناجحة بأنهن " اجدع من ميت راجل " باعتبار ان الذكورة قرين النجاح والتفوق والتميز !! المجتمع الذي مازال يقبل تختين الفتيات حرصا علي الشرف وحسن الاخلاق ومازال يقبل تزويج فتياته جبرا حرصا علي مصلحتهن اللاتي لايدركهن بعقولهن القاصرة ، ومازال يقبل بل ويرحب بكسر ارادة الفتيات وتقييد صوتهن وكسر " نفسهن ودماغهن " ان لزم الامر !! المجتمع الذي يقبل من الزوج ضرب زوجته لانها "قصت شعرها" بغير اذنه ويعنفها علي بكاءها بصوت عالي يزعجه ويقلق راحته !! المجتمع الذي يدعم الزوج الديمقراطي لانه يناقش زوجته في كل الامور ويأخذ كل القرارات منفردا!! المجتمع الذي مازال يناقش اهمية تعليم الفتيات وجدواه الاجتماعية ومازال يجادل في اهمية عمل المرأة وشروطه وضرورته واثره علي هيبة الرجل الزوج وسطوته المنزلية بل ويتجرأ البعض فيه وينادي بصوت عال مطالبا بعودة المرأة للبيت !! المجتمع الذي مازال يرفض النجاح المهني للمرأة و يري المرأة العاملة الناجحة نموذجا شاذا لايجوز القياس عليه او الاقتداء به ، المجتمع الذي لايقبل من ذكوره التوظف المهني تحت رئاسة النساء بل ويسخر ممن يقبلون ذلك ويعايرهم به ويطلق عليهم الاوصاف المهينه والالفاظ المنحطة براحه ضمير !! المجتمع الذي مازال يعتبر حمل الموظفة مرضا مخجلا يستوجب الاحتجاب الاجتماعي الي حين الوضع بالسلامة !! المجتمع الذي يعتبر الذكر أي ذكر افضل من الانثي أي انثي ولو كان الذكر فاشلا عاطلا عن العمل والمرأة متميزة ناجحة منتجة ، المجتمع الذي يروج لصورة المرأة التابعة الناعمة الخانعة كنموذج ناجح جميل محتفي به ويرفض ويدين ويهاجم صورة المرأة المستقلة بل ويصفها احيانا ب"المسترجلة" و احيانا اخري ب "الفلتانه" ، المجتمع الذي يعلم الاطفال في كتب المدرسة الابتدائية " بابا يذهب الي العمل " و" ماما تطبخ في المنزل" ، المجتمع الذي يعين قاضية واحدة وحيدة في المحكمة الدستورية العليا كنموذجا نتباهي به في المؤتمرات الدولية ويتجاهل زرع الفتيات والسيدات الكفء في النسيج الحي للهيئة القضائية ، المجتمع الذي يسمع الصخب والضجيج النسوي النسائي بمختلف لهجاته ونغماته باذن وقلب وعقل مغلق باعتباره مجرد " كلام مؤتمرات مامنوش فايدة ولا له لزمة "!!! المجتمع الذي يرفع شعاره الواضح " الديك ديك والفرخة فرخة " !!!!
هذا المجتمع بكل احزابه السياسيه حكومة ومعارضة رسمية أوغيرمصرح بها ، يسار ويمين ،تقدميين ورجعيين ،دينيين وعلمانيين ، رجالا ونساء ... مجتمع لايؤمن بالنساء ولايفسح لهن مكانا بين صفوفه ولايصدق مقولاته الكاذبة التي يروجها بينهن "المرأة نصف المجتمع " ولايغني معهن " البنت زي الولد ماهيش كمالة عدد " ..
هذا المجتمع لايمكن لايمكن لايمكن ان يسمح للنساء - حقيقة وبعيد عن كاميرات التصوير والبث المباشر - بالسير الجاد الي صفوفه الاولي والتواجد فيها واثبات مكانتهن الحقيقية – بقدر الجهد والعطاء - بين رجال الوطن الفاعلين ، هذا المجتمع لايصنع القيادات النسائية ولايؤمن بها ولايعمل تحت امرتها ولا يقبل كلمتها ويستفزه صوتها ويهدد طمأنينته وراحته تمردها وخروجها عن قواعده الحاكمة الاسنة ،هذا المجتمع لايمكن ان يسمح لنساءه بالخروج عن الاطر التقليدية العائلية والاسرية وممارسة الاستقلال في اعلي اشكاله المجتمعية بالمشاركة الفاعلة في صناعة وصياغة مستقبل الوطن بالتواجد الايجابي المؤثر في الحياة الحزبية وداخل المؤسسات الهامة والهيئات الشعبية والتواجد العددي الملحوظ الفعال المؤثر في مؤسساته التشريعية والسياسية !!!
اقول قولي هذا للغاضبات مثلي مما يحدث في مجتمعنا ومما نواجهه من حقائق مريرة واهدي كلماتي هذه للمجلس القومي للمرأة وكافة هيئاته الفاعلة وكافه عضواته النشيطات ، واهديها ايضا لجميع التشكيلات النسائية وامانات المرأة بحزب الحكومه واحزاب المعارضة الرسمية والمحظورة والغير معترف بها ، ولكل الجمعيات والمؤسسات والمنظمات النسائية والنسوية الحكومية والمستقلة التي تهتم بنساء الطبقات الشعبية الكادحة او نساء الطبقات المخملية المرفهة التي تهتم بتحسين الصحة و الاسر المنتجة او التي تهتم بتمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع وتسعي الي الغاء الفجوة النوعية الاجتماعية بينهما وبين الرجل او التي تبحث عن المساواة القانونية و المساواة الواقعية ، اهدي كلماتي هذه لكل النساء في مجتمعنا اهديها للعاملات في مختلف المجالات والمهن والوظائف واهديها لربات البيوت في المدن باحياءها الراقية والشعبية وفي الريف بمدنه الصغيرة ونجوعه وقراه واماكنه المجهوله علي خريطه الوطن ،اهدي كلماتي هذه الي كل المجتهدات من بنات وطني المتميزات الناجحات الوزيرة والسفيرة والقاضية الوحيدة !! والطبيبة والمحامية والمدرسة والمهندسة واستاذة الجامعة والصحيفة والاعلامية والتلميذة النابغه والطالبة المجهتده ..اهدي كلماتي هذه ومعها احترامي وتقديري للثلاثين او الخمسة وثلاثين مليون امرأة وفتاة مصرية واذكر نفسي واذكرهن جميعا بحقيقة واقعنا الكئيب الذي نعيشه فعلا وسنعيشه لسنوات طويلة قادمة وحتي تتغير الدنيا !!
اخر سطر – همست لي سيدة عجوز وهي تمصمص شفتيها " اسمع كلامك اصدقك اشوف امورك استعجب !! " ولم ترد علي وقت سألتها " تقصدي مين ؟؟!! " وابتسمت ساخرة حين دندنت " البنت زي الولد !!! " ..
الاحد 30 اكتوبر 2005


ليست هناك تعليقات: