الخميس، 25 سبتمبر 2008

" القطه العميه !!! "

عندما قفرت الافكار في رآسي تتصارع ايهم ابدي بالظهور في مقاله الاسبوع كتبت في هذا الموضوع سطرين ثم تركته كتبت عن هذه الفكره فقره لا تكتمل فانصرفت لقضيه اخري غيرها احاول معها فلا تتمخض محاولاتي الا عن كلمتين ثلاث ثم تتملص مني الفكره وتراوغني يتعطل قلمي وتصيبني البلاده واعجز عن الكتابه فانتقاء الفكره او الموضوع الاهم من بين الموضوعات المختلفه الهامه يجمد اصابعي فوق لوحه مفاتيح الكومبيوتر ويبدد الوقت الذي حددته لكتابه المقاله ويصيبني بتوتر دفين يحول الافكار والكلمات والاحاسيس لمزيج غامض من الهموم الموجعه تسيطر علي عقلي واصابعي تعجزني وتتركني في حاله من الارتباك المقيت غاضبه لانني رغم تفكيري واستعدادي المسبق ل"حفلة" الكتابة الاسبوعيه بقيت مثل " خيبتها " لم انتج شيئا !!! وللاسف الشديد انتابتني هذه الحاله منذ فتره وسيطرت علي عقلي تشتتني كلما نويت الكتابه عن موضوع وشرعت في كتابته متصوره انني امسكت بال" تايهه" وكتبت كلمه او سطر فرت مني الفكره بعد ان "تلكزها " فكره اخري تبدو في تلك اللحظه اكثر بريقا واكثر الحاحا فتزين لي نفسها في صوره المقاله الجاهزه التي ما ان ساكتب كلمه واحده منها حتي تنساب كلماتها تنزلق بسهوله ويسر حتي الكلمه الاخيره فاذا مانحيت الفكره الاولي وتصورتني امسكت "الديب من ديله " واستعددت للاجهاز عليه واعملت عقلي للخوض في تفاصيل الموضوع الالح اكتشف سريعا انني قبضت علي "حبال الهوا الدايبه " وان تلك الفكره اللعينه تختبئ مني خلف ظهر موضوع اخر يغيظني ويخرج لي لسانه يقترب مني ثم يهرب فتنهك قواي وانا جالسه مكاني والهث ارهاقا واحسني "القطه العاميه " اقف وسط الافكار المتصارعه معصوبه العينين اجهد حواسي للامساك بواحده منهم لكن كل الافكار والموضوعات تشاكسني وتلمسني وتقترب منه ثم تفر وتتركني خاليه الوفاض " ماسكه الهوا بايديا " !!!! وقد تغلبت علي تلك الحاله الاسبوع الماضي بالاعتذار عن المقال الاسبوعي معزيه حاله الجدب الفكري باجواء العيد وانشغالي مثل ملايين المصريين ب" الدبح واللحمه والذي منه " واكتفيت بلعب دور " ربات البيوت " وقبعت في المطبخ اجهز الاكل والافكار اللعينه الملحه تشتت تفكيري فاتوعدها بان " استنوا عليا " اعد نفسي وانا امام "الفرن" بمقاله قويه تتغلب علي الاعصار الفكري الذي يبدد مجهودي في ملاحقته بالضربه القاضيه ... لكن العيد " خلص " وخلعت مريله المطبخ وجلست علي المكتب لاكتب المقاله القادمه التي كنت اتصورها قد "استوت " فاذا بي اكتشف ان الافكار المتصارعه مازالت قويه طاغيه تمسك بعقلي وقلمي وتقودهم في طريق الشتات !!! وكدت ايآس وارفع الرايه البيضاء واعتذر هذا الاسبوع ايضا عن المقاله ابرر لروحي " وانا حاعمل ايه يعني ؟؟" لكن طريق الخلاص وبوابه الامل انفتحت امامي في لحظه منتهي اليآس خضوعا للقول المآثور " وداوها بالتي كانت هي الداء " فقررت كتابه المقاله بلا ترتيب للافكار وبلا انتقاء وان اقذف اليكم " كومه " الافكار و" بوئجة " الموضوعات متشابكه علي حالها متداخله مثلها احسها ومثلما تطاردني دون تنميق ودون "تزويق" و" بالبلدي وبالفلاحيني !!!" ساكتب لكم عن احداث اضراب عمال المحله واعتصام موظفي الضرائب العقاريه جباة ضرائب الدوله باعتبارهم الحدثين الاهم في عام ٢٠٠٧ وباعتبارهما طغوا علي بقيه الاحداث احسهما غضبه شعبيه غير سياسيه انفجرت بغير تحريض لا من المحظوره ولا من غيرها دفع اليها المضربون والمعتصمون جبرا وماكانوا يتمنوا ابدا القيام بها بسبب الظروف الاقتصاديه الطاحنه التي كوتهم بالغلاء وحاصرتهم بالديون في نفس الوقت يعانون العسف من جهات عملهم التي تعاملت مع مطالبهم المشروعه وشكواهم الموجعه بتعال كريهه واصمت اذنيها عن صوت غضبهم فلم يكن امامهم وقد ذبحت حناجرهم صراخا وملئت عرائض شكاويهم سلال قمامه المسئولين الا افتراش الارصفه والنوم فوق الاسفلت هم واسرهم واطفالهم الرضع يحتجون علي الحياه الظالمه التي تحتجزهم فيها الحكومه وتحاصرهم داخل سياجها اللعين ، وقفت امام هذين الحديثن املا في انتباه الحكومه لمشاكل شعبها وقدر معاناته وعدم التعالي عليه واعتبار ان همومه لا تخصها لان مسلك الحكومه في تجاهل هموم الشعب لن يثمر الا غضبا عنيفا سيشعل حرائق رهيبه في ثوب الوطن يحرق الاخضر واليابس اذكر الحكومه بماري انطوانيت التي قالت متعجبه من ثوره الشعب الجائع بسبب ارتفاع ثمن الخبز " ليه مابيكلوش جاتوه ؟" ثم تدحرجت رآسها تحت المقصله قبل ان تسمع اجابه سؤالها " العبيط " !!!! وقبل الاستغراق في الحديث عن غضبه الشعب تذكرت تكرار حادث غرق بعض الشباب المصري امام الشواطىء الاوربيه ايطاليا كانت او تركيا او غيرها وفكرت في اصرار هؤلاء الشباب علي الخروج من البلد بظروفها الاقتصاديه الاجتماعيه الطاحنه فرارا من البطاله وقله الحيله وضيق ذات اليد وانعدام فرص العمل فرار من ابواب رزقها الموصده امامهم المغلقه في وجوههم بحثا عن موطيئ لاقدامهم في اي مكان اخر غير مكترثين بقدر المخاطر التي سيتعرضوا لها في رحله الهجره غير المشروعه او جهلهم بلغه البلد التي سيقيمون فيها غير او بالملاحقه البوليسه لهم اثناء الاقامه غير الشرعيه او بطبيعه الاعمال التي سيقومون بها في البلاد الغريبه او بما سيلاقوه هناك من انعدام الكرامه وكونهم بشر" درجه عاشره " بلا حقوق وبلا حمايه بل غير مكترثين بالكارثه الاقتصاديه التي يتسببوا فيها لاسرهم لتدبير مصروفات السفر الباهظه والتي تصل وتتجاوز الثلاثين واربعين الف جنيه يدفعوها عن طيب خاطر للسماسره المحترفين لينتهي بهم المطاف مكدسين في مركب قاتل غير امن تتقاذفهم الامواج في المحيطات العاتيه البارده فتنتهي رحلتهم سريعا ويعودوا لذويهم جثث مسجاه في النعوش ، فكرت في كيفيه التصرف ازاء تلك الظاهره والفرار اليائس للشباب مدركه ان العويل علي الشباب الذي ضاع وعلي قلوب الامهات التي احترقت وعلي الخراب الذي لحق باسرهم التي باعت الارض و" الصيغه" والنحاس واراقت ماء وجهها واقترضت من " اللي يسوا واللي مايسواش " املا في تحقيق حلم بددته الامواج العاتيه وحولته لكابوس اسود لن يفيقوا منه لن يحل تلك المشكله الكبري لان عدم فهمنا للدوافع والمبررات الحقيقه لهؤلاء الشباب اللذين ماتوا وعدم فهمنا لاسباب رغبتهم المستمره في الفرار والهروب من الوطن لن يثمرفي حياتنا الا مزيد من النعوش ومزيدا من العويل ومزيدا من الخراب وذكرني مسلكهم بقوله الشاعر " كمن المستجير من الرمضاء بالنار " وفهمت استخفافهم بحياتهم من منطق " ياطابت يااتنين عور " واحسست الاسي عليهم وقد رحلوا وتركوا في " عبنا " عشرات النعوش الكئيبه يرقد فيها الاحباء الفارين من الوطن للموت الاختياري وتمنيت انتباه شعبيا وفهما رسميا لحجم المشاكل التي يعيشها الشباب اليائس من حياته واحسست الحزن علي الوطن الذي تفر سواعده الفتيه من تحت سماءه وتختار بارادتها الموت في المياه البارده المالحه علي اعتاب الاحلام المستحيله وقبل الاستغراق في تلك الظاهره الموجعه واجترار آلامها لاحت امام عيني بارقه امل ناشدتني الخروج من مستنقع الاحزان المستمره واكدت لي ان " البر بخير " وانه مهما تفاقمت مشاكلنا وتمكنت من رقابنا وكدنا ندمن اليآس مازال بيننا الوف بل ملايين من المصريين المحترمين المحبين للوطن الرافضين للانانيه البغيضه المقاومين للسقوط في هاويه الانحراف والفساد المؤديين لواجبهم بشرف وذمه وامانه تستحق الاشاده والتقدير فدمعت عيناي احتراما لضابط الشرطه الشاب محمد عبد الكريم المتناوي الذي دافع عن شرف فتاه لا يعرفها استنجدت به من مختطفيها فطاردهم لانقاذها ودفع حياته راضيا ثمنا للحفاظ علي شرف تلك الفتاه وامنها وامننا جميعا ، ذلك الضابط الشاب الذي ادي واجبه المهني كرجل شرطه مسئول عن حمايه الشعب برجوله وشرف ومات شهيدا ليعيش في ذاكرتنا جميعا نحن المواطنين المحبين للوطن ابد الدهر تزين ذكراه العطره قلوبنا ونحتفظ بصورته في عقولنا ونقص علي اطفالنا واحفادنا قبل النوم قصه بطولته وتضحيته بنفسه من اجل الوطن ومواطنيه ثم لاحت امام ناظري صوره المهندسه منال حسن موظفه احد الاحياء التي رفضت الرشوه الضخمه التي عرضت عليها بل وابلغت عن الراشين رغم الكنز الذي عرضوه عليها لاغماض عينيها عن انحرافاتهم دوت في اذني كلماتها وهي تؤكد انها " معملتش غير الصح " ابتسمت احييها حزينه علي ان الكثيرين غيرها فقدوا المعايير الصحيحه وضاعت منه الاسس الاخلاقيه ونسوا احترامهم لذاتهم وبرروا لانفسهم الانحراف وزينوا سلوكهم الفاسد اما هي فقد قاومت السقوط ببساطه وتلقائيه رغم ان راتبها من الوظيفه الميري " يموت من الضحك !!" لكنها وغم هذا لم تبرر لنفسها قبول الرشوه ومسايره الراشين في حججهم الفاشله عن تردي الاحوال الاقتصاديه واستفحال الغلاء وانخفاض القيمه الشرائيه للجنيه وعجزها - مثل الملايين من المواطنين الشرفاء - عن تحقيق احلامها المشروعه فلم تنزلق لهاويه الفساد ولم تساير المنحرفين ولم تشتري بضاعتهم ولم تقع في فخ اغراءاتهم فصارت في حياتنا نموذج يحتذي به ويقتدي بسلوكه وقوته فما اصعب مقاومه الانحراف في بلد يبرر الجميع فيه للجميع السقوط المشين باعتباره سلوكا عاديا لا يجب الوقوف امامه !! وفجآ امسكت رآسي متآلمه من الصداع الذي يفتك بها والافكار تتصارع بداخلها " توسع " لنفسها سبيلا للخروج واحسستني متعبه وهممت بالنوم لكن صوت الندابات وعويل النائحات الذي يحاصرنا جميعا ليل نهار يبث الينا من الفضائيات ومحطاتها المتنافسه وبرامجها المتشنجه ومذيعيها المتآنقين يرسمون علي وجوههم قسمات الحزن علي الوطن الذي لا يكفوا عن انتقاده ليل نهار والتنقيب عن مساوءه وعيوبه ومشاكله ويضعوها امامهم تشريحها وتشريدا باعتبار ان تفاقهم المشاكل وتزايد الازمات وكثره الهموم هم الممول الرئيسي لخزائن مالكي المحطات وقيمه مرتباتهم الباهظه التي يتقاضوها كلما ارتفع صوت ندبهم وعويلهم وبكائهم علي حال الوطن " الغلبان " ، تلك الاصوات " طيرت النوم من عيني " وذكرتني بانني لم اسمع طوال العام وعن طريق البث المباشر الا العويل ومرثيات الاسي علي الوطن وحاله ومآل اليه والمصير الاسود المحتوم الذي ننزلق اليه والهوه السحقيه التي ندفع تجاهها والنفق المظلم الذي نسير فيه وسنظل نسير فيه ولم اري الا اللطم علي الخدود وشق ال"هدوم " وصبغ الوجووه بالنيله الزرقاء حدادا وحزنا علي الوطن الذي لا يعيش الا سلبيات مريعه وفساد مخيف وتردي خطير وفوضي مرعبه وان " الحكومه بايظه " و" الناس بايظه " والايام التي نعيشها سوداء والايام القادمه اكثر سوادا !!! دوت تلك الاصوات في اذني اكدت لي بان اثرها المباشر علي حياتنا لن يكون الا فقدان الانتماء وانتشار الكآبه واحتلال اليآس لنفوسنا والقنوط صدرنا والهم قلوبنا والغم عقولنا وتحريضنا علي كراهيه حياتنا الصعبه اكثر واكثر وكراهيه انفسنا والاخرين والوطن والحياه ذاتها !!!وسآلت نفسي وانا غاضبه من نغمات العويل منقضبه من انينها الا تري الندابات في حياتنا شيئا جميلا يستحق الاشاده به وتحيته او في وطننا الجميل ما يستحق احترامه او وسط مواطنينا نماذج ناجحه مشرفه شريفه جديره بالاحترام والثناء وكل التقدير !! لكن الارهاق استبد بي فلم انتظر اجابه اسئلتي ولم يبقي لي الا هذه الكلمات التي القيها بين ايديكم علها تخبركم شيئا مفيدا !!!
الفقره الاخيره - قال ناظم حكمت " ان اجمل الايام التي لم تآتي بعد " وازيد عليه " ونحن ننتظرها ونتمني الا يطول انتظارنا " ...
الجمله الاخيره - قال مصطفي كامل " لا يآس مع الحياه ولا حياه مع اليآس "
السطر الاخير - كل سنه وكل المصريين ومصر الجميله بخير و...... بكره احلي من النهارده .... ولو كره الكارهون !!!
نشرت في جريده روز اليوسف بتاريخ اليوم ٢٦- ١٢- ٢٠٠٧

هناك تعليقان (2):

اميرة بهي الدين يقول...

Ayman Kandil wrote
at 11:29pm on December 26th, 2007
فكره هيله جدا والمقاله معقوله

Mona Abolnaga wrote
at 9:27pm on December 30th, 2007
انت قطه مفتحه جدا مش ......


Rasha Ali wrote
at 11:04pm on December 30th, 2007
انا لازم ارد واقتبس منك المقولة دي
ان اجمل الايام التي لم تآتي بعد " وازيد عليه " ونحن ننتظرها ونتمني الا يطول انتظارنا
امتي بقي ياربي

اميرة بهي الدين يقول...

كنت نشرن هذه المقاله في الفيس بوك فجائتني التعليقات التي نشرتها في التعليق السابق لذا لزم التنويه ...