الخميس، 22 أكتوبر 2009

هل هو مولد وصاحبه غايب ؟؟؟؟؟؟؟



يشغلني منذ فتره طويله الصخب والضجيج المجتمعي المستمر المستعر المتصاعد ، الذي ينفجر بين حين واخر حول قضيه ما او موضوع ما ، خبر صحفي ينشر في احد الجرائد ، فقره تذاع في احد البرامج في احد الفضائيات ، تصريح يقوله هذا او ذاك ، فاذا بالصخب والضجيج المجتمعي ينفجر بشكل رهيب ، كل الصحفيين او معظمهم يتكلموا في ذات الموضوع ، بعضهم ينفي وبعضهم يؤكد ، بعضهم يدعم وبعضهم يعارض ، ويفتح سوق عكاظ وحديقه " الهايدبارك " الكل يتحدث ويتحدث ، كلام متناقض متضاد ، وفي النهايه لايستفيد المجتمع اي فائده من ذلك الصخب ولا تعرف الحقيقه ولا يعرف الصواب ولا نعرف " مين صح ومين غلط " وكان الهدف الحقيقي من تلك الضجه والصخب والضجيج هو الهاء الناس عن اي شيء جاد او حقيقي او له معني او له قيمه ، كآن الهدف الحقيقي من تلك الضجه هو اشاعه الفوضي في المجتمع فيكفر الناس بكل شيء ويكرهوا كل شيء ويفقدوا انتماءهم لكل شيء وليذهب الوطن للجحيم ولتحيا الفوضي !!!!!

اي صحفي في اي جريده يملك اليوم لو اراد ان يقلب المجتمع راسا علي عقب ، يملك ان يقول اي شيء صحيح او كاذب ، وهنا تبدآ المعارك المتتاليه ، الصحفي ينشر خبر ، يقول البعض هذا كاذب ، يقول المعنيين بالخبر انهم تضرروا منه لانه يسيء اليهم ، ينخرط المجتمع في مناقشات سفسطائيه حول هل حق الصحفي النشر هل من حق المشار اليه في الخبر التضرر ، ماهي العلاقه بين حريه الصحافه وحقوق المواطنين ، ثم يثار بالتبعيه مسآله حبس الصحفيين ، ولا ننسي في الزحمه ان نتكلم عن الاعتداء علي حريه الصحافه - فاي صحفي من حقه ان يقول ما بدا له - واذا تضررنا من قوله فلنشكو لله وهو المنتقم الجبار ، و اذا لجآنا للقضاء اذن نحن معاديين للحريات ولحقوق الانسان ولحق الصحفي في النشر ونجد الف صحفي يهاجم سلوك المجني عليه ونجد الف محامي متطوع للمرافعه والاحاديث التلفزيونيه يدافع عن حريه الصحافه وعن حق الصحفي في النشر وينسي ويتناسي القانون وجرائم السب والقذف وحق المجني عليه في التعويض والقصاص ولا تقف المعركه المجتمعيه عند هذا الحد بل تتسع لتشمل الحكم القضائي فاذا جاء الحكم مؤيدا حق الصحفي في النشر اذن " عاش القضاء الشريف " و" يحيا القضاء الشرفاء " وليموت المجني عليه بغيظه و" ان شالله يولع " !!! واذا ادان الحكم الصحفي عما نشره باعتباره سبا وقذفا ، اتسعت المعركه لمهاجمه القوانين سيئه السمعه المقيده للحريات وكان الحريات تفترض حق استباحه الاخرين ، بل وتمتد لمهاجمه القضاء الذي يضم من بين رجاله هؤلاء القضاه الذين اصدروا الحكم باعتبار ان " السلطه التنفيذيه تتدخل في استقلال القضاء " هكذا يقودنا الخبر الصحفي للحديث عن حريه الصحافه وايضا استقلال القضاء وتتسع المعركه ليدخل فيها بعض رجال القضاء الجالسين فوق المنصه يناقشون الحكم ويهاجموه ويعتبروه حاله نموذجيه تثبت انتقاداتهم لما يحدث في القضاء من تدخلات من قبل السلطه التنفيذيه المعاديه للحريات فاذا قيل لهم لا تتكلموا في السياسه قالوا هذه ليست سياسه هذا شآن عام واذا قالوا لهم لا تنتقدوا الاحكام القضائيه التي صدرت والتي نظم القانون طرق الطعن فيها وانتقادها قالوا نحن نناقش المبادىء العامه ولا نتطرق لتفاصيل الحكم ،ويدخل المحامين في المعركه وتفتح محاكم خاصه علي صفحات الجرائد وفي البرامج التلفزيونيه والفضائيات هذا الحكم صحيح هذا الحكم خاطيء ويقدم كل طرف اسانيده القانونيه وينقسم الجمهور المتعطش للتسليه بين الفريقين بعضهم يؤمن باسانيد الطرف الاول وبعضهم يرفض حجج الطرف الثاني ويزداد الصخب والضجيج والهوس وللاسف تفقد جميع القضايا والموضوعات معناها وقيمتها ، فالجمهور قد تسلي قبل النوم ولم يخرج في النهايه بنتيجه واضحه او راي محدد ، كله كلام في كلام وفوضي في فوضي وضجيج في ضجيج وتتوه الحدود بين الحريه والفوضي وبين مصلحه المجتمع في معرفه الحقيقه وحقوق الافراد في عدم التشهير بهم وبين انشغال القضاه بالسياسه وبين ابداء الراي كمواطن في الشآن العام وبين استقلال القضاء وبين استغلاله لمصلحه هذا التيار السياسي او ذاك و....... " اهو مولد وصاحبه غايب " !!!!!


واقف هنا امام خلال الاونه الاخيره في عده وقائع استوقفتني بشده باعتبارها حالات نموذجيه لما يثيرني ويثير مخاوفي علي الوطن ومواطنيه !!!!

الواقعه الاولي - استقاله السيد المستشار محمود الخضيري من منصبه بالقضاء قبل عده شهور تقريبا من احالته للمعاش !!! هذا في ذاته خبر عادي !!! احد المستشارين الاجلاء بالهيئه القضائيه استقال من عمله ، خبر لايقف امامه احد ، ربما استقال لاسباب صحيه ، ربما استقال لنيته الترشيح لمجلس الشعب بما يستوجبه ذلك من ضروره الاستقاله من عمله الذي يشترط انقطاع صله رجاله بالسياسه ، ربما زهد من عمله او رغب في الراحه ، ربما ربما .. الف ربما .. جميعها تصلح لتفسير سلوك سيادته باعتباره سلوكا شخصيا خاصا لايهم اي منا !!!! لكن السيد المستشار محمود الخضيري وقد اوشك علي اكمال السبعين عاما وبعد ان اقترب من الاحاله للمعاش اي قضي مايقرب من خمسه واربعين عاما اويزيد اويقل قليلا معتليا منصه القضاء لم يكتفي بالاستقاله باعتبارها شآن شخصي بل صرح للصحف بتصريحات تفسر استقالته باعتبارها احتجاجا علي تغول السلطه التنفيذيه في شآن القضاء وكانه يقول للاخرين ، انه اضطر للاستقاله احتجاجا علي ذلك رغم انه لم يضمن خطاب استقالته اي عبارات بخلاف الاستقاله في ذاتها ، هنا ينفجر الصخب والضجيج المجتمعي الرهيب حول تلك الاستقاله ، فريق يعتبره يقول الحقيقه المطلقه ويؤيده ويدافع عن موقفه المبدئي الهمام ويردد اقواله بشان احباطاته القضائيه باعتباره كان من ابطال وقاده فريق الاستقلال القضائي ، وفريق اخر اعتبره بموجب هذه الاستقاله انما يعد نفسه لنزول المعترك السياسي بالترشيح في الانتخابات البرلمانيه ويفسر كل الاسباب التي اوردها السيد المستشار في استقالته باعتبارها نوعا من مباشره الخصومه السياسيه المبكره مع الحكومه اعدادا لمعركه الانتخابات ، فريق ثالث اعتبر ان السيد المستشار " السابق " انما استقال من عمله راغبا في ممارسه المحاماه وانه وقبيل التوقيع علي الاستقاله كان قد اعد مكتبا فاخرا لممارسه المحاماه بالاسكندريه وفسر ذلك الفريق الثالث الصخب الذي اثاره السيد المستشار حول استقالته باعتباره نوعا من الترويج والتسويق والدعايه لعمله المهني الجديد ، في نفس الوقت اعتبر الكثيرين من رجال القضاء ما قاله المستشار السابق مساس بهيبه القضاء وطالبوه بالكف عن مثل تلك الاقوال التي تعد من وجه نظرهم اساءه للقضاء وعاش المجتمع صخب وضجه وحوارات ومعارضين ومؤيدين ولقاءات تلفزيونيه ومحاورات تلفزيوينه ووجدت بعض الصحف ضالتها في ذلك الخبر كمدخلا تاره لمهاجمه القضاء التابع حسب ادعاءاتهم وتاره لمهاجمه الاخوان المسلمين المحظوره وتاره ثالثه لمهاجمه الحكومه المستبده وتوريث الحكم بالمره بل وعقب احد الاساتذه القانونين معتبرا ان معركه حقيقه ستتفجر اذا مااتهم المستشار السابق باهانه القضاء لما في ذلك من مساس بحقه في التعبير عن رايه بحريه كآن من حق السيد المستشار ان يقول ما بدا له بحريه وان اعتبر غيره من المستشارين اقواله مساسا بهم وبالقضاء الذين يشرفون بالانتماء اليه وطالبوه بالصمت او طالبوا مؤاخذته بالقانون الذي شرف بتطبيقه خمسه واربعين عاما عدوا معتدين علي حقه في التعبير عن رايه بحريه !!!!!!! صخب صخب !! كآن هذا المجتمع وصفوته ومثقفيه وسياسيه لايجدون قضيه يتحدثوا فيها او يتحدثوا عنها وحين استقال السيد المستشار وجدوها فرصه سانحه ليقول كل وجه نظرهم في اي شيء وكل شيء !!! ويكفر الناس بالقضاء الذي يهاجمه شيخ سابق من شيوخه ويكفر الناس بالحريات التي تبيح لمن يرغب ان يقول اي شيء ان يقوله واذا اعترض البعض اعتبروا اعداء للحريات اعداء للديمقراطيه ، ويكفر الناس بالصحافه التي وجدت ضالتها "جنازه وتشبع فيها لطم " ويزداد الصخب والضجه ولتحيا الفوضي !!!!!

الواقعه الثانيه - حين نشرت احدي الصحف خبرا عن ضبط شبكه للشذوذ الجنسي واشارت لاسماء بعض الفنانين باعتبارهم من ضمن تلك الشبكه ، وحين قامت الدنيا ولم " تقعد " بسبب ذلك الخبر ولجوء ضحاياه للسيد النائب ضد الجريده واصحابها والصحفي باعتبارهم نشروا كبرا كاذبا عاريا من دليله اساء اليهم ، قامت الدنيا مره ثانيه و" لم تقعد " حديثا صاخبا عن حريه الصحافه وحق الصحفي في النشر وتذكر الصاخبين بمناسبه ذلك الامر غضبهم الدائم من " حبس الصحفيين " فعادوا وكرروا احتجاجاتهم علي امكانيه " حبس الصحفيين " والقوانين سيئه السمعه المقيده للحريات و" غني كل علي ليلاه " فبعضهم هاجم الشرطه وادعي دفع مبالغ رشوه رهيبه لاخفاء المحضر الذي ضبطت فيه شبكه الشذوذ فكانت فرصه ايضا لمهاجمه الشرطه التي تتستر بالرشوه علي الشواذ ، وبدلا من ان يكون خبرا واحد كاذب مفبرك بشآن شبكه الشذوذ يدعم بخبر ثاني كاذب بشآن فساد الشرطه وتواطئها مع تلك الشبكه ، وحين يحيل السيد النائب العام الجريده والصحفي للمحاكمه بعد التيقين من الجهات المعنيه بعدم صحه الواقعه التي تشكل الاتهامات الاخلاقيه فيها حكما مدنيا بالاعدام علي اصحاب الشآن يسيء لسمعتهم ولاسرهم ويضيرهم ، يزداد الصخب المجتمعي والبرامج التلفزيوينه وينقسم الجميع فرقاء متقاتلين حول صحه الخبر وحول تستر الشرطه وحول حريه الصحافه وحول ادانه حبس الصحفيين ولايخمد الحريق ، بل يزداد اشتعالا ، فقبل الجلسه الاولي للمحاكمه الجنائيه تنشر تصريحات ناريه من المتهمين وعلي لسانهم تفيد وجود سي دي يثبت الواقعه ويتحدث المجتمع عن السي دي وهل مفبركه مصطنعه وينفي اصحاب الشآن صحتها ويتمسك المتهمين بها بل وتضيف بعض الصحف ان دفاع المتهمين سيطالب باحاله المتهمين للكشف الطبي عليهم اثباتا للاتهامات التي نسبتها الجريده اليهم ، وينفعل البعض ويقول ان هذا تصرف غير لائق وتعسف غير مقبول فالمحاكمه الجنائيه تدور حول خبر نشر بالصحيفه عاريا من دليله ومناط الادانه من عدمه اثبات او عدم اثبات صحه الخبر المزعوم وان احاله المجني عليهم للكشف الطبي يشكل مزيد من التعسف ضدهم والتشهير بهم ، وينفعل فريق اخر ويقرر ان الدفاع عن المتهمين يبيح لهم كافه الاجراءات التي تثبت خبرهم المزعوم ولو تطلب ذلك اجبار المجني عليهم واحالتهم للكشف الطبي وتزداد المشاحنات والصراعات والصخب والضجيج وتنعقد المحاكمات التلفزيوينه قبل المحاكمه القانونيه بعضهم يبرآ المتهمين وبعضهم يدينهم وينسي الجميع اصل الموضوع ..... خبر صحفي عاري من دليله يسيء للمعني بالامر ويمس شرفه وشرفه اسرته وسمعتهم جميعا ، لكن المجتمع المتشوق للصخب والضجه وخلط الاوراق واشاعه الفوضي لايقف عند حدود الامر بل يتجاوزه ويناقش كل القضايا الكونيه التي كان " يتلكك " من اجل مناقشتها ويكبر الموضوع ويكبر وتنحدر كره الثلج وتكبر وتكبر ويزداد الصخب والضجيج ويكفر الناس بالصحف وماينشر فيها ويكفروا بحريه الصحافه التي تسيء للناس ويكفروا بالشرطه التي تتواطيء مع المتهمين بالرشوه ويكفروا بالقانون الذي لن يمنحهم مهما منحهم مايكفي لمحو الضرر الذي اصابهم وهم يعيشون وسط مجتمع للاسف يؤمن بآن " مافيش دخان من غير نار" والخبر الصحفي اطلق الدخان الكاذب فاشتعلت النار في المجتمع كله !!! ولتحيا الفوضي !!!!!!


الواقعه الثالثه - حين نشرت احد الصحف في صفحتها الاولي خبرا عن السيد شيخ الازهر الذي كان يتفقد مدرسه من المدارس الازهريه للاطمئنان علي الاجراءات الصحيه بمناسبه الانفلونزا الوبائيه ، وهي الزياره التي اجبر فيها شيخ الازهر احدي التلميذات الصغيرات علي خلع النقاب حسبما نشر بالجريده مصحوبا بادعاء نسب للسيد شيخ الازهر باعتباره سخر من الفتاه مرتديه النقاب وقال لها " امال لو كنت حلوه " !!! وهنا اشتعلت اصغر الحرائق من اصغر الشرر ، انا شخصيا حين قرآت الخبر ، تعجبت من حاله التربص الصحفي من الجريده بشيخ الازهر والتي نقلت علي لسان الشيخ حوارا مزعوما دار بينه وبين الصغيره ، فضلا عن اني لم اتيقن من صحه المنشور لاني لم اعرف اذا كان الصحفي ناشر الخبر كان حاضرا وقت الزياره التفقديه وسمع بنفسه الحديث الذي دار بين شيخ الازهر وتلك الفتاه وقت دار بينهما ذلك الحوار ان صح او انه نقل اليه وعما كان ذلك النقل دقيق من عدمه !! فضلا عن هذا فقد نفي السيد شيخ الازهر في اكثر من مقام انه عنف الصغيره او سخر منها ، لكن الخبر الذي نشر تضمن تربصا بالشيخ الجليل حين وصف مسلكه مع الصغيره باعتباره اجبار ، وحين نسب اليه وهو الشيخ الجليل انه سخر من صغيره في مقام حفيدته ، وهذا التربص اثمر صخبا اجتماعيا كبيرا تجاوز الواقعه محل النشر لمهاجمه السيد شيخ الازهر شخصيا باعتباره يتلقي تعليمات من الدوله وباعتبار ان الدوله تهاجم النقاب ودخلت جماعه الاخوان المحظوره في الحلبه وهاجمت الشيخ وطالبته بالاستقاله باعتبار ان النقاب " فضيله " وان شيخ الازهر يمنع الفضيله ، واتسعت الدائره للحديث عن مهاجمه المنقبات باعتباره هجوما علي الحريه الشخصيه لهن واولي مهاجمه المتبرجات و" اللي قالعين " وسخر البعض من مفهوم الحريه الشخصيه الذي يسمح " بالقلع " ولايسمح " باللبس " وكاننا في مباره مصارعه بين المنقبات و" اللي قالعين " فنحرض المجتمع علي مهاجمه " اللي قالعين " والدفاع عن " اللي لابسين " !!! وتجاوز المجتمع بصخبه المدوي عن حجج السيد الشيخ واعتباره ارتداء صغيره للنقاب وهي لم تتجاوز العاشره فتنه بين زميلاتها الصغيرات اللاتي قد يفهمن من سلوكها انها افضل منهن تدينا او انهن اقل منها دينا ، تجاوزوا ذلك لاعتبار الواقعه فرصه لمهاجمه الازهر وشيخه ومهاجمه الدوله التي تملي - حسب سيفونيات الصخب الفارغ - علي الازهر وشيخه مايخالف الاسلام ويناهض الفضيله بل واعتبرت الواقعه فرصه ايضا لمهاجمه النساء " المتبرجات القالعين " التي تناصرهن الدوله علي حساب " المنقبات الفضليات " وباسم الحريه الشخصيه والدفاع عنها هوجم الشيخ الجليل الذي اعتبر المتربصين به ان " اجباره " للفتاه اعتداء علي حريتها ، متناسين ان تلك الصغيره ارتدت النقاب تحت تاثير اسرتها التي اقنعتها - خطآ - ان ذلك النقاب فرضا دينيا عليها ولم ترتديه من منطق اقتناعها بها وممارسه منها لحريتها الشخصيه !!! لكن الصخب المجتمعي انفجر والاحاديث التفلزيونيه والمناظرات ومنتديات الانترنت جميعهم دخلوا المعركه التي جاءت " علي الطبطاب " لمن يبحثوا عن اي فرصه للهجوم علي الدوله ومؤسساتها وللهجوم علي الازهر الشريف ورجاله واظهر البعض الامر وكآنه معركه ضد الفضيله فانبري الناس الطيبين بالدفاع عن الفضيله واعتبر البعض ان الازهر وشيخه يهاجم المسلمات فانبروا يدافعوا عن المسلمات و" ردح " البعض للمتبرجات اللاتي " قالعين " في الشوارع واستعدوا الناس عليهم من منطق العين بالعين و" هتهاجموا النقاب هنهاجم المتبرجات " وتسقط الحريه الشخصيه الا للمنقبات وتسقط حجج الشيخ الجليل والاسانيد الشرعيه التي يقول بها !!! تشكك بعض الناس في الازهر ورجاله وكره البعض المتبرجات اللاتي يعمل شيخ الازهر لصالحهن علي حساب المنقبات الفضليات وهاجم البعض الدوله التي تسيطر علي كل شيء حتي الازهر وشيخه و...... صخب صخب صخب وليكفر الناس بكل شيء واي شيء ولتحيا الفوضي !!!!!

هل مايحدث في هذا المجتمع يعتبره اصحابه معارضه سياسيه لصالح الشعب ؟؟؟؟ لااظن ذلك ابدا !!!! فرغم اني اعتبر نفسي من دعاه الحريات والمؤمنين بحقوق الانسان والمعارضين للحكومه في كثير بل اغلب سياساتها الاقتصاديه والاجتماعيه واعتبر نفسي صاحبه وجهه نظر فيما يحدث حولي في الحياه ولست مجرد مواطنه " اكل واشرب وانام " لكني في اشد الانزعاج من كل مايحدث في المجتمع ، فالحقيقه اني لا اري الا فوضي عارمه تدب في المجتمع بشكل عمدي ، فوضي يتم فيها تحطيم قيمه كل الاشياء وكل المعاني ، فوضي يتم فيها مهاجمه اي شيء وكل شيء ، كآن الفوضي في ذاتها اصبحت هي الهدف النهائي المطلوب تحقيقه والوصول اليه ، باستخدام جميع الادوات والاليات الممكنه ، نعم في المجتمع مشاكل رهيبه نعم يعاني الناس معاناه كبيره في كل اوجه الحياه اليوميه نعم عندنا فقراء ومهمشين ومناطق عشوائيه واناس يعيشون تحت خط الفقر ، نعم عندنا فساد وانحراف وتسيب ، نعم عندنا ضمائر خربه ونفوس مريضه ، نعم عندنا غلاء وصعوبه في العيش ، نعم عندنا وساطه ومحسوبيه ، نعم عندنا حكومه منحازه - من وجه نظري - للاغنياء علي حساب متوسطي الحال والفقراء ، لكن من قال ان حل تلك المشاكل والازمات المستعصيه يكون باثاره الفوضي المجتمعيه واستثاره غضب الناس ودفعهم ودفع المجتمع للهاويه والحريق الاكبر ، من قال ان حل تلك المشاكل والازمات المستعصيه يكون عن طريق الانتقادات الدائمه والهجوم المستمر علي اي شيء وعلي كل شيءوالتشكيك في كل شيء وكل شخص وكل مؤسسه فتفقد جميع الاشياء معناها وجميع الموضوعات قيمتها ومعناها فيسود العبث والاكتئاب والمراره والحنق وانعدام الانتماء في المجتمع فيكره الناس حياتهم يوما بعد يوما اكثر واكثر من قال ان مايحدث هو في مصلحه الوطن والحقيقه اني كثيرا مااسال نفسي وهل يعني الوطن الذي احبه هؤلاء مثيري الضجه مستهدفي الفوضي وهل تعني حاله الناس التي حوصرت مابين مطرقه الغلاء وصعوبه الحياه ومابين سندان المعارضه والفوضي واشاعه اليآس هل تعني حالتهم هولاء اصحاب الصوت العالي والضجيج والصخب ممن يملكون بخبر في جريده او فقره في برنامج تلفزيوني ان يدفعوا المجتمع للاسف للهاويه ويدفعوا بمواطنيه للجحيم الابدي !!!

الفقره الاخيره - في معظم الاوقات لايناقش المجتمع اي قضيه جاده تؤثر في حياتنا ومستقبلنا لانه يهتم بها يرغب في مناقشتنا بل في معظم الاحيان يتصرف المجتمع كرد فعل لحدث ما يعتبره المجتمع فرصه ومبرر للخوض في قضايا كثيره وهامه لكن بطريقه الفعل ورد الفعل وبشكل عشوائي وعن طريق توجيه الانتقادات المستمره وليس مناقشه الامر ودراسته وتقديم البدائل للمشاكل القائمه رغبه في حلها ، لا لم يعد المجتمع يكترث الا بالصخب الاعلامي والصحفي والانتقادات والصراخ والاحتدام والفرقعات المدويه التي تحدث اكبر ضجه بلا مضمون وبلا نتيجه حقيقيه علي طريقه ان الخبر الصحفي هو " انسان عض اسد " وليس " اسد عض انسان " وليحيا الصخب والدوشه والفوضي العظيمه !!!!


الجمله الاخيره - الا يوجد في هذا البلد اي شيء جميل يستحق الذكر او التحيه او الاشاده به وباصحابه ؟؟؟ سوال اسآله لنفسي كل يوم صباحا حين اتصفح مانشيتات الصحف ثم اسآله لنفسي ثانية ليلا حين اتابع البرامج الحواريه التي يسهر الشعب امامها قبل النوم ؟؟؟؟ الا يوجد شيء جميل في هذا البلد يمكن الاشاره اليه لبعث الامل في نفوس الناس ودعم انتماءهم له وفتح طرق المستقبل التي تغلق يوميا في وجوههم باليآس والهم والفوضي !!!!! سؤال اعرف اجابته لذا اتعجب كثيرا مما ينشر ويذاع واؤمن ان كل مايحدث ليس الا حلقات في مخطط منظم لاشاعه الفوضي العارمه في المجتمع !!!! وربنا يستر !!!


نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه ٢٢ اكتوبر ٢٠٠٩
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=24801

الاثنين، 5 أكتوبر 2009

رائحة الياسمين ..... !!!!


إنه من خيرة رجال هذا الوطن، ربما قليلون جدا يعرفون اسمه، وأقل منهم أدركوا قيمته الحقيقية، وأقل القليلين اطلعوا على مقالاته وكتاباته وعطائه ودوره السياسى والاكاديمى والوطنى، لكن
هذا كله لا ينفى القيمة العالية للرجل الذى أحب الوطن حتى النخاع وحمل همه فوق الأكتاف سنوات وسنوات، دون صخب أو ضجيج أو افتعال، إنه أحب الوطن وخلال عمره فعل كل ما اعتقده صواباً ويخدم هذا الوطن، وسيأتى يوم يذكره الوطن فى تاريخ أبنائه العظماء بعطائهم المستمر المتدفق.

وفى يوم قريب ستدرك أجيال المستقبل أن بين أبناء هذا الوطن وفى بعض سنواته القاسية عاش رجل مخلص أحب الوطن بطريقته وآمن به وبشعبه ومنحه كل ما يقوى على منحه وستطرح مؤلفاته ومقالاته ودراساته على موائد البحث وفى أرفف
المكتبات وفي ضمير الشعب، فى يوم قريب سيدرك الجميع أن انسانا مصريا ذا قيمة عالية عاش بينهم وقدم روحه!! بمنتهى الاخلاص والتفانى للوطن.

انه من خيرة رجال هذا الوطن.. أسمر مثل طمى الأرض.. متدفق كفيضان النيل.. هادئ مثل الليل الصحو فى الأمسيات القمرية رزين حتى وقت الاختلاف والخصومة خفيض الصوت فلا شىء يدفعه ليرفع صوته ويصرخ، فكلماته وعباراته الصادقة العميقة تخرج من لسانه لقلبك وعقلك بلا معاناة أو جهد، تحسه
شبه الوطن كأنه صورته الإنسانية الحية، انسان مصرى ابن بلد فلاح صعيدى بحراوى سيناوى جدع، رجل علمى التفكير فى مجتمع سادته العشوائية والتخبط والشعوذة والجهل.

رجل معطاء فى زمن الطوفان الذى وضع فيه الجميع أولادهم تحت اقدامهم ونجوا بانفسهم، رجل شجاع قال ما يجب قوله فى الوقت الذى اعتقده صحيحا حتى لو دفع ثمن شجاعته اعتقالا أو حبسا أو ضربا أو تعذيبا او حصارا او قهرا ذاتيا، فهذا كله لا يهم مجرد أوجاع زائلة لا تقارن بالألم الدفين الذى قد يشعر به لو جبن أو صمت او توانى عن قول الصحيح فى الوقت المناسب، رجل شريف فى زمن تبعثرت فيه الاتهامات المنحطة على الجميع الا قلة قليلة هو على رأسهم فصدقه واحترامه لذاته ودأبه وجهده المستمر والصلابة الداخلية التى ارتسمت على ملامحه جدية واحترام، هذا كله أخرس كل خصومه فاختلفوا حوله لكنهم أجمعوا على أنه صادق شجاع شريف محب للوطن بلا أى شك.

الدكتور محمد سيد سعيد.. الصديق.. الذى عرفته منذ قرابة عشرين عاما، مرت كأنها خمس ع
شرة دقيقة، لا أصدق ان كل السنوات مرت على معرفته، فخلال كل تلك السنوات قابلته مرات قليلة لكن كل مرة منها كانت تكفى لاحترامه الدهر كله وتدعيم الثقة فيه والطمأنينة لوجوده، انه ذلك الصديق الذى لا تحتاج لتدعيم التواصل بينك وبينه فالتواصل مستمر بلا انقطاع ولا تحتاج لمقابلته مرات كثيرة لتدعيم أو تأكيد أو اختبار ذلك التواصل.

فمنذ المرة الأولى لمقابلته اما يفتح كل أبواب نفسه امامك لتصبح صديقه بعد ثانية واحدة أو يغلقها فى وجهك للابد بما لا يجدى معه كثرة اللقاءات، له بوصلة خاصة جدا فى انتقاء البشر واختيارهم كأصدقاء و
زملاء ومعارف، معاييره صارمة مع الآخرين وكيف يتهاون معهم وهو الذى أبدا لا يتهاون مع نفسه ويقسو عليها لتصبح أكثر صلابة وأكثر نقاء وأكثر قوة وأكثر عطاء، هذه معاييره مع نفسه ومع الآخرين، ينفر نفوراً طبيعيا من الزيف والخسة والنذالة ينفر نفورا طبيعيا من النخاسين والقوادين وآكلى لحوم البشر مهما تبوءوا المراكز العليا ومهما تعطروا ومهما ابتسموا وارتدوا البذل الأنيقة، هذا كله لا يخدعه ولا يقلل نفوره الفطرى منهم، تحسه عاش حياته كالجندى فى الخندق على خط النار فى منتهى الجدية كل ما يفعله جزء صغير من الاعداد الكبير لمعركة كبرى يلزم كسبها والفوز فيها، والمعركة التى جند نفسه وسخر كل امكانياته للفوز بها ليست معركة شخصية ولا مشاجرة على منصب ولا بحثاً عن تقدير ذاتى -

رغم انه كان ومازال يستحق كل التقدير - ولا محاولة لاغتنام مكاسب مادية بل هى معركة الوطن التحديث والدولة المدنية والتنمية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، هذه هى معركة محمد سيد سعيد المواطن المصرى ابن بورسعيد الذى عاش قدر ما عاش أطال الله فى عمره لا يفكر الا فيها ولا يسعى الا لتحقيق انتصاراتها وتجاوز هزائمها.


قابلته وعرفته لأول مرة عام ٩٨٩١ فى سجن ابى زعبل، كان إضراب عمال الحديد والصلب، وكانت المنظمة المصرية لحقوق الانسان التى كان من ضمن قادتها محمد سيد سعيد وقت ذاك، اصدرت بيانا حقوقيا يؤيد الاضراب والمضربين استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التى تدعم حق العمال فى الاضراب،

كنت فى السجن لأزور بعض المتهمين فى تلك القضية، حيث قبض على العديد من العمال باعتبارهم مرتكبى جريمة الإضراب وعلى بعض المثقفين المصريين من الحقوقيين والنقابيين باعتبارهم المحرضين علي ذلك الإضراب والمؤيدين لحدوثه، وقفت على باب السجن طويلا أنتظر السماح بالدخول رغم انى محامية ومعى تصريح زيارة من النيابة العامة.

لكن اجواء السجن كانت متوترة وهناك وفد من مجلس نقابة الصحفيين يقف على الباب ينتظر السماح هو الآخر بالدخول لزيارة أعضاء نقابته ومن ضمنهم محمد سيد سعيد، تناثرت كلمات موجعة على باب السجن ان المتهمين عذبوا ليلة امس وضربوا ضربا مبرحا، ازداد التوتر والقلق، دخل وفد نقابة الصحفيين وغاب وبعدها دخلت حجرة الزيارة فوجدت الغرفة فارغة إلا من محمد سيد سعيد ووفد النقابة كان غريب الشكل ترتسم على وجهه قسمات غريبة ربما احساس بالقهر ربما غضب لم اعرف وقتها بالضبط لانها كانت المرة الاولى التى أقابله. ومر وقت الزيارة وانكشف المستور وعرفنا ان الجميع ضرب ليلة امس ضربا مبرحا وعذبوا وخرجنا من السجن نغلى من الغضب نقدم بلاغات للنيابة العامة وايام قليلة وافرج عن الجميع وكانت بداية معرفتى الشخصية بالدكتور محمد سيد سعيد!!

وبهذه المناسبة يتعين على القول بأن محمد سيد سعيد خرج من تلك التجربة بلا صخب او ضجيج او
متاجرة بألمه الشخصى، بل لم يكترث بتجربته الشخصية، لم يشر اليها كلما تكلم، لم يتحدث عنها باعتبارها، التجربة النموذج التى يتذكرها ويستدعيها كلما سمع عن تعذيب او ضرب او انتهاكات، لم يتجر بوجعه وألمه وآلامه، بل عنده هى مجرد انتهاك لحقوق الانسان يضاف للسجل الطويل الذى يعرفه ويكرهه ويقاومه ليس اكثر!! لم يبحث عن بطولة او وسام لم يدع استشهاداً أو تضحية، فشخصنة الامور ليست فى صالح القضية التى يؤمن بها والحديث عن نفسه يفقد قضيته مصداقيتها، فهو نشط فى مجال حقوق الانسان لأنه، مؤمن بتلك المبادئ ومقتنع بضرورة الدفاع عنها ويسعى لنشر ثقافة حقوق الانسان فى المجتمع باعتباره الرادع الحقيقى والمانع الحقيقى لأى انتهاكات.

إنه لا يهتم بحقوق الانسان لانه ضحية بل لانه ناشط ومقاتل ومقتنع بأهمية تلك القضية!! لماذا اقول هذا لأنى اعتقد انه لم يكن يحب ان اذكر تلك التجربة فى حديثى عنه، فهو قيمة بصرف، النظر عن تعذيبه، وصاحب موقف بصرف النظر عن اعتقاله، لكنى يا صديقى العزيز أتحدث عن إنسان خاص جدا فى زمن ردىء غابت فيه القدوة عن أولادنا وضاعت فيه القيم وانتشر فيه الزيف، اتحدث عن انسان خاص جدا احب ان يعرفه الجميع ويمنحوه ما ي
ستحقه من احترام وتقدير، فلم يكن لى إغفال تلك الواقعة -

على تفاهتها من وجهة نظرك - لكنها واقعة تكشف عن قوة وجلد وصلابة واحترام يتعين على الجميع ادراكهما ومنحك ما تستحق من حب وتقدير!! لا اتحدث عن صديقى بل اتحدث عن رجل من الوطن احبه بطريقته فلا اقل ان يعرفه ابناء الوطن بكل جوانبه الانسانية والعلمية!! فاعذرنى لانى أدرك انك ما كنت تحب مثل هذا الحديث لكن قلته لكل أسبابى السابقة وأبعد عن الواقعة بشخصك وانظر للواقعة وابطالها واعتبرهم غرباء عنهم وثمن قيمة سلوكهم الانسانى والعام وامنحهم ما يستحقونه من احترام ولا تبخل على نفسك بما تستحقه.

بعدها عملت معه اربع سنوات فى المنظمة المصرية لحقوق الانسان، كنا انا وهو وآخرون اعضاء
مجلس الامناء بالمنظمة، نتولى ادارة العمل اليومى واستقبال بلاغات الانتهاكات ونأخذ بشأنها الاجراءات، ومرت السنوات الاربع كما مرت بمرها وحلوها واقتربت منه اكثر، لفت نظرى هدوؤه الحقيقى فى كل المواقف، انه لا يتعامل مع، حقوق الانسان وانتهاكاتها بانفعال صبيانى او عفوية، لا يغضب من شدة ما يسمعه لا يتوتر من قبح ما يراه، انها انتهاكات يلزم مقاومتها بكل الآليات التى تملكها المنظمة.

هكذا الأمر ببساطة وهدوء وعقلانية!! واكم من مشاجرات وانقسامات وحروب انفجرت فى المنظمة وبين اعضائها فرادى وجماعات سياسية، لكن احدا لم يختلف ابدا حول محمد سيد سعيد، احدا لم يتشاجر معه، لم يتهمه، لم يحاول تلويثه، أو النيل من سمعته، كان الجميع قد رفعوه فوق المعركة واستثنوه منها ورفضوا على اختلاف عقائدهم وافكارهم ووجهات نظرهم رفضوا الزج به فى أتون خلافاتهم، بل إن احدا من الفرقاء لم يحاول استقطابه لجان
به او اغراءه لجذبه بقيمته الكبرى لصالحه فى المعركة، لأن الجميع يعرف انه لا يغرى ولا يميل ولا يقوم الا بما يعتقده حقيقة صحيحة! فى نفس الوقت خاض هو معركته الخاصة وسط تلك الحرب لصالح المنظمة وليس لصالح اى فريق على حساب الآخر، أحسها حرباً عبثية، لن تسفر الا عن عزيمة جميع الاطراف، لن تسفر الا عن تقسيم وانقسام وشرذمة المنظمة التى كان يؤمن بدورها العظيم الضرورى فى المجتمع المصرى، خاض المعركة لصالح المنظمة ككيان مستقل قوى ويقوى كل يوم عن الآخر، خاضها بين الفرقاء للتوحيد بينهم داخل المنظمة وتحت مظلتها متفهما اختلافاتهم.

وانتهت المعارك والحروب وغضب من غضب وخرج بعض الاعضاء وبقى البعض الآخر وظل محمد سيد سعيد الشخص المحترم لدى الجميع لا يملك احدا المساس به!! انه ليس قديسا كما قد يقول بعض سطورى، انه انسان محترم مخلص جاد، فاذا كانت تلك الصفات فى الايام المنحطة هى اوصاف القديسين، فهو ليس قديس وما كان يقبل ان يكون، هو انسان عادى محترم مخلص جاد، بذل كل الجهد المطلوب فى كل مجال دخله ولم يستخسر طاقته ولا صدقه ولا مجهوده فأحبه الناس وصدقوه ووثقوا فيه.

ولو كان قديسا لكان ظاهرة استثنائية غير قابلة للتكرار لكنه كان انسانا محترما يسعى - دون قصد - ليكون قدوة لعشرات بل مئات غيره من البشر الطيبين الذين يحبون هذا الوطن ويتمنون له مستقبلا عظيما!! انه ليس قديسا استثنائىا انه قدوة بشرية قابلة للاحتذاء به.. هذا هو محمد سيد سعيد ابن الوطن الذى لا تعرفونه لكنه
كتب فى صفحات كتاب هذا الوطن اسمه!! وجهده بأحرف من ياسمين تبقى تفوح بروائحها العطرة الدهر كله. كان انسانا طيبا جدا و»جدع« كما يعرف المصريون »الجدعنة«، لا يتوانى ابدا عن مد يد العون لصديق وقت الازمة، وأكم من مرات حضر لمكتبى بصحبة نساء مهموات بمشاكلهن الشخصية، قريباته صديقاته زميلاته فى العمل، كان يحضر معهن بشخصه لا يمنحهن كارت توصية لصديقته و»مع تحياتى« بل يأتى معهن سندا ومعينا وسط انشغالاته وهمومه، يجلس معهن يصغى لمشاكلهن الشخصية، وأوجاعهن الخاصة، وفى نهاية اللقاء يتركهن لى مبتسما »أنا سايبها فى إيد أمينة« وكنت اسعد بزياراته واهتمامه بالآخرين وامنحهن كل ما اقوى عليه من مساندة ودعم لانهن »من ريحة الحبايب«!! وابدا لم يسألنى ماذا فعلت وماذا حدث لا يشغل رأسه بالتفاصيل واثقا انى سأقدر اهتمامه وسأتفهم حرصه، وكنت افعل ولم اخذله ابدا، وما بين حين وآخر.. اسمع صوته يثنى على عملى،، لا يشكرنى فليس بين الاصدقاء شكر، لكنه يثنى على نتائج عملى الذى خفف هم النساء وساندهن وكنت اقدر بحق قيمة كلمات ثنائه التى لا يقولها ابدا الا وهو يعنيها.

ليست مصادفة ان محمد سيد سعيد امسك رئاسة تحرير جريدة البديل منذ بدايتها وحتى اعتذر عنها لمرضه، فالبديل هو الهم الشاغل له، البديل الذى يلزم العمل لتحقيقه، البديل الذى يحتاجه الوطن، البديل الذى يحقق العدالة الاجتماعية والسعادة والتنمية ويحافظ على حقوق الانسان والنساء والاقباط ويسعد المواطن المصرى، ليس مصادفة ان محمد سيد سعيد كان اهم رموز »البديل« وهنا لا اتحدث عن الجريدة بل عن المعنى والمضمون العام، انه انسان خاص جدا، قال عنه البعض انه كان يساريا وقال عن نفسه »كنت الأكثر ليبرالية بين اليساريين والأكثر يسارية بين الليبراليين فحاولت فكرياً المضافرة بين الليبرالية السياسية والماركسية الاجتماعية« كان طليق الروح، لم تنطو اجنحته ابدا ولم يلتزم بأى أطر قابضة متعسفة حتى لو كان من اهم مبادئ اليسار وقناعاته، كان ينتمى للوطن ويؤمن بما يراه افضل له كان ينتقى بين كل الافكار والمذاهب ما يصلح للوطن ويحل مشاكل مواطنيه ويسعدهم فالتصنفيات ليست مهمة واللافتات بلا جدوى فما يهمه ويشغله ويستحوذ على افكاره وعقله وجهده ليس تحقيق انتصارات ايديولوجية نظرية، بل كان وما زال ما يشغله سؤال محدد: ماذا يريد الوطن، ماذا يحقق صالح الوطن، وماذا يدفع بالوطن للمستقبل ويدعم مكانته؟ هذا هو ما يؤمن به محمد سيد سعيد الانسان المصرى الخاص جدا.

عشرون عاماً عرفت فيها محمد سيد سعيد، احببته احترمته قدرته تباهيت بصداقته، لكنى لم اقابله كثيرا، ذبحتنا مشاغل الحياة واعباؤها، فرقت بيننا الهموم الشخصية والعامة، لكنى كنت مطمئنة ومازلت مطمئنة لوجوده فى العالم، فمادام محمد سيد سعيد موجوداً فالحياة مازالت آمنة والبشر مازالوا طيبين والوطن سيظل بخير، كنت واثقة انى سأجده فى أية لحظة ساعرج عليه او احتاجه او ابثه قلقى او يستشعر همى، لكنى كنت ادرك حجم مشاغله وقدر همومه ومساحات الازدحام التى يعانى منها، فلم اثقل عليه ولم ألاحقه، لكنى كنت مطمئنة بوجوده ولوجوده، ومازلت مطمئنة!! محمد سيد سعيد الاستاذ الدكتور الصحفى الناشط الحقوقى اليسارى الليبرالى المصرى الجدع المعطاء المحب للوطن.. لقد اسعدنى الحظ بمعرفتك وصداقتك التى اعتززت بها كثيرا فشكرا للحظ ولك صداقتك الجميلة.

الفقرة الاخيرة: أدعو بالشفاء لمحمد سيد سعيد الذى يخوض معركة شرسة مع مرضه العضال و»قاوم يا محمد ولا تستسلم« فليست هذه المعركة الشرسة هى المعركة الأولى التى تخوضها ولن تكون الأخيرة لكنى واثقة من »انتصارك« قاوم يا محمد ..
الجملة الاخيرة: محمد سيد سعيد بلا ألقاب كما طلبت منى مؤكدا »لا القاب بين الاصدقاء والاحباء« لقد شرفت بمعرفتك والعمل معك وبصداقتك.

الكلمة الأخيرة: يارب لا تقس علينا فى أحبائنا فقلوبنا مفتتة بأحزانها ولا نقوى على المزيد »قاوم يا محمد ولا تستسلم«!!

نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه بتاريخ الاثنين ٥ اكتوبر ٢٠٠٩
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=21934