الاثنين، 27 ديسمبر 2010

هل اصرخ في الخلا ؟؟؟؟؟





في بداية هذا العام الذي يلملم أوراقه ويرحل، في يناير 2010 أصدرت سبعة كتب باسم مدونات أميرة بهي الدين، سبعة كتب متنوعة المواضيع، ثلاثاً منها من مدونة "قوس قزح ملون" باسم "أنا والوطن وخمسين عاما" و"طبعا ذنب الحكومة" و"نفسي الدنيا تصالحنا" واثنين منها من مدونة "ياما دقت علي الراس طبول" باسم "الرقص علي نغمات الهزيمة المعتادة" و"روج احمر لامع".
واحد منها من مدونة "الشوارع حواديت "باسم" سيدة محترمة دخل إليها من نافذة الحلم" والأخير باسم "ضل راجل ولا ضل حيطة" وعنوانه هو نفس عنوان المدونة التي نشرت فيها دراساته ومواضيعه.

وكانت السبعة كتب حصيلة تجربة التدوين علي الإنترنت لمدة عامين تقريبا، فضلا عن نشر مقالتي التي أكتبها أسبوعيا منذ أغسطس 2005 في هذه الجريدة والتي كنت انشرها ايضا علي مدونة "قوس قزح ملون" علي الإنترنت أسبوعيا ولا اكتفي بنشرها في الجريدة...

وما كنت لأنشر تلك الكتب لولا ألح علي أصدقائي وقرائي علي الشبكة العنكبوتية سواء في موقع الفيس بوك أو زائري المدونات ومتابعيها بضرورة النشر وعدم الاكتفاء بترك تلك الكتب علي صفحات الفراغ الإنترنتي بل ضرورة تحويلها لكتب ورقية لتصل لقراء أكثر مما يترددون علي الإنترنت و لمنح القارئ حرية القراءة مكانا وزمانا، فالقراءة علي الإنترنت ذات شروط صعبة قد لا تتوافر لكل القراء.

وفكرت كثيرا وشاورت كثيراً من الأصدقاء المخلصين وتناقشت مع الناشر الذي تحمس لكتابتي التي تنتمي لكتابات الجنس الأدبي الجديد "أدب المدونات" وكانت النهاية لكل هذا، نهاية مفرحة بصدور الكتب وعرضها في معرض الكتاب في يناير 2010 ...

عندما نشرت تلك الكتب السبعة، وصارت أمام عيني حقيقة واقعة، اضطرب قلبي فرحا، فهاهو حلم الصبا يتحقق والكتابة التي أحبها ولا امتهنها صارت واقعا ملموسا تترجم في سبعة كتب أضيفت للمكتبة العربية.

لكن خدر الفرحة الأولي بصدور الكتب حقيقة ملموسة في يدي وأمام عيني لم تستمر طويلا، نعم فرحت بصدور الكتب لكني انتظر بشغف محموم نوعا آخر من الفرحة، هي فرحة التواصل مع الكتب من القراء بالأساس ومن النقاد الأدبيين من ناحية أخري.

ففرحة النشر لا تكفي للكاتب ليعيش ويكتب، فرحة النشر مرحلة أولي من احلام الكاتب، إما بقية الأحلام وأهمها هو تواصل القراء مع تلك الكتب، تواصل القراء معها بالقراءة والانتقاد والاعجاب والحب وربما حتي النفور، قراءة الكتب وتواصل القراء معها هي أهم احلام الكاتب، فبغير قراء لا معني لكل ما نكتبه!

وانتظرت بعض الوقت، كالعادة أن تجد الكتب صداها خارج الدوائر الضيقة التي اعيش فيها سواء المعارف الشخصيين والأصدقاء، ربما يقرؤها ناقد ويكتب عنها هنا أو هناك، لكن الانتظار محبط للروح والعزيمة، فقررت أن ألقي الامر خلف ظهري واعود لحياتي بكل تفاصيلها، واقنعت نفسي بأني "عملت اللي علي" وقت كتبت ووقت اصدرت الكتب، أما قراءتها والكتابة عنها فهذا شأن آخر لا يخصني.

وعدت اكتب من جديد في المدونات وانشر في الفضاء ويقرأ لي الكثيرون، ممن تتزايد أعدادهم كل يوم، يطرقون باب المدونات ويتركون تعليقاتهم وكلماتهم ويرحلون دون أن يترك بعضهم حتي اسمه، ليس مهماً من هو، المهم انه زار تلك المدونة أو تلك وقرأ موضوعا أثار شغفه واعجبه فترك زهرة نضرة علي باب المدونة تقول مررت من هنا واعجبتني كلماتك و"باي باي".

استمرت اكتب ومن بين كل حين وآخر، ألقي نظرة علي الكتب السبعة وأسأل الناشر عن حركة البيع فيطمئنني بان الكتب مطلوبة والسؤال عليها يتزايد و..... أصدقه بالطبع.
فالناشر يرد علي من واقع أرقام وحسابات، لان النشر في البداية والنهاية من وجه نظره عملية تجارية لها أسس وحسابات اقتصادية، أنا اكتب والكتب تباع والناشر سعيد ونستعد أنا وهو لاصدار كتب جديدة بعد عدة اسابيع قليلة لكن.... النقاد الادبيين لم يسمعوني صوتهم ولم يقولوا كلمتهم في تلك الكتب لم يحبوها أو يكرهوها، لم ينتقدوني لاطور كتابتي أو اكف عنها أو أغير أسلوبي أو أعالج أخطائي.

النقاد الأدبيون لم يسمعوني صوتهم ولم يكتبوا حرفا واحداً تلك الكتب السبعة لمدة عام كامل! هل انا "مستعجلة" كما يقول البعض، فالنقاد لا يكتبون عن الكتب ألا بعد مرور زمن طويل من اصدارها!
هل أنا "طموحة" زيادة عن اللزوم، فمن أنا ليكتب النقاد الأدبيون عن كتبي فهم لا يكتبون إلا عن الأسماء الكبيرة التي يعرفونها ولست منهم!
وسألني أحدهم، هل يطالع النقاد الأدبيون، الكتابات التي تنشر أساسا علي الانترنت سواء نشرت بعد ذلك في كتب أو لم تنشر!

وهذا هو السؤال الاهم الذي استوقفني! لم يستوقفني من أجل كتبي التي صدرت والتي ستصدر فقط، بل استوقفني لأن فعلا حركة الإبداع الجميل وجدت مجالها الحر في مدونات الانترنت، الكثيرين، عشرات مئات ربما ألوف، من المبدعين والمبدعات، نساء ورجال، شباب وكبار، جميعهم ولاسباب كثيرة، أطلقوا لخيالهم وحريتهم العنان في ذلك التدوين، مدونات كثيرة يكتب ءصحابها علي الإنترنت.

قصص أدبية وشعر فصحي وعامي ومقطوعات نثرية، الفضاء الإنترنتي مليء بكنوز الابداع المصرية، صفحات كثيرة يملؤها المبدعون المصريون علي الإنترنت بكلماتهم كل يوم، وكانها أوراق بردي جديدة يكتب فيها وعلي المبدعين والمبدعات المصريين تاريخهم، يقولون للحياة، هنا عشنا وهنا كتبنا وهذه آثارنا نتركها للحياة!

هل يتابع النقاد الأدبيون المتخصصون ذلك الإبداع المصري الجميل المنشور في صفحات الشبكة الانترنتية! سؤال مهم فكرت فيه في البداية بحثا عن آراء النقاد في كتبي، التي تحولت لكتب مطبوعة ولم تقف عند مرحلة النشر الإنترنتي، لكنه فتح أمامي موضوعا مهماً عن علاقة النقاد والمتخصصين والمهتمين بالإبداع المصري وماينشر علي الانترنت، هل يعتبره النقاد "لعب عيال".
هل يعتبرونه "فش غل"، هل يعتبرونه "لا يرقي لمرتبة الأدب التي يهتمون بها"، هل يعتبرونه "كلام فاضي" لا يستحق المتابعة والاهتمام!

لا اعرف كيف ينظرون للأمر ولا كيف يفكرون فيه، لكن كل ما اعرفه أن الفضاء الإنترنتي مليء بالمدونات التي يكتبها ويكتب فيها مصريون ومصريات وينشروا ابداعهم الجميل في مساحات الحرية التي انتزعوها لأنفسهم ليقولوا ويبوحوا ويبدعوا... وعمار يامصر....

واعود لكتبي.... انتظرت ومازلت انتظر تواصلا بين النقاد وبينها، فإذا كان الكاتب بلا قارئ كالحياة بلا بهجة، فالكاتب بلا نقاد كالحياة بلا نظام ونحن نحتاج لحياتنا كي نعيش، نحتاج البهجة ونحتاج النظام وإلا تحولت الحياة لهم موحش مليء بالفوضي بلا أي معني.

هل مفروض ألا اكتب عن كتبي التي ألفتها واترك الحديث عنها لآخرين، كنت فعلا قررت منذ لحظة إصدار تلك الكتب لا اكتب عنها، فعلاقتي بها تنتهي وقت دفعها للمطبعة والتوقيع علي بعض نسخها في حفل كبير استحدثه الناشرون كتقليد احتفائي بصدور الكتب وخروجها من المطبعة للمكتبة!

لكني لم اكتب عنها ولا استطيع، لقد تذكرتها عرضا بمناسبة افتقادي وافتقاد الكثيرين من الكتاب ومؤلفي الكتب لكلمات النقاد وآرائهم سواء نشرنا كتبا ورقية أو نشرنا "علي الانترنت" نفتقد كلمات النقاد ونتمناها تناقش كلماتنا ومواضيعنا وأحرفنا.. و... هل يسمعني إحد ام أني اصرخ في الخلا؟

نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه الاثنين 27 ديسمبر 2010

الاثنين، 20 ديسمبر 2010

كل واحد وشطارته !!!!

المصريون شعب لايهتم بالسياسة.. هذه حقيقة أعرفها منذ زمن بعيد ولم تتغير قناعاتي ورؤيتي مع الأيام رغم الصوت العالي والصراخ السياسي والصخب والانتقادات ومانشيتات الجرائد والوقفات الاحتجاجية وزيادة عدد الأحزاب السياسية التي تصف نفسها بأنها معارضة.. وقد ازداد يقيني بهذه الحقيقة بعد مراقبتي الدقيقة للانتخابات البرلمانية الأخيرة وأحداثها وما صاحبها من غضب وانتقادات ومقاطعة وبرامج تليفزيونية واحاديث وتهديدات بتدويل القضية ورفع قضايا أمام الأمم المتحدة!


نعم نحن شعب لا يهتم بالسياسة ولا يشارك في لعبتها، لا نؤمن بالتعددية الحزبية ولا ننتمي لأحزاب علي أسس برنامجية وسياسية ووجهات نظر سواء حزب الحكومة أو أحزاب المعارضة! نحن شعب لا يؤمن بمشروع مستقبلي، باختلاف المشاريع، لا أحد، أو الغالبية العظمي، لا تعرف ما هو شكل الغد الذي تريده، ولا أسسه السياسية ولا الاقتصادية رغم اختلاف وتناقض المشاريع والتصورات المختلفة للمستقبل، كل ما يريده المصريون، يعرفوا يعيشوا كويس ويربوا العيال بكرامة وربنا مايحوجهمش لحاجة ولا لحد، وبعد هذا فلتذهب السياسة وعالمها للجحيم، لا أحد يكترث!

القضايا الكبري التي تطرحها الأحزاب السياسية، سواء حزب الحكومة أو أحزاب المعارضة، كالحديث عن الديمقراطية والتعدد الحزبي وتداول السلطة والحديث عن الحرية السياسية وحرية الإبداع وحرية البحث العلمي وحرية المعتقد الديني وإلغاء أشكال التمييز الديني والطبقي والطائفي و.....لا تشغل احداً، لا أحد يقرأ البرامج السياسية ولا يكترث بمضمونها ولا فحواها ولا معناها ولا دلالاتها، كل هذا كلام كبير لايشغل الناس ولايكترثون به ولا يسمعوته ولا يصدقوته! نحن شعب لا يمارس السياسة بمعني الانخراط في العمل الحزبي والانضمام لعضوية الأحزاب، فالأحزاب للأحزاب، هكذا يؤمن غالبية الناس، الأحزاب لرجالها والسياسة لأصحابها وربنا يقويهم!

نحن شعب لا يهتم بالسياسة ولا تقل لي الأحزاب السياسية، عدد أعضائها المنخرطين في نشاطها الحزبي وأنشطتها السياسية! وهذا موضوع آخر يطول شرحة!

لماذا أقول هذا، لأن نتائج الانتخابات البرلمانية أكدت لي بوضوح شديد تلك الحقيقة، مازلنا قبائل وعصبيات وعائلات وطوائف وأصحاب مهن وفرقاً دينية، ننحاز لبعضنا البعض ونؤيد أولادنا - ظالما أو وظلوما - في أي موقع وكل موقع، وحين تأتي الانتخابات وبالذات البرلمانية، تقف العائلة أو القبيلة أو الفريق الديني خلف مرشحهم لانه" ابنهم"، هذه هي الصفة الوحيدة التي "تفرق" مع الناس وتحمسهم وتسير بهم لصناديق الانتخاب، ليس مهماً اللون السياسي الذي يلبسه " ابننا " ولا الشعارات التي يرفعها ولا الحزب الذي ينتمي له، المهم " ابننا " ينجح، ولأن المهم وفقط هو نجاح " ابننا " فليس مهماً الطريقة والوسيلة التي ينجح بها، ربما ينجح بإقناع الناخبين بانتخابه واعطائه أصواتهم في صناديق الانتخاب، وربما يشتري أصواتهم بالفلوس أو بالوعود أو بكليهما معا، وربما يروعهم بالبلطجية والأسلحة غير المرخصة، ربما يفشل في كل هذا فلا يكون أمامنا، نحن القبيلة والعائلة والعصبية، إلا إغلاق اللجان الانتخابية وحشر البطاقات الانتخابية والأصوات رغماً عن أصحابها في الصناديق لصالح " ابننا " العزيز الغالي حتي ينجح! وكل انتخابات واحنا وانتم طيبون !

لا تكلموني في السياسة وعن السياسة، ولا تكلموني في البرامج والشعارات، لاتكلموني عن الأحزاب السياسية معارضة أو حكومة، العائلات والقبائل والتربيطات والفرق المهنية والدينية هي التي تقول كلمتها في الصناديق الانتخابية وهي التي تحمل ابناءها للبرلمان علي اعناق القوة والفلوس والعلاقات العائلية والمجاملات والترويع وشراء الاصوات وترويعها، وكل شيء مباح ومقبول مادام في النهاية سيسفر عن نجاح الابن العزيز الغالي في الانتخابات و " ناسبنا الحكومة وبقينا قرايب"!

شعبنا العزيز، الملايين منه - عدا النخب الثقافية السياسية القليلة العدد الموجودة في العاصمة وعواصم المدن - لا يفهمون النظرية الدستورية، النائب نائب الأمة كلها، فالنائب الذي تسعي العائلات والقبائل والعصبيات لإنجاحه، هو نائب الخدمات الذي سيهتم في المقام الاول بعائلته وقبيلته وأهل بلدته هو الذي سيميز دائرته وابناءها ويختصهم بالخدمات المختلفة ويحاول جاهدا منحهم - بأي طريقة وبكل طريقة - كل المميزات التي يمكنه التحصل عليها من وجوده في البرلمان واقترابه من الوزراء والحكومة، ربما تخصيص قطعة أرض لمشروع، ربما رخصة كشك سجائر، رصف الشوارع، تشغيل العاطلين، توزيع شقق المحافظة، فيز الحج، العلاج علي نفقة الدولة وغيرها من المميزات الحياتية المختلفة التي يتصور الناخبون أنهم أبدا لن يحصلوا عليها إلا إذا كان لهم "ابن بار" في البرلمان !

ولان شعبنا لا يهتم بالسياسة، ولأن القبائل والعصبيات والاسر والطوائف تهتم وبشدة بوجود ابنائها ممثلين لها في البرلمان، ولان احمد عز فهم هذه الحقيقة فهما عميقا و " اللي تغلب به العب به " فبمنتهي المكيافيلية الواضحة والبراعة لم يغلق أبواب حزبه في وجة العائلات والقبائل واحتضنهم جميعا ومنحهم لافتة حزبه وسمح لأكثر من ابن من ابنائهم " الاعزاء " بالتنافس فيما بينهم تحت راية حزبة في نفس الدائرة و" كل واحد وشطارته"!

لو كان تمسك بمرشحين فقط عمال وفئات داخل الدائرة الواحدة لأغضب الكثيرين من العائلات والعصبيات التي لم يأخذ ابناؤهم ضمن قوائمه، ولان العائلات والعصبيات لاتهتم بالسياسة ولا يفرق معاها تخوض الانتخابات تحت راية الوفد أو الوطني أو أي حزب آخر، فالأمر المؤكد كانت ستذهب بأبنائها وقوتها واصواتها لأحزاب اخري غير حزب الحكومة وتخوض الانتخابات بكل قوتها وعنفوانها واموالها وبلطجيتها تحت رايات حزبية اخري ولصالحها وضد الحزب الوطني، ليس من منطق السياسة ولكن من منطق المصالح الخاصة.

لكن احمد عز ومعاونيه لم يتركهم يخرجوا من تحت عباءته سيما انهم يتمنون " الرضا " فوافق بمنهج تكتيكي جديد للغاية علي الساحة الانتخابية المصرية، وافق علي منح الفرصة لجميع " الابناء " تحت رايته، هكذا لا يغضب اي من الكتل التصويتية داخل الدائرة ولا يتركها تخرج من تحت عباءته وتذهب لأحزاب وقوي اخري نكاية في الحزب الوطني وتجاهله لهم وكأنه امسك عصا موسي فالتهمت عصي كل السحرة الآخرين والتهمت اصواتهم الانتخابية، واستحوذ قبل بداية الانتخابات علي الكتل التصويتية القوية وتأييد العائلات والقبائل والعصبيات لحزبة، فتحولت المنافسة في كثير من الدوائر بين مرشحي الوطني بعضهم وبعض، منافسة شرسة تبادل فيها مرشحو الوطني ايضا الاتهامات بتسويد الصناديق وشراء الاصوات وترويع الناخبين بل نشرت الصحف عن كثير من مرشحي الوطني انفعالهم بنجاح منافسيهم من الوطني لدرجة الغضب العنيف واطلاق الرصاص وقطع الطرق!

ونشرت احدي الصحف مؤخرا ان عائلة ما في احدي محافظات الوجه البحري والتي سقط مرشحها علي مقعد الوطني في الانتخابات لصالح مرشح وطني آخر قررت تنضم بأصواتها الستمائة لحزب الوفد! لا مبادئ سياسية في الامر ! و"اللي حبنا حبناه وكان متاعنا متاعه ومن كرهنا كرهناه وحرم علينا اجتماعه!

الانتخابات البرلمانية 2010 اكدت لي اكثر ان الشعب المصري لايهتم بالسياسة ولا بالمبادئ السياسية ولا بالأحزاب ولا برامجها! وهي في الحقيقة انتخابات فريدة تحتاج لقراءة متأنية عميقة لما حدث فيها وفهمه وفهم دلالاته علي مستقبل الوطن! فالاحكام المسبقة الجاهزة لاتصلح لتقييم وفهم هذه الانتخابات وفهم معناها ودلالاتها! وفهم اهم شيء قبل وبعد الانتخابات وهو، لماذا رغم كل ما يحدث لا يهتم المصريون بالسياسة ؟!

نشرت في جريدة روز اليوسف الاثنين 20 ديسمبر 2010

الأحد، 12 ديسمبر 2010

ويكيليكس وعم متولي بياع اللب!!!!



تابعت من بعيد الصخب الحاصل في مصر وفي دول أخري كثيرة حول الوثائق الأمريكية التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني وهي الوثائق التي يفترض أنها وثائق سرية حكومية أمريكية علي درجة عالية من السرية تحصل عليها الموقع المذكور من مصادره المجهولة التي لا تفصح عن نفسها ولا يفصح الموقع عنها... وقد لاحظت أن صحفاً وجرائد ومواقع إعلامية ومنتديات علي الإنترنت تنشر أخبارا كثيرة نقلا عن ذلك الموقع باعتبارها أخباراً حقيقية صحيحة لا يمكن المنازعة فيها ولا التشكيك في فحواها، وكيف نفعل، ألم تنشر في "ويكيليكس"! ولم يقتصر الأمر علي ذلك الموقع عن نشر وثيقة أو اثنتين تحصل عليهما بشق الأنفس بسبب السرية التي تحيط بتلك الوثائق، بل وصلت الوثائق التي تسربت للموقع والتي قام الموقع بنشرها لما يتجاوز مائة ألف وثيقة سرية أمريكية حكومية!

الحقيقة كل ما يقال في هذا الشأن لا يعجبني ولا أصدقه!

وهذا الـ"ويكيليكس" لم يفلح معي في منح أي خبر نشره نقلا عن وثائقه السرية المتسربة من خلف السلطات الأمريكية أي مصداقية أو صحة ولم أقف أمام ما نشر وما زال ينشر بأي درجة من درجات الاهتمام!

فاللعبة من أساسها لا تعجبني ولم تنطلي علي ولم أصدقها، هذا الموقع الإلكتروني "ويكيليكس" المهتم بحقوق الإنسان وحمايتها عن طريق مصادره المهتمين طبعا بحقوق الإنسان والمهتمين بفضح بعض الحكومات التي لا تحترم حقوق الإنسان، هذا الموقع أفلح - كما يتعين علي أصدق انا وغيري - في اختلاس مائة ألف وثيقة أمريكية أو ما يزيد - عنوة ومن خلف السلطات الأمريكية - لنشرها علي العالم المخدوع بحكوماته ورؤسائه وسياسييه ليفضحهم ويظهر كم هم لا يحترمون حقوق الإنسان ولا يحترمون حقوق شعوبهم ويظهرون غير ما يبطنون ويمارسون مواقف سياسية خفية تتناقض مع مواقفهم العلنية، وهو فضح ايجابي حسب رؤية الموقع الإلكتروني ومن شأنه اثارة غضب الشعوب والامم وجماعات المعارضة وفصائلها في الدول المختلفة ضد الحكومات والرؤساء وضد الكذب والازدواجية في المواقف والنفاق السياسي!

وقد افترض هذا الموقع، مني ومن ملايين آخرين، أن نصدق ما قاله وما صرح به من أن تلك الوثائق السرية التي علي درجة عالية من الأهمية والحماية الحكومية الأمريكية، قد أفلح رجال طيبون ملائكة أبرياء "بيحبوا ويكيليكس" في اقتناصها وتسريبها من خلف الأمريكان الأشرار لينشروها علي الشعوب المخدوعة البريئة إظهارا لوجه الحق! وأن مقصدهم من نشر تلك الوثائق السرية ليس إلا اظهار الحق علي الشعوب المخدوعة التي تحكم برجال وحكومات وملوك وأمراء مخادعين يقولون غير ما يفعلون ويظهرون غير ما يبطنون وطبعا "ويكيليكس" بتحب الشعوب المخدوعة وعايزة "تفوقها" وصعبان عليها الشعوب المخدوعة "وعايزه تكسب فيها ثواب" فقررت تصدمها بالمعلومات الخطيرة التي كانت محجوبة عنها بأمر السلطات الأمريكية "الشريرة" ومثلما تفعل محطات "ميلودي" وتتحدي الملل، قرر موقع "ويكيليكس" تحدي الشر وكشف المستور علشان تبقي كل حاجة في الدنيا "علي عينك ياتاجر" وهنيالك يا فاعل الخير والثواب! لازم اضحك وانا باكتب الكلام ده وانا بقراه، لان "ويكيليكس" تفترض هي ورجالها الطيبون أن الجمهور المتلقي لوثائقها جمهور ساذج طيب بريء "بيصدق اي حاجة بتتقال له "وكانهم مجموعة أطفال بيتفرجوا علي "توم وجيري" وصراعهم الأبدي في حفلات التاسعة صباحا في سينما مترو!

عفوا..... موقع "ويكيليكس" لست بهذه السذاجة ولم اصدق ما اعلنتموه من براعتكم ورجالكم في اقتحام الحصون والخزائن الأمريكية واستيلائكم وتسريبكم مائة ألف من الوثائق السرية التي تنشرونها بمنتهي الاخلاص حباً في الشعوب المقهورة ودفاعاً عن حقوق الإنسان! وقد بحثت بين الوثائق التي تسربت عن وثائق تخص مقتل الرئيس الامريكي كنيدي، وهو حدث فات علي حدوثة خمسون عاما ويزيد فلم أجد وثيقة واحدة تكشف الغموض وتفضح الأسرار وتفسر سر الرصاصة العجيبة التي قتلت وأصابت وخرجت ودخلت جسد الرئيس الأمريكي ومرافقيه، وحينما أضناني البحث اعزيت خلو الوثائق من سيرة "كنيدي" باعتبار ان وثائق اغتيال كنيدي وثائق قديمة في "قعر الدولاب" ورجال "ويكيليكس" الطيبين "ايدهم قصيرة" وبيسربوا الوثائق اللي علي "وش القفص" وبس! فبحثت عن أي وثائق تخص "11 سبتمبر" وانهيار أبراج التجارة والصاروخ الذي ضرب البنتاجون والطائرات المدنية التي خرجت عن مسارها وتحولت لقنابل طائرة تعبث في سماء أمريكا مثلما تشاء هنا وهناك، لكني أيضا لم أجد أي وثيقه من المائة ألف وثيقة المتسربة من خلف السلطات الأمريكية عن ذلك الحدث الاغرب وكأن كل تلك الوثائق المتعلقة بـ"11 سبتمبر" بعيدة وستظل بعيدة عن ايدي رجال "ويكيليكس" الطيبين ربما لان "11 سبتمبر" وما لحقه من حرب علي الإرهاب الدولي لا علاقة له بحقوق الإنسان اطلاقاً فلم يثر اهتمام رجال "ويكيليكس" الطيبين الذين كانوا منشغلين وقت تسريب الوثائق بالدول العربية وإسرائيل وأبو مازن وأمير قطر ومحطة الجزيرة وإيران وحزب الله وسوريا وغيرهم من القضايا الخطيرة التي "طيرت النوم من عين حقوق الإنسان والمهتمين بحقوق الإنسان"!

عفوا، لا أصدق كل هذا.... لا أصدق أن تلك الوثائق - إن كانت صحيحة - قد سربت من خلف ظهر السلطات الأمريكية ورجالها!

لا أصدق أن تلك الوثائق - أن كانت صحيحة - سربت بطريقة عشوائية وبلا هدف إلا كشف الحقيقة!

استشعر رائحة فوضي واستنفار غضب عمدي، يسعي "ويكيليكس" ورجاله الطيبون، لإثارته في العالم وبالبلدي "توقيع الناس في بعض" الدول والجماعات الاقليمية والحكومات والجماعات المعارضة لها ولا أبرئ الحكومة الامريكية وسلطاتها من اثر تلك الوثائق علي الآخرين، لا أبرئ الحكومة الأمريكية التي قد تكون تهاونت أو غضت البصر أو غمضت عينيها كي لا تري تلك الوثائق المائة الألف وهي تتسرب من خزائنها السرية والدبلوماسية تحقيقا لمصالح أمريكية - ربما لا نعرفها ولا نراها الآن جيدا - وخطط واستراتيجيات أمريكية قد يكون من مقتضيات تحقيقها اثارة الغضب وإشاعة الفوضي في الدول والشعوب الأخري، كمثل "رش الشطة" فوق "الطبخة" التي كادت تنضج إسراعا بنضجها ومنحها مذاقا جميلا في نفس الوقت! لا أتصور أن أمريكا الدولة العظمي قد باعت وثائقها لبياعي اللب مثلما كانت يفعل فراش مدرستنا الابتدائية حين يبيع ورق اجابات امتحانات آخر السنة لعم متولي بياع اللب السريح فيقرأ الطلاب اجاباتهم في "قراطيس اللب"، لا اتصور أن أمريكا باعت وثائقها السرية لعم "ويكيليكس" وموقعه الالكتروني!! ولا أتصور أن موقع و"يكيلكيس" أفلح هو ورجاله الطيبون بسهولة وبساطة في الاستيلاء علي مائة ألف وثيقة من داخل الخزائن الأمريكية مثلهم حرامي لوحة زهرة الخشاش الذي سرقها بعدما وقف بحذائه علي الكنبة في المتحف وأخرج اللوح من بروزاها بـ"كتر" دون أن يضرب جهاز انذار واحد!

لا أعرف إن كانت تلك الوثائق صحيحة أم مصطنعة؟ لا اصدق ما نشر فيها ولا أكذبه، لا ادافع عن أحد ولا أهاجم أحداً، لكنني لا أصدق أنها تسربت من خلف السلطات الأمريكية، لا أصدق أنها لم تتسرب عمداً لتحقيق المصالح الأمريكية في العالم، كل ما يحدث جزء من مخطط أكبر لا نعلمه ولا نراه، عبارة عن تقسيم أدوار بين الطيبين والأشرار، لعبة توم وجيري، وصولاً لتحقيق هدف أكبر لصالح امريكا ونظامها العالمي الجديد، وحين يفلح "ويكيليكس" في تسريب الوثائق عن حقيقة اغتيال كنيدي وعن 11 سبتمبر ومرتكبيها - بعد مائتي سنة - سيكون معهم الوثيقة الأهم التي ترشح فيها لعبة "ويكيليكس" وحقيقة أسرارها! وحتي ذلك الوقت لا اصدق ما تنشرونه ولن أشاركك لعبتكم فقد كبرت ومعي كثيرون عن الانبهار بتوم وجيري وصراعهما الكوميدي!

نشرت في جريدة روز اليوسف اليومية 13 ديسمبر 2010


الأحد، 5 ديسمبر 2010

كلمات قديمه مازالت لها معني !!!

تابعت الانتخابات التشريعية في يومها الأول 28 نوفمبر 2011 وما حدث في ذلك اليوم وما قيل عنه.. وحينما قررت اكتب اليوم يوماتي، لم اجد ما اقوله جديدا وقررت أن اعود لكلماتي القديمة في مقالات سابقة اذكر نفسي بها وبمعانيها التي مازالت لها معني!

( 1 )

هل المشكلة التي يعيشها الوطن في أزمة الديمقراطية وتداول مقاعد الحكم، أن الحكومة غير ديمقراطية، أم المشكلة أن المعارضة ضعيفة؟ وهل ضعف المعارضة فقط بسبب عدم ديمقراطية الحكومة أم لأسباب تتعلق بالمعارضة ذاتها! لماذا لا يؤيد الشعب المعارضة؟ هل لأنه يؤيد الحكومة وراض عنها؟ هل لأن المعارضة لا تعجبه؟ هل لأنه خائف من تأييدها خوفا من بطش الحكومة؟ أم أن الشعب لا يفكر في الأمر أساسًا؟ هل المشكلة في الشعب ذلك السلبي الذي لا يشارك في العملية الانتخابية أساسًا ولم يستخرج بطاقات انتخابية رافضا المشاركة في تلك اللعبة، ومن استخرج منه بطاقات انتخابية استخرجها لأسبابه الخاصة البعيدة عن الصراع بين الحكومة والمعارضة، وحين تبدأ الانتخابات يبيع صوته الانتخابي لمن يدفع أكثر أو ينتخب من يمليه عليه ضميره القبلي أو العائلي بصرف النظر عن السياسة ودهاليزها؟ هل المشكلة في القيود الدستورية، أم المشكلة في طريقة الانتخابات وعدم نزاهتها وعدم شفافيتها، أم المشكلة في عزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات، أم المشكلة في عقلية الناخب الذي مستعد لبيع صوته لمن يدفع أكثر أو تقديمه علي طبق من فضة لابن العشيرة أو القبيلة أو العائلة أو لصاحب السطوة أو النفوذ أو الجاه! أين المشكلة؟ أليس مهما أن نفهم ما الذي يحدث حولنا؟ اذا فهمنا وشخصنا الداء أمكننا معرفة الدواء! أين المشكلة؟

من مقاله "ما الذي يحدث في مصر الآن - 1" المنشورة في 21 ابريل 2010 .

( 2 )

لماذا لا يشعر المصريون بأي قيمة لأصواتهم الانتخابية عدا قيمتها في مزاد البيع العلني؟
ولماذا لا ينجح المرشحون في جذب اصوات الناخبين لاختيارهم بغير طريق سيف المعز وذهبه؟ وحتي نجد الاجابة، سيبيع الناخبون للأسف الشديد ــ وبعد ان باعوا اجسادهم وكرامتهم واطفالهم وبناتهم العذاري ــ أصواتهم في هذه الانتخابات وكل انتخابات قادمة فهي الباقية لهم مصدر متجدد للدخل في بلد يعيش فيه الناس تحت خط الفقر بدرجات كثيرة.

وإذا كنا لم نفعل شيئا وقت باع بعض المصريين اعضاء جسدهم، ووقت باع بعض المصريين فلذات اكبادهم، ووقت باع بعض المصريين بناتهم العذاري، ووقت باع بعض المصريين كرامتهم وآدميتهم واحترامهم لذاتهم، اذا كنا لم نغضب ولم نثور، لم نتألم ولم نتكلم، إذا كنا تقبلنا وتقبلنا وتقبلنا، وصمتنا وصمتنا وصمتنا، فلماذا اليوم واليوم بالذات انتفضنا؟ وهل الصوت الانتخابي اغلي من كل ما بعناه ومن كل ما سنبيعه؟

من مقال "مين يزود" المنشورة 16 نوفمبر 2005

( 3 )

ولأن النائب "نائب الأمة كلها" فنحن ابناء وبنات هذه الامة ننتظر من نوابنا الجدد ان يمثلونا جميعا ويعبروا عنا جميعا ولايكتفي أي منهم بدور قاصر في التعبير عن ابناء قريته أو محافظته أو دائرته الانتخابية مهما كان دعمهم له أو تأييده له، ننتظر من نوابنا الجدد أن يمثلونا جميعا نحن ابناء الامة وألا يدينوا بالولاء أو الامتنان لحفنة الناخبين الذين باعوا أصواتهم لهم أو خافوا منهم ومن بلطجيتهم أو خدعوا بوعودهم فحملوهم علي أجنحة الريح بمقاعدهم الوثيرة تحت قبة البرلمان.
ولأن النائب "نائب الأمة كلها" فهو ليس منوطا به تقديم الخدمات لأهل دائرته ولا التوسط لصالحهم ولا الانحياز لمشاكلهم الذاتية ولا الاهتمام وفقط بما يشغل بالهم، فنائب الأمة ليس وظيفته حمل طلبات أهل دائرته لتوقيعها من الوزراء ولا تشغيل أبناء ناخبيه في الوظائف التي يمكن بنفوذه الاستحواذ عليها ولا توزيع تأشيرات الحج عليهم ولا الاستئثار لهم بنصيب أكبر في قطن التنجيد ولا في زيت التموين، لذا فنحن ننتظر من نوابنا الجدد ممثلي الأمة كلها ان تتضافر جهودهم لصياغة مستقبل أفضل لنا جميعا فيدعموا وبقوة الإصلاح الديمقراطي المستهدف منع احتكار السلطة وتداولها ومحاسبة المسئولين الحكوميين والرقابة علي أعمالهم ومحاربة الفساد وعقاب القائمين به مهما علا شأنهم.
ننتظر منهم ان يرسموا السياسات الاقتصادية التي تزيح عن كاهلنا هم الحياة اليومية وتخفف عنا ضغوطها وتحافظ علي ثرواتنا القومية ولا تبدد مواردنا لصالح حفنة من الاثرياء أو مجموعة من الأجانب أو طبقة من الشعب علي حساب بقية الطبقات، ننتظر من نوابنا الجدد ان يخصصوا من مواردنا وميزانياتنا ما يدعم شعبنا المرهق في مجالات حياته المختلفة، فيتعلم صغارنا بحق تعليما ينور عقولهم ويطلق ابداعهم وينمي مواهبهم ويقودهم إلي رحابة المستقبل، ويتعالج مرضانا بحق علاجا إنسانيا يشفيهم من أمراضهم ويخفف من آلامهم دون تمييز لصالح المريض الاستثماري علي حساب المريض الفقير المكافح، ويسكن شبابنا في بيوت انسانية تحقق احلامهم المجهضة دوما تحت وطأة "الخلو" و"المقدم الباهظ" و"الزيادات السنوية للاجرة" وقسط التمليك للسكن الشعبي المتجاوز في قيمته لقيمة رواتبهم الأساسية وكل العلاوات. ننتظر من نوابنا الجدد أن يسعوا إلي توظيف الشباب والشابات خريجي المدارس المتوسطة بجميع انواعها وخريجي الجامعة في اعمال ووظائف منتجة خلاقة لاتنعكس عليهم فقط بالرفاهة والطمأنينة للمستقبل والانتماء الحقيقي للوطن، بل تنعكس علي الوطن بالرفاهة وزيادة الدخل القومي وامكانية تحقيق الأحلام القومية الكبري.
ننتظر من نوابنا الجدد أن يدعموا الثقافة الجادة المحترمة وفنانينا العظماء ومبدعينا المتميزين وكتابنا من اصحاب الفكر والرأي علي اختلافهم واختلاف وجهات نظرهم في الحياة الدنيا المبشرين للقيم الإنسانية الجادة التي تحترم العمل والجهد معيارا للتحقق والنجاح وتعترف بالكفاءة الشخصية والتمييز العلمي سبيلا للترقي، ننتظر من نوابنا الجدد ان يبذلوا كل الجهد للقضاء علي روح التعصب الطائفية واشاعة روح التسامح الديني والتقبل الفكري العقلي الحقيقي للآخرين واحترام قيمة المواطنة وتكريسها بشكل واقعي عملي ومحاسبة ومعاقبة أي عابث باستخفاف أو عن عمد بوحدة الأمة أو محرض علي المساس بها أو داعي أو متسبب في استعداء المواطنين علي بعضهم البعض لأسباب دينية أو طائفية.
ننتظر من نوابنا الجدد أن يدافعوا عن استقلال القضاء وتجرد القانون واطلاقية العدالة واحترام القضاة دفاعا عمليا واقعيا بعيدا عن الألفاظ الجوفاء والعبارات الطنانة الفارغة المفرغة من مضمونها، ننتظر من نوابنا الجدد أن ينحازوا للشعب الذي يمثلونه انحيازا مبصرا مدركا حقوق الشعب فيدافعوا عنها وعيا بمصالح الشعب فيلتزموا بها انحيازا واضحا ينعكس علي حياة الملايين الذين غضبوا من الحياة اليومية التي يعيشونها ويئسوا من الحلم الضائع الذي لا يملكونه وملوا من الضجيج السياسي الذي لا يعبر عنهم وزهدوا في المشاركة السياسية لإدراكهم اليقيني انها لن تغير من حياتهم شيئا.

من مقالة "نائب الأمة كلها" المنشورة 14 ديسمبر 2005

( 4 )

المشهد السياسي المصري، صاخب، متشابك، مليء بالضجة، انتقادات وأخبار وفضائح ونبرة عالية محتدة وصراخ أحيانًا، مظاهرات، وقفات احتجاجية هنا وهناك، بعضها مطلبي وبعضها سياسي وبعضها ديني، اتهامات متبادلة مستمرة ودائمة، غضب مستتر وأحيانًا متفجر، إشكاليات طبقية، طائفية، مقالات نارية بعضها تحريضي، بعضها مليء بالسخط والسخرية، بعضها مليء بالانتقاد والغضب، برامج تليفزيونية يومية تعرض كل شيء وتنتقد كل شيء وتهاجم كل شيء.. المشهد السياسي المصري، يراه البعض ديمقراطيا يسمح بالكتابة والقول والاحتجاج والتظاهر «أحيانًا» ويراه البعض مليئا بالقيود وبعيداً عن المعني الحقيقي للديمقراطية ويحول بين تداول السلطة وحرية التعبير وتكوين الأحزاب بلا قيود!
لكن كل هذا الصخب السياسي في الأوقات المهمة لا ولم يثمر شيئًا، لم نر زعامات سياسية جماهيرية حقيقية تصلح لقيادة الأمة والوطن، ربما قدمت الأحزاب والتيارات السياسية عبر تاريخها الحديث بعض الوجوه البراقة التي تصلح لمقعد برلماني أو منصب نقابي، لكنها لم تقدم زعيما للأمة زعيما للوطن، لم تقدم شخصيات مجمعة تصلح لقيادة الوطن - رغم الاختلاف حولها أو عليها - نحن لم نسمع عن أسماء رنانة لها تاريخ وثقل حقيقي وتراث نضالي يعرف عنها القاصي والداني في جميع أرجاء الوطن من أقصي شماله الغربي لأقصي جنوبه الشرقي يتوافق الجميع عليها ويقبلون جميعًا الانصياع تحت رايتها والدفاع عنها وعن شعاراتها ويقدمون حياتهم زودا عن حقها في الوجود، بل أكاد أقول ان الشعب يتابع كل ما يحدث حوله من صخب وضجيج من باب التسلية وكسر الملل، فكل الجهد الذي يبذل في الحياة السياسية المصرية لم يسفر عن تحميس وتحريض ودفع الناس للانتظام في الحياة الحزبية والمشاركة في أعمالها ودفع عجلة الديمقراطية للأمام، لا.. كل ما يحدث ينتقد ويهاجم ويغضب وفقط وقد يثمر أعمالاً احتجاجية عنيفة أو غضباً عشوائياً أو فوضي جارفة، كل هذا الصخب والضجيج لا يثمر حياة أفضل بل يؤدي لكارثة لا يعلم إلا الله حجمها في بلد ضخم له تاريخ وحضارة ودور إقليمي عربي وأفريقي وإسلامي وشعبه يزيد علي الثمانين مليوناً من المسلمين والأقباط!

من مقاله "ما الذي يحدث في مصر الآن - 2" المنشور في 22 أبريل 2010 .

نشرت بجريده روز اليوسف الاثنين 6 ديسمبر 2010

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

مجرد كلمتين !!!!!



الكلمة الاولي ..... عندما قال احدهم، إن الكنائس والاديرة القبطية تخبئ اسلحة، وعندما قال احدهم، إن المسلمين ضيوف علي اقباط مصر بعد الفتح الاسلامي، انتفضنا غضبا من تلك التصريحات وقلنا انها تصريحات مستفزة ستتسبب في كارثة طائفية تحرق الوطن أخضره ويابسه وطالبنا بوقف الاستفزاز الطائفي المتصاعد !!!! وعندما تظاهر بعض الأقباط امام الكاتدرائية قادمين في اتوبيسات من المنيا مطالبين بعودة احدي السيدات التي فرت من بيت زوجها الكاهن زاعمين اختطافها علي ايدي المسلمين، انتبهت لطبيعة تلك المظاهرات وانها ليست عفوية وليدة الانفعال اللحظي بالعكس كانت مظاهرات منظمة حشد لها بعمد وتنظيم المتظاهرون في اتوبيسات من المنيا للقاهرة واعتبرت ما يحدث دلالة طائفية خطيرة سيما بعدما انتشرت علي الانترنت افلام تلك المظاهرات وصراخ المتظاهرين وشعاراتهم الطائفية المخيفة!!!
وعندما تظاهر بعض المسلمين بعد صلاة العشاء في رمضان في بعض مساجد القاهرة استجابة لدعوة القنوات الفضائية وشيوخها دفاعا عن الاخوات الاسيرات المسلمات المختطفات - حسب زعمهم - ورددوا في سبيل ذلك شعارات طائفية بغيضة مليئة بالشتم والسب، انتفضت اكثر غضبا استشعر خطرا علي الوطن من بعض ابنائه الذين اعمي عيونهم الاحتدام الطائفي علي حساب الوطن !!!
وكتبت وكتبت اكثر من مرة احذر العقلاء من الانجراف في دومات الغضب الطائفي والفعل ورد الفعل باعتباره نذير شؤم علي حياتنا وأمان وطننا.
لماذا اقول هذا، اقوله، لاني أستشعر خطرا علي الدولة المدنية التي نعيش في ظلها وتحت رايتها، استشعر خطرا يهدد وجودها وكينونتها واماننا، فالايدي العابثة الدينية اسلامية ومسيحية التي تسعي لهدم تلك الدولة وتقويض اركانها فوق رءوس الجميع تعمل بجد واصرار وحماس وتستغل كل حدث صغير لتكبيره ونفخ النيران في شرارته ليحرق الوطن.
استشعر خطرا علي الدولة المدنية التي نعيش فيها، ولو قوضت تلك الدولة ورفعت الرايات الدينية علي الخريطة لاشتعلت الحروب الاهلية ليس فقط بين المسلمين والأقباط بل بين المسلمين والمسلمين وبين الأقباط والأقباط وتدخلت الدولة الخارجية التي تتمني انهيار مثل تلك الدولة المصرية القوية صاحبة الدور الاقليمي المهم والتاريخ العظيم والكثافة السكانية ولا قامت اسرائيل الافراح والليالي الملاح احتفالا واحتفاء بانهيار العدو الاقوي !!! استشعر خطرا علي الدولة المدنية وعلي حياتنا وأري أن الحفاظ علي الدولة المدنية ووحدة الدولة المصرية قلبا ووجدانا هي المهمة الاكثر اهمية علي كل المهام الوطنية الآخري، فبغير الدولة المدنية لا انتخابات بعيوبها ولا ديمقراطية بقيودها لا معارضة بضعفها ولا صحف حزبية وخاصة ولا اي شيء. بغير الدولة المدنية لا فن ولا ثقافة ولا سينما ولا حريات وحقوق انسان ولا حقوق مرأة ولا غيره.
بغير الدولة المدنية التي نعيش فيها وبالاحتكام والخضوع القسري من الناحية السياسية للدين والشعارات الدينية والخضوع لسلطة الفقيه والشيخ ومجالس الملالي واولي الامر انما سيكون وطننا قد سيق قهرا وكل مواطنيه للظلام الموحش والمستقبل الكئيب وللانهيار التام، فلو اعتبر البعض حقه رفع شعار (الاسلام هو الحل) كشعار سياسي للمعركة الانتخابية، فلماذا لا نقبل شعار (بالروح بالدم نفديك ياصليب ) الذي قد يتصور ولو من الناحية النظرية أن يرفعه البعض الآخر، وقتها كيف سيكون الصراع السياسي، كيف سيكون شكلة وآلياته ؟؟؟ لو اعتبر البعض حقه رفع شعارات اسلامية ترويجا لمرشحيه وممارساته السياسية لماذا لا يرفع البعض الآخر شعارات مسيحية ترويجا لمرشحيه وممارساته السياسية، ويتحول الوطن لفرق طائفية متصارعة بالشعارات في البداية ثم بالذخيرة الحية بعد ذلك وكل من الطرفين يري أن الاستشهاد دفاعا عن دينه فضيلة وواجب يرفعه للفردوس الاعلي !!!!
وانا استشعر خوفا علي الوطن وعلي الدولة المدنية التي نعيش فيها، اقف باندهاش امام سلوك بعض الاحزاب والقوي السياسية وجماعات المعارضة المصرية، التي تؤمن بمدنية الدولة وتروج في برامجها وادبياتها لافكار الديمقراطية والحرية والتمدين والتنوير وفي نفس الوقت، وعلي ارضية الواقع والممارسة الواقعية، تتحالف مع جماعات المعارضة الدينية ضد الحكومة ويتشاركون في الانشطة السياسية والتصريحات وتكوين الجماعات والحركات الاحتجاجية والمظاهرات، وكأن ما يهمهم هو زحزحة الحكومة وحزبها الحاكم من مقاعدة حتي علي حساب الوطن وامانة ووحدته وعلي حساب الدولة المدنية !!!
اقف باندهاش امام ذلك السلوك السياسي الذي يكشف عن احساس تلك الجماعات السياسية المعارضة بضعفها وضعف تأثيرها علي جماهير الشعب فلا يكون امامها الا الاحتماء والاستقواء بجماعات المعارضة الدينية ولو كانت ترفع شعارات تناقض شعاراتهم وتؤمن بمستقبل للوطن يختلف تماما مع المستقبل الذي يزعمون انشغالهم بشكله، لا يدركون ولا ينتبهون ولا يكترثون أن تلك التحالفات غير المبدئية لا تروح الا لجماعات المعارضة الدينية وشعاراتها الطائفية وانهم يشاركون تلك الجماعات في تقويض أركان الدولة المدنية ويدفعون المجتمع للانفجار الطائفي والحروب الاهلية!!! انهم يستخفون بمستقبل الوطن، استخفافا مخيفا، فالهزار والعبث والبحث عن الزعامات الشخصية لايمكن الانشغال به لدرجة حرق الوطن وامانه وأمان مواطنيه!!!!
يا أيها السادة، لولا الدولة المدنية ما كانت هناك انتخابات ولا ديمقراطية ولا احزاب سياسية ولا منظمات مجتمع مدني ولا صحف معارضة ولا حقوق نساء ولا برامج توك شوك في الفضائيات!!!! لولا الدولة المدنية ما كان كل هذا الصخب وكل هذا الضجيج وكل تلك المعارضة وكل هذا الاختلاف !!!!

الكلمة الاخيرة... عندما تخرج اي جماعات علي القانون وتندفع غاضبة وتحرق السيارات وتروع المواطنين وتنشر الرعب في الشارع المصري، بصرف النظر عن الاسباب والمبررات والدوافع، علي الدولة ومؤسساتها الامنية والقانونية أن تتصدي لها وتقاومها وتنفذ عليهم احكام القانون وتدافع عن ام إن المواطنين وامنهم وممتلكاتهم وحياتهم، بصرف النظر لو كانوا شباب الالتراس الاهلاوية والزملكاوية الغاضبين بسبب نتيجة مباراة كورة أو كانوا شباب كنيسة العمرانية الغاضبين بسبب قرار اداري بوقف اعمال البناء أو كانوا طلبة جامعة الزقازيق المحتجين علي الحرس الجامعي، أو كانوا سائقي التوك توك الغاضبين من حرمانهم من القيادة بدون ترخيص أو كانوا الشباب المتحرشين بالنساء امام السينمات ايام العيد في وسط البلد .... اسباب الغضب لاتعنيني هنا ولا مبرراتها، ما يعنيني أن جموع المصريين الذين يفاجأون بموجات شباب غاضب يدمرون في طريق غضبهم اي شيء وكل شيء !!
علي الدولة أن تتصدي لهؤلاء الغاضبين وتعيدهم لرشدهم وتمنع اذاهم عن جموع المصريين!!! وعلي كل العقلاء التصدي لتلك الموجات الغاضبة بصرف النظر عن شعاراتها، علي كل العقلاء رفض تلك المظاهرات الغاضبة وعدم التماس الاعذار لاعضائها والبحث عن مبررات الغضب والتشبث بها مبررا لاعمال العنف والغضب الجماعي، فاي قضية مهما كانت مهمة وحقيقية لا معني لها لو دافعنا عنها بترويع المواطنين وحرق ممتلكاتهم وقطع الطرق ونشر الفزع والرعب في المجتمع !!!! وبعدما يهدأ العنف وينقشع الغضب علي كل المهتمين بحال الوطن محاولة فهم اسباب تلك التفجرات العنيفة ومبرراتها وصولا لعلاجها والحد منها دفاعا عن الوطن وامانه!!!!
نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه 29 نوفمبر 2010

الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

مازلت انتظر !!!!










انهم ملايين، نساء ورجال، شباب وكهول، فقراء وأثرياء، تحركوا جميعهم من بلادهم صوب بيت الله الحرام يبتغون أداء فريضة الحج، أنا واحدة من هؤلاء الملايين، تركت بيتي وبناتي وأسرتي وعملي وهموم الدنيا وخرجت مع الملايين غيري وجلة مرتبكة أطمح من أعماق قلبي أفلح أن في أداء ما يتعين علي أداؤه من مناسك وشعائر بعدما ما تمنيت الحج منذ سنوات لكني سعيت له بحق هذا العام فتكلل سعيي بالنجاح و.. لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك لبيك.

ودعت بناتي وحياتي وغادرت منزلي راضية سعيدة، وصلت هنا في مكة المكرمة منذ ثلاثة أيام مرت علي و كأنهم دهر، كل ما أراه حولي لا أعرفه ولم أتصوره رغم كل التصورات التي بذلت في تخيلها جهدا، فمكة التي زرتها في وقت سابق معتمرة تختلف عن مكة التي أراها الآن، شوارعها وساحات الحرم مكدسة ببشر، ألوف، ملايين، يتدافعون بمودة وتقوي مبتغين رضاء الله ورضوانه.. هنا رأيت ملايين البشر يجمعهم حب الله سبحانه وتعالي والامل في مغفرته وعفوه يتمنوا يقبل الله حجهم فيعودوا لحياتهم السابقة كما ولدتهم امهاتهم صفحات بيضاء ولكن.. هل فعلا سيعودون لحياتهم السابقة كما غادروها؟

وصلت لمكة محملة بأمانة الدعاء من كثيرين من أصدقائي واحبائي ومعارفي، كلهم يتمنون دعوة لهم بالرضا والستر والرحمة والمغفرة والتوبة، يتمنون لسانًا وقلبًا ينطقان بها في بيت الله الحرام، طامعين في رحمة ربهم وكرمه فيستجيب للدعاء ويمنحهم ما يطمحون فيه ويتمنونه، وصلت بعد ساعات طويلة من الإجراءات المتلاحقة التي لم يقصد منها إلا تيسير وتسهيل إقامة وتنقلات الملايين من ضيوف الرحمن الوافدين من كل بقاع الأرض وحين خرجت من غرفتي تقودني قدماي المتعبتان صوب الحرم المكي، خطوة خطوة يقل التعب الجسدي ويرتعش قلبي واسير واحدة من جموع تزحف بفطرة القلب وشوق الروح لرؤية الكعبة التي تنفجر الدموع من القلب حبا ووجلا لرؤيتها، انا في بيت الله جل جلاله وعظم شأنه، أبكي فرحا وشوقا وخوفا، تتلاشي الاسماء والادعية من عقلي الذي لايستوعب وقوفي امام الكعبة المشرفة، اخيرا أنا هنا، ويرتاح الفؤاد وتنسي النفس المتعبة بالهم كل همومها وتجتاحني السعادة ودموعها الفياضة وسرعان ما أفيق علي الحقيقة الجميلة التي أعيش كل ثوانيها بفرحة غامرة، أنا في ضيافة الرحمن وفي بيته بعدما أذن لي بالزيارة، الكعبة الشريفة امام عيني، تخطف اللب والوجدان والروح المشتاقة، أرفع بصري للسماء وتنهمر الأدعية من لساني وقلبي كالمطر فيضانات هادرة لنفسي وبناتي وأحبائي وأصدقائي وكل من أوصاني ولبلدي وشعبه الطيب . واللهم آتنا في الدنيا حسنة والآخرة حسنة وقنا عذاب النار والصحة والستر والرضا والمغفرة، دنيا وآخرة يارب العالمين يا أكرم الأكرمين.

بعد ساعة من وصولي الفندق وبكل التعب الجسدي والإرهاق، خرجت بإصرار وشوق للكعبة واعتمرت لأمي رحمة الله عليها، السيدة الطيبة التي ماتت راضية بعد مرض طويل عضال وهي تدعو لي وقلبها راضٍ عني فعشت بعد موتها سنوات اترحم عليها واطلب لها من الكريم قصرا في الجنة واجني في حياتي كل يوم ثمار رضائها عني و "أرحم أمي يا أكرم الأكرمين" وخرجت من الحرم بعدما صليت وطفت وسعيت وبكيت وشربت من زمزم ودعيت وطمعت في رحمة ربي ومغفرته وكرمه وفككت إحرامي وعدت للفندق بعدما انتصف الليل أحلق في السماء اتبختر بخطوات سعيدة راضية لا أصدق ما أشعر به وأحسه ويملأ روحي ونفسي ووجداني وغبطة قلبي وسكينة نفسي وروحي.

ومازلت في مكة أنتظر ليلة الوقفة لنبدأ شعائر الحج أدعو ربي كل لحظة يقويني ويساندني ويمكنني من حسن ادائها ويتقبلها مني وطمعانة في كرمك يا أكرم الأكرمين!

وحين تقرأون تلك السطور صباح الاثنين، أتمني أن أكون وسط الملايين المحتشدين الواقفين علي جبل عرفات، أدعو ربي لي ولكل أحبائي ولكل من أوصاني بكل ما سيخرج من قلبي للسماء، وحين تسمعون أصوات الملايين تلبي ربها باصوات رجفة فرحة وحين تلمحون ابتسامات الرضا والسعادة علي وجوه الحجاج وهم في ضيافة ربهم فوق جبل عرفات وحين تلمحون دموع التمني والرجاء والتقوي والخشوع تنهمر علي الوجوه، أتمني أن أكون وسطهم ومعهم بصوتي وقلبي وابتسامتي ودموعي ورجائي. وربنا يوعدكم!

ومازلت في مكة انتظر انا والملايين المؤمنون المحبين لله سبحانه وتعالي وللرسول المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام، ننتظر يوم عرفة ورمي الجمرات وطواف الإفاضة والانتهاء من كل مناسك الحج ندعو ربنا من أعماق قلوبنا أن يقدرنا ويقوينا ويمكننا ويتقبل منا ويغفر لنا ويرحمنا.

واللهم اوعد كل مشتاق بزيارة بيتك وفض علينا من رحمتك وكرمك... ولبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك لبيك. وكل سنة وأنتم طيبين وكل المصريين بخير.

نشرت بجريده روز اليوسف في 16 نوفمبر 2010
صورة الكعبه الشريفه من تصويري بكاميرا الموبيل اليوم 17 نوفمبر 2010

الأحد، 7 نوفمبر 2010

المواطنه والروح المصرية الاصيلة !!!!!





كتبت مرات عديدة عن التأجج والصراع والاحتدام الطائفي الحاصل والمتفجر والمتكرر في الوطن، كتبت أنه عمل سياسي عمدي مقصود، لايقصد منه انحيار للمسلمين أو الأقباط ولا يقصد منه غلبة هؤلاء علي تلك، بل يقصد منه إشعال النيران في ثوب الوطن باستغلال مشاعر البسطاء من الفريقين ممن يتصورون أن حسن إيمانهم يقتضي بالضرورة معاداة ومحاربة الأديان الأخري،

قلت إن ذلك الصراع ليس شأنا داخليا عفويا، فالصراعات التي تتفجر هنا وهناك ولأسباب مختلفة يجمع بينها جميعها الأصابع الخارجية التي تنفخ في الكير وتشعل عامدة الحرائق المدمرة، فتارة أقباط المهجر وتارة التيارات الإسلامية يستعدون المصريين بعضهم علي بعض ويستفزونهم في عقائدهم فإذا بمظاهرات غاضبة تارة من المسلمين وتارة من المسيحين تسب وتلعن في الآخرين، وقودها البسطاء والمتعصبون من أبناء الدينين الإسلامي والمسيحي الذين في غمرة صراعهم واحتدادهم الديني ينسون الوطن والجيران والتاريخ وينشغلون بفتاة اختفت أو شاب فر أو لافتة استفزتهم أو شائعة لا أساس لها من الصحة انتشرت كالنار في الهشيم...

وقد لفت نظري أنه في السنوات الأخيرة أصبحت النساء وقود تلك الحرب الطائفية المستهدفة، فتارة واحدة مسيحية تختفي ويشاع أنها أسلمت وتارة واحدة مسلمة تختفي ويشاع أنها تنصرت وفي الحالتين يهيج الطرفان ويتراشقون بالغضب الطائفي ويتسع الغضب ليشمل ما يسمي بالمنظمات الإسلامية أو جماعات التنصير ويختلط الشرف بالدين بالتعصب بالقبلية و....تضيع لغة العقل وينفعل الجميع ويتراشق المفكرون ورجال الدين بأفكار ومقولات لا تؤدي إلا لمزيد من الحرائق عبر الفضائيات والأحاديث الصحفية.

كتبت مرات عديدة عن هذا وقلت إن المقصود هو مصر الوطن واستقراره وإن نظرية «فرق تسد» نظرية استعمارية قديمة قصد منها النيل من وحدة المصريين عن طريق إثارة النعرات الطائفية والدينية بين ابنائها سبيلا وحيدا للتفرقة بينهم وإضعافهم وإضعاف الدولة المصرية... وكتبت أيضا وقلت إن المستفيد من المحاولات الاستعمارية الدءوبة لقسمة المنطقة لشيع وطوائف دينية ومذهبية وعقائدية هي الدولة الدينية اليهودية إسرائيل التي لن تزول هويتها العنصرية التمييزية إلا وسط كيانات وكانتونات ودويلات دينية طائفية تقوم علي أساس ديني تمييزي سواء كانت كيانات إسلامية سنية شيعية مسيحية مارونة كردية نوبية...

لماذا أقول كل هذا، أقوله، لأن الأيام الأخيرة أثبتت صحة قناعاتي بأن الاحتدام والصراع الطائفي في مصر صنيعة خارجية وهدف لقوي خارج حدود الوطن تضع مصر تحت بصرها ومجهرها قاصدة النيل منها ومن استقرارها ومن دورها الإقليمي... فها هو من سمي نفسه تنظيم دولة العراق الإسلامية أو تنظيم القاعدة في قول آخر، يوجه إنذارا للكنيسة القبطية المصرية يطالبها فيه بالإفراج عن السيدات المتأسلمات والا.......... والحقيقة أن ذلك الإنذار أو التهديد بصرف النظر عن جديته من عدمه وبصرف النظر عن التصدي الأمني له واتخاذ جميع الإجراءات الاحتياطية لحماية الكنيسة المصرية واخواننا المصريين الأقباط من أي تهديدات أو شر، فإن ذلك الإنذار فتح جميع العيون والعقول لحقيقة وطبيعة ومبرر الأزمة الطائفية التي تقفز بوجهها القبيح في وجوهنا من كل حين وآخر وإنها عمل إجرامي عمدي مقصود من قوي سياسية خارج الوطن تستهدف بالأساس أمن الوطن ومواطنيه وتستخدم الصراع الطائفي والخلافات الدينية وسيلة لإضعاف الوطن وتفجيره من الداخل.الحقيقة أن ذلك الإنذار أيضا أيقظ داخل المصريين جميعا الروح الوطنية المصرية فلم تعد الكنيسة القبطية هي المهددة بذلك الإنذار، فالكنيسة القبطية المصرية مثل الأزهر مثل الهرم مثل النيل رموزا تخصنا جميعا كمصريين ومستعدين للدفاع عنها جميعها بالروح والدم في مواجهة اي تهديدات خارجية أياً ماكان من يوجهها أو مبرره لذلك،

لهذا رفضو المصريين مسلمين ومسيحيين بعفوية وتلقائية وبمنتهي الروح الوطنية ذلك التهديد وذلك الإنذار الموجه للكنيسة المصرية بل صارت مصر كلها وكل رموزها الوطنية والدينية والتاريخية هي المهددة بذلك الإنذار فما كان من المصريين إلا الالتفات حول بعضهم برفضهم ذلك الإنذار والتهديد جملة وتفصيلا والتوحد كأبناء وطن واحد دفاعا عن وطنهم ورموزه ومواطنيه بصرف النظر عن دياناتهم وأعلن الكثير من المسلمين أنهم هم الذين سيحمون الكنائس من اي شر أو تهديد وليس المسيحيين لأنهم - المصريون مسلمون ومسيحون - لا يقبلون أي تهديد يوجه من خارج الوطن لأي من مواطنيه أو رموزه بصرف النظر عن الشعارات التي تغلف تلك التهديدات أو تبررها... إن الاحتدام والصراع الطائفي الذي نعيشه بين حين وآخر بعض من أحداثه الموجعة ليس إلا خنجرا يغرزه أعداء الوطن في قلبة بقصد إضعافه والحقيقة أيضا أن جميع الشعارات الدينية التي ترفع لاحماء نيران تلك الطائفية وإشعال لهيبها تخدع البسطاء وتعمي عيونهم عن حقيقة الكارثة التي يشاركون في إيقاع الوطن في شركها والحقيقة أنه لن يحمي ذلك الوطن من كل تلك المؤامرات والصراعات الطائفية بين ابنائه إلا إعلاء قيمة المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين علي أساس ديني. المواطنة تعني أن دين كل منا - مسلم أو مسيحي - علاقة بينه وبين ربه، اما المواطنة فهي الرابطة الحقيقية بيننا وبين مصر الوطن، المواطنة تعني أن جميعنا في أمور وشأن الوطن اصحاب حقوق وواجبات متساوية، المواطنة ليست شعارا أجوف نردده،

بل هي الواقي الحقيقي لوطننا من الاقتتال والتشرذم والانقسام الديني، علينا جميعا أن ندافع عن المواطنة ونقاوم أي تمييز ضد أي مواطن بسبب دينه ونتصدي لاي محاولات لإحماء الغضب بين الأقباط والمسلمين وإثارة النعرات الدينية بينهم... المواطنة والانتباه اننا جميعنا مصريون لنا نفس الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون والدفاع عن قيمنا الدستورية وطبيعة شعبنا وسماحة أدياننا والتمسك بوحدتنا الوطنية ووحدة وطننا هي الواقي الوحيد لنا والرادع القوي لاعدائنا من المساس بهذا الوطن وأمانة وأمان شعبه!!!! إن الصراع والاحتدام والخلاف الطائفي جريمة تصدر إلينا من خارج الوطن ولا يقصد بها الدفاع عن الإسلام ولا المسيحية بل يقصد بها - بصرف النظر عن النوايا الطيبة - تفجير الوطن وتدميره، ولأننا نحب هذا الوطن علينا جميعا التصدي لتلك الجريمة ومقاومة الجناة والشركاء والمحرضين والصامتين تواطؤًا مهما كانت الشعارات التي يرفعونها أو الأهداف التي يزعمون اهتمامهم بتحقيقها.... أمن الوطن وسلام المواطنين هو الأهم... الا تنتبهوا أيها الغافلون !!!!

مقالتي في جريده روز اليوسف اليوميه الاثنين 8 نوفمبر 2010

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

هل هذا اكتئاب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هل هذا اكتئاب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كثيرا ما اقف امام اشياء كثيرة تستفزني في هذا المجتمع يعتبرها الاخرون شيء عادي لايقفون امامه ولا ينتبهوا له ، وقتها اسال نفسي لماذا اعتاد الناس علي ما استحال علي التعود عليه وتقبله ؟؟؟ اسال نفسي هذا السؤال كلما سمعت في الراديو او شاهدت في التلفزيون ، اعلان عن بضائع كنت نعتبرها اشياء شديده الخصوصيه لمن يستخدمها ، اشياء تستخدمها الفتيات احيانا والرجال احيانا ، لكن فجأ قرر المعلنين انه لايوجد شيء خاص واصبح كل شيء قابل للاعلان عنه ، وشاهدنا النسيج الحريري ينزلق فوق السيقان العارية اعلانا عن الماكينات التي تجعل الجسد حريري يلمع ، وشاهدنا الاعلانات التي تستعرض الانواع المختلفه للفوط الصحيه التي تبقي الملابس بيضاء وتعطي النساء حريه وراحه والفوط الصحيه ذات الاجنحه ذات القدرة الضخمه علي الامتصاص و الحبه الزرقاء التي جعلت حامد بقت جامد وغيرت شكل المسمار المعووج و كريمات نزع الشعر التي تجعل الجسد انعم والالم اقل و موانع الحمل التي تستخدمها النساء التي يعود ازواجهن فجأ من السفر او يستخدمه الرجال لان اسره صغيره تساوي حياه افضل .......... تلك الاعلانات تزعجني ، ربما لاني دقه قديمه ، ربما لاني تربيت بطريقه تقول ان هناك مساحات خاصه في حياه البشر لايجوز لاي شيء ولا اي شخص الاقتراب منها ولا الحديث عنها ، لكن شركات الاعلانات ، ترويجها لبضائعها ، وبحثا عن مكاسبها ، اخترقت كل مساحاتنا الخاصه وكشفت المستور واناطت اللثام عن معاني وسلوكيات ، نعم يمارسها البشر ، لكنها لم تكن ابدا للعرض العام ولا للبث المباشر ، وخلعنا برقع الحياء وصار الاطفال يتحدثون علانيه في موانع الحمل وتتضاحك النساء علي الحبه الزرقاء و يسال الاطفال الذكور عن فائده الاجنحه ومعني الامتصاص الاكثر و.............. اصبحت اكثر تعاسه !!!!! هل حققت الشركات المنتجه ارباح اكثر ؟؟؟؟ هل ازدادت مبيعاتها من تلك السلع ؟؟؟؟ هل حققت وكالات الاعلان ايرادات اكثر ؟؟؟؟ ربما نعم هي الاجابه الوحيده علي كل تلك الاسئله ولكن ... هل صار مجتمعنا افضل بعد اختراق وكشف كل تلك المساحات الخاصه في حياتنا بطريقه علنيه في كافه وسائل الاعلام المرئية والمسموعه ؟؟؟؟ لااعرف لكني اصبحت اكثر تعاسه لان الارباح التي تسعي الشركات المنتجه ووكالات الاعلان لتحقيقها خلعت عن المجتمع ثوب الحياء والخصوصيه !!!! ومازالت اسال نفسي لماذا انا مختلفه عن الاخرين وعاجزة عن تقبل ما يتقبله الاخرون ؟؟؟؟؟؟

اسال نفسي هذا السؤال كلما شعرت بالغضب والملل دونا عن الاخرين وقت اسمع واشاهد في القنوات الفضائية والخاصه وبالذات قنوات المنوعات والموسيقي ، تلك العروض المسماة " فيديو كليب " التي تتراقص فيها الفتيات عاريات وتتمايل فيها " المؤديه " للاغنيه نصف عاريه او عاريه تقريبا !!! هل هذا نوع جديد من الفن ، استحدث في السنوات الاخيرة ، بحيث لم يعد مهما صوت المغني او المغنيه بقدر مايهم جمالها وجمال قدها وميوعتها ، لم يعد مهما جمال الاغاني الموسيقي والكلمات ، بقدر اهمية جمال الاستعراضات التي تؤدي وقت الغناء ، فتيات جميلات عاريات ، يتمايعين يتراقصن علي نغمات صاخبه ، نظرات موحية وتأوهات واجساد تتثني وتتمايع وشعور تتطاير وتتناثر في الهواء و........ هل هذا نوع جديد من الفن ، مفترض انه يعجبنا ونحبه ونعرف اسماء البشر الذي يؤدون الاغاني ونردد الكلمات التي نسمعها .... هل هذا نوع جديد من الفن لانكترث وقتما تقلد حركاته وكلماته اطفالنا في البيوت يتراقصون ويتمايعون مثل الفتيات السامقات التي يروها امامهم علي كل الشاشات ... احب الغناء والرقص ... لكني احب الاصوات الجميله والكلمات ذات المعني شعرا وزجلا التي يغنيها علي نغمات الموسيقي اصوات جميله قويه حنونه صادقه من الرجال والنساء ، ايضا احب الرقص ، البالية ، الرقص الشعبي الفلكولوري ، الرقص الجماعي الشعبي الجميل ، التحطيب الحجاله الدبكة وغيرها ، لكن اكره الميوعه والابتذال والفجاجة ، اكره استخدام اجساد النساء العاريات كديكور يصاحب مغني او مغنيه بصوت قبيح اجش لا لشيء الا الترويج لاغانيه الفاشله التي ماكان احد سينتبه لها او يسمعها لولا تلك الاجساد العاريه والصخب والشعور المتناثر ..... انهم كثيرين ، لااعرف اسمائهم وافر من صخبهم لكنهم للاسف يملئون ساعات طويله من اوقات الكثير من الفضائيات التي لاتجد ما تذيعه الا تلك الاشياء التي تكررها وتكررها علينا عملا بالمثل الشعبي التكرار يعمل الحمار !!!! لكني وحدي اغضب من تلك الاشياء ووحدي اغير القناه وقتما تقفز تلك الاشياء بصخبها البصري والسمعي ، وحدي اغضب والجميع يضحكون لايكترثون بما يروه ولا معناه ولا دلالاته ولا اثره التربوي علي اطفالنا وقيمنا وحياه مجتمعنا ومازالت اسال نفسي لماذا انا مختلفه عن الاخرين وعاجزة عن تقبل ما يتقبله الاخرون ؟؟؟؟؟؟

هل هذا اكتئاب وعدم قدره علي التوائم ؟؟؟ هل المشكله في انا ؟؟؟ ام المشكله فين؟؟؟

مقاله الاثنين الاول من نوفمبر 2010

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=89627

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

مجرد سؤال بريء ؟؟؟؟




فكرت طويلاً قبل الكتابة في هذا الموضوع، صور لي خيالي في بعض اللحظات أن كلماتي ستتحول لكارثة وتدفع المتسولين، ممن يراكمون الثروات من الشحاذة، لمطاردتي لأني استعدي القانون عليهم وعلي عملهم! لكن الطمأنينة عادت لقلبي بسرعة لأني ادركت اني ساكتب ولن يتغير شيء وسيبقي المتسولون آمنين يمارسون عملهم المربح المريح دون أن يتعرض لهم أحد!

سألت نفسي أيضا هل أنا قاسية متغطرسة غليظة القلب، لماذا لا أشفق علي هؤلاء الذين يريقون ماء وجههم طيلة الوقت وصولا لحسنة من طيبي القلوب. لماذا لا أشعر بالتعاطف مع السيدة التي تسحب طفلاً مشلولاً يسيل اللعاب من فمه تجري بكرسيه المتحرك وسط السيارات. لماذا لا أحس قدر المشقة التي يبذلها الرجل العجوز وهو يقف علي قدميه طيلة اليوم بملامحه البائسة، لماذا لا أحمل بين ضلوعي قلباً رقيقاً يشفق علي تلك السيدة القعيدة التي تجلس علي مقعد متحرك تلوح للمحسنين بأكياس المناديل؟

وكدت أترجع عن الكتابة في هذا الموضوع، لأنني واثقة أن كثيرين من طيبي القلب سيرونني في صورة دراكولا سفاك الدماء لأني لا أتعاطف مع هؤلاء المتسولين اللي «حالهم يصعب علي الكافر»!

لكن بعد تفكير طويل قررت اكتب ما فكرت فيه واحسسته، غضبا من استغلال الأطفال المرضي الرضع في استدرار عطف المحسنين من قبل كبار امتهنوا الشحاذة والتسول، وهو استغلال قميء يوجع القلب لأطفال أبرياء لا ذنب لهم إلا مرضهم أو عته أو صغر سنهم فيستخدمهم الكبار المحترفون وسط ظروف قاسية - بلا اكتراث حقيقي بظروفهم ولا مرضهم ولا حالتهم - تفتيت القلوب والاستيلاء علي بعض ما في الجيوب ومراكمة الثروات بأسهل الطرق وابسطها و... حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة، وساعدني أعالج العيل الغلبان، وربنا مايحكم علي ابنك زيه يارب ! واسمحوا لي أسأل من يهمه الأمر أو يعنيه.... هل مازال التسول في بلادنا مخالفة يعاقب القانون علي ارتكابها، ام تغيرت القوانين دون أن أدري فصار التسول مباحا، ويمكن لأي شخص أن يتخذ أي موقع مقرا لمباشرة عمله القانوني وهو الشحاذة.

فالمتسولون، أفرادا ومجموعات، يباشرون نشاطهم اليومي الدءوب في عز النهار في كل شارع حتي اختلط علي الأمر وتساءلت هل صارت الشحاذة والتسول مهنة «شريفة » من حق من يباشرها أن يباشرها بالطريقة وفي المكان الذي يختاره دون أي تعقيب من الدولة وقوانينها أم مازال التسول والشحاذة فعلا يعاقب عليه القانون بما يستوجبه ذلك من جهد لإعادة الانضباط للشارع المصري وتحجيم تلك الظاهرة وفقا لأحكام القانون وصولا لمنعها والقضاء عليها!

لاحظت ولاحظ الكثيرون معي، أن أعداد المتسولين والشحاذين قد ازدادت في السنوات الأخيرة بطريقة ملفتة للنظر، وتساءلت هل ازداد الفقر في بلادنا للحد والدرجة التي أفرزت كل هؤلاء المتسولين والمتسولات رجالاً ونساء وأطفالاً، أم ما هو سبب تلك الظاهرة التي انتشرت كالنار في الهشيم فجأة. فتراهم في كل الأماكن أمام المحلات وعلي نواصي الشوارع وفي إشارت المرور وأمام الجوامع والكنائس وأمام السينمات، تراهم في الشوراع الجانبية والشوارع الرئيسية، علي شاطئ النيل وامام المستشفيات الكبري فضلا عن ازدياد أعدادهم بشكل رهيب في المواسم والأعياد والإجازات الرسمية!

لاحظت ولاحظ الكثيرون معي، أن أشكال وطرق التسول والشحاذة قد تطورت في السنوات الأخيرة، فلم يعد الأمر رجلا أو امرأة تمد يدها علي استحياء تطالب بحسنة، بل صار بعض الشحاذين يطرقون زجاج السيارات وكأن من بداخلها أعمي لا يري إلحاحه خلف الزجاج، وصار بعضهم يجلس علي مقاعد خصصت للمعاقين والمشلولين فتظنهم بسذاجة في البداية مرضي قليلي الحيلة لكنك تكتشف بالمراقبة الدقيقة أنهم يغيرون ملابسهم كل يوم ويتحممون ويروحون ليلا ويرجعون نهارا. فسرعان ما تفطن انهم جزء من جماعة اكبر توصلهم ومقعدهم المعدني الثقيل كل يوم لمقر الشحاذة وتعود بهم آخر اليوم لاماكن نومهم.

أنه ليس نشاطاً فردياً دافعه الفقر والعوز، بل نشاط جماعي منظم هدفه الربح عن طريق ابتزاز الجمهور بجميع أشكال الابتزاز العاطفي والإنساني وصولا لدفعه طوعا لدفع الحسنة لهم! بعضهم شيوخ عجائز بضاعتهم العجز وارتعاشة اليد وبعضهم بضاعته اطفال صغار رضع ومرضي يصرخون ويبكون وبعضهم بضاعته حبات ليمون عجفاء وبعضهم بضاعته بنات صغيرات يطرقن الزجاج وترتعش أجسادهن من البرد والحر، بعضهم بضاعته أكياس مناديل يأنف أي شخص من لمسها وبعضهم بضاعته رجل كفيف يجرونه خلفهم يبكي! والحق أن أصحاب تجارة التسول والشحاذة لا يكفون عن تطوير تجارتهم وأعمالهم ووسائل ممارستها وأشكال بضاعتهم التي يعرضونها علي الجمهور ابتزازا لمشاعره وصولا لحسنته القليلة التي ستمنع عنه بلاوي كثيرة!

إن ما نراه حولنا، ليس تعبيرا عن ازدياد الفقر، وليس تعبيرا عن استفحال الجوع ، ما نراه حولنا عمل تجاري منظم يمارسه جماعات تقسم بينها الأدوار والجهد وربما تتشارك في الحصيلة أو يعمل معظم أفرادها باليومية الثابتة وبقية الايراد للمعلمين وأصحاب رأس المال ممن يوزعون الأكل علي عمالهم المتسولين ويحملونهم من أماكنهم لأماكن العمل بالسيارات ويعودون بهم آخر اليوم لمنازلهم، ممن يشترون تلك الأطفال المعاقة المريضة أو يستأجرونها من اهلها لاستخدامها ومرضها وعجزها وقلة حيلتها كوسيلة لاستدرار العطف وجلب الأموال، للمعلمين وأصحاب الأعمال ممن يجمعون تلك الباقة المتميزة من العجائز المرتعشين والنساء المشلولة والأطفال المريضة والرضع كوسائل تحفيزية لأصحاب القلوب الرحيمة لفتح محافظهم وجيوبهم ودفع الحسنة!

وبالطبع لا أنا ولا أي منكم قادر علي تصور قدر حصيلة الشحاذة والتسول اليومية التي تدفع سيدة نحيلة صفراء الوجه لصعود الطريق الدائري كل يوم ومعها طفل مكسور الرقبة مشلول والوقوف من أول النهار حتي آخره في عز الصيف ! الارجح انها حصيلة كبيرة لأني رأيت زميلتها وسط انهماكها بالتسول والدعاء والابتزاز، رأيتها تخرج من جيب جلبابها تليفوناً محمولاً وتتحدث فيه ثم تغلقه وتعيده لمكانه وتعود مرة أخري لرسم ملامح البؤس علي وجهها ومد كفها لجمهورها دونما تفطن طبعا أنني رأيتها وللأسف كنت اقود السيارة فعجزت عن التقاط صورتها بكاميرتي لكن ملامحها لم تغب عن عيني!

ومازالت اسأل ........ هل مازال التسول في بلادنا مخالفة يعاقب القانون علي ارتكابها؟ إنه مجرد سؤال بريء!
نشرت في جريده روز اليوسف اليومية 25 اكتوبر 2010

الأحد، 17 أكتوبر 2010

الفيس بوك !!!!



مازلت مقتنعة، أن في مصر أناساً وظيفتهم الوحيدة التي يجيدونها بشدة هي استثارة الغضب الشعبي! هؤلاء يبذلون مجهوداً رهيباً في إغضاب المصريين وإثارة حنقهم، يستجلبون من قلوبهم اللعنات ويشعلون في نفوسهم الحنق ويجهزونهم للانفجار لأي سبب وأتفه سبب وكل سبب! هل مجهوداتهم محض أمر عشوائي فطري أم مجهوداتهم جزء من عمل منظم لدفع الغضب في النفوس للانفجار؟!، الله أعلم، كل ما أعلمه أنهم موجودون ولا يكفون عن النفخ في النار ليل نهار بمنتهي الدأب وبمنتهي الإصرار! كل يوم حريق جديد يحيط بنا، خبر كاذب، تصريح مستفز، موقف غامض، وغضب من غضب واستفزاز من استفزاز وتصريحات إعلامية وحوارات وتكذيب ونفي وتمسك وشجب وتحليل للموقف وتحليل للتحليل و.......... جبل غضب يعلو فوق الجبال القديمة وربنا يستر!
فجأة وعلي رأي المثل (ياقاعدين يكفيكم شر الجايين) فجأة واحنا "قاعدين" يخرج أحدهم، قد يكون معارضاً وقد يكون حكومياً، قد يكون من الحزب الحاكم وقد يكون موظفاً كبيراً قد يكون علي المعاش ويدعي العلم ببواطن الأمور قد يكون رجل دين وقد يكون فناناً أو محامياً يبحث عن شهرة أو معداً لا يجلس المتفرجون أمام برنامجه التافه، أحد هؤلاء يخرج علي المجتمع بلا مناسبة بقول ما، في صورة خبر أو سر أو حقيقة مستورة يكشفها من أجل الصالح العام حسب زعمه أو حدث تاريخي مر وانتهي لكنه ينبش فيه ويحيي ذكراه.

وتشتعل النار ويزداد الغضب، ليس مهما بعد ذلك يكون الخبر صحيحاً أو كاذباً، ليس مهماً نتراجع عن التصريح أو ننفيه، ليس مهماً نعدل عن القرار أو نتمسك به، هذا كله ليس مهماً، فالمهم يكون قد حدث فعلا واشتعل الغضب أكثر وأكثر في نفوس المصريين!

هل معني كلماتي أن حياتنا "بمبي بمبي "وأن " الجو ربيع " بالطبع لا، حياتنا مليئة بالمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية فالمواطن يعاني من الغلاء والمحاكم تمتلئ بقضايا الفساد والانحراف والفتنة الطائفية تظهر رأسها كل آن لتروعنا ثم تعود لمكمنها، المواطن يشكو من حال التعليم والصحة ومن بطء اجراءات التقاضي ومن ارتفاع ثمن الكهرباء وسعر الطماطم ومن الضريبة العقارية، يشكو من الفجوة الطبقية الواسعة في المجتمع الذي يعيش أربعون في المائة من مواطنيه تحت خط الفقر في نفس الوقت الذي يتقاضي أحد مطربيه ثمانين مليون جنيه لأنه قبل تمثيل بطولة مسلسل تليفزيوني في رمضان المقبل ووصل ثمن علبة السجائر أحد عشر جنيهاً ووصل كيلو اللحمة لمائة وعشرة جنيهات.... نعم عندنا مشاكل ضخمة، فقر وبطالة وأمية والانفجار السكاني والتربص الطائفي، عندنا مشكلة ديمقراطية وتداول السلطة والحكم! نعم كل هذا عندنا وأكثر.... لكن هذا كله كوم وما يحدث من استثارة الغضب الشعبي كوم آخر!

هذه المقدمة الطويلة بسبب الشائعة التي انتشرت عن نية الحكومة ووزارة الاتصالات في حجب الشبكة الاجتماعية الأشهر في العالم شبكة الفيس بوك، حجبها بمعني حرمان المصريين من المشاركة فيها وفي أنشطتها! هذه الشبكة تضم حوالي ثلاثة ملايين مصري سواء من داخل مصر أو من خارجها، بالطبع في حالة حجب الشبكة وحرمان المصريين من المشاركة في أنشطتها لن تخرج مصر ومشاكلها وقضاياها بشكل واقعي من الشبكة الاجتماعية.

فالمصريون من خارج مصر في كل دول العالم الذين يحبون هذا الوطن ويهمهم أمره والمشتركون في تلك الشبكة سيظلون يتحدثون عن مصر ومشاكلها من وجهة نظرهم - سواء أعجب كلامهم الحكومة المصرية أو لم يعجبها - ووقتها ستكون "الفضيحة بجلاجل" لأن المشكلة الأكبر التي سيطبل عليها الجميع ويرقصون هي (استبداد الحكومة المصرية وقمعها للحريات لدرجة حجب موقع الفيس بوك)!

هي مجرد شائعة... "الحكومة حتقفل الانترنت" من الذي قال هذه الشائعة، لا أحد يعرف وسرت الشائعة كالنار في الهشيم، المشاركون المصريون في الفيس بوك أحسوا بمؤامرة تدبر ضدهم بلا مبرر، فهي شبكة اجتماعية يتعارف فيها الناس ويتجمعون في مجموعات عمرية ونوعية وجغرافية حسب الاهتمامات والهوايات، شبكة اجتماعية يتعارف فيها الناس من كل بلدان العالم ويتحدثون بحرية ويكتبون ما يرغبون فيها وانت - المشترك - صاحب الحرية تقرأ هذا وذاك وتعجب بهذا وترفض هذا.

إنها شبكة اجتماعية من حقك تنتمي لها أو لا تنتمي ومن حقك تتعارف علي آخرين أو لا تتعارف! طبعا بعض مرتادي تلك الشبكة مهتمون بالسياسة ولهم آراء معلنة فيها، لكن البعض الآخر لا يكترث بالسياسة علي الاطلاق وتلك الشبكة الاجتماعية بالنسبة له ليست إلا وسيلة لكسر عوالم الوحدة والعزلة الاجتماعية التي يعيشها! وهذا وذاك أحرار فيما يهتمون به! البعض يعتبر الشبكة الاجتماعية مجالاً لنشر إبداعاته وكثير من الكتاب - الحكوميين والمعارضين - يعيدون نشر مقالاتهم علي تلك الشبكة وكل واحد يقرأ اللي يعجبه وكل واحد ينام علي الجنب اللي يريحه!

فهل ضاق صدر الحكومة ببعض المقالات و"النوتس" علي الفيس بوك لدرجة حجب الموقع عن مصر! لا أظن هذا! الحقيقة عندما سمعت الشائعة في البداية استهزأت بها وكدت اتجاهلها لكن مواقع أخري علي الإنترنت نشرت الخبر (أو الشائعة) وانقسم الناس بين مصدق ورافض وغاضب وبسرعة تكونت جروبات علي الفيس بوك لا يجمع بين أعضائها فقط إلا رفضهم النية الحكومية لحجب الموقع في مصر!

وبسرعة انهالت الناس فوق رأس الحكومة باللعنات لأنها ستحجب موقع الشبكة الاجتماعية في مصر ولأنها ضاقت بالحرية ولأنها ستكمم الأفواه و.............. وانهمرت التحليلات السياسية الفيسبوكية للشائعة ومبررها وسببها وكيفية التصدي لها و...... مازالت القطة تجري وسط الحقول مشتعلة الذيل!

الحكومة نفت أنها تنوي حجب موقع الشبكة الاجتماعية «الفيس بوك» في مصر! لكن خبراء استشارة الغضب الشعبي لم يصمتوا ولم يصدقوا و" وهو فيه حد برضه يصدق الحكومة " و............. الغضب يزداد ويزداد، بلا قضية حقيقية و بلا أي سلوك عملي يفصح عن اتجاه الحكومة لحجب الموقع ولا إغلاقه في مصر ولا منع المصريين من المشاركة فيه! لا أعرف من الشرير الذي اطلق الشائعة ولم أصدقها! لكني أعرف جيدا أن هناك ملايين المصريين المشتركين في تلك الشبكة سيغضبون غضباً شديداً لو حجب الموقع في مصر وغضبهم لن يبقي صامتاً بل سينتشر في كل أرجاء شبكة الإنترنت والمواقع والمدونات يلوم الحكومة التي ضاق صدرها بالفيس بوك!

هل هذه نتيجة تطمح الحكومة في الوصول إليها وتتمناها؟ بالطبع لا، لكن أحد يراكم الغضب ضد الحكومة لأسباب مختلفة أضاف عليها تلك القضية الصغيرة التي قد يراها البعض تافهة لكني أراها حالة نموذجية لسلوك خبراء استشارة الغضب الشعبي الذي أخصهم - وليس الفيس بوك - بحديثي اليوم! انتبهوا إن أكبر الحرائق من مستصغر الشرر، إن أكبر الحرائق من مستصغر الشرر!

نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه 18 اكتوبر 2010