السبت، 13 سبتمبر 2008

"قال المصريين .... وقالوا "


قال المصريين قديما " مااستحق ان يولد من عاش لنفسه " " وقالوا " حب لاخيك ما تحب لنفسك " وقالوا "اللي ماترضهوش لنفسك ماترضهوش لحد " وقالوا " القفه ام ودنين يشيلوها اتنين " وقالوا " ايد علي ايد تساعد " وقالوا " ايد لوحدها ماتصقفش " وقالوا " الناس للناس " وقالوا " ارمي همك علي همي نصير اخوات ويختلط دمك بدمي " وقالوا الكثير غيرها من الامثال الشعبية والاقوال المأثورة الايجابية التوجه جميله النتائج والتي تحض علي حب الغير والايثار والتآخي والتعاون وتحرض علي نبذ الانانية اللعينة وتدفع للتخلي عن الفردية البغيضة ، وقد ردد المصريين لقرون وعقود من الزمن تلك الاقوال والامثال في حياتهم اليومية وادركوا معانيها الجميله واستظلوا بحميميتها واحتموا بدفئها من صقيع الحياة وقسوتها وتضامنوا مع بعضهم البعض في مواجهة المشاكل والصعوبات اليومية مرتكنين علي تلك الامثال الشعبية مهتدين في سبلهم الوعرة ببوصلة تلك الاقوال المأثورة ومعانيها الراقية و"طبقوا" تلك المعاني في حياتهم بشكل واقعي خلاق جميل حميم ، فاذا بنا نري الجيران وكأنهم اهل وعائلة " قلبهم علي قلب بعض " ونري الاصدقاء وكأنهم اخوة في الدم " ورب اخ لم تلده امك " ونري الزملاء في العمل فريق واحد لايسعي الا للنجاح الجماعي والتفوق العام ولايتنافسوا علي المكاسب الصغيرة ولا يخافوا علي انفسهم ومراكزهم المكتسبة من بعضهم البعض ، واذ بنا نري المارة في الشارع لاتسعي الا لمساعدة الغريب وارشاد التائه ، ونري الشاب في الاتوبيس يترك مقعده عن طيب خاطر ويقدمه لسيدة عجوز او لامرأة حامل او لام تحمل طفلها الرضيع ، ونري قائد السيارة الخاصه يقف مكانه دونما حاجه لاشاره حمراء ويمنح طفل صغير او رجل هرم او فتيات في سن الزهور امكانيه العبور الامن للطريق المزدحم ، ورأينا اهل الحي يتكاتفون لمساعده فقراءه ومحتاجيه و" تجويز البنات " و"تشغيل الاولاد " و"الناس لبعضيها " ورأينا الكبار يعطفون علي الصغار ويفتحون لهم احضانهم ويرون لهم القصص والحكايات و" توته توته فرغت الحدوته " ورأينا الصغار يحترمون الكبار ويقدرون خبراتهم وأرائهم " الكبير كبير " واستمتعنا جميعنا بثمار تلك الامثال الشعبية والاقوال المأثورة ادب في التعامل وحب في المعاملة واحترام عميق بين الناس وصدقنا من شدة حلاوة ايامنا وعذوبة ليالينا من قال " اللي بني مصر كان في الاصل حلواني " ...
الا ان النعمة لم تدوم والسعاده والطمأنينة مرت ايامهما فاذ بنا نستيقظ يوما من النوم علي منادي صرخ فينا بصوته القبيح " ان جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليلك " و ردد علي اسماعنا " اللي تغلب به العب به " و كرر علينا " اللي معاه قرش يساوي قرش واللي ممعاهوش مايلزموش " ونصحنا نصيحته السوداء " اربط الحمار مطرح مايعوز صاحبه " ووضح لنا " اللي له ضهر ما يتضربش علي بطنه " واكد علينا " اللي يتجوز امي اقوله ياعمي " .. استيقظنا يوما من نومنا فاذ بحياتنا تتبدل وكأننا عشنا في حلم جميل مبهج سرقته منا الساحرات الشريرات ومنحتنا بدلا منه كوابيس النهار والليل تأسرنا في اوقاتها القبيحة فلانفيق منها ابدا !!! استيقظنا يوما من نومنا علي حالنا وقد تبدل واخلاقنا وقد تغيرت ، استيقظنا علي وجوهننا وقد عقفت الايام الكئيبة ملامحهما وسودت لونها ، استيقظنا من نومنا علي انفسنا وقد تغيرنا وكأن شعبنا الطيب الجميل قد سرقته المردة المتوحشة واسرته في جب عقابها واخرجت لنا بدلا منه مسوخ مشوه بلا اخلاق ولا قيم ، اخرجت لنا بدلا منه وحوش حاده الانياب مشحوذة المخالب عطشي لدماء الاخرين ودمائها لاترتوي ابدا ، اخرجت لنا بدلا منه كائنات حيه صخرية الملامح وليست بشر، استيقظنا يوما علي شعب غاضب متوتر كئيب يكره نفسه والغير والحياة كلها ، شعب يتنافس مع بعضه البعض علي كل فرصه واي فرصه تافهه وكأنها فرصته الاخيرة قبل " مالقيامه تقوم " ، شعب جاهز للمشاجرة "يتلكك " للخناق مستعد لذبح النفس وذبح الغير لابسط سبب ولاتفه مبرر !!! شعب يخاف كل افراده من ضياع فرصتهم الوحيدة والاخيرة فيحمل كل منهم سكينا للاخرين خلف ظهره ويكشر لهم عن انيابه ساعيا لسرقه فرصه الاخرين ومكانهم .. استيقظنا يوما علي اعاصير عاتيه بارده متربة تبدد اماننا وسكونا وتهدم قيمنا الجميلة وتستدعي عامدة متعمدة من التراث الشعبي اقواله الشريره سلبية المعني والدلالة والتوجة ، تلك التي صيغت في عهود المذلة والانحطاط ورددها الناس في اوقات انحدار الكرامة وضياع العزة والازمنه القميئة لنجد انفسنا خائفين مرتبكين نسعي للخضوع وربط الحمار مكان " مايعوز صاحبه " بلا رأي او وجه نظر ، خائفين من الضرب علي بطوننا نبحث باي طريقة وبكل طريقة عن " ضهر " يحمينا ويدفع عنا اعتداء الاخرين ويساعدنا علي الاعتداء عليهم ، خائفين خاضعين بلا كرامة نقبل يد زوج امنا " عمنا " وسيدنا و" تاج راسنا " نخاف العقاب و" اوضه الفيران " ، منافقين اذلاء نصطنع الحب والاهتمام ندعي التسامح والمحبة نظهر زورا التفاني والعطاء نخرج من جراب " الحاوي " الذي نحمله ثقيلا يكاد يقصف ظهورنا كل الحيل والالعاب التي قد تمنحنا فرصة المكسب السريع و" اللي تغلب به " !! استيقظنا يوما من نومنا خائفين مرتعدين من ضعفنا وانكسارنا نشم رائحه الطوفان ونسمع هدير امواجه نلملم اولادنا الصغار الابرياء ونربطهم بقسوة وغلاظة ونضعهم تحت ارجلنا ونقف علي رؤوسهم نبحث عن نسمه هواء وسط المياه الهادره علنا ننقذ انفسنا من الغرق والضياع ، فاذ بنا لانحب بعضنا البعض وكيف نفعل والاخر لايفكر الا في سرقة مكاني وسلب فرصتي ، اذ بنا لانتعاطف مع بعضنا البعض وكيف نفعل والاخر يخفي سكينه الحاد خلف ظهره ينتظر هفوتي ليقتلني ، اذ بنا لا نساعد بعضنا البعض وكيف نفعل والاخر يسعي لسقوطي وهزيمتي وانا اتمني سقوطه وهزيمته و"افرك" كفي سعاده وانا احلم بالغاءه والانتصار الباطش عليه !!!... استيقظنا من نومنا علي حالنا شعب غاضب لايفكر الا في دحر الاخر واقتناص فرصته ، شعب متوتر لايسعي الا لتحقيق المكاسب علي حساب الاخرين ، شعب حزين لايشعر بالطمأنينة ولا بالامان ولا بالحب ، شعب قلق لايفكر الا في سرقة فرصه الاخرين والدفاع عن مكانته بكل الطرق غير الشريفة وغير الادمية ، شعب لاينام الليل لانه يفكر دائما في صراعات النهار التي سيعيشها ولايعرف كيف سيحقق انتصاراتها علي حساب الاخرين !!! وخلع البشر المتوترة المتنافسه عقولهم ووضعوها علي ابواب منازلهم يرفضون الاصغاء لصوت العقل والانتباه لمعني الحكمة والفهم لحقيقه الحياة ومعانيها الجميلة ، واصموا اذانهم فلم يسمعوا صوت ضمائرهم تناشدهم التريث والتقاط الانفاس وحب الاخرين ، فقئوا اعينهم فلم يروا الغضب المرتسم علي وجوههم يخيفهم ويخيف الاخرين ، خلعوا قلوبهم الحانية من مكانها ووضعوا بدلا احجارا صماء مشحوذة فلم يشعروا بما اقترفوه في حق انفسهم وحق الاخرين وحق هذا الوطن !! فاذ بنا نتشاجر في طوابير المصاعد علي من سيصعد اولا ، ونتشاجر في الطرق علي من سيسير اسرع ، ونتشاجر في اماكن العمل علي من اكثر قربا من المدير وصاحب الفرصة الذهبية في اكتساب وده ، ونتشاجر في المحلات علي من سيمد يده اولا علي رف البضاعة ، ومن سينتقي الفاكهه الطازجه لنفسه ويترك للاخرين الثمار العطبة ، ومن "سيزق " الاخر في طابور الدفع ويدفع اولا ، نتشاجر علي من منا سيدخل للدكتور بابنه المريض اولا ، نتشاجر علي من منا سيخطف الصدقة ويترك بقية الفقراء يبكون احتياجا ، اذ بنا نكاد نقتل بعضنا البعض لانك دخلت الباب قبلي ولانك مددت يد في طبق الطعام قبلي ولانك اخترت مقعدا في صاله السينما قبلي ولانك ركعت لله شكرا قبلي ، نكاد نقتل بعضنا البعض لان ابنتك اجمل من ابنتي وابنك اكثر تفوقا من ابني ومنزلك اوسع من منزلي ولان رائحه "الطبيخ" تخرج دائما من شباك مطبخك ولان الابتسامه المريحه ترتسم علي وجهك ، نكاد نقتل بعضنا البعض لانك عرفت اسرار وظيفتي التي بذلت مجهودا لحجبها عنك لانك منافسي وعدوي ولانك دخلت حجرة المدير مرات اكثر مني ولانك ابتسمت وانت تعبر الطريق وانا حانق غاضب عاجز عن الابتسامه !! وعشنا اياما سوداء رأينا فيها جثه المتوفي متخشبة ملقاة علي فراشها باهمال والورثه ينبشون في الدفاتر بحثا عن الميراث المنتظر ورأينا ام تلقي باطفالها في عرض الطريق ولاتسمع صوت بكائهم ولاتفكر الا في رجل يريح جسدها المتعب من كثره الخدمة ورأينا اب يغلق باب منزله في وجه صغاره ولايفتح لهم ولايكترث باستعطافاتهم ولا رجائهم ورأينا جيران يتلصصون علي جيرانهم يعدون عليهم انفاسهم وضحكاتهم ويسترقون السمع علي اسرارهم ينتظرون هفواتهم وسقطاتهم ، ورأينا الشوارع يسير فيها المارة والسيارات كأنها ساحات الحرب الاهلية يبحث كل محاربيها عن الانتصار الساحق له والهزيمة النكراء لعدوه !!! ياليتنا لم نعش تلك الايام القبيحة وياليتنا لم نراها ولم نسمع عنها وياليتنا بقينا في الازمنه الجميلة نؤمن حقا بأن " الناس للناس" !!!
الفقرة الاخيرة – لامني احدهم " ماتكتبي عن مشاكل الناس ، المرور مثلا " ضحكت وشرحت له " مقالتي دي بالذات بتتكلم عن مشاكل الناس وبالذات المرور " لم يفهم كلامي ولم يعجبه !!
الجملة الاخيرة – عاتبني احدهم " كفاية ادب وغوصي في الواقع " ضحكت " ماانا كل مقالاتي عن الواقع والا لازم قلة الادب علشان تصدق اني باتكلم عنه !!! "
السطر الاخير – هاجمني احدهم " بطلتي تكتبي في السياسة ليه ، جبن !! " تحيرت من هجومه لانني لااكتب الا في السياسه وعنها ولكن بطريقتي الخاصه !!!

ليست هناك تعليقات: