الجمعة، 5 سبتمبر 2008

مثل هذا ............ لايحدث عندنا


خرجنا من اسبوع الاجازات والاعياد بحديث صاخب عن ماسمي " التحرش الجنسي في وسط البلد " تلك الاحداث التي قيل انها انفجرت في بعض شوارع العاصمه في "عز الظهر" فاذا بالشباب الذي ذهب لوسط البلد للاحتفال بالعيد وبهجته ينتابه هياج جنسي مصحوب بعنف يدفعه لمطاردة الفتيات والنساء اللاتي ساقهن حظهن العثر للتواجد في نفس الاماكن في نفس الوقت ويدفعه للتحرش بهن وقد وصل الامر – حسب وصف بعض المراقبين - الي حد محاوله الشباب لخلع ملابس النساء والفتيات بالقوة وانتهاك عرضهن ليسود الذعر شوارع المنطقة فتهرول الفتيات والنساء رعبا للاحتماء بالمحلات التجارية الموجودة بالمنطقة وكان ذلك اليوم يوما مشهودا !!
وقد تفاوت ردود الافعال المجتمعية تجاه ذلك اليوم فارتفعت اصوات تصدق تماما ما روي لها وماسمعته فاخذت تهاجم الشباب الهائج المعتدي وتدين تصرفه وسلوكه المنحط وفي نفس الوقت تهاجم الشرطة وضباطها وعساكرها الذين – حسب رأي تلك الاصوات – تجاهلت ما يحدث امامها ولم يتخذوا أي اجراء لحمايه الفتيات والنساء المطاردات الضحايا والاخطر انهم لم يتخذوا أي اجراء للقبض علي الجناة واتخاذ الاجراءات القانونية ضدهم وحلل البعض موقف الشرطة بأنها قد انشغلت باعمال الامن السياسي وتفريق المظاهرات والاعتداء علي المعارضين ولم تعد تكترث بالشعب ولم تعد تهتم بحمايته وهو ما وضح يوم احداث وسط البلد ......... وارتفعت اصوات اخري علي النقيض تنفي ماحدث تماما وتقرر ان ماقيل انه حدث لم يحدث وتهاجم المراقبين الذين سجلوا ما سجلوه وتنقب في مواقفهم السياسية وتدعي عليهم الادعاء بحدوث احداث ذلك اليوم لمستهدفات سياسية معارضه للحكومة وانهم ينالون من سمعه مصر ومن شأن اكاذيبهم "التي لم تحدث" المساس بالاقتصاد الوطني واوضحت تلك الاصوات ان شباب مصر وفتياتها "تمام" وان وسط البلد "تمام التمام" وان البلد كلها "تمام التمام التمام وميت فل وعشرة "!! وارتفعت اصوات اخري وجدت تلك الاحداث فرصه لترويج افكارها السياسية والمذهبية فصبت جام غضبها علي رأس الفتيات والنسوة اللاتي كن في وسط البلد وقت الاحداث ، فهن اللاتي دفعن الشباب الهائج للتحرش بهن ، هن محرك الاحداث ، ملابسهن ، تبرجهن ، طريقة مشيهن ، طريقة كلامهن الخليعه وصوتهن العالي المثير للغرائز والشهوات ، واعتبرت تلك الاصوات ان الفتيات الضحايا هن السبب فيما تعرضنه له وهن سبب اغواء الجناة ودفعهم للتحرش بهن وبالتالي فأن الضحايا لايلمن الا انفسهن وهكذا اعتبرت تلك الاصوات ان احداث وسط البلد حقيقية لكنها حدثت وفقط بسبب مسلك الفتيات الضحايا اللاتي اغوين الشباب الضعيف فحدث ماحدث !!! وازداد الصخب والجدل حول ذلك اليوم تحليلا لسبب حدوثه ومحاوله فهمه وتقديما للاقتراحات التي تقي المجتمع من تكرار مثل تلك الاحداث السوداء ، فهمس البعض بسن قانون للاحتشام يفرض جبرا علي النساء ويحدد ملابسهن وشكلهن ويخفي منهن مايثير او يغوي فيقيهن شر انفسهن ويقي الشباب الضعيف شرهن ورد عليهم البعض الاخر ان بعض الضحايا كانت نساء شبه منقبات يتردين العباءة السوداء التي لاتظهر من اجسادهن ما يثير او يغوي وان النساء ستظل نساء مهما ارتدت ومهما خلعت ويستطيع الخيال المريض المشوه لاي شاب – ولو كان يعيش وحيدا في الصحراء – تعرية أي امرأة وانتهاك عرضها وخدش حيائها والتهامها سدا لاحتياجاته الجنسية المكبوته وبالتالي ليس الحل لمثل هذه المشكلة او غيرها وأد النساء وتخبئتهن خلف الاسوار والحواجز لان تاء التأنيث اللصيقة بكل طفلة وشابه وامرأة كافية في ذاتها لتفجير الرغبات المكبوتة والعنف الجنسي !! وطالب البعض برفع دعوي ضد وزير الداخليه يطالبه بتوفير الحماية للنساء المعرضات للتحرش وانتهاك العرض في الشوارع وتحفظ البعض علي ذلك المطلب للزج بالقضاء في تلك الاحداث باعتبار ان الاحكام القضائية لن تحل المشكلات الاجتماعية ولن تدير الصراع السياسي فضلا عن الشوارع مليئة برجال الداخليه وجنودها والكمائن الثابته والمتحرك وكاميرات التصوير ولم تعد حياة المواطنين تتحمل مزيد من تشديد القبضه البوليسية عليهم وفسر البعض تلك الاحداث باعتبارها ظاهرة عنف اجتماعي تبدي تلك المرة في شكل عنف جنسي والمرة القادمة سيكون عنف سياسي اجتماعي صناعه شباب ضائع يعيش في العشوائيات والاحياء الفقيرة المختنقة المكدسه باهلها الفقراء المطحونين يعاني من كبت غرائزه ورغباته الطبيعية ويشعر بأنه لايساوي شيء وليس له أي قيمة يعاني من البطاله المستمرة وضيق ذات اليد وانعدام الامل في المستقبل عاجز عن الزواج لاسباب اقتصادية فهو بلا وظيفة وبلا دخل وبلا شقة وبلا امكانية لشراء منقولات او تقديم شبكة في نفس الوقت يري ذلك الشباب بجوارهم وفي نفس الشوارع التي يسيروا فيها وفي نفس "المولات" التجارية التي يذهبون اليها لقتل الوقت يروا شباب اخرين حاصلين بحكم الامتياز الاجتماعي علي كل شيء اسرة ثرية ووظيفه راقية ومرتب عالي وشقة تمليك في حي راق وسيارة اخر موديل وعروس جميلة بضه الجسد كحيله العيون ناعمه الشعر فيشعرون بالدونية والقهر والرغبه في التدمير والانتقام من الظروف التي حاصرتهم وحرمتهم من متع الحياة التي يحصل عليها الشباب الاخرين !! وتري تلك الاصوات ان الازمة الاقتصادية والفوارق الطبقية العنيفة في المجتمع هي التي صنعت احداث وسط البلد وعنف التحرش الجنسي كبروفة اولية للعنف الاجتماعي الاكبر والقادم مادامت الفوارق الطبقية تتسع والازمات الاقتصاديه والاجتماعية تزداد وتري تلك الاصوات ان تشديد القبضه البوليسية لن يقي المجتمع من الانفجارات القادمة أي كان شكلها جنسية او طبقية والتي لاسبيل للوقاية منها ومن اثارها المدمرة الا بحل المشاكل الاقتصادية الاجتماعية من جذورها وبشكل حقيقي !!
ولااخفي عليكم انزعاجي وغضبي مما قرأته وسمعته عن احداث " وسط البلد " انزعاجي من وصف وتفاصيل تلك الاحداث المنحطة الكئيبة ، وغضبي علي مالحق بالفتيات والنساء اللاتي هرولن تطاردهن فلول الشباب الغاضب الهائج اليائس متصورة قدر الرعب والخزي والالم التي احست به تلك النساء اللاتي كان كل ذنبهن الخروج للاحتفال بالعيد في وسط البلد !! انزعاجي من الازمة التي تحاصر الشباب فتخرج منهم عدوانية ومرارة وكراهية فتحولهم وهم ضحايا الازمات الاقتصادية والاجتماعية لجناة للجرائم الجنسية العنيفة محل الادانه القانونية والاحتقار الاجتماعي والنبذ وهو مايزيد من ازماتهم الشخصيه وغضبهم الدفين !! غضبي من الشباب الذي اطلق ساقيه للريح مدفوعا بغرائزه المكبوته يطارد فتيات وسيدات – بعضهن في عمر امه – يحاول تمزيق ملابسهن وشرفهن وخدش حيائهن وكأنه فقد عقله وفقد انسانيته وتحول لحيوان مسعور مريض لايري الا فريسته فيحاول التهامها وهو يعلم انه سيدفع حياته ثمنا لافتراسها !! انزعاجي من سلبية بعض المواطنين الذين اثروا السلامة فاعطوا ظهورهم للضحايا وكأن شيئا لايحدث وفي عقول هؤلاء المواطنين دروسا مريرة لمرات حاولوا التدخل فيها في مشاكل الاخرين بنخوة ورجوله فلاقوا ماكانوا يحبوه او يتحملوه فاذ بهم يتخلوا من رجولتهم ونخوتهم ويتدثرون برداء الانانية و" احنا مالنا " ، لااخفي عليكم انزعاجي وغضبي من حوار المثقفين وجدلهم حول تلك الاحداث واحساسي المؤسف ان كل فريق اتخذ من الاحداث المؤسفة تكئه لترويج بضاعته وافكاره ومهاجمه من يحب الهجوم عليه وتبني ما يحب تبنيه وكأن الجميع كان ينتظر " جنازة علشان يشبع فيها لطم " علي الضحايا وعلي انفسنا !!! لااخفي عليكم انزعاجي وغضبي من الحكومه التي تجاهلت الاحداث واتبعت الحكمة الهندية "لااري لااسمع لا اتكلم " فاذا بالمواطنين يشعرون بمزيد من الضياع واليأس فالحكومه التي تحكمهم وتمثلهم لاتعبر عنهم ولاتنتبه لمشاكلهم ولاتفكر فيهم ومازالت لاتري ولاتسمع ولن تتكلم !!
وفي النهايه انا مثلكم جميعا لاارغب في تصديق ما حدث ربما لانني مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمال عمدا في مواجهة المشاكل الكبري التي احس عجزا عن مواجهتها ، ولا اخفي عليكم رغبتي مثلكم جميعا في القول بصوت عالي " مثل هذا لايحدث عندنا " وبعدها انام بجواركم علي اسرتنا الوثيرة و" تتحرق الدنيا " !!! لكني للاسف اصدق ان تلك الاحداث حدثت وللاسف اصدق ان الفتيات تعرضن للتحرش وللاسف اصدق ان غضب الشباب المكبوت وعنفهم المخزون قد فاض فلم يجدوا امامهم اسهل من النساء ضحايا ورغم الغضب والحزن وكل المشاعر الموحشة مازلت اتمني ان نفكر جميعا بشكل ايجابي لتفسير الاحداث وقراءتها قراءة صحيحة ومحاوله فهمها وبذل الجهد الجماعي الحقيقي لعلاج المشكلات الاجتماعية التي اثمرت تلك الاحداث وليس نفيها او تجميل وجهها القبيح !! وبغير هذا انتظروا معي اياما اكثر عنفا ستخيم بسحبها السوداء علي حياتنا وتعرض الوطن وجميع مواطنيه للخطر الرهيب ، وقتها لن ينفعنا التفسير او التبرير او التجميل وقتها سنشهد امام اعيننا كوارث واحداث عنف وانفجارات اجتماعية ستحرق امامها الاخضر واليابس واعراض النساء وكرامة الرجال ورايات الوطن ..
الفقرة الاخيرة – قالوا ان احد الراقصات نزلت ايام العيد امام احدي السينمات ترقص عارية ترويجا لفيلمها الهابط وجذبا للشباب لدخوله ، فاذا بالشباب المكبوت المضغوط لايتحمل عريها ولايتحمل ارتجاجات جسدها ولايتحمل رؤية تعبيراتها الجنسية المثيرة فينتفض كبتا ويلاحق الفتيات المحترمات في الشوارع يقتص منهن لانه " لا ولن ولم يطول" نهش جسد الراقصه " اللولبية " والتهامها بعد ان حرضتهم علي الفسق والفجور واثارت غرائزهم المكبوته !! كنت اتمني من الشرطة ان تقبض علي الراقصه بجريمه الفعل فاضح في الطريق العام ولو ان الشرطة فعلت لكفتنا جميعا شرالاحداث المؤسفة التي عشناها ودفعنا ثمنها اضطرابا وافتقادا للامان .. ولعنه الله علي ايرادات شباك التذاكر وملايين الافلام الهابطة التي يسعي منتجيها لسرقتها من جيوب المشاهدين ولو كان ذلك عن طريق اشعال النيران في قلب الوطن ودحر كرامته واهدار شرفه وتعريضه للانفجارات المريعة !
الجملة الاخيرة – لسنا شعبا من الملائكه بل نحن بشر من طين لنا رغبات وغرائز واحلام وامنيات وقد عشنا مئات السنوات نتحمل انحرافات البعض وندفع ثمن احباط البعض ونعالج مشاكل البعض نأمل في مستقبل افضل ، لسنا شعبا من الملائكه فلا تطلبوا منا التصرف كالملائكة في زمن قبيح رديء مليء بالمشاكل العويصه التي لانعرف لها حل ، لست التمس العذر للشباب الضعيف المكبوت الهائج لكني احاول فهم مشكله لعلنا نحاول حلها ووقايه انفسنا من غضبهم المميت القادم ...
السطر الاخير – كثير من المشاكل العويصه لايحل بتشديد القبضه البوليسية ولا تعزيز اجراءات الامن ، كثير من المشاكل العويصه التي خلقت في اعوام كثيرة يحتاج لاعوام اكثر لفهما ووضع الحلول الوقائية الواقعية التي تحول بين اعاده خلق تلك المشاكل وتفجرها في وجه الجميع ، واؤكد نحن لانحتاج لحماية بوليسية اكثر !!، بل نحتاج لقراءة الواقع بتأني ووضع الحلول المجدية له !! انتظر من المهتمين بمستقبل الوطن جهدا مخلصا جماعيا ينقذنا جميعا !!
الكلمة الاخيرة – ياعلماء الاجتماع اين انتم ، لقد بح صوتنا نستغيث بكم وننتظر رأيكم العلمي !! وها انا انادي ثانية ، ياعلماء الاجتماع اين انتم ؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات: