الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

كهنه امون !!!


وردتني عشرات الرسائل ومئات التعليقات الشفهية علي مقالي السابق " ذكريات من سرادقات العزاء " تضمنت بعض هذه الرسائل قصص مريرة تعرض لها البشر وهم يتعاملون- اثناء رحله مرضهم او مرض احبائهم - مع الاطباء والمستشفيات ، قصص مريرة كتبت بدم ودموع والم اصحابها ، قصص اليمة تجعل ذكرياتي الموجعة مجرد قصص تافهه جانب مااصاب البشر ويصيبهم كل يوم ، قصص اليمة موجعه ارسلها لي اصحابها وكأنهم يواسوني في المي وهمي باعتبارنا " كلنا في المصيبة شركاء " وتضمنت بعض الرسائل الاخري هجوما علي مقالتي من منطلقات مختلفه ، البعض قرأ مقالتي وتألم لما فيها وسألني "وماذا بعد الالم الذي اصاب قلوبنا ؟؟ " مشيرا الي خلو المقال من حلول لهذه المشكلة العويصة او بمعني ادق خلوها من " علاج " لهذه الظاهرة ، وقرأ البعض الاخر مقالتي وغضب مما فيها وسألني بانحياز ملحوظ " اشمعني الدكاترة " مشيرا الي ان كل فئات المجتمع تخطأ في اعمالها وتصيب الناس بضرر افعالها وكأنه " ماهو كل الناس بتغلط والا يعني هو حلال علي المحامين والمهندسين حرام علي الدكاترة" والبعض الثالث وصفني بالقسوة والحدة "كأننا ناقصين غلب ، مش كفاية اللي احنا شايفينه وعايشينه " وقال لي احد الاطباء الغاضبين من النظام الطبي واثاره السلبية علي الاطباء ذاتهم والمرضي وذويهم " ما ضفتيش جديد ، ماهو الكلام ده معروف " ثم همس "? so what " وقال لي احد اصدقائي " الكلام عن الدكاترة يجر الكلام عن التعليم والكلام عن التعليم يجر الكلام عن الحكومه والكلام عن الحكومه يودي في داهيه ، ماتخلينا ساكتيين احسن " وحذرني احد احبائي من السير في هذا الدرب " ماانتيش قد الدكاترة ، لو حطوكي في دماغهم مش حتسلمي !!" وكأنني قد تعرضت في مقالتي السابقة لعصابات المافيا وعرضت نفسي لخطرهم !!! وهو قول استوقفني امامه طويلا واستفزني كثيرا ، لقد كتبت ماكتبت بمناسبه الفنانه سعاد نصر وغيبوبتها الطويلة ، ادعو لها من كل قلبي بالشفاء واشارك اسرتها ومحبيها ألمهم لكن بطريقتي الخاصه !!! لكن القراء استقبلوا مقالتي بطريقتهم الخاصه واعتبروا انني فتحت بابا وخشيت الدخول فيه ووقفت علي عتبته "اولول" فغضبوا مني وتحدوا شجاعتي " ان خفت لن تقول وان قلت لم تخاف " ولانني لم اكن فقط افضفض عما في قلبي من الم ، ولانني لااعتبر الخطأ المهني حرام علي الاطباء حلال علي بقية فئات المجمتمع ، ولانني لااعتبر الكلام عن الحكومة " يودي في داهية " ولانني لااخشي في قوله الحق لومة لائم سواء كانت عصابات المافيا او عصابة " الخط " ولان عيني وقلبي علي هذا الشعب ومواطنيه الذين احبهم حبا جما ولا اتمني لهم الا الخير ، ولا اسعي الا لتحقيق مصلحتهم وتخفيف آلامهم وتقليل مشاكلهم ومصائبهم فقد قررت ان اعود الي موضوع الاطباء ليس من باب الالم الشخصي الموجع ، ولكن من باب المناقشه الموضوعيه ودعوني اطرح عليكم بعض الافكار اضعها امامكم من قبيل العصف الذهني الخلاق لنفكر فيها جميعا علها تساعدنا في اعاده بناء جسور الثقه بين المرضي والاطباء تلك الثقه التي نال منها – ومازال – ما حدث وما يحدث في المصريين من الاطباء وتساعدنا في نشر الطمأنينه بين المواطنين قبل الاطباء وتساعدنا علي الانصياع لرأيهم الطبي وقبول كل نتائجه والاهم عل تحقيق تلك الافكار بشكل عملي بتساعدنا الان وفي المستقبل الحفاظ علي مهنه الطب وسمعة الاطباء المصريين وهو امر نحرص عليه جميعنا اشد الحرص !!!
واول ما افكر فيه كخطوه اولي هو ضرورة اخضاع الاطباء واعمالهم المهنية لهيئة رقابه شعبيه تتكون من اطباء اصحاب خبرة ومواطنين من مختلف التخصصات الفنية لتكون وظيفة هذه الهيئة الرقابه علي اعمال الاطباء وفحص سلوكهم المهني عن طريق تلقي التقارير الدورية من الاطباء والمستشفيات عن الحالات المرضية التي يتعاملون معها تقارير تفصح عن التشخيص الذي قام به الطبيب والعلاج الذي منحه للمريض ، لتقوم تلك الهيئة بمراجعه تلك التقارير وتقييمها وتعتبر تقارير تلك الهيئة وتوصياتها امرا مؤثرا في الحياة المهنية للطبيب واستمراره ونجاحه وترقيه فيها و يحق لتلك الهيئة الشعبية مناقشه الاطباء واستجوابهم ومراجعه اعمالهم بل والتوصيه بعقابهم الي حد سحب تراخيص العمل منهم ، هيئة رقابه شعبية تتلقي شكوي المواطنين وتفحصها بمنتهي الجدية وتناقش الاطباء في مضمونها وتحقق فيها ، هيئة رقابه شعبيه تتمتع اعمالها بالعلانيه والشفافيه فتشكر وتثني علي الاطباء المجيدين وتعاقب وتحذر الاطباء المهملين ، هيئة تدير اعمالها بغير محاباة الاطباء لبعضهم البعض وبغير الارتكان الدائم علي حجة الاطباء الشهيرة " ده خطأ ممكن حدوثه بغير اسباب ومكتوب في الكتب " تلك الحجة التي يعفي الاطباء بعضهم البعض علي اساسها من اللوم والعقاب والمسائلة .. ما رأيكم ؟؟؟ ومن الرقابه الشعبيه علي اعمال الاطباء ننتقل الي الخطوه اللاحقة وهي ضرورة محاسبه الاطباء عن اخطائهم وعقابهم عن تلك الاخطاء عقابا حاسما حازما يتدرج من العقوبات المدنيه عن طريق الزام الطبيب المخطأ هو والمؤسسه التي يعمل فيها بدفع تعويضات جسيمة للمرضي ضحايا الاخطاء المهنية تصل الي ملايين الجنيهات باحكام سريعه نهائية باعتبار ان العقاب الحاسم الرادع الجسيم - ولو بشكل التزامات ماليه - من شأنه ان يأتي اثره الفعال في منع الاطباء من من الاستهانه والاستهتار بحياة المرضي وآلامهم ويقلص اخطاءهم والاضرار الناجمة عنها الي الحدود الدنيا المتعارف عليها في معظم بلدان العالم والتي لايملك المجتمع أي مجتمع مهما كانت براعة اطباءه الفكاك منها او تلافيها .. واذا كان الخطأ المهني الجسيم للطبيب يستلزم العقاب المدني ، فأن بيع الاوهام للمرضي والتلاعب برغباتهم المشروعه في الشفاء او التجمل او تقليص الالم عن طريق الايحاء لهم بامكانيه العلاج السهل من الامراض المستعصيه و عن طريق اجراء العمليات الجراحيه غير الضرورية او غير المؤثرة حقيقه في صحه المريض انما امرا يستوجب - فضلا عن التعويضات المادية الباهظة - ايقاع عٌقوبات مهنية حاسمه علي مثل هذا النوع من الاطباء تصل الي حد منعهم من ممارسه المهنة ، لماذا ؟؟ لان ذلك الطبيب الذي يخدع مرضاه ويستغل رغباتهم المحمومه في الشفاء او التجمل ويخدعهم ببيع الوهم له ويبيح لنفسه ان يأتي معهم من التصرفات الطبية ما يمس سلامة جسدهم فضلا عن الاستيلاء علي اموالهم دون أي جدوي او نتيجه حقيقية انما هو طبيبا متجردا وبعمد بغيض من اخلاق المهنه بما يجعل استمرار ممارسته للطب قبول من المجتمع لاستمرار سلوكه المعيب المشين وقبول لبيعه الوهم للمرضي والحاق الاذي بجسدهم ونفسياتهم ومالهم ، وهو امر لايمكن بالطبع الادعاء بأن المجتمع ومواطنيه يقبلوه او يصمتوا عن ارتكابه وعن الاذية الناجمة عنه ..
هكذا اري ، ضرورة الرقابه الشعبيه الفعاله وضرورة المحاسبة الجديه سبيلا للحد من اخطاء الاطباء ولايبقي لي في هذا الامر الا ملحوظتين الاولي ضرورة ان يتخلص الاطباء من قيودهم المهنية وروح القبيلة التي تحكم سلوكهم تجاه بعضهم البعض ويتجاوزوا روح الالتزام المهني المطلق ليتمكنوا في شجاعه وحسم من تقيم بعضهم البعض وانتقاد بعضهم البعض وصولا الي انصاف المرضي ضحايا الاطباء ، هؤلاء الذين لايجدون طبيبا متخصصا يقف الي جانبهم ويدافع عنهم ويكشف بقوة وثقه قدر الاخطاء والاضرار التي حدثت لهم ، فمن المعروف للكافه – وهو امرا له بالغ الاثار السلبية - انه لايوجد طبيبا يقبل ان يخطأ زميله او يكتب تقريرا عنه يدينه ويصف سلوكه المهني بالتقصير او الخطأ او الاهمال رغم ان ذلك الامر هو الاساسي الواقعي الذي ستبني عليه محاسبه الاطباء المقصرين المخطئين وسيحسب علي اساسه قيمه التعويضات التي ستدفع للمريض ، فبغير ايمان الاطباء بأن محاسبه المقصر منهم وعقاب المخطأ منهم هي الاساس الحقيقي والواقعي لرقي مهنتهم وحفاظها علي مكانتها العريقة في المجتمع سيستمر الداء في الانتشار في جسد المجتمع بشكل فيروسي لا يمكن علاجه بكل اثاره السلبية وهو امر سيدفع الاطباء اول من يدفع ثمنه الباهظ !!!! الملحوظة الثانية الهامة والاخيرة ضرورة احترام الاطباء للمرضي وذويهم وذلك عن طريق انهاء التعالي المعتاد للطبيب الذي يدفعه الي زجر المرضي والغضب من كثره اسئلتهم واستبدال ذلك التعالي البغيض بسياسه المكاشفة والمصارحه بالوضع الحقيقي للمريض والنتائج المتوقعه للعلاج او العمليات الجراحية وهي المكاشفة التي ستجعل المريض واهله شركاء للطبيب في الاختيار والنتائج المترتبة علي ذلك الاختيار .. ها انا قد قلت ماعندي في هذا الموضوع ، انتظر قولكم !!!!
الجملة الاخيرة – " كان كهنه المعابد الفرعونية كهنة امون واتون هم الاطباء والحكماء والفلاسفة واصحاب الحقيقة المطلقة ومالكي صكوك الغفران وخبراء اسرار الموت والحياة وملاك مفاتيح البيوت الالهية واعتبروا طبقا للمدون في كتب التاريخ ان علمهم جزء من العلم الالهي المحجوب عن العامه وسر من الاسرار العظيمة التي لايحق للدهماء الاطلاع عليها" هكذا همس في اذني احد الخبثاء وهو يشرح لي فلسفه الطبيب المصري الذي ورث اسرار الكهنه وعلمهم الوفير وتعاليهم علي المرضي !!!! لكني لم اصدق هذا الشرح التاريخي للمشكلة التي نعيشها ومازلت ابحث عن سببها الحقيقي !!!
السطر الاخير - قال احد الاطباء المخلصين " علي الطبيب ان ينصت جيدا للمريض وشكواه ويأخذها بمنتهي الجديه ولايستهين بها مهما كانت تبدو غير معقوله او غير ممكنه " وهاانا اعبر لكل الاطباء عن شكاوي وشكوي كل المرضي وانتظر تشخصيهم وعلاجهم !!!
الكلمه الاخيرة - اخطاء الاطباء تقع علي البشر حياتهم وألامهم لذا فاهي اخطر الاخطاء واكثرها فداحه باعتبار ان البشر اغلي ما في حياتنا ، اليس كذلك !!!!
الاربعاء25 يناير 2006


ليست هناك تعليقات: