الجمعة، 3 أكتوبر 2008

"غدا يوم جديد !!!!! "


لم اشعر ابدا بالتشاؤم !!! ولم احس يوما باليآس او فقدان الامل لا علي المستوي الخاص في حياتي الشخصيه ولا علي المستوي العام بالنسبه لقضايا الوطن وعشت حياتي كلها اردد " غدا يوم جديد " واقتنعت دائما انه اذا اوجعني اليوم الذي اعيشه فغده سيلئم جراحي واذا اغضبني اليوم الذي احياه فغده سيصالحني ويجلب لي السعاده واذا ضاقت الدنيا في وجهي يوما كمثل ثقب الابره الرفيعه واوصدت ابوابها في وجههي نمت واثقه بآن الايام اللاحقه ستفتح لي احضان الحياه الواسعه الرحيبه وعشت حياتي كلها موقنه بان الليل مهما طال قصيرستنقشع ظلمته مؤكدا وان النهار مهما تآخر سيآتي حتما بضياءه الساطع وان كل مالا يعجبني في اليوم الاني سينقشع في الغد الاتي لانه يوم جديد سيآتي بالخير الذي انتظره وسيحقق الحلم الذي تمنيته وسيسعدني اكثر جدا من اليوم الذي اعيشه وكل الايام السابقه عليه !!! هكذا قضيت ايامي وسنيني متفاءله بالفطره لم اذق القلق المرير الذي يعاني منه الاخرين فيؤرقهم ويجافيهم بسببه النوم ويخوفهم ويبدد امانهم ويسرق طمآنينتهم ويعذبهم و يفترسهم احياء ويحول ايامهم لوجع مستمرويحول لحظات حياتهم لمعاناه سرمديه دائمه لا تنتهي ولم ادمن المهدئات والمنومات والادويه المضاده للاكتئاب ولم اعاقر الخمر او اتعاطي المخدرات لمعاونتي علي تحمل اعباء الحياه التي لايقوي الاخرين علي التفاعل معها وكنت استيقظ كل يوم من نومي سعيده بغير سبب محدد للسعاده فكل ماحولي وما اعيشه يسعدني فالعصافير مازالت تغرد علي الاشجار المورقه والشمس مازالت تسطع في السماء تزينها بخيوط ذهبيه براقه والهواء البارد مازال يلطم وجهي بانتعاشه ودفء البشر الطيبين اللذين لااعرفهم مازال يحتويني وامواج البحر مازالت تتدافع خلف بعضها تلهو برذاذه المنعش ونجوم السماء مازالت تسطع في الليل البهيم تبدد وحشته والقمر الفضي مازال يلهم الشعراء ويؤنس العشاق ويهدي التائهين ومازال الندي يتساقط فوق وريقات الاشجار وبراعم الزهور يطهرها بنقاءه ومازالت الرياحين فواحه باثيرها العطري ومازال الكروان يصدح بصوته الشجن ومازالت نغمات الناي تطربني ودقات البيانو تسعدني واوتار العود تستجلب البكاء العطوف من قلبي ومازالت براءه الاطفال ونقائهم يآسرني ومازالت قلوب المحبين تنبض وتنتفض فرحه ومازالت الوان الحياه التي كسي بها الخالق العظيم حياتنا براقه ساطعه تجمل حياتنا وتزينها وتفجر ينابيع السعاده بداخلي وتدفعني حين اخرج من منزلي للابتسام كالبلهاء في وجوه الغرباء احييهم بحميميه وعفويه تربكهم حتي تجرآ احدهم ذات مره وكور قبضته واصابعه ولوح بها بجوار رآسي كآنه يصفني بالجنون فازدادت ابتسامتي وشعرت شفقه عليه وعلي انسانيته المعذبه التي تحول بينه وبين التفاعل الصادق مع البشر ولو كانوا غرباء او مجانين واحسست بالرثاء علي حاله وهو الانسان الذي فقد القدره علي التواصل مع الاخرين ولم يري في سلوكهم الفطري ولو كان مجنون ما يسعد قلبه التعس !!! ولم ينال من تفائلي حزني علي موت امي او غضبي من ابنتي اذا رسبت في امتحانها او خبر خيانه زوج صديقتي لزوجته المحبه ولم ينال من تفائلي مااقرآه في الصحف والمجلات من اخبار تعيسه عن حال الوطن والمواطن ولم افقد ايماني بالمستقبل رغم كل مااسمعه واعرفه واعيشه من مشاكل ومتاعب وضغوط واخفاقات وفشل وهزيمه علي العكس ازداد تفائلي وثقتي في المستقبل كلما المت بي مشكله لان حلها وخروجي منها سالمه دليل عملي علي صحه قناعاتي وسلامه يقيني بآن " غد يوم جديد " وكنت اتصور بسذاجه مفرطه ان كل البشر مثلي فرحين بالضروره سعداء بالفطره هانئين بلا مجهود واثقين في المستقبل فكنت ابتسم في وجوههم العبسه ولا افهم سبب عبوسها وكانوا يحدقون في وجهي المبتسم بدهشه فلا افهم سبب اندهاشهم ولا يفهمون سبب سعادتي وبقيت طويلا لا ادرك سبب استنكار الاخرين لابتسامتي الواسعه ولم افهم سخريتهم المريره من كلماتي المتفائله واحسستهم معذبين باكتئابهم المرضي واحسوني مريضه بالسعاده البلهاء ،وقد تماديت في سذاجتي واستقبلت بغباء مستفز اسئله الاصدقاء والمعارف عن مبعث سعادتي ومبرر تفائلي وتفسير هروبي من الاكتئاب القسري الذي يعيشه الناس جميعا وكيف احس بمثلما احس من تفاءل وفرحه وبهجه والحياه في وطننا قاسيه وظروفها السياسيه معقده واحوالها الاقتصاديه ضاغطه وشئونها الاجتماعيه مضطربه ومتناقضه و " انتشار الفساد ومخاطر التوريث وانهيار الخدمات في الصحه والتعليم وتوحش الغلاء والخوف من رفع الدعم وانعدام العداله الاجتماعيه وصوريه المواطنه و.... " وسخر بعض المتفقهين من بلادتي وانا سعيده فرحه و" الشباب مش لاقي شغل ومش عارف يتجوز ومش عارف يسكن ومش قادر يعيش واللي بيهرب اما بيموت علي شواطىء ايطاليا او بيعيش في اسرائيل او بيتذل للكفيل و.... " واستنكر بعض المثقفين حالتي المزاجيه و" الصحفيين بيتحبسوا والانتخابات بتتزور والحكومه بتعمل مشروع قانون يلغي استقلال القضاة ..... " وهاجمني بعض العقلاء ووصموني بالجنون لانني سعيده متفائله و" الناس اخلاقها باظت وقيمها انحطت وانتماءها للبلد تلاشي وبقي كل واحد بيقول يالا نفسي واللي مالوش ضهر بينضرب علي بطنه و..... " وسآلني بعضهم باستنكار " هو انت مابتقريش جرايد وبتسمعي وتشوفي اللي بيحصل وماسمعتيش عن عضوه مجلس الشعب التي استقالت من المجلس واتجوزت وقعدت في البيت وان ده هزيمه للحركه النسائيه وتمكين المرآه!! " وتشاجر البعض معي غاضبا من حالتي المرضيه التي لم ادركها و" انت مش عايشه في الدنيا انتي مش دريانه ان الدنيا ولعت و الحديد غلي والاسمنت غلي وسوق العقارات ولع والبورصه يوم فوق وعشره تحت ورغيف العيش حيبقي بجنيه و..... " واكم شرحت للاخرين - وابتسامتي الواسعه تستفزهم وتستنفرهم وتستثير غضبهم - اني مثلهم جميعا اعاني من الحال الذي آل اليه الوطن واتعذب من كل ازماته الاقتصاديه والاجتماعيه الضاغطه الطاحنه واعيش مثلهم كل مشاكل الحياه اليوميه باختلاف اشكالها القاسيه واحزن غضبا علي ان الوطن الذي نعيش فيه لم يعد الوطن الذي نحلم به واحس غضبا من استنساخ عصور الانحطاط المملوكي في زمننا الحالي وتحكم بكواتها وجباه ضرائبها وجلاديها في رقابنا ومصيرنا ومستقبلنا واهاجم الحكومه علي تجاهلها للشعب ومعاناته واهاجم بعض الرجال لافترائهم علي النساء واهاجم عماله الاطفال واستغلالهم في الاعمال المنحطه واغضب من تصدير الشغالات المصريات للسعوديه والخليج واتمني انتصار فريقنا الكروي القومي واحلم واتمني واسعي لديمقراطيه حقيقيه للوطن وتداول واقعي للسلطه والحكم وفقا لاراده الشعب ورغباته واحلم بعداله اجتماعيه تنقذ الوطن من الانفجارات المريعه وتحافظ علي سلامه الاجتماعي وامن مواطنيه واسعي لتطبيق حقيقي للمواطنه يمنع التميز بين المواطنين بسبب الجنس او اللون او الديانه و اتمني تعليما متطورا للاطفال وعملا حقيقيا للشباب وامانا واقعيا للنساء واستقلالا واصلاحا للقضاء و" باتخنق " من ازمات المرور المستمره واتوتر من ازدحام الشوارع والطرق وانفلات السائقين واخاف من حوادث الطرق واحزن علي ضحاياها الابرياء واعاني من الغلاء المفترس وارتفاع الاسعار المتوحش واكره برامج التلفزيون التافهه واصم اذني عن الاغاني التافهه واقاطع السينما الهابطه وامتنع عن قراءه الصحافه الصفراء ومجلات الفضائح واهاجم مجتمعات النميمه التي تغتاب الاخرين وتلوث سمعتهم وشرفهم بضمير ميت وقلب بارد و اني مثل جميع المصريين احارب علي كل الجبهات الممكنه في الشارع والبيت والعمل ومع الاخرين ومع الحكومه ومع نفسي لكني ورغم كل شيء اؤمن بآن " غدا يوم جديد " وان الغد الاتي سيحمل في رحمه لهذا الوطن كل الخير وان مستقبلنا سيآتي جميل وان الدنيا بتتغير " لقدام " وان حركه التاريخ لا تعود للخلف وان هذا الشعب بمواطنيه المخلصين " الجدعان " الطيبين الباذلين لكل الجهد الراغبين في الحياه المحبين لها سيغيروا الدنيا وحياتهم لصالحهم وصالح احلامهم وامانيهم ولو بعد عشرات السنين وانه اذ كان النيل مازال يجري شريان حياه نابض في قلب الوطن ومازال الهرم شامخا شاهدا علي حضاره عظيمه لايمكن اندثارها ومازال الازهر مضيئا تشق مآذنه السماء وعنانها ومازال المصري " جدع وابن بلد وطيب القلب وصاحب صاحبه " ومازال صوت ام كلثوم يدوي في قلوبنا فآن هذا الوطن سيظل بخير وسيشهد اياما عظيمه وسيعيش مواطنيه اياما سعيدا تتحقق فيها كل مصالحهم وامنياتهم واحلامهم ... حاولت اشرح للاخرين ان حبي للوطن وايماني بمواطنيه يطمئنني علي مستقبله وان شبابنا المحب للوطن المنتمي له - ومااكثره - المستعد للدفاع عنه بحياته وعمره يؤكد لي ان المستقبل الذي سيبنيه هذا الشباب ولو بصعوبه او مشقه او بعد جهد جهيد سيكون مستقبلا عظيما للوطن ولهم ، حاولت اشرح للاخرين ان تفائلي بالحياه التي اعيشها لا يعني اني لا اراها ولا يعني انني لا افهمها ولا يعني انني " باستعبط " !!، حاولت اشرح لهم ان تفائلي بالحياه ينبعث من قناعه يقينيه بآن " غد يوم جديد " وان " بكره احلي من النهارده " وان " اجمل الايام التي لم تآتي بعد " وان الموتي والمكتئبين والمحبطين لا يصنعون التاريخ ولا يغيروا في مساره قيد انمله وان الوطن يحتاج لكل تفاءلنا حتي نقوي علي بذل الجهد الذي يستحقه ويليق به و.... لكنهم لم يفهموا حديثي ولم يصدقوه وغرقوا في اكتئاباتهم المرضيه يقتاتون الحزن ويدمنون القلق القاتل ويتبادلون اليآس والاحباط ولا يخلعون نظارتهم السوداء تعمي بصيرتهم فلا يشعرون بما يحدث في هذا الوطن ولا يرون جمال بشره ومواطنيه ولا يسمعون صوت ارادته ولا دبيب خطواته علي طريق المستقبل !!! ولانني لم اشعر بالتشاؤم ابدا ويجري التفائل في دمي وينبض به قلبي فها انا اقول لكل المتشائمين المحبطين اعضاء حزب الغربان الناعقه ان هذا الوطن وكل مايحدث فيه وكل ما يمر به وكل مايتعرض له انما يفجر طاقات التفاءل في نفسي ويدعم الامل في قلبي اكثر واكثر ويؤكد لي " ان غدا يوم جديد !! وفي الاغلب " يوم جميل !!! "
الفقره الاخيره - سآلني احدهم " يعني ننام بقي والدنيا حتتغير للاحسن ؟؟؟ " ابتسمت له لا اوافقه " هو ياتنام ياتكتئب ماينفعش تعمل حاجه تانيه مفيده ؟؟؟"
الجمله الاخيره - سآلني احدهم " يعني عاجبك اللي بيحصل حولينا ؟؟ " شددت شعري وناشدته خلع النظاره السوداء وقراءه مقالتي من بدايتها عله يجد اجابه سؤاله الاستنكاري الذي لا ينتظر له اجابه !!!
السطر الاخير - سآلني احدهم " انت متفائله فعلا ؟؟؟ " ابتسمت ابتسامه واسعه استفزته بشده وشرحت له " الحياه فيها مليون الف حاجه تدعو للتفاءل المشكله في عينك انت !! " لم يفهم اجابتي وكنت واثقه انه لن يفهمها ....
الكلمه الاخيره - احب هذه الحياه واعشق هذا الوطن واؤمن بقدرات مواطنيه واصدق كتب التاريخ التي تقص علينا سيره الشعوب التي تعثرت ثم قامت من كبوتها وغيرت الدنيا وكلي ثقه في الايام القادمه والمستقبل و........ تفاءلوا بالحياة التي تكره المتشائمين ولا تمنحهم الا ما يزيد يآسهم وقنوطهم وبؤسهم !!
نشرت في روز اليوسف بتاريخ ٢ يناير ٢٠٠٨


هناك تعليق واحد:

اميرة بهي الدين يقول...

نشرت هذا المقال علي الفيس بوك فجائتني تلك التعليقات ..


Vivian Mourad wrote
at 3:13pm on January 2nd, 2008
مقالتك دى يا استاذة اميرة بتفكرى بجملة حد قالها لي وانا مدينه ليه بالكتير لان الجملة دى غيرت فيا كتير وهى :
ان السعادة "حرفة" وعشان تكون انسان سعيد لازم تتعلم حرفة الشعور بالسعادة لان ما اسهل الاستسلام للواقع المرير وخصوصا مع كل المنغصات الى في بلدنا
انا معاكى تماما في كل كلمة حضرتك قولتيها ولانى بجد قررت انى اكون "صبي" واتعلم اكون سعيدة
كل سنة وانت وكل الى بتحبيهم بخير ويارب السنة الجايا تكون احلى واحلى


Mona Abolnaga wrote
at 10:26pm on January 2nd, 2008
أنا عايزة أصدقك و يكون عندى نفس يقينك ان بكرة أحلى من النهاردة و ان أجمل الأيام التى لم تاتى بعد..ولكن هذا يحتاج لصلابة نفسية شديدة جدا مش دايما الواحد بيتمتع بيها..عارفة ا أميرة انتى بتفكرينى بالشعب اللبنانى اللى ينضرب ويقوم يسهر ويلبس ويتشيك انت طبعا نموذج مستفز للشخصية المصرية لأننا شعب نكدى بالسليقة و نموت فى الحزن والخميس و الأربعين وكل الغم ده..انما الجميل فيك انك بتشعى تفاؤلك على الآخرين وبتعرفى تعيشى الحياة ..كل سنه وانت متفائلة وجميلة و مشرقة


Sammar El-Sawi wrote
at 5:08pm on January 10th, 2008
now i know where i got this from :D


Manal Fahmy wrote
at 11:02am on February 10th, 2008
ينصر دينك... مش عارفة ليه ده إحساسى ..فعلا حماسك معدى... ده مش تفاؤل ولا هى سعادة لأ ... إنتى بتحاولى تاخدى بإيد الناس الأقل حظا منك إلى ماقدروش يحققوا المعادلة الجميلة بتاعتك... بس يا أميرة الناس معذورة الميديا والحياة اليومية بتطحنهم... وفعلا زى ما فيفيان قالت الموضوع محتاج تدريب وإرادة إننا نتفاءل ونستفيد من الروح الإيجابية دى بإننا نعمل حاجة...
تصويرك للجمال معبر كأنك واخدانى من إيدى وبتفرجيه ليه فى الواقع... شكرا ليكي يا أميرة..