الجمعة، 3 أكتوبر 2008

" شقي الرحي ..... "


احس " قرفا " رهيبا هذه الايام ، فالاجواء السياسيه العامه " تقرفني" وكم الضجيج المسيطر علي كل كل اعلامنا والفضائيات وصحفنا ومجلاتنا بل والشارع ذاته "يقرفني اكثر " ويحاصرني بشعارات عاليه الصوت صاخبه مدويه الاصداء لااصدق قائليها ولا اصدق تصديقهم لها واري بجلاء حقيقه مقاصدهم وواضح رغباتهم ودفين اهدافهم التي لا يعلنون عنها ولا يجهرون بها فالامر - كما اراه واحسه وافهمه - لا يعدو كالعاده الا " لعبه قط وفار " مع الحكومه عملا بمنطق "عدو الحكومه عدوي واحراج الحكومه نصر لي والنيل منها منتهي املي" اما ماذا سيحدث بعد هذا ف" مش مهم" او كما يقول البعض و" ان شالله البلد تولع !!!! " والحقيقه انا لا اقبل هذا المنطق ولا استثيغه مهما كانت مبرراته السياسيه او القوميه او الدينيه قويه او منطقيه او تحظي بالاعجاب الجماعي اوالتوافق الشعبي الفطري ولا ابلع طعمه مهما كان حلوا او عذبا توقيا وانتباها لطعم " السم في العسل" الذي يدسه البعض لنا خداعا ونفاقا كذبا وكرها وجبنا فيزينون لنا الافخاخ القاتله بالاغضان الخضراء ويقدمون لنا الموت المعسول في صحاف من فضه تخطف ابصارنا وتعجبنا لكنها في النهايه تقتلنا شر قتله وتضيع الوطن وامانه وسيادته وتهدر سلامه وامن مواطنيه فضلا عن هذا فانا اكره النكته المريره التي يرددها الناس سخريه من " بلدينا " الذي اراد " تخويف مراته فحرق وجهه بميه نار !!!" فدفع هو اول من دفع ثمن رغباته الشريره الساذجه ، لذا اقف كثيرا امام مايحدث في هذا الوطن اتآمل تداعياته واراقب اثاره وامد " خطوطه " علي استقامتها فلاري الا مستقبلا غابرا تشتعل فيه النيران في ثوب الوطن وتحرقنا جميعا واكاد اسمع نعيق البعض فوق الاطلال المحترقه واكوام الجثث المتفحمه فرحا مرحا سعيدا بما اقترفته اياديه الخضراء في هذا الوطن راضيا عن شعاراته السياسيه سعيدا بتحركاته التنظيميه التي اسفرت نجاحا رهيبا وتفوقا عظيما بحرق اعلام الوطن وراياته ونظامه وامنه ومكنته من اعتلاء قمه الوطن المحترق يحكمه ويتحكم فيه !!! واخطر ما يواجههنا هذه الايام و " يقرفني جدا " ذلك الانقسام الحاد والتقسيم المتعمد والفرز القسري الذي تقوم به المعارضه السياسيه من جهه والحكومه من جهه اخري حين يرفعون سويا وفي نفس الوقت ولاهداف مختلفه شعارا وحيدا "هلتري" الملمح مفاده " من ليس معي فهو علي " وهو شعار قاهر طاغي مستبد يفرز الناس فرزا تعسفيا غبيا فاذا لم تؤيد المعارضه - باختلاف فصائلها واتجاهاتها السياسيه والعقائديه والفكريه - في كل ما تقوله كل ما تقوله دون ثمه اختلاف او تميز فانت حكومي عميل تآكل علي موائد الحكومه او تنتظر فتات ولائمها او تنظر بعين الامل لمقاعد لجنه سياساتها فسرعان ما سينهال " الطوب الصديق " فوق رآسك ويزآر الكورس القوي المنظم في وجههك باغنيات الغضب العاصف ترعد فرائصك وتهددك وتردعك بعنف وحده وقوه ولا "تلوم الا نفسك " واذا لم تؤيد الحكومه في كل ما تفعله وما تقوله ومالا تقوله وتسلم لها نفسك وقلبك وعقلك طائعا صاغرا وتدافع عنها في الحق احيانا وفي الباطل كثيرا واذا لم تهاجم مهاجميها وتنتقد معارضيها وتصرخ في وجه المختلفين معها في اي شيء وكل شيء واذا لم تبذل مجهودا في التنقيب عن ماضي المختلفين او حتي غير المؤيدين لها والكشف عن عوراتهم وفضائحهم وتناقضاتهم وابراز نواقصهم فانت لا تحب البلد ولا تستحق العيش فيها وسيرتك وسمعتك وكل تاريخك ان لزم الامر مستباحه ومباحه للنبش فيها و" اللي بيته ازاز مايحدفش الناس بالطوب " !!! وهكذا حوصر ملايين الملايين من المواطنين المخلصين محبي الوطن المهتمين بمصلحته العاشقين لترابه بين شقي الرحا لا يتفقون مع المعارضه ولا يجهرون بالاختلاف معها ولا يؤيدين الحكومه ولا يعلنون اختلافهم معها ورفضهم لها من منطق " السلامه " و" الباب اللي يجي لك منه الريح سده واستريح " فلم يعد في الساحه السياسيه العامه الا الضجيج المتبادل والصراخ المستمر و" المعايره " المهينه بين قطبي الصراع السياسي والفرقاء السياسين وصمتنا جميعا غيظا وكمدا وقهرا وابتزازا للذات وخضوعا للرقابه الداخليه اللعينه التي " قصت السنتنا من لغاليغها " وتطبيقا للشعار السلبي العظيم " وانا مالي " !!!! واكم من قضايا ومشاكل وشعارات طرحت علي ساحه الوطن صمت امامها الجميع وناموا طواعيه بين شقي الرحا بسلبيه عمديه اختيارا للسلامه قبل كل شيء !!! ولكني " قرفت " جدا مما يحدث وتعبت من الصمت واستبد بي القلق علي مستقبل الوطن الذي يتلاعب به الجميع دون اي احساس بالمسئوليه ودون تقدير لخطوره ما يفعلوه يسيطر عليهم هاجس واحد وحيد الا وهو الانتصار الساحق علي بقيه الفرقاء حتي لو كانت النتيجه المتوقعه هي الانتصار السياسي الساحق وضياع الوطن وبمعني اخر "العمليه نجحت والعيان مات !! " ولانني اعرف قدر خصومتي مع الحكومه وقدر اعتراضي علي سياساتها في جميع المجالات المختلفه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه واعرف سبب غضبي منها ومبرراته في انها لاتنحاز للشعب وطبقاته الفقيره انحيازا واضحا وانها تنحاز للطبقه " العليوي" من هذا المجتمع فتمهد طرقهم وتزين احيائهم وتعلم ابناءهم وتفتح لهم باب الترقي والنجاح وتمكنهم من الاستحواذ علي كل الفرص في جميع المجالات العمليه والمهنيه بل وتفتح لهم حضنها وتنتقي خيره ابناء الطبقه " العليوي" لتقعدهم معها علي مقاعدها وتترك لهم " عصاه المايسترو " يقودون بها الاوركسترا يصموا آذان الشعب المتعب المكافح الذي لا يجد فرصه في الحياه ولان الحكومه بهذا الانحياز انما تدوس علي رقاب ملايين الملايين من المصريين الذين يكافحون في كل لحظه وثانيه من ايام حياتهم ليعيشوا حياه كريمه محترمه عادله ولاني اعرف ايضا قدر اختلافي مع فصائل المعارضه السياسيه العلنيه والسريه المشروعه والمحظوره تلك المعارضه التي يتشاجر قادتها مع بعضهم البعض حول رئاسه احزابها و احتلال مقراتها و السيطره علي صحفها الي حد التراشق بالاعيره الناريه وتبادل تهم العماله والخيانه والتفريط تلك المعارضه العاجزه بحقيقي عن حشد الناس المتعبه خلف شعاراتها السياسيه الزائفه والتي تستغل حنق الناس وضيقهم بالحياه وغضبهم من احوالهم المترديه الصعبه فتجيشهم خلفها وتسير بهم خداعا ووهما للمصير الاسود الحتمي مثلما سار الزمار بسرب الفئران حتي حافه الهاويه مغيبين فاقدي الوعي بالكارثه التي دفعوا اليها دفعا علي نغمات الناي القاتل ،تلك المعارضه المعزوله داخل مقاراتها الحزبيه وداخل صفحات جرائدها السياسيه التي تعقد صفقات تكتيكيه مع بعضها البعض رغم الخلافات الايدلوجيه العنيفه ورغم الكراهيه الدفينه ورغم الخناجر المخبآه خلف ظهور الجميع يتحين كل منهم الفرصه المناسبه لقتل بقيه "الاعدقاء" والانفراد بال" كيكة" وحده بعد تحقيق الانتصارات الجماعيه الرهيبه التي ستضيع ستطيح بالحكومه وتضيع دماء الوطن بين القبائل ، ولانني مجرد مواطنه مصريه مثل ملايين المواطنين ابناء هذا الوطن الصامتين امام مايحدث فيه عزوفا وغضبا التائهين بين اقدام الحكومه واقدام المعارضه في المباراه المستعره بينهما ولانني محبه لهذا الوطن وعاشقه لعلمه ورايته ومؤمنه بتاريخه العظيم وانتمي لشعبه المكافح الطيب الجدع العظيم واحبه حبا عظيما ولانني لم اغادر هذا الوطن ولن اغادره ابدا واحلم لبناتي فيه بايام افضل مما عشناها وسنعيشها ولانني اتمني من الحكومه ان تحب شعبها الذي تحكمه واتمني من المعارضه ان تحب وطنها الذي تكافح من اجله واتمني ان يتخلصوا جميعا حكومه ومعارضه من مصالحهم الانيه الضيقه التي لن تحقق ابدا صالح هذا الوطن ولا صالح ابناءه ولان الحياه بها مليون لون ولون غير " الاسود والابيض " اللذين حوصرنا فيهم طويلا ولان " العمر واحد والرب واحد " ولان الصمت يؤلم اكثر من الم رشق النبال الصديقه الذي يقذفك به الرماه السياسين المهره ولان الصمت يخجل اكثر من كشف العورات بواسطه المقالات الحكوميه ولانني لا اقبل ولن اقبل ابدا ان " البلد تولع " ولانني استيقظ كل يوم من نومي مرهقه من كثره الكوابيس لااجد الحكومه احبت شعبها ولا اجد المعارضه احبت وطنها ولانني "قرفت " جدا جدا من كل مايحدث حولي فقررت التعبير عن هذا "القرف" الجارف في مقالتي اليكم لا انقل اليكم معلومه ولا اخبركم خبرا ولا احلل مضمون ولا اسعي لشيئا معينا الا مشاركتكم في "قرفي" هذا احتجاجا علي كل ما يحدث حولي وحولكم !!!!!
الفقره الاخيره - اتعاطف مع شعب غزه في حصاره لكني لا اقبل ابدا تجييش النساء علي حدودنا وضرب اسوارنا والاعتداء علي جنودنا وضباطنا وسيادتنا الوطنيه فكرامه الوطن فوق كل اعتبار .... وانا هنا لا اؤيد الحكومه ولا اعارض المعارضه ولم اتجرد من انسانيتي و" يصعب " علينا النساء الملتاعه والاطفال الجوعي والمرضي المعذبين واتعاطف مع الاشقاء العرب والمسلمين المحاصرين في غزه ولكن .... كرامه الوطن فوق كل اعتبار !!!
الجمله الاخيره - اهتممت بالسياسه حبا في الوطن وشعبه الجميل ... واعتنقت ما اعتنقته من افكار سياسيه واجتماعيه حبا في الوطن وشعبه المكافح ... ودافعت عما دافعت عنه حبا في الوطن وشعبه الجدع .. ولااتصور ابدا ان تقودني افكاري السياسيه او قناعاتي الفكريه لتدمير الوطن وامانه وسلامه وامان مواطنيه وسلامهم ... والا " يبقي فيه حاجه غلط " !!!
السطر الاخير - يامن تكرهون الحكومه وتبررون في كراهيتها كل شيء سيآتي يوما يحاسبكم الشعب انكم لم تحبوه وانكم استخفيتم بامانه واستقراره علي مذبح السياسه اللعين !!!!
نشرت في جريده روز اليوسف في ٣٠ يناير ٢٠٠٨

ليست هناك تعليقات: