الاثنين، 27 ديسمبر 2010

هل اصرخ في الخلا ؟؟؟؟؟





في بداية هذا العام الذي يلملم أوراقه ويرحل، في يناير 2010 أصدرت سبعة كتب باسم مدونات أميرة بهي الدين، سبعة كتب متنوعة المواضيع، ثلاثاً منها من مدونة "قوس قزح ملون" باسم "أنا والوطن وخمسين عاما" و"طبعا ذنب الحكومة" و"نفسي الدنيا تصالحنا" واثنين منها من مدونة "ياما دقت علي الراس طبول" باسم "الرقص علي نغمات الهزيمة المعتادة" و"روج احمر لامع".
واحد منها من مدونة "الشوارع حواديت "باسم" سيدة محترمة دخل إليها من نافذة الحلم" والأخير باسم "ضل راجل ولا ضل حيطة" وعنوانه هو نفس عنوان المدونة التي نشرت فيها دراساته ومواضيعه.

وكانت السبعة كتب حصيلة تجربة التدوين علي الإنترنت لمدة عامين تقريبا، فضلا عن نشر مقالتي التي أكتبها أسبوعيا منذ أغسطس 2005 في هذه الجريدة والتي كنت انشرها ايضا علي مدونة "قوس قزح ملون" علي الإنترنت أسبوعيا ولا اكتفي بنشرها في الجريدة...

وما كنت لأنشر تلك الكتب لولا ألح علي أصدقائي وقرائي علي الشبكة العنكبوتية سواء في موقع الفيس بوك أو زائري المدونات ومتابعيها بضرورة النشر وعدم الاكتفاء بترك تلك الكتب علي صفحات الفراغ الإنترنتي بل ضرورة تحويلها لكتب ورقية لتصل لقراء أكثر مما يترددون علي الإنترنت و لمنح القارئ حرية القراءة مكانا وزمانا، فالقراءة علي الإنترنت ذات شروط صعبة قد لا تتوافر لكل القراء.

وفكرت كثيرا وشاورت كثيراً من الأصدقاء المخلصين وتناقشت مع الناشر الذي تحمس لكتابتي التي تنتمي لكتابات الجنس الأدبي الجديد "أدب المدونات" وكانت النهاية لكل هذا، نهاية مفرحة بصدور الكتب وعرضها في معرض الكتاب في يناير 2010 ...

عندما نشرت تلك الكتب السبعة، وصارت أمام عيني حقيقة واقعة، اضطرب قلبي فرحا، فهاهو حلم الصبا يتحقق والكتابة التي أحبها ولا امتهنها صارت واقعا ملموسا تترجم في سبعة كتب أضيفت للمكتبة العربية.

لكن خدر الفرحة الأولي بصدور الكتب حقيقة ملموسة في يدي وأمام عيني لم تستمر طويلا، نعم فرحت بصدور الكتب لكني انتظر بشغف محموم نوعا آخر من الفرحة، هي فرحة التواصل مع الكتب من القراء بالأساس ومن النقاد الأدبيين من ناحية أخري.

ففرحة النشر لا تكفي للكاتب ليعيش ويكتب، فرحة النشر مرحلة أولي من احلام الكاتب، إما بقية الأحلام وأهمها هو تواصل القراء مع تلك الكتب، تواصل القراء معها بالقراءة والانتقاد والاعجاب والحب وربما حتي النفور، قراءة الكتب وتواصل القراء معها هي أهم احلام الكاتب، فبغير قراء لا معني لكل ما نكتبه!

وانتظرت بعض الوقت، كالعادة أن تجد الكتب صداها خارج الدوائر الضيقة التي اعيش فيها سواء المعارف الشخصيين والأصدقاء، ربما يقرؤها ناقد ويكتب عنها هنا أو هناك، لكن الانتظار محبط للروح والعزيمة، فقررت أن ألقي الامر خلف ظهري واعود لحياتي بكل تفاصيلها، واقنعت نفسي بأني "عملت اللي علي" وقت كتبت ووقت اصدرت الكتب، أما قراءتها والكتابة عنها فهذا شأن آخر لا يخصني.

وعدت اكتب من جديد في المدونات وانشر في الفضاء ويقرأ لي الكثيرون، ممن تتزايد أعدادهم كل يوم، يطرقون باب المدونات ويتركون تعليقاتهم وكلماتهم ويرحلون دون أن يترك بعضهم حتي اسمه، ليس مهماً من هو، المهم انه زار تلك المدونة أو تلك وقرأ موضوعا أثار شغفه واعجبه فترك زهرة نضرة علي باب المدونة تقول مررت من هنا واعجبتني كلماتك و"باي باي".

استمرت اكتب ومن بين كل حين وآخر، ألقي نظرة علي الكتب السبعة وأسأل الناشر عن حركة البيع فيطمئنني بان الكتب مطلوبة والسؤال عليها يتزايد و..... أصدقه بالطبع.
فالناشر يرد علي من واقع أرقام وحسابات، لان النشر في البداية والنهاية من وجه نظره عملية تجارية لها أسس وحسابات اقتصادية، أنا اكتب والكتب تباع والناشر سعيد ونستعد أنا وهو لاصدار كتب جديدة بعد عدة اسابيع قليلة لكن.... النقاد الادبيين لم يسمعوني صوتهم ولم يقولوا كلمتهم في تلك الكتب لم يحبوها أو يكرهوها، لم ينتقدوني لاطور كتابتي أو اكف عنها أو أغير أسلوبي أو أعالج أخطائي.

النقاد الأدبيون لم يسمعوني صوتهم ولم يكتبوا حرفا واحداً تلك الكتب السبعة لمدة عام كامل! هل انا "مستعجلة" كما يقول البعض، فالنقاد لا يكتبون عن الكتب ألا بعد مرور زمن طويل من اصدارها!
هل أنا "طموحة" زيادة عن اللزوم، فمن أنا ليكتب النقاد الأدبيون عن كتبي فهم لا يكتبون إلا عن الأسماء الكبيرة التي يعرفونها ولست منهم!
وسألني أحدهم، هل يطالع النقاد الأدبيون، الكتابات التي تنشر أساسا علي الانترنت سواء نشرت بعد ذلك في كتب أو لم تنشر!

وهذا هو السؤال الاهم الذي استوقفني! لم يستوقفني من أجل كتبي التي صدرت والتي ستصدر فقط، بل استوقفني لأن فعلا حركة الإبداع الجميل وجدت مجالها الحر في مدونات الانترنت، الكثيرين، عشرات مئات ربما ألوف، من المبدعين والمبدعات، نساء ورجال، شباب وكبار، جميعهم ولاسباب كثيرة، أطلقوا لخيالهم وحريتهم العنان في ذلك التدوين، مدونات كثيرة يكتب ءصحابها علي الإنترنت.

قصص أدبية وشعر فصحي وعامي ومقطوعات نثرية، الفضاء الإنترنتي مليء بكنوز الابداع المصرية، صفحات كثيرة يملؤها المبدعون المصريون علي الإنترنت بكلماتهم كل يوم، وكانها أوراق بردي جديدة يكتب فيها وعلي المبدعين والمبدعات المصريين تاريخهم، يقولون للحياة، هنا عشنا وهنا كتبنا وهذه آثارنا نتركها للحياة!

هل يتابع النقاد الأدبيون المتخصصون ذلك الإبداع المصري الجميل المنشور في صفحات الشبكة الانترنتية! سؤال مهم فكرت فيه في البداية بحثا عن آراء النقاد في كتبي، التي تحولت لكتب مطبوعة ولم تقف عند مرحلة النشر الإنترنتي، لكنه فتح أمامي موضوعا مهماً عن علاقة النقاد والمتخصصين والمهتمين بالإبداع المصري وماينشر علي الانترنت، هل يعتبره النقاد "لعب عيال".
هل يعتبرونه "فش غل"، هل يعتبرونه "لا يرقي لمرتبة الأدب التي يهتمون بها"، هل يعتبرونه "كلام فاضي" لا يستحق المتابعة والاهتمام!

لا اعرف كيف ينظرون للأمر ولا كيف يفكرون فيه، لكن كل ما اعرفه أن الفضاء الإنترنتي مليء بالمدونات التي يكتبها ويكتب فيها مصريون ومصريات وينشروا ابداعهم الجميل في مساحات الحرية التي انتزعوها لأنفسهم ليقولوا ويبوحوا ويبدعوا... وعمار يامصر....

واعود لكتبي.... انتظرت ومازلت انتظر تواصلا بين النقاد وبينها، فإذا كان الكاتب بلا قارئ كالحياة بلا بهجة، فالكاتب بلا نقاد كالحياة بلا نظام ونحن نحتاج لحياتنا كي نعيش، نحتاج البهجة ونحتاج النظام وإلا تحولت الحياة لهم موحش مليء بالفوضي بلا أي معني.

هل مفروض ألا اكتب عن كتبي التي ألفتها واترك الحديث عنها لآخرين، كنت فعلا قررت منذ لحظة إصدار تلك الكتب لا اكتب عنها، فعلاقتي بها تنتهي وقت دفعها للمطبعة والتوقيع علي بعض نسخها في حفل كبير استحدثه الناشرون كتقليد احتفائي بصدور الكتب وخروجها من المطبعة للمكتبة!

لكني لم اكتب عنها ولا استطيع، لقد تذكرتها عرضا بمناسبة افتقادي وافتقاد الكثيرين من الكتاب ومؤلفي الكتب لكلمات النقاد وآرائهم سواء نشرنا كتبا ورقية أو نشرنا "علي الانترنت" نفتقد كلمات النقاد ونتمناها تناقش كلماتنا ومواضيعنا وأحرفنا.. و... هل يسمعني إحد ام أني اصرخ في الخلا؟

نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه الاثنين 27 ديسمبر 2010

ليست هناك تعليقات: