الاثنين، 25 مارس 2013

مما قرأت لكم .... هم شركاؤنا

الجيش خطط للإطاحة بمبارك قبل سنوات.. والسيسي مهندس عملية التنحي
عمر قناوي يفجر المفاجأة : ثورة 25 يناير «ليست عفوية»


القاهرة - علي مقلد 

فجر الصحافي والناشط السياسي المصري عمر قناوي مفاجأة من العيار الثقيل ربما تعيد كتابة تاريخ ثورة 25 يناير بشكل مغاير لما تتناوله بعض الأقلام أو يزعمه بعض السياسيين والنشطاء حيث كشف قناوي في كتاب أصدره مؤخرا أن الجيش المصري شريك أساسي في الثورة، ليس لأنه قام بحمايتها أو تبنى مطالبها، بل أنه خطط منذ العام 2006 للإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك والقضاء نهائيا على مشروع توريث السلطة من الرئيس السابق لنجله جمال، عن طريق ثورة شعبية على غرار ما جرى في 25 يناير.

يبدأ عمر قناوي كتابه «خبرني العندليب» بالعودة إلى أحداث مظاهرات 2005 التي نظمتها وحشدت لها حركة «كفاية» وفيها اعتقل المؤلف مع بعض من الصحافيين والنشطاء ثم أطلق سراحه، ويرى أن هذه المظاهرات كانت بداية الحراك السياسي الثوري ضد نظام مبارك ثم يعرج قناوي مباشرة إلى أصل الحكاية فيقول إنه في نهاية 2005 أو 2006 تعرف على شخص يبدو من وصف قناوي أن هذا الشخص الذي ظل يرمز له حتى نهاية كتابه باسم «الصديق» هو مسؤول في جهاز سيادي وقد حدث التعارف عن طريق مكتبة بوسط القاهرة كان قناوي يديرها في تلك الفترة وهي مكتبة نخبوية لها جمهورها الخاص من المبدعين والسياسيين يقول المؤلف» كنا نتناقش ذات يوم عن مشروع التوريث ومصير مبارك، فكان اللافت أن «الصديق» يبدو واثقا من أن «هؤلاء» في إشارة إلى أركان نظام مبارك ستكون نهايتهم مأساوية، وفي أحد اللقاءات أكد بثقة أن هتافنا في المظاهرات يقصد تلك المظاهرات التي اندلعت منذ 2005 «واحد اتنين.. .الجيش المصري فين» قد لقي صدى عند قائد كبير في المؤسسة العسكرية وأن هذا القائد منع بيع أحد البنوك وتدخل أثناء اجتماع مجلس الوزراء إبان حكم مبارك وقال لهم ما معناه «بعتوا البلد بما فيه ومافيش بيع تاني» يقول قناوي تلك الرواية أكدها اللواء محمد العصار عضو المجلس العسكري عقب الإطاحة بمبارك ليتضح بعد هذه السنوات أن القائد الذي تحدث عنه «الصديق» هو المشير محمد حسين طنطاوي.

يصل قناوي إلى النقطة الأبرز في كتابه والتي حولها تدور بقية الصفحات حيث يقول «كنا في لقاء من لقاءاتنا المعتادة وتسللت السياسة إلى الحوار وبهدوء أخرج «الصديق» ورقة وخطط أمامنا على الطاولة قائلا «عمر في حاجة كبيرة بتترتب لهم يقصد- نظام مبارك - أنت وأصحابك جزء منها أيمن نور- رئيس حزب الغد وكان مسجونا وقتها واللي معاه جزء منها الصحافي إبراهيم عيسى وجمهوره جزء منها، و«الإخوان» هيكونوا جزءا منها، حاجة كبيرة وهيشارك فيها الآلاف وفي ناس معاك في الموضوع ده ممكن تكونوا بتتقابلوا وبتسلموا على بعض في الشارع ولا أنت عارف ولاهم عارفين أنكم كلكم هتشاركوا في الحاجة الكبيرة دي» يقسم قناوي أن هذا الكلام حدث نصا عام 2007 كان شيئا أسطوريا ولم أكن مصدقا لما قاله «الصديق» واعتبرته يشطح شطحا كبيرا.

يتطرق المؤلف إلى نقطة ربما تذكر لأول مرة بهذه الطريقة حيث يشير إلى الحرائق التي ظهرت في القاهرة صيف 2008 مثل مجلس الشورى والمسرح القومي وسينما مترو وبعض البنايات بوسط القاهرة يقول قناوي «في هذه الفترة قابلت الصديق وأثناء جلوسنا جاءته مكالمة على الهاتف فرد.. وقال بابتهاج: ثبتت الرؤية خلاص؟ الحريق الجديد بكره؟ فين المرة دي؟ في القاهرة؟ تمام!!!.. يقول قناوي» لم أكن أصدق ما أسمع، أنهى المكلمة وعدنا لحديثنا وقال مبتهجا «علي الزيبق-الثائر الشعبي المصري الأسطوري ضد حكام المماليك- اشتغل لهم بالشفا يا ولاد الـ..» يسترسل عمر ويؤكد أن الغريب في الأمر أن حريقا حدث بالفعل في التوقيت الذي قاله الصديق وهو ما يؤكد أن ثمة صراعا على السلطة قد تفجر بقوة بين أركان دولة مبارك قبل الثورة بعدة سنوات وأن ما حدث في 25 يناير لم يكن عفويا.

يأخذنا عمر قناوي إلى الأيام الأولى من عمر الثورة ويسرد مارآه بعينيه منذ اليوم الأول والمعارك الضارية التي خاضها هو ورفاقه للتمكن من دخول ميدان التحرير والسيطرة عليه ويذكر مشاهد باتت معلومة للمتابع للشأن المصري ثم يفاجئنا بالعودة إلى «الصديق» وذلك خلال اتصال دار بينهما يوم 30 يناير 2011 وذلك عقب عودة الاتصالات بعد قطعها لعدة أيام حيث قال «مبروك الثورة نجحت، طنطاوي وعنان خلصوا الموضوع هما مثبتين مبارك علشان يسلم السلطة كلها أيام ويتنحى خلاص...سيبك من الصور التي بثها التلفزيون المصري لمبارك وطنطاوي وعنان مجتمعين دي مناورات» يذكر عمر أنه لما تحقق من كلام «الصديق» قال قناوي له «الموضوع ده مش «فيسبوك» انتم لاعبينه معانا صح من الأول» قال الصديق «بدأت تفكر بشكل سليم،بس تكمل على خير ونتكلم».ثم يتطرق المؤلف لمكالمة مع «الصديق» يوم 31 يناير فيخبره أن الجيش يقوم بتأمين وضمان ألا تنقطع موارد القمح وإمدادات البنزين والسولار حتى لا يتم إجهاض الثورة وانه تم توقيع تعاقدات استيراد القمح من الخارج بالفعل وتأمين ذلك لعدة أشهر، وقد وصل بعضها بالفعل للموانئ المصرية .

هنا يؤكد المؤلف أن تلك المعلومة أكدت له أن الجيش بدأ يدير البلاد فعليا.. ثم يكشف قناوي مفاجأة أخرى عندما يقول «إحدى مفاجآت الاعتصام هي وجود مجندين بالقوات المسلحة ضمن المعتصمين، حيث قابلت شاب جار لنا كان مجندا بالجيش قال لي أن الأوامر صدرت لهم بالاعتصام في التحرير ومن الطرائف أنه طلب منه أن يحفظ الهتافات التي يتم ترديدها حتى لا «يعك» إذا قام بقيادة الهتاف لسبب أو لآخر.. ويتطرق المؤلف إلى الأيام الأخيرة لمبارك في السلطة وكيف أنه حاول إقالة المشير طنطاوي لكنه فشل. بعد الإطاحة بمبارك كان يتوجب على المؤلف أن يعرف من هو ذاك الصديق الذي عنده كل هذا الفيض من المعلومات والتي أثبتت السنوات صدقها، لذلك يأخذنا قناوي إلى اللقاء الأول بينهما بعد التنحي يقول قناوي:لاقلت له بصوت منتش: بهدوء عايز أسمع منك برواقة اللي شفته معاك في الكام سنة دول يفوق الخيال وفي هذه الجلسة كشف لي عن هويته لأول مرة وكنت قد خمنتها طبعا خلال أيام الثورة الأولى فبدأ كلامه بقوله «عمر في مصر في حاجة اسمها «القلب الصلب للدولة» هذا الكيان مهمته باختصار الحفاظ على الدولة حين تهددها أخطار حقيقية، التدخل للحفاظ على الدولة هذا الكيان قرأ منذ سنوات عدة أمور أولها أن انفجارا سيحدث حتما بفعل السياسات الاقتصادية لحكومة أحمد نظيف واستمرار هؤلاء سيؤدى إلى كوارث مدمرة للبلد..يستدرك المؤلف «كنت أول مرة أسمع مصطلح «القلب الصلب للدولة» والذي شاع بعد ذلك مصلح آخر «الدولة العميقة».

هنا كشف «الصديق» أن الجيش كان مشاركا ومخططا للثورة لكنه لم يحرك الثوار وإنما كان عنده «توقع رشيد» وبناءا عليه بني خطته للإطاحة بمبارك ونظامه وفي هذه الجلسة أكد أن المجلس العسكري غير طامع في السلطة ولكن ما يهمه الحفاظ على مدنية الدولة... وتطرق قناوي إلى الأزمات التي حدثت بين الثوار والمجلس العسكري وأخبره «الصديق» أن ثمة أطراف تعبث في الشارع وأنهم يحاولون لملمة الأمور وأشار قناوي إلى أن الصديق أخبره بتفاصيل محاكمة مبارك والاستعدادات لها قبل حدوثها لكنه أكد أنه لايعرف الحكم الذي سيصدر بحقه لأن ذلك مهمة القضاء لكن المهم أن مبارك سيحاكم هو وأسرته ويتذكر المؤلف كيف أن أصدقاءه كانوا متشككين في المجلس العسكري لكنه كان واثقا بفضل معلومات «الصديق» التي يمده بها بين الحين والآخر وكان النشطاء يعيبون على قناوي ثقته الزائدة في المجلس العسكري. 

وينهي عمر قناوي شهادته للتاريخ بالقول: عقب تقاعد المشير طنطاوي والفريق عنان وتولى الفريق السيسي منصب وزير الدفاع كتبت إحدى الصحف في تقديمها وتعريفها له: إن المصادر العسكرية تقول إن أحد أسباب صعوده لتولي المنصب هو دوره في التخطيط لعملية الإطاحة بمبارك عقب اندلاع أحداث 25 يناير» يختم قناوي شهادته: لا تعليق من جانبي بالطبع على هذا الكلام ولكن أرجو أن يكون الكل قد فهم الآن لماذا كنت «أبلع الزلط» للمجلس العسكري كما قال أحد الأصدقاء.. ابتلعت الزلط باختصار لأنهم شركاؤنا فيما حدث ....هل اتضحت الصورة الآن؟

ليست هناك تعليقات: