الاثنين، 20 سبتمبر 2010

اتقوا الله في هذا الوطن

اتقوا الله في هذا الوطن



إن مسألة الوحدة الوطنية ليست مسألة هزار!
دي مسألة أمن قومي مصري ماينفعش فيها أي حد يجي علي باله أي حاجة يقولها، يستفز الناس ويلهب مشاعرهم الدينية ولما نقول له ليه بتقول كده، يقولك أنا حر! لا محدش حر في المسألة دي إلا بقدر ماتكون حريته مابتضرناش كلنا! محدش حر علي حسابنا وحساب جثثنا وحساب أمانا وأمان أطفالنا وعلي حساب مستقبلنا! إن وحدة الشعب المصري وأمنه واستقراره هي مسألة أمن قومي لا يجوز العبث فيها باسم الحرية، وإذا كانت الحرية التي يتحصنون بها ستقود الوطن للهاوية ولإشعال الحريق في كل بيت، فلتذهب الحرية للجحيم، سيما ان الطريق لجهنم مفروش بالنوايا الحسنة والشعارات البراقة! إن حقي كمصرية انتمي لهذا الوطن وأحبه أن أحمي أماني وأمان أطفالي وأحافظ علي مستقبلهم وهذا كله يستحيل الحفاظ عليه وحمايته إذا بقيت المسألة الطائفية مشتعلة في قلب الوطن وتزداد الفجوة يوما بعد يوم بين شعب الوطن علي أساس المتاريس العقائدية والدينية!

لذا أكرر واشدد علي أن مسألة الوحدة الوطنية واستقرار الشعب المصري ووحدته الوطنيه بصرف النظر عن اختلاف العقائد ليست مسألة هزار ولا أمزجة ولا حرية شخصية! كل واحد حر في بيته يعمل اللي هو عايزه، يكره المسلمين يكره المسيحيين، هو حر، ده آخر مجال لحريته الشخصية أو الفكرية، لكن لما أي بني آدم يتقدم ويتكلم في محافل عامة أو أجهزة إعلام صحف أو فضائيات، ليس من حقه أن يقول أي شيء يعصف بأمان هذا البلد واستقراره بحجة أن ده رأيه!

وإذا تصادف وخرج علينا أحدهم مسلم أو قبطي- من برنامج تليفزيوني أو صحيفة أو محفل جماهيري عام ليتحدث ويدلي برأيه في شئون شعب مصر التي تخصنا جميعا ويتطرق للمسائل العقائدية والدينية التي تخصنا جميعا أيضا عليه أن يعلن بوضوح أنه يتحدث برأيه الشخصي، فهو لا يمثل جموع المسلمين ولا جموع الأقباط، وبالتالي أقواله تخصه شخصيًا إن كانت عظيمة فالمجد له وإن كانت مشينة فالعار له، وفي الحالتين الآثار المترتبة علي أقواله وتصريحاته تخصه شخصيا ولا تخص المجموع لا مسلمين ولا مسيحيين ويتعين علينا جميعا مصريين مخلصين محبين لهذا الوطن أن نحجم آثار كل الأقوال الطائفية التي تملأ الصحف والجرائد والفضائيات التي يتطوع بها متطوعون من الجانبين لإشعال النيران في الوطن، يتعين علينا تحجيم تلك الأقوال وتقليص آثارها وتجاهلها تجاهل تمام والتمسك بمصريتنا ووحدتنا وأمان شعبنا وحياتنا ووطنا بكل الطرق والوسائل القانونية المشروعة.

إذا خرج أحد المتطرفين الإسلاميين وقال كلاما في حق الأقباط فهذا لا يشين ولا يدين بقية مسلمي الوطن في نفس الوقت إذا خرج أحد المتعصبين الأقباط وقال كلاما في حق المسلمين فهذا لا يشين ولا يدين بقية أقباط الوطن، فكلام هذا أو ذاك وتصريحاتهم لا تشين ولا تدين بقية أهل الوطن مسلمين أو أقباط وهؤلاء وهؤلاء ليسوا مطالبين باعتذارات وليسوا مطالبين بتصحيح ما قاله ولا تفسيره، كل ما تحتاجه تلك الأقوال والآراء المتطرفة التي تعصف بأمان الوطن ووحدة شعبه، كل ما تحتاجه هو التجاهل التام من الجميع، لا نرددها ونلوم قائلها، ولا ترددها ونفسر قصده ونشرحه، ولا نرددها ونعتذر عنها، كل ما نحتاجه التجاهل التام قتلا للفتنة في مهدها!

علي العقلاء من المسلمين والأقباط، سواء كانوا رجال دين أو أناسا عاديين، علي العقلاء جميعا، التصدي الجماعي الواعي لأقوال المتطرفين من الجانبين، وكفانا استفزازا، عليهم التصدي لتلك الأقوال المستفزة بالرد عليها وتفنيدها للجمهور سواء مسلم أو مسيحي، الذي يتشوق لكلمة عادلة تشعره بالأمان وتنزع الفتيل من القنابل التي يعدها المتعصبون للانفجار في وجوهننا جميعا! نحن لا نملك الرفاهية في مسألة شائكة ومهمة مثل وحدتنا الوطنية- حتي ننشغل باستعراض الآراء الفقهية وفتح أضابير التاريخ للترويج للفتنة وشائعة روح الطائفية والتربص بين أبناء الشعب الواحد في وطن يحتقن مواطنوه كل يوم استفزازا بسبب ما يقوله البعض وما يدلي به البعض دون أي إحساس بأي مسئولية تجاه الوطن وكان الوطن سيتحول يوما لمعسكرين متشاحنين وفريقي كرة قدم يركل كل لاعبيهما قلب الوطن بين أقدامهم ولنذهب جميعا للجحيم! علي كل من يفتح فاه في هذا المجال أن يفكر جيدا فيما سيقوله وأثره علي الشعب بمسلميه ومسيحييه، هل سيقودهم للوئام والمودة أم للتناحر والتشاجر والحرب، علي الجميع مسلمين وأقباط أن يتقوا ربهم في هذا الوطن وشعبه وكفاكم هزلا مريرا وكفاكم تلاعب بمصائرنا وتهديد لحياتنا بحجة الحرية الشخصيه وحريه الرأي!

نحن جميعا المصريين، نخضع للدستور الذي ينص علي المساواة بين المواطنين ويمنح جميع أبناء الشعب حقوق المواطنة بلا تميز بينهم بسبب الدين، الدستور هو إطارنا المرجعي التشريعي الذي نخضع له، جميعنا مسلمين وأقباطا لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات، فإذا تعارضت الفتاوي والآراء التي يدلي بها البعض مع المظلة الدستورية فهي محض فتاوي وآراء ليس لها أي حجية قانونية أو واقعية وعلينا جميعا التصدي لتلك الفتاوي التي تثير الطائفية وتهدد استقرارنا وأمانا ووطننا، فمصر وطنا لكل المصريين مسلمين ومسيحيين، مصر لن تكون مصر التي نعرفها ونحبها بلا أقباط ولن تكون مصر التي نعرفها ونحبها بلا مسلمين، وحين ضربت إسرائيل مصنع أبي زعبل في بدايات السبعينيات لم تفرز قنابلها بين الضحايا علي أساس الدين والعقيدة، بل سال الدم المصري لعمال المصنع فوق الماكينات تحت أنقاض المصنع المتهدم من جراء القصف سواء كان هؤلاء العمال مسلمين أو أقباط، وحين عبر الجيش المصري قناة السويس في حرب أكتوبر وحارب وانتصر ودفع المصريون ثمنا لهذا النصر من دماء شهدائهم وحياة أبنائهم لم نفكر في الشهداء وعما إذا كانوا مسلمين أو أقباط بل كان شهداء وأبطال مصريين افتخرنا جميعنا بتضحياتهم وبطولاتهم واحتفلنا كلنا بالنصر الذي حققوه معا! وقتها لم نفكر من مسلم ومن قبطي بل كنا جميعا مصريين وفقط!

الوحدة الوطنية ليست مسألة هزار أو هزل أو ضغط أو ابتزاز سياسي بل أعود وأكرر إنها مسألة أمن قومي شديد الأهمية والخطورة.. فكفاكم استفزازا وكفاكم دقا لطبول الحرب التي إن قامت ستحرق الأخضر واليابس! فمصر كانت ومازالت وستظل وطنا لكل المصريين مسلمين وأقباطا.. اتقوا الله في الوطن وفي الشعب!

كلمة أخيرة، دفعني لهذه الكلمات أسبوع طائفي عنيف، أدلي فيه بعض المسلمين وبعض الأقباط بتصريحات وآراء وبيانات في شأن المسألة الطائفية وصدرت عنهم تصريحات نارية من شأنها تأجيج الاحتدام الطائفي العقائدي لأقصي مداه واستفز الكثيرين واستنفروا وأحسست أن «الدنيا حتتخرب فوق رءوسنا جميعا» لكنني قررت ألا أردد تلك المقولات والآراء ولا أناقشها وإنما اتجاهلها تماما باعتبارها آراء شخصية لأصحابها لا تهمني اطلاقا.. كل ما أرجوه من عقلاء المسلمين وعقلاء الأقباط أن يتكاتفوا بحق لحماية هذا الوطن وأبنائه، أما دين كل منا فهو أمر بينه وبين الله سبحانه وتعالي يخصه وحده ولا ينال من مصريته سواء بالزيادة أو بالنقصان!

أقولها وأكررها.. اتقوا الله في هذا الوطن وشعبه وسلامته وأمانه ومستقبله!
نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه الاثنين 20 سبتمبر 2010
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=83066

هناك 3 تعليقات:

mmostafa29 يقول...

لا فض فوك يا أميره... كلام صحيح مليون في الميه ... ياريت الناس تستوعبه وما تجريش ورا الزفه الكدابه...

غير معرف يقول...

قلبنا وجعنا من الفتنة اللي حتضيع البلد. يارب بس نفوق قبل مايفوت الاوان ونعرف إن كلنا اخوات ومالناش غير بعد. فوق يا مصري.

منال أبوزيد يقول...

اميرة

عمرنا ما سمعنا واحنا صغيرين دا مسيحي ودا مسلم... اعز اصدقاء ابي كان مسيحي
ومن اصدقائي الاعزاء كمان 2 مسيحين
اللي بيجرى دا شيء جديد ودخيل علينا
طول عمرنا في مصر قلب واحد وكيان واحد
ايه اللي جد علينا... ايه الجديد
تحسي زي ما يكون فيروس بس اكيد له علاج
وعلاجه يتلخص في كلمة واحدة
"احنا مصريين سواء مسلمين او مسيحيين"
وربنا يحفظ مصر يارب