الاثنين، 13 سبتمبر 2010

حرام عليكم ... والله !!!!


هل يملك أي مشاهد لأي برنامج تليفزيوني أو عمل درامي، هل يملك الحق في الشكوي من الإعلانات المتلاحقة التي تمزق سياق البرنامج ونسيج الدراما وتفرض نفسها علينا مرة واثنين وثلاثة وأربعة ونحن أسري المقاعد لا نملك فرارًا.. هل أملك الحق في الشكوي وإذا كنت أملك هذا الحق فلمن أشكو، هل من حقي مشاهدة التليفزيون بلا غزو الإعلانات عن الشاي والبطاطس وخطوط المحمول والسمنة والزيت وأنواع الجبنة، هل من حقي الاستمتاع بما أراه دون أن تفسد تلك الإعلانات مزاجي وتقتحم منزلي عنوة كل عشر دقائق.

نعم أعلم أن الإعلانات هي مصدر التمويل في معظم القنوات ولكن أليس للمشاهد حقوق علي الشركات المعلنة ألا تزعجه و«تفرقه» وتطارده كأنه شخص غبي يلزم تكرار الدرس عليه كل عشر دقائق، وأليس للمبدع الذي كتب العمل الدرامي ومثل أدوراه احترام يلزم مراعاة، فليس معقولا ووسط الأحداث الساخنة لأي مسلسل أو وسط السياق المتصاعد لأي برنامج، ليس معقولاً أن يشتت المتفرج والمتابع فجأة ليجد إعلانات الشاي والسمنة والجبنة والبنوك والمستشفيات تتكرر وتتكرر لنعود للدراما ثم نعود للإعلانات حتي كدت لا أعرف ما هو الذي نتفرج عليه، إعلانات تتخللها أعمال درامية وبرامج، أم برامج ودراما فيتخللها إعلانات!!

أيضا لا اعرف ما هو الحد الأدني لعرض نفس الإعلان علي المشاهد، هل خمس مرات في الساعة؟؟ هل ست وعشرون مرة في الساعة!! وهل تحديد عدد مرات عرض نفس الإعلانات أمر يخص الشركات المعلنة وبفلوسها «تعمل اللي هي عايزة» أم يخص أي جهة أخري وإن كان فمن هي تلك الجهة حتي نشكو إليها ونتظلم نحن - المشاهدون - بأننا والله العظيم بنفهم وحنسمع الكلام وإن شاء الله - أول ما يبقي معانا فلوس - حنشتري كل البضاعة اللي بيعرضوها علينا وحنتبرع بكل التبرعات اللي طالبينها منا وأننا شطار فعلا ولا حاجة منهم للتكرار والتكرار وحرام عليهم بجد!! ويؤسفني بكلامي البايخ أن أفسد الفرح الذي يعيشه المعلنون وأصحاب شركات الإعلانات وأصحاب القنوات الفضائية والأرضية اللي بيحتفلوا بالنجاحات المدوية التي حققوها علي حساب المشاهدين طوال شهر رمضان، يؤسفني افساد الفرح وأقول لهم إني أعتقد أن ما يحدث يضجر و«يقرف» كل مشاهد ويأتي أثرا عكسيا علي الحملات الإعلانية التي تنصب اللعنات فوق رءوسها هي والبضائع التي تعلن عنها. وإذا كانت تلك الإعلانات تستهدف اعجاب المشاهد ببضائعها وصولا به وأمواله، فيمكنني أن أطمئن الشركات المعلنة ومنظمي الحملات الدعائية أن المشاهدين ضجروا منهم وكرهوا ما يفعلونه واستجاروا من ظلمهم لله العزيز القدير وأكثروا من الدعاء برفع الغمة في الأيام المفترجة التي كانت أبواب السماء مفتوحة فيها!! يا أيها السادة المختصون بالأمر، إن تمويل القنوات شيء واحترام المشاهد والمبدع شيء آخر، ويلزم دائما التوفيق بين الأمرين بطريقة آدمية محترمة لا تكره المتفرج في حياته أكثر وأكثر!!

بمناسبة الإعلانات، فقد راعني إعلان لإحدي شركات الأغذية عبارة عن مشاهد مختلفة بين طفلة صغيرة لا تتجاوز العاشرة وشاب قد يصل للخمسة وعشرين أو يتجاوزها، راعني الرؤية الفكرية التي تجلت واضحة في سياسة ذلك الإعلان، الصغيرة والشاب يتنازعان حول المنتج الذي تنتجه وتبيعه تلك الشركة، الصغيرة تتوسل للكبير يعطيها لكنه لا يعطيها وفجأة تنقلب عليه بالمقالب الساخنة لتستأثر بالمنتج وحدها.

صراع غريب بين طفلة وشاب، صراع أناني سخيف كما قدمه صناع الإعلان، فالصغيرة تارة وتارة تضرب الشاب بمجداف وتتركه يغرق وهي تستمتع بالاستئثار بالبضاعة وتارة تعد له كمينًا، وتسكب عليه جردل طلاء ملونًا.. ما هي الحصة التي سيتعلمها صغارنا من هذا الإعلان، ألا يحترموا الكبار الأنانيين، أن يكيدوا لهم المكائد ويعملوا فيهم المقالب؟؟ هل هذا هو الدرس الأخلاقي الذي يسعي إليه صناع الإعلان، أم أنهم لا يفكرون في الأخلاق ولا في الدروس التي سيفهمها الصغار، المهم الترويج للمنتج وليذهب المجتمع الذي تضيع كل يوم قيمه ويزداد العنف فيه ويتوحش فليذهب للجحيم أكثر وأكثر!!

وبمناسبة الإعلانات أيضا، في رمضان الماضي ولما بعده بفترة طويلة، راعني بشدة إعلان لإحدي شركات الأغذية، عبارة عن مشاهد مختلفة بين أب وابنه الصغير، يتصارع فيه الأب مع ابنه للاستئنار بالمنتج الغذائي بدلاً من الابن، مشاهد مختلفة بعضها يصرخ الأب في ابنه الصغير يرعبه ليأخذ ما في يده. بعضها يفتش الأب والابن وغرفته وجيوبه، المهم أن فكرة الإعلان أن الصغير الغلبان يحاول يفر بالمنتج الغذائي والأب المستبد الاناني يطارده ويحصاره وينتصر في النهاية ويستولي لنفسه علي البضاعة المعلن عنها، لا أعرف كيف فكر المعلنون بتلك الطريقة.

كيف قبلوا أن يروجوا لبضاعتهم عن طريق أب أناني شره يأكل أكل ابنه، كيف قبلوا أن يروجوا لبضاعتهم عن طريق طفل مذعور يطاره أبيه ويفتشه مثل المشبوهين في لجان نصف الليل ويصرخ فيه كأنه أمسك حرامي في مولد!!

هل ما عرضوه عادي ومقبول ولم يصدم المجتمع، لم يصدم الآباء الذي يجلسون مع أبنائهم يشاهدون الإعلان، ألم يجرح أبوتهم وكرامتهم أن يظهر الإعلان أبًا مثلهم أناني بلا مشاعر متوحش يأكل أكل ابنه!! هل يكترث صناع الإعلانات بالرسائل الأخلاقية التي ترسلها إعلاناتهم للمجتمع بجانب الترويج للبضاعة، أم فقط يعنيهم البضاعة والترويج لها علي حساب أي قيم أخري.. هل يفهم حد ما قوله ويكترث به، أما أنا وحدي اللي «دقة قديمة» ولسة بأفكر في الأخلاق والمجتمع والقيم و«الكلام الفاضي اللي عفا عليه الزمن ده؟؟»!!والله العظيم اللي بيحصل في المشاهدين ده حرام!! حرام جدا خالص!!


نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه الاثنين 13 سبتمبر 2010
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=82053

هناك 4 تعليقات:

Unknown يقول...

انا معاكى يا اميرة فى كل كلمه قولتيها بس مين اللى ياخد باله من الكلام ده ... كل واحد عايز يروج لمنتجه مش بيبص لا لعامل اخلاقى و اللا لعامل نفسى كل اللى بيبصله ان المنتج ده يلفت انظار الفئة الاكثر شراء و معظمهم طبعا اطفال و شباب و مايهمهوش التأثير السلبى للاعلان عليهم
انا اشكرك اوى على المقال ده و يا رب اصحاب الاعلانات يقروه و يفهمو اللى جواه

Unknown يقول...

انا معاكى يا اميرة فى كل كلمه قولتيها بس مين اللى ياخد باله من الكلام ده ... كل واحد عايز يروج لمنتجه مش بيبص لا لعامل اخلاقى و اللا لعامل نفسى كل اللى بيبصله ان المنتج ده يلفت انظار الفئة الاكثر شراء و معظمهم طبعا اطفال و شباب و مايهمهوش التأثير السلبى للاعلان عليهم
انا اشكرك اوى على المقال ده و يا رب اصحاب الاعلانات يقروه و يفهمو اللى جواه

اسكندراني اوي يقول...

الحقيقه رغم قلة متابعتي للمسلسلات والتلفزيون عموما
الا اني اقدر اقولك انه من زمان وفي المناسبات زي رمضان وغيره
ان الاعلانات هي اللي بيتخللها المسلسل مش العكس
اما عن جودة الاعلانات دي وايه الرساله اللي ممكن توصلها فمخرجي الاعلانات دي لايهمهم ما تحدثتي عنه ابدا
المهم هو الوصول لجيب المستهلك وتطلع من الفلوس لشراء منتجه هو وبس
وصباح الخير يا بلدي

يا مراكبي يقول...

فعلا .. عندما يسعدني الحظ وأشاهد التليفزيون ألاحظ أنني أشاهد إعلانات فقط ويتخللها أحيانا بعضا من البرامج أو المسلسلات .. أي أن القاعدة العامة أصبحت هي الإعلانات وليس البرامج

وأنا أعتقد أن ذلك الإلحاح السخيف الغير مبرر لا يأتي بالنتائج التسويقية المرغوبة .. أنا شخصيا يتولد عندي نفور من تلك السلع المُعلَن عنها