(1)
هل كافيا أن يصدر بيان من شيخ الأزهر والبابا لإغلاق باب الفتنة الطائفية الذي أحس المجتمع كله بلهيب النيران المستعرة خلفه تتوهج لتحرقنا جميعا.. لا لا يكفي.. نعم البيان له أهمية في مجتمع تراشق مثقفوه ورجال الدين فيه بالنيران الخطرة، لكن البيان وحده لا يكفي، علي شيخ الأزهر والبابا أن يصدرا بوضوح وحسم تعليماتهما ونصائحهما لتابعيهما ليكفوا عن اللعب بالنيران الطائفية وأن يكلما جماهيرهما المتدينة لتنبذ من داخلها روح الاحتقان الطائفي والتربص، فلو بقي الأمر محض بيان بين شيخ الأزهر والبابا دون أي جهد آخر لفقد البيان معناه وقيمته.
نحن لا نبحث عن سطر في كتاب التاريخ يقول "ورغم اشتعال الفتنة الطائفية وروح الاحتدام والتربص صدر بيان عن الأزهر والكنيسة ...."، بل نحن نبحث عن جهود حقيقية كمثل عصا موسي تبتلع كل ثعابين السحرة وتطفيء نيران الفتنة الطائفية والصراع العقائدي الديني حتي يعود للمجتمع سلامه وأمنه ويخرج الخوف والفزع من نفوس مواطنيه من غول اطلق سراحه ويهدد الجميع بالتهامهم! يا سيادة شيخ الأزهر ويا سيادة البابا، بيانكما وحدة لا يكفي لابد من جهد متواصل لإطفاء نار الفتنة بالعقل والحكمة واحترام الآخر وإعمال قيمة المواطنة.... غير هذا يكون بيانكما صدر للصحف ولكتب التاريخ ليس إلا!
( 2 )
بدأ بعض الجرائد ينشر عن مشروعات فنية ومسلسلات تعد وتجهز لرمضان المقبل، وتداول أسماء بعض الممثلين والمغنيين كأبطال لتلك المسلسلات، وأعلن بعض الجرائد عن الأجور التي سيأخذها هؤلاء الممثلون والمغنيون مقابل عملهم في مسلسلات رمضان المقبل، أحدهم قيل سيأخذ أجرا أربعين مليون جنيه، والآخر تجاوزه وسيأخذ ثمانين مليون جنيه! وقد اندهشت إن لم أكن فزعت من تلك الأرقام، نعم الله يرزق من يشاء بغير حساب، لكن هذا لا يعني مرور تلك الأرقام علينا مرور الكرام! هل هناك منتج في مصر، ولو باع مسلسله الذي لم يعرف اسمه حتي الآن لكل الفضائيات والمحطات الأرضية والتليفزيون المصري، هل هناك منتج سيمنح فعلا هذا النجم أو ذاك أربعين أو ثمانين مليون جنيه مقابل بطولة مسلسله القادم؟ ليه... لماذا سيأخذ النجم ذلك الرقم، هل سيأخذه مقابل بطولته لمسلسل من ثلاثين حلقة فتكون الحلقة (التي بالطبع لن يمثل النجم كل ثانية في دقيقاتها الأربعين) بمليون وما يزيد قليلا أو باثنين مليون وما يزيد قليلا!
وإذا كان أجر النجم البطل ثمانين مليون جنيه فما هي تكاليف إنتاج المسلسل كله! وما هي العوائد المادية أو الأدبية التي ستعود علي المنتج من إنتاج ذلك المسلسل الذي سيتقاضي بطله فقط أربعين أو ثمانين مليون جنيه! ربما يكون المنشور في الصحف مجرد مبالغات وشائعات غير حقيقية! والأمر لا يعدو دعاية لمسلسل سيتم عرضه في رمضان القادم فتنشر تلك الأرقام الباهظة لتحميس المتفرجين وربما تكون لـ " زغللة " عيون الفضائيات كنوع من التسويق التجاري المبكر لتلك المسلسلات.
وربما تكون تلك الأرقام غير صحيحة وهذا النجم أو ذاك لن يحصل علي ذلك الأجر وتلك المبالغ وأن الأمر لا يعدو إلا ترويجا وتسويقا للمسلسل الذي أخذ بطله ثروة طائلة فالأمر المؤكد به أن كل المتفرجين - لو صح هذا الكلام - سيرابطون أمام التليفزيونات لمشاهدة المسلسل وبطله المليوني ولو من باب الفضول! وحتي لو كانت تلك الأرقام صحيحة، ما هي الفائدة من نشرها في الصحف؟ غير نشر الاستفزاز في المجتمع واثارة الأحقاد والكراهية بين أبنائه، فبالله عليكم كيف سيشعر الموظف الذي يتقاضي راتبا لا يصل لألف جنيه في الشهر حين يسمع أن نجمه المفضل سيحصل علي ثمانين مليون جنيه أجرا لتمثيله في المسلسل الرمضاني؟
كيف سيشعر تجاه نفسه وتجاه النجم وتجاه هذا الوطن؟ أفيدوني أفادكم الله، الثمانين مليون جنيه تساوي كام لأني ومعي معظم الشعب المصري ضعفاء في الحساب والأرقام التي نفهم فيها لا تتجاوز صفرين ثلاثة علي اليمين في أفضل الأحوال، أفيدوني أفادكم الله، هل انضمت المسلسلات الرمضانية مع تجارة السلاح وتجارة المخدرات كأكبر مصادر الدخل والربح لأصحابها؟
( 3 )
سعدت بشدة من قرار مجلس القضاء الأعلي بمنع نقل أو بث أو تسجيل أو إذاعة وقائع المحاكمات بواسطة وسائل الإعلام.. سعدت بشدة، فالمحاكمات ليست عرضا للأزياء تتسلي به النساء في المنازل وقت الطبيخ وأحداث الجلسات والمرافعات ليست أحداث مباراة كورة قدم تسلي الرجال بعد انتهاء أوقات العمل، المحاكمات ليست مسلسلا رمضانيا يتم تصويرها وبثها للمتفرجين -بعد المونتاج والتدخل بالحذف والتعليق- في برامج السهرة لتسلية الجمهور! سعدت بشدة بهذا القرار وكنت أتمناه وأنتظره من زمن بعيد، فللقضاء هيبة وللمحاكمات أسرار وللقانون احترامه وللمتهمين سواء حكم ببراءتهم أو بإدانتهم حقوق قانونية وإنسانية واجتماعية تتناقض تماما مع الفوضي التي كنا نعيش فيها! إنه قرار صائب يستحق منتهي الاحترام والتقدير!
نشرت في جريده روز اليوسف اليومية
11 اكتوبر 2010
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=86257
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق