الاثنين، 2 أغسطس 2010

العنف ضد النساء والغرام والفتنة الطائفية !!!!!





العنف ضد النساء والغرام والفتنه الطائفيه

في منتصف التسعينيات، نشرت الصحف عن جريمة، قتل فيها الأب ناظر المدرسة ابنته المتزوجة أمام أطفالها رميا بالرصاص لأنها طلبت الطلاق من زوجها وصممت عليه يومها أفصح الأب بشكل عملي عن رأيه في طلاق ابنته الذي يشكل فضيحة اجتماعية له ولاسرته لا يقبلها ولن يسمح بها، فابنته يتعين عليها أن تحافظ علي بيتها فإن تمسكت بالطلاق لأنها (مش مبسوطة) تكون قد ارتكبت جرما اجتماعيا وعارا لاسرتها وأبيها وليس لها الا القتل بمنتهي الفخر عقابا علي (التمرد وخراب البيت) .. وفي بداية الألفية الجديدة، نشرت الصحف عن جريمة قتل فيها أخ شقيقته ذبحا وجز رأسها من جسدها ورفعه مخضبا بدمائه فوق السكين تؤيده الأم بزغاريدها لأنها تزوجت دون موافقة أخيها فلم يكن أمام الأخ لغسل العار والفضيحة الاجتماعية إلا قتلها ذبحا تؤيده الأم التي وقفت تزغرد لأن ابنها الرجل أثبت رجولة منقطعة النظير أمام مجتمعهم الصغير وقت ذبح شقيقته أمام الجميع بمنتهي الفخر!!

منذ سنوات أرصد تلك الظواهر رصدا لظاهرة العنف ضد النساء فحين تقرر بعض النساء الزواج أو الطلاق بإرادتها المنفردة تعتبر عائلاتها سلوكها هذا انفلاتًا اجتماعيا مشيناً يلزم عقاب الابنة عليه لأنها جلبت لهم العار والفضيحة وتختلف أشكال العقاب حسب الاوساط الاجتماعية فبعض الاسر تحاول إجبار الزوج علي الطلاق عقابا له علي الزواج دون موافقتهم وبعض الأسر تقتص من بناتها بالضرب أو الخطف أو حتي القتل بمنتهي الفخر !!!

في نفس الوقت كنت أري أن ذلك العنف المجتمعي ضد النساء لم يفلح رغم ضراوته وشراسته في كثير من الاحيان في قهر ارادة النساء واجبارهن علي الخضوع المطلق للاسر والعائلات والعادات والتقاليد وأري أيضا أن المجتمع المدني ومثقفيه لم ينجحوا في التصدي لذلك العنف ومواجهته ولان العنف المجتمعي لم يفلح في قهر النساء واخضاعهن ولان المجتمع لم يفلح في التصدي لتلك الظاهرة ومقاومتها، بقي الحال علي ماهو عليه، بين كل حين واخر نسمع عن فتاة خالفت اوامر اسرتها وفرت مع الحبيب و تزوجته، ونسمع عن زوجة تركت منزل الزوجية ورفضت العودة اليه واختفت بعيدا، وفي نفس الوقت نقرأ في الصحف عن حوادث متفرقه، اب يقتل ابنته، اخوة يخطفون شقيقتهم، زوج يعثر علي زوجته الفارة فيضربها ويعيدها لمنزله، كل هذا يحدث، مقزز و موجع نعم لكنه عادي وحدث ويحدث!!!!! ماهو الجديد اذن الذي يستحق الكتابة عنه !!! الجديد أن تلك الحوادث اصبحت الآن في مجتمعنا الملتهب بالطائفية والمشتعل بالتربص الطائفي لها بعد ديني، فالعنف ضد النساء بسبب التمرد علي العادات والتقاليد والاعراف اتخذ شكلاً مجتمعيا جديدًا وهو العنف الطائفي !!! ولم يعد امر الفتيات والنساء يعني الاسرة والعائلة فقط بل اتسعت دائرة المهتمين به لتشمل ابناء الدين الواحد، فحين تفر إحدي المسيحيات من زوجها لأنها لاتقوي علي العيش معه، تفر وتختفي وربما تشهر اسلامها، والحقيقة انها هنا لاتشهر اسلامها حبا في الاسلام ولا اقتناعا به ولا ايمانا بقواعده، بل لأنه الطريق الوحيد الممكن امامها لفصم عري تلك الزوجية التي لا تسمح المسيحية بفصمها، هنا لا يقتصر الامر علي الشأن العائلي ورجال تلك الاسرة الذي يرون في سلوك تلك السيدة مروقا عن عاداتهم وتقاليدهم ودينهم ايضا، بل يتحول الأمر لمظاهرات غاضبة واعمال عنف ليس في مواجهة السيدة بل في مواجهة المسلمين الذي يخطفون النساء القبطيات ويغروهن للخروج من الدين بالاسلمة!!! وحين تحب فتاة شاباً ويلتهب الحب بينهما ويقرران الزواج ويكتشفان بعد اشتعال الحب في قلبيهما انها مسيحية وهو مسلم، أو هي مسلمة وهو مسيحي، هنا يتجاوز الامر العواطف والحب ليتحول لكارثة طائفية ينقسم فيها أبناء المجتمع لفريقين متناحرين يسعي كل منهما للحفاظ علي بناته من (الأسلمة أو التنصير ) برفض الحب المستحيل ورفض التمرد الاجتماعي والخروج علي قواعد الاسرة والعائلة والقبيلة والدين !!!

وأصبح زواج إحدي الفتيات بشاب لم ترض عليه اسرتها أو فرار زوجة من منزل زوجها شأنا عاما يهم كل ابناء الدين ومفكريه وكتابه والمواقع والمنتديات و جمهور الفيس بوك والمنادين بالدولة المدنية والباكين علي الدولة الدينية، تجاوز الامر قصة فتاة وشاب تجاوز إطار الحب والزواج والطلاق ليصبح شأنا طائفيا عاما، تقوم من أجله المظاهرات ويمارس من اجله العنف وتختطف من اجله النساء ويضرب الأزواج بالرصاص وتصدر البيانات بالإدانة والشجب وتتدخل الكنيسة واقباط المهجر وينفعل شيوخ الفضائيات وجماعات الاسلام السياسي وتصبح القصة مؤامرة دولية علي الدين اي دين وكل دين تستخدم فيه الاموال والاغراءات إما بأسلمة النساء أو بتنصيرهن من أجل الحب والغرام ودفاعا عنه، أو من أجل الفرار من قبضة زوج متحكم أو حياة كريهة!!

وهكذا أصبح الحب والغرام احد أهم مسببات الفتنة الطائفية في المجتمع المتربص ببعضه البعض، اصبح الحب والغرام الذي يدفع الفتيات والنساء للتمرد علي الاسرة والعائلة واحيانا الخروج من الدين وتغييره هو القنبلة الموقوتة الجديدة التي يعدها وحش الفتنة الطائفية للانفجار في بدن المجتمع واستقراره !!!! هل سيأخذ العنف المجتمعي ضد النساء شكلا طائفيا بغيضا، تحاصر فيه النساء ليس فقط بالعادات والتقاليد بل ايضا بالمظاهرات الغاضبة والفضائيات ومواقع الانترنت دفاعا عن الشرف والفضيلة والدين ضد الحب والغرام والحرية والتمرد والاسلمة والتنصير !!!!! يبدو أن هذا سيكون الشكل الجديد للعنف المجتمعي ضد النساء وعلي المهتمين والمهتمات رصد تلك الظاهرة ومحاولة فهمها قبل ما يستفحل الامر ويشتعل الحريق ونعجز جميعا عن التصدي لما يحدث !!!!

هل سيشعل الغرام نار الفتنة الطائفية في المجتمع اكثر مما هي مشتعلة!!!! هل سيترك المصريون ومثقفوهم وعلماء الدين ورجاله المسلمون والمسيحيون كل المشاكل والهموم التي نعيشها وينشغلون بمطاردة النساء والفتيات (المسلمات والمسيحيات) التي احبت وتزوجت وفرت من مسكن الزوجية والتي طلبت الطلاق باعتبار ان سلوكهن لايشكل مجرد سلوك نسوي متمرد علي الاسرة والعائلة وعلي العادات والتقاليد بل لان ذلك السلوك النسوي اصبح واجهة لانتصارات وهزائم دينية بين فريقين متناحرين يمسك كل منهما سكينا خلف ظهره وينتظر الفرصة المواتية لقتل الفريق الآخر والانتصار عليه وليذهب الوطن للجحيم بمباركة الجميع!! وهل يجدي درءا للفتنة الطائفية الهمس في اذان النساء المسلمات لاتقعن في غرام الرجال المسيحيين والهمس في اذان النساء المسيحيات لاتقعن في غرام الرجال المسلمين لأن الدنيا واسعة والرجال علي دينكم كثيرون والبلد مش مستحملة مشاكل !!!! أم المفيد أكثر الصراخ في وجه المصريين مسلمين ومسيحيين انتبهوا لما يحدث انتم جميعا تستخدمون وقودا لحريق كبير سيحرق الوطن والمستقبل ويحرقنا جميعا وأنتم تتشاجرون علي النساء ومن اسلمت ومن تنصرت وهن في الحقيقة لايفكرن في الدين وقت تدق قلوبهن بالغرام والحب المستحيل !! انتبهوا لما يحدث وافهموه واتقوا الله في الوطن فليس معقولا أن يشتعل الحريق في الوطن والمستقبل بسبب الغرام المستحيل !!

نشرت في جريدة روز اليوسف الاثنين 2 اغسطس 2010
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=75929

ليست هناك تعليقات: