«9» مازلت أحاول قراءة الواقع!
هل تتأمل المعارضة السياسية المصرية أحوال الانتخابات غير السياسية في مصر كانتخابات النوادي والروابط والنقابات والاتحاد واللجان النقابية! ما الذي يحدث في تلك الانتخابات!
أليس مهماً فهم المزاج المصري وحال المصريين من ما يحدث في تلك الانتخابات! بعض تلك الانتخابات يبقي علي الوجوه القديمة التي كانت ومازالت وستظل، مهما طال بها الزمن فوق المقاعد! وبعض تلك الانتخابات يأتي بوجوه جديدة بزعم أن التغيير ضرورة بصرف النظر عن نتائج التغيير ويرجعون بعد فوات الأوان يعضون أصابع الندم لأن التغيير العشوائي العبثي لم يأت إلا بنتائج كارثية علي أصحابه!
متي يمارس المصريون شعار «اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش» ومتي يمارس المصريون شعار «هي موتة ولا أكتر»؟ أليس مهما للأحزاب السياسية والمهتمين بالشأن العام فهم حال ومزاج المصريين وسلوكهم الجماعي، فهؤلاء المصريون أعضاء النقابات المهنية والعمالية والنوادي والروابط والاتحادات هم ذاتهم جمهور الناخبين الذي سيصوت داخل الصناديق الانتخابية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية فيرسم بصوته شكل المستقبل! أليس مهما أن نفهم كيف يفكر المصريون الآن لنعرف شكل المستقبل المقبل بأصواتهم وإرادتهم؟
أليس مهما أن نفهم المزاج العام للمصريين ونحن ندعي أننا نتحدث بأسمائهم ولصالحهم ونيابة عنهم!
«10» مازلت أحاول قراءة الواقع!
حاولت أقرأ ما يحدث لأفهم، لكني مازلت لم أفهم جيدا، ومازالا لدي أسئلة كثيرة بلا إجابات، ولأني حديثي قد طال، وبمناسبة الاسئلة التي لم أجد لها إجابات، لابد وقبل إنهاء هذا المقال لابد أن أبدي تعجبي واندهاشي لظاهرة البرادعي! وأقول ظاهرة لأن ما يحدث ظاهرة! رجل بلا تاريخ سياسي عاش مغتربا عاد للوطن للتقاعد وفجأة يطرح اسمه كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة، لا أعرف كيف فكر الدكتور البرادعي وكيف حسبها! هو ليس زعيماً سياسياً وليس له شعبية جماهيرية علي المسرح السياسي وليس له جنود تابعون ولا عاطفيون يروجون له ولا نعرف أفكاره ولم يطرح برنامجاً سياسياً ولا نعرف مرجعيته الفكرية يميني يساري ليبرالي متحفظ، يؤمن بالناصرية معاد لها، يؤمن بالاشتراكية معاد لها منحاز للاقتصاد الحر منحاز للاقتصاد المخطط معاد لإسرائيل مؤمن بالصلح معها، يؤيد كامب دايفيد يرفضها، يؤمن بالدولة المدنية يؤمن بالدولة الدينية الثيوقراطية يؤمن بالعروبة والقومية العربية من بالمصرية يؤمن بالعدالة الاجتماعية والانحياز للطبقات الفقيرة يؤمن بالرأسمالية سواء كانت رشيدة أو غير رشيدة، ورغم كل هذا، رغم الغموض الذي يحيط أفكاره ومواقفه وتصوراته للمستقبل، رغم هذا نجد من يذكره في المقالات والتعليقات والحوارات العامة والخاصة كأنه مبعوث العناية الالهية والمنقذ والمخلص وزعيم الأمة وأمل مصر في المستقبل! ونجده -أي الدكتور البرادعي- يتحدث عن شروط يلزم توافرها منها تعديل الدستور وتغيير بعض مواده حتي يقبل أن يرشح نفسه لانتخابات المقعد الرئاسي، ونجده يشكل جمعية للتغيير ليست بحزب تضم فرقاء سياسيين من مدارس سياسية ومنابع فكرية مختلفة، ثم نجد من يبدأ في جمع توقيعات لتأييده أو تأييد ترشيحه، ثم نقرأ عنه أخباراً كثيرة، أنه يتواصل مع جماهيره عن طريق الإنترنت و«التويتر» وله صفحات تأييد علي الفيس بوك رغم أن المجتمع المصري تتجاوز نسبة الأمية فيه بالنسبة للقراءة والكتابة و«فك الخط» أربعين في المائة من السكان، ولا يتصور أن يتواصل مع هؤلاء بأي طريقة الكترونية مهما كانت بساطتها وسمعت وقرأت أن بعض الشباب مرتدي فانلات تحمل صورته ذهبوا لتعريف الناس به في «سيتي ستارز» بمدينة نصر، رغم أن ذلك «المول» هو مقر المحلات الأجنبية والتوكيلات العالمية ولا يرتاده إلا علية القوم وأبناء الطبقات العليا، وقرأت أيضاً أنه قد أنشأ لجمعيته فروعاً في «الكويت» و«قطر» ثم التقي بوفد الفنانين والأدباء والشعراء لمناقشة خطط المستقبل! قد تكون كل تلك الأخبار مفبركة وغير حقيقية والمقصود بها تذكير القراء بالدكتور البرادعي وطرح اسمه عليهم يوميا باعتباره مرشحا محتملا للمقعد الرئاسي باعتبار أن «الزن علي الودان من السحر» وقد تكون كل تلك الأخبار حقيقية ولو كانت حقيقية فتلك الأخبار في ذاتها تطرح ألف مليون تساؤل، متي اهتم الدكتور البرادعي بالسياسة والشأن الداخلي المصري اهتماماً يتجاوز اهتمام أي مواطن مصري صالح منكفئ علي أحواله وحياته الخاصة؟ وإذا كان يهتم بها منذ زمن بعيد ماذا فعل طيلة هذا الزمن اثباتاً لاهتمامه بالسياسة وأحوالها وإشكالياتها المصرية، وإذا كان لم يكن مهتماً بالسياسة وليس معنياً بعالمها طيلة حياته فلماذا الآن؟ ما الذي حمسه للاهتمام بل الاشتغال بالسياسة الآن؟ وهل يصلح من لم يكن له أي علاقة بالسياسة طيلة حياته وليس معنياً بها ولم يأخذ موقفاً مع أي قضية أو ضدها، هل يصلح أن يتولي حكم مصر فجأة بعد عدة تصريحات ومؤتمرات وأنشطة هنا وهناك؟ هذا سؤال لا أسأله للدكتور البرادعي فقط، لكني أسأله لمؤيديه وداعميه؟ علي أي أساس موضوعي تعتبرون الدكتور البرادعي يصلح رئيساً لمصر؟ لماذا تجمع توقيعات لتأييد الدكتور البرادعي، وهل لهذه التوقيعات أي معني أو دلالة سياسية بخلاف اثبات أن الناس تؤيده! وما هي قيمة هذا الاثبات وما هي الجهة التي يريد أنصار الدكتور البرادعي أن تثبت لها أن الناس تؤيده؟ وإذا كانت الناس تؤيده فلماذا تؤيده وعلي أي شيء تؤيده! وكيف يسانده الدكتور أيمن نور وحمدين صباحي وكلاهما مرشح محتمل للمقعد الرئاسي، وكلاهما سيطرح نفسه علي الشعب لانتخابه في المعركة الرئاسية؟ وهل صحيح أن الدكتور البرادعي هاجم الحقيقة الناصرية واعترض عليها وإن كان كيف يسانده حمدين صباحي وهو ناصري حتي النخاع من أيام نادي الفكر الناصري في الجامعة وحتي حزب الكرامة وهل صحيح أن الدكتور البرادعي من أنصار الدولة المدنية وإن كان كيف يصرح بموافقته علي تأسيس حزب الإخوان المسلمين وهو حزب قائم علي أساس ديني وهل لا يري تعارضاً بين فكرة الأحزاب الدينية والدولة المدنية وإن كان يقبل تأسيس حزب علي أساس ديني فهل هذا يخص الإخوان المسلمين فقط أم أن موقفه هذا يسمح بتأسيس حزب مسيحي وهل الأحزاب الدينية تشمل فقط الإخوان المسلمين أم أنه يقبل بتأسيس أحزاب إسلامية أخري لأي جماعة ترغب في ممارسة العمل السياسي من عباءة الدين أياً ما كانت أفكارها تكفيرية أو جهادية أو غيره، وهل الأحزاب الدينية تتسع لتشمل حزباً شيعياً أو أكثر وهل لو شكلت كل تلك الأحزاب الرئيسية الطائفية مع أسس دينية شيعية وسنية وجهادية وإسلامية ومسيحية وتصارعت علي أصوات الناخبين ببرامج دينية وشعارات دينية ستظل الدولة المدنية التي يؤيدها الدكتور البرادعي علي حالها؟ أم أن هذا يشكل مساساً بأساس فكرة الدولة المدنية العصرية ويهددها؟ وكيف سيري وقتها الدكتور البرادعي شكل الصراع السياسي المرتدي ثوب الدين والطائفية؟ ولماذا أنشأت جمعية التغيير التي شكلها أو يرأسها الدكتور البرادعي فرعين لها في دولة قطر ودولة الكويت؟ هل الجاليات المصرية هناك هي أكبر الجاليات المصرية بالمهجر؟ هل هناك اتفاق سياسي بين تلك الجمعية وتلك الدول علي تقبل ممارسة الجمعية لنشاطها السياسي المصري المتعلق بالشأن الداخلي المصري؟ أو لماذا الكويت وقطر؟ قرأت أيضاً جمعية التغيير تفكر في إنشاء قناة تليفزيونية، فهل مسموح لي وأنا أحد الناخبين وأحمل بطاقة انتخابية ستنحاز وقت الانتخابات لهذا المرشح أو ذاك، هل مسموح لي أسأل من الذي سيمول إنشاء تلك القناة ويدعم نشاطات جمعية التغيير التي سيمتد نشاطها داخل وخارج الحدود المصرية؟ هل هي التبرعات من أهل الخير؟ ألم أقل ظاهرة البرادعي! ففي الوطن أحزاب سياسية معارضة تمارس العمل السياسي منذ سنوات طويلة لم تنجح في جمع التبرعات لتمويل حملاتها الانتخابية لدعم مرشحيها المعارضين للحكومة وتصدر جريدتها الحزبية بصعوبة ومشقة لانعدام التمويل الكافي لإصدار تلك الجريدة واستمرار صدورها، بل هناك جريدة البديل التي أسسها بعض اليساريين أغلقت أبوابها بعد عام من صدورها لتعذر الاستمرار في إصدارها بسبب مشكلات مالية وخسائر مالية ضخمة، مما أدي لوأد تجربة البديل قبل جفاف حبر عددها الأول، ولم تفلح تبرعات أهل الخير والبر والتقوي والعاطفيين والأصدقاء والمؤيدين بالنسبة لجريدة البديل وللأحزاب المعارضة وعموماً في دعم النشاط السياسي الحزبي المعارض للحكومة، فإذا بجمعية التغيير تفكر في إنشاء قناة تليفزيونية بما لهذا من معني كبير! من يؤيد الدكتور البرادعي ومن هم رجاله ومن هم معاونوه ولو افترضنا نظرياً أنه سينجح في الانتخابات الرئاسية وسيصبح رئيساً لمصر من هم الذين سيعتمد عليهم لتنفيذ تصوراته وبرنامجه، ومن سيحملون الحقائب الوزارية في عهده وعلي أي أساس سيتم اختيارهم وما هي مساحات الاتفاق والاختلاف بينهم وبين الدكتور البرادعي؟ هل سيرشح الدكتور البرادعي نفسه حقاً لانتخابات المقعد الرئاسي؟ أم أن هذه الظاهرة ستكون واحدة من الظواهر الغريبة التي نراها في ساحتنا السياسية المصرية ستأخذ وقتها وتنتهي! واللي يعيش ياما يشوف واللي يهتم بالسياسة يشوف أكتر!
الفقرة الأخيرة -أحاول قراءة الواقع المصري المعقد وفهمه!
الجملة الأخيرة -لن أكتب في السياسة وعنها بعد الآن وحتي نهاية الانتخابات الرئاسية 2011، فمنذ الآن وحتي نهاية تلك الانتخابات سيزداد الصخب والضجيج لحد لا يمكن تصوره، ووسط الصخب لا يجدي إلا الصمت للمراقبة والمشاهدة والتعلم! وبعد تلك الانتخابات ستتضح الصورة ويظهر الكثير من الحقائق، وقتها يمكن العودة للكتابة في السياسة وعنها! أما الآن فالمراقبة والصمت هما المتاح الوحيد الممكن!
وكل انتخابات رئاسية والشعب المصري بخير!
نشرت الجمعه 23 ابريل 2010
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=58651
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق