الخميس، 22 أبريل 2010

ما الذى يحدث فى المجتمع المصرى هذه الأيام 2

أين برامج فرقاء المعارضة.. اكشفوها للناس؟!

استكمالاً لحديثنا في الجزء الأول من مقالي ما الذي يحدث في المجتمع المصري هذه الأيام؟.

اؤكد ان التغيير! كلمة براقة جميلة عظيمة! لكن التغيير لإيه؟ أليس هذا حقي وحق كل مواطن يعرف التغيير لإيه؟ سيما أن الدعاة للتغيير الآن في مجتمعنا ليس إلا مجموعة فرقاء متناقضين في الأهداف السياسية والقناعات والأفكار، فرقاء متناقضين في الأحلام وشكل المجتمع الذي يسعون إليه، فرقاء متناقضين في البرامج السياسية والشعارات، يجمعهم جميعا -الآن وبشكل مؤقت- علي تناقضهم العنيف المبدئي الرغبة العارمة في التغيير، ويحدثوننا الآن بصوت واحد كأنهم توحدوا فعلا، يحدثوننا ويحمسوننا لتأييد جمعهم من أجل التغيير، لكن لم يقولوا لنا وماذا بعد أن نصبح «كلنا إيد وحدة يا بهجت» ويصل الأتوبيس الذي يقلنا جميعا لمحطة التغيير التي يزعم الكثيرون أنها باتت قريبة وأوشكنا علي الوصول إليها.

5- ما زلت أحاول قراءة الواقع!


ماذا بعد، كيف سيكون شكل الطريق «لنهاية الخط»، لن يدوم اجتماع الفرقاء ولن يظلوا علي حالة التسامي العظيم والترفع فوق اختلافاتهم المبدئية العقائدية، بعد محطة التغيير التي سندفع جميعا -المطالبين بالتغيير- حافلتهم للوصول إليها، بعد تلك المحطة سيختلفون لأن ما بينهم أساساً الاختلاف وليس الاتفاق، وسيتشرذم أصدقاء وحلفاء اليوم وتظهر المواقف الحقيقية والشعارات الحقيقية والبرامج الحقيقية والوجوه الحقيقية، إذا كان الحال كذلك، لماذا لا نلعب -الآن- علي المكشوف؟ لماذا لا يطرح كل فصيل أو تيار سياسي برنامجه وهدفه ورؤيته للمستقبل ويتركوننا بمنتهي الحرية -النظرية علي الأقل- نختار ونؤيد وندعم ما نراه متفقا وأفكارنا وأحلامنا ونرفض ما نختلف معه، لماذا يضعون كل البيض في سلة واحدة فتتوه الفوارق وتتداخل الألوان ونصاب جميعا بـ«عمي الألوان» فلا نري شيئًا ولا نفهم شيئًا ونساق كالقطيع في طريق لا نعرفه، لا نعرف أوله ولا آخره ولا هدفه ولا محطته الأخيرة!

التغيير للأفضل وفقا للبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا للانحيازات الطبقية، وفقا لمبادئ العدالة والديمقراطية والحرية، التغيير للأفضل عبر صناديق الانتخاب والعملية الديمقراطية علي عيوبها ومساوئها «التزوير، الانفاق الملاييني، شراء وبيع أصوات الناخبين، العصبية والقبلية والطائفية الدينية، انعدام الرقابة القضائية أو صوريتها، تحالف المال مع القوة بحثا عن سطوة سياسية ونفوذ، عدم تكافؤ الفرص وقت العملية الانتخابية، تقييد الحق في الدعاية الجماهيرية والسرادقات والظهور في أجهزة الإعلام «هذا حديث يختلف تماما عن شحذ الغضب وإشاعة روح اليأس بين الناس واستثارة الفوضي.

6ـ ما زلت أحاول قراءة الواقع!


عفوا، فأنا أقف مندهشة، أمام ما يحدث في المجتمع المصري وبالأخص في أجوائه السياسية مندهشة لا أفهم!

في الوطن أحزاب وتيارات سياسية كثيرة، تعبر عن كل ألوان الطيف السياسي المعروف، بخلاف الحزب الحاكم وحكومته، هناك أحزاب يمينية، بعضها ليبرالي وبعضها رجعي متحفظ تؤمن بالاقتصاد الحر وآليات السوق.

أحزاب يسارية منحازة للأغلبية الكادحة والطبقات الفقيرة، علنية وسرية، بعضها اشتراكي وبعضها ناصري، أحزاب ديمقراطية ودستورية تنادي بالتغييرات الدستورية وتؤمن بها وتنادي بتداول السلطة وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، تيارات دينية إسلامية ومسيحية تعبر عن كافة المدارس الدينية المتشددة والرجعية والمتحفظة والمتقدمة.

حركات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان وتقاوم التمييز ضد النساء وتتبني حقوق الأقليات الدينية وضد التمييز الديني ومع المواطنة بعضها يدافع عن المستهلكين وبعضها يتبني مطالب المستأجرين والحق في السكن وبعضها يدافع عن استقلال القضاة والمحاماة، وبعضها يقدم خدمات قانونية للفقراء والنساء والمهمشين وبعضها يهتم بالقضايا النقابية والعمالية. حركات احتجاجية سياسية «كفاية»، «من أجل التغيير»، و«شايفنكم»، «ما يحكمش»، حركات غضب مطلبي، عمال شركة المحلة، خبراء وزارة العدل، أهل جزيرة، ضحايا السيول، أهالي الغارقين في العبارة، موظفو الضرائب العقارية، الممرضات، الدعاة، المحامون وقت قانون الرسوم القضائية، الصيادلة، وقت المحاسبة الضرائبية، مهندسون تحت الحراسة، الصحفيون بالجرائد التي أغلقت يطالبون برواتبهم من فوق سلم نقابتهم وكثيرون غيرهم.

هذا بخلاف عشرات الصحف والجرائد غير الحكومية بعضها يصدر عن الأحزاب ويدافع عن برامجها السياسية وبعضها يصدر عن مؤسسات وأشخاص وشركات، بعضها يساري وبعضها ليبرالي وبعضها يدافع عن التيارات الدينية وبعضها يهاجم بالأساس الدولة والحكومة وكل من يتبع لهم، بعضها يغير موقفه وتحالفاته لأسباب مختلفة بعضها سياسي وبعضها اقتصادي مالي وبعضها مرتبط بتغيير الإدارة ورئيس مجلس إدارتها!

أيضًا بخلاف الظاهرة المصرية المسماة بالشخصيات العامة، هؤلاء المعارضون للحكومة الرافضون لسياساتها.

في نفس الوقت يرفض هؤلاء الشخصيات العامة الانضواء تحت رايات العمل الحزبي ويتعالون علي جهد وانضباط وقيود الحياة الحزبية بكافة أشكالها، بل يعتبر كل منهم نفسه حزباً قائماً بذاته.

هؤلاء الذين يشكل كل منهم مع نفسه بنفسه حالة سياسية، لا يشارك في العمل الحزبي لكنه موجود علي الساحة السياسية بأفكاره أو توقيعاته علي بعض العرائض والمطالب أو بمقالاته في هذه الصحيفة أو تلك، شخصيات عامة كل منهم حالة سياسية خاصة - بصرف النظر عن قناعاته الفكرية - تفسح لهم أسماؤهم البراقة - بصرف النظر عن مصدر بريقها ومبرره وظيفة، موهبة، إبداع، عمل، موقف ما، مقعد نيابي مقعد نقابي سابق - لهم مكانا مستقلا إلي جوار الأحزاب والتيارات السياسية علي مسرح الحياة السياسية المصرية.

هم في أغلبهم جنرالات بلا جنود، ليسوا قادة حزبيين لهم جمهورهم وأعضاؤهم، ليسوا أعضاء نيابيين أو قادة نقابيين لهم أصواتهم الانتخابية التي حملتهم لمقاعدهم في النقابات ومنظمات المجتمع المدني، لكنهم أسماء معروفة، تحدث في ذاتها صخبا وضجيجا، ولها بعض المعجبين والمؤيدين لأفكارها أو مواقفها، لكن الأمر لا يتخطي إطار الإعجاب والانبهار أحيانًا لأي شيء حقيقي منتج وفاعل!

المشهد السياسي المصري فيه صحف وجرائد مملوكة لأشخاص ربما رجال أعمال سياسيين يدعون عدم الاهتمام بالسياسة ربما صحفيين يبحثون عن الثروات المليونية من حصيلة الإعلانات عبر العناوين النارية المعارضة للحكومة التي تجذب الغاضبين أو بعضهم للقراءة وشراء الجريدة وزيادة أرقام التوزيع.

تلك الصحف تصدر من عددها اليومي أو الأسبوعي في أفضل الأحوال بضع عشرات أو مئات من الألوف.

تلك الصحف تتصور هي وملاكها وأطقم تحريرها وصحفيوها أنهم يقودون الشعب المصري بمانشيتاتهم، تتصور أنها تصنع وجدانهم وعقولهم وتسيرهم في الاتجاه الذي ترغب فيه، مع أن مائة أو مائتي أو ثلاث مئات من الألوف من أي جريدة وسط شعب ثمانين مليوناً وأكثر تصل نسبة الأمية فيه لقرابة الـ40% هي كمثل قطرة عذبة في محيط مالح لا تملك تأثيرًا ولا تحدث تغييراً! حتي هؤلاء مصدري الصحف وملاكها وهم يتصورون أنهم يقودون الشعب المصري لم يفصحوا لنا عن الهدف الذي يقودون الشعب المصري في اتجاهه ولمصلحة من؟ الحكومة؟ المعارضة؟ الديمقراطية؟ الدولة المدنية؟ الدولة الدينية؟ الفوضي؟ في نفس الوقت تنشر تلك الجرائد والصحف كل ما يراكم الغضب لدي المواطنين.

كل ما يستثير قرفهم واكتئابهم ويحبطهم! ويصرخون ليل نهار.. التغيير التغيير! المشهد السياسي المصري، صاخب، متشابك، مليء بالضجة، انتقادات وأخبار وفضائح ونبرة عالية محتدة وصراخ أحيانًا، مظاهرات، وقفات احتجاجية هنا وهناك، بعضها مطلبي وبعضها سياسي وبعضها ديني، اتهامات متبادلة مستمرة ودائمة، غضب مستتر وأحيانًا متفجر، إشكاليات طبقية، طائفية، مقالات نارية بعضها تحريضي، بعضها مليء بالسخط والسخرية، بعضها مليء بالانتقاد والغضب، برامج تليفزيونية يومية تعرض كل شيء وتنتقد كل شيء وتهاجم كل شيء! المشهد السياسي المصري، يراه البعض ديمقراطيا يسمح بالكتابة والقول والاحتجاج والتظاهر «أحيانًا» ويراه البعض مليئا بالقيود وبعيداً عن المعني الحقيقي للديمقراطية ويحول بين تداول السلطة وحرية التعبير وتكوين الأحزاب بلا قيود!

لكن كل هذا الصخب السياسي في الأوقات المهمة لا ولم يثمر شيئًا، لم نر زعامات سياسية جماهيرية حقيقية تصلح لقيادة الأمة والوطن، ربما قدمت الأحزاب والتيارات السياسية عبر تاريخها الحديث بعض الوجوه البراقة التي تصلح لمقعد برلماني أو منصب نقابي، لكنها لم تقدم زعيما للأمة زعيما للوطن، لم تقدم شخصيات مجمعة تصلح لقيادة الوطن - رغم الاختلاف حولها أو عليها - نحن لم نسمع عن أسماء رنانة لها تاريخ وثقل حقيقي وتراث نضالي يعرف عنها القاصي والداني في كافة أرجاء الوطن من أقصي شماله الغربي لأقصي جنوبه الشرقي يتوافق الجميع عليها ويقبلون جميعًا الانصياع تحت رايتها والدفاع عنها وعن شعاراتها ويقدمون حياتهم زودا عن حقها في الوجود، بل أكاد أقول.

الشعب يتابع كل ما يحدث حوله من صخب وضجيج من باب التسلية وكسر الملل، فكل الجهد الذي يبذل في الحياة السياسية المصرية لم يسفر عن تحميس وتحريض ودفع الناس للانتظام في الحياة الحزبية والمشاركة في أعمالها ودفع عجلة الديمقراطية للأمام، لا.. كل ما يحدث ينتقد ويهاجم ويغضب وفقط وقد يثمر أعمالاً احتجاجية عنيفة أو غضباً عشوائياً أو فوضي جارفة، كل هذا الصخب والضجيج لا يثمر حياة أفضل بل يؤدي لكارثة لا يعلم إلا الله حجمها في بلد ضخم له تاريخ وحضارة ودور إقليمي عربي وأفريقي وإسلامي وشعبه يزيد علي الثمانين مليوناً من المسلمين والأقباط!

كل هذا الصخب السياسي والانتقادات وشحذ الغضب لم يدفع المواطنين لاستخراج بطاقات انتخابية، لم يدفع المواطنين للانخراط في الحياة الحزبية، لم يدفع المواطنين للخروج من حالة السلبية والعزوف التي يعيشون فيها منذ عقود بعيدة!

(7) مازلت أحاول قراءة الواقع!


هل يتصور أن تكون المعارضة السياسية تري المجتمع المصري بطريقتها! والحقيقة والواقع غير ماتراه! هل يتصور أن تكون هناك أقلية غاضبة - مع اختلاف أسباب الغضب - بينما الأكثرية راضية قانعة وربما بعضها سعيد بما يحدث! والأقلية عاجزة عن تغيير الأحوال لأن الأكثرية لا تسايرها وراضية عما يحدث، لكن الأقلية صوتها عال وغاضبة ولا تكف عن استثارة الغضب وذلك الغضب يلاقي قبولا لدي بعض الأكثرية الراضية لأسباب مختلفة، لكنه قبول لا يكفي لاتباع الأقلية ولا التسليم بقيادتها ولا اتباع أفكارها ولا تقبل برامجها، الأقلية تسلط الأضواء علي السلبيات والعيوب والنواقص في المجتمع، والأكثرية لا تعجبها تلك السلبيات وتلك العيوب في هذا المجال أو ذاك، لكن الأكثرية لا يعجبها تلك العيوب في إطار رضائها عن الحكومة الموجودة ومطالبتها بتحسين حياة الأكثرية وليس في إطار رفض الحكومة الموجودة والمطالبة بتغييرها!

هل يتصور هذا! لا أعلم! لكننا نحتاج قراءة عميقة دقيقة لأحوال المجتمع المصري وتشخيصاً دقيقاً لأوجاعه وأحواله، حتي نفهم وفي ضوء الفهم نتصرف!

هل هذا ما نعيشه؟ هل تعتبر المعارضة أن كل غاضب من أزمة رغيف العيش أو من أزمة أنابيب البوتاجاز أو معتصم علي سلم وزارة العدل أو رافض لنظام التعليم وجموده أو مطالب باشتغال النساء بالقضاء، هل تعتبر المعارضة كل واحد من هؤلاء من ضمن جمهورها وأصواتها وتابعيها ومؤيديها لأنه يرفض هذه الجزئية أو تلك؟

هل يتصور أن أتظاهر غضبا من أزمة رغيف العيش لكني أطالب الحكومة بتحسينه ولا أطالب برحيل الحكومة ذاتها، هل يتصور أغضب من غرق العبارة وأتظاهر للمطالبة بمحاكمة المسئولين عن غرقها وأهاجم الحكومة لأنها لم تتخذ إجراءات رادعة لمنع غرق مثل تلك العبارة، لكني لا أطالب برحيل الحكومة ذاتها هل يتصور هذا؟ في نفس الوقت هل يتصور أن تفسر المعارضة تلك الحركات الاحتجاجية بحجم أكثر من حجمها وتعتبر تلك الحركات الاحتجاجية رصيدا لها في مواجهة الحكومة تعايرها به! كل غاضب من ازدحام المرور معارض للحكومة يتمني رحيلها، كل غاضب من سوء حال رغيف الخبز معارض للحكومة يتمني رحيلها كل من سقط ابنه في الثانوية العامة لصعوبة المناهج وعدم استعمال الرأفة معارض للحكومة يتمني رحيلها كل من بني علي أرض زراعية بغير ترخيص وصدر له قرار إزالة معارض للحكومة يتمني رحيلها، كل من سجن ابنه في الكويت أو السعودية لأنه ارتكب جريمة ولم تعفه الحكومة من العقاب معارض للحكومة ويتمني رحيلها، كل من غرق ابنه في البحر بعد أن باع أرض الأب ومصاغ الأم بحثا عن يوروهات أوروبا معارض للحكومة ويتمني رحيلها؟ هل هذا ما نعيشه! مثلاً.. يتصادم قطاران فيغضب الناس من ذلك الإهمال ويطالبون بتحسين أحوال السكك الحديدية وربما يطالبون بإقالة الوزير ومحاكمة المسئولين عن ذلك الإهمال، لكن هذا لا يتساوي عند هؤلاء الغاضبين بمطلب المعارضة للتغيير الشامل الجذري ورحيل الحكومة وحزبها الحاكم! تنقطع المياه عن حي أو قرية فيغضب الناس من ذلك الإهمال ويطالبون بعودة المياه المقطوعة، وقد يتظاهرون ضد قطع المياه وقد يرشقون جنود الأمن المركزي بالحجارة وقت تحاصرهم وتمنعهم من التعبير عن رأيهم، وقد ترتفع عقيرتهم بالصراخ مطالبين الحكومة بتوفير الحد الأدني الآدمي لحياتهم اليومية، لهذا هذا لا يعني قبول شعارات المعارضة في التغيير الجذري الشامل ورحيل الحكومة وحزبها الحاكم! لكن المعارضة السياسية تعتبر كل هذا الغضب رصيداً لها في مواجهة الحكومة!

أظن - والله أعلم من موقع المراقب البعيد أن المعارضة السياسية تعتبر أي غضب شعبي أيا كان مصدره ومبعثه ومبرره رصيداً لها ودلاله تأييدها! بتجاهل إن هؤلاء الغاضبين لا يمنحون المعارضة أصواتهم الانتخابية بتجاهل أن هؤلاء الغاضبين لم ينضموا للمعارضة ولم ينخرطوا في صفوفها، بتجاهل أن هؤلاء الغاضبين إما عازفون عن المشاركة وتحويل غضبهم لأعمال إيجابية أو ينتخبون مرشحي الحزب الوطني ويسعون خلفهم للحصول علي توقيعاتهم ودعمهم وموافقاتهم في الخدمات البسيطة والحج والعمرة وقطن التنجيد وشقة من شقق المحافظة!

نعم أظن أن المعارضة تعتبر هؤلاء الغاضبين أياً ما كانت قضيتهم جمهورها وتهلل لهم وبرامج تليفزيونية ولقاءات وصور بالصفحات الأولي للجرائد ومنحهم أوسمة البطولة والوطنية، وتستنطق تصرفاتهم بما لا يعنونه ولا يقصدونه! أظن أيضا أن الحكومة تعتبر هؤلاء الغاضبين أعداءها وتنكل بهم دون أن تبذل جهدها في فهم مشاكلهم وأمنياتهم ومبرر غضبهم! لكن أظن أيضا أن لهؤلاء الغاضبين حساباتهم الخاصة لا هم جمهور المعارضة ولن ينتخبوها ولن يسلموها قيادهم وهم ليسوا أعداء الحكومة ولا يطالبون برحيلها، لكنهم يعترضون علي أدائها في كثير من المجالات التي تصعب حياتهم وتجعلها أكثر مشقة فيطالبونها بتحسين أدائها وتحسين حياتهم! قد يكون هذا ما نعيشه دون أن ندري، حكومة ومعارضة وشعباً! قد يفسر هذا ما يحدث! غضب الشعب من الحكومة في نفس الوقت عزوف الشعب عن المعارضة! هل هذا ما نعيشه فعلاً؟

«8» مازلت أحاول قراءة الواقع!


أحترم بشدة أحزاب المعارضة المصرية! حزب التجمع حزب الوفد الحزب العربي الناصري حزب الكرامة.. أحترمهم قيادات وأعضاء وتاريخ نضالياً ومواقف ثابتة وتضحيات ودأباً وجذوراً في الشارع المصري والتاريخ!

بعضهم يناضلون علي الساحة السياسية المصرية منذ ثلاثين عاماً ويزيد! ثابتون علي مواقفهم وبرامجهم السياسية! ربما مازال صوتهم منخفضاً، ربما مازالت فاعليتهم قليلة، ربما مازال تأثيرهم علي الشارع المصري محدوداً.

أحترمهم وإن اختلفت معهم ربما في البرامج السياسية أو التوجهات، ربما في أساليب العمل، احترمهم ولو لم أنضم لأي منهم، فالانخراط في العمل الحزبي يحتاج وقتاً وتضحيات وعطاء ربما لست بقادرة عليه لكنني أحترمهم! ولو ترشح من حزب التجمع وحزب الوفد أو حزب الكرامة أو العربي الناصري أي مرشح للمقعد الرئاسي سأنتخبه ولو ترشح في دائرتي الانتخابية في أي انتخابات برلمانية أو محلية أي مرشح لأي من تلك الأحزاب سأنتخبه!

وربما في لحظة ما تغمرني الحماسة فأتجاوز مرحلة الاحترام السلبي لمرحلة المشاركة الفاعلة فأحضر مؤتمراتهم وأروج لمرشحيهم وأدعو الناس لانتخابهم وفقا لقواعد الديمقراطية! أحترمهم لأنهم أحزاب حقيقية موجودة بالساحة السياسية المصرية! لم يهبطوا عليها بالبراشوت من السماوات البعيدة! لأنهم لم يدعوا اهتماماً زائفاً بالواقع المصري، بينما هم بعيدون عنه كل البعد!

أحترمهم لأنهم يعرفون قيمة الوطن الذي نعيش فيه وسيحافظون عليه بعيونهم ولن يعرضوه ومواطنيه لفوضي ولن يطرحوا العبث والعشوائية منهجا للعمل لن يطرحوا التغيير شعارا فضفاضا وهميا، بل هي أحزاب لديها برامج وخطط عمل، وعندما تدعو للتغيير هي واضحة المرجعية ولا تخدع الجماهير بشعارات فضفاضة براقه مزيفة، ولا تستغل غضبهم ولا تستثيره ولا تدفع الوطن للفوضي إنما تمارس العمل السياسي بمنتهي المسئولية عن الوطن والأمة والشعب والمستقبل!


أحترمهم وأحببت أن أسجل هذا وأذكره للتاريخ و«الجغرافيا» أيضًا!


الجزء الثالث والأخير غدا

نشرت الخميس 22 ابريل 2010

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=58404

ليست هناك تعليقات: