اقف احتراما وانحي توقيرا لقرار محكمه الجنايات الخاص بمنع وحظر النشر في القضيه الجنائيه الشهيره عدا قرارات المحكمه في القضيه !!! واحترامي للقرار واعجابي به لا يآتي فقط من كوني محاميه مشتغله بالقانون بل باعتباري مجرد مواطنه ازعجها ويزعجها هذا الصخب المجتمعي المدوي حول القضايا وحول المحاكم بحيث تحول الامر كمثل " سوق عكاظ " او حديقه " الهايدبارك " ومنح كل مواطن نفسه الحق ان يقول وينتقد ويحكم ويبريء ويدين بلا علم بلا فهم بلا خبره قانونيه مما افقد جميع المعاني والمبادىء معناها واحترامها وقيمتها !!! واتعجب جدا من غضب البعض من ذلك القرار بزعم انه يتعارض وحريه الصحافه وكآن حريه الصحافه ان تخوض في كل ماترغب الخوض فيه "براحتها " دون اكتراث بقيم ومباديء اخري كثيره وهامه ويتعين احترامها والحفاظ عليها ومنها مثلا قيمه احترام القضاء والقضاه وعدم التآثير عليهم وعلي احكامهم - بسطوه الراي العام وضجيجه المروع - وقت الفصل في القضايا ،و اذا كانت الصحافه من واجبها و من حقها ان تخبر الراى العام وتبصره بما يحدث حوله في المجتمع من منطق المصلحه العامه والدفاع عنها وحمايتها فآن القضاء من حقه ومن واجبه ان يحقق محاكمه عادله لاي متهم تراعي فيها الضمانات القانونيه وحقوقه الدستوريه بصرف النظر عن شخص المتهم وبصرف النظر عن طبيعه الجريمه المنسوب اليه ارتكابها وبصرف النظر عن ايه اعتبارات اخري لا تعني القانون ولا القائمين علي تنفيذه !! ويتعين دائما الموازنه بين الامرين " حريه الصحافه " من جهه و " احترام القضاء وعدم التآثير في احكامه " من جهه اخري والارجح ان تلك الموازنه تتم دائما وفي اغلب الاحيان بشكل تلقائي من الصحفيين اللذين يدركون دائما ان هناك خطوطا حمراء يتعين عليهم عدم الخوض في لجها حرصا علي سير العداله لكن في تلك القضيه الشهيره تجاوز الجميع جميع الخطوط الحمراء والخضراء وارتدي الجميع اوشحه القضاة وجلسوا عنوة فوق مقاعدهم واصدروا احكامهم بما شكل ويشكل اعتداءا علي حقوق المتهمين الذين ادانهم المجتمع دون سماع دفاعهم او منحهم البراءه دون سماع مرافعات النيابه ومناقشه ادلتها وهو جميعه امر عبثي لا علاقه له بالقانون علي اي نحو كان مما دفع المحكمه الموقره دفعا لايقاف ذلك " السيرك " باستخدام سلطتها القانونيه الممنوحه لها في المادتين ١٨٩ و١٩٠ من قانون العقوبات ومنع النشر وحظره عدا قرارات المحكمه في القضيه والتي تبين للمهتمين بالامر خط سير القضيه دون تفاصيلها القانونيه والواقعيه المتشابكه !!!! والحق كنت اتعجب دائما من حاله الصخب الاعلامي الحاصله حول تلك القضيه ، فضحيتها سيده مغموره لم نسمع عنها بحق الا بعد تلك الجريمه ومتهميها مازالا حتي الان يتمتعا بقرينه البراءه الدستوريه القانونيه التي تقول ان المتهم بريء حتي تثبت ادانته وحتي الان لم تقل محكمه الجنايات قولها الفصل في ذلك الامر والقضيه مثل ايه قضيه اخري عباره عن اتهام من النيابه للمتهمين بارتكاب بعض الافعال المؤثمه وقائمه بادله الثبوت ومحامين سيبذلوا كل جهدهم لنفي التهمه عن موكليهم و..... في النهايه ستصدر المحكمه حكمها الذي سيؤثر في المقام الاول علي المتهمين والمجني عليها او ذوييها اصحاب الحقوق القانونيه في التعويض ... اذن لماذا هذا الصخب المروع والضجيج الرهيب والكلام المستمر والمرافعه التليفزيونيه ومناقشه الادله والشهود وافراد الصفحات في المجلات والجرائد لاستفتاء الكثيرين حول ثبوت الجريمه من عدمها واستنطاق المتخصصين للفتوي فيما لا يعلموه فعلا ، متي كانت وظيفه الجرائد والمجلات وبرامج التلفزيون ان تطرح القضايا بتلك الطريقه وتناقش ادلتها علي ذلك النحو فيسير الناس في الشوارع يتناقشون في الادله ويصدرون الاحكام علي المقاهي وفوق كنب غرف المعيشه وهم يشربون الشاي ويآكلون "القراقيش" واذا كان ذلك دور الصحافه ودليل حريتها التي لا يجب المساس بها ابدا فعلينا اذن ان نغلق المحاكم ونترك الامر للعامه يدلون فيهم بدلوهم كما يشاؤون دون خبره قانونيه ودون درايه ودون علم ينحازون لمن يرغبون في الانحياز له حسب اراءهم الشخصيه واحاسيسهم الخاصه ولنقل علي الدنيا السلام !!!!!!! والحقيقه انني سؤلت مئات المرات عن رايي في تلك القضيه التي تحولت مثل حلبات المصارعه الاغريقيه القديمه التي كان يتقاتل فيها الرجال بالاسلحه المشحوذه وصولا لقتل احدهم ومنح الاخر وسام البطوله في القتل ، سآلت عن رايي فيها مئات المرات وفي كل مره كنت اقول " لم اقرا الاوراق ولا اعرف ملابسات القضيه " وهي اجابه لم ترضي احدا وغالبا كانت تصمني بالفشل في وجه نظر السائل الذي سمع مائه الف رآي من اخرين لم يقرءوا الاوراق ورغم هذا اصدروا احكام نهائيه في القضيه وادانوا من ادانوا وبرءوا من برءوا والارجح ان امتناعي عن ابداء رايي القانوني في تلك القضيه لم يكن مبعثه فقط انني لم اطلع علي اوراق القضيه وملفها بل كان مبعثه الرئيسي انني قد تعلمت من اساتذه عظام في القانون والمحاماه ان ابداء الراي في القضايا مكانه الوحيد قاعات المحكمه وامام القضاه المنوط بهم النظر في الدعوي وليس امام الصحافه والجرائد والبرامج التلفزيونيه و" قعدات المساطب " وجلسات النميمه واحتساء القهوه الصباحيه ومكالمات التليفون !!!! وقد ذكرني ما يحدث في تلك القضيه من مرافعات الجمهور علي صفحات الجرائد والمجلات وفي برامج التلفزيون ، ذكرني ببعض المحامين الذين يحول حظهم التعس بينهم وبين المرافعه امام المحاكم التي يحلموا بالوقوف امام منصاتها فاذ بهم يدمنوا المرافعه في غرف المحامين ووسط قرنائهم فكثيرا ما تدخل غرفه المحامين قبل الجلسه لتشرب فنجان قهوه او تحتسي كوب شاي فتجد احد المحامين يصرخ بصوت عالي جهوري وبمنتهي الانفعال يشرح دعواه وادلتها يطلب براءه موكله او ادانه خصمه ويترافع امامنا نحن الجمهور يبريء من يبرىء ويدين من يدين ويناقش القانون و..... ويشد انتباه المحامين الصغار حديثي الخبره الذي يرونه استاذ عظيم " متصيت ولهلوبه وكلامه مقنع " وحين ينتهي من مرافعته يشرب كوب ماء دفعه واحده لان صوته "اتنبح " من كثره الصراخ ثم يلملم اشياءه ويرحل لمنزله لا يدخل قاعه ولا يترافع امام قاضي ولا يمسك قضيه ، انها شهوه المرافعه التي تدفعه لاختيار جمهوره فيترافع فينا ثم يرحل ، شهوه المرافعه واثبات الوجود واثبات الكفاءه المهنيه التي لا يجد من يقدرها حجم قدرها فلا يملك الا ان يترافع ويترافع ويترافع ثم "يروح" !!!!!!!! وهكذا وجدنا من الجمهور والعامه من يدلي بتصريحات للصحافه حول براءه المتهم هذا او ذاك ومن يدلي براي امام شاشات التلفزيون يؤكد ادانه هذا او ذاك وازداد الصخب والضجيج و" الدوشه " ونسي الجميع اوراق الدعوي ومستنداتها وادلتها فاذا بمن يخرج علينا يدين هذا الحكم الذي ادان " فلان " او بريء " فلان " ويلمح تلميحات لانحياز القاضي لهذا المتهم او خضوع القاضي لتعليمات الحكومه وهو مناخ يوغر النفوس ضد القضاء والقضاه ويفقد الجميع الثقه فيهم فمن حصل علي البراءه حصل عليها بطريقه ما لا تخفي علي فطنه الجميع ومن ادين ادين لاسباب لا تغيب عن ذهن الجميع وصارت احكام القضاء مثل " العلكه " في جميع الافواه يتسلوا بها ويسلوا الاخرين بها وفقدت قدسيتها ووقارها واحترامها وضاعت العداله بين اقدام الفرق المتناحره وضعنا جميعا !!!! ونصبنا المشانق للقضاه حين يصدرون حكما علي غير هوانا - اي ماكان سبب هوانا - انحياز حزبي او ديني او طبقي ، فالحكم الذي علي " هوانا " حكم عظيم و القاضي الذي اصدره قاضي عظيم و" عاش القضاء المصري المستقل العظيم " والحكم الذي علي غير " هوانا " حكم ليس بحكم ولم يطبق القانون وقاضيه منحاز وخالف ضميره و" هذا ليس قضاء بل قضاء وقدر " وكما قال فيلم السفاره في العماره " شريف خيري رمز الصمود " وبعد ثانيه قال " شريف خيري الخائن العميل " واتسعت رقعه العشوائيه والعبثيه وفقدت جميع الاشياء المحترمه معناها في المجتمع وتجرآ البعض في احد الجنايات الكبري وانقضوا علي المستشارين الذين اصدروا الحكم يحاولون الاعتداء عليهم بالضرب ولم اتعجب مسلك الجمهور الغوغائي اذا كانت الصحافه والاعلام والبرامج التلفزيونيه قد تطاولوا علي بعض القضاه وتطاولوا علي بعض الاحكام فاعطوا المتفرج قدوه ومثل ومنحوه حق تقييم الاحكام وفق هواه ووفق مصلحته و" بقت هيصه " !!!!!!! وحين يصدر احد الاحكام التي لا تعجبنا ينفجر الضجيج المجتمعي ويدلي الجميع بدلوهم ونحلل وننتقد و..... وحين يلغي ذلك الحكم من محكمه اعلي نصمت تماما كآن ماحدث لا يعنينا ، نمزق القاضي الاول اربا ونوصمه وندينه ثم نصمت وكآن كل ما قلنا لم نقله وكآن كل ما وصفناه به لم يصدر عنا وننسي اراءنا السابقه في القضاة والقضاء و " تآكله القطه " !!!! ولان الصحافه تكتب والفضائيات تذيع كل مايعن لهم ضد الاحكام القضائيه والقضاه ولانهم يكتبوا ما يعن لهم بشآن القضايا والمتهمين والادله ويناقشوها ويدحضوها ويقبلوها ويعترفوا بها وينكروها ويصدروا الاحكام الشعبيه ويصدقوا انفسهم ويعتبروها عنوان " ستين حقيقه " نسي الناس جميعا نص المادتين ١٨٦ ، ١٨٧ من قانون العقوبات اللذين يعاقبا اي متهم يمس هيبه قاضي اوسلطته بصدد الدعوي التي ينظرها او يؤثروا او قد يؤثروا في اعمال القضاه المنوط بهم الفصل في القضايا المطروحه امامهم او امام سلطات التحقيق او يآثروا في الراى العام لمصلحه هذا الطرف او ذاك في الدعوي القضائيه او التحقيق !! نسي الناس تلك المواد القانونيه وتجاهلوها كآنها غير موجوده رغم ان تلك المواد لم يقصد منها الا ضمان تحقيق العداله وتوفير اكبر قدر من الحيده والموضوعيه بما يدعم مصلحه جميع المتقاضين والمواطنين ويحافظ علي حرياتهم وحقوقهم القانونيه والدستوريه بل وصرخوا وملئوا الدنيا ضجيجا اذا ماذكرهم احد بها باعتباره يهددهم و" احنا مابنتهددش " او يروعهم " واحنا مابنخافش " او يستعدي السلطات عليهم و"احنا مابيفرقش معانا واللي يعرف ابويا يقوله " وهو مسلك جماعي خطير نتائجه كارثيه علي الوطن وعلي مستقبله وعلي العداله والقانون وعلي الخاضعين للقانون والمشتغلين به !!!!! ودارت " الرحايه " فوق رقاب الجميع ، ان صمت امام ذلك المسلك العشوائي الغوغائي وترك كل من يعن له ان يفعل ما يعن له ويقول ما يهوي ان يقوله ضربت الفوضي المروعه في المجتمع وقتلت جميع القيم الثمينه علي مذبح " الحريه المطلقه " وان اعترضت علي ذلك ونبهت لخطورته وصمت بانك " شريف خيري الخائن العميل " ....... لااعرف ماذا حدث في ذلك المجتمع !! لااعرف ماذا حدث فيه والي اين نسير ؟؟؟؟؟؟؟؟ .... الفقره الاخيره - ان نظامنا القضائي مؤسس علي فكره قانونيه " التقاضي علي درجتين " وهذا يعني ان المشرع افترض ان يخطآ بعض القضاه الادني فيصوب احكامهم القضاه الاعلي ، وفوق الدرجتين القضائيتين محكمه النقض تحاكم الحكم قانونا وتقول كلمتها الاخيره فيه !!! من يفهم هذا جيدا ويستوعب معانيه الحقيقيه لا ينزعج من اي حكم مهما كان لانه سيخضع مره ثانيه وربما ثالثه للفحص والتمحيص والمراجعه والالغاء وهو نظام عظيم يوفر ضمانات عظيمه لاي متهم واي متقاضي !!!!! الجمله الاخيره - ان الضجيج والصخب المدوي الذي ينفجر في المجتع بين حين واخر لا يحقق مصلحه المجتمع ولا مصلحه مواطنيه لانه يحرف الانظار عن الحقيقه ويضيع دماءها بين القبائل ويتوافق مع حاله الغضب العشوائي لدي المواطنين التي يزيدها البعض اشتعالا لاسباب لاعلاقه لها بالقضايا ولا بالقضاء وبالقضاة .........
نشرت بتاريخ اليوم ٢٦ نوفمبر ٢٠٠٨
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق