الجمعة، 14 نوفمبر 2014

مما قرأت لكم .... المتحدث الرسمي والوحيد ...



من قبل 2011 ببضع سنوات تلاعب الكثيرون من أصحاب المصالح والهوى السياسي عبر كافة وسائل الإعلام على نغمات تقسيم المجتمع المصري لفئات وجماعات وطبقات متباينة متناقضة وإثارة التناحر والخصومات بينهم إشعالا لفتنة مستهدفة كحلقة أساسية من حلقات مخطط تدمير الدولة المصرية وتنفيذ مؤامرة خريطة الدم الأمريكية، إدراكا منهم أنه يستحيل تنفيذها طالما بقى الشعب المصري متماسكا متوحدا على قلب رجل واحد .
وفجرت أحداث يناير 2011 صراعا محتدما بين الشباب "الطاهر" ودولة العواجيز "الفاسدة" وذكى الإعلام ذلك الصراع وأجج ناره وروج لضرورة تنحي دولة العواجيز عن قيادة الوطن وتركها للشباب، وهلل الكثيرون جهلا وبسوء قصد لهذه الفكرة يشيدون بالشباب الذين أبهروهم في قيادتهم للثورة، وتجاوزوا عجزهم وهرمهم وشيخوختهم وجددوا شبابهم الثوري فطالبوا بتمكين الشباب من الحكم والوزارات والمجلس الرئاسي استفادة بروح التمرد والجموح الشبابي والبراءة والطهر الثوريين وإفساح المجال لعبقرياتهم الفذة بديلا عن دولة العواجيز وكهولها.
ولما لا ؟؟ فإذا كانوا قادوا الثورة التي أبهرت العالم كله وهي المهمة الأصعب فكيف لا يقوون على قيادة الوطن، وهي المهمة الأيسر والأسهل !!!!
وصدق الشباب "الطاهر"، وتمادوا بعدما سلطت عليهم الأضواء وكاميرات الفضائيات وصاروا ضيوفا في كل البرامج يتحدثون بما يعن لهم، فأطلقوا لألسنتهم العنان وسخروا وشتموا وأمروا وتحكموا وأقصوا ورفضوا وهددوا المجتمع المصري كله وكأنه أسيرهم وغنيمة حربهم بعد الانتصار الساحق في الثمانية عشر يوم.
عبث تمكين الشباب من قيادة الوطن - الآن حالا فورا - بلا خبرات بلا تعلم بلا فهم حقيقي للواقع ومشكلاته بلا رصيد معرفي فهو في حقيقته سعي لتدمير الوطن.
وتحول الأمر في يد بعض النخب والسياسيين لورقة ضغط وابتزاز للمجتمع المصري كله، فمن يرغب في حمده وشكره وتمجيده يتحدث عن الشباب ودورهم العظيم ويعهدهم بما لا يملكه من مناصب وتمكين وقيادة، ومن يرغبون في ابتزازه يلومونه لأنه لا يعمل اعتبارا للشباب "الطاهر"، ولا يحسبهم في حساباتهم ولا يمنحهم مايستحقونه، ومن يرغبون في تهديده يلوحون له بورقة الشباب وانفضاض الشباب عنه ومقاطعة الشباب له، الشباب سينقلب عليه والشباب لن يكون معه والشباب سيغضب منه والرسالة المتوارية ارضيهم وارضينا حتى نرضى عنك .
وتبلور هذا الصراع في شعار "فلترحلي يادولة العواجيز"، واعتبر الشباب " الطاهر " من يكبرهم ببضع سنوات أو لا يوافقهم رأيهم - ولو أصغر منهم سنا - من هؤلاء العواجيز وعدوهم بالضرورة لأنه لايقبل ولا يهلل ولا يروج ولا يحتفي بالشباب ولا "يفسح" لهم مكانا في قيادة جمهورية ما بعد الثورة المجيدة !!!
وعاشت مصر أياما عجاف خضع فيها بعض من تولوا أمرها للابتزاز باسم الشباب، فمنحهم غرفا وصلاحيات في مجلس الوزراء، وطالب البعض بوكيل لكل وزارة من الشباب لتجديد دم الوزارات وتطعيمها بالروح الثورية الشبابية، ووصل الأمر مداه عندما مارس الشباب الطاهر أنفسهم الابتزاز على القوى السياسية وطالبوا بمكاسب شخصية ومناصب لأنفسهم تحت تهديد فضحهم أمام الرأي العام باعتبارهم ضد يناير المجيدة وشبابها الأطهار ورضخت القوى السياسية، وابتلعت السم الذي حاولت تحقنه في جسد المجتمع وشربته طواعية ورقبتها تحت أحذية الشباب الثوري الطاهر الذي صدق فعلا أنهم قادة المجتمع وقيادته السياسية الاقتصادية الاجتماعية الفكرية، وطالبوا بتمكينهم من فرصتهم التي تحاول "دولة العواجيز "، و"الجيل العرة" سرقتها منهم.
المشكلة لم تكن فقط في التقسيم "العمري" للمجتمع بين الشباب والعواجيز وإثارة الصراع بينهما، بل تجلت أكثر وتفاقمت وقتما احتكر الشباب "الطاهر الثوري" بتكبر وجبروت تمثيل الفئة العمرية كلها، هم الشباب وفقط دون بقية أبناء الوطن، فمن لا يرونه "شبابا طاهرا"، ومن لا يسايرهم في أفكارهم وآرائهم لا يرونه "شابا" من الأساس ويرونه "كهلا عجوزا" ولو هو أصغر منهم في السن.
هم احتكروا الفئة العمرية وسعوا يمارسون ابتزازهم على المجتمع كله باعتبارهم المتحدث الرسمي والوحيد لشباب مصر !!! فأي حدث سياسي لا يرضيهم يصرخون عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعلى شاشات الفضائيات، العواجيز انتخبوا، الشباب قاطعوا، الجيل العرة يشارك والشباب لم يشارك، قاصدين من تلك الأقوال إجبار القيادة السياسية لتمنحهم ما لا يستحقونه ولا يقوون عليه من مناصب قيادية لا يصلحون لها ولا يقدرون عليها، وتمادوا وتمادوا .
فملايين الشباب التي نزلت ثورة ثلاثين يونيو، ثم نزلت يوم التفويض في 26 يوليو، ثم شاركت في الاستفتاء على الدستور ثم شاركت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، هؤلاء الملايين من الشباب في نظر الشباب "الطاهر" ليسوا شبابا، الشباب قاطع، أي شباب تقصد؟؟ وأليس هؤلاء شبابا ممن شاركوا، ويعرضون عليهم الصور والأفلام التي تقطع بمشاركه ملايين الشباب عداهم فيتجاهلون مايفقؤ العيون ويتشبثوا، الشباب قاطع، ويقصدون دون شرح، الشباب الطاهر، إحنا يعني....!!!!
"إحنا الشباب" وكل من يعارضنا ينتمي لدولة العواجيز والجيل العرة، وكأن التقسيم العمري بين ما يسمونه الشباب وما يسمونه دولة العواجيز صار تقسيما "سياسيا" بين المرضي عنهم والمغضوب عليهم في نظر هؤلاء "الشباب الطاهر"، فالبرادعي أيقونة الثورة "شاب"، أما السفيرة فايزة أبو النجا فتنتمي لدولة العواجيز رغم أنها تصغر الأخير سنا و"واحد مننا" شاب، أما الرئيس السيسي فينتمي لدولة العواجيز رغم أنه أصغر من الأخير سنا، صار التقسيم العمري تصنيفا سياسيا من وجه نظر هؤلاء الشباب، ومن ينتمي لنا ويوافقنا وأفكارنا شاب ومن يختلف معنا من دولة العواجيز بصرف النظر عن العمر والسن.
عبث ما بعده عبث يخالف المنطق والعقل يثمر فوضى مدمرة وهي الهدف المرجو في مخطط تدمير مصر، فأقصى ما يلتزم به الوطن - أي وطن - تجاه شبابه الواعد الفالح المتفوق هو إتاحة كافة الفرص له للتدرب والتعلم واكتساب الخبرات عبر سنوات عملية طويلة تتيح له في النهاية - وبعدما يشب الشيب في شعره وتتجلى خبراته وتتراكم وتصقل مواهبه وإمكانياته - تولي منصب يتيح له خدمة الوطن عن حق وليس بطريق الشعارات الفارغة والضجيج والصخب المدوي.
أما عبث تمكين الشباب من قيادة الوطن - الآن حالا فورا - بلا خبرات بلا تعلم بلا فهم حقيقي للواقع ومشكلاته بلا رصيد معرفي فهو في حقيقته سعي لتدمير الوطن وتعميق مشاكله وحرمانه من قدراته الحقيقية وإرادته الفاعلة بحرمانه من المعرفة والوعي والإدراك والخبرات المتراكمة في ناضجية وشيوخه الأكْفاء وتسليمه للشباب "الطاهر " واندافعه الثوري.
هل ما أقوله يعني أني ضد الشباب ؟؟ بالعكس، أنا مع الشباب وحقه في التعلم والتدرب واكتساب الخبرات وإتاحة كافة فرص التدريب له وفتح باب التعلم والترقي حبا في الوطن الذي سيتولي الشباب أمره في المستقبل ونتمناه مستقبلا عظيما لهم وله، ولأني مع الشباب ومع مصر فمسايرة العبث والفوضى والرعونة والجموح والشعارات السياسيه الزائفة هو واقعيا ضد الشباب الذي سرعان ماسيثبت فشلهم وعجزهم عن إدارة ما لا يعرفونه وما لا خبرة لهم عنه وفيه، وضد الوطن الذي سيحرم من حاضره بحرمانه من كفاءاته وعقوله، ويحرم من مستقبله بعدم إعداد الشباب جيدا، فيعجزون عن تولي شؤونه وقيادته القيادة الناجحة في المستقبل.
للمتحدث الرسمي والوحيد باسم الشباب الطاهر، للمتشبثين بالتصنيف السياسي واحتكار الفئة العمرية وإخراسها والنطق باسمها جبرا وابتزازا، لهؤلاء أقول، كفاكم عبثا وانتبهوا لمصلحه مصر، كفاكم ابتزازا وتهديدا، فأحد لن يخضع وأحد لن يكترث لأن جميعنا مهمومون ببناء مصر ومستقبلها وحمايتها من المؤامرة وانتصارها في حرب الوجود !!!!
نشرت علي موقع دوت مصر 
الجمعه 14 نوفمبر 2014 
http://dotmsr.com/ar/201/1/126180/#.VG-OBpCG-M9

ليست هناك تعليقات: