الخميس، 5 سبتمبر 2013

مما قرأت لك .... خلق الله " 30 يونيو " ....

كتب محمود الكردوسي ... في الوطن .. 

محمود الكردوسي


لا يتوقف مرتزقة «25 يناير» عن مهاجمة ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو وكأنها من عمل الشيطان!. هذه الثورة تحيرهم وتنغص عليهم حياتهم وتشعل النار فى سراويلهم، لأنها أفسدت عليهم صفقاتهم القذرة مع جماعة الإخوان وأسقطت «بقرتهم المقدسة» وأثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الـ«25 يناير» لم تكن إلا تجلياً لـ«مؤامرة» كونية.. أصلها فى أوروبا والولايات المتحدة، وفرعها فى ميدان التحرير.

لقد بلغ بهم الغل والعمالة وقلة الأدب أن أحدهم - ويدعى «عبدالرحمن» ابن يوسف القرضاوى- وصف «30 يونيو» بأنها «كوبرى»، بينما لا يزال آخرون - من نوعية إسراء عبدالفتاح وأسماء محفوظ وعلاء عبدالفتاح - يراوحون بين وصفها بـ«الانقلاب».. واعتبارها موجة ثانية أو امتداداً لـ«25 يناير». وبالتوازى مع هؤلاء وأولئك.. التحمت بؤر صديد قذرة مثل «6 أبريل» و«الاشتراكيون الثوريون» و«التيار الثالث» و«الألتراس» وقطعان من بلطجية العشوائيات، لتشكل طليعة لما يمكن تسميته «فلول الإخوان»، هؤلاء هم الذين يتصدرون الآن مسيرات «الجماعة» ويقطعون الطرق بدلاً منها ويهاجمون الجيش والشرطة فى شعاراتهم نيابة عنها، وهو مشهد تافه وعابر ولا يكاد يُرى بالعين المجردة، لكنه يذكرنا بما فعله الإخوان بمرتزقة 25 يناير أثناء مرحلة المشير طنطاوى الانتقالية: «تف على عمو يا حبيبى.. اهتف ضد المجلس العسكرى.. اشتم المشير واتحرش بالعساكر.. ولّع فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وخلى بالك من الطرف التالت.. ما تبصش للرصاصة قبل ما تموّتك.. إحنا عارفين اللى ضربك مين.. استشهد براحتك وسيبنا ناخدلك تارك.. إحنا بتوع القصاص.. القصااااص!».

المشهد يتكرر، لكن الفارق شاسع. إخوان 25 يناير كانوا قادمين بقوة فى ذلك الوقت وكانت كل أوراق اللعبة قد أصبحت فى أيديهم، وكان «الدفع» مقدماً والدولارات «زى الرز»: أمريكا على «تنظيم دولى» على خيرت الشاطر، وكل برغوت على قد دمه. أما إخوان 30 يونيو فقد «خرجوا» أو «أُخرجوا» من المشهد بأقوى مما دخلوا: بـ«ثورة» حقيقية، طاهرة، نظيفة لا نشاز فيها، ولا مكان لمرتزق أو «ناشط» أو «عصبجى» أو «حلنجى نخبة» أو باحث عن دور!. ثورة كل المصريين الشرفاء، الميتين فى حب هذا البلد حتى وهو يجوّعهم ويخوّفهم ويظلمهم ويلعنونه «بعشق زى الداء»!. ثورة «الجسم» العفى، الهائل، الباحث عن «رأس» وطنى، حر، شامخ، لا يكيد ولا يتآمر ولا يخون ولا يخشى فى كرامة مصر وأمنها القومى لومة لائم.

قال لى أصدقاء: «كفى إهداراً.. لم تعد مصر فى حاجة إلى معارك صغيرة». غير أن هؤلاء المرتزقة وأذيالهم من الخونة الصغار يصرون على جرنا إلى هذا النوع من المعارك، بعد أن انكشف الغطاء عن جماعتهم الإرهابية وفقدت كل أوراقها وأصبح المصريون يلاحقونها كالوباء. ولا أعرف لماذا لا تتخذ الدولة إجراءً حاسماً ضد هؤلاء المرتزقة والخونة؟.. ولماذا تغض الطرف عن عبثهم وقلة أدبهم وألعابهم الصبيانية الحقيرة؟. لماذا لا يتم القبض على رؤوسهم المدبرة كما حدث لأولياء نعمتهم؟. هؤلاء يستحقون «مكارثية» جديدة لأنهم أشد خطراً من الإخوان.. ودليل إدانتهم بين أيديهم!. الإخوان ذهبوا بخيرهم وشرهم، ولم يعد متبقياً لهم سوى تلك البؤر القذرة، فلماذا تسكت الدولة عن بذاءاتهم وإهاناتهم لأسيادهم.. جيشاً وشرطة؟. لماذا تتركهم - على قلة أعدادهم وتفاهتهم - يقطعون الطرق ويفسدون علينا حياتنا.. ونحن أحوج ما نكون إلى هدنة لالتقاط الأنفاس؟.

كنت قد طويت صفحة «25 يناير» وبدأت أتعامل مع ما جرى فى هذا اليوم المشئوم باعتباره «انتفاضة»: ليس اعترافاً منى بفضل - إذ لم أعد أرى فيه إلا ذكرى لمؤامرة كونية، كادت تقضى على يابسنا وأخضرنا- بل تأدباً، واحتراماً لمشاعر أصدقاء من دراويش هذا اليوم، لا أشك فى طهارتهم ونبل أغراضهم. أما وقد كثر تطاول هؤلاء الخونة والمرتزقة على «ثورة 30 يونيو» وعلى رموزها ومكتسباتها.. فإن من واجبى أن أذكرهم بأن هذه الثورة كانت تدبيراً إلهياً محكماً: فى توقيتها.. إذ كان ممكناً أن تضيع مصر -شعباً ودولة- لو ظل محمد مرسى فى مقعد الحكم شهراً واحداً بعد هذا اليوم. وفى مقدماتها.. إذ أنعم الله على جماعة الإخوان بقدر من الغباء والغطرسة جعلها تذهب إلى حتفها بأسرع وأسهل مما كنا نتوقع، وبالمخالفة لكل رهاناتنا. وأخيراً فى نتائجها.. إذ هزت عروشاً وأربكت حسابات قوى عظمى وأعادت إنتاج وتفعيل تحالفات إقليمية ودولية ووضعت المنطقة فى مواجهة كل أعدائها، المستتر منهم والموغل فى وضوحه.

هل تستحق ثورة 30 يونيو كل هذه القداسة؟.. نعم تستحق، لأنها «من عند الله»، ولأن إرادة المصريين التى أشعلت شرارة هذه الثورة.. موصولة بـ«إرادة الله»، ولأن الجيش الذى آمن بهذه الثورة وصانها.. قال فيه نبى الإسلام: «خير أجناد الأرض».

ليست هناك تعليقات: