الاثنين، 24 يونيو 2013

مما قرأت لكم .... هل تلقي الشرطه القفاز في وجه الاخوان ؟؟؟

هل تلقي الشرطه القفاز في وجه " الاخوان " ؟؟ 
بقلم عبدالله كمال 



بصورة أو أخرى، يمثل حكم القاضي خالد محجوب في قضية سجن وادي النطرون عاملا أساسيًّا في تقدير الموقف الذي ستكون عليه تحركات الشرطة في تظاهرات يوم 30 يونيو الجاري، ذلك أن الحكم الذي دان قيادات جماعة «الإخوان» بالتواطؤ مع حركة «حماس» و«حزب الله» لإتمام تهريبهم من السجون، منح الشرطة زخمًا معنويًّا كبيرًا وأعفاها من ذنب عُلق في رقبتها باتهامها بأنها كانت قد فتحت السجون في 28 يناير 2011 لاصطناع الفوضى.
وبقدر ما يثير موقف الجيش من تظاهرات 30 يونيو المقررة توجسًا لدى حكم «الإخوان»، بقدر ما تضاعف قلق هذا الحكم من الطريقة التي سوف تتصرف بها الشرطة في اليوم ذاته. وبينما حاول «الإخوان» استخدام جميع الأوراق في اتجاه الجيش لضمان إبعاد تدخله المحتمل في الأزمة، فإن الجماعة كما لو أنها فوجئت بسيناريوات لم تكن محسوبة على الإطلاق متوقعة من جانب «القوة المسلحة الثانية» في الدولة.
في الأسابيع الماضية، حاول حكم «الإخوان» توسيط الولايات المتحدة، بصورة أو أخرى، ووصلت وفود إخوانية إلى واشنطن لشرح وجهات نظر الجماعة وتجميل وجهها. وفي الأسبوع الماضي، أثارت السفيرة الأميركية آن باترسون قدرًا كبيرًا من اللغط حين لم تبد تقديرًا صريحًا لحركة جمع التوقيعات الداعية لسحب الثقة من الرئيس، وأكدت الدعم الأميركي الكامل للرئيس، ورفضها الكامل لما وصفته بالدعوه لعودة حكم العسكريين.
التزم الجيش نوعًا من الصمت، رغم أن مصدرًا عسكريًا قال للصحافة إن القوات المسلحة لا تقبل التدخل في شؤونها من أي أطراف خارجية بذريعة الديموقراطية. وأضاف المصدر إن «قرار القوات المسلحة الدفاع عن مقدرات الوطن وتطلعات الشعب المصري نابع من مبادئ عملها الوطني، وأنها تلتزم معايير الشرعية إلا في تعارضها مع إرادة الشعب»، وقد أبقى هذا التصريح الملتف «توجس الإخوان» قائمًا، في الوقت ذاته الذي تصاعد فيه بمنحنى سريع الخوف من الشرطة.
مساء الجمعة الماضي، وقبل أن يفرغ نحو 50 ألف متظاهر مؤيد للجماعات المتطرفة وحكم الرئيس مرسي من إعلان مساندته، في ما وُصف بأنه «مليونية» قدرتها دعاية الإخوان بـ (2 مليون متظاهر)، احتشد عشرات الآلاف من رافضي بقاء مرسي أمام مقر وزارة الدفاع، حيث هتفوا: «شرطة وشعب وجيش إيد واحدة»، وهو الهتاف نفسه الذي تردد في شوارع المحلة مساء السبت. وفي حين كان أحد قيادات الجماعات المتطرفة يهدد من يشارك في تظاهرات 30 يونيو بالسحق، اعتلى منصة الحشد الآخر أحد ضباط الشرطة، مؤكدًا تأييده للاحتجاج ضد الرئيس، ولم تمض ساعة قبل أن يتم رفع عشرات من ضباط الشرطة المتواجدين في التظاهره على الأكتاف.
قبل عامين تعرضت مقرات الشرطة في مختلف محافظات مصر إلى اعتداءات أدت إلى انهيارها في لحظة واحدة. في الوقت ذاته كان المتظاهرون يرفعون في مواجهة الحكم السابق شعار: «الجيش والشعب إيد واحدة».
ويكمن التحدي الذي يواجه حكم «الإخوان» في أن الشرطة منوط بها مواجهة المتظاهرين، في حين أعلن وزير الداخلية أنها لن تتعرض لأي تظاهرة سلمية، ولن تنحاز لأي طرف سياسي، كما أكد أكثر من مرة أن قواته لن تؤمن أي مقر لحزب من الأحزاب، ما فُهم منه أن جميع مقرات حزب الحرية والعدالة التي قد تكون هدفا للتظاهر ستواجه الحشود وحدها. وقبل أيام ونتيجة لتوالي تصريحات مماثلة اضطرت جماعة «الإخوان» إلى أن تشدد التحصينات الخرسانية حول مقرها الرئيس في حي المقطم، وقال مراسل أجنبي تعليقا على هذا إن «الأمر يبدو كما لو أن الجماعة تواجه حربًا وشيكة».
لا يقتصر الأمر على كشف ظهر مقرات الجماعة والحزب الذي يمثل ذراعها السياسية، بل يمتد إلى احتمالات أخرى، قد تصل إلى ما هو أبعد من التزام الحياد. وفي الأيام الأخيرة وقع عدد من الضباط على أوراق حملة «تمرد» المطالبة بسحب الثقة من الرئيس، وشهد اجتماع لنادي ضباط الشرطة اعتراضات حادة على توريط الضباط في أي مواجهات مع المتظاهرين. الاجتماع نفسه هتف فيه ضباط بعبارات غير مسبوقة ضد الرئيس ومرشد «الإخوان».
في وقت سابق كان يمكن أن تؤدي تصريحات متحدية لوزير الداخلية إلى إقالته بأسرع وقت، لكن المشكلة التي تواجه «الإخوان» في الموقف المعقد الحالي لا تكمن مع رأس الداخلية وإنما مع جسمها بالكامل، وعمقه العائلي بين أسر ضباط وأفراد الشرطة.
لقد أجهض هذا الموقف المتصاعد من جانب الشرطة سيناريو كانت تفكر فيه جماعة «الإخوان» لفرض الأحكام العرفية دون الاستعانة بالقوات المسلحة وبالاعتماد على الشرطة، على أن الاحتمالات تصل الآن إلى حد توقع مواجهات بين الشرطة وأنصار جماعة «الإخوان» في ضوء وقائع جرت في محافظات مختلفة مؤخرًا، لم تساند فيها الشرطة أنصار الحكم وفصلت بينهم وبين المعارضين، فاشتبك معها أنصار «الإخوان».
وتذهب جماعة «الإخوان» إلى 30 يونيو، وبينها وبين الشرطة ما هو أعمق من مجرد «توتر» وعدم توقع رد الفعل، إذ بخلاف أن وزارة الداخلية كانت هي التي تلاحق الجماعة في عصر مبارك، فإن الجماعة شنت خلال العامين الماضيين حملات سياسية متنوعة ضد الوزارة، وهددت أصوات فيها بتأسيس شرطة أخرى، وتمت الإطاحة بعدد كبير من الضباط لاسيما في جهاز مباحث أمن الدولة.
ولم يؤد هذا إلى «تشذيب» الشرطة وتطويعها وفق ما تريد الجماعة، إلى الدرجة التي لم يتفاجأ معها الرأي العام من تصريحات لوزير الداخلية الذي عينه الرئيس مرسي يعلن أنه لن يدافع عن مقرات «الإخوان».
الهوة بين الجماعة والشرطة تعود في الأساس إلى أزمة «هوية»، يجسدها عدم قدرة الشرطة على تحقيق أهداف جماعة كانت تحاربها، وبينما تضمر الجماعة للمؤسسة الأمنية ضغينة السنوات، فإنه لا يمكن تجاهل أن الرأي العام في الشرطة يضع على كاهل «الإخوان» مسؤولية انهيارها في 28 يناير 2011 عقب عمليات الفوضى وحرق الأقسام والهجوم على السجون.
ويمثل حكم الأمس في قضية سجن وادي النطرون إسهامًا جديدًا في تعميق الفجوة التي لا يمكن جسرها بين الشرطة والإخوان، لاسيما من حيث أنه يفتح الباب واسعًا لتعليق كل ما عانت منه الشرطة على كاهل تحالف الجماعة وحركة «حماس».
ولا تملك الجماعة وسيلة محددة لضمان رد فعل الشرطة، إلا الخوف من المحاكمات إذا ما استمر حكم «الإخوان» والرئيس مرسي. في المقابل تلوح أمام الشرطة فرصة غير مسبوقة لاستعادة الثقة الشعبية بعد سنوات من الجفاء وهجوم الرأي العام.

ليست هناك تعليقات: