الجمعة، 1 فبراير 2013

مما قرأت لكم ... مؤتمر مصر لعبدالله كمال



GMT 23:59 2013
 الخميس 31 يناير
مؤتمر مصر!


كتب عبدالله كمال ...
سيكون لمصر مؤتمرها.. طال الوقت او قصر. فإما قرر المصريون موعده وحددوا جدول أعماله، او تدهورت الامور بسرعه وتراكم، وتعقدت، بحيث لايكون في قدرة المصريين ان ينظموه وحدهم.. ويكون عليهم حضوره بدعوه من اطراف خارجيه. وقتها سيعقد مؤتمر مصر خارج مصر. لقد أضافت الاحداث التي بدأت في ٢٥ يناير الحالي - و المتوقع إستمرارها لفتره ممتده - تأكيداً إضافيا لضرورة ذلك.
لماذا تحتاج مصر الي مؤتمر؟
إن أهم سبب هو سياسة ( الإقصاء) التي تصاعدت من مرحلة الي أخري، وكانت بدأت بفئه واحده ثم شملت مختلف الفئات من خارج التيار الديني. كان بإمكان (الجمعيه التأسيسيه) الا تقودنا الي أوضاع مماثله لما صارت عليه مصر.. ذلك أن (الجمعيه) في حد ذاتها كانت بمثابة مؤتمر وطني، يفترض أن يعقد جلساته، بحضور الاطراف المختلفه، لمناقشة مستقبل البلد وعلاقات اطرافه، ووضع قانونه الأ ساسي، وتكون نتيجته هي وثيقه الدستور التي يقرها الناخبون في استفتاء نزيه. قبل الاستفتاء الاخير، الذي أُقر الدستور بموجب نتائجه المعلنه، كرر العديد من زعماء المعارضه الحديث عن انه كان يجب ان يذهب المصريون الي صناديق الاقتراع وهم يعرفون النتيجه مسبقا.. لان الجمعيه - أو المؤتمر - توصلت الي خُلاصَات مَرضي عنها ولا خلاف عليها. للاسف كان الاستفتاء ميدانا للصراع، وحول هذا الحدث، قبله وبعده واثناءه، ترسخت حالة الاستقطاب.. وبدلا من ان يكون محطة للوفاق فإنه أطلق مزيداً من أسباب الفراق و مسارات الشقاق.
(مزيد).. لأن الفُراق بدأ قبل نهاية أعمال ( المؤتمر - الجمعيه ) بفتره طويله. اذ تأسس عندما قررت القوي التي شاركت في (٢٥ / ٢٨ يناير ).. بعد ١١ فبراير٢٠١١، يوم ترك الرئيس السابق حسني مبارك منصبه.. عندما قررت (الاستبعاد المعنوي- السياسي) لكل المواطنين المصريين الذين رأت انهم إما كانوا علي علاقه مباشره بالحزب الوطني او سلطه الحكم السابقه.. أو تم الاشتباه في انهم ساعدوه وانتموا لنظامه !
هذا (السحب المعنوي) لحقوق المواطنه ممن يمثلون فئه مصريه عريضه ، دون النظر ما إذا كان المستبعدون قد إرتكبوا جرائم أو تورطوا في فساد.. أرسي قاعدة الاقصاء.. التي تضخمت مره وراء مره.. الي أن إنفرد الإخوان بالحكم وقرروا إقصاء الجميع.. وان يكون كل شيء لهم..ويتحول الاخرون الي (كفار) سياسين.. او (كفار) عقيدين. 
في مرحله تاليه قرر (الاستبعاد المعنوي) أن يتقنن، وأخذ مبدأ (العزل) طريقه الي مجلس الشعب..قبل أن يصدر قراراً دستورياً بحله. لكن محاولة (شرعنة العزل) فشلت لأسباب دستوريه..وخلفت ورائها أسبابا جديده للفرقه. وتراكمت أسبابا جديده فوقها خلال الانتخابات الرئاسيه مرتين. مره أثناء إحتدام المنافسه بين القوي الاجتماعيه التي اعتبرت ان (٢٥ / ٢٨ يناير) بمثابة إختبار تاريخي لوجودها في مواجهة من تعتقد انهم ضد التغيير الذي حدث. ومره بعد إعلان النتائج التي أحاطتها ملابسات كثيره.. فاتسعت الهوه بين أطراف مختلفه.. بينها جميعا دوائر مشتركه ومساحات تلاق..إجتماعيه وثقافيه.. وإن فرقتها لحظات ( الخَدر السياسي) المؤقته والمسكره.
في مرحله ثالثه، جمعت مساحات التلاقي المدني بين القوي الاجتماعيه والسياسيه المتنافره، حين كشفت توجهات الدوله الدينيه عن نفسها، وتبين أن السعي ل(التمكين) يستهدف (أخونه) الدوله.. وإقصاء كل شيء دونه.. المعارضه بكل أطيافها.. المؤسسات بغض النظر عن إحترافها.. القوانين أيا ماكانت صلاحياتها. واستجمعت حالة (الإقصاء) كل طاقتها.. واطاحت بالاعلان الدستوري المكمل.
ثم، وفي ذات المرحله، كان أن تم الإطاحه بكل إتجاهات الآخر - سواء كان آخر سياسي او عقيدي - في الجمعيه التأسيسيه.. الإطاحه المباشره أو الإطاحه الدافعه للانسحاب.. وتوجت هذا كله بماده دستوريه تستبعد مئات من المصريين..لهم عائلاتهم واسرهم ومن يرتبطون بهم اجتماعيا وسياسيا.. فلم يقتصر هذا (العزل) علي ان يضر بعدد كبير من الاشخاص وإنما يشمل عدداَ أكبر من القوي الاجتماعيه وأشجار علاقاتها الممتده والمرتبطين بها مصلحيا. 
واكتمل (بناء الإقصاء) بالاعلان الدستوري الصادر في ٢٢ نوفمبر، الذي أقصت السلطه التنفيذيه به السلطه القضائيه.. وقبضت - ممثله في الرئيس - علي القانون، وضمن ذلك اقصت بقانونها واقصي غيرها - وتحت رعايتها - بالحصار التهديدي العنيف المحكمه الدستوريه.. كما أقصت أطياف المعارضه ومن يؤيدونها بعدم الاستماع الي مطالبهم..والتعامل السياسي علي انهم ومن يمثلون (غير موجودين).
إن (العزل) في صورته الدستوريه، لم يعد قاصراً علي فئه دون غيرها من بقيه فئات المجتمع..فقد أُضيف اليه عزلاً سياسياً. وقد استشعرت - آخيرا - بذلك (جبهة الانقاذ)، وقال ممثلوها في لقائهم مع السيناتور الجمهوري جون ماكين أنهم يطلبون من الحكم ان يعترف بوجود المعارضه ولايعتبر موقفها تآمرا او خيانه. 
وفي ذات الوقت فإن الجذر السياسي للحكم الذي تتصدره شخصية الدكتور محمد مرسي، أي جماعة الاخوان، كان أن مارست نوعاً مستجداً من الاقصاء تجاه حليف سابق.. وفجرت حزب (النور) من داخله.. وتولد حزب جديد اسمه (الوطن).. ينازع الأول في تقدمه للتيارات السلفيه. وكشف الأخوان بذلك علي فهمهم الجوهري للسياسه بانها (توظيف للادوات ) لا (علاقه بين شركاء).. وأنها (مغالبه) أولاً وآخيراً.. وأن شعار(المشاركه) ليس سوي من اجل الاستهلاك المؤقت. 
إن كل يوم يمضي يُظهر تصرفاً جديداً أو خطوة إضافيه توغر مزيداً من الصدور..وتهدم جدارات الثقه.. وتزرع حقول الشك.. وتطور حالة ( الشقاق) من إستقطاب بين (معسكرين).. الي تنافر بين طرف واحد مع حلفاء قليلين.. ومجموعه من القوي والتيارات والأحزاب ومايمثلون من توجهات سياسيه وإنحيازات إجتماعيه.. وتلقي الاحداث الاخيره بظلال كثيفه علي هذا التوصيف، فيما بعد سقوط عشرات من الشهداء في محافظات مختلفه. لم يعد إذن الصراع بين أنصار الدوله المدنيه والداعين الي الدوله الدينيه.. أو بين الليبراليين والتيارات الدينيه.. أو بين الثائرين والمنتمين للقوي التقليديه والمحافظه.. بل بين الاخوان وفيالق من الخصوم السياسين. يكون الإخوان (واهمين) إذا إعتقدوا أن هذا سوف يؤدي الي فرض قواعد علي اللعبه لاتقبل التفاوض، لسبب جوهري.. وهو أن القوي الاجتماعيه التي تعبر عنها التيارات السياسيه المعلنه لن تسمح لها بذلك.. وإذا مارضخ السياسيون لن يقبل بهذا الناخبون. بل إن التشخيص يكون خاطئا تماما اذا ساد إعتقاد بانه يمكن ان يقبل المواطن (الخلل العام) في قواعد الديموقراطيه.. لان هذا سوف يدفعه الي ان يهجر الديموقراطيه ويبحث عن سبل أخري للتعبير عن إحتياجاته. 
لقد أظهر استطلاع للرأي كشف عن نتائجه معهد جالوب يوم ٢٤ يناير الحالي أن الأولويات الأساسيه للمصريين هي كما يلي : (قضاء عادل ٨١٪)، (إقتصاد مستقر ٨١٪)، (إعلام حر ٦٢٪)، (فرض النظام والقانون ٦٠٪)، (حرية التعبير ٥٨٪)، (مشاركة الاحزاب الاسلاميه في الحكم ٥٠٪)، (المساواه بين الرجل والمرأه ٤١٪)، (حرية الدين والعقيده ٣٨٪)، (الوصول الحر للانترنت ٣٥٪)، (جيش يخضع للرقابه المدنيه ٢٤٪). 
ويعني هذا انه من بين عشرة اولويات هناك اولويه (إجتماعيه - إقتصاديه) واحده إحتلت مكان الصداره بالمساواه مع (القضاء العادل)، بينما كانت بقية الاولويات ذات طابع سياسي وديموقراطي.. مايؤكد الاستخلاص بأن المواطن في مصر بعد ٢٠١١ لن يقبل خللا في قواعد الديموقراطيه. وقد خالف الحكم الاخواني كل مايُفترض في أسس الديموقراطيه.. من حيث إقرارها المساواه والشفافيه والقبول بتداول السلطه ومبدأ المواطنه والتصويت الحر وحرية التعبير والنسق الدستوري المرضي عنه من الجميع. 
سأنحي جانبا، كل مايقال عن شروط الحوار والضمانات مسبقه لقبول مبدأ النقاش السياسي من جديد بين الحكم ومعارضيه. ذلك ان المسأله اعقد من هذا بكثير. فالحكم ذي الجذر الاخواني يخشي ان يخسر معركته تلك ويترك السلطه التي قبض عليها..ويعود من جديد الي صفوف المعارضه..مذكرة إياه بايام الحظر والعمل تحت الارض.. لانه لايثق في تحولات الايام. والمعارضه رأت بعينيها ولمست باكورة تصرفات الاخوان بينما هم لم يصلوا الي مرحلة (التمكين) الكامل.. فمابالنا لو انها اكتملت. وفي جوهر الأمر كذلك صراعات لم تحسم حول هوية الدوله، والعلاقات بين سلطاتها، وضمانات ديموقراطيتها التي يحلم بها الجميع، وطبيعة مشاركة التيارات الدينيه في لعبه السياسه وعملية الحكم.. تلك التيارات التي احترقت اصابعها من تصرفات حليفها السابق..أي الاخوان.. ولكنها لاتضمن أن يصل الي الحكم تيارات ليبراليه.. قد تتجه الي الانتقام وتمارس بدورها سياسة الاقصاء.. وندخل في دوائر تاريخيه مفرغه من الاقصاء والاقصاء المتبادل.ولذا فإنها تقف حائره بين هذا وذاك.. وقد تصبح قنابل متفجره في وجه الجميع.. حكاماً ومحكومين
إن المصريين كما تظهر نتيجة الاستطلاع يجعلون من بين اولوياتهم مشاركة الاحزاب الاسلاميه في الحكم - الاولويه السادسه بنسبه ٥٠٪ - ولكن مظاهرات واحداث يوم الجمعه الماضي يمكن ان تضيف سبباً جديداً لتخوف التيارات الدينيه علي مستقبلها، من جهة أن اغلب الشعارات طلبت (سقوط ماأسمته حكم المرشد).. وباعتبار ان غالبية التيارات الليبراليه تعتقد ان الاحزاب الدينيه تأتمر بتوجيه من الاخوان.. او علي الاقل تنسيق معها. إن هذا مايجعل لمخاوف التيارات الدينيه بشأن المستقبل مبررا قوياً.. هي في الأصل مسئولة عن بعض كبير من اسباب نشوئه. 
لقد نتج هذا كله عن مناخ متخبط في الفتره الانتقاليه، ووضع عليه (تاج العار) دستور مشوه غير مقبول، اقر الرئيس نفسه بالحاجه الي تعديله قبل ان تبدأ عمليه التصويت عليه، وأقرت اللجنه العليا للاستفتاء بان ٣٦٪ من الناخبين يرفضونه.. والاستفتاء علي الدساتير ليس مثل الاقتراع في الانتخابات.. اذ لابد ان تتوافر له أغلبيه كثيفه.. تؤكد التوافق العام حوله. ولن اتطرق هنا الي الدلالات المؤكده حول عدم نزاهة عمليه الاستفتاء علي الدستور التي تشكك يقينا في دقه رقم ال٦٤٪ من المؤيدين للدستور. أبسط دليل علي هذا ان الارقام الرسميه تقول ان محافظات القناه قد اعطت تصويتا ايجابيا لصالح وثيقه الدستور، ولكنها هي التي شهدت اشد احداث يوم الجمعه سخونه.. ففي السويس سقط تسعة شهداء، وفي الاسماعيليه تم حرق مقر حزب الحريه والعداله في منتصف نهار الاحداث، وفي يوم السبت التالي شهدت بورسعيد غضبا كان قائما وانفجر بعد صدور الاحكام الاوليه في قضيه مذبحة الاستاد. 
إن الحكم في مأزق.. هذه حقيقه لاجدال فيها وإن حاول الهروب منها الي الامام بمزيد من التعقيد. وليس دورنا هو أن نبحث للحكم عن (مخرج) من مأزقه..لأنه اصلا قد لايكون يريد أو لايراه كذلك. لكن الأهم والأعم أن البلد كله في مأزق اشمل واخطر. هذه حقيقه دعمها دستور لم يحسم كل مسائل التباعد بين فئات المجتمع. وبعيداً عن الجدل حول شرعيه الجمعيه التأسيسيه التي أنتجته فإن (مؤتمر مصر) سيكون خياراً حتمياً يجب ان تذهب اليه كل الاطراف..وبحيث يكون مؤتمراً ل ( الرؤوس المتساويه).. لكي تضع داخل إطار سياسي - علمي حلولا للتعقيدات المتشابكه وتفك خيوط الغزل المجتمعي الممسك بخناق الجميع. 
مؤتمر يُعاد فيه بناء الثقه.. لايكون هدفه الاول بلوغ دستور جديد وعصري ومتوافق عليه.. بل ان نتناقش فيما لم نتكلم فيه بدقه وعمق.. أن تُطرح عليه كافة المسائل غير المحسومه إستنادا لاوراق مكتوبه وموثقه ومدروسه.. وبحيث تقوم فيه النخبه بما فاتها بينما كانت مستغرقه في الالهاء السياسي خلال العامين الماضيين. 
مؤتمر يقرر ماهي مصر، وماهي هويتها، وكيف تحافظ علي تنوعها، وكيف تكون بوتقه للصهر لا القهر، ويُعرف بفئاتها، ويَعترف بمكوناتها، مهما كانت إنتمائاتها أو عقيدتها أو إتجاهاتها. 
مؤتمر يضع تعريفاً لدور مصر، وطموح شعبها الداخلي والخارجي، الآني والمستقبلي، ويوصف أبعاد الامن القومي، ويحدد دوائره وتحدياته، ويقرر ماهي الأساليب التي تحقق المصلحه في التعامل مع تلك التحديات. 
ومن ثم يُعرف المؤتمر ماهية الدوله التي يريدها هذا الشعب لمصره، وماهو دورها، وكيف تكون سلطاتها، وماهو دور مؤسساتها، ويفرق بين الدوله وبين إدارتها.. فاللدوله ثوابت لاتغيرها الادارات، ويحدد ماذا سيكون علي الإدارات ان تقوم به وماذا عليها الاتقترب منه.. ايا ماكان حجم شرعيتها الانتخابيه.. وبذا يكون قد حدد طبيعة النظام وقواعده..وفرق بين الدوله والإداره.. فلاتأتينا إداره يكون من غيها أن تغير طبيعة الدوله.
مؤتمر يضع تعريفاً للعلاقه بين الفئات المجتمعيه، ويتوافق علي معني للعداله الاجتماعيه، وبالتالي يحسم التوتر الاجتماعي العريق بين عموم الطبقات والرأسماليه، لايضع برنامجا اقتصاديا، وإنما يقرر المبادئ العامه التي لاتحيد عنها إداره، كانت يمينيه او يساريه. 
مؤتمر يحضره الجميع بدون تمييز، لا ابعاد ولا اقصاء، يترك السياسيون علي بابه ايديولوجياتهم، ويعكفون علي نقاش مستفيض أيا ماكان وقته..فمثل تلك الامور لن تحسم في ثلاثه أيام أو أسبوع.. وإنما قد يمتد التحضير له اشهرا.. يدخله الحاضرون وقد إجتهدوا في ان يعبروا عن أفكار محدده لا مبادئ جامده. 
من هذا المؤتمر المؤسس، يمكن ان يتم وضع معايير إختيار جمعيه تأسيسيه منتخبه جديده، لن تستغرق وقتا في ان تضع دستوراً سيكون التوافق عليه مؤكداً.. مادامت الاسس الجوهريه قد وضع إطارها هذا المؤتمر القومي. 
إن حاجتنا الي هذا المؤتمر تاريخيه وحتميه، واعتقد انه اذا لم نذهب اليه بأنفسنا واختيارنا.. فان التطورات سوف تقودنا الي ان نذهب اليه مجبرين منهكين.. نستمع لمن يديره من خارجنا.. ويفرض علينا صفقته.. فنقبل بها.. ونواجه جميعا التاريخ بكل الخزي والعار لمسئوليتنا عن وطن نذهب به الان غياهب غير معلومه. سوف تُعلق في رقابنا جميعاً، وليس الحكم وحده، أيا ماكان عنته. 
نشرت هذه المقالة في موقع ايلاف الالكتروني ...
http://www.elaph.com/Web/opinion/2013/1/790146.html?entry=opinion

ليست هناك تعليقات: