الأحد، 22 يوليو 2012

مما قرأت لكم ... المقال الممنوع ""دولة التوكتوك ""

منع هذا المقال من النشر في جريدة الاهرامي المسائي !!! فنشره الكاتب علي صفحته في الفيس بوك ... اليكم المقال الممنوع 




المقال الذي منعه الإخوان من النشر بالأهرام المسائي - دولة التوكتوك

by Hossam Nassar on Saturday, 21 July 2012 at 23:51 ·
دولة التوكتوك 
ما حدث من من الذي يعتلي سدّة الحكم الآن من إعادة برلمان منحل ومنعدم بقوة القانون يتجاوز في مغزاه التعدي على سلطة القانون إلى المروق على الدولة، وهو إن نظرنا إليه بعين فاحصة نراه يعكس فكر جماعة هي في الأساس جماعة خارجة ومارقة من المستحيل أن تندمج مع الدولة المصرية لأن مشروعها الأساسي في تناقض مبدئي مع الدولة ويريد هدمها لإقامة دولة الجماعة بأي شكل وبأي وسيلة، ولن يهدأ للجماعة بال حتى تقيم هذه الدولة والدليل على هذا هو بدء واحد منهم بمجرد اعتلاءه أعلى سلطة في مصر وبإرشاد وإيعاز كامل من الجماعة افتعال خصومة فجة مع الدولة المصرية بكافة مؤسساتها ومع المجتمع المدني الذي يحميها وتحميه. إن البنيان الاجتماعي للدولة المصرية منذ نشأتها في فجر التاريخ قد حافظ على وحدته تحالف غير اندماجي بين المؤسسة الدينية بصورها المختلفة وبين المؤسسة العسكرية بكافة تعبيراتها، وكأنهما تآلفا على حماية الزمان والمكان، فقد حمى الدين مصر ضد عناصر التعرية الزمنية للنسيج الاجتماعي الواحد بديانة شعبية أوزوريسية ما زالت أصداءها تطلّ علينا في طقوسها وعاداتها في دينيّ الدولة الإسلام والمسيحية، فخلقت خلفية ناعمة لا يراها المصريون ولكنهم يشعرونها وهي أساس وحدتهم، كما حمت المؤسسة العسكرية خريطة مصر وحافظت على حدودها راسخة لا تتغيّر ولا تتبدّل عبر آلاف السنين، مما أسهم في خلق صورة ذهنية شعبية شامخة للجندي المصري في وجدان المصريين لا تتبدّد حتى في لحظات الانكسار التاريخية، وما أكثرها عبر تاريخ هذه الأمة الطويل العريق. وقد حافظت كلتا المؤسستين عبر هذا التاريخ المديد على المسافة التي تفصل بينهما، واحترمت كلُّ منها خصوصية الأخرى، فهما لا يندمجان ولا تنفصم عروتيهما أيضاً، مما جعل لمصر عبر العصور تلك الوسطية البعيدة عن التطرف والمغالاة، كما جعلها مهداً للتكوين المركزي الهيكلي لدولة تفصل تماماً بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية، لعب القانون وحفظ النظام فيها دوراً مركزياً وسيطاً جعلها بحق وعبر العصور مثالاً يُحتذى للحمهورية رغم عدم جمهوريتها السياسية، ولعب فيها رأس الدولة دور الفصل والحَكَم بين السلطات والمؤسسات في أداء أقرب ما يكون للديمقراطية رغم مظهره الديكتاتوري يتوائم تماماً مع طبيعة شعب يجمع بين المتناقضين، الثورة والمحافظة، فهو دائم الثورة ولكنه لا يتخلّى بسهولة عن محافظته الشديدة. وقد ساهم كل هذا التاريخ في صنع دولة مدنية حديثة على يد مؤسسها محمد على، وهو عبقري بكل المقاييس، ولكن إرجاع كل ما تحقق من تحديث ومدنية ومؤسسية لعبقريته وحده فيه غبن لهذا التاريخ المؤسسي العريق وفيه ضيم لعبقرية شعب يعرف قيمة الدولة وأهميتها لبقاءه. والجماعة ترفض كل هذا، فمشروعها قائم في الأساس على هدم هذا المشروع المدني من أساسه، ولديها مشروع للدولة البديلة التي تدمج الدين بالتشريع بالعسكرة في هيكلية أوتوقراطية ثيوقراطية فاشية واحدة تعتمد مبادئ الحاكمية والأممية والسمع والطاعة، في تناقض أساسي ومبدئي مع فكرة الدولة المصرية بشقيها التراثي والحديث، وهذا ما يفسّر هذا المروق على دولة القانون الذي فسّره البعض بالرعونة والبعض الآخر بالاستحواذ والاستقواء، وما هو إلا منهج يعكس فكراً لجماعة مارقة ترى نفسها فوق الدولة بأمميتها، وفوق المدنية بحاكميتها، وفوق الديمقراطية بسمع وطاعة وبيعة أعضاءها، ولا سبيل لمواجهتها إلا بالضغط عليها حتى تذعن إذعاناً كاملاً لمدنية الدولة وتعلن تخلّيها عن مشروعها التأميمي للدولة واندماجها في المنظومة السياسية الجديدة التى أفرزتها الثورة استكمالاً لمشروع مدنية الدولة التي ناضل من أجلها من ناضل عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر، وإلى أن يتمّ هذا، فلا مجال لمهادنة دولتهم البديلة التي ترى في التوكتوك مثالاً وذريعة ومقدمة لهدم الدولة، فإما الإذعان أو الإزاحة، والله أعلم.       
حسام نصار

ليست هناك تعليقات: