إنه يوم خاص جداً.. ذلك اليوم الذي دعوت فيه مئات الأصدقاء لحضور حفل توقيع كتبي مدونات أميرة بهي الدين، دعوت أصدقاء قدامي وأصدقاء لم أرهم منذ سنوات بعيدة وأصدقاء اتواصل معهم يومياً، أصدقاء منذ عشرات السنين وأصدقاء منذ شهور وأسابيع قليلة، أصدقاء عرفتهم وعشت معهم وشاركتهم تجارب حياتية كثيرة،
وأصدقاء عرفتهم وأحببتهم من العالم الافتراضي ومن خلف شاشات الكمبيوتر، لكن جميعهم يحتلون قلبي ومعزتهم تسكنه، أصدقاء متناقضي الأفكار والآراء لكنهم جميعاً أصدقائي، يؤكدون لي صحة مقولتي التي أرددها دائماً أنا كل المتناقضات، نعم فهؤلاء الأصدقاء المتناقضون المختلفون تربطني بكل منهم علي اختلافهم وشائج قوية وعلاقة عميقة وفهم واحترام متبادل، بيني وبين بعضهم تاريخ قديم،
وبيني وبين بعضهم حاضر نعيشه، أصدقاء زملاء عمل معارف، يساريون يمنيون اناس لا تهتم بالسياسة إطلاقاً، شباب في عمر ابنتي، كبار يقتربون من سن أبي، رجال إخوة كأن صداقتنا العميقة دماء تجري في عروقنا، زملاء الجامعة والمحامون والناشطون الحقوقيون، بيننا تاريخ طويل أصدقاء أحباء احتفلوا معي بكل مناسباتي العائلية والخاصة، نساء حبيبات بعضهن يعرفنني أكثر مما أعرف نفسي، وبعضهن يعرف مني وجهاً واحداً لا يتصور وجود غيره، بعضهن يعرفن أميرة المحامية وبعضهن يعرفن أميرة الجارة وبعضهن يعرفن أميرة الصديقة وبعضهن عملن معي وشاركنني رحلة العمل المهني الشاق، وبعضهن قابلنني في انتخابات نادي الصيد وبعضهن شاركنني المؤتمرات النسوية، بعضهن جلسن معي في حجرة المحامين ننتظر قضايانا، دعوت الجميع بمنتهي الحب.. أتمناهم يقبلوا دعوتي ويزينوا بوجودهم تلك الليلة التي كنت أنتظرها حلما لا أتصور أنه سيتحقق، دعوت الجميع بمنتهي العشم اتمناهم يستجيبوا لدعوتي، فأصدق أكثر مما أصدق أن الحب لا يغادر القلوب وأن التاريخ لا يمحي وأن الدم أبداً أبدا لا يتحول ماء بارداً وأن الصداقة الحقة هي كنز العمر!!
حب الناس
إنه يوم خاص جداً.. يوم خاص جداً.. من الأيام القليلة التي عشتها سعيدة بلا منغص، بلا شائبة غضب أو حزن.. يوم أحسست فيه أن الحياة تمنحني في لحظة ما كل سعادتها أحسست أن الحياة تهدهدني، تحتويني، تأخذني في حضنها وتحتويني يوم أحسست فيه أن الله سبحانه وتعالي يكلمني، يرسل لي رسالة يقول لي أنه راض عني ويحبني فلولا رضاؤه ومحبته ما أحبني الناس فحب الناس نعمة إلهية يهبها الخالق العظيم لحكم لا نفهمها، وكما قال المثل الشعبي المصري الجميل اللي ربنا يحبه يحبب فيه خلقه دوي هذا المثل في أذني في ذلك اليوم الخاص، دوي في أذني وقت رأيت أصدقائي وأحبائي ملتفين حولي تلمع عيونهم بالفرحة ويلون الحب وجههم فتسطع كأقمار الليل في الظلام الموحش البهيم، دوي ذلك المثل الشعبي في أذني حين استجاب لدعوتي وندائي عشرات بل مائتان ويزيد من الأصدقاء الأحباء الأعزاء الذين تمتد بيني وبينهم حبال الوصل والحب، ربما بعدنا ربما فترت العلاقات ربما انشغلنا عن بعضنا البعض ببلادة كريهة، لكن الحب بقي وقود القلب يدفئه وحين دعوتهم جاءوا يحملون قلوبهم علي أكفهم تنبض بصدق مشاعرهم وحقيقتها المتوارية!! يوم حمل لي رسالة حب استقبلتها وفهمت كل معانيها وفرحت بها وشكرت ربي علي فيض نعمه!!
يوم خاص جداً كنت أنتظره في منتهي التوتر.. هل ستأتي الاحتفالية مثلما أريد حميمة كما أطمح، دافئة كما أحلم، أم ستأتي باردة كروادها الذين سيأتون للحفلة علي سبيل المجاملة أو الفضول بلا قلوب، كنت انتظر اليوم مرتبكة كأني طفلة صغيرة دعت أبويها لحفل المدرسة الذي ستغني فيه لأول مرة، تتمني تسعدهم.. تتمني أن يفخروا بها فيمنحوها نظرة الرضاء والإعجاب فتحلق فوق السحاب من السعادة ولا تهبط أبداً كنت أنتظر اليوم خائفة ألا تمنحني الحياة وجهها السعيد في يوم جميل كنت أتمني فيه وبالتحديد أجمل وجوهها!!
المدونات
وتلك الليلة بدأت منذ سنتين سابقتين حين بدأت أدون علي الإنترنت كنت قبلها لا أفهم في الإنترنت، ولا أعرف كيف أتعامل معها وأعتبره عالماً غريباً ومخيفاً ثم يوما بعد يوم قررت ولوج ذلك العالم الغريب غاضبة من جهلي بكيفية التعامل في ذلك العالم، والجميع حولي صغاراً وكباراً يعيشون فيه.. دخلت عالم الإنترنت اتخبط.. أحاول أكتشف آلياته وقوانين التعامل فيه ودخلت عالم الفيس بوك غريبة لا أعرف أحداً، ويوما بعد يوم اكتسبت صداقات ببشر لا أعرفهم اتقبلهم كما يقدمون نفسهم، بصور قد تكون حقيقية وقد تكون مزيفة، في البداية كانت لعبة، كأننا مجموعة أطفال، نهدي بعضنا البعض اللعب والعرائس والورود والدباديب ،وسرعان ما اكتشفت أن ذلك العالم يضم مجموعات مختلفة، يجمع بين كل مجموعة وحدة الفكرة أو الهدف، وحين تنضم لمجموعة ما تتعرف بغير جهد علي الناشطين من أعضائها، وبعد الفيس بوك، اكتشفت عالم التدوين، انه يوجد علي الإنترنت صفحات متاحة يمكنك اقتناء واحدة منها تكون صفحتك الخاصة، تمنحها اسماً وعنواناً وشكلاً وألواناً وتكتب فيها ما تحبه وتنشره في الفضاء ضمن صفحات التدوين الكثيرة، فيعثر علي كلماتك قارئ ما يقرؤها ربما يحبها ربما يكرهها ربما يشفق عليك من النشر وحيدا فيهديك تعليقا علي ما كتبته.. ودارت العجلة!!
وخلال السنتين الماضيتين أنشأت علي الإنترنت أربع مدونات: الأولي منحتها عنوان ياما دقت علي الرأس طبول أقص فيها تجاربي وأحاسيسي وانفعالاتي وآرائي في موضوعات مختلفة حسبما يتراءي لي، الثانية منحتها عنوان ضل راجل ولا ضل حيطة وقررت أخصص صفحاتها لنشر دراساتي وأبحاثي التي انشغلت بها قرابة خمسة وعشرين عاما عن التمييز ضد النساء والمساواة القانونية بين النساء والرجال وعن التغييرات التشريعية والواقعية التي تلحق بمجتمعنا وتخص النساء وتؤثر علي حياتهن ووجودهن، الثالثة منحتها عنوان قوس قزح ملون وفيها أعدت نشر جميع مقالاتي التي كتبتها ونشرتها في هذه الجريدة العظيمة جريدة روزاليوسف التي أنتمي لها وأعتبر نفسي واحدة من كتابها، الرابعة منحتها عنوان الشوارع حواديت وفيها عشت تجربة الحكي والسرد وقص الحواديت، ولم اكتف بإنشاء تلك المدونات والنشر فيها بشكل دوري منتظم، بل قررت أعرض بعض ما أنشره في تلك المدونات علي أصدقائي في الفيس بوك وأدعوهم بإلحاح رهيب لزيارة المدونات ومطالعة موضوعاتها وإبداء آرائهم فيها..
وفعلا دارت العجلة، أنشر في المدونات، الأصدقاء في الفيس بوك وقراء المدونات يقرءون ويطالعون ما أكتب ويعلقوا عليه ويقولون آراءهم.. وافقت بعد وقت لم أحسب مدته علي حقيقة واقعة، أنني كتبت ونشرت عشرات بل مئات المواضيع في تلك المدونات، وألح علي الأصدقاء لنشر تلك المدونات في كتب، وصادف إلحاحهم عندي هوي جامحاً يتوق لرؤية اسمي فوق تلك الكتب باعتبارها بنات أفكاري فأقدم نفسي للحياة وللمجتمع، ليس فقط باعتباري محامية ولا ناشطة حقوقية، بل باعتباري كاتبة، ذلك اللقب العزيز الذي منحته لي جريدة روزاليوسف وقت فتحت صفحة الرأي فيها لمقالاتي كل أسبوع، فقبل ذلك النشر في جريدة روزاليوسف كنت إنسانة أتصور نفسي أجيد الكتابة وأحلم باسمي مطبوعا فوق آرائي وأفكاري، لكنه كان مجرد حلم لا أثق في أنه سيتحقق!!
قررت نشر المدونات!! قرار حاسم مخيف، اتخذته ليس فقط لأن أصدقائي الحوا والحوا يتشاجرون معي يدفعونني لنشر كلماتي وأفكاري باعتبار أن تركها علي الإنترنت دون توثيق ورقي إهدار مخيف، فقد يحدث ما لا نعرفه فنستيقظ يوما نجد أفكارنا قد محيت من فوق صفحات الفضاء الإنترنتي، فتكون كارثة لا يعرف أحد مداها ولا فداحتها، بل اتخذت ذلك القرار، لأنني طمعت في قراء أكثر تنوعا من جمهور ومرتادي الإنترنت!! قرار اتخذته وأنا ارتعش خوفا، لقد كنت أكتب بمنتهي الحرية والانطلاق، لا أبحث عن ناشر، ولا أفكر في مزاج القارئ وحالته النفسية، أكتب بمنتهي الحرية والانطلاق لأن الكتابة تسعدني من ناحية ولأنها تحتلني بحروفها وأفكارها ومعانيها من ناحية أخري، كنت أكتب لأعيش سعيدة وأنشر في الفضاء، لكن تحويل ذلك كله لكتب مطبوعة تتداولها الأيدي ويطالعها القراء ويفحصها النقاد والمتخصصون أمر مرعب فأنا كتبت كما يعن لي سوآء من حيث المضمون،أو من حيث الأفكار أو طريقة العرض، لكن الكتب المطبوعة لها قواعدها الخاصة التي بالطبع لم ألتزم بها، سأنشر المدونات وأنا مرعوبة وكدت اتراجع وكفي الله المؤمنين شر القتال، ثم قررت نشرها علي حالها كما هي بكل موضوعاتها وأفكارها وطريقة كتابتها وهي يعني موتة ولا أكتر!!.
وقد تحمس لرغبتي دار المحروسة للنشر الصديق فريد زهران، تحمس لرغبتي في نشر مدوناتي كما هي، باعتبار الكتابة فيها جنساً جديداً من الكتابة والأدب، له مواصفات خاصة تختلف عن الكتابة المطبوعة وقواعدها المستقرة، وانتهينا بعد مداولات كثيرة لنشر المدونات الأربع في سبعة كتب تحمل جميعها عنوان مدونات أميرة بهي الدين، سبعة كتب وأربع مدونات، تضم بين أغلفتها مشوار حياتي باختلاف تجاربه، نعم أشفق فريد زهران علي القارئ الذي سيجد بين يديه سبعة كتب دفعة واحدة لكاتبة لا يعرفها الكثيرون، وكدت أتراجع عن فكرة نشر السبعة كتب مرة واحدة، وانشرها تباعا، حتي يعرفني القارئ ويعتاد علي حروفي وكلماتي وينتبه لمذاقها الخاص وهي قادمة إليه من فضاء الإنترنت بفطرتها بعفويتها بتمردها، تختلف عن الكلمات المطبوعة الرصينة التي اعتاد علي قراءتها، لكنني في الآخر انحزت لنشر السبعة كتب دفعة واحدة علي معرض الكتاب يناير 2010، كأني أقول للقارئ هذا أنا، أفكاري آرائي حروفي كلماتي، جميعا تحت بصرك باختلاف أشكالها، حواديت، دراسات، مقالات، خواطر وأفكار وأحاسيس، هذا أنا، هذه الكتب تحكي مشوارا عشته، تقص عليك تفاصيل حياة ارهقتني وأرهقتها، وأنت لك مطلق الحرية، تقرؤها بالطريقة والكيفية التي تحبها!!
قواعد النشر
كنت متحمسة لنشر المدونات والكتب.. أخفي وجلا دفينا، متحمسة للنشر يحيطني أصدقاء كثر يفوق حماسهم حماسي للنشر، نساء يرونني تمردت علي جدران الصمت وانتصرت عليها وتكلمت ويتمنين أن يتكلم مثلي، شباب يراني أحقق بعض أحلامي ويتمني يحقق أحلامه مثلي، كثيرون يرون حروفي وكلماتي انتصارا علي هزيمة تصوروا، أنا أمسكت بتلابيبي وكسرتني، فإذا بي أخرج من تحت الرماد أقبض علي كتب سبعة تصرخ أحب الحياة وأحب الكتابة وأحبكم جميعًا! طبعًا عانيت الأمرين لنشر تلك الكتب السبعة، أكتب إهداءات لسبعة كتب، أكتب مقدمات لسبعة كتب، ألح علي الأصدقاء لقراءة الكتب وكتابة مقدمات لها، أبحث عن عبارات جذابة أنشرها علي الأغلفة الخلفية تشد بصر واهتمام القارئ وتحفزه لشراء الكتاب ومعرفة ما الذي يحتويه، أفكر في شكل الأغلفة، التي أريدها مبهجة ساطعة جميلة حميمة، أريدها تكشف حالتي النفسية وقت أكتب فأفرح فأسعد.. فأحلق في السماء! وفي النهاية، وبعد جهد كثير - وعصبية وتوتر واضطراب - تحمله الناشر والمشرف الفني علي دار النشر والكثير من الأصدقاء، صدرت الكتب السبعة في شكل فني جميل لم أكن أحلم بأجمل منه!
واستسلمت نسخا من كتبي، أضعها أمامي وأتأمل أغلفتها واسمي عليها، أتأمل الألوان وشكل الكتابة والرسومات فابتسم فرحة لا أصدق ما أراه بعيني، افتح الكتب وأجري بعيني فوق صفحاتها أقرأ الإهداء والشكر والمقدمة وأبتسم فرحة لا أصدق ما أمسكه بيدي، وأخذت أوزع في نسخ الكتب للأصدقاء والمتخصصين في الثقافة ومسئولي الصفحات الأدبية، أوزعها ودقات قلبي تتسارع خوفا، انتظر إهمالاً يرعبني فتبقي الكتب فوق الأرفف وفوق المكاتب تتراكم عليها الأتربة ولا تجد من ينظر لها أو فيها بعين حانية، أوزعها ودقات قلبي تتسارع فزعا، انتظر أنصالا تمزقني ونفورًا من كلماتي التي أحبها يخيفني، لكني لا أكف عن توزيعها ولا أفقد الأمل في قراءتها وأطمح في كلمة تقدير أسمعها من هنا أو هناك! وبعد كل الرعب والخوف، أعود للكتب أقبض عليها، أكاد آخذها في حضني وأنام أحلم بالفرحة، لماذا لا أفرح، وقد حولت أهم أحلامي لحقيقة واقعة أعيشها بمنتهي السعادة!
وكان لابد من حفلة توقيع للكتب، حفلة ندعو فيها الأصدقاء والأحباء لتدشين نشر تلك الكتب والإعلان عن وجودها في المكتبات، وتحمست للحفل وازداد خوفي، سأدعو الكثيرين لكن من سيحضر؟ سأدعو الأعزاء للحديث عن الكتب ومضمونها لكن من سيفي بوعده ويتكلم؟ وانشغلت بتفاصيل الحفل وكيفية إخراجه للضيوف، انشغلت ومعي فريق من المخلصين، جميعنا نعمل لهدف واحد، حفلة توقيع حميمة يحضرها الأصدقاء والأحباء بمنتهي الحب للكاتبة وبمنتهي الفرح لصدور الكتب ومنتهي السعادة لتحقيق الأحلام.
الأحلام تتحقق
واقتربت الساعة من السادسة، يفتح باب المصعد في الدور الرابع بنقابة الصحفيين ويخرج أحد الأصدقاء فابتسم سعيدة كنت أظنه منشغلا لن يأتي، وخلفه صديقة لم أرها منذ سنوات فلا نتعاتب بل نتعانق بمنتهي الحب وأسمع كلمات مباركتها فأصدق كل حرف فيها وأكاد أموت خجلا، ويتوالي وصول الأصدقاء الأحباء، تزين وجوههم الابتسامة وتلون ملامحهم الفرحة وتكاد قلوبنا تقفز من بين الضلوع تتعانق وتدوي همسات المباركة وأحسني في حلم جميل يسرقني من العالم الموحش يخطفني لرحابة بهجته يأسرني في ألوانه الساطعة الدافئة الحميمة الصادقة،
و.... حين أجلس علي المنصة بجواري الأصدقاء والأحباء للحديث عن الكتب التي ألفتها استشعر فخرًا وخجلا، لأن هؤلاء الضيوف الأعزاء منحوني وقتهم واهتمامهم وحبهم وجلسوا بمنتهي الصدق والتلقائية يتحدثون عن كاتبه وكتب تستحق الحديث عنها، وحين ألمح وجه أبي جالسا وسط الضيوف في الصف الأول أحس الحياة جميلة، فما أجمله إحساساً حين تستطيع أن تمنح أباك إحساسًا بالسعادة وحين تقدم ابنتي الكبري الحفلة بكلماتي التي انتقتها من بين سطوري وأسمع صوتها موسيقيا عذبا فرحا، أحس الحياة حنونة وحين ألمح ابنتي الصغري تجلس في مقعدها مبتسمة سعيدة لأن الضيوف يصفقون لأمها تحية حب، أحس الحياة مبهجة فما أجمله إحساس حين امنح ابنتاي أجمل ما في العمر وحصاده المبهج إحساسًا بالفخر بأمهما، وحين ألمح الفرحة تلون وجوه المحامين والعاملين معي بالمكتب أحس الحياة منصفة، فما أجمله إحساس حين أمنح الرجال العاملين معي إحساسا بالزهو لأن أستاذتهم المنشغلة بالقانون تسللت خلف ظهورهم ووسط انشغالاتها وكتبت كل تلك الكتب بتنوع مواضيعها فأظهرت لهم وجها آخرا لم يكونوا يعرفونه عن الأستاذة التي عاشوا معها سنين طوالاً، وحين ألمح النظرات الفرحة والابتسامات الصادقة تزركش وجوه كل الضيوف الجالسين أمامي ينصتون لحديث الضيوف وحديثي عن كتبي السبعة تلتهب وجنتاتي خجلا، فأنا لا استحق كل تلك الكلمات ولا كل تلك المشاعر، فكل ما فعلته أني كتبت ما أحببت كتابته وما أسعدني... وفي نهاية الليلة، أحلق في السماء منتشية سعيدة، فقد أثبتت لي الحياة كما كنت أؤمن دائمًا بأن بعض الأحلام يتحقق!
التجربة الإنسانية
الفقرة الأخيرة - لا أروج للكتب التي أصدرتها، بل أقص عليكم تجربتي الإنسانية السعيدة، فأنتم قراء الجريدة وقراء مقالاتي شركائي في الفرح، وكنت أتمني أدعو كلاً منكم شخصيا لحضور ذلك الحفل، فأنتم أول من قرأ لي وأول من شجعني وأول من ساندني وأول من ساعد في تحقيق أحلامي.
الجملة الأخيرة - لا يفهم الكثيرون معني وقيمة الكتابة في روزاليوسف، لأنهم لا يؤمنون بحق بالديمقراطية واحترام الآخر وممارسة الاختلاف في الأفكار والآراء بطريقة ديمقراطية حقيقية، لكنني أعتز بجريدة روزاليوسف التي منحتني فرصة تحقق أحلامي ومنحتني لقب كاتبة وعلمتني أن الديمقراطية واحترام الآخر ليس كلمات نتشدق بها، بل موقفاً عملياً نعيشه واختباراً متجدداً يتعين علينا دائمًا خوضه والنجاح فيه... حين أصف نفسي بأني كاتبة في جريدة روزاليوسف أحس منتهي الفخر ومنتهي الامتنان للحياة التي منحتني أكثر مما استحق!
السطر الأخير - في مواجهة فيض الحب الذي اجتاحني من أصدقائي وأحبائي يوم حفلة توقيع كتبي لا أملك إلا أن أشكر ربي علي كل نعمه.
الكلمة الأخيرة - الأصدقاء هم كنز العمر وأغلي ما فيه، كلمة أعرفها جيدا، وأصدقها جدًا ويزداد إيماني بها يومًا بعد يوم.
هناك تعليق واحد:
الاخت العزيزه اميره
ولك قراء واصدقاء في البحرين يتابعون ماتكتبين ومعرض الكتاب ابتداء امس وانشالله تكون كتبك موجوده
ونعتز والله بهذا الجهد والروح الانسانيه الرفيعه التي تنشرها كلماتك
مع كل الموده والتقدير
احمد الذكير
إرسال تعليق