كنت أؤمن أن بيننا تاريخًا واحدًا ونتحدث لغة واحدة ولنا مصالح مشتركة!!
كنت أؤمن بأننا نعيش عصر أمجاد يا عرب أمجاد وكنت أغني وطني حبيبي الوطن الأكبر جيل ورا جيل أمجاده بتكبر.
هكذا عرفت الدنيا وقت فتحت عيني عليها .
كنا نأخذ اجازة من المدرسة يوم 22 فبراير باعتباره عيدًا للوحدة بين مصر وسوريا، رغم أن الوحدة انفصمت عراها بين الإقاليم الجنوبي والإقليم الشمالي قبل أن يجف مداد توقيع اتفاقياتها وقبل انتهاء احتفالاتها.
وكنا نهتف للعلم المصري تحيا الجمهور العربية المتحدة رغم أن تلك الجمهورية المتحدة لم تكن موجودة ولم نكن نعيش في ظلها!
لكن الواقع العربي الكريه عبر عمري وأعوامه الخمسين قرر فقء عيني فأرسل لطفولتي ومراهقتي وشبابي ونضجي رسائل واضحة تزعزع كل اليقين الذي تربيت عليه وآنست له وصدقته.
رغم أني طيلة حياتي كنت باتلكك من أجل العثور علي أي إشارة، معني كلمة، قصيدة، خبر يدعم قناعاتي العربية ويقيني بالأمة الخالدة ووطني حبيبي الوطن الأكبر.. يوم ورا يوم أمجاده بتكبر.. وانتصاراته مالية حياته وطني بيكبر وبيتحرر.. وطني وطني.
لكننا للأسف وبعد فوات الأوان اكتشفت أن الواقع أصدق أنباء من الكتب وأننا لا نعيش إلا في الأغاني وكلماتها الجميلة فقط!
كنت في الصف السادس الابتدائي وبدأت أحداث ايلول الأسود عام 1970 حربا ضروسا بين ملك الأردن الملك حسين وجيشه ومخابراته وبين المنظمات والفصائل الفلسطينية التي تعيش في الأردن.
وقتها لم أفهم كيف يضرب الملك العربي وجيشه العربي الفلسطينيين.
أليس الفلسطينيون هم الشعب العربي الذي نقف كلنا خلفه ومعه ندافع عن أرضه ونكره إسرائيل التي احتلت وطنه وزرعت كشوكة في قلب الأمة العربية وخنجر في خاصرتها.
كيف يضرب الملك العربي الفلسطينيين العرب وعقدت قمة عربية أوقفت الحرب وأوقفت قلب جمال عبد الناصر معها و...قيل كلام كثير ومبررات أكثر جميعها تتناقض مع فكرة القومية العربية.
لكنني وبإصرار عاطفي قررت انسي ما حدث ولتحيا الأمة العربية.
وقامت حرب أكتوبر وأنا في الصف الأول الثانوي وفتحت الجبهة السورية والمصرية واشتعلت المعارك علي طول الجبهتين وقطع الخليج والسعودية البترول عن أوروبا وأرسلت العراق والجزائر جنودهما لمؤازرة جيوشنا المقاتلة ودعمتنا ليبيا بالطائرات والدولارات وتضامن العرب وانتصرنا في الحرب وعاد يقيني بالعرب والعروبة ولتحيا الأمة العربية.
بعدها بعامين ذهبت للكويت رفقة أبي الذي اعير للعمل هناك.
دخلت مدرسة عربية مليئة بالتلميذات المصريات الفلسطينيات، السوريات، الأردنيات، اللبنانيات، واشتبكت الفتيات في صراعات وخناق وردح بعضه متعلق بالسياسة والحرب والصلح وبعضه متعلق بصراع آبائهن علي الوظائف الكويتية.
وسمعت خلي بالك من الفلسطينيين بيكرهوا المصريين وسمعت من العراقيين أن نساء مصر راقصات وسمعت من الكويتيين أن ستات مصر رقاصين وستات لبنان صايعين والمقررات هناك سهلة كما قال سعيد صالح في مسرحية مدرسة المشاغبين.
وسمعت من العراقيين أن السوريين خونة وسمعت من المصريين الفلسطينيين باعوا أرضهم وعايزنا نحارب لآخر جندي مصري، وسمعت من الفلسطينيين أن فتح خاينة لا الجبهة الشعبية هي اللي خاينة لا الجبهة الديمقراطية هي اللي ستين خاينة! ولتحيا الأمة العربية.
وساقتني الأقدار في نفس العام 1976/1975 لحضور مباراة كرة يد بين الفريقين المصري والكويتي غالبا حسبما تسعفني الذاكرة في نهائي بطولة عربية لكرة اليد بالكويت العاصمة وفي استاد المباراة ينفجر تعصب كل جمهوره لفريقه ووطنه، وإذا بالجمهور الكويتي يشتم المصريين والجمهور المصري يشتم الكويتيين والحكم ينحاز للكويت ويصرخ المصريون أنهم اشتروه ويطرد لاعبين مصريين وتفوز مصر بالكأس ويشتم الجمهور المصري الكويت التي اشترت الحكم بفلوسها لكن معرفتش تكسب الماتش لأنهم فشلة وخايبين.
ويعايرهم الكويتيون بالفقر الذي أجبرهم للعمل خدامين في بلادنا فيذكرهم المصريون لما كنت بترعوا الغنم وكنا بنبعت المدرسين ونعلمكم.
وفي الكويت تحدثت الفتيات في المدرسة فلم يفهمن بعضهن، نعم جميعهن يفهمن لهجتنا المصرية ونحن نفهم السوريات، والعراقيات يفهمن لهجة الكويتيات ونحن المصريات لا نفهم ماذا يقلن وأين اللغة العربية التي نكتبها ولا نتحدث بها!
وابتسم العارفون بالأمور وأوضحوا دي لهجات إقليمية ووطني يا أغلي وطن في الدنيا.. وطني يا قلعة للحرية أنت الباني مع البانيين.. وأنت الهادم للعبودية.. الصوت صوتك حر وعربي.. مش صدي شرقي ولا صدي غربي.. ياللي ترابك كحل.. عيني ياللي هواك عطره بيحييني.. أنت حبيبي يا وطني العربي! و... لتحيا الأمة العربية!.
وفي عام 1975 ولقرابة عشرين عاما، تقاتل اللبنانيون فصائل وفرقا وشيعًا دينية وسياسية في حرب أهلية ضروس وصرخ السادات ارفعوا أيديكم عن لبنان، لكن سوريا والعراق وإيران وإسرائيل مدوا أيديهم وأذرعتهم وقواتهم وجرائدهم وحلفاءهم داخل الوطن الصغير وبثوا الفتنة أكثر وأكثر بين فرقائه.
وأكلت الحرب الأهلية الأخضر واليابس وأتاحت لإسرائيل اجتياح الأراضي اللبنانية.
وشاهدنا مذبحة صبرا وشاتيلا للفلسطينيين العزل بتنسيق وتواطؤ بين إسرائيل والميليشيات المارونية اللبنانية العربية، حيث مات آلاف العرب الفلسطينيين ومثل بجثثهم وقطعت أوصالهم و... لتحيا الأمة العربية!
وفي خريف 1977 يعلن الرئيس السادات عن استعداده لزيارة إسرائيل أنا مستعد أروح لآخر الدنيا.. لمواجهتهم.. مستعد أروح ... حتي في عقر دارهم.. مستعد أروح أواجههم داخل الكنيست الإسرائيلي نفسه.
وصفق الحاضرون في مجلس الشعب بمن فيهم العقيد القذافي وياسر عرفات باعتبارها عبارات حماسية صدرت بطريقة عفوية من الرئيس السادات، ولكنها لم تكن كذلك وكانت موقفا سياسيا أخذه السادات، وسارت عجلة الأحداث وتحدد موعد للزيارة يوم 19 نوفمبر واشتعلت الدنيا وانقسمت الأمة العربية وتكونت جبهة الصمود والتصدي العراق سوريا الجزائر ليبيا واليمن الجنوبي المنظمات الفلسطينية وقررت تجميد العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وتراشق الجميع بالاتهامات السياسية وسمعنا عن الخيانة والعمالة والتفريط وانفرط عقد الأمة العربية الواحدة، وفي مؤتمر جبهة الصمود والتصدي ضد مصر اختطف الرئيس القذافي ياسر عرفات من الفندق لاجباره علي مصالحة ملك الأردن الذي كان انتصر علي الفلسطينيين في معركة ايلول الأسود عام 1970 وطردهم من الأردن.
وسارت المظاهرات في العواصم العربية تهتف ضد مصر زعيمة العالم العربي والشقيقة الكبري.
وانهال الرئيس السادات علي رءوسهم سبا وتقريعا وانتقادا ومحدش يزايد علي مصر ومصر حاربت من أجل القضية الفلسطينية وانتم عايزينا نحارب إسرائيل لآخر جندي مصري و.. انقسمت الأمة العربية وتغيرت التحالفات والمعسكرات والخرائط وتشاتم الجميع و.. لتحيا الأمة العربية.
وحلو يا مجد يا مالي قلوبنا حلو يا نصر يا كاسي رايتنا حلوة يا وحدة يا مجمعة شعوبنا حلوة يا أحلي نغم في حياتنا يا نغم ساري بين المحيطين بين مراكش والبحرين في اليمن ودمشق وجدة نفس الغنوة لأجل وحدة وحدة كل الشعب العربي!
وفي دورة الألعاب الأفريقية الثالثة المقامة بالجزائر 1978 لعب منتخب الكرة المصري مع نظيره الليبيي وفازت مصر فانقلبت المباراة لاعتداء من الفريق الليبي وجهازه الفني والجمهور الجزائري الذي كان حاضرا المباراة بالعصي والهراوات علي الفريق المصري المنتصر.
ولم تتدخل قوات الأمن الجزائرية فما كان من باقي أعضاء البعثة المصرية الحاضرين للمباراة إلا رد الاعتداء علي فريقهم وأصبحت معركة حربية حقيقية مذاعة علي الهواء في جميع التليفزيونات العربية وانسحبت مصر من الدورة ومن جميع المسابقات وارسل وزير الدفاع وقتها طائرات عسكرية بحماية سرب حربي مقاتل لإخراج اللاعبين المصريين وأعضاء البعثة من الجزائر .. ولتحيا الأمة العربية.
في 1982 سافرت للجزائر للمرة الأولي لحضور مؤتمر نسائي عربي، سافرتها عن طريق روما لأن العلاقات الدبلوماسية بين مصر والجزائر مقطوعة منذ أيام جبهة الصمود والتصدي، وهناك سمعت الشباب الجزائري يتحدث الفرنسية ولا يفهم العربية وقابلت جيل المجاهدين والمجاهدات الذي اعتبر العروبة والإسلام هويه في مواجهة الاستعمار الفرنسي الذي احتل وطنهم مائة عام ويزيد ووطني يا ثورة علي استعمارهم.. املا جزايرك نار دمرهم.. لو نستشهد كلنا فيك صخر جيالنا راح يحاربهم.. الاستعمار علي ايدنا نهايته راح من الدنيا زمانه ووقته لا في الجزاير ولا في عمان تهدي الثورة علي الطغيان إلا بنصر الشعب العربي.
وسمعت لأول مرة في حياتي وأنا أزهو بالعروبة وأؤمن بها واعتز بمساندة مصر للثورة الجزائرية، سمعت تعبير الاستعمار الثقافي المصري احتجاجا من الشباب الجزائري هناك علي الافلام والمسلسلات العربية التي تملأ تليفزيوناتهم ودخلنا في مناقشات بيزنطية صادمة لمشاعري القومية واحاسيسي العربية حول زعامة مصر المفروضة قهرا علي البلدان الأخري العربية سابقا.
وطردت العمالة المصرية من ليبيا وصمتنا كأن شيئًا لم يحدث وهتفنا تحيا الأمة العربية تقاتلت الجزائر والمغرب بسبب الدولة الصحراوية وهتفنا تحيا الأمة العربية، وقبل المصريون العمل في الخليج بنظام الكفيل الذي يقيدون باسمه ويحتجز جوازات سفرهم ولا يسافرون إلا باذنه واهينت كرامتهم وتحيا الأمة العربية، وأخرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وتوزعت فصائلها في الشتات العربي بين اليمن والعراق وسوريا وتونس وهتفنا ونحن نبكي تحيا الأمة العربية!
وانفجرت الصراعات السورية العراقية لأسباب مختلفة في حقب زمنية مختلفة واتهامات بالخيانة واتهامات بالسيطرة واحتضن كل منهم فريقاً فلسطينياً استخدمه وقت الصراع ووقت الحروب الإعلامية ووقت المعايرة بالخيانة والجبن ومازلنا نهتف تحيا الأمة العربية ووطني يا زاحف لانتصاراتك.. ياللي حياة المجد حياتك في فلسطين وجنوبنا الساهر هنكملك حرياتك.. احنا وطن يحمي ولا يهدد.. احنا وطن بيصون ما يبدد.. وطن المجد يا وطني العربي!!
وفي أغسطس 1990 اجتاحت القوات العراقية دولة الكويت العربية المستقلة واحتلتها وخلعت أميرها وأعلنتها الولاية التاسعة عشرة من الدولة العراقية وتشرذم العالم العربي واحتدمت بينه الخلافات.عقدت قمة عربية لم تسفر عن شيء.
وأصرت العراق علي موقفها واستجارت الكويت بالولايات المتحدة الأمريكية لتحريرها من الاحتلال العربي الذي ألغي خريطتها من كتاب الأطلس وغير الحدود الجغرافية وألغي التاريخ، وانقسمت الدول العربية ما بين مؤيد للاحتلال باعتباره خطوة في طريق الوحدة العربية.
ووقفت الأردن والفلسطينيون والسودان واليمن مع العراق، وصرخت دول الخليج خوفاً وفزعاً من سطوة العراق التي تهدد باحتلالهم جميعاً وكانت تستطيع لو أرادت.
ورفضت مصر والسعودية وسوريا الاحتلال العراقي العربي للأرض الكويتية العربية وفتحت السعودية أرضها لقوات التحالف المشترك لتحرير الكويت وأرسلت مصر قوات لذات الغرض، وانقسم الشارع العربي ما بين مظاهرات مؤيدة للعراق ومظاهرات ضد الاحتلال لكن ضد استخدام القوة ضد العراق القوة العربية الكبري التي تستطيع - وقت ما تريد - المشاركة في الحرب العربية ضد إسرائيل وتباهت العراق وضربت صاروخين في إسرائيل باعتبارها القوة العربية ذات اليد الطولي، وتمادت وضربت صاروخين علي السعودية أفزعا السعوديين فمنحت قوات التحالف المشترك كارتاً أبيض ليؤدبوا العراق التي احتلت الكويت وتهدد جيرانها وإخوتها العرب. وهددت العراق بضرب السد العالي لإغراق مصر عقاباً لها علي موقفها من احتلال الكويت، وردت مصر علي ذلك التهديد رداً حاسماً قوياً وهددت حنضرب ساعتها وبدراعنا، وتحررت الكويت وحفظت الجميل لأمريكا وفتحت قطر أرضها وبحرها للقواعد العسكرية الأمريكية لتكن ذراع أمريكا داخل الخليج، وتصالحت مصر وياسر عرفات والأردن وحوصرت العراق ثم احتلت ورقص بعض العرب احتفالاً بسقوط بغداد في أيدي القوات الأمريكية بمن فيهم الكثير من العراقيين، ثم اعدم رئيسها صدام حسين يوم عيد الأضحي وبكي بعض العرب وصمت الآخرون ولتحيا الأمة العربية، ووطني يا جنة الناس حسدينها.. علي أمجادها وعلي مفاتنها.. ياللي قنالك رجعت ملكك.. وأنت الخير الدنيا صيانها.. عالي السد وخد من خيره.. صنع وازرع وابني في نوره.. ياللي علاك في قلوبنا عبادة.. يا وطني كل حياته سيادة.. وطن العزة الوطن العربي.
وانقسم العربي العالم العربي الأمة العربية لدول المغرب العربي ووادي النيل ومجلس التعاون الخليجي، لكنا ظللنا أمة عربية واحدة وأمجاد يا عرب أمجاد!
وانقسم الفلسطينيون لفتح وحماس وتقاتلا ورفعا السلاح العربي ضد بعضهما وسال الدم العربي في معاركهما الطاحنة وتشاتموا وهاجموا بعضاً في الجرائد والصحف والفضائيات واعتقلت قوات كل منهم من امكنها اعتقاله من الرجال والشباب وبكت النساء العربيات الفلسطينيات معتقليهن في السجون الإسرائيلية وغرف الاحتجاز الفلسطينية أمجاد يا عرب أمجاد!
وقال بعض القوميين ممن مازالوا عروبيين قوميين مؤمنين بالوحدة العربية والأمة العربية، قالوا: إن الحكام العرب لا يعبرون عن الشعب العربي الذي لا يغلبه غلاب وعجزوا يفسروا لنا سر كراهية بعض الفلسطينيين للمصريين وسر كراهية العراقيين للسوريين وسر كراهية الفلسطينيين للأردنيين وسر كراهية الكويتيين للعراقيين وسر كراهية اليمنيين للسعوديين وسر كراهية الجزائريين والمغاربة وسر كراهية السوريين لللبنانيين كأنها أمة واحدة خلقت لتكره بعضها وتتشاجر مع بعضها وتحتل بعضها إن لزم الأمر!!!!
وتشاجر الرؤساء والملوك والأمراء العرب في ألف مناسبة وموقف تطلب توحدهم واحتاج الأمر مشتركاً منهم وتشاجروا في اجتماعات القمم العربية داخل الغرف المغلقة وعجزوا عن المناقشة والحوار وابتسموا للكاميرات والفضائيات ولم يأخذوا أية قرارات حقيقية في أي شيء وبقيت الأمة العربية علي حالها متشرذمة متفرقة متشاجرة وأمجاد يا عرب أمجاد.
لماذا تذكرت كل هذا .. ربما لأن كل الأفكار التي تربيت عليها اثبتت الأيام هزيمتها الساحقة. ربما لأني حاولت أدفن رأسي في الرمال، واتجاهل ما يفقأ العين وأنكر ما أراه، لكني فشلت من شدة التشاحن والتشرذم والاقتتال والتصارع العربي ـ العربي.
ربما لاني غاضبة جداً من كل ما حدث من الجزائر بمناسبة تصفيات كأس العالم. غاضبة من الكراهية التي تحتل اعماق شعبها تجاهنا نحن المصريين.
ربما لأني أؤمن أن الأمر يتجاوز مباريات الكرة لصراع دفين حول الزعامة العربية وقيادة العالم العربي والدور الاقليمي القومي المصري.
ربما لأني مللت الصمت وتكبيرالدماغ باسم العروبة، ربما لأنني كرهت لعب دور الشقيقة الكبري الذي يسمح للصغار والأقزام بالتطاول علينا وعلي شعبنا. نعم أعرف أنه قدرنا المصري أننا الدولة الأكبر والدولة القائدة والدول الزعيمة وأننا الشقيقة الكبري، لكن الأدب مطلوب من الأشقاء الأصغر والأدب فضلوه عن العلم وفضلوه عن العروبة أيضاَ!!!
أنا غاضبة من الجريمة الجزائرية المنظمة التي ارتكبتها دولة وحكومة وشعب الجزائر في حق المصريين بمناسبة التأهل لكأس العالم، غاضبة من الشحن الإعلامي والكراهية الدفينة وأعمال البلطجة والعنف المنظم التي مارسها الجمهور الجزائري والمنقول من الجزائر العاصمة للخرطوم بالطائرات الحربية ضد المشجعين المصريين غاضبة من البلطجة الجزائرية، ولو كنا أعملنا القانون علي المشجعين الجزائريين وقت تشاجروا في مطار القاهرة ووقت رحيلهم بعد هزيمة فريقهم.
لو كنا اعتقلنا الشابة الصفيقة المبتذلة التي وقفت أمام شاشات التليفزيون تأتي بحركات قبيحة فجة في حق الجمهور المصري وصورتها موجودة بكل الأشرطة التليفزيونية بجميع المحطات.
لو كنا اعتقلنا المشجعين الجزائريين الذين تعمدوا إحراق العلم المصري استفزازاً أمام ألوف المشجعين في شوارع القاهرة بعد انتصار فريقنا في المباراة الأولي لو كنا عملنا كل هذا ربما لوصلتهم رسالة أننا لن نتهاون في حقوقنا ولن نتسامح في أي اعتداء يقع علي أي مصري في أي مكان.
لكنا تصرفنا بمنطق الترفع والتعالي علي الصغائر وباعتبارهم مجموعة من الموتورين الغاضبين قاصدين افساد فرحتنا ولن نسمح لهم لكنهم لم يفهموا هذا، تصوروه ضعفاً أو تخاذلاً لم يسفر إلا عن مزيد من الإجرام واسألوا العائدين من السودان عما لاقوه من البلطجية الجزائريين.
أنا غاضبة جداً وكفرت بالعروبة وكفرت بالأناشيد الوطنية التي ضيعنا شبابنا بكلماتها وكفرت بالأمة العربية التي مازالت كل شعوبها تكره الشعوب الأخري تتحكم فيهم النعرات القبلية والطائفية والإقليمية يتشاجرون لأي سبب ولكن سبب سواء لقمة العيش أو السياسة أو مباراة كرة!!!
الفقرة الأخيرة - يقول البعض إن ما حدث لا يعبر عن شعب الجزائر، وأنهم زمرة من البلطجية الرعاع سواء من اعتدوا علي المصريين في الجزائر أو في السودان!! وقلت ومازلت أقول.. لم نسمع صوتاً جزائرياً يدين ما حدث!! لم نقرأ بياناً جزائرياً من الحكومة أو المثقفين يدين ما حدث!! وحتي نسمع اعتذاراً واضحاً قوياً يدين كل ما حدث في حق المصريين، فالجزائر كلها دولة وحكومة وشعباً ومثقفين مسئولون عن كل ما حدث وشركاء فيه!!!! ونحن لنا حق .. وسنأخذه!!!!
نشرت في روز اليوسف اليوميه 26 نوفمبر 2009
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=30734
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق