غَضِب المصريون غضبة شديدة للجريمة الإرهابية الأخيرة التي حدثت في سيناء، إنه الغضب الوطني الجارف على الدماء المصرية الغالية وعلى أجمل أبناء مصر وقلبها الأخضر وقتما تغتالهم يد الغدر والخسة العابرة للحدود المدعومة من أعداء الوطن لتحطيم الدولة المصرية وهدمها، وهو غضب ممزوج بالحزن الموجع ودموع القلب وإصرار عظيم على الثأر للشهداء ودمائهم.
ورغم أن كثيرا بل معظم وغالبية المصريين أدركوا خسة الجريمة وأدانوا مرتكبيها والتفوا حول قيادتهم السياسية والعسكرية دعما لقراراتها واختياراتها ورؤيتها البصيرة لطبيعة المعركة والحرب التي يخوضها الوطن ضد الإرهاب، حرب الوجود التي لا بديل للمصريين عن الانتصار فيها شأن كل معاركهم الكبرى التي واجهت الوطن وتحدت إرادته وأبناءه فانتصروا فيها وسجلوا في كتاب فخر مصر وانتصاراتها سطرا جديدا وفرحة كبيرة.
إلا أن بعض أعداء الوطن والخونة المندسين بين أبنائه وربما حاملي بطاقات الرقم القومي والجنسية المصرية حاولوا استغلال ذلك الغضب والحزن للوقيعة بين المصريين وقيادتهم السياسية والعسكرية، وسارعوا بالولولة والنهنهة والنحيب كالمهزومين اليائسين قليلي الحيلة وبكوا بدموع التماسيح وكأنهم حزانى على الشهداء وخائفين على الوطن، وهم في الحقيقة يفحون سما من أفواههم وأفكارهم وعقولهم وكلماتهم لنشر اليأس والإحباط في أرواح المصريين وهزيمتهم معنويا ونفسيا وتمكين اليأس من أرواحهم ووجدانهم، مدركين أنه يستحيل لأي عدو مهما بلغ بأسه أن يهزم مصر وينتصر عليها طالما بقي المصريون منتبهين لخطره مصممين على هزيمته متماسكين متوحدين مع بعضهم البعض ومع قياداتهم السياسية والعسكرية.
لابد من هزيمة المصريين والعبث في عقولهم وأرواحهم وتدمير يقينهم بوطنهم وفصم عري توحدهم ووحدتهم مع قياداتهم ومع تاريخهم ومع إيمانهم بوطنهم وزعزعة تماسك جبهتهم الداخلية كخطوة أولى وضرورية لتدمير مصر وهزيمتها.. فخرج عليهم العشرات بل المئات من جنرالات المقاهي والفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي يبكون ويصرخون وينددون ويلومون ويقترحون خططا عسكريا باعتبارهم المالكين للمعلومات والعزيمة والقوة التي لا يملكها غيرهم، خططا عسكريا لاعلاقة لها بالعسكرية ولا الواقع ولا طبيعة الحرب التي تخوضها مصر، أفكارا منفلتة نظرية وكأنهم العالمين ببواطن الأمور والمدركين لأسرارها، يقترحون تلك الخطط على القيادة السياسية والعسكرية وكأن الأخيرين لايعرفون ولا يدركون، وكانت حقيقة مقاصدهم إضعاف الثقة في أرواح المصريين ونفوسهم وهدم طمأنينتهم وتحويل حزنهم على أجمل أبناء مصر وغضبهم ورغبتهم في الثأر ليأس مقيت مميت يفتت الجبهة الداخلية للوطن ويضعفها في وقت أشد ما يحتاج الوطن قوتها وبأسها وترابطها وتماسكها وتوحدها مع قيادتها السياسية والعسكرية.
بل وحاول البعض- وكأنه متعاطف وحزين وغاضب للشهداء ودمائهم- أن يشكك المصريين في رد فعل القيادة السياسية والعسكرية المنتظر لتلك الجريمة، فأخذوا يسخرون - مقدما - من القرارات الضعيفة التي ستصدر عن اجتماع مجلس الأمن القومي المصري باعتبارها ليست إلا شجبا وتنديدا بالجريمة ومرتكبيها دون ثأر أو مواجهة أو عقاب للجناة وشركائهم من المحرضين والمساعدين والممولين داخل الوطن وخارجه.
ورغم أن مخططهم واضح ومكشوف، ورغم أن دموعهم لم تنطلِ على أحد وحزنهم الزائف لم يؤثر في أرواح معظم المصريين ولم يؤثر في يقينهم وعقيدتهم وإيمانهم بالوطن وقيادته ورئيسه، إلا أن قلة قليلة من المصريين اضطربت من شدة الحزن بتلك الروح السوداء التي تُبث وسطهم وتحاصرهم، وارتعش قلب البعض وتأثرت أرواح البعض الآخر من تلك السموم الزعاف التي تنهمر عليهم سواء على الفضائيات أو شبكات التواصل الاجتماعي، تأثروا خوفا على الوطن وحبا فيه وحرصا عليه وتسللت قلة الحيلة والإحساس بالعجز لنفوسهم خوفا على أبطال الوطن وأجمل أبنائه ورجال القوات المسلحة وخوفا على الأرض والعرض والتاريخ والحضارة.
وسرعان ماجاءت قرارات مجلس الدفاع الوطني في اجتماعه بحضور السيد رئيس الجمهورية بعد ساعات قليلة من الجريمة، جاءت قوية وصارمة وواضحة معبرة عن إرادة وطنية حاسمة للثأر للشهداء والتصدي للجريمة ومرتكبيها واتخاذ كل الإجراءات الصارمة لمواجهة الإرهاب والانتصار عليه، ثم جاءت كلمة السيد رئيس الجمهورية قوية وحاسمة واضحة تتحدث عن حرب الوجود التي تخوضها مصر وعن مخطط تدمير الدولة الذي كان ومازال مستمرا- رغم هزائمه المتلاحقة - وعن العون الخارجي للقتلة المجرمين والحرب الطويلة التي تخوضها وستخوضها مصر في سيناء لتحريرها من الإرهاب الذي وطّنه الإرهابيون في أرضها وعبر الحدود المشتركة مع القطاع الذي يمد يد الإرهاب والقتل داخل الوطن.
جاءت كلمة السيد رئيس الجمهورية لتُطمئن المصريين أكثر وأكثر وتزيد ثقتهم في صحة اختيارهم الوطني، وتؤكد أن قلب الرئيس مثل قلوبهم ينفطر حزنا ووجعا على الوطن لكنه وبقوة قوة مصر ومؤسساتها العسكرية والشرطية وبقوة الشعب ومدعوما به سيتصدى وبمنتهى الحزم والقوة للإرهاب وسيخوض ومعه المصريون حرب الوجود لينتصروا وإنْ طال الزمن وكثُرت التضحيات وارتوت الأرض الغالية بالدماء الغالية لأجمل أولاد مصر الذين يقدمون حياتهم راضين لتعيش مصر وتبقى وتنتصر.
وسيهزم أعداء الوطن وبسرعة ولم يفلحوا أن يحطموا الروح المعنوية للمصريين ولن ينالوا من عزيمتهم ولا وحدتهم ولا التفافهم حول قيادتهم العسكرية وحول الرئيس، هذا هو المشهد الذي وقفت أمامه وسط الحزن والغضب المصري، أن أعداء الوطن لا يكفون عن المحاولة وإن مصر مرة أخرى تتوحد على قلب رجل واحد وتنتصر عليهم وعلى روح اليأس والهزيمة وانعدام الثقة الذين حاولوا إشاعته في قلوب المصريين و.... غدا ستنتصر في حرب الوجود وتبقى مثلما هي عبر تاريخها مقبرة الغزاة والأعداء في الداخل والخارج.
احزنوا يامصريين لشهدائكم واغضبوا بغية الثأر لهم، لكن لا تُسلموا أرواحكم ولا عقولكم ولا قلوبكم لأعداء الوطن يقتلونها بكم ... احزنوا لشهدائكم لكن توحدوا وتكاتفوا وقاموا وحاربوا وانتصروا.
نشرت علي موقع دوت مصر
الجمعه 30 اكتوبر 2014
http://dotmsr.com/ar/201/1/113483/#.VGEF3JCG-M8
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق