الذين عانوا محنة المطارده والتشريد والسجن والتعذيب منذ فتره الرئيس عبد الناصر وحتي نهايه فتره الرئيس مبارك عاشوا وهم يتمنون ويحلمون بلحظة يثأرون فيها من وزاره الداخليه ورجالها باعتبارهم الادوات التي استخدمها اهل الحكم لصناعه محنتهم
ولم تكن هذه القوي السياسية الإسلامية نقية الثياب فقد بدأت بالصدام مع أهل الحكم منذ أربعينيات القرن الماضي, وسقطت في مستنقع الارهاب والاغتيالات والتخريب ولم تكن تتوقف إلا تحت ضغط قبضة الأمن القوية.
وتعددت قوي وجماعات هذا التيار ولكنها كلها عاشت المحنة بكل أبعادها.. وامتلأت قلوبها بالأحقاد والرغبة في الانتقام.. وعندما عانت قوي أخري عرفت نفس المشاعر.
ومع كل الدماء التي سالت وكل الاغتيالات التي نفذوها وكل الترويع الذي تسببوا فيه ـ فإنهم لم ينسوا أحقادهم, وخلال السنوات الأخيرة وبعد أن أعادهم السادات إلي الساحة السياسية نبتت لهم أنياب حادة استخدموها لاغتيال رئيس الجمهورية في يوم الاحتفال بالانتصار, يوم6 اكتوبر.1981
وبلغ الصدام ذروته وتحت ضغوط العمليات الأمنية واعتقال الآلاف في السجون والمعتقلات ومطاردة من أفلتوا من الاعتقال أدرك قادة التنظيمات الارهابية عدم جدوي الصدام مع النظام, وبدأوا في مراجعة أفكارهم ومواقفهم ومناهجهم وفي النهاية أعلنت مجموعة كبيرة من القيادات والتنظيمات المتطرفة وقف عمليات العنف في اطار هذه المراجعات.
ولكن ظل حلم الثأر من الداخلية حيا وقويا وضاغطا, وتحول الحلم إلي خطط معدة للتنفيذ في انتظار اللحظة المواتية.
ورأت القوة الرئيسية أن فترة انتخابات التجديد للرئيس مبارك أو بدء عملية التوريث ستكون ملائمة لوضع خطة الثأر من الداخلية موضع التنفيذ للاستفادة من مناخ رفض التوريث, ومشاعر الغضب العارمة نتيجة انتشار الفساد والاستبداد وانحسار الآمال وتصاعد الاحباط. وقبل ان تحين هذه اللحظة اندلعت ثورة يناير علي أيدي مجموعة رائعة من شباب مصر, ولم يكن أمام مبارك سوي التنحي تحت ضغوط الثورة وغضب الثائرين.
المهم أن خطة الثأر من الداخلية ورجالها جري تطويرها بسرعة للاستفادة من الظروف الجديدة المواتية بشكل تجاوز تقديرات المخططين.
وحانت لحظة الثأر من الذين صنعوا محنتهم, ودفعوهم علي طريق الآلام.
واختار المخططون ليلة28 ـ29 يناير لوضع الخطة موضع التنفيذ ـ أي بعد ثلاثة أيام من إنفجار الثورة وبعد التنسيق مع قوي من خارج مصر والاستفادة من إمكاناتهم البشرية والمادية, وكان منطقيا أن ترحب هذه القوي بالعمل المشترك بهدف اطلاق سراح المسجونين والمعتقلين من رجالهم, وتوجيه لطمة قوية لا للنظام الحاكم ولا للداخلية ولا للسلطة فقط, بل للدولة المصرية وسيادتها.
وفي هذه الليلة تمت مهاجمة171 هدفا أمنيا, منها99 قسم شرطة منتشرة في أنحاء مصر و9 سجون, وذلك بالإضافة الي38 نيابة وثلث عدد المحاكم وأهداف أخري.
ومثل هذا العدد من الأهداف يتطلب عددا كبيرا من الأفراد سواء من داخل مصر أو خارجها وحجما هائلا من الأسلحة والمعدات والذخائر.
ولجأ المتآمرون إلي استخدام بلطجية مأجورين خاصة في الهجوم علي أقسام الشرطة وتدفقت أموال كثيرة من الداخل والخارج واستفادت عناصر كثيرة, خاصة المأجورين من هذه الأموال.
وتمكنت المجموعات التي هاجمت السجون التسعة, من إطلاق سراح أعضاء حزب الله ومنظمة حماس بالأضافة الي أكثر من24 ألف مجرم.
وكانت هناك عربات إسعاف لنقل مسجوني حماس إلي غزة. وخلال نفس الليلة تم نقل أعضاء حزب الله إلي الخرطوم ومنها الي لبنان, وخلال هذه الليلة الدامية الحزينة سقطت خليتان من خلايا الحزب في أيدي رجال الأمن.
وكان الذين هاجموا السجون أكثر قسوة وشراسة ومنهم مجموعات قتلت عددا من الضباط سحلا أو حرقا أو تمزيقا بالأسلحة البيضاء.
واستفاد المتآمرون من تفجر موجات معادية للشرطة لتنفيذ المرحلة الأولي من خطتهم, بعدها بدأت المراحل التالية التي تضمنت الهجوم بشراسة علي جهاز أمن الدولة وفعلا سقطت معظم المقار وحاول المهاجمون العثور علي الوثائق الموجودة والاستيلاء عليها.
ولم يكونوا وحدهم الذين حاولوا الوصول إلي هذه الوثائق فعدد من كبار رجال السلطة الجدد تمكنوا من أخذ التقارير والوثائق الخاصة بهم.
وخلال الهجوم علي مقار أمن الدولة, تم قتل عدد كبير من الضباط منهم أربعة تم القاؤهم من الدور الرابع بالاسكندرية وهم أحياء.
وطالب المتآمرون والغاضبون بتصفية ماتبقي من جهاز أمن الدولة. وفعلا تمت الاطاحة بالمئات, كما تم استبعاد آخرين من باقي الأجهزة.
وبالرغم من كل هذه النتائج فقد أصر المتآمرون علي اقتحام وزارة الداخلية وكلما فشلت موجة هجوم انطلقت موجات أخري.
ولم يحم الداخلية خلال هذه الموجات سوي رجال القوات المسلحة, فقد كان القرار واضحا, منع اقتحام الوزارة بكل السبل المتاحة والمقبولة, وإنطلقت أشد الموجات شراسة اعتبارا من مساء يوم الجمعة18 نوفمبر والتي استمرت حتي مساء يوم24 نوفمبر وإن لم تهدأ تماما.
وكان واضحا أن المتآمرين استعانوا بأحداث تتراوح أعمارهم بين20,12 عاما وبقي الكبار في خلفية الصورة.
وفشلت كل محاولات وقف هذه الهجمات وأخيرا لجأت القوات المسلحة الي إغلاق الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية بجدران خرسانية خاصة شارع محمد محمود.
وكان واضحا أن الانتقام ليس هو الهدف أو نهاية الأهداف, كانت هناك الرغبة في كسر الشرطة نهائيا وإخراجها من دائرة السلطة شظايا في اطار مخطط تدمير الدولة لا النظام فقط.
وواكب ذلك وسبقه محاولة الوصول الي وزارة الدفاع, وأخيرا انطلاق موجة هجوم ظالمة علي المشير طنطاوي ومطالبته بالرحيل هو وكل أعضاء المجلس الأعلي, وعلي طريق تدمير الدولة تواصلت محاولات تفتيت السلطة القضائية وإصابة السلطة التنفيذية بالشلل.
وحتي الآن لا يبدو أن القوي السياسية الاسلامية وغيرها قد ارتوت أو اكتفت بعد كل هذه الدماء وهذا الخراب والحرائق ومازالت تواصل عمليات الثأر بالهجوم علي مديريات الأمن وأقسام الشرطة بنفس الاندفاع والغل الذي ميز عملياتها منذ ليلة28 ـ29 يناير وفي نفس الوقت لم تتخل عن هدف اقتحام وزارة الداخلية.
ولأن هذه القوي تري أن حلم الوصول الي قمة السلطة قد اقترب تحقيقه وأنها في الطريق لتحويل مصر الي دولة دينية, فإن تدمير الدولة سيساعدها علي إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وفقا لمنهجها ومخططها لاحياء دولة الخلافة التي لن تكون مصر فيها إلا مجرد رقعة صغيرة من مساحة هذه الدولة أو الامبراطورية.
وهذه القوي لم يغب عنها أبدا ان كسر الشرطة وإخراج المجرمين والبلطجية من السجون سيؤدي الي انتشار الجرائم بأنواعها وانتشار الفوضي التي تترتب دائما علي افتقاد الاحساس بالأمان وسطوة المجرمين ومع ذلك لم يتوقفوا عن تنفيذ مخططاتهم الخاصة بالداخلية ورجالها..
وفي ظل هذا الانفلات وانهيار الأمن وعجز المؤسسة الأمنية يمكنهم إنشاء مؤسستهم الامنية التي تستند الي نظام العسس الذي عرفته الدول الاسلامية منذ اكثر من ألف عام فهم لم يخرجوا من هذا الماضي حتي الآن, ومازال حلمهم اعادة مصر والمصريين الي هذا العصر.
وتعددت قوي وجماعات هذا التيار ولكنها كلها عاشت المحنة بكل أبعادها.. وامتلأت قلوبها بالأحقاد والرغبة في الانتقام.. وعندما عانت قوي أخري عرفت نفس المشاعر.
ومع كل الدماء التي سالت وكل الاغتيالات التي نفذوها وكل الترويع الذي تسببوا فيه ـ فإنهم لم ينسوا أحقادهم, وخلال السنوات الأخيرة وبعد أن أعادهم السادات إلي الساحة السياسية نبتت لهم أنياب حادة استخدموها لاغتيال رئيس الجمهورية في يوم الاحتفال بالانتصار, يوم6 اكتوبر.1981
وبلغ الصدام ذروته وتحت ضغوط العمليات الأمنية واعتقال الآلاف في السجون والمعتقلات ومطاردة من أفلتوا من الاعتقال أدرك قادة التنظيمات الارهابية عدم جدوي الصدام مع النظام, وبدأوا في مراجعة أفكارهم ومواقفهم ومناهجهم وفي النهاية أعلنت مجموعة كبيرة من القيادات والتنظيمات المتطرفة وقف عمليات العنف في اطار هذه المراجعات.
ولكن ظل حلم الثأر من الداخلية حيا وقويا وضاغطا, وتحول الحلم إلي خطط معدة للتنفيذ في انتظار اللحظة المواتية.
ورأت القوة الرئيسية أن فترة انتخابات التجديد للرئيس مبارك أو بدء عملية التوريث ستكون ملائمة لوضع خطة الثأر من الداخلية موضع التنفيذ للاستفادة من مناخ رفض التوريث, ومشاعر الغضب العارمة نتيجة انتشار الفساد والاستبداد وانحسار الآمال وتصاعد الاحباط. وقبل ان تحين هذه اللحظة اندلعت ثورة يناير علي أيدي مجموعة رائعة من شباب مصر, ولم يكن أمام مبارك سوي التنحي تحت ضغوط الثورة وغضب الثائرين.
المهم أن خطة الثأر من الداخلية ورجالها جري تطويرها بسرعة للاستفادة من الظروف الجديدة المواتية بشكل تجاوز تقديرات المخططين.
وحانت لحظة الثأر من الذين صنعوا محنتهم, ودفعوهم علي طريق الآلام.
واختار المخططون ليلة28 ـ29 يناير لوضع الخطة موضع التنفيذ ـ أي بعد ثلاثة أيام من إنفجار الثورة وبعد التنسيق مع قوي من خارج مصر والاستفادة من إمكاناتهم البشرية والمادية, وكان منطقيا أن ترحب هذه القوي بالعمل المشترك بهدف اطلاق سراح المسجونين والمعتقلين من رجالهم, وتوجيه لطمة قوية لا للنظام الحاكم ولا للداخلية ولا للسلطة فقط, بل للدولة المصرية وسيادتها.
وفي هذه الليلة تمت مهاجمة171 هدفا أمنيا, منها99 قسم شرطة منتشرة في أنحاء مصر و9 سجون, وذلك بالإضافة الي38 نيابة وثلث عدد المحاكم وأهداف أخري.
ومثل هذا العدد من الأهداف يتطلب عددا كبيرا من الأفراد سواء من داخل مصر أو خارجها وحجما هائلا من الأسلحة والمعدات والذخائر.
ولجأ المتآمرون إلي استخدام بلطجية مأجورين خاصة في الهجوم علي أقسام الشرطة وتدفقت أموال كثيرة من الداخل والخارج واستفادت عناصر كثيرة, خاصة المأجورين من هذه الأموال.
وتمكنت المجموعات التي هاجمت السجون التسعة, من إطلاق سراح أعضاء حزب الله ومنظمة حماس بالأضافة الي أكثر من24 ألف مجرم.
وكانت هناك عربات إسعاف لنقل مسجوني حماس إلي غزة. وخلال نفس الليلة تم نقل أعضاء حزب الله إلي الخرطوم ومنها الي لبنان, وخلال هذه الليلة الدامية الحزينة سقطت خليتان من خلايا الحزب في أيدي رجال الأمن.
وكان الذين هاجموا السجون أكثر قسوة وشراسة ومنهم مجموعات قتلت عددا من الضباط سحلا أو حرقا أو تمزيقا بالأسلحة البيضاء.
واستفاد المتآمرون من تفجر موجات معادية للشرطة لتنفيذ المرحلة الأولي من خطتهم, بعدها بدأت المراحل التالية التي تضمنت الهجوم بشراسة علي جهاز أمن الدولة وفعلا سقطت معظم المقار وحاول المهاجمون العثور علي الوثائق الموجودة والاستيلاء عليها.
ولم يكونوا وحدهم الذين حاولوا الوصول إلي هذه الوثائق فعدد من كبار رجال السلطة الجدد تمكنوا من أخذ التقارير والوثائق الخاصة بهم.
وخلال الهجوم علي مقار أمن الدولة, تم قتل عدد كبير من الضباط منهم أربعة تم القاؤهم من الدور الرابع بالاسكندرية وهم أحياء.
وطالب المتآمرون والغاضبون بتصفية ماتبقي من جهاز أمن الدولة. وفعلا تمت الاطاحة بالمئات, كما تم استبعاد آخرين من باقي الأجهزة.
وبالرغم من كل هذه النتائج فقد أصر المتآمرون علي اقتحام وزارة الداخلية وكلما فشلت موجة هجوم انطلقت موجات أخري.
ولم يحم الداخلية خلال هذه الموجات سوي رجال القوات المسلحة, فقد كان القرار واضحا, منع اقتحام الوزارة بكل السبل المتاحة والمقبولة, وإنطلقت أشد الموجات شراسة اعتبارا من مساء يوم الجمعة18 نوفمبر والتي استمرت حتي مساء يوم24 نوفمبر وإن لم تهدأ تماما.
وكان واضحا أن المتآمرين استعانوا بأحداث تتراوح أعمارهم بين20,12 عاما وبقي الكبار في خلفية الصورة.
وفشلت كل محاولات وقف هذه الهجمات وأخيرا لجأت القوات المسلحة الي إغلاق الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية بجدران خرسانية خاصة شارع محمد محمود.
وكان واضحا أن الانتقام ليس هو الهدف أو نهاية الأهداف, كانت هناك الرغبة في كسر الشرطة نهائيا وإخراجها من دائرة السلطة شظايا في اطار مخطط تدمير الدولة لا النظام فقط.
وواكب ذلك وسبقه محاولة الوصول الي وزارة الدفاع, وأخيرا انطلاق موجة هجوم ظالمة علي المشير طنطاوي ومطالبته بالرحيل هو وكل أعضاء المجلس الأعلي, وعلي طريق تدمير الدولة تواصلت محاولات تفتيت السلطة القضائية وإصابة السلطة التنفيذية بالشلل.
وحتي الآن لا يبدو أن القوي السياسية الاسلامية وغيرها قد ارتوت أو اكتفت بعد كل هذه الدماء وهذا الخراب والحرائق ومازالت تواصل عمليات الثأر بالهجوم علي مديريات الأمن وأقسام الشرطة بنفس الاندفاع والغل الذي ميز عملياتها منذ ليلة28 ـ29 يناير وفي نفس الوقت لم تتخل عن هدف اقتحام وزارة الداخلية.
ولأن هذه القوي تري أن حلم الوصول الي قمة السلطة قد اقترب تحقيقه وأنها في الطريق لتحويل مصر الي دولة دينية, فإن تدمير الدولة سيساعدها علي إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وفقا لمنهجها ومخططها لاحياء دولة الخلافة التي لن تكون مصر فيها إلا مجرد رقعة صغيرة من مساحة هذه الدولة أو الامبراطورية.
وهذه القوي لم يغب عنها أبدا ان كسر الشرطة وإخراج المجرمين والبلطجية من السجون سيؤدي الي انتشار الجرائم بأنواعها وانتشار الفوضي التي تترتب دائما علي افتقاد الاحساس بالأمان وسطوة المجرمين ومع ذلك لم يتوقفوا عن تنفيذ مخططاتهم الخاصة بالداخلية ورجالها..
وفي ظل هذا الانفلات وانهيار الأمن وعجز المؤسسة الأمنية يمكنهم إنشاء مؤسستهم الامنية التي تستند الي نظام العسس الذي عرفته الدول الاسلامية منذ اكثر من ألف عام فهم لم يخرجوا من هذا الماضي حتي الآن, ومازال حلمهم اعادة مصر والمصريين الي هذا العصر.
نشرت بجريده الاهرام ، السبت 11 / 12/ 2011
هناك تعليق واحد:
مجدي السباعي
اتفق اتفق في تدوينها ليوم تظهر فيها الحقائق قديكون بعيدا لكنه اتي لا محاله
إرسال تعليق