الأربعاء، 27 مايو 2009

لا تلوموا الناس ......!!!!!!



الناس في مصر لا يحبوا القانون ويفكروا بجميع الطرق في كيفيه الالتفاف والتحايل علي احكامه وعدم تنفيذها.. وظاهره عدم احترام القوانين والاصرار علي الافلات منها ، ظاهره قديمه في وطننا ، يتوافق جميع الناس عليها بلا مناقشه بلا اتفاق عمدي ، كآن مخالفه القانون وعدم احترامه تسري في دماء الناس وتجري في شراينهم ، كآنها فطره او غريزه ، الاساس مخالفه القانون وعدم احترامه و" العبيط " و" الحنبلي " فقط من يقعا تحت طائله القانون او يحترم احكامه !!!
مثلا .. قرر
السائقين في مصر تحدي قوانين المرور وعقوباته الرادعه وتحدي رجال الشرطه وردارادتهم المزروعه علي الطرق السريعه باختراع لغه جديده مفادها تحذير وتنبيه بعضهم البعض من الحكومه ومن قانون المرور ، فانت تستطيع ان تمشي مسرعا اكثر من السرعه المسموح بها علي الطريق وتستطيع ان تقفز بين الحارات المختلفه لاترتدي الحزام واذا كنت سياره نقل او نصف نقل يمكن لسائقك ان يكون بلا رخصه قياده وربما يحمل فوق سيارته اكثر من الوزن المسموح به ، وربما تعلو الحموله فوق ظهر سيارته كالهرم الاكبر الذي تحمله نمله صغيره فيسير متآرجحا بين المطبات ، وحين تلحظ وانت سائر في الطريق ان السيارات القادمه في الاتجاه المقابل تنير اضوائها وتطفئها مرات متتابعه و" تقلب النور " عليك ان تفهم ان " الحكومه " علي الطريق وان " الردار" سيصور سرعتك القصوي ، هنا ستبطيء سيارتك اقل من السرعه القانونيه المسموح بها وتتوقف عن الكلام في الموبيل وترتدي الحزام وتسير " مواطن صالح " علي الطريق وحين تقف في الكمين ستبتسم ابتسامه البراءه في وجه امين الشرطه وتسلمه رخصك " بضمير مستريح " وتحييه واثقا انه - ورغم ارتكابك لجميع المخالفات - سيودعك السلامه !!! واذا كنت سياره نقل يقودها سائق بلا رخصه واذا كنت تحمل حموله اكثر من المسموح بها او تضع حمولتك علي السياره بطريقه مخالفه لقواعد التحميل ، تحمل اطوالا اكثر ، تحمل زلط ورمل بلا غطاء ، تحمل صناديق او كونتيرات عاليه تخترق بطن السماء واذا كنت بلا اضواء او بلا طفايه حريق ستقف مكانك - بعيدا عن الحكومه - وربما ترجع نصف الطريق بظهرك فرارا من الشرطه والكمين وستلزم اقصي اليمين تدخن سيجاره مستمتعا بقدرتك الفائقه علي " خم " الحكومه وحين ترحل الحكومه وتنطفيء انوار السيارات القادمه في الاتجاه المقابل ، ستكمل سيرك " امان الله "!!!! وحين تقع الحموله المخالفه للقانون " زلط - طوب - اسياخ حديد - مواسير عملاقه - كونتيرات ضخمه " فوق بقيه رؤوس بقيه السائقين والسيارات الاخري بجوارك علي الطريق ، او حين تفلت فراملك وانت تسير مسرعا وتتسبب في حادثه مروعه جرحي وقتلي وارامل ودماء ، وقتها لن يتذكر احد الا القضاء والقدر ، لن يتذكر احد ان ذلك السائق افلت من الرقابه بالتحايل علي القانون وتعمد المخالفه غير مكترث بحاله سيارته او طبيعه الطريق التي لاتسمح بتلك السرعه ، لن يتذكر احد ان جميع السائقين ممن " قلبوا النور " شركاء لذلك السائق في الحادثه المروعه التي ارتكبها ، لن يتذكر احد شيئا و..... كل حادثه وانتم طيبين !!!!! السرعه الزائده والقفز بين الحارات والفرار من كمائن المرور وعدم ارتداء الحزام واستخدام الموبيل اثناء القياده والقياده بدون ترخيص وبغير مراعاه اشتراطات الامن والامان وتحميل السيارات النقل والنصف نقل ازيد من الحمولات المقرره وعدم مراعاه قواعد الامان وقت تحميلها هذه جميعها مخالفات قانونيه لايفكر السائقين في مصر في مدي خطورتها واثرها علي حياتهم وحياه الاخرين لكن السائقين لا يهمهم القانون ولا هدفه ولا المصالح التي يعبر عنها بل كل مايفكروا فيه كيفيه الافلات من رجال المرور المنوط بهم تنفيذ القانون الذي في حقيقته يحمي مصالح الناس ويقيهم من الكوارث والحوادث والمصائب كل مايروه من القانون عقوبات رادعه يحاولوا الافلات منها وباي طريقه كل مايفكروا فيه كيف نخالف القانون وكيف نخدع القائمين عليه وكيف نهرب من عقوباته و" ياعم صلي علي النبي " !!!!!!!!
مثلا ... قوانين منع البناء علي الاراضي الزراعيه التي حولها الواقع لمجرد حبر علي ورق ، فاذا بملاك الاراضي الزراعيه يبوروها ثم يشيدوا عليها مساكنهم بالاسمنت المسلح والخرسانه و" ديتها معروفه " محضر وقضيه في المحكمه و" خبيري وفتح مخك " محامي شاطر وغرامه " تتدفع للحكومه وفوقيها بوسه " مع بقاء الحال علي ماهو عليه !!!! وهاهي الارض الزراعيه تآكلت وتناقصت مساحتها وانتشرت المباني العشوائيه في الريف وحول المدن الصغيره وعلي اطراف العاصمه و" قانون ايه اللي انت جاي تقول عليه !!!!! "
مثلا ... قانون تحديد سن الزواج ، فكثيرا من الاسر والعائلات في الريف والصعيد ومرسي مطروح وسينا تزوج فتياتها اقل من السن القانوني و" فرح وزفه وهيصه ودربكه " وعندما تبلغ الفتاه السن القانونيه يتم توثيق الزواج في " دفاتر الحكومه " وكثيرا ما يتم توثيق الزواج والفتاه الزوجه تحمل علي ساعدها طفل وربما اثنين او ثلاث والكل شهود علي مخالفه القانون وعدم احترام احكامه " معازيم الفرح " والمستشفي الحكومي الذي تلد فيه ، والماذون الذي يعقد عليها ثانيه وهو يعلم انها زوجه منذ سنوات بعيده ، الكل شهود علي مخالفه القانون متواطئين معا علي عدم احترام احكامه و" بدنا نتجوز علي العيد !!!! "
امثله كثيره ... قوانين الجمارك لاتحترم ولا يتواني المسافرين ذهابا وايابا علي التفكير في مخالفتها وتكسير قواعدها " بقي اجيب حتته فيديو ادفع تمنه مرتين جمارك ده ظلم ، يرضي مين ده ياربي ، طبعا مايرضيش حد !!!" قوانين الضرائب رغم كل الحملات الدعائيه والاعلانات وابتسامات مآموري الضرائب ولجان الفحص "ولا هي في مصلحتنا ولا حاجه والا يقولوا لينا بيعملوا ايه بالفلوس اللي عايزين ياخدوها منا دي كلها " قوانين التآمينات الاجتماعيه يحرص اصحاب الاعمال علي مخالفتها ويقبل العمال والموظفين حرمان انفسهم من حمايتها لهم و " عايز يتآمن عليك براحتك خد الباب وراك وانت ماشي الف غيرك مستعد يشتغل من غير تآمينات ولا وجع نافوخ " قوانين التسعير الجبري " الحاجه غليت والحكومه مش دريانه وخليها هي تبيع بالاسعار اللي بتقول عليها " قانون منع ختان الفتيات يعتبره الناس تدخل من الحكومه فيما لا يعنيها ف" طهاره البنت ستره وادب وهي مالها الحكومه ومال بناتنا " قوانين البناء ولوائحها التنفيذيه يعتبرها ملاك الاراضي والمقاولين ليست الا نصوصا معوقه تعرقل عملهم وتغلق امامهم باب الرزق " لو بنينا زي الترخيص مابيقول مانبنيش احسن السبوبه تقف علينا بالخساره دور او دورين زياده مايخسرش وبعد مايتسكنوا محدش يقدر يهوب منهم ولا يهدهم " قانون ضريبه المبيعات اعتبره المنتجين والبائعين مشكله المستهلك مع الحكومه و" عايز نكتب عقد اتفاق علي التصنيع وماتدفعش ضريبه المبيعات انا تحت امرك ولا عايز فاتوره يبقي ساعتها تدفع انت الضريبه للحكومه وانا برضه تحت امرك " ......... وغيره وغيره وغيره !!!!
ربما يري الناس ان القوانين لا تحقق مصالحهم ولاتعبر عنهم ولا تدافع عن حقوقهم ولا تمنع عنهم الضرر والاذي !!!!! ربما يري الناس ان القانون يطبق علي "الغلابه" قليلي الحيله وعليهم فقط اما علية القوم و"اللي ليهم ضهر " فهم اعلي من القانون تحميهم علاقاتهم ومناصبهم واسرهم من سطوه القانون واحكامه الرادعه !!! ربما يري الناس ان القانون سلاح الحكومه في مواجهتهم ، الحكومه التي تطالبهم بكل شيء و لاتمنحهم في المقابل اي خدمه او ميزه او حق !!!! ربما يري الناس ان بعض القائمين علي تنفيذ القانون فاسدين يستغلوا نصوص القانون لمصالحهم الشخصيه بفرض الاتاوات والرشاوي علي الجمهور ، ربما ... ربما .... ربما ... ربما كل هذه الاسباب مجتمعه واكثر منها هو السبب في تلك الظاهره المؤسفه التي اتحدث عنها ... المهم ان الناس في مصر لا يكفون عن التفكير في مخالفه القانون وعدم احترامه ولايحبون رجال القانون او القائمين علي تنفيذه بمنطق " سآلوا جحا بتحب مرات ابوك قال ليه وانا اهبل !!!!!!" ..........
الفقره الاخيره - تعلمنا في كليه الحقوق ان الاصل في القانون الخضوع الطوعي الارادي اما الاقليه الشاذه التي تخرج عن سياج القانون يلزم ردعها وعقابها !!! هل مازالت كليات الحقوق تعلم طلابها ذلك المفهوم ؟؟؟؟ وكيف يفسر الاساتذه الاجلاء لطلابهم التناقض الواضح بين الواقع الذي نعيشه وبين المفاهيم النظريه التي يتعلموها !!! وماهو الحل الذي يدرسه الاساتذه الاجلاء لطلابهم لعلاج تلك الظاهره والغاء تلك الفجوه المشينه التي نعيش ويعيش مجتمعنا اثارها السلبيه كل يوم !!!
الجمله الاخيره - - لن تعلوا هيبه القانون ولن تنفذ سطوته ولن تسود احكامه علي رقاب الكافه ولن يخضع الناس له طواعيه الا حين يتآكدوا ان احكامه تطبق اولا علي الوزير قبل الغفير وتنفذ علي الغني قبل الفقير وتردع صاحب السطوه والنفوذ او المواطن الغلبان قليل الحيله .... اذا لم يشعر الناس بالعدل في تطبيق القانون وانه ينفذ فوق رقاب الجميع بلا استثناء فلن يحترمه احدا ...... هذا رايي المتواضع !!! فماذا انتم فاعلون ؟؟؟؟؟؟؟
السطر الاخير- اتهمني احدهم انني انظر للحياه من زاويه قانونيه واتصور ان القانون سيحل مشاكل الناس !!! وافقته وشرحت له نعم انظر للحياه بزاويه قانونيه في بعض الاحيان واتصور ان القانون وتنفيذه الصارم العادل الصحيح سيحل بعض مشاكل الناس ثم اكدت عليه لكني ادرك جيدا انه ليس بالقانون وحده يحيا الانسان لكن وجود القانون في حياه الانسان شيء مهم للغايه فعندما لايحترم الناس في مكان ما القانون واحكامه ويتحايلوا علي احكامه ونصوصه ، تسود الفوضي والبلطجه وتنهار الاخلاق ويسود الفساد ، فكل شخص يفعل مايحلو له وكل شخص يتصرف بالطريقه التي تناسبه ... فهل وصلنا لهذه المرحله ؟؟؟؟ او سنصل اليها قريبا ؟؟؟؟؟؟ يارب سلم !!!!
الكلمه الاخيره - يامن تهتموا بحال هذا الوطن ومستقبله ... لا تلوموا الناس لانها لاتحترم القانون او تتحايل علي احكامه ، ابحثوا عن الاسباب التي تدفع الناس لذلك ...

نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه بتاريخ الاربعاء ٢٠ مايو ٢٠٠٩

ليست هناك تعليقات: