اؤمن جدا طيله الوقت ومهما نعقت الغربان ومهما تشاؤم الناس ومهما صعبت الحياه ان المصريين شعب جميل طيب جدا - وليس ساذج وليس عبيط - يحمل بين ضلوعه وفي قلبه طيبة ورحمة وتعاطف ومحبة لبعضه البعض اراه شعب جدع معطاء مترابط متحاب عطوف تفيض نفسه بالانسانيه الحقه بكل معانيها الجميله ...
نعم اري في بعض الاوقات - نتيجه لمشاكل الحياه واحباطاتها ونتيجه لفقدان الامل واستبداد اليآس بالنفوس - عوارض سلوكيه وظواهر سلبيه يآتيها بعض المصريين تنفيسا عن غضبهم او احتجاجا علي واقعهم الكريه الذي لايتناسب واحلامهم المشروعه في الحياه ...
وهي العوارض والظواهر التي تخدع بعض المثقفين والسياسين وتقودهم لهاويه الرؤيه الخاطئه والتفسير الخاطيء لحال المصريين فيدعون عليهم - خلافا لحقيقتهم - انهم تبدلوا وتغيروا ، يدعون عليهم - خلافا لحقيقتهم القسوه الغلظه الجفاء البرود البلاده اللامبالاة وهي جميعها صفات ابعد ماتكون عن المعدن الاصيل للمصرين وابعد ماتكون عن تركيبتهم النفسيه الحقيقيه وابعد ماتكون عن سماتهم الشخصيه الدفينه ، هي مجرد عوارض وظواهر مؤقته تظهر او تبدو علي بعضهم في لحظات الضيق في لحظات الغضب في لحظات الاحباط حين تغلق في وجوههم الابواب المفتوحه حين يتم استبعادهم عمدا وتهميشهم بقسوه خارج امكانيات الحياه واحلامها حين تقصر ايديهم عن الوصول لاحلامهم البسيطه حين يسرق فرحتهم - في العمل او جيره المنزل او في الشارع - طاغ او منحرف او باغ او قاس او مستبد ، في تلك الاوقات الكئيبه يلبس المصريين وجوها غير وجوههم يرتدون اقنعه بملامح شريره تخفي ملامحهم الطيبه الحقيقيه يرفعون صوتهم غضبا يصرخون يآسا يتشاجرون احباطا يتظاهرون يدافعون عن انفسهم وعن حقهم في الحياه عن احلامهم ربما بكثير من القسوه ربما بكثير من الغضب ربما بكثير من الانفعال والاندفاع ....
هنا يصرخ بعض المثقفين والسياسين ينعوا المصريين الشعب الطيب الذي كان وتبدل حاله وتغير يبحثون عن اسباب تفسر لهم لماذا تبدل المصريين وفقدوا اجمل مافيهم يبحثوا عن الاسباب العامه والخاصه ، الاسباب السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه التي افقدت المصريين - حسب تصوراتهم - طبيعتهم الجميله فيقول بعضهم " الحكومه " السبب ، واخرين يقولوا "انعدام الديمقراطيه " السبب ، وغيرهم يقول " غياب العداله الاجتماعيه " او " الازمه الاقتصاديه " السبب وبعضهم يتمادي ويقول " ضياع الايمان " وبعضهم يقول " انهيار الاخلاق " وبعضهم يقول " غياب القدوه " ، بعضهم يقول " انتشار الفساد " ويجزم العالمين ببواطن الامور بان كل هذه الاسباب مجتمعه وغيرها هم السبب في تبدل حال المصريين وبالطبع ينهال "هؤلاء " فوق رؤوس الاسباب التي انتهوا اليها بالمعاول شجارا وغضبا وسبا وانتقادا ورفضا وكرها باعتبارها المسببات الشريره التي بدلت حال المصريين وافقدتهم طبيعتهم الجميله الاصيله وحولتهم لشعب كئيب قاسي " مكشر " فاقد لطبيعته الانسانيه ورحمته وطيبه قلبه وشجاعته وكرامته !!!!!
وفجآ ....... تشرق شمس يوم جديد - يبدوا مآلوفا مثل ماقبله من الايام - يحمل في رحمه للمصريين حدثا غير معتاد غير متوقع غير مآلوف ربما حدث جميل مبهج ربما حدث موجع حزين ، في تلك اللحظه تتجلي حقيقه المصريين تذهل المدعين بالعلم فتتواري القسوه المؤقته ويتلاشي الغضب العارض وتغيب البلاده المزيفه وتقفز الطيبه والرحمه والسماحه والجدعنه من قلوب المصريين وفي عيونهم وتلون وجوههم بملامحها الاصليه التي نعرفها ونحبها فتلمع عيونهم ببريق الفرحه او دموع الشجن وتمتد الايدي مواساه او تهنئه وتفتح الاحضان فرحه او تعاطف ويظهر التراحم الذي كان متواريا خلف قبح قسوه الحياه وتظهر المحبه التي كانت مدفونه تحت ركام الغضب ويعود المصريين لانفسهم كما اعرفهم شعبا جميلا طيبا محبا عطوفا يحب الحياه والبشر والخير للجميع ........ هنا يسطع المعدن الاصيل للمصرين وتتجلي حقيقتهم الجميله التي فشلت كل الظروف والاحداث والنكبات والكوارث والمحن في تغييرها او تبديلها منذ ايام مينا موحد القطرين وحتي الان !!!!
لماذا اقول هذا ؟؟؟ ربما لان البعض ممن تحتل الغربان نفوسهم او تلون الفلاتر السوداء نظرتهم للحياه او ممن في نفوسهم هوي او مرض فسروا التعاطف الشعبي الجارف مع اسره السيد الرئيس في وفاه حفيده الصغير فسروا ذلك التعاطف باعتباره نوع من النفاق الكريه وصدقوا تفسيراتهم الجانحه وغضبوا من المصريين اللذي نافقوا الرئيس - حسب تصوراتهم - وتعاطفوا مع حزنه متجاهلين ان كل منهم شخصيا هرول لتقديم واجب العزاء واظهار الحزن بادعاء ان " الخلاف السياسي حاجه وواجب العزاء حاجه " فكآنهم اختصوا انفسهم بالانسانيه المجرده وحرموا - بغير مقتضي او مبرر - الشعب الجدع من اهم خصالها وهو التعاطف والرحمه !!! ... والحقيقه انهم - هؤلاء - حين فسروا سلوك المصريين ومشاعرهم الجارفه وتعاطفهم الفياض مع السيد الرئيس واسرته وقت فقدهم الموجع بذلك التفسير الخاطيء انما كشفوا عن مشكله في نفوسهم وكشفوا عن مشكله في فهمهم الحقيقي لطبيعه المصريين وعدم ادراكهم لطبيعه ذلك الشعب !!! وياساده اسمحوا لي اصوب نظرتكم ورؤيتكم لنا .... لم يكن سلوك المصريين نفاقا ولا كانت دموعهم تماسيحيه ولا كان حزنهم رياءا ولا كان تعاطفهم مع الاسره في مصابها الجلل الموجع للقلوب الا كشفا للمعدن الاصيل لذلك الشعب وتبيانا لحقيقه سماته النفسيه الاصيله !!!!! المصريين حين بكوا الطفل الصغير وحزنوا لحزن اسرته وتعاطفوا معها لم يكونوا ينافقوا احد ، لان آحدا لم يري دموعهم و آحدا لم يسمع صوت نحيبهم وقت الجنازه و آحدا لم يصورهم في الصفحات الاولي للجرائد وهم حزاني متعاطفين مع اسره السيد الرئيس !!! المصريين حين بكوا الزهره اليانعه التي اختطفها الموت من حضن امه لم ينتظروا ان يمنحوا علاوه او جائزه او منصب او شهاده تقدير او شقه او وسام !!! المصريين حين بكوا ذلك الصغير انما عبروا عن خصالهم الاصيله وصفاتهم الحقيقيه وانسانيتهم الجمه ورهافه مشاعرهم وتعاطفهم الجارف ليس الا !!!!!! ومن لم يفهم هذا ولم يراه ولم يدرك معناه عليه ان يبذل جهدا كبيرا في اعاده فهمه للمصريين وطبيعتهم !!! وكفاكم حذلقه !!!!!!!!! الفقره الاخيره .... حين سمعت خبر وفاه الحفيد الصغير انخلع قلبي ودعوت ربي ان يلطف بعباده ولايهون عليهم قضاءه وقدره ، فلا يحرق قلب الام والاب الا وفاه صغيرهم الحبيب ... ودعوت له بالرحمه ولاسرته بالصبر وكنت في هذا مثل ملايين المصريين الذين تفيض ارواحهم بالانسانيه الحقه ويحترمون الم الموت ويقدرون قسوته ..... الجمله الاخيره ..... في الايام الاخيره اخرجت من حياتي بعض البشر اللذين كنت اتصورهم بشرا خلافا لحقيقتهم القاسيه المتجرده من الانسانيه فقد اثبتوا لي بسلوكياتهم الوضيعه اني لااخاف الا من البشر عديمي الانسانيه ، اخاف منهم ، لان من تجردت نفسه من الانسانيه لا يبقي فيه الا صفات موحشه الابتعاد عنها منتهي الغنيمه واللهم اعني علي اصدقائي اما اعدائي فانا كفيل بهم !!!!! الكلمه الاخيره ...... اكرر .... المصريين شعب جميل جدع !!!!!!!!
نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه في الاربعاء ٢٧ مايو ٢٠٠٩