الأربعاء، 31 يوليو 2013

مما شاهدت لك ............ نضف بلدك



حملة نضف بلدك 
مصر الحضارة 
مصر ثوره 30 يونيو 

الاثنين، 29 يوليو 2013

مما شاهدت لكم .... حوار مهم مع عبد الرحيم علي والاوضاع الراهنه في مصر

مما قرأت لك ..... الثورة المصرية التي كشفت حربا ...


الثورة المصرية التي كشفت «حرباً»
لم ينتهِ حكم الرئيس مرسي في مصر وحسب، بل انهار مستقبل تيار الإسلام السياسي وروافده وامتداداته التاريخية. الهوية الوطنية التي حاولوا استبدالها على مدى 85 عاما بهويتهم الأخوانية، تستعيد مكانتها.

undefined


بقلم: عبدالله كمال


للصراع في مصر وجوه عديدة، وبينما يحتشد ملايين المصريين في الشوارع سعيًا وراء حسم يعتقدون أنه سريع، فإن مصر تخوض واقعيًا صراعًا شديد التعقيد.. لن ينتهي في يوم وليلة، ويتميز بتنوع أبعاده – ومن ثم تأثيراته - محليًا وإقليميًا ودوليًا.. فضلًا عن ميادينه الكثيرة: جغرافيًا وإعلاميًا وأمنيًا وثقافيًا ودينيًا واجتماعيًا.
في 30 يونيو ذهب المصريون إلى «ثورة الدولة»، من أجل الدولة وبرعاية مؤسساتها، حين تقرر إنهاء «حكم الإخوان» بعزل الرئيس السابق محمد مرسي.. وكانت نتيجة ذلك انفجار صراع مسكوت عنه، لا يقتصر على وجهه الظاهر بخصوص منصب مرسي وشرعيته المنتهية، وإنما يضرب بالعمق في مصير مستقبل تيار الإسلام السياسي بكل روافده، وامتداداته التاريخية.. وصولًا إلى عشرينيات القرن الماضي عندما تأسست جماعة «الإخوان»، وطرحت بديلًا للهوية المصرية.
لقد ظل هذا البديل يفرض نفسه دينيًا وثقافيًا وسياسيًا على المجتمع المصري طوال 85 عامًا، ويقدم ذاته مشروعًا مختلفًا واعدًا بالتطور والتنمية وإصباغ هوية دينية بحتة على مصر.. وملوحًا بحلول أخرى للصراعات الإقليمية والعلاقات المصرية الدولية.. ومتعهدًا بالعدالة والطهارة. إلى أن ثبت أن كل هذا ليس سوى مجرد شعارات غير قابلة للتحقق، وأن البديل لا يمكنه أن ينتقل من مرحلة «الجماعة» إلى مرحلة «الدولة».. فضلًا عن تناقضه مع ثقافة المجتمع، فأنهى المصريون بأسرع مما توقع الجميع الفرصة الهشة التي منحوها له.
سقط المشروع الإخواني في مصر، معلنًا ليس فشله الدولتي والإداري، وإنما كذلك الحمق السياسي والثقافي الذي دفعه إلى أن يعلن حرباً قيمية – إدارية على المجتمع بدولته.. تهدف إلى تحقيق «الأخونة» ومن ثم «التمكين». كان انتصار مشروع «الجماعة» في هذه الحرب يعني محو كل ما هو ليس إخوانيًا، على المستويين الثقافي والديني، وإقصاء كل ما هو غير ذلك من تحت سماء البلد لصالح كل ما له صلة بالجماعة أو يمكن أن يساعدها على ذلك. وبالتالي فإن المشروع لم يعلن العدوان الاجتماعي على طبقات كاملة، والحرب السياسية على مؤسسات متغلغلة في بنيان الدولة.. ولكنه استهدف بكل سذاجة أن يطبق عليها النفي الشامل، وصولًا إلى محو تاريخها من تراث البلد.
لكونه «نقطة ارتكاز» و«محور نشوء» مشروع دولي متشعب، تنظيميًا وثقافيًا وأيديولوجيًا، وكذلك ماليًا.. فإن «الضربة الثورية المصرية» لهذه النقطة وذلك المحور قادت فورًا إلى تهديد استراتيجي صفري لكل روافد وأذرع المشروع وكل فروعه.. سواء كانت مرتبطة به مباشرة من خلال «التنظيم الدولي للإخوان»، أو تحالفت معه محليًا وإقليميًا، أو نشأت من رحم أيديولوجيته.
من ثم فإن «ثورة 30 يونيو» لم تكن إطاحة بسلطة قائمة، ومرفوضة من الشعب، لم تبلغ سوى عامين من عمرها – منذ حصل الإخوان على أغلبية مجلس الشعب المنحل – ولكنها، وهذا هو الأهم، هدمت أسس «الجماعة» وكشفت أساطيرها المؤسسة والبانية.. إضافة إلى تهديد وجودها برمته. كانت ثورة ضد «مشروع متكامل» وليس السلطة التي كونها بعد فروغ صبر السنوات.
قائمة الخاسرين نتيجة لذلك تشمل ما يلي: مكتب إرشاد ومجلس شورى الجماعة، الجماعة في حد ذاتها، حزب الحرية والعدالة، مجموعة أحزاب تيار الإسلام السياسي برمتها.. بما في ذلك حزب النور الذي حاول مرات أن يباعد بين موقفه وموقف الإخوان دون جدوى، التنظيم الدولي للإخوان، التوابع التي تضافرت في إطار الاستراتيجية الإقليمية الجديدة لاسيما في تونس، البديل المطروح تابعًا لذلك في ليبيا، البديل المطروح في سوريا، حكومة العدالة والتنمية في تركيا- المشروع الاردوغاني برمته، الروافد الخليجية للإسلام السياسي، الإخوان في الأردن.. وقبل كل ذلك حركة حماس في غزة، والقائمة التي تضم مئات من المفرج عنهم بقرارات العفو الرئاسية الصادرة من محمد مرسي خلال عام حكمه.
كمثال، فإن النتيجة المباشرة لعزل محمد مرسي، على مستوى العلاقة بين القاهرة وغزة كانت كما يلي:
* اتهام الرئيس المعزول رسميًا بالتخابر مع حماس، وإعادة فتح ملفات أحداث انتفاضة 28 يناير 2011 بقضية اقتحام سجن وادي النطرون، وما يستتبع ذلك قانونيًا، والأهم معنويًا.
* تزايد التضييق المصري على أنفاق رفح، ما أغلق شرايين أساسية لوجود حركة حماس اقتصاديًا ولوجيستيًا، وهو تضييق يبدو أنه لن يقف عند نقطة معينة قريبًا.. وبالموازاة له بدء عملية عسكرية مصرية واسعة النطاق ضد ارتكازات تنظيمات إرهابية ذات صلة بحماس في سيناء.
* انخفاض مستوى الاتصال السياسي بين حماس ومصر، إلى ما هو أدنى مما كانت عليه حتى في وقت الرئيس مبارك.. وبعد أن كانت حماس لديها خطوط مباشرة مع الرئيس المعزول ورئيس وزرائه.. فإنها لم تعد تتمكن من الاتصال إلا عن طريق المخابرات العامة، ليس عبر رئيسها ولا عبر رئيس هيئة الخدمة السرية فيها وإنما عبر رئيس الإدارة المختصة.
في أفق هذه التطورات تستشعر حماس خطرًا جوهريًا على وضعها في غزة، نتيجة لما حدث في مصر، وبينما كانت التفاعلات قد بدأت عمليًا داخل وحدات الحركة.. وما بين الجناحين السياسي والعسكري.. وما بين كل من خالد مشعل وإسماعيل هنية ومحمود الزهار..عقب معركة القصير في سوريا. فإن مجريات مصر صعدت تلك التفاعلات وبدأت تعود خطوط التواصل بين كل من إيران وحماس، كاشفة عن احتمال إبعادها عن معسكر كانت قد انضوت تحته خلال العامين الماضيين.. ولهذا نتائجه الصراعية.
لقد طرح مشروع «الإخوان» نفسه بديلًا للمشروع القومي العروبي الذي كان قد بدأ سقوطه التدريجي منذ غزو العراق للكويت في 1990. ولذا فإنه كان يتجه إلى بناء بديل إقليمي امتداد خطه يقضي شكليًا على منظمة «جامعة الدول العربية» لصالح تنظيم آخر يشمل دولًا غير عربية.. لاسيما تركيا. يحقق هذا في تحليله الأخير المشروع الأميركي الذي تبناه اليمين المحافظ في عهد الرئيس السابق بوش تحت عنوان «الشرق الأوسط الكبير».
من هذا الجانب فإن مشروع الإخوان كان يمثل سندًا استراتيجيًا للمصالح الأميركية- الأوروبية، من حيث أنه يؤدي إلى:
* توفير غطاء ديني لتسوية – متساهلة – للصراع «الفلسطيني- الإسرائيلي».. ويلحظ في ذلك رعاية حكم محمد مرسي لهدنة بين حماس وإسرائيل كانت جماعته هي نفسها تقف ضدها من قبل حين كان يذهب إليها حكم نظام حسني مبارك.
* تكريس الاستقطاب السني – الشيعي، بحيث يتحول الصراع الإقليمي إلى صراع ديني «إسلامي – إسلامي»، ما ينحي نهائيًا طبيعته السابقة كصراع بين عربي – إسرائيلي، ويكون الصراع بالأساس بين إيران وتوابعها في مواجهة تركيا وتوابعها.. بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وتمثل دعوة محمد مرسي للجهاد في سوريا ضد نظام بشار الأسد وحلفائه أحد أوجه هذا التطور الذي كان متصاعدًا.
* اجتذاب كل عناصر التنظيمات الدينية المسلحة من مختلف مناطقها، بعيدًا عن المصالح الأميركية، إلى قلب منطقة الشرق الأوسط.. حيث تنغمس في الصراع الديني الجديد، أو يتم احتواؤها تحت المظلات السياسية التي بدأت في حكم الدول العربيه تترى.
هذه الصفقة الاستراتيجية انهارت بشكل يفسر ردود الأفعال على ثورة 30 يونيو، ويبرر لماذ تعاني العواصم الغربية من ارتباك فادح.. وبعد أن تسارعت لوصف الانتفاضة المصرية في 28 يناير بأنها ثورة، فإنها لم تزل تفكر فيما إذا ما كان ما حدث في مصر هو ثورة أم انقلاب عسكري. في المرة الأولى نقل الرئيس الأسبق حسني مبارك السلطة إلى المجلس العسكري الأعلى من دون حتى أن يكون ذلك مطلبًا للمنتفضين.. ودون سند دستوري، وفي المرة الثانية كان الذي رعى عملية العزل الشعبي للرئيس هو الجيش الذي أعلن خريطة الطريق ثم ترك السلطة لرئيس مؤقت.
معلوماتيًا، وسياسيًا، صدمت «30 يونيو» أسسًا استراتيجية، وشبكة كاملة من التصورات وطرق التفكير كانت قد توصلت بعد سنوات طويلة إلى أن «الإسلام السياسي» بديل مقبول، وبناء عليه تم بناء الحسابات لسنوات. وعلى هامش هذا فإنها سببت مشكلات وظيفية ومهنية لعشرات من المسؤولين في السفارات المعنية وجهات التفكير والمتابعة التي لم تتوقع ما حدث واستبعدته تمامًا. وفي ذات الوقت فإن الثورة المصرية التي صدمت تعريفات كتب السياسة والتحليل الاجتماعي دفعت المسؤولين في عواصم مختلفة إلى اللهاث وراء إيقاعها.. إذ ما لبثوا يتعاملون مع متغير 30 يونيو كان أن واجهوا متغيرًا أشد ضراوة تمثل في مظاهرات 26 يوليو.. تلك التي منحت القوات المسلحة المصرية وقائدها العام تفويضًا شعبيًا بأن تخوض الحرب ضد العنف والإرهاب. لقد كان هذا التفويض بدوره من خارج تعريفات الكتب ومسببًا لارتباك وتعقيد إضافيين.
نتيجة لارتباك رد الفعل الأوروبي – الأميركي تجاه ما حدث في مصر، والتفاوت ما بين ثلاث مستويات لردود الأفعال: الرسمية المعلنة، والسياسية، والإعلامية.. إذ واقعيًا تواجه السلطة الجديدة في مصر هجومًا تليفزيونيًا وصحافيًا، وتصريحات بدرجات مختلفة من الانتقاد أو الحيادية، وقرارات رسمية لم تصل بعد إلى مستوى المواقف الحادة.. نتيجة لهذا فإن الصراع في مصر نحى إلى أن يكون «حربًا على الصورة».. على أساس اعتقاد مؤداه أن الذي يحصل على الصورة الأكثر انتشارًا وتأثيرًا في العواصم الخارجية هو الذي سيحصل على التأييد من تلك العواصم.
لقد ذهب الموقف إلى هذا المنحى بعد أن انشغلت السلطة المصرية الجديدة في بناء مفرداتها ومعادلاتها، في ذات الوقت الذي كثفت جماعة الإخوان من هجومها الإعلامي واستعطاف الغرب والولايات المتحدة.. والضغط عليها بأكثر من أسلوب. مبدئيا من ناحية أنه كيف للغرب الديموقراطي أن يؤيد «انقلابا»، وتهديدًا من زاوية أنه على الغرب ألا يلوم نفسه.. فقد ذهب الإسلام السياسي إلى صناديق الانتخابات ولكن أحدًا لم يقبل بنتيجتها.. وبالتالي لا يلوم الغرب إلا نفسه إذا ما عاد الإسلام السياسي إلى العنف.. وفقًا لتهديدات مبطنة أحيانًا ومعلنة في أحيان أخرى.
«الصراع على الصورة»، الناتج عن تغطية إعلامية منحازة لجماعة الإخوان، وتقديمها في صحافة الغرب على أنها «مضطهدة» واجهت انقلابًا ضد نتائج الديموقراطية، كان هو نفسه سحابة دخان كثيف على ضغوط أوروبية – أميركية لم تستهدف العودة إلى ما قبل 30 يونيو بقدر ما أرادت توفير «مدخل آمن» يعيد الإخوان إلى معادلة السياسة المصرية.. في ذات الوقت الذي كان هدف الثورة المصرية هو فتح «مخرج نهائي» لجماعة الإخوان.
«اعتصام رابعة» وفق هذا التحليل كان بؤرة التركيز في «الصراع على الصورة»، وربما كان هذا الصراع من الناحية الشكلية هو أحد أسباب الذهاب إلى مشهد 26 يوليو بناء على دعوة الفريق أول عبدالفتاح السيسي لشعب مصر بأن يخرج إلى الشوارع والميادين لكي يؤكد للعالم رغبته في تفويض القوات المسلحة لمواجهة الإرهاب.. لكن هذا الصراع العلني على الصورة كان بدوره يغطي على دوافع أخرى لدى كل أطراف الصراع:
* على مستوى الجيش المصري
- القوات المسلحة ممثلة في قائدها العام تريد نظريًا «أمرًا بالعمليات ضد الإرهاب» من الإرادة الحقيقية في المجتمع، وفق التعريف الذي أعلنته منذ بداية الأحداث وهو «الشعب»، وليس من السلطة التي نشأت نتيجة لخريطة الطريق.. ما قد تحتمل التشكيك فيها.
- يستتبع ذلك الحصول على شرعية تتجاوز المزايدات السياسية أو الآراء الدينية التي تأخذ شكل الفتاوى والتي يمكن توقعها ضد العمليات، وفوق ذلك تكون ظهيرًا للخسائر المتوقعه والمفترضة.
- إعلام الشعب بأن هذه العمليات والإجراءات ضد الإرهاب قد تستدعي وقتًا ليس قصيرًا، بخلاف خطوات استثنائية.
- عرقلة عمليات نوعية تحدثت عنها معلومات مختلفة كان مخططًا لها من قبل الجماعات المتطرفة وأعلن عنها بالفعل في يوم 17 رمضان الموافق 26 يوليو.
- اذا كانت العواصم الأوروبية والأميركية تمارس ضغوطًا وتتجه – احتمالًا- نحو عدم الاعتراف بالأوضاع الثورية الجديدة في مصر.. فإن مصدر الشرعية التي سوف يستند إليها النظام الناشئ هو الشعب المصري الذي يجب أن يرضخ له الجميع في الداخل والخارج.
* على مستوى جماعة الإخوان
- منازعة السلطة النابعة من ثورة 30 يونيو في شرعيتها، ومنعها من الوصول إلى حد أدنى من الاستقرار يسمح لها بالعمل واجتذاب الاستثمارات وإعطاء رسالة عن مصر مختلفة.. وبالتالي إفشال هذه السلطة وحكومتها.
- إذا كانت جميع التصريحات الصادرة عن عواصم الغرب تتحدث عن وجوب المضي قدمًا في عملية سياسية يرضى عنها كل المصريين فلابد من تعطيل تلك العملية، ما يستتبع انتقال مواقف تلك العواصم من احتمالية المساندة إلى تأكيدية الرفض.
- إذا كان هدف السلطة المصرية الجديدة توفير الأمن فلابد من تعطيل هذا إلى أبعد مدى ممكن..من خلال إرباك مستمر خصوصًا في العاصمة، ولاسيما في سيناء التي هدد أحد أبرز قادة الإخوان بتصعيد عمليات العنف فيها.
- استخدام كل تلك الأوراق في التفاوض على أوضاع جديدة للجماعة وقياداتها، بدءًا من احتجاز موقع في المعادلة ليس تحت مظلة المصالحة المشروطة وإنما انطلاقًا من وضعية ارتهان المجتمع وتهديده.. وبما في ذلك ضمانات الوضع القانوني والسياسي والمالي لقيادات الجماعة.
* على مستوى العواصم الأوروبية والولايات المتحدة
- استخدام الموقف في أكبر علمية إبراء ذمه غربي من تيارات الإسلام السياسي اتقاء لتهديدها المعلن والمبطن.
- توفير وقت يمكن خلاله إعادة ترتيب استراتيجية جديدة.. ليس في طريقة التعامل مع الإسلام السياسي وإنما مع إقليم الشرق الأوسط برمته، خصوصًا في ظل تحديات تلوح بوضوح في دول عربية أخرى مثل تونس وليبيا..فضلًا عن سورية.
- دراسة هذا الوضع الجديد في مصر ونتائجه، لاسيما في الصعود الاستراتيجي لمؤسسة القوات المسلحة، وللدولة المصرية عمومًا بتأثيرها واسع النطاق، وكذلك الصعود السياسي للقائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح السيسي وتوابعه.
في الطريق إلى 30 يونيو لم تكن الصورة واضحة لدى مختلف عناصر الصراع، داخل وخارج مصر، باستثناء عدد من مؤسسات الدولة، وفي الطريق إلى 26 يوليو لم تكن الصورة واضحة كذلك.. خصوصًا لجماعة الإخوان وحلفائها.. ولاسيما لدى أوروبا والولايات المتحدة.. كما أن هذه الصورة كانت واضحة لدى نفس مؤسسات الدولة وفي صدارتها القوات المسلحة. لكن الخروج الملاييني غير المسبوق من شعب مصر إلى شوارع عشرات المدن قد تجاوز في نتائجه غير المباشرة مسألة منح التفويض الشعبي للجيش في مواجهة الإرهاب.. وسيكون مؤديًا إلى النتائج التالية:
- الرأي العام المصري ألقى بثقله الكامل خلف الدولة، ممثله في القوات المسلحة، وأعلن عليها رهانًا تاريخيًا متجددًا. في 30 يونيو طلب منها عزل الرئيس السابق، في 26 يوليو منحها تصويتًا فاق شرعية مواجهه الإرهاب وتضمن كذلك الموافقه الاكيدة على خريطة الطريق التي تتبناها.
- هذا الخروج الملاييني الذي لا مثيل له، وهذا الرهان على الدولة ومؤسساتها، أفقد أي من الأطراف التي تداخلت في عملية إعداد خريطة الطريق وإعلانها أي فرصة للمناورة السياسية خارج إطارها.. ومن ثم فأي انسحاب منها لن يكون مؤثرًا عليها. وفي هذا السياق يمكن ملاحظة أداء حزب النور الذي أراد التلويح بالانسحاب.. أو حركة تمرد التي ذهبت نحو تجاوز حدود قدرتها السياسية.
- الرسالة الأهم في يوم 26 يوليو كانت هي الرفض الصريح لنشوء الأحزاب على أساس ديني أو إقحام الدين في السياسة.. باعتبار ذلك التظاهر كان كله ضد مشروع الإخوان.. كما أنه فرض حظرًا شعبيًا متكاملًا ومتجددًا ضد الجماعة نفسها.
- صعود التيار الوطني المصري كمتغير سياسي داخلي، وكبديل جوهري للمشروع الذي كانت تطرحه الجماعة لهوية المجتمع.. وهي نقطه تحتاج إلى تفصيل يمكن أن يتاح فيما بعد.
- صعود التيار الغاضب – لا أقول المعادي – للولايات المتحدة.. ونشوء الاستعداد الشعبي لتغيير التحالفات المصرية وإعادة التموضع إقليميًا ودوليًا نتيجه لذلك.
- ظلال كثيفة على الساحة السياسية المصرية، وبما في ذلك تأثيرات هذا على روح الدستور قيد الإعداد ونتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة وتغيير مفردات خريطة الانتخابات الرئاسية المقررة في حدود شهر مارس المقبل.
لقد خرج ملايين المصريين وكان في ذهنهم أن يكونوا مشهدًا خياليًا في «حرب الصورة»، إلى الدرجة التي معها كان كل متظاهر يتحدث باعتباره متحدثًا عن الآخرين ومؤكدًا أن خروج يوم 26 يوليو سيفوق يوم 30 يونيو. وفي ذات الوقت فإن هذه الملايين كانت تدرك أنها تخرج لكي تعطي الجيش تفويضًا في لكي يقوم بما يراه ضد العنف.. أي أن الجمهور المصري كان بنفسه يعلن الحرب على الإرهاب ومشروعه الثقافي والسياسي المساند. لكن الأكثر أهمية من كل ذلك هو أن قيادة الجيش ومؤسسات الدولة التي حصلت على التفويض تعرف تاريخية الحصول على تلك الطاقة الشعبية الهائلة ونتائجها ونتائج الرهان عليها.. ومعنى ذلك في مواجهة خصوم داخليين وإقليميين أصبحوا مكشوفين تمامًا وفي صراع علني الآن.

عبدالله كمال

الجمعة، 26 يوليو 2013

مما قرأت لك .... السيسي الذي اعرفه

ياسر رزق




السيسي.. الذي أعرفه


لا أذكر أنني ترددت يوماً قبل أن أكتب بقدر ما أشعر الآن!
كلما أمسكت بالقلم لأسطر مقالي عن ثورة شعب توقعتها قولاً وكتابة، مقبلة كالقدر المحتوم، وعن غضبة جماهير كنت أرى وهج لهيبها من قبل أن أسمع دوي انفجارها، وعن نزول ثان للجيش كنت واثقاً أنه آت لا محالة، درءاً لفوضى، وصوناً لأمن وطن، وحماية لمقدرات شعب، وحفاظاً على تماسك دولة تلين مفاصلها وتتداعى.
كلما شرعت أن أكتب عن غروب نظام حكم بائس كفيف البصر، منزوع البصيرة، حذرت مراراً من أنه أصم، لا يسمع أجراس خطر تدق، وهو يندفع بالبلاد إلى طريق الهلاك، وعن أفول جماعة كنت أؤمن، رغم شهوتها للسلطة، وجشعها للتمكن، ونهمها للاستحواذ، أنها لن تعدو أن تكون - وقد كانت - جملة اعتراضية في تاريخ الوطن.
كلما هممت بالكتابة عن ماض يأنف منه التاريخ، وعن مستقبل تبدو الطريق إليه وعرة محفوفة بألوان المخاطر، راودني قلمي أن أكتب عن رجل كان مثار تساؤل المصريين حيناً، وموضع حيرتهم حيناً، ثم صار مناط أحلامهم، ومصدر إعجابهم.
■ ■ ■
التقيت أول ما التقيت باللواء أركان حرب عبدالفتاح السيسي منذ 28 شهراً، بعد أسابيع من ثورة الـ18 يوماً، كان وقتها مديراً للمخابرات الحربية، جمعنا لقاء خاص ضم أيضاً ثلاثة من كبار قادة القوات المسلحة وثلاثة من كبار المثقفين، كانت هي المرة الأولى التي أتعرف عليه عن قرب، رغم 25 عاماً قبلها أمضيتها محرراً عسكرياً، توثقت فيها علاقتي بمعظم قادة وقيادات القوات المسلحة.
تركز الحديث خلال اللقاء عن أسرار وتفاصيل دور الجيش في مساندة ثورة 25 يناير، وعن خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية الأولى التي رفعت البناء من قبل وضع الأساس، فبدأت بالانتخابات البرلمانية وانتهت بالدستور، فكان ما كان!
يومها.. خرجنا من اللقاء مأخوذين بشخصية هذا القائد الشاب، الهادئ، المثقف، المتدين، مرتب التفكير، منظم العبارات، المفعم بالاعتزاز بالوطنية المصرية والمؤسسة العسكرية العريقة.
بعدها.. عرفت أن هذا القائد الشاب هو أول من تنبأ في القوات المسلحة بثورة الشعب على نظام مبارك، ووضع تقريراً يتضمن تقدير موقف لتداعيات الأحداث وصولاً إلى انتفاضة شعبية ستطيح بالنظام، وسلم التقرير إلى المشير طنطاوي في مطلع شهر أبريل عام 2010، وسأله المشير: «كيف ترى أن نتصرف حينئذ؟!»، فأجابه قائلاً: «سنساند انتفاضة الشعب ولن نطلق رصاصة على أحد من أبنائه».
كان «السيسي» يتوقع في تقريره أن تقوم الانتفاضة في مايو عام 2011، انطلاقاً من معلومات كانت تشير إلى احتمال اعتزال مبارك في عيد ميلاده الثالث والثمانين، وترك الحكم إرثاً لابنه، لكن الثورة جاءت مبكرة عن ذلك الموعد بثلاثة عشر أسبوعاً، لسببين هما التزوير الفاجر لانتخابات مجلس الشعب في نهاية عام 2010، ثم الثورة التونسية.
ولقد كتبت وقتها عن قصة القائد الكبير «طنطاوي» والجنرال الشاب «السيسي» دون أن أشير إلى أبطالها.
■ ■ ■
تعددت المناسبات التي جمعتني باللواء السيسي في الشهور التالية، وزادت كثافة الاتصالات بيننا مع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية، وكان من شبه المسلم به بين قيادات القوات المسلحة أن «السيسي» هو القائد العام المنتظر، بعد الاعتزال المتوقع للمشير طنطاوي والفريق سامي عنان، رئيس الأركان، عند تسليم السلطة للرئيس المنتخب.
وأذكر في بواكير الحملة الانتخابية الرئاسية أن سألني اللواء السيسي عن توقعاتي لنتائج التصويت، فقلت له: «من المبكر الجزم، لكن مسار الحملة في بدايتها يشير إلى احتمال إعادة بين عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وكان ذلك قبل أسابيع من إجراء المناظرة الشهيرة بينهما»، فرد علي «السيسي» قائلاً: «وأين اسم الدكتور محمد مرسي؟! في تقديري أنه سيكون طرفاً في الإعادة»، استبدت بي الدهشة لأن محمد مرسي كان «استبن» خيرت الشاطر، وكانت استطلاعات الرأي وقتها تضعه في المركز الأخير بين أقوى 5 مرشحين، لكني قمعت دهشتي لأنني أعرف دقة تقديرات اللواء السيسي.
وحينما فاز مرسي بالرئاسة، سألت اللواء السيسي: هل تعتقد أن مرسي قادر على التحرر من سيطرة الجماعة ومكتب إرشادها ومرشدها العام؟!
وكانت إجابته ذات المغزى العميق: «المسألة ليست هل هو قادر.. وإنما هل هو يريد؟».
■ ■ ■
تردد المشير طنطاوي في اتخاذ قراره بالترجل يوم 30 يونيو 2012، وأحجم عن الاعتزال وهو في ذروة مجده، حاكماً يسلم السلطة لرئيس منتخب، ولم يكن يتخيل أنه يترك مهمة كتابة ورقة النهاية في مشواره العسكري للرئيس مرسي الذي صور الأمر على أنه يوم النصر المؤزر لجماعة الإخوان على حكم العسكريين الذي دام 60 عاما.
في يوم 12 أغسطس، أصدر مرسي قراراً بتعيين الفريق أول عبدالفتاح السيسي قائداً عاماً ووزيراً للدفاع والفريق صدقي صبحي «قائد الجيش الثالث» رئيساً للأركان، والحقيقة أن مرسي وضع توقيعه على قرار المؤسسة العسكرية باختيارها قائدها ورئيس أركانها الجديدين.
ومنذ تولي السيسي قيادة القوات المسلحة يوم 12 أغسطس الماضي، دارت ماكينة الشائعات الإخوانية بنشاط تروج لأن السيسي إخوانى، أباً وعماً وأبناء وزوجة منتقبة، وأنه ذراع الجماعة في أخونة وأسلمة القوات المسلحة، وكنت أسمع وأطالع تلك الشائعات وأسخر منها، قولاً وكتابة، فهو أبعد ما يكون عن فكر الجماعة، وإن كان أقرب من قياداتها فهماً لصحيح الدين ووسطية الإسلام، بل أكاد أقول إنه يعتنق مبدأ الوطنية المصرية الذي تخاصمه الجماعة، ويؤمن بأن جماهير الشعب هي القائد والمعلم، وليست كما تراها الجماعة، قطيعاً يُساق، وجموعاً تنقاد.
كان هدف الجماعة هو تيئيس الشعب المصري من الاحتفاظ بجيشه وطنياً خالصاً، نقياً من فيروسات الانتماءات السياسية، ومن كثرة الكذب، يبدو أن قيادات الجماعة صدقت أكاذيبها!
بعدما تولى السيسي منصبه، كان همه الأول هو استعادة الكفاءة القتالية لوحدات وتشكيلات القوات المسلحة بعد 18 شهراً أمضتها في الشوارع والميادين، وتطوير تسليحها وفق خطة مدتها عام، وكان تركيزه الرئيسي هو إبعاد الجيش المصري عن اللعبة السياسية والصراعات الحزبية، وكان يأمل - كما قال لى - أن تتوافق القوى السياسية من أجل مستقبل البلاد، وأن ينجح الرئيس المنتخب في مهمته الصعبة، وأن ينأى بنفسه عن الدخول في صدامات مع ركائز الدولة وأعمدتها، خاصة أن مرسي كان قد انزلق إلى صدام مع القضاء، حينما حنث باليمين الذي أقسمه على احترام الدستور والقانون وألغى قرار تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب بعد ثمانية أيام لا غير من توليه منصبه.
■ ■ ■
حلت ذكرى نصر السادس من أكتوبر، وكان الاحتفال الذي أقيم بهذه المناسبة كارثياً بكل المقاييس!
فقد سحب مرسي تنظيم مراسم الاحتفال من القوات المسلحة وأسندها إلى وزير شبابه الإخواني، وتجاهل دعوة قيادات حرب أكتوبر إلى الاحتفال، وملأ المدرجات بأعضاء حزب الحرية والعدالة، وأجلس في المنصة الرئيسية قتلة الرئيس الراحل السادات بطل الحرب، وأبعد وزير الدفاع وقادة القوات المسلحة عن صدارة المشهد في يوم عيدهم.
نكأ هذا الاحتفال جراح رجال الجيش التي لم تبرأ من صدمة الخروج غير الكريم للمشير طنطاوي والفريق سامي عنان، ووصل الغضب في صفوف القوات المسلحة إلى درجة الغليان، وبدا أمام الجميع أن مرسي فقد اعتباره كقائد أعلى للقوات المسلحة.
زادت النقمة في الأيام التالية، مع ترافق عدد من الأحداث، منها نشر خبر في إحدى الصحف يسيء إلى طنطاوي وعنان، وتسابق المواقع الإلكترونية الإخوانية إلى بث كل ما يشوه صورتهما، ثم دعوة السيسي إلى اجتماع في الرئاسة لمناقشة تأمين «مليونية الحساب»، وتبين أن الغرض من الاجتماع هو استبعاد النائب العام، ومحاولة الزج بالجيش في صراع الرئاسة مع القضاء.
ولأول مرة منذ تولي مرسي السلطة، صدر بيان باسم قادة وضباط وصف وجنود القوات المسلحة يعبر عن استيائهم من الإساءة لقادتها السابقين، وكانت تلك أول إشارة حمراء لمرسي وجماعته.
■ ■ ■
يوماً بعد يوم، تفاقمت أخطاء مرسي وخطايا جماعته، وتردت أحوال الشعب اقتصادياً وأمنياً، وباتت زياراته الخارجية مصدر إحراج للوطن ومثار سخرية للجماهير بسبب تصرفاته التي تنطوي على جهل فاضح بأصول البروتوكول، وأدائه الذي يتناقض مع مسلك رجل الدولة.
غير أن القطيعة بين نظام مرسي والشعب وقعت عندما أصدر يوم 21 نوفمبر الماضى إعلانه الدستوري الذي يخاصم كل الأعراف والقواعد القانونية والدستورية، ثم إعلانه الدستوري المعدل الذي أصدره يوم 8 ديسمبر وحاول به خداع الجماهير، لكنه فشل فشلاً ذريعاً.
بعد ثلاثة أيام لا غير من الإعلان الأخير.. خرجت مئات الآلاف من جماهير الشعب الغاضبة تحاصر «الاتحادية» وتهتف برحيل مرسي، فيما عرف بيوم «الثلاثاء العظيم»، بينما كان مرسي ورجاله في داخل القصر يتداولون في مستقبلهم بعد الرحيل!
انفض التظاهر بسبب حماقة بعض القوى السياسية، دون أن تدرك أن استمراره عدة أيام تالية كان كفيلاً بإسقاط مرسي.
■ ■ ■
بعدها بيوم دعا السيسي إلى لقاء بالقرية الأوليمبية للدفاع الجوي بالتجمع الخامس يجمع الرئيس بكل القوى السياسية، بغرض الخروج من المأزق السياسي والوصول إلى توافق، وأطلع الرئيس على دعوته قبل إعلانها ورحب بها الرئيس.
وبينما كان المدعوون في طريقهم إلى مقر اللقاء، جاءتهم مكالمات عاجلة تبلغهم بإرجاء الاجتماع إلى أجل غير مسمى، وكان مرسي - بضغط من المرشد - قد عدل عن رأيه، وطلب من السيسي إلغاء اللقاء!
حل العام الجديد.. وحمل معه المزيد من الأزمات!
في 30 يناير.. التقى السيسي بطلبة الكلية الحربية، ومن داخل هذا الصرح العلمي العسكري العريق بعث برسالة إلى الرئيس وكل القوى السياسية يحذر فيها من خطر «انهيار الدولة» ثم التقى السيسي بـمرسي وقال له بوضوح: «لقد فشلتم ومشروعكم قد انتهى»!
بعدها بأسبوعين.. أعلن الفريق صدقي صبحي، رئيس الأركان، لتليفزيون أبوظبي تصريحه القنبلة الذي قال فيه: «إن القوات المسلحة لا تنتمي لفصيل ولا تمارس السياسة، وعينها على ما يدور، وإذا ما احتاجها الشعب ففى أقل من ثانية ستكون موجودة في الشارع».
في يوم 17 يناير.. سرت موجة من الشائعات عبر المواقع الإلكترونية تفيد بوجود نية لإقالة السيسي، وتتبعت أجهزة القوات المسلحة الشائعة واكتشفت أن مصدرها مواقع تابعة لجماعة الإخوان.. وصدر في اليوم التالي تصريح ناري لمصدر عسكري قال فيه: «إن إقالة السيسي تعني انتحاراً سياسياً للنظام بأكمله».
كانت السبل قد تقطعت بين الاتحادية ومقر وزارة الدفاع، بعد أن تقطعت بينها وبين القضاء والإعلام والشرطة، وقبل كل ذلك بينها وبين الشارع والقوى السياسية.
وفي آخر لقاء بين مرسي وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم 12 أبريل الماضى، سمع الرئيس من القادة عرضاً أميناً للوضع المتردي بالبلاد، وسمع آراء صريحة وقاطعة في مواقفه الغريبة المريبة من قضية حلايب ومشروع قناة السويس.
ولأول مرة بعد اجتماع عسكري يخرج وزير الدفاع ليتحدث جنباً إلى جنب مع الرئيس الذي وقف بين القادة مشدوداً مشدوهاً، وكأنه في وضع «انتباه»!
مضت الأيام ثقيلة على قلوب المصريين، وولدت حركة «تمرد» نهاية أبريل ليبدأ فصل جديد في حياة المصريين.
■ ■ ■
في يوم 11 مايو.. دعا الفريق أول السيسي نخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة، لحضور مراسم «تفتيش حرب» للفرقة التاسعة المدرعة بمنطقة دهشور جنوب غرب الجيزة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها مدنيون هذا النشاط العسكرى شديد الحساسية.
كان يوماً رائعاً.. اختلط فيه مشاهير الفن والرياضة والإعلام برجال القوات المسلحة البواسل وتعالت هتافات «الجيش والشعب إيد واحدة».
وفي منصة الاحتفال.. تحدث الفريق أول السيسي للحاضرين، وتبادل معهم الحوارات.. ثم سأله المحامي الكبير القدير رجائي عطية عن نزول الجيش إلى الشارع.
وجاء رد السيسي دشاً بارداً على رؤوس من تصوروا أن الجيش يمكن أن ينوب عن الشعب في الثورة، وأن يطيح بالنظام في انقلاب عسكرى.
فقد دعا السيسي القوى السياسية إلى إيجاد صيغة تفاهم بينها، وقال إن نزول الجيش (فى انقلاب) سيعيد البلاد 30 أو 40 عاماً إلى الوراء.
وعلى مائدة الغداء التي جمعت قادة القوات المسلحة بالحضور.. تنحيت والفريق أول السيسي جانباً، وسألني عن رأيي في كلمته، فقلت له إنها قد تستقبل على غير المقصود منها، فالجماهير قد تتصور أن الجيش تخلى عنها حتى لو نزلت بالملايين إلى الشوارع، والإخوان قد يتصورون أنها ضوء أخضر لهم ليفعلوا ما يريدون وسألته بوضوح: هل كان ذلك مقصدك؟!.. قال: «طبعاً لا.. موقفنا واضح أننا مع إرادة الشعب حيثما ذهبت».
وقبل أن يغادر الحضور قاعة الطعام.. ودعهم الفريق أول السيسي بكلمة شكر رقيقة.. ثم قال لهم كلمة كان لها وقع السحر في نفوسهم: «ما تستعجلوش»، وكررها قائلاً: «علشان خاطرى ما تستعجلوش».
وبينما كنت أتأهب لمغادرة مكان الاحتفال.. وقفت مع قائد ميداني كبير.. وقلت له: البلد يختنق والناس في حالة إحباط.. ثم استفززته قائلاً: هل ستتركون الناس لو نزلت فريسة لميليشيات الإخوان؟.. فرد علىّ قائلاً: نحن رهن إشارة الشعب.. ثم أمسك خنصره بإبهامه، مشيراً برقم «3».. وقال: 3 أيام فقط في الشارع.
■ ■ ■
تسارعت وتيرة الأحداث في البلاد.. تخطت استمارات حركة تمرد رقم 20 مليون استمارة، وتحدد يوم الأحد 30 يونيو موعداً لنزول جموع الشعب إلى الشارع لإسقاط مرسي.
كنت في رحلة علاج بلندن، يوم 23 يونيو عندما أطلق السيسي تصريحه المدوى من مسرح الجلاء للقوات المسلحة، والذى أعطى جميع القوى السياسية، وكان يقصد الرئيس - أولاً وأخيراً - مهلة مدتها 7 أيام للتوافق وإنهاء الأزمة قبل حلول يوم 30 يونيو.
وعلمت أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان قد اجتمع في لقاء مصغر، واتفق على هذه المهلة.
وشاهدت ليل الأربعاء 26 يونيو خطاب مرسي الذي لم يقدم فيه شيئاً يذكر، سوى استعداء من لم يكن قد استعداهم.
عدت إلى القاهرة ليل الخميس 27 يونيو، وعلمت أن خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان، والدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، طلبا لقاء السيسي غداة كلمته في مسرح الجلاء.. وتم اللقاء فعلاً يوم الاثنين.
تحدث خيرت في البداية بنبرة عتاب على المهلة التي أعطاها السيسي، وتركه السيسي يتكلم لمدة تقترب من الساعة، وكان يجلس مبتسماً، وهو يتابع حديث الشاطر المستفز، مما أثار دهشة أحد معاوني السيسي المقربين ممن يعرفونه حق المعرفة، أخذ الشاطر يحذر من أن جماعة الإخوان لن تستطيع السيطرة على كوادرها ولا كوادر حلفائها من جماعات الإسلام السياسي والجماعات المسلحة الأخرى، فى حالة استمرار توتر الأوضاع، وقد تلجأ لمهاجمة وحدات عسكرية فى سيناء وغيرها، وكان الشاطر يتحدث وهو يحرك سبابته وكأنه يضغط على زناد ويصدر أصواتاً يقلد فيها وقع إطلاق الرصاص!
انتهى الشاطر من كلامه، ونظر إليه السيسي قائلاً: «خلصت»، ثم اعتدل في مقعده وجلس متنمراً والشرر ينطلق من عينيه، وصاح فيه: ماذا تريدون؟ اهضموا أولاً ما أكلتموه قبل أن تفكروا في مزيد من الطعام.. لقد خربتم البلد.. وكرهتم الناس في الدين.. أنتم ألد أعداء للدعوة الإسلامية، ولن أسمح بترويع الناس ولا إرهابهم، وأقسم بالله أن من يطلق رصاصته على مواطن أو يقترب من منشأة عسكرية لن يكون مصيره إلا الهلاك هو ومن وراءه.
امتقع لون الشاطر وأخذ يتلعثم وهو يحاول تهدئة السيسي.. بينما انكمش الكتاتني في مقعده.. وقال للسيسي: قل لنا ماذا تريد؟ فرد عليه: «ما نريده أعطيناه للرئيس في ثلاثة تقارير تتحدث عن خطورة الأوضاع وعن حلول مقترحة»، ثم أعطى الكتاتني صوراً من هذه التقارير قبل أن يغادر والشاطر مكتبه.
في هذا اليوم تحديداً.. كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد اتخذ قراره بالإجماع: إذا نزل عشرات الملايين إلى الشوارع والميادين مطالبين بسقوط الرئيس، فسوف يؤيدهم الجيش، وقال السيسي لهم إنه سيواصل جهوده عساه يقنع الرئيس بمطالب الجماهير وأبرزها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
في اليوم التالي.. جلس السيسي ساعتين مع مرسي يحاول إقناعه بتقديم حلول في خطابه المنتظر في المساء دون أن يستعدي أحداً عليه، وبدا على مرسي الاقتناع، ووعد السيسي بأن يحتوي خطابه على هذه الحلول والمقترحات.
كالعادة.. نكث مرسي بوعوده، وخرج خطابه على النحو الذى رأيناه وسمعناه.
■ ■ ■
جاء يوم 30 يونيو، وخرج عشرات الملايين في مظاهرات ومسيرات تجوب شوارع وميادين مصر، في مشهد غير مسبوق في التاريخ الإنسانى المعاصر.
وانتظر الناس صدور بيان للقوات المسلحة بعد انتهاء مهلة الأيام السبعة، لكن البيان لم يصدر في ذلك اليوم وإنما صدر في اليوم التالى مجدداً المهلة بثمان وأربعين ساعة أخرى، ولعل هذا التجديد يدحض كل المزاعم التي تتقول على ثورة 30 يونيو، وتصف تدخل الجيش استجابة للجماهير بأنه انقلاب عسكري.
فلو كانت النية هي الانقلاب لوقع قبل ذلك بشهور، وكانت المناسبات عديدة والفرص متاحة، ولو كان العزم هو الانقلاب ما كانت هناك حاجة لمهلة أولى ولا لزوم، ولو كان القصد هو استغلال الخروج الجماهيري الهائل لإقالة الرئيس، ما أعطيت مهلة ثانية كانت تتيح لمرسي وجماعته إحداث انقسام بين الشعب والجيش، إذا ما وافقوا على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو حتى استفتاء شعبي على رئاسته، ولقلبوا الطاولة على الجميع!
وأذكر أن قيادياً بجماعة الإخوان اتصل بي مساء الأول من يوليو بعد صدور بيان المهلة الثانية، وكان في حديثه معي يقلل من حجم الجموع الهائلة التي نزلت الشوارع يوم 30 يونيو، ويرى أن مهلة الثماني والأربعين ساعة مقصود بها القوى السياسية لا الرئيس!
وفي يوم إعلان المهلة الثانية.. التقى مرسي مع السيسي، واللواء محمود حجازي، مدير المخابرات الحربية، وحاول استمالتهما قائلاً: «كل اللى انتم عايزينه حاتخدوه!».. فرد عليه القائدان: «لا نريد إلا مصلحة الشعب».
تجددت المظاهرات الحاشدة يوم الأربعاء 3 يوليو، وعند الظهيرة.. اتصلت بالدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى المنحل، الذي عرفت أنه أحد وسطاء اللحظة الأخيرة الثلاثة بين الجيش والرئيس، وسألته عما جرى في لقائه في الصباح مع القيادات العسكرية بمقر إدارة المخابرات الحربية، ورد فعل الرئيس على الوساطة.. وأدركت مما سمعت أن الرئيس لا يعتزم أن يقدم أكثر من إقالة الحكومة وإجراء انتخابات برلمانية!
جرت المقادير على نحو ما جرت يوم الثالث من يوليو وما بعده، تولى إدارة شؤون البلاد رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتشكلت حكومة جديدة، وبدأت عجلة خارطة الطريق في الدوران باختيار لجنة الخبراء للنظر في تعديل مواد دستور 2012
بينما الشارع المصري تتهدده عمليات إرهابية وجرائم عنف وأعمال ترويع، تغذيها دعوات محرضين ضد الجيش وضد المواطنين وضد الوحدة الوطنية، وخيالات موهومين بإمكان عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وإحياء من ماتوا سياسياً بغير أمر الله والشعب.
■ ■ ■
قبل أن يلقي السيسي خطابه في الإسكندرية ويوجه دعوته للشعب بالنزول، التقيته منذ بضعة أيام في مكتبه بمقر الأمانة العامة للقوات المسلحة، ودام اللقاء ساعتين.
كان كما عهدته، هادئاً، واثقاً، صافي الذهن، يتحدث عن مستقبل مصر، وهو يرنو أمامه وكأنه يراه ماثلاً مشرقاً، كان السيسي مفعماً بمشاعر وطنية جياشة، إلى حد أن عينيه امتلأتا بالدموع عندما سمع عبارة «شعب مصر الحر العظيم».
بدا السيسي صلباً وهو يتمسك بكل عزم وإصرار بأمرين أولهما ألا يترك المواطنين نهباً لترويع، ولا البلاد مسرحاً لإرهاب، والثانى ألا يخوض انتخابات رئاسة الجمهورية بأى حال، مكتفياً بشرف أنه يتولى منصب القائد العام لجيش مصر العظيم، الذي يعتبره منتهى طموحه، وسعيداً بأنه من خلال موقعه يخدم هذا الشعب العظيم بكل إخلاص، ومتمنياً أن يقابل الله حاملاً كتابه بيمينه.
وتركت السيسي وهو يقول لي: «إن شاء الله مصر أم الدنيا.. حتبقى قد الدنيا».. وقلت له: «بإذن الله مادام في هذا البلد رجال مخلصون».
وغادرت المكان.. وهو يفوح بعطر كرامة يذكرني بالزعيم الاستثنائي جمال عبدالناصر.

الأحد، 21 يوليو 2013

مما قرأت لكم .... الحنين إلى عُمر


الحنين إلى عُمر


كتبت نحو 17 ألف كلمة، قرابة 50 صفحة، في كتابي «الفرعون قبل الأخير» عن عمر سليمان، ودونت هذا الفصل تحت عنوان «شكرا ..ياعمر». تلك العبارة التي قالها المشير طنطاوي لنائب الرئيس الراحل بعد أن تنحى الرئيس الأسبق مبارك يوم 11 فبراير. في الطريق إلى هذه العبارة، وذلك الختام، كان عمر سليمان قد صنع سيرة بطولة. 
في الأسبوع الماضي، ومع حلول ذكرى وفاته، ثار الحنين إلى عمر سليمان في مشاعر قطاعات عريضة من المصريين، وأزجى هذا فيلم وثائقي أذاعته عدة محطات تليفزيونية، وإعلان مدفوع الأجر لإحياء ذكراه من نجيب ساويرس، ومئات من التعليقات المترحمة على صاحب الذكرى في الشبكات الاجتماعية المختلفة. 
لم يكن لهذا أن يحدث، لولا أن الإخوان تركوا الحكم، ونجح الشعب في أن يزيح بجيشه محمد مرسي من منصب الرئيس. واليقين أن تلك المشاعر كانت سوف تبقى حبيسة النفوس لو كان مرسي مازال في «الاتحادية» يلبي مصالح أهله ومنافع عشيرته ويطيع أوامر مرشده. لكن الصدفة القدرية أرادت أن يتزامن موعد ذكرى وفاة عمر سليمان مع توالي مشاهد سقوط الإخوان .. فاستدعى المصريون كل ما قال الراحل عن الإخوان وخطورتهم وما يمثله هذا التيار وحلفاؤه من تهديد للهوية الوطنية ومصالح الأمن القومي. 
في وقت سابق من أبريل 2011 كنت أتناقش مع اللواء رأفت شحاتة، أمين عام المخابرات العامة، ورئيسها فيما بعد ومستشار الشؤون الأمنية الآن للرئيس المؤقت .. حين قال متحسرًا: « حرقوا الرجل حين عيونه نائبًا للرئيس» ..يقصد إبان أحداث يناير من ذلك العام . ولا أعرف لماذا لم أتقبل نفسيًا العبارة ولم أقتنع بها عقليًا، وقلت وقتها إنني أعتقد أنه لم تزل هناك فرصة وأن اللواء عمر سوف يعود إلى الساحة . حدث هذا لسبب غامض دون أن يكون لديَّ أي معلومة عن احتمالية أن يترشح الراحل الذي كان قد دلف إلى مرحلة الصمت.. ربما لأنني لم أتقبل أن تكون تلك هي نهاية رجل بتلك المكانة والسيرة والإنجاز. 
إذا ما راجعت مشاهد الملايين المصرية التي تظاهرت في مختلف المدن ضد مرسي وما يجسده، سوف تكتشف أن عمر سليمان ساهم بصورة أو أخرى في صناعة 30 يونيو، ذلك أن الطبقات الاجتماعية التي خرجت ضمت فئات عريضة ممن أيدوه وآمنوا بما قال.
إن تعليقاته خلال الاستعداد للانتخابات الرئاسية لم تمر مرور الكرام .. وتحذيراته كانت تتمتع بإنصات عام ومصداقية لاحدود لها. كما أن بين المصريين العاديين قناعة عامة بأن هذا العمل العظيم الذي قام به الشعب ورعاه الجيش وقادة القوات المسلحة.. كان في القلب منه جهود مؤسسات الدولة المصرية وفي مقدمتها المخابرات العامة.. أي تلاميذ وزملاء عمر سليمان. 
يشعر الكثير من المصريين أن عمر سليمان واجه عنتًا ثلاثيًا لا يستحقه، فهو لم ينل ما يستحقه من مكانة سياسية.. إذ كانت الأغلبية ترى أنه الأجدر بمنصب الرئيس، ويدركون بحدس لا يستند إلى معلومات معلنة أنه تلقى طعنة في الظهر. وهو لم ينل التكريم الذي يستحقه باعتباره وطنيًا صاحب إنجاز، بل ومات خارج بلده وواجه المرض بعيدًا . كما أنه تعرض لحملة تشويه من الإخوان والذين غرروا بهم .. ولم يرد أحد غيبته بالقدر الكافي . 
لكن سيرة عمر تأبى إلا أن تصمد وتبقى، وتواجه ما تتعرض له من حين لآخر.. حتى وهو في قبره. يقول المصريون: الذي أنجب لم يمت . ومن المؤكد أن عمر كان أحد أبرز ثلاثة صنعوا مجد المخابرات ودورها في حماية الأمن القومي .. الراحل زكريا محيي الدين باعتباره المؤسس والباني ، والأسطورة صاحب العقل الفريد - بغض النظر عن حملات تشويهه المستمرة - صلاح نصر الذي أطلق للجهاز سمعته وتأثيره ، واللواء عمر سليمان الذي صنع التطوير والتحديث والمكانة الدولية والسياسية. 
كنت أعرف السيد اللواء الراحل، كان يعرف كل مصر تقريبًا، ولا يمكن أن تعثر على شخصية عامة في المجتمع لم يكن لديها تواصل ما مع عمر سليمان. ولأنه كان صاحب تأثير شخصي بالغ فإنه ترك في نفوس المئات بشكل مباشر بصمة من نوع ما . ولابد أن هؤلاء جميعًا ، بما في ذلك من يكرهونه ويرونه خصمهم كانوا يجدونه مثالًا للصلادة والخبرة غير المسبوقة والعقلية المنظمة الجبارة.. في أوقات سابقة كنت ألتقي بقيادات من حركة حماس إذا ما تحدثوا عنه فإنهم يبدون قدرًا مهولًا من الوجل واستشعار الهيبة وبما في ذلك خالد مشعل ذاته. 
ولذا ليس من الغريب أن تكون الصورة الأكثر تداولًا بين المصريين على الشبكات الاجتماعية تلك التي يتحدث فيها إلى عدد من المسؤولين الأوروبيين وفي صدارتهم المستشارة ميركل، وهم في حالة إنصات بالغ لإيجاز يعرضه عمر سليمان الذي كان يحظى بصيت دولي ربما لم يبلغه إلا جورج تينت رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق وقد كان بينه وبين عمر سليمان الكثير. 
ليست المكانة فقط وإنما أيضا الجسارة، وقد حصل هذا الحنين المتصاعد شعبيًا على دفعة إضافية بين المصريين في الفترة التي تحدث فيها عمر سليمان بعد أن أعلن نيته الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهوية .. وتصدى بوضوح بالغ لخصومه الأساسيين .. بارونات التطرف الديني الذين مثلوا الخطر الأكبر على الأمن القومي .. وقتها قال عمر سليمان: «سوف ننزع العمامة عن رأس مصر» ..وتحدث بصراحة ألهمت كثيرًا من المصريين . 
في هذه الأثناء كنت أعمل مستشارًا للحملة الانتخابية للفريق أحمد شفيق، الذي كان قد سبق اللواء عمر سليمان في إبداء نية ترشيحه للانتخابات الرئاسية.. ثم تراجع خطوتين، تقديرًا واحترامًا لمكانة عمر سليمان، حين أعلن الأخير عن نيته .. وما إن تعثرت مسيرة عمر سليمان في اتجاه استكمال ترشيحه لسبب درامي مفاجئ وهو عدم استكمال استمارات التأييد ونقصان 31 استمارة .. كان أن وجه حملته كلها لأن تصب جهدها في اتجاه حملة أحمد شفيق ..مؤكدًا مجددًا إخلاصه للمبادئ، وهي رسالة بلغت الملايين من مؤيدي الاثنين ، ولابد أن لها تأثيرًا في مشاعر الحنين المتفجر الآن. 
مات عمر، واستجاب المصريون إلى ما صنع من أساطير حول هذا الموت، تداولوا الشائعات على نطاق واسع ، وقيل أنه قُتل، وقيل : بل هو على قيد الحياة وسوف يظهر في لحظة ما . ولم يكن ذلك تكذيبًا لموت عمر .. وإنما تكذيب لموت ما يمثل .. الدولة والأمن القومي والبطولة العقلية والشجاعة والأصالة والمؤسسية . فلما استعاد المصريون بعضًا مما فقدوا في 30 يونيو كان أن خفتت تلك الشائعات وهذه القصص، وأصبحت مشاعر الحنين موجهة إلى عمر كشخص وسيرة وقيمة .. كرجل يجب أن تُرد عنه حملات التشويه وأن تبقى ذكراه في سجل يليق بها.

مما قرأت لكم ........... مرتزقة 25 يناير

مرتزقة «25 يناير»

محمود الكردوسي





قلتها كثيراً، وأقولها مجدداً: ما حدث فى 25 يناير 2011 لم يكن «ثورة» على الإطلاق. كان «انتفاضة» شباب -لم يخلُ بعضهم من هوى موجّه، و«ممول» كما تبين فيما بعد- ضد داخلية حبيب العادلى.. ثأراً لـ«خالد سعيد». نجح هؤلاء الشباب -حماساً وعناداً- فى إنهاك الداخلية ثم إسقاطها، وتحولت مصر بين يوم وليلة إلى مشهد رخو، ليس فيه سوى «ثابتين»: الإخوان بـ«83» عاماً من التربص والمراوغة والغل و«الاستمناء»، والمجلس العسكرى بكل ما فيه من حياد أصيل وارتباك مفاجئ وحسابات خاطئة. أزاح الإخوان شباب الأيام الأربعة الأولى، وعضّوا على الغنيمة بالنواجذ، وأصبحت أوراق اللعبة فى أيديهم، واستخدموا كل «وساخة» السياسة للوصول إلى سدة الحكم. لعبوا بالجميع: ثواراً وبلطجية.. بسطاء ونخبة.. وحتى بالمجلس العسكرى نفسه، واختبأوا وراء كل ألاعيب «الميكيافيلية»: من الدين إلى كراتين السكر والزيت، وما إن وصلوا إلى الحكم حتى أطاحوا بالجميع وبدأوا «تمكينهم»، فأين «الثورة» فى كل ذلك؟.

الإخوان هم الذين سموا 25 يناير «ثورة»، وشحنوا «قرضاويهم» من الدوحة إلى منصة التحرير لتعميدها، وكانت «الجزيرة» قد استبقت الجميع وزادت فسمتها «ثورة الشعب المصرى»، وبعد ثوانى من إعلان تنحى مبارك سمته «مخلوعاً»، وفرحنا وصدقنا.. لأن غالبية جماهير 25 يناير لم تكن ذاقت طعم الثورات منذ ستين عاماً. الإخوان هم الذين اخترعوا كلمة «فلول» سعياً إلى عزل وإقصاء كل رجال مبارك -شرفاء ومفسدين- مع أنهم كانوا هم أنفسهم «فلول» هذا النظام وأحط حلفائه، ثم وسعوا نطاق الكلمة لتصبح «من ليس معنا فهو ضدنا». الإخوان هم الذين اخترعوا لـ«25 يناير» هذا.. شعاراً تبين لحلفائهم قبل خصومهم أنه كان كميناً: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وهم الذين دوخونا ولخبطونا وتبين بعد ذلك أنهم هم «الطرف الثالث». الإخوان فى الحقيقة لم يسرقوا «25 يناير» من أحد، إذ لم يكن لهذا اليوم صاحب، بل أخذوه على مرأى ومسمع كل أطراف اللعبة وبكامل رضائها، وحولوه من «لعب عيال» إلى واقع سياسى واجتماعى تستطيع أن تسميه أى شىء.. إلا أن يكون «ثورة». وبعد سنة واحدة من حكمهم قرر المصريون أن يصححوا خطأهم وأن يصنعوا ثورتهم بأيديهم، وهكذا كان «30 يونيو».

أنجز المصريون وجيشهم وشرطتهم فى 30 يونيو «ثورة» حقيقية، متكاملة، وعلى سُنة الله ورسوله. أكثر من عشرين مليوناً ملأوا شوارع مصر وميادينها.. لا فضل لأحدهم على آخر إلا بـ«كراهية الإخوان». كل المصريين فى 30 يونيو كانوا سواسية، لا أحد ولا شىء يحركهم سوى إصرارهم على أن يستعيدوا بلدهم من كل الذين خدعوهم ونصبوا عليهم باسم الدين وباسم الديمقراطية. لا وائل غنيم ولا أسماء محفوظ ولا إسراء عبدالفتاح ولا شادى حرب ولا زياد العليمى ولا تميم البرغوتى ولا نوارة نجم ولا علاء عبد الفتاح ولا بلال فضل ولا أحمد ماهر ولا أحمد دومة ولا مصطفى النجار ولا عبد المنعم أبو الفتوح ولا معتز عبد الفتاح ولا حمزاوى ولا أسوانى ولا غيرهم ممن أسميهم -دون أن يطرف لى جفن- «مرتزقة 25 يناير».

هؤلاء جرفهم طوفان «30 يونيو» كما يجرف النهر حشائشه الطفيلية. خرجوا من هذا المشهد المهيب، المتماسك، واختبأ كل منهم وراء ساتر إلى أن يهدأ الغبار ويعرف من أين تؤكل الكتف. ومع أن الغبار لم يهدأ بعد، وبينما تخوض مصر -شعباً وجيشاً وشرطة- حرباً طاحنة ضد إرهاب الإخوان وحلفائهم، أطل «مرتزقة 25 يناير» برؤوسهم من جديد، وبدأوا يضربون فى كل اتجاه.. وبكل ما فى أعماقهم من «دناوة» وسوء تقدير و«نفسنة ثورية». بدأوا بإعادة تسمية ما جرى فى 30 يونيو: عز عليهم أن يقولوا «ثورة» لكى لا «يغلوشوا» على «دجاجة 25 يناير»، التى كانت تبيض لهم ذهباً، ونحتوا أسماء سخيفة، مغرضة، مثل «تسونامى» و«الموجة الثانية» و«انقلاب ناعم» وغيرها. وصدعوا رؤوسنا بالحديث عن ضرورة إعادة الإخوان إلى المشهد السياسى.. حتى بعد أن ثبتت خيانتهم لمصر وأصبح إرهابهم وقوداً يومياً لحرق المصريين وتقويض دولتهم. وهاجموا حكومة الببلاوى قبل أن تتشكل وتستقر، ومن دون أن يدعى أحد أنها ستكون حكومة ملائكة. وخلقوا حالة من الاستقطاب والتلاسن البغيض فى وسائل الإعلام، ووصفوا كل من يطالبهم بتغليب مصلحة مصر على أى استحقاقات ومصالح شخصية بأنه «فاشى». وأخيراً -وكعادتهم- استداروا إلى الجيش وبدأوا ينهشونه كما تنهشه كلاب الإخوان وحلفاؤهم من التكفيريين والمغرر بهم، وأصدر بعضهم بياناً إقصائياً مشبوهاً يطالب الجيش بالعودة إلى ثكناته، فضلاً عن المطالبة بانتخابات برلمانية ورئاسية قبل الدستور.

هكذا يحاول مرتزقة 25 يناير إفساد «ثورة 30 يونيو» بشتى الطرق. يبحثون لأنفسهم عن موطئ قدم فى مشهد لم يشاركوا فيه (بعضهم شارك ضيف شرف) وليس لديهم من التجرد وطهارة الذمة ما يجعل أحداً من أصحاب هذه الثورة الحقيقيين يصدق تخريجاتهم البائسة وادعاءاتهم الهدامة. هؤلاء المرتزقة فى رأيى لا يقلون خطراً وفساداً عن الإخوان «اللى صعبانين عليهم»، والأمانة تقتضى ملاحقتهم وفضح أغراضهم وألاعيبهم الدنيئة.

هؤلاء أقول لهم: من الآن فصاعداً، وأينما تولوا وجوهكم، ستجدون شرفاء يدافعون عن ثورتهم وعن جيشهم وعن مستقبل.. لا مكان لأمثالكم فيه.

الجمعة، 19 يوليو 2013

مما شاهدت لكم ..... حوار مع لواء طيار نبيل شكري ( جزء ثاني )


شعب هؤلاء ابناءه الابطال 
لايمكن يهزم ابدا 

مما شاهدت لكم ..... حوار مع لواء طيار نبيل شكري ( جزء اول )



شعبا ابناءه هؤلاء الابطال لايمكن يهزم 


مما شاهدت لك ... اجنحة الغضب عن بطولات القوات الجوية المصرية


اجنحة الغضب 
معارك القوات الجويه المصرية 
اشرس المعارك الجوية في السماء العربية 
التحيه والاحترام لابطال القوات الجوية المصرية 
التحيه للقوات المسلحه المصرية 
والشرف والفخر لشهداء القوات الجوية المصرية

فيلم اجنحة الغضب 
يحكي عن بطولات القوات الجوية المصرية 

الجزء الاول 



الجزء الثاني 


مما شاهدت لكم ........... الرئيس الجديد لمصر دولة الحضارة العظيمة



الرئيس المؤقت لجمهورية مصر العربية 
المستشار عدلي منصور 
يشرفنا رئاستكم لوطننا في تلك المرحله العصيبه من تاريخ وطننا 
اسمعوا للرئيس الذي يليق بمصر الحضارة 

الخميس، 18 يوليو 2013

مما شاهدت لك ..... 40 عام من انتصار العاشر من رمضان



التحية والحب لابطال القوات المسلحه المصريه 
الفخر والشرف لشهداءنا شهداء القوات المسلحه المصرية 
40 عام من الانتصار العظيم 
40 عام من الفرحه بالانتصار العسكري المصري 

الأربعاء، 17 يوليو 2013

مما قرأت لك .... هل امريكا قتلت عمرسليمان

اللواء شفيق البنا فى أخطر حوار ...
أمريكا قتلت عمر سليمان من أجل الإخوان ومرسى خطط لاعتقال المجلس العسكري ...



حوار -أحمد أمين عرفات -

عمله بجوار الرئيسين السابقين السادات ومبارك باعتباره المسئول عن القصر الرئاسي لمدة 25 عاما كرئيس للإدارة المركزية لرئاسة الجمهورية، جعله ملما بالأمور السياسية، وكواليسها، وعلى صلة وثيقة بصانعيها، بجانب كونه ابنا من أبناء القوات المسلحة وقريبا من أصحاب القرار بها، كل ذلك له أتاح له أن يكون مصدرا للمعلومات التي قد لا تتوفر لدي الكثيرين، علاوة على ما يملكه من رؤية وقدرة كبيرتين على التحليل، لذلك التقينا اللواء شفيق البنا، ليكشف لنا الكثير مما يدور حولنا هذا الأيام وسر اللقاء الذى جمعه بالرئيس المعزول محمد مرسى ومعه كان هذا الحوار الخطير. 

> كان هناك لقاء جمعك بالرئيس المعزول مرسى، فما قصة هذا اللقاء؟ 
لقد طلب د. مرسى مقابلتي بعد دخوله القصر الرئاسي، فذهبت إليه وأنا أحمل حماستي الوطنية، وقلت إنها فرصة لعرض بعض الأفكار عليه من أجل تنمية مصر، ولكن ما إن دخلت قصر الرئاسة حتى أصابني الحزن، وسألت نفسي هل هذا هو قصر الرئاسة الذي كان رمزا للالتزام والهيبة، فقد كان أشبه بمقهي في شارع عبد العزيز بالعتبة، كله هرج ومرج وأذكر وقتها أن شاهدت عصام العريان يخرج من إحدى الغرف وهو ينادي بصوت عال»يا سعيييد» ووجدت من أعرفهم في هذه القصر يشاركوني حسرتي، وسألت بعضهم عمن يكون المسئول حاليا عن تحويلة التليفون، فقالوا إنهم مجموعة أشخاص يتبعون خيرت الشاطر، فقلت على الدنيا السلام، وأدركت أنه المتحكم الفعلي في القصر، فلن تمر كلمة من الرئاسة دون أن يعلم بها الشاطر، وتأكد لي هذا الإحساس عندما التقيت مرسي، فقد كنت أكلمه عن بعض المشاريع التي يجب القيام بها، فكان يسمع دون رد، وهو ما أشعرني بأنه ليس صاحب القرار، وأن المعلومة لا تهمه، وكل ما فعله أن قام بطلب أسعد الشيخة مندوب الاتصال لخيرت الشاطر، وقام بتعريفه بي، وكنت لأول مرة ألتقيه فلم أشعر بالارتياح له، وشعرت بأنه شخص «أونطجي» وعلمت بعد ذلك ممن أعرفهم في القصر أنه هو المتحكم في كل شىء وأن الجميع في القصر يتعاملون مع مرسى باعتباره ضعيفا وأنه لا يخرج عن كونه «بصمجي»، حتى إنه أوقف حكما قضائيا لي لعودتي لمنصبي في القصر، لأنه أدرك أن عودتي ستجعلني الأقوى منه، بينما هو يريد أن يحرك العاملين معه كقطع الشطرنج، بعد أن أصبح هو زكريا عزمي الجديد.

> وأين كان رئيس الديوان الفعلي محمد رفاعة الطهطاوي؟
لقد سألت نفس السؤال، فقيل لي إنه لا حول له ولا قوة له في القصر، فمن يملك كل شىء فيه هو أسعد الشيخة، وعرفت أنه وقع في خطأ كبير، فمن المعروف أن أحدا من جماعة الإخوان وكل التابعين لهم بالقصر لم يخدم بالجيش، وبالتالي ليست لديهم دراية بالأصول العسكرية، وكان خطأ الشيخة أنه قام برفع صوته على أحد ضباط الحرس الجمهوري، فما كان من هذا الضابط إلا أنه تقدم بالشكوى لقائد الحرس الذي ذهب بدوره إلى مرسى، وقال له إن الأصول العسكرية تقتضي ألا يتعامل أحد من ضباطه إلا من خلاله شخصيا، وليس كل من هب ودب يعطي أوامره لهم.

مفاجأة يونيو
> ما رؤيتك لحكم الإخوان طوال عام؟
هذه السنة كشفت للجميع أكذوبة أنهم المضطهدون والمعذبون، كما أكدت بأن قياداتهم بلا خبرة سياسية أو إدارية، فقط يحتمون بأمريكا، ويعتمدون على دعمهم المالي من قطر وإيران، ولكن الشعب المصري حقق المفاجأة يوم 30 يونيو.

> كيف تري تعامل القوات المسلحة في الظروف الراهنة؟
القوات المسلحة تدخلت لحماية الشعب من بطش الجماعات الإرهابية التي رفضت أن تقر بالواقع، وقررت أن تحول مصر إلى سوريا.

> وما الذي تراه في جعبة الإخوان المسلمين للتعامل مع ما حدث؟
الإخوان تخيلوا أن في جعبتهم الكثير، والذي يستخدمونه عند الحاجة ولكن القوات المسلحة كانت لهم منذ شهور بالمرصاد، ففرغت كل ما في جعبتهم، ووضعت كل السيناريوهات لكي تتعامل معهم، فمثلا كان الإخوان يخططون لإدخال الجيش المصري الحر في ليبيا والذي قوامه بين 120 إلى 130 ألف جندي، وذلك عندما تسود الفوضى البلاد، للسيطرة على مقاليد الحكم.

> أليس ما يحدث حاليا هو بداية الفوضى؟
نحن لا نعاني من الفوضى، ولا يوجد فقط غير نقطتين هما رابعة العدوية وميدان النهضة بالجيزة، بجانب نقطة الحرس الجمهوري، فقد كان الاتفاق بينهم وبين السفيرة الأمريكية على أن يقوموا بالاستيلاء على جهة حكومية والاعتصام بها حتي ترسل لهم ال»سي إن إن» وتصورهم وترويج ذلك عالميا بأن مصر بها اقتتال داخلي، فتدخل القوات الأمريكية بحجة حماية المصريين، وبهذا السيناريو يمكنهم إعادة مرسى مرة أخرى، ولكن القوات المسلحة كانت على وعي وتعاملت مع الموقف بشكل جيد.

عقيدة الجيش
> ما توقعاتك في الفترة المقبلة؟ 
أيام قليلة ويستقر الوضع، فهناك خطة لإلقاء القبض على كل من حرض على العنف وكل من يحمل سلاحا.

> ولكن هناك من يحتمي بالموجودين في رابعة العدوية مثل صفوت حجازي؟
القوات المسلحة تقوم بتصوير رابعة العدوية، ومن الملاحظات المهمة أن أعدادهم تقل، سواء بعودة البعض إلى منازلهم أم بإلقاء القبض على بعضهم كما حدث في حادث الحرس الجمهوري، فقد قامت فرقة مقاومة الإرهاب بالقبض على نحو 200 شخص منهم، وبالتالي هناك تحجيم ومحاصرة لهم، ولن يتم الاقتراب منهم إلا إذا عادوا للعنف، هنا سيضطر الجيش للدفاع عن نفسه، فهذه هي العقيدة التي تتعامل بها القوات المسلحة مع فلول الإرهاب.

> يتوقع البعض أن يكون هناك فرض للأحكام العرفية؟
لن يحدث ذلك، فكل شىء تحت السيطرة وهناك رصد له، فالقوات المسلحة مستعدة لما حدث منذ بداية العام الجاري لاسيما عندما تكشفت لها ظواهر تهدد الأمن القومي المصري، ووجدت تقاعسا من الرئيس السابق مرسي تجاهها.

> وما هذه الظواهر؟
ظواهر عديدة منها دخول 10 ملايين قطعة سلاح تم رصدها وهي قادمة من ليبيا من الجيش المصري الحر وحتى وصولها للإخوان، وتسفير الكثيرين من مطار مرسى علم لطرابلس لمقابلة أعضاء الجيش المصري الحر في ليبيا وهو جيش معظم عناصره من الإيرانيين، بجانب السماح بدخول عناصر من حماس وكتائب القسام وممتاز دغمش، والسماح أيضا لكل الممنوعين على ترقب الوصول لإجرامهم بدخول مصر، كل ذلك وغيره جعل الفريق السيسي يوقن بأن أمن مصر لا يهم مرسى وجماعته، لأنه كلما ذهب إليه لإخباره بما يحدث لا يبدي اعتراضا، وإذا عرض عليه فكرة القبض عليهم يعترض، لدرجة أنه ذات مرة تم استيقاف عاصم عبد الماجد لسؤاله، فما كان منه إلا أن قام بالاتصال بمرسي شخصيا، فأعطى أوامره بأن يتركوه، كل ذلك جعل القوات المسلحة تقوم بعمل ملفات لكل هؤلاء ورصدهم.

> هل كان في نية مرسى الإطاحة بالسيسي؟
ما لا يعرفه الكثيرون أن النية كانت مبيتة لاعتقال كل أعضاء المجلس العسكري وليس السيسي وحده، وكان سيتم ذلك يوم 26 من يونيو الماضي، يوم خطاب مرسى الذي ذكر فيه عاشور وفودة وغيرهما، حيث قام بدعوة كل أعضاء المجلس العسكري، وكان المخطط يقتضي إلقاء القبض عليهم فور انتهاء الخطاب بواسطة عناصر من حماس كان سيرتدون زى ضباط شرطة مصريين، ولكن القوات المسلحة كشفت ذلك فنزلت بكثافة في صباح ذلك اليوم، ولم يذهب للخطاب سوى الفريق السيسي ومعه ثلاثة فقط، لذلك عندما شاهد مرسى القوات المسلحة وقد أحاطت بالصالة التي كان موجودا بها أدرك أن الموضوع تم كشفه فبدأ التصعيد بمحاولته استقطاب قادة الأفرع في القوات المسلحة، دون علم الفريق السيسي، ولكنهم رفضوا جميعا، حتى إن قائد المنطقة المركزية رد على طلب استدعاء مرسى له قائلا:»نحن عسكريون ولسنا سياسيين، والوحيد الذي له حق الكلام في السياسة هو الوزير السيسي، وأنه لا يحق له مقابلة الرئيس إلا بإذن من القائد العام للقوات المسلحة»، وما إن وصل ذلك للسيسي، والمجلس الأعلي للقوات المسلحة حتى عرفوا بأن نية مرسى وجماعته تتجه نحو عمل انقسام في الجيش.

خطة التدمير
> ماذا لو استمر مرسى في حكم مصر؟
استمراره في الحكم كان سيؤدي إلى تقسيم مصر لأربع دول، فهذا ما تخطط له أمريكا، ولذلك هى التي تسانده وهدفها من ذلك القضاء على الجيش المصري، فكما هو معروف بأن المنطقة العربية كان بها ثلاثة جيوش»العراقي والسوري والمصري»، فنجحت في تدمير الجيش العراقي، وسعت لتدمير الجيش السوري، لكن كل خسارة تحدث له تعوضه روسيا بإمداداتها، ولم يتبق أمامها سوى الجيش المصري، ولن يتم تفتيته إلا بتقسيم مصر إلى أربع دول يتبعه تقسيم الجيش عليها، وبالتالي تفتيته فإذا نجحت في ذلك فسوق تكرر نفس السيناريو في باقي الدول العربية بهدف أن تكون إسرائيل هي القوة العسكرية الوحيدة في المنطقة، وبالشكل الذي يمكنها من التمدد بإزالة الأردن نهائيا والتوغل حتى اليمن في الجنوب، وبذلك تكون كل المنطقة في إيدي إسرائيل وحدها. 

> وهل الإخوان على وعي بهذا المخطط الأمريكي؟ 
الإخوان لا يهمهم مصر ويسعون لتفتيتها، ولقد اكتشف الناس في العام الذي حكموا فيه مصر حقيقتهم، وأن القضية ليس قضية دين، ولكنها قضية الوصول للسلطة دون حساب للوطن، فمصر ليست في ذهنهم كما قال مهدي عاكف من قبل «طز في مصر» فهي مجرد ولاية والأساس هو التنظيم الدولي.

> هل كان يوم 30 يونيو مفاجأة لأمريكا؟ 
تقدير الإدارة الأمريكية خرج بأنه لن يخرج أحد من الشعب في هذا اليوم، لذلك كانت مفاجأة صادمة لهم، فلم يتوقعوا أن يخرج كل هذا العدد الذي فاق يوم 25 يناير، وعم كل محافظات مصر وبشكل لم يشهده تاريخ البشرية.

> وهل استغل الجيش هذا اليوم حفاظا على الأمن القومي؟ 
لقد كان هذا اليوم دافعا لهم لتلبية مطالب الشعب، ولذلك ذهب السيسي لمرسى وأطلعه على حقيقة الموقف، وأن عليه أن يلبي للشعب مطالبه حتى لا تحدث حرب أهلية، مؤكدا على موقف الجيش بأن ليس على استعداد للموافقة على مثل هذه الحرب، فلم يعجب مرسى هذا الكلام فما كان من السيسي إلا أن ذهب إليه مرة أخرى بصحبة بعض رجال القوات المسلحة، وقالوا له إن الشعب يطالبك بالرحيل، فكان رده بأنه لن يرحل ثم ألقي على الشعب بيانه الذي استخدم فيه إشارات للجماعات الموجودة في مصر بأن تتحرك بالعنف ضد الشعب المصري، وكانت القوات المسلحة على علم بما جاء في البيان وسمحت به حتى يتعرف الشعب على ما يريده الرئيس للشعب من هلاك، ومع الغضب الشعبي الشديد الذي أعقب البيان، عرض السيسي على مرسى وكان معه بعض القيادات العسكرية ومنهم الفريق صدقي، فكرة الخروج الآمن، فرفض مؤكدا بأن أمريكا تسانده ولن تتركه، فكان رد السيسي ومن معه بأن الشعب المصري لن تهمه أمريكا، فكان جوابه بأنه في حالة تخلي أمريكا عنه فهناك التنظيم الإخواني الدولي الذي لن يتركه، كان ذلك يوم 2 يوليو ثم تكررت الزيارة له في اليوم التالي، فظل على موقفه وتعامل معهم على أنه الطرف الأقوى فما كان منهم إلا أن قاموا بإصدار الأمر بأخذه ووضعه تحت الإقامة الجبرية، وكان ذلك قبل صدور بيان القوات المسلحة بساعتين فقط.
> هل كانت هناك مفاوضات مع المرشد أو الشاطر؟
كل المفاوضات كانت مع مرسى باعتباره رئيس الجمهورية، فالجيش لا يتفاوض مع تنظيم أو جماعة طالما هناك رئيس للجمهورية.

النور ينطفئ
> كيف تري موقف حزب النور؟
النور كان يحلم بأن يرث الإخوان ويحل محلهم، فدخل المفاوضات وهو يداهن حتى يصل إلى ما يريد، وبدا للجميع أنه صوت العقل عندما قال بأنه جاء ليشارك حقنا للدماء، ثم ظهر على حقيقته عندما بدأت المناقشات حول من يكون رئيسا للوزاء هنا بدأت تظهر أطماعه وبدأ يطالب بثمن موقفه، وهو ما كان مرفوضا من جميع القوى السياسية فرفض البرادعي بحجة أنه سينهي الإسلام في مصر ثم زياد بهاء الدين، ثم بدأ يطالب بوزارات معينة مثل التعليم والإعلام فقيل له إن اختيار الوزراء من صميم عمل رئيس الحكومة ولا يمكن التدخل في عمله بعدها أعلنوا انسحابهم، لذلك أطالب بإسقاطهم من الحسبة لأنه أخذوا موقفا ويبحثون عن مقابل له، كما أن الشعب لم يقم بالثورة لكي يأتي بالنور بديلا عن الإخوان.

> لكن قد يتحالف النور مع الإخوان، مما يجعل الوضع يتفاقم؟
النور أجبن ما يتخيله الكثيرون، فهم ليس لديهم مليشيات مثل الإخوان، علاوة على أنهم حديثو عهد بالسياسة، كما أن تمرده ليس في صالحه لأن الأمور قد تصل إلى حل الأحزاب القائمة على أساس دينى، وبالتالي سيتم حله وربما تصل الأمور إلى اعتقالات. 

> بذكر الميليشيات هل الإخوان لديهم ميليشات؟
بالفعل كان لديهم ولكن الجيش استطاع أن يجعل وجودهم مثل عدمه فالجيش خنقهم، وبالتالي ليست لديهم القدرة على فعل شىء.

> كيف ذلك وهذه هي الفرصة لكي يخرج الإخوان ميليشياتهم كفرصة أخيرة لهم؟
هذه الميليشيات قوامها 10 آلاف شخص،كانوا يتدربون في غزة وفي عز الدين القسام، وتم ادخارهم لوقت حدوث الفوضى والاضطرابات، ولكن القوات المسلحة قامت برصدهم منذ فترة وسحبت أسلحتهم، ومنذ يناير الماضي يقوم الجيش بتفريغ مخازنهم من الأسلحة، وبالتالي فقد أصبحت هذه المليشات لا تملك ما تحارب به ولم تعد لها قيمة حقيقية، لذلك أشعر بالتفاؤل في الأيام المقبلة.

> لكنك سبق أن صرحت بأنه لو أسيلت دماء ستحدث حرب أهلية وها هي الدماء قد سالت؟
الدماء أسيلت نسبيا، لذلك أراها رسالة رعب لباقي التنظيم، وستجعله يوقف نشاطه مبكرا، لأنه كلما زاد في عناده مع القوات المسلحة فهو الخاسر.

النفس الأخير
> هل ستجدي تحركات قيادات الإخوان في عمل شىء؟
لقد قابل جهاد الحداد المتحدث الرسمي للإخوان سفيرة أمريكا بالقاهرة في القنصلية الأمريكية بالإسكندرية، وطلب منها أن تتيح لهم قناة الـ “سي إن إن” لكي يذيعوا من خلالها ما يساندهم، لكنها رفضت، وبالتالي فكل المنافذ أمامهم مغلقة، بعد أن تم إغلاق قناة مصر 25 التي كانوا يستخدمونها في إعطاء إشارات التحرك للمحافظات، وكذلك خطابات مرسي لم تعد موجودة، لذلك أراهم حاليا في النفس الأخير.

> كيف في النفس الأخير وهناك تخوف مما قلته من الجيش المصري الحر؟
كان ذلك في السابق، لكن حاليا هناك رصد له، ولو تحرك مترا واحدا عن إحداثياته، سيتم ضربه، وبالتالي هناك استعداد كامل له وكيفية التعامل معه.

> وما علاقة الجيش الحر بالإخوان؟
لقد حاول نظام مرسى إدخال هذه الجيش مصر عندما كانت هناك نية لإلغاء الداخلية، وإحلال الحرس الثوري الإيراني مكانها، وفتح باب السياحة الإيرانية، حيث تأتي الطائرة من إيران وبها 200 سائح لتعود بـ200 آخرين لتدريبهم في إيران، وبالفعل لدينا حرس ثوري إيراني في مدينة الرحاب وأكتوبر، وقيادتهم يقيمون في المهندسين لكن بدون قيمة أو فاعلية بعد أن تم الاستيلاء على الأسلحة التي كانت معهم، علاوة على أنهم لا يستطيعون الكشف عن هويتهم وإلا سيتم التعامل معهم كعنصر أجنبي بتهمة التخابر وغيرها من التهم، وبالتالي فطالما هناك رصد لكل ذلك، فلا خوف.

> وماذا عن الخطر الكامن في غزة؟
غزة بها القسام وممتاز دغمش، وهم من كانوا وراء العملية التي جرت في سيناء في رمضان الماضي، عندما ارتدوا ملابس الجيش المصري ودخلوا على جنودنا، وقاموا بقتلهم ولكننا حاليا قمنا بإغلاق الأنفاق تماما فبدأت السلع التموينية تنقص في غزة، وكذلك الوقود وهو ما يمثل نوعا من الضغط على الشعب الفلسطيني لنزع حماس من عنده.

> ولكن هناك بالفعل من دخلوا سيناء ويقيمون بها؟
مثل هؤلاء والذين ويقيمون حاليا في جبل الحلال والممرات، تواصل القوات المسلحة رصدهم والقيام بعملية تمشيط، ومن يتم رصده يتم ضربه بطائرات الآباتشى .

> وماذا عن الظواهرى وتهديداته؟ 
هو أعلن الجهاد العام، ولكن بأي شىء سيحارب ومن معه، فكل المخازن تم تفريغها من القوات المسلحة، وبالتالي لا داعي للخوف فسيناء مؤمنة، وكذلك غزة وليبيا، وبالنسبة للموجودين على أرض مصر جميعهم مرصودون.

مبارك والإخوان
> كنت لصيقا بالرئيس السابق مبارك، كيف كان يتعامل مع الإخوان، خصوصا أن هناك من يقول بأنه صنيعته بتخويف المجتمع منهم كجماعة محظورة؟ 
مبارك لم يكن يطيق سيرة الإخوان المسلمين ولم يكن يبالى بالموجودين منهم في مصر، فقط كان يعمل ألف حساب للذين في السودان، لأنها تضم معسكرات القاعدة التي أقامها أسامة بن لادن في الجنوب، عندما كان مقيما في السودان، ومنها خرج الذين قاموا بعملية أديس أبابا لاغتيال مبارك، فأصبحت هذه المنطقة لديه مصدرا للخطر، لذلك كان يطلب معلومات عنها وكان يقوم بهذا الدور أسامة الباز.

> وهل هناك خطورة حاليا من هذه المعسكرات؟
بعد انفصال السودان تم نقلهم إلى شمال السودان على حدودنا، وبالتالي نحن نرصدهم بدقة، ولو قام أحدهم بإطلاق طلقة واحدة لدمرت القوات المسلحة كل هذه المعسكرات.

> ولكن كيف كان تعامل قيادات الإخوان مع مبارك؟
كانوا جميعا يعملون بمبدأ « اتمسكن حتى تتمكن «، فكانوا جميعا يخشونه ولم يحدث أن أحدا من الإخوان المسلمين تحدث بكلمة سيئة عن مبارك وأولاده، وكان كل أملهم أن ينالوا رضاه ومقابلته، ولكنه لم يقابل أحدا منهم عكس السادات الذي كان يقابلهم وقابل من قبل سعيد رمضان من قيادات الرعيل الأول للإخوان ومن كانوا يوجدون في سويسرا مثل يوسف ندا.

> ولماذا كان مبارك يقاطعهم؟
لأنه كان يراهم بلا فائدة، فلماذا يضيع وقته معهم، كما وجد أن كل حرية يعطيها لهم يسيئون استخدامها، ولذلك كان حريصا على عدم إعطائهم سوى حريات محدودة.

> يرى الكثيرون أنهم في عهده تعذبوا كثيرا في السجون؟
قصص التعذيب في السجون أكاذيب، وأقولها على مسئوليتي بأنه لا يوجد إخواني واحد تم تعذيبه في عهد مبارك، ولكنهم كانوا يأخذونهم من قبيل التحفظ.

> هل كان مبارك يتخيل أنهم سيصلون للحكم؟
لم يكن يتخيل ذلك ولا في أحلامه برغم أنه كان على دراية بوجود اتصالات بينهم وبين المخابرات الأمريكية والإسرائيلية منذ عام 2006، وكانت كل تحركاتهم تحت المراقبة، ومسجلة من عمر سليمان ورجال المخابرات، فقد كان هناك لقاء شهري كل مرة في دولة مختلفة، وكان آخر لقاء في جسر السويس مع أحمد عبد العاطي مدير مكتب مرسى، وأسعد الشيخة ومعهما المخابرات الأمريكية، لذلك أكاد أجزم بأن الصندوق الأسود الخاص بالإخوان لدي عمر سليمان كان وراء قتله.
الصندوق الأسود

> هل هو اتهام لهم بقتل عمر سليمان؟
لست متأكدا من ذلك ولكن عملية القتل هذه أعقبت شهادة عمر سليمان في قضية مبارك والكشف بأن حماس وراء اقتحام السجون إبان الثورة، وتهديده من قبل بفتح الصندوق الأسود لهم، لذلك هم من أوحوا لأمريكا بفكرة سفره لدبي للعلاج ثم قتله، فالأمريكان كانوا يرون أن من مصلحتهم أن يصل الإخوان لحكم مصر، لأنهم لا يؤمنون بفكرة الوطن، وعن طريقهم يمكن تفتيت الدولة، وبالتالي كان على أمريكا أن تزيل العوائق التي من شأنها تشويه الإخوان حتى يصلوا للحكم لتنفيذ مخطاطاتهم، خصوصا أن الإخوان خدعت المخابرات الأمريكية بالإيعاز لهم بأن كل محجبة ومنقبة تتبعهم، وبالتالي هم يمثلون الغلبة في الشعب المصري، فتخيلت أمريكا أنه عندما يحكم الإخوان مصر ملكوا كل شعبها.

> وماذا عن أحمد شفيق، وهل بالفعل رفضت القوات المسلحة عودته لمصر؟
لا علاقة له بما يدور في مصر حاليا، وبالفعل كان عائدا لمصر يوم الاثنين 1 يوليو، ولكن القوات المسلحة قالت له إن الوضع الداخلي لا يسمح بوجودك الآن، وأنها لا تستطيع حمايته، ولكن يمكنه أن يعود عندما تستقر الأوضاع.

> هل تتوقع أن يكون له دور في الفترة المقبلة؟
قد يتخيل هو ذلك، ولكن لا أعتقد أنه سيكون له دور لأن الشعب المصري خرج لكي يتخلص من الإخوان وليس لكي يأتي بأحمد شفيق ....


مما قرأت لك .............المخنث سياسيا !!!!ا


مستر حمزاوى.. مصر بالنسبة للإخوان سكن لا وطن



الثلاثاء 16-07-2013 22:26

أفاضت كتب علوم الفقه فى الحديث عن تعريف وحكم المخنث عضوياً ولكن للأسف بخلت كتب السياسة وضنت علينا فى الحديث عن تعريف وحكم المخنث سياسياً!، افتقدت هذا التعريف مثلما أفتقد الآن المرحوم أنيس عبيد الذى أنا وغيرى نحتاجه لترجمة مقالات الدكتور العلامة النخبوى الفهامة عمرو حمزاوى من اللغة الحمزاوية الهيروغليفية إلى اللغة العربية العادية الطبيعية، تجشمت أثناء الأسبوع الماضى عناء قراءة مقالات د.حمزاوى بكل ما تحمله تلك المقالات من ثقل ظل ولغة مقعرة وسماجة فكرية وسذاجة سياسية وتلون حربائى مضبوط البوصلة على المصلحة موجّه الرادار على المشروع الأمريكى الذى يستخدم رجاله فى المنطقة بكل مهارة إخواناً كانوا أو من المؤلفة جيوبهم، اتهمنى الدكتور حمزاوى بأننى من طيور الظلام وأننى فاشى ومشخصن لمجرد أننى أنتقد الإخوان كفكرة وتنظيم وليس كأشخاص وأفراد، وأنا لست مسئولاً عن أن د.حمزاوى دارس العلوم السياسية يقيس الأمور بأن فلان الإخوانى طيب وعلان الإخوانى شرير، وهذا للأسف منطق ينفع فى مزادات سوق العبور وليس فى مناقشات مصائر الأوطان، المثقفون أنواع؛ منهم مثقف زرقاء اليمامة الذى يتوقع المستقبل حسب قراءته المنهجية العلمية للأمور وهذا للأسف نفتقده حتى بين دارسى علوم السياسة، وهناك المثقف الذى لا يرى أبعد من أنفه فيتحول إلى محجوب عبدالدايم الذى يبيع عرض وطنه فى سوق النخاسة وأتمنى ألا يكون د.حمزاوى من تلك النوعية.

أنا كررت لك ألف مرة أن طلبى بحل جماعة الإخوان المتأسلمين ورفض المتاجرة بالدين على هيئة أحزاب دينية ليس له أى صلة بالتنكيل والتعذيب!، من خلق هذا الارتباط الشرطى هو حضرتك، فكرة الإخوان نفسها لا يمكن أن تخلق فصيلاً سياسياً لأنها فكرة تقوم على النقاء الدينى لأصحاب هذا الفصيل والفرقة الناجية التى هى من التابعين والمنتمين إليه وهى فكرة مشابهة لفكرة النقاء العرقى النازية، ولا معنى لأن تلف وتدور سيادتك قائلاً لأ دول ناس طيبين وفيهم ناس ماعملتش حاجة، المشكلة ليست فى أنهم عملوا حاجة أو ماعملوش، المشكلة أن الفكرة الإقصائية الدينية التكفيرية التى تلعب السياسة بشروط الدين حتخليهم غصب عنهم يعملوا حاجة مستقبلاً فى شكل جرائم أو كوارث وأعتقد أنك ترى بنفسك من كنت تظنهم حمائم وهم يتحولون إلى ذئاب تنهش فى لحم المصريين، ببساطة يا دكتورنا الجليل عندما يلعب الإخوانى سياسة بشروط الدولة المدنية التى لا فرق فيها بين مسيحى وسنى وشيعى وبهائى لن يصبح وقتها إخوانياً، هل فهمت الآن أم أن المسألة معقدة على الفص الأمامى لسيادتك؟!، وعندما سألتك عن قانون العزل الذى هندسته لعزل الحزب الوطنى قلت لأنهم عصفوا بالقانون! فسألتك ثانية لعلك لم تفهم السؤال الأول وهل مرسى كان رئيفاً حنوناً مع القانون محترماً له فلما أُفحمت وتاهت منك الإجابة كتبت عريضة بإنجازاتك ومواقفك فى زمن مرسى وهذا ليس موضوعنا على الإطلاق أنك اعترضت أو لم تعترض، الموضوع هو لماذا تحمست لعزل الوطنى بهذا الشكل الهستيرى والآن صرت أليفاً ودوداً مع الخونة الذين فرطوا فى حدود الوطن من سيناء إلى حلايب وشلاتين، والعملاء الذين استأجروا مرتزقة من الحمساويين وغيرهم لتمكينهم من رقبة الوطن، والإرهابيين الذين كان أول قراراتهم هو الإفراج عن آلاف الضباع البشرية الإرهابية الكاسرة التى انطلقت من أقبية الزنازين علينا بأنيابها ومخالبها، والذين لايعرفون وطناً ولا وطنية ولا مواطنة؛ يقول كبيرهم «طظ فى مصر» و«يحكمنى ماليزى» وأنت تسوق وتروج لمن يقبلون يده ويلبسونه الحذاء وتقول أنت عنهم الآن إنهم متمردون على مرشدهم!، لماذا تربصت بهؤلاء ودللت هؤلاء؟، وإذا اتفقت معك افتراضاً كما قلت أن الإخوان فيهم ناس لايستحقون العزل فهل الدكتور حسام بدراوى على سبيل المثال الذى طالبت بعزله والذى لم نسمع عنه أنه هدد أحداً بقلم رصاص وليس بكلاشينكوف كما يفعل الإخوان، هل هذا الرجل لا تساويه مع أصدقائك الإخوان؟!، هل مفيد شهاب بالرغم من اختلافى معه فى مواقف كثيرة وانتقادى له فى عدة مقالات لا يستحق عطفك السامى وفرمانك الملكى بعدم العزل، ألا يكفيه أنه المهندس الأول فى عودة طابا إلينا بحسه القانونى، ألا تساويه على الأقل بمن باع حدودنا وفرط فيها ونشر فيها الإرهابيين لحماية الكرسى لا الوطن!!، إنه الحول السياسى والاستجماتيزم الفكرى الذى يجعلك تصف مقارنتى بين عدم تنازلك عن بلاغ قطع الطريق عليك وتمسكك الذى أؤيدك فيه بمعاقبة المتهم، وتنازلك عن جرائم عصابة قطاع الطرق التى كانت تحكم الوطن!، لو فهمت تلك المقارنة على أنها شخصنة فأرجوك أن تراجع القاموس لتعريف ما هى الشخصنة، أنت معذور فى مقالك المضطرب وموقفك المهزوز، أعذرك فى عصبيتك وضبابية حججك وتهافتها، فكل شىء انكشفن وبان على رأى الفنان عبدالمنعم مدبولى وأعرف أن دائرتك الانتخابية والمخدوعين فيك قد لفظوك مما يجعلنى أراهن أن نجاحك فى الانتخابات القادمة لو تجاسرت ونزلت سيكون نجاحاً منقطع الجماهير!، لم تفهم أن الإخوان لو اعتبرناهم فصيلاً فهو فصيل فى مصر وليس فصيلاً من مصر، مصر بالنسبة للإخوان سكن لا وطن، للأسف بعت كل تاريخك قصير العمر فى لحظة وللأسف مجاناً رهاناً على جماعة فاشية مجرمة وتقرباً من نظام آثم وتنفيذاً لمخطط أمريكى مفتت للوطن، أنا لو كنت أشخصن الأمور لفتحت ملفات مخجلة أفضل عدم الخوض فيها مثل العلاقة بلجنة السياسات وجمال مبارك ولا تقل لى إن علاقتى بلجنة السياسات ليست انخراطاً بل انبطاطاً.. إلى آخر هذه المصطلحات، ولماذا ترك الإخوان دائرتك بيضاء من غير سوء كما كانوا يتركونها للرموز الوطنية التى ذكرها مرسى قبل ثورة يناير ومنهم زكريا عزمى وبطرس غالى؟!، والغريب أنك تنهى المقال بقولك أمثال حمزاوى لا يخافون ولا يهابون وكأنك تقمصت دور عمرو بن كلثوم!.

نحن لا نريد إرهاب أمثال حمساوى أقصد حمزاوى ولا غيرهم، نحن فقط نريد العدل، نريد بلداً متحضراً الدين فيه لله والوطن للجميع، نريد لمشروع الدولة الوطنية المدنية أن يكتمل، وأعتقد أن لا وقتى ولا وقت القراء عاد فيه متسع لتكملة الحوار لأن ما قصدته من تلك السلسلة من المقالات ليس إقناع سيادتك ولكن إقناع أهل بلدى الذين للأسف ينخدع بعضهم بطائفة الخواجات الكيوت الذين يحملون الجنسية المصرية والذين يتوهمون أن كلامهم المجعلص هو تعبير عن العبقرية ولا يعرفون أنه تعبير عن العجز ونوع من تحلية البضاعة منتهية الصلاحية التى تسمم وطناً بأكمله، وأعتقد أن أهل بلدى اقتنعوا أو بالأصح كانوا مقتنعين.