الجمعة، 19 فبراير 2010

المستقبل قادم مشرق مهما تاخر !!!!

إنه خبر منشور في كل الصحف ""الجمعية العمومية لمجلس الدولة ترفض تعيين القاضيات بمجلس الدولة بأغلبية ساحقة"" ‬تصور البعض أن محكمة مجلس الدولة أصدرت حكمها ضد اشتغال النساء بالقضاء وتصور البعض أن ذلك الحكم سيخلع القاضيات الجالسات فوق المنصة حالياً‮ ‬ويحرمهن من الاشتغال بالقضاء ويعزلهن من وظائفهن واستعدت الفضائيات لمناقشة الأمر و"إيه رأيكم وده معناه إيه"!‬

والحقيقة أني استقبلت الخبر المنشور ورأي أعضاء الأغلبية الساحقة للجمعية العمومية لمجلس الدولة في حجمه الصحيح‮ "‬الجمعية العمومية لمحكمة القضاء الإداري" ‬ترفض تعيين القاضيات بالمحكمة هذا رأي الأغلبية وقرارها لكن الجمعية العمومية لمجلس الدولة لا تصنع قوانين بتعيين النساء في القضاء ولا عزلهن من فوق منصات القضاء،‮ ‬إن الخبر المنشور يكشف رأي الأغلبية الساحقة من الجمعية العمومية ومعني كلمة الأغلبية الساحقة أن هناك أقلية من أعضاء تلك الجمعية تناقضوا مع تلك الأغلبية وبمعني آخر إن تلك الأقلية من أعضاء الجمعية العامة لمجلس الدولة مع تعيين النساء قاضيات بالمجلس وهذا شيء عظيم في ذاته‮!!‬

بساط الريح


فحتي الأمس القريب كان تعيين النساء للاشتغال بالقضاء شيئاً‮ ‬مستحيلاً‮ ‬كمثل ركوب بساط الريح ومثل خروج الجني من مصباح علاء الدين حتي الحركة النسائية المصرية لم تكن مهتمة بتلك القضية فبعد استبعاد الدكتورة عائشة راتب من التعيين بالقضاء اندثرت القضية ونسيت تماماً‮ ‬واهتمت الحركة النسائية المصرية بالزواج والطلاق والنفقات واعتبارا من بداية الثمانينيات خرجت أصوات ضعيفة تسأل لماذا لا تعمل النساء المصريات أسوة بالنساء العربيات في بلاد كثيرة في القضاء وقتها سخر الجميع من تلك الأصوات الضعيفة وأصواتها واعتبروا سؤالهم جنوناً‮ ‬لا يستحق حتي الرد عليه وخرج علينا الكثيرون بمناقشات فقهية وفلسفية تفيد بأنه لا يجوز اشتغال النساء بالقضاء‮.‬

لكن الرياح لا تسير كما تشتهي السفن ففي نفس الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات كثيرة تطالب بعودة المرأة للمنزل وإخراجها من سوق العمل لأنها سبب بطالة الشباب وازدحام الشوارع وانحراف الأطفال وتصاعدت أصوات كثيرة تقول إن النساء تصلح لأعمال محددة تمارس فيها أمومتها الغريزية كمثل التمريض والتدريس والطبخ والتفصيل ، في ذات الوقت تمسكت الحركة النسائية المصرية أكثر فأكثر بحق النساء في المساواة القانونية مع الرجال في الحقوق والواجبات وتصاعدت أصوات عالية خلف أصوات أعلي تسأل لماذا التمييز ضد النساء وحرمانهن من الاشتغال بالقضاء رغم أن الدستور المصري ينهي عن التمييز؟ ورغم أن قانون الهيئات القضائية لا يستبعد النساء؟ ورغم أن الذكورة ليست شرطا من شروط تولي العمل القضائي؟
وأعدت عشرات الدراسات القانونية والشرعية التي تؤكد حق النساء في الاشتغال بالقضاء وتم استعراض تجارب عربية وإسلامية كثيرة تشغل فيها النساء المناصب القضائية منذ عقود طويلة كسورية وتونس والسودان‮ "‬حتي وقت قريب" ‬وباكستان وإيران وغيرهم وعقدت العديد من المؤتمرات وحلقات المناقشة والبحث حول المعوقات الواقعية التي تحول بين اشتغال المرأة المصرية تحديداً‮ ‬بالعمل القضائي وسيقت حجج كثيرة منها الحجج البيولوجية المتعلقة بطبيعة المرأة وأنوثتها والحجج الاجتماعية كأهمية دور المرأة داخل الأسرة وتربية النشء وقال البعض صراحة إن أعصاب المرأة لا تسمح بممارسة العمل القضائي وقالوا إن التقاليد والعادات لن تسمح للمرأة المصرية بالتأخر خارج المنزل والسهر إن لزم الأمر بسبب تأخر وقت التحقيقات بالتجاهل لعمل الطبيبات في النوبطشيات المسائية والتجاهل لعمل مضيفات الطيران والسفيرات وعضوات السلك الدبلوماسي اللاتي يسافرن خارج الوطن للعمل وبالتجاهل لعمل المذيعات والإعلاميات التي قد يحتاج عملهن السهر خارج المنزل بل والمبيت أحيانا خارجه،‮ ‬وقالوا إن أعصاب المرأة ورهافتها لن تسمح لها بمعاينة الجثث والتعامل مع المجرمين والقتلة بالتجاهل لعمل الطبيبات والطبيبات الشرعيات في المشرحة وبالتجاهل لعمل المحاميات في التعامل مع المجرمين والقتلة وأرباب السوابق‮.‬

وفي هذا السياق وبسببه نوقشت قضايا كثيرة حول كفاءة المرأة وقوة أعصابها ورهافة عواطفها وقدرتها علي التجرد وعدم الانحياز و‮... ‬عينت أول قاضية في المحكمة الدستورية العليا مما عد نجاحا للمرأة المصرية يضاف لسجل نجاحاتها وإنجازاتها العملية وفرحت الحركة النسائية المصرية بذلك لكنها لم تعتبره كافيا وشخصت ببصرها إلي ما هو أكثر من هذا وتجاوز طموحها المدي وحلمت بنساء يجلسن علي منصات القضاء في جميع المحاكم ويشاركن في أعمال النيابة العامة دونما تمييز حميد لصالحهن باستثنائهن من الأعمال الشاقة التي لا تتناسب مع أنوثتهن‮!!

‬ وسرعان ما لحق ذلك تعيين عدد من القاضيات في المحاكم وهن النساء اللاتي أثبتن كفاءة وجدارة وجلسن علي المنصة وأصدرن الأحكام مع زملائهن ونسين أنهن نساء وخرجت الأنوثة ورهافة العواطف من المحاكم وجلس علي منصاتها الأكفاء ممن يصلحون لممارسة ذلك النوع من العمل رجالاً‮ ‬كانوا أو نساء‮!! ‬وفرحت طالبات كليات الحقوق وراودهن حلم الاشتغال بالقضاء وتبارين مع زملائهن علي التفوق والتقديرات العالية أملا في ارتداء وشاح القضاء‮!!‬

خطوة للأمام


نعم‮.. ‬ما حدث خطوة للأمام،‮ ‬المرأة المصرية تمد قدمها وتثبت وجودها بكفاءة في الهيئة القضائية بعد نجاحات كثيرة في مجالا كثيرة لا مجال لذكرها والتمييز ضد النساء في هذا الشأن في طريق للنقصان أملاً‮ ‬في زواله تماما نعم مازلت أنا شخصيا وكثيرات مثلي يعتبرن ما حدث ليس كافيا لا أطمح في تعيين ثلاثين أو خمسين قاضية بل كنت ومازلت أطمح في تعيين مئات القاضيات ابتداءً‮ ‬من وظيفة معاون نيابة وصولا لمقاعد محكمة النقض نعم أعلم أن هذا يحتاج وقتا طويلا وجهدا طويلا وتمسكاً‮ ‬من النساء بحقهن لا يتنازلن عنه أبدا تحت أي حجج أو مبررات أعلم هذا كله لكن من قال إن الأحلام يقتلها الوقت أو الانتظار أو حتي الهزائم المؤقتة‮!!‬

أماني لم تحقق


ما حدث خطوة للأمام لكن معظم رجال الهيئة القضائية للأسف وقت تعيين القاضيات كانوا يتمنون ألا يحدث هذا لتظل الهيئة القضائية ذكورية صرفة بلا أي مشاركة نسائية لا في أعمال النيابة ولا علي منصات الأحكام ومازلنا نذكر العدد الخاص من مجلة نادي القضاة التي أصدروها خصيصا للإفصاح والتعبير عن رأيهم في تعيين النساء كقاضيات واستكتب فيها العديد من خيرة رجال القضاء والمفكرين فقال واحد واثنان أوافق علي تعيين النساء في القضاء وقالت الأغلبية الساحقة لا نوافق وساقوا جميع الحجج في إثبات استحالة عمل النساء كقاضيات‮!! ‬لكن النساء عين في القضاء ومارسن أعمالهن ونسي من كان يعارض معارضته ونسي من كان يرفض أسباب رفضه وأصبح الأمر واقعاً‮ ‬يلزم التعايش معه وتقبله‮!! ‬ولو كانت الجمعية العمومية لنادي القضاة قد صوتت قبل تعيين القاضيات بربع ساعة علي رأيها من تعيين النساء أعتقد لأصدرت رأيا ربما بالاجماع يفصح عن رفض القضاة تعيين النساء بينهم‮!! ‬لكن النساء عين في وظائفهن كقاضيات بصرف النظر عن موافقة أو رفض الجمعية العمومية لنادي القضاة ومارسن عملهن وصرن جزءاً‮ ‬من الهيئة القضائية المصرية‮!!‬

لذا لم أنزعج من رأي الجمعية العمومية لمجلس الدولة وأغلبيتها الساحقة الرافضة لتعيين النساء كقاضيات في المجلس بل،‮ ‬أسعدتني الأقلية التي قبلت ذلك التعيين،‮ ‬أسعدني موقفهم الجريء الصريح من إنهاء التمييز‮ ‬غير الدستوري ضد النساء،‮ ‬أسعدني موقفهن باحترام كفاءة النساء وقدرتهن علي ممارسة جميع الأعمال والوظائف،‮ ‬أسعدني موقفهم الذي يقبل الكفاءة ويحترمها بصرف النظر عن الجنس وعن الذكورة والأنوثة‮!!‬

لم أنزعج من رأي الجمعية العامة لمجلس الدولة ولم أنزعج من رأي أعضائها في رفضهم لتعيين النساء كقاضيات بالمجلس لكني تعاملت مع ذلك الرأي باعتباره رأيا ليس إلا،‮ ‬رأياً‮ ‬قابل للتغير والتبدل وربما‮ ‬غدا وأقرب مما نتصور تتغير وجهات نظر أعضاء الجمعية العمومية وتتحول الأقلية التي وافقت علي تعيين النساء بالمجلس لأغلبية ساحقة هذا مجرد رأي ليس إلا‮!!‬ الدستور المصري فقط

لكن هل لرأي الجمعية العمومية لمجلس الدولة سطوة تعطل تعيين النساء كقاضيات سواء في القضاء العادي أو في مجلس الدولة بمعني لو صدر قرار بتعيين النساء كقاضيات بمجلس الدولة هل للرأي الرافض للجمعية العمومية لمجلس الدولة قوة تحول بين تنفيذ ذلك القرار أو تعرقل تنفيذه أو تلغيه؟

مع احترامي للجمعية العمومية لمجلس الدولة وقضاتها لا أظن هذا،‮ ‬هم قالوا رأيهم ونحن نحترمهم ونحن سنسعي بكل قوة لتدعيم وضع النساء في جميع المجالات العملية والمهنية في مجتمعنا تنفيذاً‮ ‬لأحكام الدستور المصري التي تمنع التمييز ضد النساء في كل شيء بما فيها العمل كقاضيات بمجلس الدولة‮!!‬

لم أنزعج مثلما انزعج الكثيرون لأنني أعتبر إلغاء أشكال التمييز ضد النساء وإقرار المساواة القانونية بينهن‮ ‬وبين الرجال في مختلف المجالات والأعمال والوظائف والحقوق والنصوص القانونية حرباً‮ ‬طويلة شرسة مع أفكار راسخة وعادات وتقاليد وأناس يؤمنون بتلك الأفكار ويحترمون تلك العادات والتقاليد ويدعمونها ويسعون بكل الطرق لإقصاء النساء وتهميشهن والاعتراف فقط بالدور الأمومي والأسري لهن،‮ ‬هي حرب طويلة قد تنتصر النساء في إحدي معاركها وقد تنهزم في أخري والحرب سجال قد يتقدم المجتمع خطوة للأمام في طريق تمكين المرأة ودعمها وتمكين وجودها الاجتماعي الوظيفي الفاعل وإقرار مساواتها مع الرجال في الأعباء والواجبات والحقوق وعلي نفس الطريق قد يعود المجتمع نتيجة لضغوط وتفسيرات خاطئة للنصوص الشرعية والقانونية قد يعود خطوتين ثم سرعان ما يتقدم مرة ثانية خطوة واثنتين وعشراً‮ ‬للأمام لكن من يتأمل حال مصر من مائة سنة ووضع المرأة فيها ويتأمل حال مصر الآن ووضع المرأة فيها يمكنه ببساطة تصور شكل المستقبل الذي يرحب بوجود النساء ودورهن المجتمعي ويدعم كفاءتهن ويفسح لهن المجال لإثبات ذواتهن وتحقيق نجاحاتهن‮!! ‬الحركة تسير للأمام بصرف النظر عن التفاصيل المحزنة في كثير من الأحيان‮!!‬

لقد دخلت المرأة المصرية مجال العمل بالقضاء وأثبتت نجاحات ويوما بعد يوم ستدعم مكانها فيها وسيشار لها بالبنان مثلما حدث في مجالات كثيرة حتي لو نجحت الآراء المختلفة اليوم في إقصاء النساء عن منصات الأحكام والعمل القضائي فلن يكون مسلكهم وآراؤهم في حقيقته إلا تمييزاً‮ ‬ضد النساء يخالف الدستور سيتم تصحيحه في يوم آخر قريب مهما تأخر معياده‮!!‬ لا أنظر لنصف الكون الفارغ

لا أنزعج مما يحدث لأنني علمت نفسي منذ زمن طويل أن أري نصف الكوب المليان وأفرح به ولا أقتل نفسي حزنا علي نصف الكوب الفارغ‮!! ‬لا أنزعج مما يحدث لأنني أؤمن بأن أجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد كما قال الشاعر التركي ناظم حكمت‮!! ‬لا أنزعج مما يحدث لأنني أؤمن بالمستقبل وأراه جميلا مهما كان الطريق إليه وعراً‮ ‬شاقاً‮ ‬موجعاً‮!! ‬هل سمعتم يوما عن أن المستقبل لم يأت علي وطن ما واستمر يعيش في الماضي فقط؟

الفترة الأخيرة في الخمسين سنة الماضية خاضت النساء المصريات فيها عشرات المعارك الصغيرة دفاعا عن حقوقهن الدستورية وإلغاء أشكال التمييز بينهن وبين الرجال لصالح الرجال وإثباتا لحقهن في الوجود ودعما لكفائتهن ورفضا لحصرهن في أدوار اجتماعية محددة كالأمومة وتربية الأطفال وأسفرت تلك المعارك الكثيرة عن دعم حقيقي للمرأة المصرية وإثباتاً‮ ‬لوجودها وكفاءتها ونجاحها،‮ ‬تعليم البنات كان يوما قضية كبيرة واليوم لم يعد اشتغال النساء عموما بأي عمل كان قضية كبيرة واليوم لم يعد ممارسة الحقوق السياسية وحق الانتخاب والترشيح كان يوما قضية كبيرة واليوم لم يعد‮.. ‬منح جنسية المرأة المصرية لأولادها أسوة بالرجل كان قضية كبيرة واليوم لم يعد‮.. ‬منح الرجل معاش زوجته العاملة كان قضية كبيرة واليوم لم يعد‮.. ‬منح المرأة المصرية حق الخلع وتطليقها من زوجها الذي لم تعد تحبه أو تطيق عشرته كان قضية كبيرة واليوم لم يعد‮.. ‬اشتغال النساء بالكثير من الوظائف المحاماة،‮ ‬السلك الدبلوماسي،‮ ‬الطبيبات الشرعيات كعمدة كمأذون كنائبة في البرلمان كان قضية كبيرة واليوم لم يعد‮.. ‬اشتغال النساء بالقضاء كان ومازال قضية كبيرة لكن‮ ‬غدا أو بعد‮ ‬غد لن يكون كذلك‮!!‬

رجال ضد حركة التاريخ


الجملة الأخيرة‮ ‬كان ومازال كثير من الرجال يعارضون النساء ويعارضون حقوقهن الدستورية وإلغاء أشكال التمييز ضدهن لكن تلك المعارضة لم توقف حركة التاريخ صوب المستقبل ولم تلغ‮ ‬وجود النساء علي جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والمهنية ولم تحاصرهن في دور الأمومة وتربية النشء علي أهميته و بالعكس أثبتت النساء في جميع المجالات نجاحا مشهوداً‮ ‬ملحوظاً‮ ‬وكفاءة تنال الاحترام من الرجال قبل النساء‮!!‬

وها أنا أقول ثانية عملت المرأة المصرية وزيرة وسفيرة ومحامية وطبيبة وأستاذة جامعة ورئيسة جامعة وعميدة ومعيدة وصحفية وإعلامية وكاتبة ومخرجة ومذيعة ومراسلة ومعدة برامج وسائقة ومهندسة ومحاسبة وممرضة ومدرسة وناظرة وأثبتت نجاحات مبهرة والمرأة صارت رئيسة جامعة ورئيسة مجلس إدارة شركة ورئيسة قسم بالجامعة ورئيسة ومديرة إدارة بالبنوك وتولت العمل الأهلي ورئاسة الجمعيات الأهلية والخيرية وأنشأت الكثير من مؤسسات العمل الخاص والمصانع والمحلات التجارية واشتغل تحت أيديها وإمرتها رجال كثيرون،‮ ‬نسوا وهم يعملون تحت رئاستها أنوثتها ونوع جنسها واحترموا عقلها وكفاءتها وقدرتها علي تعليمهم وقيادتهم وتحقيق أعظم النجاحات تحت رئاستها،‮ ‬أنا هنا أتحدث عن واقع حقيقي يعيشه المجتمع ولو أنكره الكثيرون‮!! ‬وغداً‮ ‬ستحقق النساء المصريات بكفائتهن وجهدهن الكثير والأكثر‮!!‬

السطر الأخير‮ - ‬البنت زي الولد ماهيش كمالة عدد‮.. ‬رحم الله صلاح جاهين‮!!‬

نشرت بجريده روز اليوسف اليوميه الجمعه 19 فبراير 2010

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=45415

الخميس، 4 فبراير 2010

الرئيس الذي نريده ..

وقرأت الفاتحة علي روحي !!!!!!!!!!
لاأعرف ما الذي يدفعني دفعا للكتابة في هذا الموضوع منذ شهور طويلة وأنا أفكر فيه كثيراً‮ ‬وأفر منه كثيراً‮ ‬لكنه يحتل عقلي يراودني بعباراته وأفكاره ورغم أني أراه موضوعاً‮ ‬مهما لكني أحسه شائكاً‮ ‬سيجلب لي المتاعب ووجع الرأس لذا فررت منه قدر ما استطعت وفي النهاية استسلمت لالحاحه وقرأت الفاتحة علي روحي وها أنا أبدأ‮.‬
< ‬النخب السياسية
منذ سنوات طويلة والأحزاب والتيارات والنخب السياسية المعارضة المصرية لا تتحدث إلا عما اسموه توريث الحكم ويقصدون بالطبع انتقال المقعد الرئاسي للسيد جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني يتحدثون عن توريث الحكم ويهاجمونه وينتقدونه ويعلنون‮ ‬غضبهم منه ويعتبرون أن أي تصرف أو سلوك يقوم به السيد جمال مبارك ليس إلا خطوة في طريق المقعد الرئاسي بل ويعتبرون أن اهتمام وانشغال واشتغال السيد جمال مبارك بالسياسة وانخراطه في عضوية الحزب الوطني ورئاسته للجنة السياسات ليس إلا أعمالا تمهيدية‮ - ‬بارعة وذكية‮ - ‬في سبيل حصوله أو وصوله للمقعد الرئاسي في المستقبل‮.‬
وينشغل الكثيرون بالبحث عن سيناريوهات‮ ‬ما يسمي‮ ‬التوريث وميعادها وكيفية تنفيذها وينشغلون أكثر بالتنقيب عن نوايا الأمريكان‮ ‬وموقفهم المستقبلي من ذلك الأمر ويصرخون‮ ‬غضبا ذات يوم باعتبار أن الأمريكان منحوا التوريث بركتهم والجرين كارد‮ ‬ويصرخون فرحا ذات يوم باعتبار أن الأمريكان يؤمنون بالديمقراطية الحقة التي لن تقبل التوريث ولن تتغاضي عنه وأنهم سيستخدمون ضده إن لزم الأمر حق‮ ‬الفيتو‮!!‬
بل ويتمادي البعض ويقرر أن مصر ليست ملكية خاصة ولا دولة ملكية لأسرة الرئيس يتناقل حكمها هو وأبناؤه ويتفرغ‮ ‬البعض لمتابعة أنشطة السيد جمال مبارك داخل أروقة الحزب وفي أنشطته الجماهيرية والسياسية صارخا‮ ‬التوريث التوريث،‮ ‬الذئب الذئب‮ ‬باعتبار أن أي كلمة يقولها السيد جمال مبارك أو أي سلوك يتصرفه ابتداء من زيارة المناطق الفقيرة انتهاء بمباريات الكرة من وجهة نظرهم ليس إلا خطوات أولية ضمن مخطط كبير ودقيق تعده وتروج له بين المواطنين كرئيس مستقبلي لمصر وهو أمر تعتبره النخب المعارضة السياسية توريثاً‮ ‬للحكم لا تقبله ولن تصمت أمامه‮!!‬

‮< ‬المقعد الخطير

إذن النخب والأحزاب السياسية المعارضة المصرية منشغلة بالبحث عن إجابة لسؤال مهم من سيحكم مصر فيما بعد لكن بدلا من أن تبذل تلك النخب والأحزاب مجهودها في إعداد‮ ‬مرشحين مستقبليين لمصر وإعدادهم وتجهيزهم لذلك المقعد الخطير انشغلوا بقضية توريث الحكم‮ ‬غاضبين من أن المسرح السياسي من وجهة نظرهم يعد للسيد جمال مبارك فمن هو من وجهة نظرهم السيد جمال مبارك ليحكم مصر؟ كل حيثياته من وجهة نظرهم أنه ابن الرئيس فإن صار رئيساً‮ ‬للجمهورية‮ - ‬بصرف النظر عن الطريقة والتوقيت فهذا يعني أنه ورث الحكم والوطن ويعني كما قال أحد عتاة المعارضين أن‮ ‬مصر مافيهاش رجاله‮!! ‬وهو قول استفزني بشدة لأنه ينم عن احتقار رهيب للنساء قليلات الحيلة واللاتي سيقبلن أي شيء بما فيه توريث الحكم حسبما يري المعارض الهمام وربما تلك العبارة المستفزة هي السبب الذي دفعني للنظر والتفكير في الموضوع بشكل عميق وجدي‮!!‬
الأحزاب والنخب والتيارات السياسية المعارضة للحكومة وحزبها الحاكم منشغلون بقضية تداول المقعد الرئاسي منشغلون بالبحث عن إجابة للسؤال من سيحكم مصر مستقبلاً‮ ‬وقد فطنوا من وجهة نظرهم أن جمال مبارك يعد لحكم مصر واطلقوا علي ذلك الأمر توريثا للحكم وصرخوا ضد التوريث وضد جمال مبارك معا وهاجموه لأنه ضد الديمقراطية التي تفترض ضرورة تداول مقاعد الحكم بعيداً‮ ‬عن ابن الرئيس الذي أن طمح في المقعد الرئاسي شأنه شأن‮ ‬غيره من المواطنين أو المصريين يكون مفتئتا علي قواعد الديمقراطية الحقة كما يراها المعارضون المصريون‮!!‬

< ‬حرمان من الحقوق السياسية
فجمال مبارك مع احترام الألقاب يستفز النخب السياسية المصرية المعارضة ليس باعتباره ابن الرئيس حسني مبارك بل باعتباره حسب وجهة نظر هؤلاء مشروع رئيس مستقبليا لمصر وتتمني النخب السياسية المصرية المعارضة منعا لحدوث توريث الحكم من وجهة نظرها الحجر علي جمال مبارك وحرمانه من حقوقه السياسية ومنعه من الاشتغال بالسياسة وتجريده من مناصبه داخل الحزب الوطني أو أي حزب باعتبار أن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي ستطمئن بها تلك النخب علي أن ابن الرئيس لن يصبح الرئيس المقبل وأن التوريث الذي يصرخون يهاجمونه منذ سنوات لن يحدث‮!!‬
والحقيقة أني اتأمل في ذلك الأمر طويلاً‮ ‬وأفكر فيه كلما أثير أتأمل خطاب النخب السياسية المصرية المعارضة وأتأمل سلوك جمال مبارك وتصرفاته وتصريحاته وأتأمل حال المصريين عموما وأفكارهم وسلوكهم وعلاقتهم بالسياسة أتأمل كل هذا واصمت وأردد بيني وبين نفسي‮ ‬اللهم أخزيك يا شيطان‮ ‬الذي يوسوس لي بدس أنفي في عش الدبابير التي ستلتهم أنفي وتلتهمني جزاء وجهة نظري التي سأقولها حالا‮!!‬
والحقيقة أني سأقف ابتداء أمام فكرة‮ ‬ما يسمي‮ ‬توريث الحكم‮!! ‬لا يوجد في نظامنا الدستوري كدولة جمهورية ما يسمي بتوريث الحكم ولا يوجد فيه آلية إجرائية لتنفيذ ما يسمي بتوريث الحكم من رئيس الجمهورية لأي من أسرته وهذا كلام لا يخص الرئيس مبارك وابنه جمال مبارك فقط بل كلام عام مطلق ينطبق عليهما وعلي الجميع الآن وفي المستقبل ولحين اشعار آخر‮!!‬

‮< ‬بعبع التوريث
إذن ما هو‮ ‬بعبع‮ ‬التوريث الذي تصرخ المعارضة المصرية تهاجمه ليل نهار؟؟
بالطبع هم لا يقصدون التوريث بالمعني المفهوم والمعروف القانوني والشرعي بل أنهم يعرفون‮- ‬بصرف النظر عن شعاراتهم الجماهيرية‮ - ‬أنه لا يوجد ما يسمي بتوريث الحكم حتي يهاجموه ويغضبوا منه لكنهم في نفس الوقت يوحون ضمنا بأن رئاسة وحكم الوطن الغالي تحول أو سيتحول في وقت ما لملكية خاصة كالعربية والشقة التمليك والمزرعة تنتقل من الأب للابن وبمعني أصح من الرئيس الحالي للرئيس المستقبلي بصرف النظر عن طريقة وآلية وإجراءات ذلك الانتقال‮.‬
فحتي لو ترشح السيد جمال مبارك في معركة انتخابية علي المقعد الرئاسي مع آخرين ونجح في تلك الانتخابات فنتيجة تلك الانتخابات عند المعارضة السياسية المصرية ليست إلا شكلا من أشكال التوريث للحكم إذن هم يحاولون من وجهة نظرهم قطع الطريق علي جمال مبارك بعدم الترشح أو التفكير في الترشح للمقعد الرئاسي دون كل المواطنين المصريين الذين يمنحهم الدستور الحق في التفكير والترشح والنجاح أو الفشل فلو فكر أو سعي أو رشح نفسه فهذا لن يكون إلا توريثاً‮ ‬للحكم يتناقض مع الديمقراطية جديراً‮ ‬بالهجوم والانتقاد والصراخ‮ ‬الذئب الذئب‮!!‬ رغم أنه في حدود علمي لا يوجد أي قيد دستوري أو قانوني علي أي مواطن ولو كان ابن الرئيس للترشح لأي انتخابات أو المشاركة فيها حتي لو كانت انتخابات المقعد الرئاسي‮!!‬ والحقيقة أن ما يشغلني هو لماذا لم تنشغل النخب والأحزاب والمعارضة السياسية المصرية باستغلال الهوامش الضيقة المتاحة للعبة الديمقراطية رغم قيودها الحالية كما يرون لإعداد كوادر قيادية تتحلي بصفات الزعامة والكاريزما والقبول الجماهيري للترشح للمقعد الرئاسي بصرف النظر عن مسألة ترشيح السيد جمال مبارك لذلك المقعد من عدمه‮!‬

‮< ‬واجبات الأحزاب تجاه الوطن
لماذا لا تفكر النخب والأحزاب والتيارات السياسية المصرية في واجباتها تجاه الوطن بإعداد مرشحيها الصالحين للترشيح والمؤهلين للنجاح في معركة انتخابات المقعد الرئاسي وتكتفي بالهجوم والانتقاد والغضب والصراخ‮ ‬الذئب الذئب‮!
دعونا ننسي افتراض أن جمال مبارك سيرشح نفسه للمقعد الرئاسي المستقبلي فمجرد ترشيحه حتي لو تم‮- ‬رغم كل التصريحات الرسمية تنفي ذلك‮- ‬لا يعني نجاحه في الانتخابات،‮ ‬لماذا لا تنسوا من سيرشح نفسه‮ ‬غيركم لانتخابات المقعد الرئاسي ونركز في الأكثر أهمية وهو من سنرشحه نحن‮ - ‬النخب والأحزاب والتيارات السياسية المعارضة‮ - ‬لخوض تلك المعركة والتنافس علي المقعد الرئاسي‮!‬
وأكاد أجزم،‮ ‬أن عدم ترشيح جمال مبارك لنفسه في انتخابات المقعد الرئاسي سيحرم المعارضة من وقود معركتها التي استعدت لها جيدًا،‮ ‬فالمعارضة اكتفت بالهجوم علي التوريث لكنها لم تقدم بديلاً‮ ‬حقيقيا ممكنًا،‮ ‬فلو حرمت من لعبة التوريث ذلك‮ ‬البعبع‮ ‬الذي تهاجمه ليل نهار ما بقي لها حديث أو خطاب أو شعارات جماهيرية‮! ‬وهذا يفتح ملفاً‮ ‬كبيراً‮ ‬جدًا يحتاج لمناقشة مستفيضة حول دور المعارضة المصرية وقدر فاعليتها وجماهيريتها وإن كان ليس مجال مناقشته الآن‮!‬
ودعوني أسأل مهاجمي التوريث ومعارضيه،‮ ‬هل أنتم‮ ‬غاضبون من ترشيح جمال مبارك نفسه للمقعد الرئاسي باعتباره ابن الرئيس أم باعتباره عضوًا بالحزب الوطني الذي تختلفون مع سياساته؟
‬وإن كان الرفض لأسباب موضوعية تتعلق بموقفكم من سياسات الحزب الوطني الذي سيرشح جمال مبارك للانتخابات الرئاسية‮ - ‬وهذا محض افتراض لا دليل عليه في الواقع الحالي‮ - ‬لماذا لا تعلنون رفضكم لترشحه بسبب سياساته التي تعارضونها وتكتفون برفض ترشيحه باعتباره ابن الرئيس؟

‮< ‬قناعات ومبادئ سياسية والحقيقة أنا شخصيا أتمني أن يحكم مصر في المستقبل رئيس له وجهة نظر مختلفة عن تلك التي يحملها ويطبقها وينفذ سياساتها الحزب الوطني الذي أراه حزبا للصفوة ورجال الأعمال والمال والطبقات العليا‮... ‬لكن لو أن ممثلاً‮ ‬أو مرشحًا للحزب الوطني هو الذي سينجح في شغل المقعد الرئاسي في المستقبل فلا يفرق عندي أن يكون هو جمال مبارك شخصيا أو‮ ‬غيره بل أني لا أكترث إطلاقًا،‮ ‬لو تولي السيد جمال مبارك شخصيا أو‮ ‬غيره من أعضاء الحزب الوطني حكم مصر في المستقبل،‮ ‬فجمال مبارك مثل الكثيرين من أعضاء الحزب الوطني ممن اختلف معهم كثيرًا وبشكل منهجي حول سياساتهم الاقتصادية الاجتماعية وانحيازاتهم الاجتماعية،‮ ‬فالمشكلة عندي ليست في شخص جمال مبارك مع احترامي لشخصه،‮ ‬بل المشكلة عندي فيمن سيحكم مصر في المستقبل وما هي قناعاته ومبادئه السياسية‮.‬

‮< ‬ليس من حق المعارضة
جمال مبارك مثل أي عضو في الحزب الوطني‮ - ‬حتي لو كان ابن الرئيس الحالي‮ - ‬يعبر عن سياسات الحزب ومبادئه التي اختلف أنا معها وأعارضها،‮ ‬بل أني اعتبر المعارضة السياسية المصرية،‮ ‬التي تعارض بشكل خاص ترشح جمال مبارك للمقعد الرئاسي باعتبار ترشيحه ليس إلا توريثا للحكم،‮ ‬من وجهة نظرها،‮ ‬تدس أنفها تعسفا في شأن الحزب الوطني واختياره لمرشحيه،‮ ‬وهو أمر ليس من حق المعارضة القيام به،‮ ‬فإذا كان ليس من حق الحزب الوطني الحاكم فرض إرادته علي الأحزاب المعارضة به،‮ ‬فإذا كان ليس من حق الحزب الانتقاء والتفضيل بين مرشحيها للمقعد الرئاسي أو في أي انتخابات أخري،‮ ‬ففي نفس الوقت،‮ ‬ليس من حق أحزاب المعارضة محاولة فرض إرادتها علي الحزب الوطني والانتقاء والتفضيل بين مرشحيه ولو عن طريق استعداء الجماهير علي الحزب وقيادته ومهاجمة فكرة توريث الحكم‮!‬
- لا يعجبكم الحزب الوطني وسياساته،‮ ‬لا يعجبكم انحيازاته،‮ ‬لا يعجبكم ممارساته وسلوكه وممارسة رجاله وأعضائه،‮ ‬هذا شيء والتدخل في شئونه ومحاولة فرض الاختيارات عليه شيء آخر‮! ‬ألستم تتحدثون عن الديمقراطية والحرية ولا أنا فاهمة‮ ‬غلط‮ ‬أم أن القانون هو‮ ‬حلال علي حرام عليكم‮! ‬هل أدافع عن‮ ‬الحزب الوطني،‮ ‬بالطبع لا،‮ ‬لكني أتمني ومازلت أن تكون المعارضة المصرية معارضة فاعلة منتجة مؤثرة في الواقع المصري وفي حياتنا وأن تتسق سلوكياتها مع شعاراتها مع قدر جهدها،‮ ‬فهذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة ولو بعد مائة سنة لتداول مقاعد الحكم في مصر‮!‬

< ‬قضية الوطن

هل قلت شيئاً‮ ‬مفهوماً؟
أتمني رئيسًا لمصر من خارج الحزب الوطني ولا يؤمن بسياساته الاقتصادية والاجتماعية ولا ينحاز للطبقات الغنية والصفوة ورجال المال والأعمال‮... ‬لكن لو نجح الحزب الوطني في الاستئثار بالمقعد الرئاسي مستقبلاً‮ ‬فلا يفرق عندي أن يكون ذلك الرئيس هو جمال مبارك أو أي عضو آخر بالحزب الوطني‮! ‬هكذا الأمر ببساطة‮! ‬فقضيتي ليست جمال مبارك،‮ ‬قضيتي الوطن كما أراه جميلاً،‮ ‬قضيتي ليست جمال مبارك شخصيا،‮ ‬قضيتي الحزب الوطني الذي اختلف معه ومع سياساته ومع مرشحيه أياً‮ ‬ما كانوا‮!‬
الفقرة الأخيرة‮ - ‬لاتوجد ديمقراطية نظرية‮! ‬النظريات في الكتب أما الواقع وطبيعته فله شكل آخر بصعوباته وبمشاكله‮! ‬لماذا أقول هذا،‮ ‬لأني كثيرًا ما أسمع كلاماً‮ ‬أحس بعده أن من يتحدث يظننا في بلاد‮ (‬الواق الواق‮) ‬ولا يعرف عن طبيعة حياتنا شيئًا،‮ ‬يكلمنا عن الديمقراطية الأمريكية والديمقراطية الفرنسية رغم أن شعب أمريكا وشعب فرنسا دفع ثمن تلك الديمقراطيات‮ ‬غاليا،‮ ‬نحن لم نعش الحرب الأهلية الأمريكية وتحرير العبيد ولم تجر مقصلة الثورة الفرنسية علي رقابنا فكيف لنا نستمتع بثمار الديمقراطية الغربية ونحن لم ندفع الثمن الباهظ للحصول عليها‮!‬ ديمقراطيتنا تشبهنا تشبه واقعنا حياتنا عيوبنا نسعي للأفضل نعم،‮ ‬ليس في مجال الديمقراطية فقط بل في جميع المجالات‮! ‬ليس معقولا أن نغض البصر عن كل ما يحدث حولنا وعن واقعنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ونتحدث فقط عن الديمقراطية الغربية ومزاياها العظيمة‮! ‬اتذكر بهذه المناسبة ما سمعته عن عائلة عريقة ترشح أحد أبنائها لمقعد نيابي ممثلاً‮ ‬لحزب معارض‮.‬ أتذكر ما سمعته من أن تلك العائلة قامت بـتسويد البطاقات الانتخابية وتقفيل اللجان وطرد المندوبين والوكلاء للأحزاب الأخري بما فيها الحزب الحاكم‮.‬ ‬أتذكر كيف استهجنت سلوكهم‮ ‬غير الديمقراطي وهم ممثلون لحزب معارض يتحدث عن الديمقراطية ليل نهار،‮ ‬أتذكر نظرات الاندهاش التي ظهرت علي وجه محدثي وأنا انتقد سلوك عائلته العريقة دفاعًا عن الديمقراطية النظرية،‮ ‬كان منحازا لعائلته ويسعي لإنجاح مرشحها المعارض بأي طريقة ولو كانت بالتزوير وتسويد البطاقات‮! ‬حلال علينا وحرام علي الآخرين‮!.‬ ألم أقل لكم إن ديمقراطيتنا تشبهنا‮!‬
الجمله الاخيره - يتجاهل الساسه والمعارضين المصريين وقت الخصومه السياسيه طبيعه المجتمع المصري وقناعاته وثقافته وعاداته وتقاليده ، ذلك المجتمع الذي يدمن التوريث في جميع المجالات ويعتبروه امرا عاديا ومنطقيا ، فابناء الاطباء اطباء ، وابناء اساتذه الجامعه اساتذه جامعه ، وابناء المستشارين قضاه ووكلاء نيابه وفي النيابه الاداريه وفي هيئه قضايا الدوله ، وابناء ضباط الشرطه ضباط شرطه وهناك عائلات جميع اجيالها المتلاحقه مهندسين في مختلف التخصصات وعائلات ترث الشرف العسكري والخدمه بالقوات المسلحه وعائلات باكملها في قطاع البنوك وعائلات تحتكر العموديه جدا عن اب عن ابن وعائلات تحتكر المقاعد النيابيه في مجلس الشعب والمجالس المحليه ، وعائلات تحتكر التمثيل والفن مابين اب وابن وعم وخال وحفيده وحفيد ، وموظفي المحكمه يسعون لتعيين اقاربهم في وزاره العدل وماموري الضرائب يعينوا ابنائهم في ذات مجال عملهم وهناك عائلات كانت وفديه ومازالت سواء كان الوفد في الحكومه او المعارضه وعائلات باكملها يساريه خابرت اجيالها المختلفه المعتقلات والسجون في جميع العصور وعائلات باكملها تنتمي للاخوان المسلمين منذ ايام حسن البنا وحتي الان!!! المصريين في حقيقه الحال لايعتبرون توريث المناصب والوظائف والمراكز سبه ولا نقيصه ، بل يعتبروها امرا منطقيا عاديا ومقبولا !!! ربما يتعين علي الساسه اختيار شعار اخر من اجل تداول مقاعد الحكم غير مهاجمه التوريث

‮نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه بتاريخ 4 فبراير 0102