السبت، 30 أغسطس 2008

خط الفقر ... وخط المحمول !!!!


فور اعلان دار الافتاء بأن يوم الثلاثاء هو غرة شهر رمضان الكريم ، تعطل تليفوني المحمول مثل تليفوناتكم جميعا بعد ان عجزت الشبكتين الشهيرتين بسبب التكدس والازدحام الالكتروني المفاجيء عن ارسال واستقبال مئات الالوف من الرسائل التي ارسلها المشتركين لبعضهم البعض في وقت واحد تهنئة بمقدم الشهر الكريم ما بين عبارات تقية وادعية وامنيات طيبة وصور مرسومة لجوامع واهلة وعبارات معدة سلفا مكتوبة بخط كبير وبشكل فني تتفق وطبيعه المناسبة ..

واذ جلست – بسبب ذلك العطل - ساعات احدق في شاشة جهازي المحمول منتظرة وصول التقارير الدالة علي تسليم رسائلي الي أصدقائي ومعارفي اطمئنانا مني لتأديه واجبي الاجتماعي الرمضاني تجاههم !!! حتي انتبهت الي ما اصابنا بسبب استعمال ذلك الجهاز المحمول والاعتياد علي رسائله ارسالا واستقبالا باعتباره نوعا من الاعاقة التكنولوجية التي غيرتنا دون ان ندري او ننتبهه ، اعاقة تكنولوجية اختزلت مشاعرنا وطرق التعبير عنها واستبدلتها بالعبارات المحفوظه داخل تلك الاجهزة والمعدة سلفا تعبيرا عن التهئنه والتعزية والحب والكرة والاعتذار والشكر ، اعاقة تكنولوجية حرمتنا – دون تذمر وبقبول تام - من متعه التواصل المباشر مع الاحباء والاصدقاء مكتفين كسلا وبلادة بتبادل العبارات الباردة المقولبة بدلا من التفاعل الحي الحقيقي !!! ...
وظاهرة استعمالنا للتليفون المحمول وكيفيه ذلك الاستعمال انما هي ظاهرة تستحق الدراسة الاجتماعية الجادة من المتخصصين في رصد شئون المجتمع والتغييرات التي تلحق بمواطنيه بسبب ذلك الجهاز وتلك الخدمة واثرها علي حياتنا جميعا حاليا ومستقبلا .. وعلي الرغم من انني لست من زمرة هؤلاء الباحثين ولااملك ادواتهم في الرصد والتحليل واستبناط النتائج الا انني سمحت لنفسي في هذه المقالة ان ازج انفي فيما لا اعرفه تماما وارصد لكم ما اراه – وترونه معي - يوميا في هذا المجال مستهدفة الكشف عن دلالات ما يحدث فينا بسبب ذلك " المحمول" واثاره المستقبلية علينا دقا لناقوس الخطر لعل المختصين يمسكوا هذا الخيط و"ينورونا " بما يجب اتباعه او الابتعاد عنه في هذا الشأن !!!
وقد لاحظت – ومعي الكثيرون - ان المصريين قد اسرفوا في استعمال هذا الجهاز اسرافا ملفتا للنظر ، فبعد ان كان استعماله في البداية حكرا – مبررا - علي قطاعات معينه من المجتمع تلك التي تفرض طبيعه اعمالها سرعه الاتصال بالاخرين وسرعه الانجاز سواء كانوا رجال اعمال او مهنيين بطوائفهم المختلفه ، نجحت الشركات المنتجه عبر حملاتها التسويقية المبهرة المشوقة بجعل التليفون المحمول احد المحددات الاجتماعية الهامة التي حاصرت المصريين وضغطت عليهم فمن لا يمتلك جهازا تليفون محمول انما هو شخص غريب شاذ من وجهه النظر الاجتماعية تفصح شخصيته عن عدم تجانس اجتماعي مرفوض او بخل مكروه او فقر مدقع وقانا الله شره وربما تفصح ايضا عن انطوائية مريضة ورغبه في العزلة تستوجب العلاج النفسي !!! مما دفع المواطنين – في المدن والريف والنجوع المهجورة - دفعا لاقتناء اجهزة المحمول بصرف النظر عن طبيعه اعمالهم او قدر دخولهم او انتماءاتهم الطبقية اوجود مبررات مفهومه او غير مفهومه لاقتنائهم لهذا الجهاز الخطير حيث اصبح وجود ذلك الجهاز في حياة أي شخص ضرورة " وخلاص " فحمل ذلك الجهاز وتحمل اعباءه المادية الشهرية الموجعة العاطلين عن العمل والجالسين علي القهاوي وباعة اللب والبطاطا والترمس الجائلين والخادمات في البيوت والفراشين في الشركات والمؤسسات وقبلهم جميعا سيدات الطبقة الراقية الجالسات في حدائق النوادي يستمتعن بالشمس لايفعلن به شيئا به الا التاكد من تجهيز طعام الغذاء و"تحمير البطاطس " !!!! وبررنا جميعا ذلك التكالب علي حمل اجهزة المحمول بمبررات مختلفة تافهه "بيساعدني في الشغل " ، " بيسهل اموري " ، " بيخلي الناس تلاقيني اسهل" وتجرأ البعض فحمل المحمول دون اسباب وفسر الماء بالماء مقررا "هي جت عليا يعني ، ماكل الناس شايلاه!!!" وخضعنا اكثر واكثر لدعاية الشركات المنتجة ووقعنا في اسر شباكها واستسلمنا لابتزاز اطفالنا الصغار فاشترينا لهم اجهزة المحمول يتبادلوا بها النكات القبيحه والكلمات الفجة والرسائل المشفرة بعيدا عن رقابتنا بل وليستخدموها احيانا في الغش في الامتحانات بديلا تكنولوجيا حديثا لل" البرشام " التقليدي ويستخدموه احيانا اخري في الحب المشوه المبكر وعموما في الكلام "الفاضي " مبررين لانفسنا ذلك بخوفنا عليهم ورغبتنا في حمايتهم ومتابعه تحركاتهم مع ادراكنا الدفين بأن هذه المبررات انما هي مبررات مزيقة دخيلة علي حياتنا التي عشناها سنوات طويلة في سلام وامان نحن واطفالنا قبل اختراع جهاز التليفون المحمول !!!!
وحاصرنا بسبب التليفون المحمول ضجيج وصخب النغمات المنتقاة من حاملي تلك الاجهزة كرنات خاصة وشخصية لتليفوناتهم دون سماح لنا برفضها او الاحتجاج عليها او انتقادها فتحملنا ذلك الازعاج المرضي في منازلنا واماكن عملنا وعلي شواطيء البحر وفي سرادقات العزاء واجبرنا علي الانصات لرنات مختلفة الاصوات ونغمات بلفونية مجسمة و عبارات قبيحة و اغاني ساقطة و حتي صوت بكاء و ضحك او نهيق حمار !!!!
وبسبب التليفون المحمول تغير سلوكنا الاجتماعي الجماعي تغيرا مترديا فتعلمنا الكذب الجماعي المفضوح وتعلمنا قبوله والتجاوز عنه فالزوج لايرد علي زوجته التي تطارده لانه " نسي التليفون في العربية " ويغلق جهازه عمدا متعللا " الجهاز فصل شحن " و الزوجة تتجسس علي زوجها وتفتش في تليفونه " مكانش قصدي ، دوست علي الزرار غلط " والموظف يكذب علي رئيسه مفسرا تأخره عن مواعيد الشغل بأنه " مزنوق في الاشارة " و المدين لايرد علي الدائن لانه " نسي التليفون في البيت " والسكرتيرة ترد علي عملاء مديرها تساعده علي التهرب منهم لانه " في اجتماع ونسي الجهاز معايا " واقسم كل شخص مازال في فراشه انه في الطريق اللي " واقف " او انه " بيركن " وغضب منك الاخرين لانك لاترد عليهم وتتجاهلهم " شفت نمرتي وطنشت " رغم تأكيدك الكاذب "ماكنتش لابس النظاره فمشفتش النمرة !!" ..
وتعلمنا بسبب التليفون المحمول الوقاحه الاجتماعية الفجة ونسينا قواعد السلوك المهذب فطارد المواطنين بعضهم البعض في أي مكان في اي وقت نهارا وليلا وفجرا بغير اكتراث بالازعاج الذي يسببوه للاخرين او عائلتهم ، واتصلت السكرتيرات نيابه عن رؤسائهم بالاخرين علي اجهزتهم المحموله اختراقا لقواعد الخصوصيه بل واختراقا لقواعد اللياقة المتعارف عليها ، واعطي كل مواطنه لنفسه الحق ان يعطي رقم تليفونك المحمول لاي شخص ، قد يكون مندوب مبيعات ، او صحفي يرغب جبرا في الحديث معك ، او صاحب مشكله يطلب تعاطفك معه بل وحمل الحجيج ذلك الجهاز في رحلتهم الايمانية ليبشروا احبائهم " انا فوق جبل عرفات عقبالك !! " بدلا من الانصهار والذوبان في الطقوس الايمانية وتسليم انفسهم ووجدانهم لله !!!
وتعايش كل منا منفردا مع تليفونه المحمول بمعزل عن المجتمع مهتمين وفقط بتوصيله ب "الشاحن " بديلا عن التواصل الاجتماعي الحقيقي فنبذنا الراديو والجرائد وزيارة العيادات النفسية و سمعنا فيه الاغنيات وعرفنا منه الطالع والبخت واحدث طرق الطبخ واجدي طرق العلاج النفسي وتفسير الاحلام !!!! بل واستغني الشباب عن الافلام "الثقافيه " والمجلات " اياها " مكتفين بالتليفون المحمول وكنوزه !! وتبادلنا ال " ميسد كولز " دليلا علي الاهتمام المجاني المزيف !!
وبسبب التليفون المحمول تحملت الاسر المصرية بجميع طبقاتها الاجتماعية اعباءا مالية اضافية فوق الاعباء المالية التقليدية التي تعاني منها و" تقطم وسطها " من دخول المدارس و الدروس الخصوصية و "لبس" العيد و ياميش رمضان وتكاليف المصيف وجهاز البنات ليضاف لقيمة فاتورة الكهرباء وفاتورة التليفون "اللي مش محمول" ورسوم النظافة واستهلاك المياة وايجار البيت والعوايد وثمن الدرس وقيمة الاقساط الشهرية وقسط الجمعية ، قيمة استهلاك التليفون المحمول وخدماته الاضافية !!!!
اعزائي القراء هذه هي ملاحظاتي علي التليفون المحمول – وربنا يجعل كلامي خفيف علي الشركات المنتجة وعليكم – فما هو رأي حضراتكم ؟؟!!! وقبل ان تجيبوا اسألوا انفسكم كم تتكلفون انتم وازواجكم واطفالكم وموظفيكم فواتير شهرية مقابل التليفون المحمول ؟؟ وحاولوا ان تبرروا لي لماذا تشكون من الغلاء في كل مجالات الحياة عدا المحمول ؟؟ ولماذا تقتصدون وتقتصدون في مصاريف حياتكم عدا المحمول ؟؟ واسمحوا لي ان اسألكم في النهاية هل هربتم من خط الفقر الذي تعيشون تحته جبرا وجلستم طواعية وبسعادة تحت خط المحمول ؟؟!!!!
عفوا لن اكمل المقالة الان فقد جائتني مكالمة مهمة علي تليفوني المحمول !!
!
الاحد 9 اكتوبر 2005

" تعليمات الخواجة !!"



تؤمن احدي صديقاتي ايمانا مطلقا راسخا ان الخواجه الابيض - أي خواجه وكل خواجه - هو السبب في كل المشاكل التي عاشها ويعيشها المجتمع المصري منذ ايام احمس والهكسوس و حتي اسرائيل وامريكا ، فرأس الافعي كما تسمي صديقتي الخواجه هو المحتل المهمين المسيطر الغاصب ، احتلنا ثم سرقنا ونهب مواردنا ثم طمس حضارتنا وثقافتنا وهويتنا وغير او يحاول تغيير عقولنا وسخف تقاليدنا وعادتنا وسخر من معتقداتنا وفرض علينا اجندته الفكريه وحدد نوع القضايا التي يتعين عليها ان نؤمن – او لانؤمن - بها ، باختصار هو يكرهنا ويركه لنا الخير وتري صديقتي ان الخواجة يبذل كل مجهوده وبكل الطرق لايذائنا وتكدير حياتنا وسيلة لبقائنا خاضعين لسيطرته وبقاءه مهيمنا علي مقدارتنا وحياتنا .. وتسخر صديقتي من ازدواج المعايير لدي الخواجه فهو يدين الارهاب وهو الارهابي المطلق صاحب القنابل العنقوديه والصواريخ الموجهة وهو يروج للديمقراطية وهو الديكتاتور – علي ابناء جلدته والاخرين – وهو الذي يري القشه في عين صدام حسين ولايري الشجرة في عين شارون ، وهو الذي يستأسد علينا العرب و المسلمين والافارقة ويدفن رأسه في رمال كوريا ويحني رأسه او يقطعها في مواجهه الصين!!! وتضع صديقتي حدا فاصلا بينها وبين الاخرين معياره الوحيد قدر الاقتراب او الابتعاد من تلك المنظومه الفكرية وهو معيارصارم كلفها صداقه الكثيرين وتسبب في ايقاع القطيعة بينها وبين اناس اكثر ، فصديقتي لاتعتبر ذلك مجرد وجهه نظر نقبلها اولا نقبلها ، نختلف فيها او حولها ، بل تعتبرها قضيه وطنيه اساسية فمن يوافقها هم الوطنيين الشرفاء ومن يعارضها هم الخونه العملاء اعداء الوطن!!! وقد عاهدت نفسي منذ عرفت هذه الصديقه بكل ما فيها من جمال انساني وصدق وحماس ندر وجوده في هذه الايام اليائسة البائسة الا اعارضها فتخرج " دبابيرها من العش" واكتفيت دائما بابداء الملاحظات النقديه لوجهه نظرها في هذا الامر او ذاك او اعلان عدم الموافقة علي كلامها دون محاوله تغيير وجهه نظرها او تبديل موقفها وقد قبلت مني هذا المسلك علي مضض فاستمرت صداقتنا طويلا والحمد لله .. لكنها فاجئتني منذ يومين بحديث لم اقوي علي الصمت امامه او قبوله او تجاوزه ، فعارضتها بشده واحتددنا علي بعضنا البعض واشتبكنا اشتباكا ساخنا كاد ان يعصف بعلاقتنا القوية ، لولا صمتها المفاجيء ورفضها الاستمرار في الحديث بقولها " انتي مش شايفة الحقيقة ، مش بتنكريها ، علشان كدة انا حافوتلك المرة دي " وغيرت الحديث وسايرتها وبقيت كل منا علي موقفها !!!
وقد فاتني ان اقول لكم منذ البداية ان صديقتي هذه تعيش في احد اجمل مدن اوربا الغربية واذ مررت عليها اثناء رحلة عمل خارج الوطن ، حتي اصطحبتني للتنزه في شوارع المدينه ، فابديت اعجابي كالعاده بالشوارع الجميلة النظيفة التي نسير فيها وتأسيت متحسرة علي شوارع مدننا وحالها المتردي فاذا بصديقتي تفاجئني بقولها الغريب " طبعا تعليمات الخواجه اوعوا تنضفوا الشوارع !!! " وشرحت لي بنبرات يقينية ان تلك التعليمات مقصود بها احاله حياتنا الي جحيم مستمر هدفه اشاعه اليأس في نفوسنا وصولا الي كسر ارادتنا واخضاعنا المستمر لسيطره الخواجه وهيمنته!!! وقتها لم اقوي علي الصمت او قبول ما تقوله وسخرت منها " للدرجة دي الخواجه مهتم بالزبالة بتاعتنا " فاجابتني بمنتهي الجدية ان مشكلة النظافة ورفع القمامه صارت مشكلة مزمنه في مصر بخلاف بقية دول العالم التي تجاوزت ذلك وحلته منذ سنوات طويلة بل وقامت بتجميل المدن والشوارع واشاعت البهجة في حياة مواطنيها .. وسألتي بتحدي " انهي دوله في العالم عندنا مشكله زباله زينا كده ؟؟ " وقبل ان اجيب اكملت بحدة " اوعي تصدقي الكلام اللي بيتقال ان شعبنا مش نضيف او متعود علي وجود الزباله في حياته ، هما اللي قصدوا يكرهونا في عيشتنا بالقرف اللي بنشوفه حوالينا طول الوقت لغايه مانسينا انه قرف !!!" واسهبت لاتنتظر مني ردا " اشمعني احنا بس عن دون دول العالم مش عارفين نشيل الزبالة ومحتاسين فيها ، الاول قالوا الزبال ابو حمار وعربيه كارو مش نافع، جابوا شركات اجنبي وخوجاتي تلم الزباله ، وبدل الزباله ما تتشال من الشوارع علي ايد الشركات الاجنبي ، خدوا فلوسنا وسابوا الزباله مكانها تسمم عيشيتنا وتقرفنا ، مش بقولك تعليمات الخواجه !!!!" ولم تسمح لي بمقاطعتها " اوعي تقولي ان السبب في المشكله ان عددنا الكبير ، ده الكلام الكذب اللي بيضحكوا بيه علينا وعلي نفسهم ،احنا اكتر في السكان ولا الصين ، طب ايه اخبار الصين واخبار النضافة في شوارعها " ولوحت لي بذراعيها احتجاجا " بقي الحكومه دي - واللي فاتت واللي قبلها وقبلها - بجلاله قدرها مش عارفة تشيل الزباله من الشوارع ؟؟ مش عارفة تلم الزباله من البيوت بدل مالناس ترميها في الشارع قدامها او قدام الجيران في الحارة اللي وراها ، ليه هي مشكله الذرة ؟؟!! طب بذمتك نتطمن للحكومه دي ازاي؟؟؟يعني انهو اسهل علي الحكومه انها تحارب اسرائيل وتدافع عن الحدود والا انها تلم الزباله من الشوارع وتكنسها وتنضفها وترشها ميه وتزرعها شجر ؟؟؟؟ انهو عايز تخطيط اكثر ومجهود اكثر!!! " ابتسمت وقتها ووافقتها جزئيا "اه كده متفقه معاكي ان موضوع الزباله مش في دماغ الحكومه ، علشان كده الحكومه مابتبذلش مجهود تشيل الزباله من الشوارع ، مش هاممها ، مش فارق معاها ، مشغوله بقضايا تانية اهم واكبر !!!" لم يعجبها حديثي ولم تتفق معي " وهو شيل الزبالة وتنضيف البلد محتاج مجهود قوي للدرجة دي ؟؟ بلاش كلام فاضي ، بقي احنا بننيا الهرم وحفرنا قناه السويس ومش عارفين نلم شويه زباله من الشوارع ، دي عملية مقصودة ، الخواجه عايز كده ، دي تعليمات الخواجة ، افهموا بقي !!! " لكني لم افهم !!!
وبعد ان تركت صديقتي انفردت بنفسي وفكرت في حديثها طويلا في مضمونه ومغزاه ، لم اقبل منه نظريه المؤامرة الاجنبية والتعليمات المقصودة التي يميلها الخواجة علي حكامنا وحكومتنا والتي تستهدف " ايذائنا بالقمامة " !!! لكني وافقتها في غضبها من وجود مشكله القمامه في حياتنا سنوات طويله دون حل وانتهيت بعد تفكير طويل ، الي ان السبب في عدم حل المشكلة او محاوله حلها هو عدم وجودها اصلا !!!!!
بمعني ان الحكومة والاحزاب والقوي الوطنيه ومنظمات المجتمع المدني والنخب المثقفه المهمومه بقضايا الوطن والناس يهتمون اساسا بالقضايا الكبري " الديمقراطية ، حرية تكوين الاحزاب ، تحديد مدد الرئاسة ، توريث الحكم ، الغاء قانون الطورايء " وهي قضايا بالطبع شديدة الاهمية والتأثير في حياة الوطن لكن هذا لايعني عدم وجود قضايا و مشاكل اخري هامة يلزم الانتباه اليها وحلها ومن ضمنها " القمامة " والتي يعتبرها الجميع من ضمن القضايا الصغيرة التافهه التي سوف تحل بعد حل القضايا الكبري او " ان شالله عنها مااتحلت !!!!" والحق انني اعارضهم جميعا ، فحياة المواطنين الذي سيمارسون الديمقراطية ويكونون الاحزاب ويحاسبون الرئيس المنتخب في مدة رئاسته وبعد انتهاءها ، حياة بائسة محبطه – لعشرات الاسباب – وعلي رأسها اعتيادهم وتعايشهم وقبولهم وتقبلهم لوجود القمامة في حياتهم وامام اعينهم وفي انفوهم وصدورهم دون تذمر او تمرد او حتي احتجاج !!! لقد عشنا منذ سنوات طويله - وحتي الان - نعاني مشكلة القمامة و لايكترث بنا او بمعاناتنا احد ، الا تعانوا مثلي من انتشار القمامه في كل احياء مدينتنا ، الا تتأذون مثلي من رائحه القمامة ومنظرها ، الا تتقززوا مثلي من الذباب الراقد علي تلالها ، الا تتمنون مثلي مدينه نظيفة تزينها الاشجار المقلمة والورود الملونه ، الا تحلمون مثلي بيوم نخرج فيه من منازلنا فنسير في شوارع نظيفة مزينة لها رائحه عطرة تنتشر في نفوسنا فنحب حياتنا ونجيد اعمالنا ونعود الي منازلنا في اخر اليوم سعداء راضين !!! الحق انني لاانتظر اجابتكم بل اعرفها جيدا ، لذا فأنني وبسبب غضبنا من تلك المشكلة وفي مواجهه التجاهل العام لها ، اتطرف الي حد مشكلة القمامة واحدة من ضمن القضايا القومية الكبري وتأتي في ترتيب متقدم بينها ، يلزم الانتباه اليها والاعتراف بوجودها والسعي الدؤوب لحلها واطالب الحكومه – أي حكومه وكل حكومه - ان تبذل اقصي جهدها للاهتمام بتلك القضيه القومية الكبري ، قضية رفع القمامة من شوارع مدينتنا واشاعه الجمال والبهجه فيها واخص بمناشدتي هذه حكومه الدكتور "نظيف " واتصور ان الاهتمام بتلك القضيه واعطاءها الجهد اللازم سوف يغير الامر ويحل تلك المشكلة ويرحمنا من شرورها وقبحها و" قرفها " وقتها سيأتي يوما نكون فيه مثل بقيه الناس في كل الدول بلادنا نظيفة وشوارعنا نظيفة وحياتنا جميلة لنتفرغ وقتها لحل بقيه المشاكل القومية الكبري ، سافكر جديا في حديث صديقتي بأن الامر كله " تعليمات الخواجة !!!" ..

الاحد 28 سبتمبر 2005
بعد اذنكم - اهدي هذه المقاله لجميلة !!!!

" شهر الاحزان "

الي حلمي وبكر وكل الاحباء ......
.. كفانا رحيلا !!!



تبدأ الخطوات الاولي لرحله الحياة بآلام عنيفه تدفع الجنين الصغير دفعا مؤلما للعيش فيها ، فالصغير المسكين وبعد سكون واستقرار في مكمنه الدافيء منذ لحظه خليقته الاولي يطرد للحياة من مستقره الهاديء تحاصره انقبضات الرحم كمثل زلازل عنيفة تقلب كيانه لتغمره سوائل الرحم كفيضانات تسونامي وتقبض علي رأسه الالات الحديدية الباردة الحاده ليخرج للدنيا طريدا من رحم امه مرتعبا مما يواجهه وسيواجهه تدوي صراخاته عالية دليل علي بداية رحلة حياته ، التي ينمو فيها ويكبر ويعيش بقدر ما يعيش ويواجه ما يواجه من افراح واحزان ونجاحات واخفاقات ويقابل من يقابل من اناس اخيار واشرار ويحب ويكره ويتألم ويستمتع ليخط – مثلنا جميعا - علي صفحه حياتنا الخالية الناصعه خطوطنا الذاتية قصص صغيرة وسيرة ذاتية نسيج خيوطها ما فعلته ايدينا في انفسنا وفي الاخرين ، فاذا ماوجبت لحظة الرحيل من هذه الدنيا وآن آوانها وارتاح البدن من شقاء الحياة وانهاكها وفرت الروح الي خالقها ورحابة ملكوته ، لايبقي منا ومنكم وقتها والي الابد الا تلك القصص وتلك السير كذكريات يحتفظ بها الناس في قلوبهم وعقولهم عن الراحلين ويتذكرونهم اما فخرا او خزيا والعياذ بالله .. واذ كانت الفرحه عنوان بداية الرحلة والزغاريد موسيقاها التصويرية ، فأن الحزن هو عنوان نهايتها والنحيب والعويل هما موسيقاها الجنائزية الاخيرة ، وما بين هذا وذاك يعيش الانسان عمرا قصيرا مهما طال يصيغ فيه – بقصد او بغير قصد - قصصه التي ستخلفه وستبقي كأثر وشاهد علي وجوده – الذي انتهي - في الحياة ..
واليوم ونحن في سبتمبر " شهرالاحزان " فلتسمحوا لي ان اقص عليكم قصص شخصين – كانا وسيبقيا – محببين الي قلبي الملتاع لفقدهما ، شخصين جمع بينهما عشق الحياة التي عبراها بسرعة فائقة كالشهب البراق في السماء ورحلا عن دنيانا وتركانا نغرق في احزاننا لتبقي قصصهما في سماء حياتنا نجوما متألقة تشع بريقا ولو بعد مليون سنه ضوئية !!! شخصين من حرم من معرفتهما قد خسر كثيرا ، ومن عرفهما ثم حرم منهما خسر اكثر واكثر !!!!
اولهما كان حلمي المصري صديقي ، انسان جميل منحه الله موهبه التعامل مع الحياة التي احبها ومنحه اغلي ما فيها الحب الصادق للبشر كنزا ثمينا حافظ عليه واعتز به حتي لحظاته الاخيرة .. كان رجل المشاعر المرهفة الصادقة في زمن سادته البلادة والقسوة ، يحب البشر الحقيقيين الصادقين ويمنحهم – دون طلب او رجاء- صداقته وحبه اغلي ما يملك في الحياة ويفيض عليهم من مشاعره الصادقة الرقيقة باخلاص نادر في زمن قاسي اناني صعب ، فهو اليد الحانية اذا ما هاجمك الحزن ، وهو اليد القوية اذا ما هزمك الوهن ، وهو اليد التي تعبر بك طرق الحياة وتسير معك في سبلها اذا مااشتدت عليك التوهة ، هو الناصح الذي تحتاجه وقت المحن تسمع منه الحديث الذي كنت تتمني سماعه يفيض عليك به بانسانية حساسة ويخرج بك من جب الازمة بطريقة ناجعه لاتعرف سرها وقوده في ذلك انه فعلا يحبك ويحبك !! كان انسان جميل لاتبحث عنه بل تجده بقربك وقت الاحتياج ، تجد دموعه تسبق دموعك وقت الالم وقهقات ضحكاته تدوي حولك تحتفل بفرحتك وقت السعادة ، كان انسان جميل اتسعت احضانه لمشاعرنا كلها فبكينا علي صدره حزنا وفرحا حتي بكيناه الما مريرا موجعا وقت اختطفه سبتمبر البارد الرمادي منا وتركنا نعيش وحدة موحشة لافكاك منها .. لماذا ياسبتمبر ضننت علينا بحلمي واختطفته فجأ والقيت بنا في سراديب حزنك العميقة وتركتنا دونه دامعين العين كسيري القلب والنفس ..؟؟
وثانيهما بكر زيتون الانسان الجاد في زمن هزلي ، الحقيقي في زمن الزيف ، الصادق في زمن الكذب والرياء ، القوي في وقت الضعف المتعمد وسيلة للعيش المهين ، هو الانسان العاقل القابض علي بوصلة طريقه الشائك كجمر من نار ، هو الاخ الاكبر لمئات البشر - دورا اختاره لنفسه فاحببناه فيه واحبباه بسببه - يهبهم قلبه يستدفئون بحنينه ويمد لهم ساعده يرتكنون عليه ويعطيهم نصيحته ومشورته العاقلة المخلصة منارة تهديهم للطريق الصحيح ، هو الاخ الاكبر يمنحك اذنه العاقلة وقبلها قلبه وكل اهتمامه وقت يشعر انك – وبغير افصاح منك – تحتاج اليه ، يمد لك يده القوية تنتشلك من عثراتك ويعينك علي استئناف طريقك الصحيح ولو كرها عنك ، هو رجل لايقبل انصاف الحلول ولا يرضي بالوقوف في منتصف الطرق لا لنفسه ولا للاخرين ، رجل حاسم بطريقة حانية ايجابية يعي اهمية دوره في حياة البشر يساعدهم بالنصيحه الحقيقية الفعالة ويقودهم بحزم وثقة في مسار حياتهم الي بر الامان ولو تطلب ذلك منه بعض القسوة موقنا ان الامتنان والتقدير لدوره الفعال – مهما تراخي او تواري - هو مكافأته الثمينة وجائزة جهده الصادق .. كان رجلا محبا للحياة بطريقته الايجابية مؤمنا ان وجوده في الحياة ليس عبثا مجرد اياما يقضيها مهما كثرت ويرحل ، بل قيمة وجوده في منفعة الناس بالتأثير في حياتهم بارشادهم الي صواب الامور ، وكان دورا صعبا مارسه – حتي لحظات حياته الاخيرة - بكل اقتدار وكفاءة فترك بصماته القوية – بعد ان اختطفه سبتمبر الغادر منا - علي حياه الناس من روحه ونفسه وافكاره واخلاص قلبه ورجاحه عقله طريقا واضح المعالم يقودنا في النهايه مهما كانت مصاعبه الي صواب الامور .. لماذا ياسبتمبر حرمتنا من حضن الاخ الاكبر بكر وتركتنا تائهين في مفترق الطرق نعاني يتما لن نتجاوزه نبكيه دمعا فياضا لاينضب..؟؟
اه منك ياسبتمبر ، لماذا تحاصرني بحزنك دوما ، لماذا تلعب معي لعبة الالم الموجع تسرق احبائي وتخبئهم في دفتر ايامك الكئيبة وتدفن معهم حنيني وحبي وجزء من نفسي وقلبي ؟؟ لماذا تختلس دوما فرحتي وتقتلع من نفسي طمأنينتها وتترك عليها بصماتك الموجعه طعنات الم لاينتهي ؟؟ لماذا تستجلب دموعي من مآقيها شلالات حارقة تغرق قلبي في مياهها المالحة ؟؟ لماذا تحاصرني براياتك السوداء ؟؟ لماذا تحرص علي كراهيتي لك وانقباضي من قرب بدايتك وتوجسي من كل ايامك ولياليك حتي تنقضي بمرارتها العلقم تبقي في حلقي دوما تذكرني بقسوتك البغيضة.. لماذا لاترأف بي وتنساني فانساك !! اه منك ياسبتمبر واه من الخريف الذي تجلبه معك ، ليت الامر بيدي فمنحتك جمال الربيع وبهجة الصيف ووقار الشتاء وحميميته فأنقذت نفسي واحبائي من رماديتك وجفاف ايامك !!!
كفاك ياسبتمبر وكفانا !!!

الاربعاء 21 سبتمبر 2005
لماذا هذه المقاله - مات صديقي حلمي المصري في ٢٣ سبتمبر ٢٠٠١ ومات صديقي بكر زيتون في ١٩ سبتمبر ٢٠٠٤ فكرهت سبتمبر واحزانه فاكم من بشر يعيشون بلا مكان في قلبي لكن صديقي انتزعا سلخه من قلبي ورحلا .....

الدموع وحدها لاتكفي !!



" الي المبدعين ضحايا محرقة بني سويف"
"رثاء وتضامن "

منذ سنوات بعيدة ، في صباح يوم كئيب غائم طالعتني في احد الصحف اليومية صورة فتاه صغيرة في سنوات عمرها الاولي جميلة تلمع عيناها بالحيوية وحب الحياة والبراءة النقية منشورة في صفحة الوفيات ينعيها ابواها ببقايا قلوبهم المحترقة بكلمات مريرة موجعه تنقل لك – ايها القاريء التعيس - وبسرعه الاسي ولوعة الفقد واليأس من الحياة ، لحظتها اعتصر الحزن قلبي وسكن الهم والغم في نفسي واشفقت علي اسرتها المصابة ودعوت لهم بالصبر ترياقا يشفيهم من شقائهم وناديت علي بناتي مذعورة قليلة الحيلة وقلبي ولساني يتسولون من الغفور الرحيم الرأفة بنا وقت القدر والرأفة بتلك الاسرة المصابة وقت القضاء .. ولم يلبث حزني ان انقلب غضبا هادرا وقت عرفت من صفحة الحودات ان تلك الزهرة الجميلة اختطفت من دنيانا القبيحة البشعه بسبب حادث اهمال مروع قتلها وهي تلهو ببراءة في حمام سباحة احد الفنادق الكبري ، حادث اهمال دفعت تلك الفتاة الصغيرة حياتها القصيرة ثمنا باهظا له شاركتها في دفعه اسرتها المكلومة – التي لا اعرفها – خليط من الشقاء واللوعة والالم المستمر الذي لاينتهي .. يومها وقفت طويلا امام ذلك الحادث لاافهم له معني بل و يرفض عقلي فهم تفسيراته، ولم اطمئن الي الشروح القانونية التي بررت الحادث باعتباره مجرد اهمال أي فعل غير عمدي ناشيء فقط بسبب عدم الاحتراز وعدم الانتباة وعدم مراعاة القوانين واللوائح ، وتمنيت وقتها مثل ملايين المواطنين الذين غمدت صورة تلك الملاك الصغير نصل الالم في قلوبهم ان تتغير القوانين وتشدد العقوبة علي المهملين هؤلاء الذي يقتلون من بيننا اكثر مما يقتل العامدين القاصدين معتادي الاجرام ، بل تمنيت ان تغلظ العقوبة اكثر علي المهملين الذي يغتالون البشر نتيجة اهمالهم في لحظة غير متوقعه وبطريقة غادرة وبشكل مؤلم موجع وكان مبرري ان اهمال المهملين ليس فعلا غير عمدي حدث بطريق المصادفة ، بل هو فعل عمدي تم بشكل قصدي مغلف بالامبالاة والبلادة والجمود ، فكل مهمل – ممن تسببوا في الكوراث الكثيرة المتكررة التي عايشناها - يعرف عمله بجميع تفاصيله ويعرف ما يتعين عليه القيام به في هذا العمل ، ويعرف انه قصر في اداءه ولم يؤديه كما ينبغي ان يؤدي ويعرف ان غير مكترث وغير عابيء بنتيجه ذلك التقصير أي ماكانت ويذهب منزله في نهايه يوم عمله هانيء مرتاح الضمير ينام نوما عميقا خالي البال من اعتياده علي الاهمال واصراره عليه .. فاذا ما وقعت الكارثة – أي كارثة – وبعد ان يموت من يموت ويشوه من يشوه ويعذب من يعذب ويبكي من يبكي وبعد ان يفقد الناس احبائهم وفلذات اكبادهم واحساسهم بالامان والطمأنية وبعد ان يستبد بهم وبنا اليأس ، يخرج علينا – مسئول ما - يلوم المهمل علي اهماله والمقصر علي تقصيره متذكرا في ذلك الوقت فقط ان ذلك المهمل لم يؤدي عمله ولم يقم به ، ويتوعده بالعقاب الجسيم الذي يتمخض في النهايه عن عقوبات ادارية اوعقوبات جنائية رحيمة – بالمهمل القاتل الاثم – بعد ان ينجح محاميه البارع في استجلاب عطف المحكمة عليه لتستعمل الرأفة معه باعتباره مجرد مهمل !!!!! وهي عقوبات تزيد لدي الضحايا واقاربهم ومحبيهم ولدينا حرقة الالم ولوعه الفقد واليأس الرهيب ..
واكم من كوارث وحوداث ومصائب ألمت بنا بسبب المهملين بجرائهم غير العمدية مختلفة الاشكال التي تتفق – في الاغلب - في نتيجه واحده فقط هي الموت فقدا بطرق مختلفة ، الموت بسبب حوادث الطرق السريعة التي يتباري السائقون عليها بقيادة سياراتهم برعونه واهمال وعدم اكتراث بحياة البشر ،والموت هنا اما دهسا بسبب السرعة الجنونية المحظورة والمعاقب عليها او نزفا بسبب الاهمال في معالجة مصابين الطريق او تراخي الاسعاف او عدم وجود اطباء في مستشفيات الطريق ، الموت خنقا تحت انقاض العمارات بسبب اهمال موظفين الاحياء وعدم تنفيذهم لاحكام القانون او بسبب جشع ملاك العقارات وثقل الادوار غير المرخص بها التي لا تتحملها اساسات العقار فتسقط فوق رؤوس قاطنيها ، الموت غرقا بسبب تكدس العبارات والسفن الصغيرة والمراكب وبسبب ثقل الحمولة وغياب ادوات الانقاذ ، الموت حرقا بسبب انعدام ادوات الاطفاء وعدم مراعاة قواعد الامن الصناعي ، الموت صعقا بسبب حدوث ماس كهربائي نتيجة ذوبان الاسلاك الرديئة في الحوائط ، الموت اثناء العمليات الجراحيه بسبب الاهمال في دراسة التاريخ الصحي للمريض او بسبب نسيان احد المعدات الجراحية في جسده او بسبب عدم التأهيل الفني الكافي للطبيب المباشر للعملية ..
وللاسف الشديد تحتفظ ذاكرتنا الكئيبة السوداء بكل تفاصيل حوداث الاهمال التي حاصرتنا وقتلت اخيارنا ومكنت اليأس من نفوسنا ، حادثة العبارة التي غرقت في البحر الاحمر بحجاجها ، وحادثة قطار الصعيد الذي احترق بركابه ، حوادث العقارات التي سقطت فوق رؤوس سكانها ، وحوادث المرضي الذين ماتوا قتلا في غرف العمليات ، حادثة الاطفال الذين صعقوا بالكهرباء وهم يلهون في احد النوادي ، حادثة عمال الصرف الصحي الذين اختنقوا بالغازات السامة ، وحادثة المصافين الغرقي بسبب انعدام ادوات الانقاذ وعماله علي الشواطيء ، حادثة اطفال المدارس الذي انقلب بهم الاتوبيس بسبب رعونه سائقه وحادثة سقوط احد المصاعد في احد العقارات بركابه نتيجه تحلل الحبال ، حادثة السيدة التي دهستها سيارة مسرعة في شارع الهرم وتركت اطفالها ثكالي ،وحادثة سكان عمارة المعادي الذين القوا بانفسهم واطفالهم من سطحها بعد ان استفحلت النيران في العقار وعجز السكان عن النزول نتيجه وجود سلم واحد بالعقار وعدم مراعاة الاصول الهندسية في البناء وغيرهم وغيرهم !!!!
واذ صرخ احمد زكي في فيلمه الجاد المحترم الرائع ضد الحكومه من اخراج الراحل عاطف الطيب الذي مات في عز شبابه وقمه تألقه وابداعه الفني ضحيه الاهمال الطبي " جميعنا فاسدون لا استثني احدا ، جميعنا فاسدون بالصمت العاجز المتواطيء قليل الحيلة" مهيبا بنا جميعا التصدي للاهمال ومحاسبة المتسببين فيه سواء بكشفه او مقاومته او معاقبة مرتكبيه وهو اضعف الايمان !!! فأني اهيب بنفسي واهيب بكم – ونحن نضع انفسنا موضع اسر ضحايا كل حوادث الاهمال التي تبدلت حياتهم وانقلبت رأسا علي عقب فضاعت فرحتهم وسرقت بهجتهم ولون الحزن براياته السوداء كل ايامهم - اهيب بكم الانصات لصرخات احمد زكي وعاطف الطيب ومعها صرخات الضحايا وانين اسرهم ونحيب احبائهم بالتصدي للآهمال وجرائمه وكوارثه تصديا ايجابيا منتجا يتجاوز الاحزان والدموع ..
وهاهي صرختي لكم جميعا ايها السادة المواطنين ، القانونين ، المسئولين في كل موقع وكل مكان ، ان حوداث الاهمال انما نتجت بسبب مسئول او مسئولين تعمدوا – واكررها تعمدوا - عدم اداء اعمالهم وعدم احترام القانون وعدم مراعاة اللوائح وهي جميعها جرائم عمدية قصدية اثمرت كوارث ضخمه يجمع بينهم جميعا الاستهانه بحياة البشر وعدم الاكتراث بقيمتها وهي جرائم لاتستحق الرأفة ولا تخفيف العقاب وقد آن الاوان للمشرع ان ينظر الي تلك الجرائم نظرة جديدة يراعي فيها حقوق الضحايا والمهم وفداحه مصابهم وان يغلظ العقوبات علي مثل تلك الجرائم ضربا بيد من فولاذ علي ايدي هؤلاء المهملين وردعا لهم ونيلا منهم ، بل وحماية لنا من الحزن النهاري اليومي الذي يخيم علينا ونحن نطالع في صفحة الوفيات صور الشباب الجميل الواعد المتفائل الذي فقد حياته بسبب حادث اليم !!!!

الاربعاء 14 سبتمبر 2005


ابيض واسود !!!


خرجت من منزلي يوم الاثنين الماضي متوجهه لقسم الشرطه استفسارا عن مكان اللجنه الانتخابيه التي سأدلي فيها بصوتي ، كان الشارع مزدحما بصنوف مختلفه من البشر ، يسيروا في طريقهم ، يقودوا السيارات ، ينتظروا اشارت المرور ، يقفوا علي الرصيف، ، يركضون في طريقهم لاعمالهم ، عاطلون يتسعكون في الشوارع ، سيدات في طريقها للسوق او عائده منه باحمال ثقيلة ، وقفت لحظة اتأملهم ، ادقق في ملامحهم ، فراعني مارأيت ، اناس يسيرون في مدينه مزدحمة قانونها الفوضي تحت سحب داكنة حجبت عنهم جمال قرص الشمس وزادت من حرارته يحرق جلودهم ، يستظلون بسحب موحشة حجبت عنهم زرقة السماء وتركت لهم بلورة رمادية خانقة ترمي اسمالها علي عقولهم تعطلها ، اناس تحاصرهم اعاصير التراب والعوادم تخنق انفاسهم وتثير اعصابهم وتزيد من غضبهم المكبوت !!! اناسا مثقلين بالهم والغم بطيئة الخطوات فاقده للحماس يرتسم علي وجوههم تكشيرة اخدودية عميقة كأنها وشمت بجمرة نار يطل من عيونهم الزجاجية الغضب البليد تحس خلفها خواء ذهني وتري ببصيرتك مكان قلوبهم احجارا بارده مفتتة انهكها اليأس ووفقدان الامل !!!
وقتها تذكرت فيلما سينمائيا امريكيا شاهدته منذ سنوات بعيدة ملفتا للنظر مثيرا للتفكير ، فيلم احتل وجداني وترك اثره في نفسي منذ شاهدته وحتي الان ، فيلم نفذ ببراعة وحرفية عالية وبذل ممثليه جهدا خارقا في التعبير عن موضوعه تحت قيادة مخرج – لااعرف اسمه للاسف - صاحب وجهة نظر متميزة ورؤية خاصه جدا تحدث في فيلمه عن مدينة لاتعرف العواطف ، لاتعرف الحب او الحنان ، ولايعرف قاطنيها المشاعر اوالاحاسيس ، مدينه تعيش حرمانا موجعا لاتدرك وجوده ولاتعرف سببه ، مدينه اناسها عمليين جدا يعيشون حياتهم يتكاثرون ويعملون ويتقابلون تحت سحابه البرود والجمود والجفاف لايعرفون الحب بل يرفضونه ولايقبلوا التعايش معه ويحذروا الناس من شره،وقصد المخرج من فيلمه الدفاع عن الحب والحنان وادانه ذلك الجفاف ورفض ذلك البرود واثرهما علي الناس وحياتهم ففرض علي المتفرجين مناخا قاتما كريها طوال عرض الفيلم ، فمنع الممثلين في الفيلم من الابتسام وحفر علي وجوههم " تكشيرة" غائرة راسخة يظنوها جدية لكنها مريرة موجعه ولم يكتفي المخرج بهذا بل صور فيلمه " ابيض واسود" وحرم مدينته وقاطنيها – عمدا - من الالوان وترك متفرجيه – الحانقين علي ما يرونه - يختنقون من البرود والرمادية والجفاف عدا لقطته الاخيرة التي تمرد فيها شاب وفتا ة علي ذلك الجفاف السائد في مدينتهم واحبا بعضهما وخالفا التقاليد الخانقة والاعراف البالية والقانون الجائر، فاذا بالمخرج ينتصر لهما ويظهرهما علي الشاشة محبين عاشقين ليس فقط لبعضهما بل ولبقية الناس ، فنري وجوههم باسمة متألقة بالوان الحب ليختصهم – دون بقية سكان المدينة - بالوان الطبيعه الجميله كزهرتين موردتين في صحراء قاحلة ، والادهي ان المخرج وعبر حوارا حساس متميز نشر عدوي الحب بين اهل المدينة فسطعت الشاشة بالالوان ومعها نفوسنا وانتهي الفيلم !!!!
لماذا تذكرت هذا الفيلم وقت رأيت الوجوه العابسة التي تسير في شوارع مدينتنا في اللحظات الاولي للصباح لاتشعر بجماله ؟؟ لماذا احسست وقت شاهدتهم بنفس الحصار الذي خنقني وقت شاهدت الفيلم ؟؟ لماذا تسارعت دقات قلبي غضبا وحزنا بنفس الايقاع الحزين المضطرب الذي عايشته في الفيلم؟؟ لماذا ؟؟؟ لماذا ؟؟؟
ها انا اسأل نفسي واسألكم هل تعيش مدينتنا جفافا وبرودة وانعدام مشاعر واحاسيس ؟؟ هل تعيش مدينتنا حرمانا لعينا يخنق قاطنيها ويحرمهم من البهجة والفرح ؟؟ هل يعيش قاطنيها حياة لامعني لها يتكاثرون ويعملون لكنهم لايشعرون لحياتهم باي معني او أي قيمة ؟؟ هل نحن سكان مدينة الفيلم السينمائي ثقيلة الظل الفاقدين للاحساس بالحياة ذاتها ؟؟..
واذا كنا نحن سكان هذه المدينة ، فها انا اسألكم من قادنا لهذا المصير الموحش ومن اعتقلنا فيه ؟؟؟ من حفر اخدود همنا واوقعنا فيه ؟؟ من نصب لنا شراك اليأس وحاصرنا فيها ؟؟ ها انا اسألكم مالذي افقدنا الامل ومكن منا اليأس ؟؟ من الذي سرق من عيوننا بهجة الايام التي نحياها ؟؟ من الذي سرق من قلوبنا نبضاتها الحية واستبدلها بايقاع القنابل الموقوتة الكريهة ؟؟ من الذي زرع نفوسنا بشوك الصبار فاثمرت بلادة مزمنة قتلت براعم الحب والحنان والحنين وكل الاحاسيس الجميلة ؟؟ من الذي قيدنا في ساقية الحياة واغمض عيوننا وقلوبنا فدرنا ودرنا حتي نسينا انفسنا وحياتنا وتهنا ومازلنا تائهين ؟؟!!! من الذي سرق الالوان من مدينتنا وتركنا جمادا ساكنا غارقا في الرمادية لايشعر ولا يحس ؟؟!!!
هل هم الذين لوثوا نهر النيل بمخلفات صناعاتهم الرديئة حتي عافته انفس الاحبة وغضب منه مؤلفي الاغاني ؟؟ هل هم الذين القوا بقاذوراتهم في البحر تأكل الوانه الاردوازية ليفر منه الاسماك والمصطافين وفيروز الشطآن ؟؟ هل هم الذين قطعوا الاشجار وتركونا نتنفس العوادم والغازات السامة ؟؟ هل هم الذين حصارونا بالكتل الاسمنتية القبيحة مباني صماء عارية من الجمال يتكدس علي اسطحها المخلفات القديمة الكئيبة ؟؟ هل هم الذين اهدونا السحابه السوداء عادة سنوية لا تندثر تثير الحساسية في صدورنا فتمرضنا ؟؟ هل هم الذين الذي كدسوا التلاميذ الصغار في الفصول الضيقة ليختنقوا ازدحاما فتغيب عقولهم ويضيع مستقبلنا جميعا ؟؟ هل الذين اطلقوا وحش الغلاء من مكمنه ليلتهم دخولنا الضئيلة ومعها احلامنا في العيش الكريم ؟؟ هل هم الذين علمونا فلم يعلمونا ، وتركونا في بحار البطالة غارقين بلا امل في النجاة ؟؟؟ هل هم الذين اخرجونا من ديارنا للبلاد الغريبة الميتة بحثا عن رزقا مهينا لايسد جوعا ؟؟ هل هم الذين اطلقوا في سماءنا الجراد احتلها واحتل نفوسنا تقززا ؟؟ هل هم الذين حرمونا من فاكهة الصيف بمبيداتهم المسرطنه فقضينا صيفا شتويا خاليا من متعته ؟؟ هل هم الذين اضاعوا كرامتنا قهرا وامتهانا وزرعوا في نفوسنا الرعب من الحكومة والعفاريت و" البعبع" ؟؟!!! هل هم الذين سقونا طعم الذل فتجرعناه ادمانا حتي الثمالة؟؟
لقد عدت ولم اكمل مشواري ولن اعطي صوتي الانتخابي لاحد ؟؟ فلم يقل أي من المرشحين في وعوده الانتخابية انه سيعيد الالوان الي مدينتنا وسيعيد البسمة الي مواطنيها !!!!
الاربعاء 7 سبتمبر 2005
معلومات لها علاقه بالمقاله المنشوره - الانتخابات التي تتحدث عنها المقاله هي الانتخابات الرئاسيه بعد تعديل الماده ٧٩ من الدستور المصري والتي اتاحت ولاول مره تعدد المرشحين الرئاسيين - وكان المجتمع وقتها في حاله صخب سياسي بسبب قيام الناخبين ولاول مره بالاختيار بين اكثر من مرشح لمنصب رئيس الجمهوريه ... وكانت الاحزاب المعارضه والجماعات السياسيه قد اعترضت علي التعديلات التي ادخلت علي تلك الماده باعتبارها وضعت قيودا كثيره علي امكانيه التقدم للترشيح تكاد تفرغ الماده المذكوره من مضمونها ...

الغضب نوما !!!!



منذ سنوات طويلة بعيدة كتب الاديب الفنان المبدع يوسف ادريس في احد روائعه القصيرة عن مواطن نام طويلا لا يستيقظ الا ليسأل " الدنيا اتغيرت ؟؟ " فأن اجابوه نفيا نام ثانية اياما او شهورا او سنوات ليستيقظ ويسأل ذات السؤال فأن تكررت الاجابة بالنفي عاد للنوم الطويل منتظرا ان يغير غيره الدنيا مكتفيا هو بتمني العيش في الحياة الجديدة التي لا يعرفها الا في احلامه !!! واختتم يوسف ادريس قصته الموجعه بموت البطل المنتظر دفنا في مرتبه السرير التي تحورت من كثرة الرقاد والانتظار والسلبية لتصبح قبره وقدره ومآل نومه !!!!
والحق ان يوسف ادريس فيما كتبه في تلك القصة كان صاحب بصيرة نافذة يستشرق المستقبل بل ويصف حالنا اليوم – انا وانتم - نحن الذين غلبنا النوم وسرق حيويتنا وايام عمرنا وشبابنا ، نحن النائمين المنشغلين باهتمام وهمي بالدنيا التي لا تتغير ، المنتظرين تغيرها بجهد الاخرين ، المترقبين التغيير القادم بعقول مغيبة خدرها طول السبات!!
كان يوسف ادريس ينتقدنا – انا وانتم - ويصرخ بصوت عالي افيقوا من سباتكم قبل ان يدرككم الموت وتظل الدنيا علي حالها لا تتغير ، لكننا لم نسمع صرخته فلم نفيق ولم نموت وبقينا نائمين مستمتعين بخدر النوم وغفوة الوعي هاربين من كوابيس الواقع الي حلاوة الاحلام عازفين عن المشاركة وبذل الجهد ودفع الثمن نبررلانفسنا البقاء في الغيبوبة المستمرة بأن الدنيا لم تتغير بل ونؤكد لذواتنا بأننا سوف نستيقظ والي الابد فور تغير الدنيا لنشارك فيها بكل طاقتنا المعطله المهدره.. وخلال نومنا العميق واثناء انتظارنا للتغيير الذي سيهبط علينا من السماء استيقظنا لحظات قصيرة انتقدنا فيها رئيس الجمهورية وسياساته وانتقدنا الحكومه ووزرائها ، وانتقدنا الاحزاب وقيادتها وبرامجها وانتقدنا الفساد والمحسوبية والمجامله المشبوهه والمتسببين فيهم وشكونا من انعدام الكفاءة وسوء الادارة وعشوائية التخطيط ، وضياع الحقوق وموت الضمائر وتراخي العدالة وانهيار الاخلاق ، بل وتجرأنا في بعض اللحظات وهمسنا كفايه مع المتظاهرين علي شاشات التلفزيون وانفعلنا بشعاراتهم الرافضة رغم انهم لم يقولوا ماذا بعد الكفاية؟؟؟ ثم عدنا للنوم مغيبين ساخطين لا تعجبنا الدنيا ننتقد احوالها ونصرخ في جلساتنا الخاصه بعيوبها ونصف مشاكلها ونتشاجر بحدة وقسوة مع انفسنا ومع بعضنا البعض حول عيوبنا وعجزنا وقصورنا وتقصيرنا وفي النهايه بعد الشجار والصراخ والبكاء وجلد الذات ونقد الاخرين والدعاء لله بفك الغمة ورفع الهم لانفعل شيئا ونعود للنوم العميق مرتاحين الضمير ننتظر تغير الدنيا!!!
" وافقنا ليت ان لانفيق " علي التعديلات التي لحقت بالمادة 76 من الدستور وما تضمنته من فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية من بين المواطنين ورؤساء الاحزاب ، افقنا من نومنا الطويل استعدادا للدنيا التي سوف تتغير نتصور انفسنا وهما قادرين علي المشاركة في هذا التغيير – علي الرغم من كل القيود والمعوقات الوارده في ذات المادة – نحلم بالمستقبل بين ايدينا ، نتمني صنعه بارادتنا وعن طريق اصواتنا ومن خلال صناديق الانتخاب باختيار المرشح الذي يعبر عنا وعن احلامنا !! افقنا علي المتقدمين للترشيح لرئاسه الجمهورية شخصيات لا نعرفها واحزاب لم نسمع عنها وبرامج لاتعبر عن مصالحنا بعضها طموح جدا وبعضها متواضع للغاية وجميعها غريبة !!!! افقنا غاضبين من المرشحين الذين لا يعبرون عنا وكأن ذنبهم اننا لانرضي عنهم ولاعن غيرهم ولانعرف ماذا يرضينا!!! افقنا ساخرين من المرشحين ومن برامجهم الانتخابية والحزبية وكأن خطيئتهم انهم لم يقولوا ما نتمناه رغم عجزنا عن تحديد مانرغب فيه وما يحقق مصالحنا ، افقنا لانحمل بطاقات انتخاب توصل ارادتنا الي الصناديق ثم الي المستقبل المنتظر !!! افقنا من السبات العميق علي حاله حيرة واغتراب ، لانفهم ما يقوله المرشحين ولانقبله ، لانعرفهم ولانرفضهم ، لانحسهم منا ولانحس انفسنا منهم ، افقنا علي حالة فراغ وخواء واغتراب رغم كل الضجيج والصخب الاعلامي والسياسي الذي يحيط بنا !!! افقنا علي حقيقة حالنا غارقين في الفراغ مهمشين لانفسنا غير مستعدين للمستقبل !!!
ولو ان يوسف ادريس مازال حيا لكتب بنصل قلمه الرشيق وبمناسبة مايجري هذه الايام جزءا ثانيا من قصته القصيرة ، سخر فيه منا نحن النائمون اهل الكهف المتخطبون في عجزنا وقله حيلتنا والمتعثرون في حيرتنا ، لصرخ في اذاننا الصماء من كثرة النوم وعمق الغيبوبة ايها الغاضبون بغير حق اغضبوا من انفسكم ، افيقوا افيقوا وانتفضوا من مراقدكم الرخوة قبل ان يمر باقي العمر ويضيع الحاضر وتنعدم فرصتكم في المستقبل، افيقوا من النوم والخدر والغــــــــفلة وانتبهوا ليومكم حرصا علي غدكم ، تفاعلوا وشاركوا واسعوا لتغيير الدنيا بافعالكم الايجابية ولا تنتظروا وانتم نيام انصاف موتي معجزات التغيير القادم تأتي كما تشتهون ، فلن تأتي !!! بل وختم الجزء الثاني من قصته ببطله المواطن يتحرك ببطء من مرقده يتثائب يتخلل عقله بدايات اليقظة تحريضا منه لنا جميعا علي الاستيقاظ واليقظة !!!
لكن يوسف ادريس رحل عنا قبل هذا الزمن بزمان وبقينا نحن ننام ونصحو نسأل " هل تغيرت الدنيا " ثم ننام ونصحو لننام ثانية .. ألم يحن الحين لنسمع صرخته وننتبه لصوته " افيقوا افيقوا افيقوا وانفضوا عنكم بقايا النوم والكسل واغسلوا وجوهكم بمياة باردة واستعدوا للدورة الانتخابية الرئاسية القادمة بالمشاركة الفعالة وبذل الجهد وتحديد البرامج وتجهيز المرشحين والاحتكاك بالناس وسماع شكواهم وتقديم الحلول لهم ، افيقوا واستعدوا للمستقبل واسعووا الي تغييرالدنيا بيقظتكم وانتباهكم حتي اذا مامرت السنوات السته القادمة وفتح باب الترشيح لانتخابات رئاسه الجمهورية مرة ثانية تكونوا مستعدين لصناعه المستقبل الذي تحلمون به وقادرين علي المشاركة في تغيير الدنيا التي تحلمون بها !!! الم يحن الحين لنسمع صرخته " افيقوا افيقوا !!!! " ...

الاربعاء ٣٠ اغسطس ٢٠٠٥



هوده وقته ؟؟!!!


بمناسبه انتخابات رئاسه الجمهورية القادمة وتوضيحا من المرشحين لهذا المنصب لرؤاهم وبرامجهم الانتخابية واحلامهم بشأن الوطن ومستقبله ، فتح ولاول مرة منذ سنوات طويلة ملف التعديل والتغيير الدستوري وتراوحت الاراء المعلنه المنشورة والمذاعه مابين تعديل المواد القانونية المتعلقه بممارسة الحقوق السياسية وعمل مجلسي الشعب والشوري ومابين ازالة التناقضات الظاهرة الموجوده في نصوص الدستور - بينها وبين الواقع الحالي - بشأن نظام الحكم الاشتراكي وقياده القطاع العام للاقتصاد الوطني ونظام الحكم اشتراكي يقوم تحالف قوي الشعب العاملة فضلا عن تعديل المواد المتعلقه بمده ولايه الرئيس المنتخب وصلاحياته بل ونشرت مجله صباح الخير في عددها الاخير " 16/ 8/ 2005 " تحقيقا بعنوان " الدستور الذي نحلم به " اوردت فيه من ضمن ما اوردت ضرورة استحداث نصوص بشأن انتخاب نائب لرئيس الجمهورية و الاستقلال الكامل للقضاء والغاء مجانيه التعليم والغاء السلطات الاستثنائيه للرئيس ..
وعلي الرغم من اهميه كل ما قيل بشأن التعديلات الدستورية المقترحة وبغض النظر عن رأينا فيها او موقفنا منها قبولا او رفضا وفضلا عن وجود نصوص دستورية اخري هامة يلزم النظر فيها وتعديلها ، الا انني احس نقصا واضحا في التعديلات الدستورية المقترحه وقضيه غائبة لم يتطرق لها او يشير اليها أي من المرشحين الا وهي ضرورة استحداث نص دستوري يؤكد علي المساواة القانونية الكاملة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات ، في الاعباء والمميزات ، بل ويوضح بشكل صريح حق المرأة في تولي جميع الوظائف في جميع الجهات والهيئات والمؤسسات العامه والخاصه المصرية والاجنبية بل وفتح باب التدرج الوظيفي امامها لشغل المناصب القياديه في جميع المهن دون قيود اوعقبات بل والنص الصريح علي ضرورة العمل الجاد علي انهاء والغاء كافه اشكال العقبات الواقعيه التي تعرقل مسيرة المرأة نحو المساواة الواقعيه الكامله فضلا عن ضرورة العمل الجاد علي ازالة كافه اشكال التمييز ضد المرأة في القوانين واللوائح اتفاقا وانسجاما مع كافه المواثيق الدولية والاتفاقيات التي وقعت عليها مصر واصبحت بعد التصديق عليها جزء من النسيج الدستوري والقانوني الملزم للدولة وجميع مؤسساتها بل انني اري ضرورة النص في الدستور علي الاحاله للقوانين المختلفه لوضع عقاب قانوني علي مخالفه ذلك النص الدستوري او عرقله تنفيذه باي شكل من الاشكال !!!
ولايصلح ضحدا لمطلبي هذا الاشارة الي نص الماده 40 من الدستور التي تشير الي تساوي المواطنون امام القانون لاتمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل --- الي اخره باعتبارها كافيه وبديل عن اقتراحي السابق ، فهذا النص الدستوري عام ومطلق وغير كافي ، فضلا عن عدم الالتزام بذلك النص الدستوري من المشرع القانوني لعقود طويلة باصداره العديد من التشريعات التي تميز بين وضع المرأة والرجل في المجتمع وتفرق في احكامها بينهما علي حساب المرأة فضلا عن التمييز الواقعي الحاصل وقت تطبيق القوانين الحالية وهو التمييز المخالف للدستور ولمادته سالفة الذكر !!!!! حيث لم تنجح الماده 40 علي منع ذلك التمييز او تقليصه او الحيلولة دون حدوثه..
ايضا لايصلح للنيل من حديثي ، ما قد يثار من اعتراضات علي الاسهاب في النص المقترح مني او احتواءه علي تفصيلات لاتصلح من وجهه نظر شيوخ القانوني الدستوري للنص عليها في متن الدستور ، فقد اقتدينا في مطلبنا والتفاصيل التي نهدف النص عليها في التعديل المقترح ، بالمنهج الدستوري الجديد الذي قبل بل وبارك التعديلات التي صدرت فعلا بالماده 76 من الدستور التي اسهبت واسهبت وشرحت ووضحت ونظمت فلم تترك مجالا للتفسير او الغموض او اللبس ..
ان الدستور الذي نحلم به منظما لعقد اجتماعي جديد ينظم مستقبل الوطن ومستقبل ابناءه وبناته يجب ان يشير بوضوح وقوة الي موقفه من المرأة وقضاياها ووجودها ، هل يستهدفها مواطنا فاعلا منتجا له قيمة يشارك وبحق في تنمية الوطن وصناعه مستقبله ام يستهدفها مواطنا مهمشا خانعا خاضعا لسيطرة وسطوة الاعراف والتفسيرات الدينيه الضيقة والقيم الموروثة بما يؤدي اليه من ذلك تعطيل امكانيتها وعرقله وتقليص دورها المجتمعي ، فبغير تحديد ذلك الموقف والانحياز الي المساواة الحقيقية الكامله بين الرجل والمرأة سيبقي الحلم ناقصا والكابوس جاسما فوق الصدوركاتما للانفاس معوقا لنصف المجتمع عن اداءه دوره الايجابي الفاعل ، ونحن نطالب أي رئيس جمهورية قادم بتنبي تلك الاضافة الدستورية الايجابية بصرف النظر عن برنامجه السياسي ورؤيته المستقبلية وبصرف النظر عن وجهه نظرنا في ذلك او موقفنا منه ، فالمساواة القانونية الكامله بين الرجل والمرأة ، انما واقع يحتاجه المجتمع في ظل أي وضع سياسي او اقتصادي حالي او مستقبلي ..
واخيرا لايبقي لي الا التعقيب علي كلمات الاستهجان التي اسمعها قد تأتي من بعض القراء سيما هؤلاء الذين يهتمون بالقضايا الكبري فقط ويعتبرون ان ما اطرحه انما قضيه فرعيه صغيرة تحل بشكل ذاتي وتلقائي وقت حل جميع القضايا الكبري التي يهتمون هم بها فقط !!!! بل واسمعهم يستنكرون حديثي " هو ده وقته ؟؟!!!!" باعتبار ان لامجال لاثارة مثل تلك القضايا الصغري في الوقت العصيب الذي لايسمح الا باثارة القضايا القومية الكبري ..
" ايوة وقته !! " فمن حقنا نحن النساء ان نقول مطلبنا هذا بشكل واضح وصريح في كل وقت واي وقت بل وندافع عنه في كل وقت واي وقت ولايعني هذا اننا لانهتم بما يحدث في الوطن الان او نشارك فيه علي العكس فنحن نشارك فيه بطريقتنا ووفقا لاولوياتنا ، مستهدفين المستقبل الافضل للوطن ونحن فيه فاعلات ايجابيات فهذا من وجهه نظرنا افضل لنا جميعا نساء ورجال بل هو الافضل للوطن...

الاربعاء 24 اغسطس 2005


"" حلم الصبا و...... نبوءة ابي ""

حينما ظهرت نتيجه مكتب التنسيق انهمرت دموعي حزنا لضياع الحلم فاحتضنني ابي بحنان وهمس في اذني "ماتزعليش ، انت حتبقي محامية شاطرة والمحاماة حتصقل خبرتك في الدنيا وساعتها تقدري تكتبي في أي حته انت عايزاها وبكره تفتكري في يوم من الايام حتكتبي في روز اليوسف !!! " ولم اخذ حديثه وقتها علي محمل الجد واعتبرته مجرد حديث عاطفي - لتبديد حزني - لن يتحقق!!!
والحكايه بدأت منذ التحقت بالمرحله الثانوية واخترت القسم الادبي وقتها لم افكر في مستقبلي المهني الا في روز اليوسف ولا اري نفسي الا كاتبه في تلك المجله الاسبوعية المتميزة ، احلم بأن انضم الي فريقها من المبدعين والكتاب واسير علي درب السيدة العظيمه روز اليوسف هذه المرأة القويه القدوة التي نحتت في الصخر وحاربت من اجل ما امنت به فتركت اسمها محفورا في العقل المصري مرادفا للتنوير و الثقافه والحيوية والتمرد الجاد المسئول ، فقد تفتح وعيي علي مجله روز اليوسف وشقيقتها الصغري صباح الخير يكتب فيهما الرواد من الكتاب والفنانين والمبدعين ، مجلات تقرأها امي في عصر لاتهتم فيه النساء الا باشغال الابرة وفنون الطبخ ثم تقص علي - وانا بجوارها طفله صغيرة بضفيرتين - كل ما قرأته في تلك المجلات يرتسم علي وجهها حيويه وسعاده مبعثها تلك المجلات وماكتب فيها من قصص وخبرات واشعار وكنت وقت ذاك اتصفح تلك المجلات – وانا لا اعرف القراءة - فتشدني الالوان المبهجه التي تزين كل الاغلفة والخطوط الرشيقه المتمرده الحية التي تملا صفحاتها رسوم ولوحات لفنانين عظام ، البهجوري ، جمال كامل ، الليثي ، بهجت ، حجازي ، صلاح جاهين وغيرهم .. وولت سنوات الطفوله وبقي منها في قلبي ذكري تلك السعاده الاسبوعية التي حصلت عليها من امي وروز اليوسف وحين دخلت مرحله الصبا لم احلم الا بانضمامي الي تلك الاسرة ، اسره روز اليوسف ، كواحده من كتاب المجلة ومحرريها ، وعملت جاهده لالتحق بكليه الاقتصاد والعلوم السياسية قسم سياسه كخطوه في الطريق الي مجله روز اليوسف !!! لكن مكتب التنسيق وثلاثه درجات حالوا بيني وبين حلم الصبا فتغير مسار حياتي بالالتحاق بكليه الحقوق ثم الاشتغال بالمحاماة تلك المهنة التي عشقتها ووجدت نفسي فيها واعطيتها كل جهدي فاعطتني نجاحا وفرح وبهجه وتحقق وخبره واسعه كبيرة بالبشر والمجتمع لكن ذلك كله لم يزيح من عقلي وقلبي حلم الصبا الذي ظل يداعب خيالي فاري اسمي منقوشا علي واحده من صفحات تلك المجلة فتشرفني وابذل كل جهدي لاترك بصمة متميزة علي جدرانها.. و اخيرا .... وبعد سنوات طويله من الانتظار والرغبه والتمني والامل ، انضممت – بهذا العمود الاسبوعي - الي اسرة روز اليوسف فتحقق لي وبشكل غير متوقع خاطف ومبهج حلم الصبا الذي طال انتظاري له ، بل وتحققت نبوءة ابي التي كنت اظنها وهما لن احصل عليه ابدا .. 
لذا لم يدرك الصديق العزيز محمد هاني وقت اتصل بي وسألني ان عن امكانيه كتابه عمود اسبوعي في جريده روز اليوسف اليومية سر موافقتي الفورية وقبولي لذلك دون تردد وبغير تفكير ، فمكالمته المباغته لي احيت – دون ان يدري - في قلبي وعقلي حلم الصبا ومنحتني من الفرح والحيوية والامل اكثر كثيرا مما تصور او تصورت انا .. 
لقد واقفت – وكيف لا – وبكل الترحيب والسعاده علي الانضمام الي اسرة روز اليوسف ، وها انا ذا معكم علي صفحات الجريدة ،احمل علي كتفي وبكل الخوف مسئولية الانضمام الي اسرة صحيفه عريقة ذات تاريخ مشرف محترم جاد تستهدف المشاركه في صناعه مستقبل مشرق للوطن ولنا جميعا ، مقتدين جميعا بالسيدة العظيمه روز اليوسف التي اعطت اسمها لنا جميعا نسبا نتشرف به .. 
اه .. ياحلم الصبا ، مااجملك !!! 

الاربعاء 17 اغسطس 2005